تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عشرات القتلى ومئات تحت أنقاض الانهيار الصخري بالقاهرة



شيركوه
09-07-2008, 09:21 AM
عشرات القتلى ومئات تحت أنقاض الانهيار الصخري بالقاهرة
http://www.aljazeera.net/NEWS/KEngine/Imgs/video.jpg
http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/9/6/1_841120_1_34.jpg فرق الإنقاذ تحمل طفلا قتل في الانهيار الصخري (الفرنسية)

لا يزال مئات من الأشخاص مدفونين تحت الأنقاض في كارثة الانهيار الصخري شرقي القاهرة، فيما ارتفعت حصيلة القتلى إلى أكثر من 30 شخصا.

وبعد مرور قرابة 24 ساعة على سقوط كتل صخرية كبيرة –بعضها بحجم منزل– في منطقة الدويقة بهضبة المقطم شرقي القاهرة، لا تزال السلطات المصرية غير قادرة على استخراج ما قدره السكان بنحو 500 شخص تحت الأنقاض.

ويحاول السكان يائسين وبطرق بدائية إنقاذ أقاربهم مع تضاؤل فرص بقاء هؤلاء على قيد الحياة.

وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن القوات المسلحة أرسلت عددا من وحدات الإنقاذ إلى المنطقة للمساعدة في انتشال القتلى والمصابين من تحت الأنقاض، وإن السلطات أخلت بيوتا من سكانها في المنطقة خشية سقوط كتل صخرية أخرى عليها.

وقال مراسل الجزيرة في القاهرة إن فرق الإنقاذ تحاول فتح أحد الطرق وحصر ثلاثة بيوت تمهيدا لإزالتها والدخول إلى موقع الحادث، مشيرا إلى وجود مخاوف من انهيارات جديدة قد تطال المنطقة.

وأشارت مصادر طبية وأمنية إلى أن حصيلة القتلى زادت عن 30، فيما أكدت مصادر أخرى أن وعورة المنطقة القريبة من هضبة المقطم لا تسمح بدخول معدات كبيرة لرفع الصخور أو تفتيتها في بعض أنحاء موقع الحادث.

لكن وكالة أنباء الشرق الأوسط قالت إن السلطات استدعت رافعات من شركة مقاولات كبرى للمساعدة في رفع الكتل الصخرية.http://www.aljazeera.net/NEWS/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/News/Templates/Postings/DetailedPage.aspx?FRAMELESS=false&NRNODEGUID=%7bB8A892D7-87EC-403C-AF61-4DB656A8D837%7d&NRORIGINALURL=%2fNR%2fexeres%2fB8A8 92D7-87EC-403C-AF61-4DB656A8D837%2ehtm&NRCACHEHINT=Guest#)

http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/9/6/1_841105_1_23.jpg شرطة مكافحة الشغب وصلت إلى مكان الحادث بالإضافة لفرق الإنقاذ (الفرنسية)
سخط وتبريرات
وأشارت تحقيقات أولية إلى أن سبب الحادث الذي أدى لتدمير ما بين 50 و70 منزلا يعود إلى عمليات الصرف الصحي والعمل المتواصل لتشييد مبان جديدة فوق منحدرات صخرية غير صالحة للبناء عليها.

وفي وقت سابق أرسلت السلطات عشرات من قوات الشرطة ورجال الإنقاذ بالإضافة إلى عربات الإطفاء والكلاب البوليسية دون أن تتمكن الفرق من انتشال الضحايا المدفونين.

ولكن سكان المنطقة المنكوبة صبوا جام غضبهم على السلطات التي قالوا إنها أبلغت بخطر الانهيار ولكنها لم تتحرك لتلافي ذلك.

وفي مواجهة الانتقادات الموجهة من السكان والمعارضة، قال رئيس الوزراء أحمد نظيف للصحفيين بعد زيارة لمستشفى نقل إليه مصابون، إن معظم الإصابات كسور، مضيفا أن الحكومة أقامت مساكن لأبناء المنطقة وكانت ستسلم لهم خلال أربعة أسابيع لكن "القدر لم يمهلهم".
ونفى سكان أن يكونوا تسلموا إخطارات من الحكومة تفيد بقرب تسليمهم مساكن بديلة.http://www.aljazeera.net/NEWS/KEngine/imgs/top-page.gif (http://www.aljazeera.net/News/Templates/Postings/DetailedPage.aspx?FRAMELESS=false&NRNODEGUID=%7bB8A892D7-87EC-403C-AF61-4DB656A8D837%7d&NRORIGINALURL=%2fNR%2fexeres%2fB8A8 92D7-87EC-403C-AF61-4DB656A8D837%2ehtm&NRCACHEHINT=Guest#)

المصدر: الجزيرة + وكالات
==========

لا حول ولا قوة الا بالله على بكرة هالصبح ... الله يكون بعونهم ... :(
السلام عليكم

شيركوه
09-07-2008, 09:30 AM
وتستمر الشعوب المقهورة المسحوقة صابرة صامتة ...
هنا وهناك وفي كل مكان .. بانتظار فرج قريب ياتيها من السماء ...
لا ... لن ياتي ....
لان التغيير يبدا من عندنا ... حينما تتحرك نفوسنا حقا ... تتحرك عقولنا ... تتحرك اجسامنا ... تتحرك جموعاتنا ...
ان الله لا يرضى بالظلم ... فلم نرضاه لانفسنا ...
اليوم في مصر ... غدا عندنا ...
لسنا بافضل حالا ... ايضا نحن ساكتون على الذل والقهر والظلم ...
احببتهم حينما وقفوا وجهروا وقالوا "مش هنخاف مش هنخاف .. مش لاقيين العيش الحاف" ...
شعب اصيل ... يصبر على القهر لكنه يهب في النهاية ...
لك الله يا شعب مصر ..يا ارض الكنانة

lady hla
09-07-2008, 12:56 PM
.... السلام عليكم .....



... أعانهم الله .. مصيبتهم كبيرة جداً .. نسأل الله الرحمة واللطف ...


سلامي اليك
lady hla
القدس

أم ورقة
09-07-2008, 12:59 PM
إنا لله و إنا إليه راجعون..

كان الله بعونهم...

منال
09-07-2008, 02:41 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

رحم الله المسلمين منهم وغفر لهم


وأشارت تحقيقات أولية إلى أن سبب الحادث الذي أدى لتدمير ما بين 50 و70 منزلا يعود إلى عمليات الصرف الصحي والعمل المتواصل لتشييد مبان جديدة فوق منحدرات صخرية غير صالحة للبناء عليها.
الأقوال كثيرة وقيل ما يحدث من عمليات تهذيب للجبل أدى إلى انصداع فيه فوقعت الكتل الصخرية

وأما ما ذكر عن بناء مساكن لهؤلاء فوا عجبا لا تعليق!

من هناك
09-07-2008, 02:44 PM
لا حول ولا قوة إلا بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون

شيركوه
09-07-2008, 03:08 PM
العجيب ان الذي يسبق في هذه الحالات وحتى قبل سيارات الاسعاف والانقاذ ورجال المطافيء ...
هم قوات "مكافحة الشعب" ... عذرا سقطت النقطة عن ال غ سهوا ...
هكذا دولنا ...
حسبنا الله ونعم الوكيل

منال
09-09-2008, 01:35 PM
رحلة إلى الدويقه .... يرويها شاهد عيان

08 / 09 / 2008

..يرن الهاتف..:السلام عليكم..عمر..مشوار لله في الساعه الواحده ليلا هل أنت مستعد..,خيرا إن شاء الله..سنقوم بتوزيع وجبات السحور على أهالي الدويقه..لا تنس الموعد..الساعه... أمام.... السلام عليكم...


كان هذا هو الهاتف الذي جاءني في الساعة العاشره والنصف ليلا..بدأت بالاستعداد..هيئت نفسي لما سيحدث..,مشاعر كثيرة تنتابني..ترى لماذا أنا ذاهب الأن..لا أدري ما هذا الشعور الغريب الذي ينتابني..ليست أول مرة نمارس فيها عملا من هكذا نوع..لكنها الأولى التي ننزل فيها إلى تلك المناطق التي يسمونها(منكوبه)!!.

في الموعد تماما..لا أدري ما هذه اللهفة التي تنتابني,أيضا مشاعر الترقب لا تغادرني .. كأني ذاهب إلى ساحة جهاد..,أطمئن نفسي قائلا إن هي إلا وجبات توزع في 10 دقائق ثم نظفر بدعوتين ثم نعود للنوم هانئين مستعدين ليوم رمضاني جديد..تماما كما يحدث كل مره..!!

لكني أدركت بعدها أن الأمر لم يكن كذلك ..لم يكن كذلك على الإطلاق..لقد كان غريبا.. مذهلا.. صادما..ومخيفا أيضا..
ها أنا ذا واقف في الموعد..الساعة الأن تقارب الثانيه..التأم شمل الشباب..هيا يا شباب على بركة الله..لحظه ..كيف سنذهب إلى هذه(الدويقه)؟..كان السائل يسأل وكأنه يسأل عن غابة في بلاد الواق الواق اكتشفت منذ يومين والمطلوب منا زيارتها..نعم لقد كانت هذه هي الحقيقه المره..كانت هذه هي ما تمثله لنا الدويقه..!!

اكتشفنا أن أفضل حل هو استقلال سيارة أجره..ما إن أوقفنا السائق وقلنا..(الدويقه يا اسطى)حتى ارتسمت نظرة من نوع خاص على وجهه لا أدري ماذا كانت تعني..الأسى..الصدمه..الحقيقة المره..حقيقة لا أستطيع أن أحكم ..,أفاق منها قائلا: هيا يا شباب..

وفي السيارة كان الحديث.. فالكل كانت عنده قصة ليحكيها لقد جمعت القصص التي حكيت كل المشاعر الإنسانية التي من الممكن أن تصدر عن بشر.. نعم.. كلها باستثناء شعور واحد..الأمل..
اختلست نظرة إلى الخلف فرأيت دمعة في عين أحد الشباب يحاول عاجزا أن يخفيها لكنه ما استطاع.. كان الأمر غير مقدور عليه..فقد كانت دمعته تحمل الكثير..الكثير جدا..عندها أدركت أن الأمر لن يكون عاديا هذه المره..لا.. لن يكون عاديا على الإطلاق...!!


وصلنا بحمد الله إلى المكان..تزداد دقات القلب تسارعا..ألقينا نظرة عامة على المكان.. كان الكل يحاول التكهن بأي شئ..ترى هل سقطت الصخور هنا؟.أعتقد أننا سنجد طوقا أمنيا يطوق المكان..يقال أن هناك ونشا قد أحضر من الخارج لحمل الصخور..سمعت أن القوات المسلحة تتولى بنفسها عملية الإنقاذ..أخبرني بعضهم أن من يمشي هنا ليلا فإنه يختطف حتما....., الكل كان مشتركا في شئ واحد كان يحاول أن يفهم ماحصل وكيف حصل؟ ولماذا حصل؟..وما هي هذه الدويقة أصلا..أحسست أيضا أن البعض كان يحاول أن يكذب لنفسه بعض ما سمعه من وسائل الإعلام..

أفقنا على صوت حادي الركب يهتف..شباب لقد تأخرنا..هيا بنا..,قالها بعزم وكأننا داخلون إلى ساحة معركه..وبالفعل كانت معركه..لكنها كانت من نوع خاص..خاص جدا..
دخلنا المدينه..وهناك بدأت الرحله

دخلنا المدينه..كان مدخلها بادئا بسلم يصعد إلى أعلى..كان هذا هو المظهر الخارجي..لكن الحقيقة أن كل درجة كنا نصعدها كنا نشعر معها أننا ننزل درجة من درجات العيش الإنساني الكريم...كنا على العكس تماما نحس أن كل درجة تصعد بنا إلى أعلى كانت تنزل بمستوى الإنسان عن درجة المخلوق الذي كرمه الله إلى درجة المسحوق الذي أهانه مبارك..!!

توجهنا مباشرة إلى مكان التجمع كنا قد رأينا في الأمتار المعدودة التي قطعناها إليه ما يمكن أن يوصف بأسوأ درجات العيش الإنساني..القمامه ..الفقر..البيوت التي لا تدري أهي مشيدة أم مهدومه..شباب تائه..طفولة حائرة لم يستطع الفقر أن يخفي ملامح برائتها..النظرة الغريبة التي تجمع كل العيون والتي كانت تعني شيئا واحدا..ما هذه المخلوقات الغريبة التي زارت مدينتنا؟؟!

وصلنا إلى المقر ليفاجئ المسئول دهشتنا بابتسامة.. معها خبر صاعق..هل ظننتم أن هذه هي الدويقة..إنها المنشيه ...ما زال أمامنا الكثير لكي نصل إلي الدويقه..هيا احملوا هذه الحقائب على ظهوركم وهيا بنا...

نظرت لإخوني بارتياع وقلت في نفسي ملتاعا:رباه إن كانت هذه هي المنشية التي رأينا سكان الدويقة يقفون على الفضائيات يستحلفون الحكومة أن تتكرم عليهم وتعطيهم بيتا فيها..فكيف ستكون الدويقه..؟؟!!


حملنا الحقائب على ظهورنا لنبدأ التحرك..بدأنا في إظهار فدائيتنا المعهودة في حمل الحقائب..البعض يحمل اثنين والبعض ثلاثا والبعض يحاول أن يسير بجبل من الحقائب إلى أن انتبهنا لصوت المسئول..كل فرد يحمل حقيبة واحدة فقط ..,التفتنا متسائلين..تابع مفسرا..:الطريق طويله..كما أن الدويقة مدينة جبليه أي أنكم ستصعدون جبلا بهذه الحقائب..لذا عليكم أن تتخففوا قدر الإمكان لئلا تنهاروا في الطريق..سأله أحدنا ما دام الأمر هكذا لماذا لم تحضروا سيارات لحمل هذه الحقائب؟..ابتسم المسئول ساخرا..وقال: سيارات؟؟لتصعد إلى الدويقه؟؟ سترد على نفسك حين ترى الطريق..لم يزد على هذا..لكننا أدركنا جميعا ما يقول..وبدأت تلح في عقولنا أسئلة خفنا كثيرا من إجاباتها..لا سيارات تصعد إلى الدويقه..إذن كيف تتم عمليات انتشال أكثر من خمسمائة شخص محبوسين تحت الصخور..لم نشأ أن نجب على أسئلتنا الحائره..لكن..وللأسف كانت الدقائق التاليه كافية للإجابة على هذه الأسئله...

بدأنا في السير مذكرين بعضنا بتجديد النيه..نسير في صفين..لا أحد يفترق عن أخيه..لا أحد يرد على أحد..ليصمت الجميع ولنتحرك إلى الأمام ولا نحاول التعرض لأي إنسان..أحسست حينها أن نظرات الناس إلينا ليست ككل مره..إنها ليست نظرات الامتنان أو الشكر أو التقدير ..لا بل كانت تحمل شيئا غريبا..هل هو الكراهيه..الحنق...لا أدري..لكنها نفس النظرة التي ينظر بها المجلود إلى جلاده حين يأتي ليسقيه الماء..أردت أن أصرخ فيهم..لسنا نحن والله..إنهم هم.. نحن مثلكم.. كلنا سحقنا..., لكن شيئا ما منعني من التحدث ..نظرت إلى الأرض.. وأكملت طريقي..
كان الطريق وعرا جدا.. وقف البعض ليستريح..وكلنا من الشباب الفتي الذي لم يتعد الخامسة والعشرين, البعض بدأ يهتف بالغير ليساعده على الحمل أو ليجمع له حاجياته التي سقطت منه..تذكرت حينها وأنا ألهث منظر جدتي المسنه وهي تجاهد لصعود سلم بيتنا حين تأتي لزيارتنا مرة في العام..سألت نفسي حائرا..ترى هل لأهالي الدويقه جدات مثل جدتي؟؟!!


وصلنا أخيرا_وبعد عناء_ إلى مخيم الطوارئ الذي أقامه إخواننا ليكون مركزا للخدمة الإغاثية للمنطقة المنكوبه..أنزلنا حاجياتنا ثم نظرنا حولنا..كان شباب الإغاثة الإنسانية المتطوع يملأ المكان.. البعض يصلي القيام ..البعض يضع اللمسات الأخيرة لوجبات السحور..بعضهم يقرأ القرأن..البعض يتهامس بما يجب فعله.. لكن على وجوه الجميع كانت ترتسم نظرة واحده..كانت نظرة حزينة تخفي الكثير.. أشفقت على نفسي حين ترى عيني ما رأوه..أخذت أجلد نفسي بالعزيمة..إلى أن التفت على أهة لأخ لي مشيرا إلى الأعلى..والتفت.. ورأيت..ويا لهول ما رأيت..لقد كان المخيم منعقدا في قلب الجبل وهناك أعلى سطح الجبل حيث القمة الشاهقه كانت هناك ما يسمونها مجازا العشش السكنيه ووالله ربما لا يرتضي الطير أن يتخذها عشا..ليس هذا ما أفزعني..بل إنه الجبل نفسه..إنه ملئ بالشقوق والشروخ ورشح الماء واضح على سطحه ..أحدنا هتف مشدوها: يا إلهي أخشى أن ينزل هذا الصخر علينا..
قلت لنفسي: بالتأكيد لقد أجلت الحكومة بعد الكارثة أولئك الذين يسكنون هذه العشش ..ثم نظرت إلى أعلى لتطل علي من أعلى الجبل صورة امرأة تنشر غسيلها على الصخر أمام عشتها ..كانت الصورة تحمل كل أيات التخلف الحكومي بكل مظاهره..
تذكرت حينها قولة صديق مهندس لي بعد الحادث مباشرة:إن الحكومة إذا لم تقم بإجلاء ألاف السكان الذين يعيشون في هذه المنطقه فإن هذه الانهيارات لن تتوقف وستتكرر كثيرا..التفت إلى مخيمنا الهادئ وقد أدركت أنه لن يكون المخيم الأخير!!!


انقسمنا إلى مجموعتين..كل مجموعة تحمل حملا من الطعام والماءوالعصائر..تعليمات الإخوة كانت واضحه..ستنزلون الأن إلى المنطقة المنكوبه..لا ترفضوا لأحد طلبا..سيبدأ التوزيع في المنطقة المنكوبه.. ولا توزعوا قبلها.. إياكم أن تردوا على أحد على الإطلاق مهما فعل أو قال..أحسست أننا فعلا مقدمون على حطام بشر مستعد لأن يفعل أي شئ..ومستعد لأن يفرض قانونه على الجميع ..وبلا استثناء...

بدأنا في السير في الطرق الوعره نأخذ بأيدي بعضنا نصعد ونهبط..تذكرت ذلك المشهد في فيلم الطريق إلى إيلات حين يبدأ أبطال الفرثة الانتحارية في صعود الجبل..قلت لنفسي يبدوا أن أبطال إيلات ليسوا فقط هم الانتحاريين..

في الطريق قابلتنا سيدة تطلب وجبة لها..تذكرت تعليمات الإخوه لا توزيع قبل وصول المنطقه المنكوبه فدعوت لها وأكملت طريقي لأفاجأ بها تصرخ في وجهي بعاميتها المصربة قائلة كلمات هزتني كثيرا..(يعني لازم الجبل يتهد علينا احنا كمان علشان تدونا؟؟!!) أظن أن هذه الكلمات ستغير الكثير من شئون حياتي ومن العمق..

أكملنا الطريق إلى أن اقتربنا من النهايه فهتف بنا الأخ :أن استعدوا فقد وصلنا..خفق قلبي تلهفا..مددت قدمي إلى الأمام..ثم نظرت...

وكان المشهد مروعا...وفوق كل وصف...


نظرت إلى الأمام فرأيت المشهد كاملا..بكل تفاصيله..ومعانيه..وصدماته..ومفاجأات ه...

رأيت مدينة كاملة قسمت إلى شطرين فصل بينهما بفاصل من الصخور والحجاره ..عذرا ليس من الصخور والحجاره بل إنه مركز المدينه قد غطي بالصخور والحجاره..أحسست حينها فعلا بقول الله عز وجل(فجعلنا عاليها سافلها)حاشاي أن أمثل بعذاب الله لقوم لوط بما حدث لأولئك الفقراء ولكني لم أجد ما أصف به المشهد إلا ذاك..فالقلم يخونني عن التعبير..رائحة الموت في كل مكان..بقايا ملابس وأثاث مكسور يظهر من الشقوق بين الصخور..أصوات تتعالى بين الفينة والأخرى (حد صاحي هنا..حد سامعني هنا)..أناس مذهولون يقومون بالحفر بأيديهم العارية في قلب الليل بحثا عن أي شئ.. عن أي أحد.. أي جثه..أي شئ يذكره بأن له أحبابا كانوا معه منذ قليل وهم الأن في الأسفل لم يفتتوا ليموتوا على الفور بل حبستهم الصخور ليذوقوا الموت البطئ تحت تأثير نقص الطعام والشراب و الهواء..

كان ما أمامي مشهد لم أر مثله قط..حاول أحدنا أن يتكلم بكلمة خير..زجره الجميع بعيونهم فالموقف لا يحتمل إلا شيئا واحدا...الصمت!!!


الإغاثة وعمليات الإنقاذ...تلك الكلمة التي أسمعها في كل كارثة إنسانيه..نظرت حولي لأعرف مضمونها ودورها في هذا المشهد..نظرت أمامي فلم أجد إلا أهالي الدويقة يمسكون بما نالته أيديهم من فؤس ومشنات وأدوات حفر بدائيه يخبطون في الصخر بإصرار بحثا عن أي شئ ..سألت نفسي حائرا:أين الأوناش..جاءني الرد من أحد الحافرين..إنها في الخارج مطفأة الأنوار ليصورها الإعلام...هتفت به فأين القوات المسلحه..نظر إلى ساخرا..ألم يقابلك فردان من أفراد الشرطة العسكريه على باب المدينه..قلت:والدفاع المدني..قال بعضهم يحفر معنا بيديه..والبعض الأخر يسمر مع زملائه على سور المدينه..قلت له ولكن هذا جنون هذا عبث ماذا تهدفون من حفركم البدائي في الصخر..نظر بعينيه إلى الأرض قائلا..نبحث عن أي جثة تحت الأرض ندفنها دفنا كريما قبل أن تأتي الحكومة بعد يومين لتردم على ما تبقى من الجثث والأنقاض(حفاظا على المدينة من الأمراض والرائحة الكريهه بعد استحالة العثور على أحياء)..ثم تركني وانصرف دون سلام في حين كنت أنا أبكي في داخلي بل وأصرخ بكل قوة..لماذا يا مصر..خمسمائة فرد تحت الأنقاض أغلبهم أحياء وتتركينهم..لماذا يا مصر..لماذا؟؟؟!!



بدأنا بتوزيع ما نحمله على الأهالي والعاملين وكل الناس..دخلنا البيوت..رأينا العشة التي يسكنها 20 فردا وهي لا تحتمل إلا فردان..رأينا الفقير الذي لا يجد ما يشبع به بطنه ويكاد الجوع يمزق أحشائه ثم يرفض أن يأخذ أي طعام منك من مرارة ما ذاق...رأينا المشردين والمنكوبين الذين حتى لم تستطع حكومتهم توفير خيام لهم فناموا في الطرقات... رأينا البؤس بكل مظاهره ..رأينا جحافل الأمن المركزي التي جئ بها لتصنع طوقا حول المكان لمنع دخول الإعلام..رأينا الجنود المساكين الذين أخذوا يتوسلون إلينا أن نعطيهم طعاما ليتسحروا فقد نسي من أحضرهم أنهم بشر من حقهم أن يأكلوا...رأينا....ورأينا....ورأينا. ..ولا والله لن نستطيع أن ننسى ما رأينا....عدنا والهم يركبنا صامتين إلى مخيمنا..لا أحد يريد أن يقول شيئا..وصلنا المخيم..وبدأنا في الاستعداد للعودة لبيوتنا على وعد العودة في الليلة المقبله..لكننا فوجئنا ونحن منصرفون..فوجئنا بشهاب الدين يهتف بنا...أن عودوا أنتم يا شباب أما أنا فباق هنا في المخيم حتى يقضي الله أمرا وأبلغوا الوالد بذلك...نظرنا إليه نظرة طويلة ذات معنى..ثم سلمنا عليه و انصرفنا إلى بيوتنا لكننا تركنا قلوبنا هناك ....

في الدويقه...

المصدر : أمل الأمة

منال
09-09-2008, 01:35 PM
رحلة إلى الدويقه .... يرويها شاهد عيان

08 / 09 / 2008

..يرن الهاتف..:السلام عليكم..عمر..مشوار لله في الساعه الواحده ليلا هل أنت مستعد..,خيرا إن شاء الله..سنقوم بتوزيع وجبات السحور على أهالي الدويقه..لا تنس الموعد..الساعه... أمام.... السلام عليكم...


كان هذا هو الهاتف الذي جاءني في الساعة العاشره والنصف ليلا..بدأت بالاستعداد..هيئت نفسي لما سيحدث..,مشاعر كثيرة تنتابني..ترى لماذا أنا ذاهب الأن..لا أدري ما هذا الشعور الغريب الذي ينتابني..ليست أول مرة نمارس فيها عملا من هكذا نوع..لكنها الأولى التي ننزل فيها إلى تلك المناطق التي يسمونها(منكوبه)!!.

في الموعد تماما..لا أدري ما هذه اللهفة التي تنتابني,أيضا مشاعر الترقب لا تغادرني .. كأني ذاهب إلى ساحة جهاد..,أطمئن نفسي قائلا إن هي إلا وجبات توزع في 10 دقائق ثم نظفر بدعوتين ثم نعود للنوم هانئين مستعدين ليوم رمضاني جديد..تماما كما يحدث كل مره..!!

لكني أدركت بعدها أن الأمر لم يكن كذلك ..لم يكن كذلك على الإطلاق..لقد كان غريبا.. مذهلا.. صادما..ومخيفا أيضا..
ها أنا ذا واقف في الموعد..الساعة الأن تقارب الثانيه..التأم شمل الشباب..هيا يا شباب على بركة الله..لحظه ..كيف سنذهب إلى هذه(الدويقه)؟..كان السائل يسأل وكأنه يسأل عن غابة في بلاد الواق الواق اكتشفت منذ يومين والمطلوب منا زيارتها..نعم لقد كانت هذه هي الحقيقه المره..كانت هذه هي ما تمثله لنا الدويقه..!!

اكتشفنا أن أفضل حل هو استقلال سيارة أجره..ما إن أوقفنا السائق وقلنا..(الدويقه يا اسطى)حتى ارتسمت نظرة من نوع خاص على وجهه لا أدري ماذا كانت تعني..الأسى..الصدمه..الحقيقة المره..حقيقة لا أستطيع أن أحكم ..,أفاق منها قائلا: هيا يا شباب..

وفي السيارة كان الحديث.. فالكل كانت عنده قصة ليحكيها لقد جمعت القصص التي حكيت كل المشاعر الإنسانية التي من الممكن أن تصدر عن بشر.. نعم.. كلها باستثناء شعور واحد..الأمل..
اختلست نظرة إلى الخلف فرأيت دمعة في عين أحد الشباب يحاول عاجزا أن يخفيها لكنه ما استطاع.. كان الأمر غير مقدور عليه..فقد كانت دمعته تحمل الكثير..الكثير جدا..عندها أدركت أن الأمر لن يكون عاديا هذه المره..لا.. لن يكون عاديا على الإطلاق...!!


وصلنا بحمد الله إلى المكان..تزداد دقات القلب تسارعا..ألقينا نظرة عامة على المكان.. كان الكل يحاول التكهن بأي شئ..ترى هل سقطت الصخور هنا؟.أعتقد أننا سنجد طوقا أمنيا يطوق المكان..يقال أن هناك ونشا قد أحضر من الخارج لحمل الصخور..سمعت أن القوات المسلحة تتولى بنفسها عملية الإنقاذ..أخبرني بعضهم أن من يمشي هنا ليلا فإنه يختطف حتما....., الكل كان مشتركا في شئ واحد كان يحاول أن يفهم ماحصل وكيف حصل؟ ولماذا حصل؟..وما هي هذه الدويقة أصلا..أحسست أيضا أن البعض كان يحاول أن يكذب لنفسه بعض ما سمعه من وسائل الإعلام..

أفقنا على صوت حادي الركب يهتف..شباب لقد تأخرنا..هيا بنا..,قالها بعزم وكأننا داخلون إلى ساحة معركه..وبالفعل كانت معركه..لكنها كانت من نوع خاص..خاص جدا..
دخلنا المدينه..وهناك بدأت الرحله

دخلنا المدينه..كان مدخلها بادئا بسلم يصعد إلى أعلى..كان هذا هو المظهر الخارجي..لكن الحقيقة أن كل درجة كنا نصعدها كنا نشعر معها أننا ننزل درجة من درجات العيش الإنساني الكريم...كنا على العكس تماما نحس أن كل درجة تصعد بنا إلى أعلى كانت تنزل بمستوى الإنسان عن درجة المخلوق الذي كرمه الله إلى درجة المسحوق الذي أهانه مبارك..!!

توجهنا مباشرة إلى مكان التجمع كنا قد رأينا في الأمتار المعدودة التي قطعناها إليه ما يمكن أن يوصف بأسوأ درجات العيش الإنساني..القمامه ..الفقر..البيوت التي لا تدري أهي مشيدة أم مهدومه..شباب تائه..طفولة حائرة لم يستطع الفقر أن يخفي ملامح برائتها..النظرة الغريبة التي تجمع كل العيون والتي كانت تعني شيئا واحدا..ما هذه المخلوقات الغريبة التي زارت مدينتنا؟؟!

وصلنا إلى المقر ليفاجئ المسئول دهشتنا بابتسامة.. معها خبر صاعق..هل ظننتم أن هذه هي الدويقة..إنها المنشيه ...ما زال أمامنا الكثير لكي نصل إلي الدويقه..هيا احملوا هذه الحقائب على ظهوركم وهيا بنا...

نظرت لإخوني بارتياع وقلت في نفسي ملتاعا:رباه إن كانت هذه هي المنشية التي رأينا سكان الدويقة يقفون على الفضائيات يستحلفون الحكومة أن تتكرم عليهم وتعطيهم بيتا فيها..فكيف ستكون الدويقه..؟؟!!


حملنا الحقائب على ظهورنا لنبدأ التحرك..بدأنا في إظهار فدائيتنا المعهودة في حمل الحقائب..البعض يحمل اثنين والبعض ثلاثا والبعض يحاول أن يسير بجبل من الحقائب إلى أن انتبهنا لصوت المسئول..كل فرد يحمل حقيبة واحدة فقط ..,التفتنا متسائلين..تابع مفسرا..:الطريق طويله..كما أن الدويقة مدينة جبليه أي أنكم ستصعدون جبلا بهذه الحقائب..لذا عليكم أن تتخففوا قدر الإمكان لئلا تنهاروا في الطريق..سأله أحدنا ما دام الأمر هكذا لماذا لم تحضروا سيارات لحمل هذه الحقائب؟..ابتسم المسئول ساخرا..وقال: سيارات؟؟لتصعد إلى الدويقه؟؟ سترد على نفسك حين ترى الطريق..لم يزد على هذا..لكننا أدركنا جميعا ما يقول..وبدأت تلح في عقولنا أسئلة خفنا كثيرا من إجاباتها..لا سيارات تصعد إلى الدويقه..إذن كيف تتم عمليات انتشال أكثر من خمسمائة شخص محبوسين تحت الصخور..لم نشأ أن نجب على أسئلتنا الحائره..لكن..وللأسف كانت الدقائق التاليه كافية للإجابة على هذه الأسئله...

بدأنا في السير مذكرين بعضنا بتجديد النيه..نسير في صفين..لا أحد يفترق عن أخيه..لا أحد يرد على أحد..ليصمت الجميع ولنتحرك إلى الأمام ولا نحاول التعرض لأي إنسان..أحسست حينها أن نظرات الناس إلينا ليست ككل مره..إنها ليست نظرات الامتنان أو الشكر أو التقدير ..لا بل كانت تحمل شيئا غريبا..هل هو الكراهيه..الحنق...لا أدري..لكنها نفس النظرة التي ينظر بها المجلود إلى جلاده حين يأتي ليسقيه الماء..أردت أن أصرخ فيهم..لسنا نحن والله..إنهم هم.. نحن مثلكم.. كلنا سحقنا..., لكن شيئا ما منعني من التحدث ..نظرت إلى الأرض.. وأكملت طريقي..
كان الطريق وعرا جدا.. وقف البعض ليستريح..وكلنا من الشباب الفتي الذي لم يتعد الخامسة والعشرين, البعض بدأ يهتف بالغير ليساعده على الحمل أو ليجمع له حاجياته التي سقطت منه..تذكرت حينها وأنا ألهث منظر جدتي المسنه وهي تجاهد لصعود سلم بيتنا حين تأتي لزيارتنا مرة في العام..سألت نفسي حائرا..ترى هل لأهالي الدويقه جدات مثل جدتي؟؟!!


وصلنا أخيرا_وبعد عناء_ إلى مخيم الطوارئ الذي أقامه إخواننا ليكون مركزا للخدمة الإغاثية للمنطقة المنكوبه..أنزلنا حاجياتنا ثم نظرنا حولنا..كان شباب الإغاثة الإنسانية المتطوع يملأ المكان.. البعض يصلي القيام ..البعض يضع اللمسات الأخيرة لوجبات السحور..بعضهم يقرأ القرأن..البعض يتهامس بما يجب فعله.. لكن على وجوه الجميع كانت ترتسم نظرة واحده..كانت نظرة حزينة تخفي الكثير.. أشفقت على نفسي حين ترى عيني ما رأوه..أخذت أجلد نفسي بالعزيمة..إلى أن التفت على أهة لأخ لي مشيرا إلى الأعلى..والتفت.. ورأيت..ويا لهول ما رأيت..لقد كان المخيم منعقدا في قلب الجبل وهناك أعلى سطح الجبل حيث القمة الشاهقه كانت هناك ما يسمونها مجازا العشش السكنيه ووالله ربما لا يرتضي الطير أن يتخذها عشا..ليس هذا ما أفزعني..بل إنه الجبل نفسه..إنه ملئ بالشقوق والشروخ ورشح الماء واضح على سطحه ..أحدنا هتف مشدوها: يا إلهي أخشى أن ينزل هذا الصخر علينا..
قلت لنفسي: بالتأكيد لقد أجلت الحكومة بعد الكارثة أولئك الذين يسكنون هذه العشش ..ثم نظرت إلى أعلى لتطل علي من أعلى الجبل صورة امرأة تنشر غسيلها على الصخر أمام عشتها ..كانت الصورة تحمل كل أيات التخلف الحكومي بكل مظاهره..
تذكرت حينها قولة صديق مهندس لي بعد الحادث مباشرة:إن الحكومة إذا لم تقم بإجلاء ألاف السكان الذين يعيشون في هذه المنطقه فإن هذه الانهيارات لن تتوقف وستتكرر كثيرا..التفت إلى مخيمنا الهادئ وقد أدركت أنه لن يكون المخيم الأخير!!!


انقسمنا إلى مجموعتين..كل مجموعة تحمل حملا من الطعام والماءوالعصائر..تعليمات الإخوة كانت واضحه..ستنزلون الأن إلى المنطقة المنكوبه..لا ترفضوا لأحد طلبا..سيبدأ التوزيع في المنطقة المنكوبه.. ولا توزعوا قبلها.. إياكم أن تردوا على أحد على الإطلاق مهما فعل أو قال..أحسست أننا فعلا مقدمون على حطام بشر مستعد لأن يفعل أي شئ..ومستعد لأن يفرض قانونه على الجميع ..وبلا استثناء...

بدأنا في السير في الطرق الوعره نأخذ بأيدي بعضنا نصعد ونهبط..تذكرت ذلك المشهد في فيلم الطريق إلى إيلات حين يبدأ أبطال الفرثة الانتحارية في صعود الجبل..قلت لنفسي يبدوا أن أبطال إيلات ليسوا فقط هم الانتحاريين..

في الطريق قابلتنا سيدة تطلب وجبة لها..تذكرت تعليمات الإخوه لا توزيع قبل وصول المنطقه المنكوبه فدعوت لها وأكملت طريقي لأفاجأ بها تصرخ في وجهي بعاميتها المصربة قائلة كلمات هزتني كثيرا..(يعني لازم الجبل يتهد علينا احنا كمان علشان تدونا؟؟!!) أظن أن هذه الكلمات ستغير الكثير من شئون حياتي ومن العمق..

أكملنا الطريق إلى أن اقتربنا من النهايه فهتف بنا الأخ :أن استعدوا فقد وصلنا..خفق قلبي تلهفا..مددت قدمي إلى الأمام..ثم نظرت...

وكان المشهد مروعا...وفوق كل وصف...


نظرت إلى الأمام فرأيت المشهد كاملا..بكل تفاصيله..ومعانيه..وصدماته..ومفاجأات ه...

رأيت مدينة كاملة قسمت إلى شطرين فصل بينهما بفاصل من الصخور والحجاره ..عذرا ليس من الصخور والحجاره بل إنه مركز المدينه قد غطي بالصخور والحجاره..أحسست حينها فعلا بقول الله عز وجل(فجعلنا عاليها سافلها)حاشاي أن أمثل بعذاب الله لقوم لوط بما حدث لأولئك الفقراء ولكني لم أجد ما أصف به المشهد إلا ذاك..فالقلم يخونني عن التعبير..رائحة الموت في كل مكان..بقايا ملابس وأثاث مكسور يظهر من الشقوق بين الصخور..أصوات تتعالى بين الفينة والأخرى (حد صاحي هنا..حد سامعني هنا)..أناس مذهولون يقومون بالحفر بأيديهم العارية في قلب الليل بحثا عن أي شئ.. عن أي أحد.. أي جثه..أي شئ يذكره بأن له أحبابا كانوا معه منذ قليل وهم الأن في الأسفل لم يفتتوا ليموتوا على الفور بل حبستهم الصخور ليذوقوا الموت البطئ تحت تأثير نقص الطعام والشراب و الهواء..

كان ما أمامي مشهد لم أر مثله قط..حاول أحدنا أن يتكلم بكلمة خير..زجره الجميع بعيونهم فالموقف لا يحتمل إلا شيئا واحدا...الصمت!!!


الإغاثة وعمليات الإنقاذ...تلك الكلمة التي أسمعها في كل كارثة إنسانيه..نظرت حولي لأعرف مضمونها ودورها في هذا المشهد..نظرت أمامي فلم أجد إلا أهالي الدويقة يمسكون بما نالته أيديهم من فؤس ومشنات وأدوات حفر بدائيه يخبطون في الصخر بإصرار بحثا عن أي شئ ..سألت نفسي حائرا:أين الأوناش..جاءني الرد من أحد الحافرين..إنها في الخارج مطفأة الأنوار ليصورها الإعلام...هتفت به فأين القوات المسلحه..نظر إلى ساخرا..ألم يقابلك فردان من أفراد الشرطة العسكريه على باب المدينه..قلت:والدفاع المدني..قال بعضهم يحفر معنا بيديه..والبعض الأخر يسمر مع زملائه على سور المدينه..قلت له ولكن هذا جنون هذا عبث ماذا تهدفون من حفركم البدائي في الصخر..نظر بعينيه إلى الأرض قائلا..نبحث عن أي جثة تحت الأرض ندفنها دفنا كريما قبل أن تأتي الحكومة بعد يومين لتردم على ما تبقى من الجثث والأنقاض(حفاظا على المدينة من الأمراض والرائحة الكريهه بعد استحالة العثور على أحياء)..ثم تركني وانصرف دون سلام في حين كنت أنا أبكي في داخلي بل وأصرخ بكل قوة..لماذا يا مصر..خمسمائة فرد تحت الأنقاض أغلبهم أحياء وتتركينهم..لماذا يا مصر..لماذا؟؟؟!!



بدأنا بتوزيع ما نحمله على الأهالي والعاملين وكل الناس..دخلنا البيوت..رأينا العشة التي يسكنها 20 فردا وهي لا تحتمل إلا فردان..رأينا الفقير الذي لا يجد ما يشبع به بطنه ويكاد الجوع يمزق أحشائه ثم يرفض أن يأخذ أي طعام منك من مرارة ما ذاق...رأينا المشردين والمنكوبين الذين حتى لم تستطع حكومتهم توفير خيام لهم فناموا في الطرقات... رأينا البؤس بكل مظاهره ..رأينا جحافل الأمن المركزي التي جئ بها لتصنع طوقا حول المكان لمنع دخول الإعلام..رأينا الجنود المساكين الذين أخذوا يتوسلون إلينا أن نعطيهم طعاما ليتسحروا فقد نسي من أحضرهم أنهم بشر من حقهم أن يأكلوا...رأينا....ورأينا....ورأينا. ..ولا والله لن نستطيع أن ننسى ما رأينا....عدنا والهم يركبنا صامتين إلى مخيمنا..لا أحد يريد أن يقول شيئا..وصلنا المخيم..وبدأنا في الاستعداد للعودة لبيوتنا على وعد العودة في الليلة المقبله..لكننا فوجئنا ونحن منصرفون..فوجئنا بشهاب الدين يهتف بنا...أن عودوا أنتم يا شباب أما أنا فباق هنا في المخيم حتى يقضي الله أمرا وأبلغوا الوالد بذلك...نظرنا إليه نظرة طويلة ذات معنى..ثم سلمنا عليه و انصرفنا إلى بيوتنا لكننا تركنا قلوبنا هناك ....

في الدويقه...

المصدر : أمل الأمة

من هناك
09-09-2008, 02:07 PM
قصة تدمي القلب. لا حول ولا قوة إلا بالله
نسأل الله ان يجازي اولئك الحكام بما يستحقون