تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كـيـف تـخــتــار شـريـك الـحــيــاة؟!



بشرى
08-06-2003, 12:38 PM
أول ما يجب على كل من الرجل والمرأة معرفته هو مناط الاختيار.. أعني ما الصفات التي يجب أن تتحلى بها المرأة حتى يرغب الرجل في الزواج بها؟..

وما الصفات التي يجب أن يتحلى بها الرجل حتى ترغب المرأة في الزواج منه؟
وفيما يلي بعض الصفات.. هي مناط الاختيار عند الناس جميعاً.. سنورد بحول الله كل صفة مبينين القيمة الحقيقية لها وأثرها في الحياة الزوجية..

*أولاً: الأصل أو المعدن:
لو نظرت إلى مجموعة مختارة من جميع أجناس الأرض وأشكالها لوجدت أنهم يختلفون في مظهرهم وخلقتهم اختلافاً بيّناً.. ولذلك لا تشبه بصمة إصبع بصمة أخرى أبداً.. وهذا الاختلاف الظاهري الشكلي يبدو تافهاً جداً.. وقليلاً جداً إذا قارنّاه بالاختلاف النفسي والخُلقي.. فنفوس الناس وصفاتهم الداخلية الخُلقية تختلف اختلافاً عظيماً جداً..
وأصدق وصف لاختلاف الناس هو قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا).. وفي الحديث فوائد عظيمة جداً أهمها:
-أن كرم الأصل في الجاهلية يساعد على التحلي الكامل بأخلاق الإسلام والقيام بتعاليمه.. فالإنسان (خامة) منها النوع الجيد جداً الذي يتشكل بسهولة.. وخامات رديئة كالفضة المغشوشة أو المعدن المخلوط الذي لا يصلح مهما حاولت صناعته لشيء.. وهناك فارق عظيم بين كرم الأصل.. ونقاوته وشهرة العائلة والقبيلة.. فقد يشتهر غير الكرام.. وإنما المقصود المعدن البشري.. والحق إن معرفة معادن الناس شيء عسير جداً ولا يفهمه إلا صيرفي ماهر.. وهذا لا يستطيعه كل الناس ولكن الضابط في هذا هو اشتهار الناس بأخلاق معينة وصفات معروفة.. قد تكون هذه الشهرة مبنيّة على معرفة حقيقية وحوادث ووقائع تفيد العلم اليقيني.. وقد تكون مبنيّة على دعايات وإشاعات كاذبة.. المهم أن أخلاق الشعوب والقبائل والفصائل مختلفة متباينة.. ولذلك وجب علينا النظر في أصول الناس قبل الإقدام على الزواج.. وهذه القاعدة بالطبع قاعدة أغلبية وليست قاعدة كلية حتمية..
فنظرنا نحو الأصل يجب أن يكون هو النظر نحو (الخامة) والمعدن.. الخامة التي تتوافر فيها الصفات الإنسانية الطيبة.. باختصار يجب أن يبحث الرجل عن المرأة (الإنسان).. ويجب أن تبحث المرأة عن الرجل (الإنسان).. انظر عندما خطب أبو طلحة وهو مشرك كافر امرأة من المسلمين هي أم سليم قالت له: (يا أبا طلحة والله ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة ولا تحل لي فإن تُسلم فهو مهري!!).. فقول هذه المرأة الفقيهة: (والله ما مثلك يُرد) معناه أن الرجل فيه الصفات الإنسانية التي تطمح المرأة في وجودها في الرجل.. ولكن منعها من الموافقة كفر الرجل.. باختصار ليكون بحثنا أولاً عن الإنسان.. (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)..

*ثانياً: الدين:
الدين هو المنهاج الربّاني الذي أُنزل ليجعل من الإنسان إنساناً كاملاً في صفاته وأخلاقه وليجعل معاملته وتصرفاته في هذه الدنيا على أكمل الوجوه التي تحقق العدل والسعادة.. وهذا الدين إذا التقى مع المعدن الإنساني الطيب ووافق القبول.. صنع الأعاجيب ولكنه إذا صادف المعدن الهش المغشوش صنع في صاحبه بالقدر الذي يحتمله ويطيقه إذا توفر القبول أيضاً..
والتدين الحقيقي شيء خفي لأن حقيقة الدين تتعلق بالقلوب أعظم مما تعلق بالظواهر دلالات وعلامات على الدين ولكنها ليست دلالات ظنية فليس كل من أعفى لحيته وقص شاربه ووقف في صفوف الصلاة مع المسلمين كان متديّناً مؤمناً.. بل هذه ظواهر قد تدل على هذا وقد يكون هذا نوعاً من النفاق والمجاراة والاعتياد لا يُغني قليلاً أو كثيراً في حقيقة الدين..
وكذلك بالنسبة للمرأة أيضاً.. فمع أن الحجاب فريضة إسلامية وظاهرة يدل على الصلاح والدين والفقه.. إلا أنه ليس دليلاً قطعياً على ذلك.. ولكنه ظاهر فقط.. قد يكون نوعاً من النفاق والمجاراة والعادة أيضاً.. والذي نعنيه هنا في اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة البحث عن الدين الحقيقي أو كما قلنا آنفاً الدين الحقيقي لا يعمل على وجه القطع.. ولكن بغلبة الظن.. وأداء الشعائر والحفاظ عليها قرائن ظاهرية إذ ضممنا بعضها إلى بعض قد نحصل على نتيجة حقيقية.. وهذا أقوله حتى لا يتعثر بعض الشباب بالقشرة الخارجية لبعض الفتيات.. ولا تتعثر أيضاً بعض الفتيات الطيبات الصالحات بالقشور الخارجية لبعض الرجال..

*ثالثاً: الحب:
يُعلق كثير من راغبي الزواج أهمية بالغة على وجود الحب قبل الزواج.. ويجعله بعضهم شرطاً أساسياً للزواج الناجح ويصمون الزواج الذي يعقد قبل الحب.. بالفشل.. وهذا الكلام يصدر عن هوى أو عن جهل بحقائق الزواج.. وطبيعة الحياة بين الرجل والمرأة..
وباختصار يجب أن نفهم الحب بمعناه الحقيقي لغة وشرعاً.. ويجب أن نبني البيوت على الحقائق لا على الأوهام والأماني التي يمني كل من الراغبين في الزواج بها أحدهما الآخر.. ولا بأس بتاتاً أن يميل قلب رجل إلى امرأة.. يسمع عن صفاتها وأخلاقها وشمائلها.. وكذلك لا تعجب إذا أحبت امرأة رجلاً شاهدت وعلمت من صفاته وشمائله ما يدعوها إلى الزواج منه.. ولكن لا يجوز بتاتا- إذا أردنا زوجاً سليماً صحيحاً- أن تكون هناك ثمة علاقة بين رجل وامرأة يريدان الزواج أكثر من معرفة الصفات الحقيقية التي سيبني عليها الزواج.. والعلاقات الآثمة التي تسبق الزواج ستكون حتماً هي العامل الأول في هدم السعادة الزوجية..
والحب الكامل بين رجل وامرأة لا يمكن تصوّره إلا بعد الزواج.. حيث تتاح الفرصة للمنافع المتبادلة ولترجمة الإخلاص والوفاء والتفاني في خدمة الغير إلى واقع فعلي.. وأما قبل الزواج فإن الحب غالباً لا يكون إلا مجرد الميل الغريزي بين الرجل والمرأة.. وقد يزيد من إشعال هذا الحب تلك الأماني الجميلة والأحلام المعسولة التي يمطر بها القادمان على الزواج أحدهما الآخر.. فأحلام اليقظة وبناء الآمال العريضة وإظهار التفاني والإخلاص الذي يقدمه كل من الرجل للمرأة والمرأة للرجل قبل الزواج تشعل الحب وتؤكد ميل القلب.. ولكن حرارة الحياة وجديّتها ورتابة الحياة الزوجية وطول الألف والعشرة تهدم هذه الآمال والأحلام إذا لم يكن عند الزوجين المفهوم الصحيح لمعنى الحياة الزوجية.. ولذلك يفاجأ كثيراً من الأزواج (الواقع المر) بعد دخول الحياة الزوجية ويرون تبدّلاً عظيماً في أخلاق شريكة الحياة..

وقد يسأل كل منهما نفسه: هل هذا حقاً هو الإنسان الذي عرفته قبل الزواج؟! .. وذلك أنهم بنوا حياتهم على الأحلام والأماني لا على الواقع.. ولذلك فالتعويل على هذه الأحلام هو من الغباء.. والمجتمع المختلط قد يسر لكل من الرجل والمرأة التعرف والتقلب والصحبة والزمالة.. ويسر أيضاً الخلوة الفاحشة.. ولقد كانت ضريبة هذا هو النفور من الزواج وهدم الحياة الزوجية الحقيقية..

ففي الإحصائيات التي أخذت على طلاب بعض الجامعات ثبت أن أكثر من 90 بالمائة منهم لا يفكرون بتاتاً في زواج زميلة له في الجامعة.. وذلك أن الاختلاط الكامل بين الطلاب أفقد المرأة أخص صفاتها وأحظاها عند الرجل.. وهو شعور الرجل أنه قد فاز بشيء عزيز مكنون.. ومهما قيل عن هذا الشعور بأنه بدائي أو أنه شعور بالامتلاك والمرأة ليست سلعة و.. و.. إلخ.. فإن الحقيقة أن الرجل بفطرته ما زال يشترط في المرأة أن تكون متاعاً خاصاً به وحده وأن تكون خالصة له من دون الناس..

*رابعاً: المال والغنى:
من الصفات التي لا غنى عنها مطلقاً.. ولا اختلاف عليها بين الناس هو اشتراط الغنى في المتقدم للزواج.. وأقل الغنى هو الكفاف والقيام بواجبات الزوجية.. وقد فسّر العلماء حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج..) الحديث.. أن المقصود بالباءة هو نفقات الزواج وإمكان إعاشة الرجل للمرأة.. والإسلام يشترط في صحة عقد النكاح واستمرار قدرة الرجل على الإنفاق..
ولكن الناس ينظرون في الرجل الآن إلى كثرة المال لا مجرد الكفاف والغنى عن الناس.. وذلك بعد تعاظم الحياة المادية.. وانفتاح الأساليب المذهلة للاستمتاع بالحياة واقتناء الزينة التي لا تقف عند حد في أثمانها أو أشكالها.. والمسلمون فقط من يسألون عن طالب الزواج الغني كيف اكتسب ماله؟..
وليس اشتراط الغنى بالنسبة للمرأة مطلوباً على النحو الذي يطالب به الرجل.. وخاصة في المجتمعات التي يستطيع الرجال أن يكسبوا ما يكفيهم بسهولة ويسر.. ولكن في المجتمعات الفقيرة.. حيث يصبح عمل المرأة وكسبها ومالها جزءاً أساسياً للمعيشة.. أصبحت المرأة مطالبة بالمشاركة والمساهمة اللازمة في نفقات العيش.. وهذا من أعظم فساد الحياة ومن أعظم البلاء الذي وفد إلينا من الحضارة الغربية المادية.. وبذلك أصبح أمام المرأة عبئان: عبء الحمل والولادة وتربية الأولاد والعناية بشؤون المنزل.. وعبء الخروج للتكسب والإنفاق..
ولكن المشكلة الحقيقية في كل ذلك أن المجتمعات التي قطعت شوطاً بعيداً وراء الحضارة المادية قد جعلت خروج المرأة للعمل ضرورة حتمية أمام من يريد الزواج.. وذلك أن نفقات السكن والمعيشة لا يكفي لها راتب الزوج في المعتاد.. وبذلك أصبح الشاب في خيار أن يستمر بلا زواج سنوات طويلة أو يعيش بما لا يتلاءم مع وضعه الاجتماعي والأخلاقي.. ويتزوج أو أن يتزوج من امرأة عاملة أو موظفة..
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك من أسباب طمع الرجال في النساء كما قال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع).. وَعَدّ من ذلك المال.. فيجب أن نعلم أيضاً أن هذا المال لا يجوز أن يكون مسوغاً للزواج بالمرأة.. إلا إذا كان في يد امرأة عفيفة كريمة النفس تنفق منه على بيتها ولا تَمُنّ بإنفاقها.. هذا إذا كان الرجل راغباً في الزواج بالمرأة الغنية.. لا لأجل مالها فقط.. أما إذا كان لا رغبة له إلا المال فقط.. وقد عبر إلى هذا المال بطريق الزواج فهذا شأن آخر.. وما أظن أن عقد الزواج بهذه النيّة يكون صحيحاً مشروعاً.. ولعل هذا أشبه بالنصب والاحتيال.. وتحتاج المرأة الغنية أيضاً التي تريد الزواج إلى أن تتريث طويلاً في قبول المتقدم لها حتى تتحقق أنه يريد من الزواج أموراً أخرى غير ثروتها وغناها