تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أَعذارُ المُُُعَذِِّرينَ عَنْ حَملِ الدَّعوةِ!!



النصر قادم
09-07-2008, 10:37 PM
أَعذارُ المُُُعَذِِّرينَ عَنْ حَملِ الدَّعوةِ!!


أَعوذ ُباللهِ مِنَ الشَّيطان ِالرجيم .ِ.. بِسم ِاللهِ الرحمن ِالرحيم ِ


الحمدُ للهِ ربِ العالمين.. والصلاة ُوالسلامُ على أشرفِ الخلق ِوالمرسلينَ..سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الطيبينَ.. وصحابتهِ النجباءِ


الأخيارِ الغـُرِ المُحَجلينَ.. أما بعدُ...أيها الِإخوة ُالحضورُ:


أُحييكم بتحيةِ الإسلامِ العظيمِ .. فالسلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.. وَيُشَرِفُني أنْ أَكونَ مَعَكُم وبينَكُم..لِألقي على َمساِمعِكِم هذا الموضوع.. وَهُوَ بِِعِنوان :


أَعذارُ المُُُعَذِِّرينَ عَنْ حَملِ الدَّعوةِ!!


سائلاً المولى عَزَ وَجَلَ..أنْ يَشرحَ لي صدري..وَيُيَسِرَ لي أَمري..وَيَحِلَ عُقدَةً مِنْ لساني.. يَفقَهوا قَولي..
وَأَسألُهُ سُبحانَهُ وتعالى..َأنْ يِجْعَلَ مَجْلِسَنا هذا مَجلِسَ خيرٍ تَحِفُهُ الملائكةُ..وَأَنْ يَجْعَلَ جَمْعَنا هذا جَمعاً مرحوماً..وَتَفَرُقنا مِنْ بَعدِهِ تَفَرقاً مَعصوماً.. آللهُمَ آمين.


أَعذارُ المُُُعَذِِّرينَ عَنْ حَملِ الدَّعوةِ!!


إنَ حَمْلَ الدَّعوةِ الإسلاميةِ هو أَجَلُ فرضٍ وأَشرفُ عملٍ يقومُ به المسلم.. وَهُوَ أَعظمُ مصدرٍ لِجنيِ الحسناتِ، َونوالِ المنازلِ والدرجاتِ، وَقبلَ ذلكَ كُلهِ .. نوالُ رضى ربِ الأرضِ والسموات...لكن طريقَهُ طويلٌ وصعبٌ وشاقٌ... لذلك نجدُ أنَ البعضَ ممنْ يحملونَ الدَّعوةِ..قد أخذوا يَتَساقطونَ في ثنايا الطريقِ عَنْ مُتابعةِ أَمرِ الدَّعوةِ والمشاركةِ فيها..َفَيَبدؤونَ بإختلاقِ الأعذارِ والحججِ عَنِ الإستمرارِ في حَملِ الدِّعوة أو التَنكُبِ عنها أو التَقاعسِ فيها.. وَتَراهُم يُبرِرونَ تَقْصيرَهُم هذا..بأعذارٍ يَظُنونَها أَسبابًا وَجيهةً ومقبولةً..يُعْذَرونَ بها يومَ القيامةِ.. وَتُبرأَهُم عِنْدَ اللهِ تعالى.. ولكِنَّها في الوَاِقعِ غَيرَ ذَلِكَ.
وَقَبلَ البَدءِ في عَرضِ بَعضِ َهذهِ الأعذارِ.. أَتطرقُ إلى معنى لَفظةِ العُذرِ :


وَرَدَ في مُعجم [ مُختارِ الصِّحاح للإمامِ أبو بكرٍ الرازي]. قال: ع ذ ر ( إِعتَذَرَ) من الذَّنْبِ .. وَاعْتَذَرَ أَيضاً بمعنى (أَعْذَرَ).. أَيْ صَارَ ذا (عُذْرٍ).. وَتَعَذَّرَ أَيضاً أَيْ: اعْتَذَرَ وَاحْتَجَ لِنَفْسِهِ.. وَقَوْلُهُ تَعالى [ وَجَآءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ ] يُقرأْ مُشَدَّدَاً وَمُخَفَّفَاً... فالمُعَذَّرُ : بالتَّشْديدِ.. قَدْ يكونُ مُحِقاً، وَقَدْ يَكْونُ غَيْرَ مُحِقٍ. فالمحُِقُ هو في المعنى :المُعْتَذِرْ ..لِأَنَّ لَهُ عُذْراً، ولكن التاءَ قُلِبتْ ذالاً وَأُدغِمَتْ في الذَّالِ َونُقِلتْ حَرَكَتُها إلى العَيّنِ. وأما الذي ليس بمحق.. فهو (المُعَذِّرُ) على جِهةِ المُفَعِّل.. لِأَنَهُ المُمَرِّض والمُقَصِّر.. يَعْتَذِرُ بِغَيرِ عُذْرٍ.. وَقَرَأَ إِبْنُ عباسٍ { وَجاءَ المُعْذِرون } بالتخفيف.. من أَعْذَرَ.. وقال: وَاللهِ لهَكذا أُنْزِلَتْ.. وَكانَ يَقْولُ: (لَعَنَ اللهُ المُعَذِّرِين) كَأَنَ عِنْدَهُ أَنَّ المُعَذِّر بالتشديد: هُوَ المُظْهِرُ للِعُذِرِ إِعتلالاً مِنْ غَيْرِ حَقيقَةٍ... والمُعْذِرُ بِالتَّخْفِيفِ: الذي لَهُ عُذْرٌ .


وَوَرَدَ في مُعْجَمِ[ المُفرداتِ في غَريبِ القُرآنِ لِلراغبِ الأَصْفهانِيِ]، قال :عُذْر- أَلعُذْر: تَحَري الإِنسانُ ما يَمْحو بِهِ ذُنُوَبهُ.. وَيُقالُ: عُذْرٌ وَعُذُرٌ... وَذَلِكَ على ثَلاثةِ أَضْرُب: إِمّا أَنْ يَقُولَ: لَمْ أَفْعَلْ.. أَو يَقُولَ: فَعَلْتُ ِلأَجْلِ كَذْا. فَيَذْكُرُ ما يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُذْنِباً.. أَو يَقُولَ: فَعَلْتُ ولا أَعوُدُ.. وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ المَقالِ.. وَهذا الثَّالثُ هُوَ التَوبةُ.. فَكُلُ تَوْبَةٍ عُذْرٌ.. وَلَيسَ كُلُ عُذْرٍ تَوْبةٍ.... وَاعْتَذَرتُ إَلَيهِ: أَتَيتُ بِعُذْرٍ.. وَعَذَرْتُهُ: قَبِلْتُ عُذْرَهُ... قال تعالى: { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لاَّ تَعْتَذِرُواْ...} [التوبة/94]، وَالمُعَذِّرُ: مَنْ يَرَى أَنَّ لَهُ عُذْراً وَلا عُذْرَ لَهُ.. قَالَ تعالى: [وَجاءَ المُعَذِّرُون] [التوبة/90]، وَقُرِئ َ(المُعَذِرونَ) (وبها قرأ يعقوب الحضرمي. انظر: إرشاد المبتدي ص 355) أَيْ: الذينَ يَأتونَ بالعذر.. قال إِبنُ عَباسٍ: (لَعَنَ اللهُ المُعَذِّرِينَ وَرَحِمَ اللهُ المُعَذَّرِين).(انظر: الدر المنثور 4/260؛ والأضداد لابن الأنباري ص 321).


وعليه... فالمعَذِّرونَ عُموماً.. هم المُقَصِرونَ.. الذين يختلقون الأعذارَ.. المُظهِرونَ لها.. ولا عُذرَ لهم على الحقيقةِ.. وَيُظهِرونَ الأعذارَ إعتلالاً... وسأعرضُ على مسامِعكم أبرزَ أعذارِ هؤلاءِ المُُُعَذِِّرينَ عَنْ حَملِ الدَّعوةِ.... لعلها أنْ تكونَ ذكرى لِمنْ كانَ لهُ قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شَهيدٌ.. أن يعيدَ حساباتهِ.. وَلَعلَها َتدفعُ مَنْ يَتركُ فَرضَ حملِ الدعوةِ أو


يُقصرُ فيها.. لأن يراجعَ نَفسَهُ.. وَيقومَ من فَورهِ وَيلحقَ بركبِ الخيرِ.. فيرضيَ ربهُ ويفوزَ بعزِ الدُنيا ونعيمِ الآخرةِ.


للمُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ أعذارٌ كثيرةٌ.. تختلفُ باختلافِ الأفرادِ والبلدانِ والأحوالِ .. وأكتفي في هذا المقامِ بذكرِ أبرزِ هذهِ الأعذار:
ــــــــــــــ
يتبع الجزء الثاني بإذنه

النصر قادم
09-09-2008, 03:51 AM
الجزء الثاني :

أولا: يَعتذرُ بعضَ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ ....بإِنشغالهِم في طَلبِ الرزقِ.. ويُذهِبُون جُلَّ وَقتِهمْ في طلبهِ.. ويتعللُونَ بقلةِ ذاتِ اليدِ وحاجةِ الأهلِ والأولادِ.. فَيعتَذِرونَ عن حملِ الدَّعوةِ أو عن بعضِ أعمالِها.. فَيَظهرُ عَليهمُ التقصيرُ والتنكبُ والتقاعسُ فيها... وَنَسيَ هؤلاءِ أو تناسواْ.. أنَ الرزقَ بيدِ اللهِ وحدَهُ.. وأنهُ مكفولٌ لهم ..ولا يَمنعهُ عنهم أَحدٌ من الخَلقِ.. وهذا أمر عقيدي يجب الإيمان به.. وأنَ طلبَ الرزقِ لم يمنعْ الصحابةَ والتابعين ومن تبعهم من حمل الدعوة والمساهمة فيها لإيمانهم المطلق بذلك..وإِن السَّعيَ لطلبِ الرِّزقِ ليسَ هُوَ سببُ الرِّزق..إنما َسبَبَ الرزقِ هُوَ أَنهُ بيد الله وحده وهو من القضاء.. فمن كان هذا حاله..لا بد من علاج ذلك عنده وفورا.. قال تعالى(أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64) (النمل)..

وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن روحَ القدسِ نفثَ في رُوعي أنه لن تموتَ نفسٌ حتى تستكملَ رزقَها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاءُ الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا يُنالُ إلا بطاعته). (رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وأبو نعيم عن جابر، والبزار عن حذيفة، والحاكم عن ابن مسعود، وأبو نعيم عن أبي أمامة).

ثانيا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ....خوفاً على أنفُسهِم وحياتِهِم من الأنظمةِ القمعيةِ القائمةِ في بلاد المسلمين..فَيَخْشَونَ من تَنكيلِ وبطش ِالحُكامِ وزبانِيَتِهم.. فَيَتَمَلَكُهُم الخَوفُ والرعبُ والقلقُ من هذه الأنظمة ..ويسيطر هذا الأمر على حياتهم .. فتراهم يَعتذرُون عن حملِ الدعوةِ كُليا..أو عن بَعضِ أعماِلها..فلا يشاركون فيها مخافة أن يتعرضوا للأذى.. حتى إنك لتجدُ أن بَعضَهُم قَدْ أَخَذَ يَبتعدُ عن حَملةِ الدعوة لِئلا يراه جواسيس وعيون الظلمة..فيشتبهون به.. أو مخافة أن يقال هذا أحد حملة الدعوة.. فيسجل إسمه في القائمة السوداء عند الأنظمة.. أو خشية أن يُمنع من السفر أو من الحصول على جواز سفر.. أو خشية أن يُمنع من أخذ شهادة حسن السلوك من عند هذه الأنظمة..فلا يوظف بوظيفة حكومية ..واحتمال أن يعفى أو يطرد من وظيفته أو يوقف راتبه أمرٌ واردٌ جدا ..أو مخافة أن يوضع إسمه في القائمة التي تسميها دول الضرار القائمة(القائمة السوداء ..ويسمى ملفه عندهم بأنه ملف أمن دولة..فيصبح من المغضوب عليهم.
لقد نسي هؤلاء أو تناسواْ هؤلاء..أنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم .. ونسواْ أن أجلهم بيد الله..وأن السبب الوحيد للموت هو إنتهاء الأجل..قال عز من قائل ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (34)(الأعراف)..وقال ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) (التوبة).

فمن كان هذا حالهم..يقال لهم ..أليس هذا الأمرُ من العقيدة التي يجب عليكم الإيمان بها..أم إنكم تقولون هذا بألسنتكم فقط ..ولكنكم لا تؤمنون به إيمانا جازما ولا تعتقدون به.. فالمشكلة عندكم كبيرة.. يجب علاجها وفورا.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع الجزء الثالث بإذنه تعالى

النصر قادم
09-09-2008, 08:52 PM
الجزء الثالث :
ثالثا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ..بالتعللِ بكبرِ السنِ كأن يقولَ أَحَدُهم: كَبُرَ سِني وَرَقَ عَظمي وإلى هنا وكفى..ويكفي ما قدمت لهذه الدعوة..فتاريخي كبير في هذه الدعوة.. واتركُ أَمرَ الدَّعوةِ للشبابِ صغارِ السن.. ويتصور هذا الأخ أن الدعوةَ يعتريها التقاعدُ والإحالةُ على المعاش! أما علم أن القافلةَ سايرةٌ ونهايتها الجنة.. فإن تقاعد عنها فلا يلتفت إليه..ومن قال أن للفروض والأعمال الصالحة سنٌّ محددةٌ.
قال تعالى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)(الحجر)..قال الحسن البصري: لم يجعل الله للعبد أجلا في العمل الصالح دون الموت.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن ورقة بن نوفل..قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإن يُدْرِكْنيِ يومُك أنصرْكَ نصراً مؤزراً.. مع كبر سنه وذهاب بصره". وقد تمنى أن يكون فيها جذعاً قوياً فيكون نفعُهُ أكبرَ وأثرُهُ أكثرَ.
إن كِبرَ السن يجب أن يكون دافعا لحمل الدعوة .. لا للتقاعد عنها.. فمن مَدَ الله ُفي عُمُرِهِ..عليه أن يبذل للدعوة أكثر خصوصا أنه يقترب من نهاية أجله.. وبحاجة إلى أن يختم حياته بالطاعات والتقرب إلى الله..فما بالك بأوجب الفروض وتاجها.. حمل الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..إن وجود كبار السن في الدعوة وهم يحملون الدعوة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..يخدم الدعوة بشكل عظيم .. وله أثر كبير.. فوجود كبار السن بحد ذاته دعوة للدعوة..ومن أسباب نجاح الأعمال الجماهرية للدعوة بعد توفيق الله.. وجود كبار السن فيها.. وإن وجود كبار السن في الدعوة ..يثبت ويدفع صغار السن في الدعوة.. فهم أصحاب خبرة وتجربة.. ومنهم نرى كيفية التحدي والسفور.. وعدم المداهنة والممالقة في حمل الدعوة.. وإن وجود كبار السن في الدعوة..وهم يحملون الدعوة ويقومون بأعمالها .. لَيَجْعَلُ للدعوة هيبةً في نفوس الحكام وزبانيتهم.. ويوجد لها الإحترام بين الناس.. وأي اجر وثواب وفائدة أعظم من هذا.. فهل بعد ذلك يتصور ان يطلب أحد منهم التقاعد عنها.

قال الإمام الشافعي: طلبُ الراحة في الدنيا لا يصلحُ لأهل المروءات.. فإن أحدَهم لم يزلْ تعبانا في كل زمان...سئل أحد الزهاد عن سبيل المسلم ليكون من صفوة الله، قال: إذا خلع الراحة، وأعطى المجهود في الطاعة....وقيل للإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة.
رابعا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ... وذلك بِإِبرازِ الشخصياتِ المُقَصرة والمتقاعسةِ والمُتَنَكِبة عن حمل الدَّعوة..وتعليلِ النفس بهم.. وأنه ليس الوحيدَ المُعَذِّرُ والمقصرُ والمتقاعسُ والمُتَنَكِبُ..وأن هناك من أمثاله.. فلان وفلان وفلان.... وهل ينظر للمقصر الواقع في الإثم.. أم ينظر للقائم بفروض الله؟!!.. وهل لو قصر كل البشر يجب ان يقصر هو؟!...النظر المعتبر فقط ..هو أن هذا فرض من الله ..يجب القيام به على وجهه..ولو قصر فيه كل البشر.. فهذا نوح عليه السلام دعا ألف سنة إلا خمسين عاما.. ومع ذلك قال تعالى (.. وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40)(هود)..فهل ثنى هذا نوح عليه السلام ومن معه عن حمل الدعوة.
لقد نسي هذا الأخ بأنه يدفن وحدَه ويبعثُ يوم القيامة وحده ..وسيقفُ بين يدي الله وحده، فيومئذ: { يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ..} (52) (غافر).. نسي هذا أنه في مضمار مسابقة..وقد لام الله تعالى القاعدين فقال سبحانه:{... وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ (86) وقال.{... رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ...(87)(التوبة)..

ونعوذ بالله أن ينطبق على أحد منا هذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع الجزء الرابع بإذنه

النصر قادم
09-10-2008, 11:47 AM
الجزء الرابع :
خامسا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ..وذلك لوجود الحساسيةِ المرهفةِ من النقدِ أو اللومِ.. فالبعض لا يريدُ أن يُلامَ أو يحاسبَ أو ينتقدَ إن حوسب على تقصير..أو حتى إن قيل له إتق الله).. فإذا واجه ذلك تأثرَ وانقطعَ عن العمل.. وبدأ يخفف من أعماله الدعوية.. وأخذ يتنحى جانبا شيئا فشيئا...وصار يتملكه الشعور بالإحباطِ وبأنه لا يحسنُ القيام بأعمال الدعوة... فلذلك ينتقد ويحاسب..وبالتالي من الأفضل ان يقف جانبا ويفسح المجال لغيره.. أو أنه لا يحب اللوم والإنتقاد والمحاسبة.. لأنه وصل إلى مقامٍ لا ينبغي أن يُنتقدَ.. وهل مثله ينتقد أو يُلام أو يحاسب ..خصوصا إذا زاده الله تعالى بسطة في العلم...ولنأخذ ما قال الله تعالى لنبيه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) (الأحزاب)..وقال لنبيه مهددا في سورة الحاقة (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)(الحاقة).....وهدده في موضع آخر فقال(وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74) إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)(الإسراء)...ولام عليه في موضع ثالث فقال: (وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)(الأنعام)...
وأين هذا من عمر رضي الله عنه حيث قال: رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا!.. أفبعد كل هذا .. نجد أنه إذا قيل لأحدهم .. قوله تعالى( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)(البقرة)...
وهذا عمر بن عبد العزيز ـ الخليفة الراشد.. التابعي العالم، الزاهد التقي، الإمام القرشي ـ يقول لمولاه مزاحم: إن الولاةَ جعلوا العيونَ على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت مني كلمةً تَربأُ بي عنها، أو فعلاً لا تحبُّه، فعظني عنده، وانهني عنه.
سادسا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ... وقد يتساقطون ويتنكبون ويتركون الدعوة.. بسبب أنه لا يذكرُ عملُهم أو ينوهُ به أو يحمدون عليه.. وكأن عملَهم للناس.. كأن يقول أحدهم : ليس هنا أحدٌ يقدرُ الجهودَ أو ينظر في النتاج، أو يحترمُ العاملين.. وما عندنا أحد يُنزلُ الناسَ منازلَهم!! فيقول أحدهم ضحيت وسُجنت وقدمت .. وَمُنعتُ من السفر .. وَطُردتُ من الوظيفةِ.. وأنا مَنْ قام بعملِ كذا.. ونشرت الدعوة في مكان كذا.. وكسبت للدعوة فلان وفلان وفلان وأعداد أخرى كثيرة.. وبعد ذلك هذا جزائي لا أُذكر.. فأين هو من الإخلاص الخالص ..قال الله تعالى(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162)(الأنعام) وقال تعالى( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)(البينة)....وقال تعالى: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)(الإنسان)}
وصدق الربيع بن خيثم رحمه الله حيث قال: كل ما لا يراد به وجهُ الله: يضمحل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع الجزء الخامس بإذنه

النصر قادم
09-12-2008, 02:59 AM
الجزء الخامس :
سابعا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ ..وذلك باستعجالِ الثَّمرةِ واستبطاءِ الطريق.. وتأخر النصر..فَيصيبُهُ الِإحباطِ واليأسِ والَمللْ.. ويأخذ يردد (متى نصر الله).. وغاب عنه ..أن النصر من العقيدة ويجب الإيمان بذلك..وهو من الله تعالى .. يهبه لعباده متى شاء.. وكيف يشاء.. فلا يملك أحد النصر.. إنما النصر من عند الله.. لقد أعد الرسول صلى الله عليه وسلم العدة في غزوة بدر الكبرى... وأخذ بكل الأسباب... وأخذ يدعو الله تعالى بالنصر..ليقينه واعتقاده أن النصر قطعا من الله..لذلك ..من كان هذا حاله..يقصر ويتنكب ويتقاعس عن حمل الدعوة لهذا السبب.. فليراجع نفسه وحساباته..فأمر العقيدة عنده بحاجة لإعادة نظر وبحاجة لتوضيح..وأين هو من قوله تعالى( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)(يوسف)....وَلَمَّا تَعَجَبَ غافلٌ من باذلٍ وَقالَ له: إلى كم تُتْعِبْ نَفْسَكَ؟ كانَ جوابُ الباذلِ سَريعاً حاسماً: راحَتُها أريد.
وصدق الشاعر:
فعليك بذر الحب لا قطف الجنى *** والله للساعين خير معين.
وقال آخر:
عجبت لهم قالوا: تماديت في المنى *** وفي المثل العليا وفي المرتقى الصعب
فاقصر ولا تجهد يراعك إنــما *** ستبذر حبا في ثـرى ليس بالخصب
فقلت لهم: مهلاً، فما اليأس شيمتي *** سأبذر حبي والثمـار من الــرب
إذا أنا بَلَّغتُ الرسالةَ جاهـــدا *** ولم أجـد السَّمع المجيب فما ذنبي؟

ثامنا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ.. بعذر ولكنهم لا يصرحون به...وذلك بأن يقع أحدهم في معصية... فيستثمرها الشيطان ويرابي بها.. ويقول له: كيف تدْعُو إلى الله تعالى.. وأنت وقعت في كذا وعملت كذا، فلا يزال به حتى يقعده عن العمل للدعوة وطاعة الله.. فيضيف إلى معصيته معصية أخرى.. وهي القعود عن أعمال الخير.. أعمال حمل الدعوة..قال تعالى( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)(هود).
ـــــــــــــــ
يتبع الجزء السادس والأخير بإذنه تعالى

النصر قادم
09-13-2008, 03:49 AM
الجزء السادس والأخير


تاسعا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ.. بحجة ظروف طارئة.. وأحوال عصيبة.. ينتظر تجليتها، ويرقب الفرج.. ويأمل كشف الكربة والغربة.. وينسى أن تجلية الغربة ..لا تتأتى بالكسل والخمول والنوم.. ولم يتفكر كيف كُشفت الغربة الأولى.. هل جلس أبو بكر وعمر وغيرهما من الصحابة الكرام.. ينتظرون كشفها أم قاموا على قدم وساق حتى كشفوها.. فقاموا بكل ما من شأنه ان يعز هذا الدين.

فهذا قوله صلى الله عليه وسلم:" بدأ الإسلام غريبا .. ثم يعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء" ...
وإن أعظم ما تكون غربته.. إذا ارتد الداخلون فيه عنه..
وقد قال تعالى: { مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ } فهؤلاء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك.

عاشرا: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ.. وذلك من خلال المنافسة بين الأقران إخوانه في الدعوة: وهؤلاء لا يصرحون بأعذارهم هذه مباشرة.. ولكن يلاحظ عليهم ذلك من تصرفاتهم... وذلك إذا رأى أحدهم أن أخيه الذي يعمل معه في الدعوة.. قد فاقه في علم أو عمل تعاظم ذلك في نفسه.. وكره أن يمشي معه في سبيل واحد.. فأكل الحسد قلبه ..فتراه اختار التقصير والقعود والتنكب... على أن يقال: إنه أقل من فلان وفلان.. عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري و مسلم .

الحادي عشر: يَعتذرُ بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ.. وذلك من بابِ حُبِ الرياسةِ والعُلوِ: فحين يرى أنه لم يتبوأ مركزاً في الدعوة.. يتعاظمُ أن يكون تابعاً لغيره أنفةً وترفعاً وَكِبراً..وفي الحديث: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم:" مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ". ( رواه أحمد والترمذي والدارمي عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ).

قال الفضيل بن عياض: ما أحب أحد الرياسة.. إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب.. ليتميز هو بالكمال.. ويكره أن يذكرَ الناسُ أحداً عنده بخير.. ومن عشق الرياسة فقد تُودِّع من صلاحه...قال عبيد الله بن الحسن العنبري:" لأن أكون ذنباً في الحق: أحبُّ إلي من أن أكون رأساً في الباطل"...قال ذلك حين رجع عن أقوال له خالفت السنة.. فقيل له في ذلك: وأنك لم تعد في مكانتك السابقة لما كنت على تلك الأقوال.


ختاما: هذه بعض الأعذار التي يَعتذرُ بها بعضُ هؤلاءِ المُعَذِّرِينَ عن حملِ الدعوةِ.. نسأل الله الثبات على الحق.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تمَّ بحمد الله وتوفيقه

فخري المحتسب- الخليل- فلسطين المغتصبة ...... 9-4- 2008ميلادية