تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التخبط الأمريكي في افغانستان



من هناك
09-08-2008, 01:21 PM
هجوم صاروخي أمريكي جديد نفذته أمس طائرة دون طيار في منطقة ميران شاه شمال غرب باكستان قرب الحدود الأفغانية أدى لسقوط عشرات القتلى والجرحى من بينهم نساء وأطفال. الهجوم الأمريكي هو الرابع من نوعه خلال أيام وهو ينتهك سيادة البلاد, ويضع القيادة العسكرية والسياسية الباكستانية في موقف محرج, مما حدا بقائد سلاح الجو الباكستاني للقول تعليقاً على الهجوم بأن قواته قادرة على منع تلك الهجمات لكن الحكومة ترفض ذلك.

الهجوم الأمريكي تزامن مع تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش المهتمة بحقوق الإنسان جاء فيه بأن عدد المدنيين الذين يقتلون في قصف أميركي أو من قوات حلف شمال الأطلسي ارتفع في أفغانستان بمعدل ثلاثة أضعاف بين 2006 و 2007 وان الأخطاء في إصابة الأهداف تزيد من حدة غضب السكان المحليين.

كما توافق القصف الأمريكي للأراضي الباكستانية مع طلب قائد القوات الأمريكية الجنرال ديفيد ماكيرنن في أفغانستان من القيادة الوسطى فتح تحقيق حول التقارير التي تشير إلى مقتل أكثر من 90 مدنياً خلال عمليات نفذتها وحدات دولية مؤخرا، مشيراً إلى أن ذلك يأتي بعد "ظهور أدلة" جديدة. وكانت الحكومة الأفغانية، إلى جانب بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، قد أكدتا أن 90 مدنياً قتلوا إثر غارة جوية وقعت في 22 أغسطس في ولاية هيرات، وأشارت بعثة الأمم المتحدة إلى أن لديها دليل مقنع بأن بين القتلى 60 طفلاً. أما التحقيق الأولي للجيش الأمريكي فقد أشار إلى أن الغارة أدت إلى مقتل 30 إلى 35 عنصراً من حركة طالبان إلى جانب ما بين خمسة وسبعة مدنيين.

سقوط ضحايا من المدنيين في أفغانستان على يد القوات الأمريكية وحلفائها من الأمور المعتادة هناك, وهي تكشف استخفافا بأرواح الأبرياء ممن تكلفت الولايات المتحدة العنت والجهد من أجل "تحريرهم", كما تظهر أيضا الارتباك والحيرة والتي تعانيها قوات الائتلاف في أفغانستان وهي تقاتل أشباح طالبان وتعجز عن مواجهتهم فيما يكمنون لقواتها موقعين فيها خسائر متزايدة. سقوط أعدادا متزايدة من المدنيين على يد القوات الأجنبية يُراكم السخط الشعبي ويدفع بالمزيد من المتطوعين لصفوف المقاتلين الأفغان. كما يحرج كثيرا الحكومة الأفغانية المدعومة من قوات الناتو, الأمر الذي دعا الرئيس الأفغاني حامد كرازي في أكثر من المناسبة للتنديد وإطلاق التصريحات المحذرة من عواقب سقوط المدنيين.

في حين يوحي القصف الأمريكي المتكرر للأراضي الباكستانية بأن الإدارة الأمريكية تريد استغلال الفراغ السياسي في باكستان والتي تمر بمرحلة انتقالية عقب استقالة مشرف لرسم وقائع على الأرض تعطيها الحق في التدخل عسكريا هناك. كما إن تلك التطورات تشير إلى عدم ثقة الأمريكيين بالجيش الباكستاني في محاربة الإسلاميين من حيث الإرادة والقدرة أو الأمرين معا. وقد يكون إحراج الحكومة الباكستانية أمام الرأي العام وإظهارها بمظهر المتخاذل هدف أمريكي غير معلن لتبقى باكستان في مرحلة مضطربة من "الفوضى الخلاقة" والتي تجعل قيادتها السياسية في حاجة دائمة للدعم الخارجي.

ياسر سعد