تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل بعض العلماء يجهل فقه الواقع فعلا !!



القسام
08-24-2008, 04:09 PM
السلام عليكم

أولا : لا أقصد التعميم .

ثانيا : دار كلام في هذا الزمن حول بعض الأحداث المعاصرة ، حيث ذكر البعض أن بعض العلماء لا يفقهون الواقع أو قد يجهلون بعض أحداث الواقع المهمة ، فيفتون خلاف المنهج الحق ، وبغض النظر ، حيث كنت اقرأ قبل أيام في التاريخ الإسلامي السابق ، وكنت اقرأ كتاب "الدولة السلجوقية " للدكتور علي الصلابي حفظه الله ، حيث ذكر مثل تاريخي سابق يبين فيه أنه فعلا بعض العلماء قد يجهل الواقع ، وهذا مثال حصل في الدولة السلجوقية
حيث يقول المؤلف ما نصه :
عندما شدد السلطان محمد بن ملكشاه الحصار عليهم لجأ الباطنية إلى الخداع ، فكتبوا إلى الفقهاء السنيين يطلبون فتواهم في قوم يؤمنون بالله ورسوله ولكن يخالفون الإمام ، هل يجوز للسلطان مهادنتهم وموادعتهم ، وأن يقبل طاعتهم ، ويحرسهم من كل أذى ؟ ثم قال - وهنا الشاهد - : وكادت اللعبة تنجح بعد أن أفتى أكثر الفقهاء بجواز ذلك ، وتوقف البعض عن الفتوى ، فجمع السلطان الفقهاء للمناظرة ، فانتصر رأي الفقيه الشافعي أبي الحسن علي بن عبد الرحمن السمنجاني الذي أفتى بإباحة دمائهم نظرا لرأيهم في الإمام الذي يستطيع أن يحرم عليهم ما أحل الله ، ويحل لهم ما حرم الله ، وتكون طاعته في هذه الحالة - حسب اعتقادهم فيه - واجبة . اه ص139

أقول إخواني : علماءنا على العين والراس ولا بد من احترامهم وتوقيرهم وإنزالهم منزلتهم ، لكن في نفس الوقت ليسوا بمعصومين عن الخطأ ،
وهذا دليل تاريخي حصل قبل مئات السنين يبين فيه أن بعض العلماء غير معصومين وقد يجهلون الواقع فتقع فتاواهم على غير نهج الحق

من هناك
08-24-2008, 06:55 PM
ولكن يا اخي اظن ان هذه القصة دليل على فقه النوازل وليس فقه الواقع

القسام
08-25-2008, 02:44 PM
أخي بلال كلها بمعنى واحد ولا مشاحة في الاصطلاح

من هناك
08-25-2008, 03:18 PM
اخي القسام،
هناك مندوحة في الإصطلاح لأن فقه النوازل يتعامل مع نوازل آنية تأتي في ظروف معينة بينما فقه الواقع هو ابتكار جديد للتسليم بالأمر الواقع ومحاولة تدجين الأحكام كي لا تتعارض مع ما يحبه الناس او ما يطلبه المستمعون

نحن بحاجة إلى علماء ينظرون في المسائل المستجدة ويستنبطوا لها الأحكام ولكن المشكلة ان ما يحدث هو تبسيط الأحكام استناداً لما هو الواقع عليه

عزام
08-25-2008, 04:14 PM
اخي القسام،
هناك مندوحة في الإصطلاح لأن فقه النوازل يتعامل مع نوازل آنية تأتي في ظروف معينة بينما فقه الواقع هو ابتكار جديد للتسليم بالأمر الواقع ومحاولة تدجين الأحكام كي لا تتعارض مع ما يحبه الناس او ما يطلبه المستمعون
نحن بحاجة إلى علماء ينظرون في المسائل المستجدة ويستنبطوا لها الأحكام ولكن المشكلة ان ما يحدث هو تبسيط الأحكام استناداً لما هو الواقع عليه
جزاك الله خيرا اخي بلال على التفريق بين المصطلحين

أبو بكر البيروتي
08-26-2008, 05:18 PM
هل بعض العلماء يجهل فقه الواقع فعلا !!

اظنه يتجاهل ولا يجهل ..

عبد الله بوراي
08-26-2008, 05:33 PM
اخي القسام،
هناك مندوحة في الإصطلاح لأن فقه النوازل يتعامل مع نوازل آنية تأتي في ظروف معينة بينما فقه الواقع هو ابتكار جديد للتسليم بالأمر الواقع ومحاولة تدجين الأحكام كي لا تتعارض مع ما يحبه الناس او ما يطلبه المستمعون

نحن بحاجة إلى علماء ينظرون في المسائل المستجدة ويستنبطوا لها الأحكام ولكن المشكلة ان ما يحدث هو تبسيط الأحكام استناداً لما هو الواقع عليه

ياريت مزيد من التفسير لهذه الفروقات مع ضرب المثل.
بارك الله فيكم
عبد الله

عزام
08-26-2008, 08:39 PM
ياريت مزيد من التفسير لهذه الفروقات مع ضرب المثل.
بارك الله فيكم
عبد الله
هذه ضوابط تساعدك على تمييز الفروقات
عزام

ضوابط في فقه الواقع[14]
1- التثبت في المعلومات
يجب على المسلم التثبت من صحة معلوماته، وثقة مصادره التي على أساسها يصف الواقع ويحدد معالمه، ويكشف حقائقه، وإلا فإن فهمه للواقع وتوصيفه له سيكون مغلوطاً غير مطابق للواقع وبذلك يفقد الناس ثقتهم فيه.
والأصل في هذا المعنى قوله تعالى:" ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" وفي قراءة :"فتثبتوا" وكذلك قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم".
وليس كل خبر يتناقله الناس، أو وكالات الأنباء يكون صحيحاً، فإن كثيراً منها هي عبارة عن إشاعات أو اجتهادات تنشر بحسن نية أو سوء نية، وصناعة الخبر مهمة يتخصص فيها بعض الناس لمقاصد مختلفة ولهذا ذم النبي صلى الله عليه وسلم التحديث بكل ما يسمعه الإنسان وقال:" كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" وقال أيضا:" بئس مطية الرجل زعموا" .

2- الموضوعية والالتزام بالأصول العلمية الشرعية
يجب على المسلم في فهمه للواقع وتحليل أحداثه أن يلتزم بالأصول العلمية والقواعد الشرعية، وأن يخضع كل ذلك لمقتضيات العلم والشرع، لأن الواقع غير معصوم كما عرفنا سابقاً فيمكن أن يكون موافقاً للشرع ويمكن أن يكون مخالفاً له، والفقيه بالواقع يميز بينها، وينطلق في فهم الواقع وتحليله من المنطلقات الصحيحة، والنظرة الموضوعية وعدم التأثر بالطبيعة النفسية والخلفيات الفكرية، لأن تفسير الواقع هو مثل التفسير التاريخي قد يتأثر باتجاه المفسّر ونفسيته وخلفيته الفكرية والثقافية.
إن ضغط الواقع ومسايرة الناس يدفع بعض الناس إلى الترخص في غير مواضع الرخصة، والتيسير في غير مواضع التيسير، وتتبع زلات العلماء، والأخذ بنوادر الفقهاء تأثراً بالثقافة السائدة، ومسايرةً للواقع، بل قد يدفع ذلك بعضَ العلماء والمثقفين إلى تقديم التنازلات، والأخذ بالمداهنات إرضاءً للناس وخوفاً من سخط الرأي العام أو أصحاب السلطة، بل ربما انقلب بعضهم على أصول المنهج الإسلامي وأحكامه القطعية تحت شعار التجديد أو التيسير أو مراعاة الواقع.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:" بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يمسي الرجل فيها مؤمناً، ويصبح كافراً، ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل".
وتتعالى أصوات كثير من المثقفين بالتشكيك في حجية السنة أحياناً، وفي حجية الإجماع أحياناً، وفي دلالات النصوص أحياناً أخرى.
ويحاول هؤلاء المتساهلون والمفرّطون أن يلتمسوا المخارج الشرعية، ويتجاوزوا النصوص والأحكام الثابتة بحجة الخلاف أحياناً، وبحجة التيسير أحياناً أخرى، وربما يقع في هذا بعض أهل العلم والدعاة بدوافع طيبة ونوايا حسنة، ولكن التسرّع وعدم التأني وقلة التبصر يدفع هؤلاء للوقوع في هذه المزالق والأخطاء.

التسيير والمصابرة لا التبديل والمسايرة
إن المطلوب من المسلم القوي هو تسيير الناس وتغيير الواقع نحو الأفضل والأصلح لهم في أمور الدنيا والآخرة، والأخذ بأيديهم نحو الكمال، وليس المسايرة والخضوع والاستسلام لضغوط الواقع ورغبات الناس.
قال تعالى:" آلر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد".
والمطلوب أيضاً من المسلم هو الثبات على الحق، والتمسك بالمنهج، والصبر على الطريق، سواء رضي الناس أم سخطوا، كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" وفي رواية أخرى :" للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم".
إن عملية "تفسير الواقع" هي عملية عقلية تحليلية محضة لا دخل للعواطف والضغوط النفسية في تصويرها وتشكيلها.

3- الاعتدال وتجنب المبالغات
يجب على الناظر في الواقع والمتصدي لتحليله وفهمه أن يكون معتدلاً في نظرته، موضوعياً في حكمه، فلا يخرج عن ذلك إلى ألوان المبالغات، وأنواع الزيادات.
فيجب الحذر من النظرة الإطرائية للواقع ومحاولة تحسينه وإبراز صورته سالمة من العيوب، منزهة من النقائص، ويجب الحذر من النظرة التشاؤمية التي لا تنظر إلى الواقع إلا بمنظار أسود، وتقتصر على الجوانب السيئة فقط، ولا ترى في الواقع إلا الظلمات متراكمة موروثة من الداخل أو وافدة من الخارج، ولا يحكم على طبقات المجتمع إلا بالفساد، فالجماهير مضللة والحكومات خائنة، والأقطار مجرد أصفار، وجهود الإصلاح هي سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، فكل هذه نظرات جزئية ناقصة لا يصح العمل بها.
كما يجب الحذر من النظرة التبريرية للواقع بحيث يحاول صاحبه أن يضفي على الواقع صفة الشرعية وإن حاد عن الحق وسواء السبيل، فإن هذا لون من ألوان التدليس على الناس، والتلبيس على النفس.
كما يجب الحذر من المبالغة في النظرة التآمرية للواقع، بمعنى أن الناظر يرى وراء كل حدث وإن كان صغيراً أيادي متآمرة وقوى خفية، ومخططاً مقصوداً من أعداء الأمة، فهو يعلق كل الأحداث على التآمر الخارجي..
ونحن لا نشك أن هناك حملة مقصودة ضد العالم الإسلامي، ولكن المبالغة في ذلك مرفوضة، وتصويرنا بأننا أحجار على رقعة الشطرنج يدفعنا إلى اليأس والاستسلام للواقع المرّ.
إن كثيراً من أخطائنا راجعة إلى عوامل داخلية، وأسباب ذاتية هي التي تفتح الباب للتآمر الخارجي كما قررّ القرآن ذلك في قوله تعالى:" أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم".
إن النظرة للواقع يجب أن تكون مطابقة للواقع دون تحريف ولا تزييف ولا تهويل ولا تهوين[15].

4- تجنب الجزم والقطع في توصيف الواقع
إن عملية فهم الواقع وتفسير الأحداث هي عملية استنباطية واجتهادية في أكثر حالاتها، لأنها تعتمد على أمارات ظنية وأدلة محتملة وخاصة فيما يتعلق بتحديد الأسباب وتحديد النتائج المستقبلية.. وتبعاً لذلك لا يصح للمتصدي لفقه الواقع أن يجزم برأيه، ويقطع بتحليله، لأن المقدمات الظنية لا تؤدي إلى نتائج قطعية كما يقول الأخضري:
فإن لازم المقدمات بحسب المقدمات آتِ
ولكن الحالة الوحيدة التي يقطع فيها الإنسان بتحليله للواقع وتفسيره للأحداث هو أن تكون مستنداته كلها يقينية ومقدماته قطعية كالاستقراء التام والحس، كما يقول في المرتقى :
وإن يكن جمعيه قطعيا فينتج القطعي لا الظنيا
وإن يكن إحداهما ظنية فليس بالمنتج القطعية[16]
ويتأكد هذا الضابط في التوقعات المستقبلية فإنها من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يجري فيها القدر على وفق رغبات الناس وإرادتهم ولكن على وفق إرادة الله تعالى" وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين"" ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير"" وما تدري نفس ماذا تكسب غداً".
إن كثير من الباحثين والدعاة جزموا بتحليلات معينة وتوقعات محددة في أمور مستقبلية، ولكن الأوضاع جرت بخلاف ذلك، ولم يتحقق ما توقعوه فكان ذلك طعناً في تفكيرهم، ومدخلاً للتشكيك في كفاءاتهم وقدراتهم العلمية والسياسية.

إن إدراك ظنية كثير من محاولات توصيف الواقع - وأنها في النهاية اجتهادات محتملة ينطبق عليها قول بعض السلف:" رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، - يدفعنا ذلك إلى أمور:
أ- احترام الرأي المخالف في القضايا الظنية، وعدم مصادرته، وتجنب منع الآخرين من الاجتهاد، أو ذمهم على اجتهاداتهم المغايرة، فإن الاجتهاد حق متاح لكل من تأهل له، واجتمعت فيه شروطه، وليس حكراً على شخص دون آخر، أو على طائفة دون أخرى.
والمجتهدون المؤهلون مترددون بين صواب يؤجرون عليه، وخطأ يؤجرون على اجتهادهم معه كما جاء في الحديث الصحيح :" إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر واحد".
ب- الحفاظ على المعاني القطعية، والمبادىء اليقينية في الشريعة، فلا يصح عقلاً ولا شرعاً أن نضيع قواطع الإسلام لاجتهادات محتملة في تفسير الواقع وتحليله، كأن نضيع وحدة الأمة وأخوة المؤمنين وأمن المجتمع وسلامته من أجل رؤي اجتهادية ونظرات فكرية ظنية، وقد قرر الأصوليون أن التعارض إذا وقع بين القطعي والظني فإنه يقدم القطعي.

5- احترام التخصص وعدم الافتئات على مسؤوليات الآخرين
إن من ضوابط فقه الواقع أن يحترم الدارس له مبدأ التخصص فيرجع في كل قضية إلى المتخصصين الثقات، فإن كانت المسألة اقتصادية استشار الاقتصاديين، وإن كانت المسألة سياسية استشار السياسيين، وإن كانت المسألة طبية استشار الأطباء .. " فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وكل طائفة متخصصة في أمر هم أهل الذكر فيه.
وقال تعالى:" ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
ولا يصح للباحث المتصدّي لتفسير الواقع أن يتعدى على مسؤوليات الآخرين، ويصادرهم حق اتخاذ القرار المناسب تجاه الأحداث، إن اجتهاده ليس ملزماً للآخرين والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، وليس رأيه أولى بالصواب من رأي غيره.
والشخص في موقع المسؤولية تتعدد عنده غالباً زوايا النظر، وقد تتوفر عادة عنده من المعلومات مالا تتوفر عند غيره، ودوره يتمثل في المشاورة لأهل الرأي ثم اتخاذ القرار الذي يراه صواباً " وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله" كما أن دور الآخرين يتمثل في إبداء الرأي و المناصحة بالأسلوب الحكيم الذي يحقق المصلحة ولا يثير المفسدة" الدين النصيحة قلنا: لمن يارسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم.
إن اتخاذ القرار الأخير في الأمور العامة هو مسؤولية ولاة الأمر ، وهم المسؤولون أمام الله وأمام التاريخ، وليس أمراً متروكاً لكل أحد كما قال تعالى:" ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فعاتب الله تعالى أناساً على استبدادهم بالرأي وعدم ردّ الأمور إلى أصحابها المسؤولين عنها، وأخبر أن هذا الردّ والمراجعة أقرب إلى العلم وإدراك الحقيقة.
وقد ذكر الفقهاء أن ما كان من حقوق الله تعالى- أي المصالح العامة- فمرجعه إلى الإمام، كتطبيق الحدود وإعلان الجهاد وتوزيع الغنائم، ومن افتات على الإمام فإنه يُعزر[17].
وبهذا النظام تنضبط أوضاع الأمة، وتحفظ مصالحها ووحدتها تحت كلمة سواء، وبدون الالتزام بهذا الضابط تشيع الفوضى ويكثر النزاع وتتمزق وحدة الأمة.
لايصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا ما جهالهم سادوا

إن مسائل الواقع تتنوع إلى نوعين :
1- مسائل فردية ترتبط بأشخاص معينين لا بالمجتمع كله.
2- مسائل عامة ترتبط بالمجتمع كله وتسمى بالظواهر العامة.

والتعامل في القضايا العامة يختلف عن التعامل في القضايا الخاصة، والمسؤولية في القضايا العامة تقوم في الأصل على عاتق ولاة الأمر وأهل الحل والعقد، وهم المباشرون لاتخاذ القرار فيها، ودور العامة هو دور سلمي يقوم على المناصرة والمناصحة والعلاج بالأساليب السلمية بقدر الطاقة والاستطاعة.
ويتأكد هذا المعنى في القضايا المعقدة المتشابكة، والمواقف الفاصلة في تاريخ الأمة، فمثل هذه المسائل يجب أن تكف عنها العامة وأشباههم، واتخاذ الموقف فيها يردّ إلى أهل العلم والرأي كما قال تعالى:" وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
وقد تدفع الغيرة على الدين، وقوة الإرادة بعض أهل الخير لاتخاذ مواقف، والخوض في قضايا بناءً على نظر محدود واجتهاد مظنون، وكان الأولى بهم الاحتياط لأنفسهم والحفاظ على مصالح الأمة في حاضرها ومستقبلها.
إن القضايا العامة غالباً ما تكون معقدة الجوانب، متعددة الأبعاد، تخفى على العامة فيها كثير من الجوانب، وإن كانت فيها جوانب واضحة محكمة يراها الخاصة والعامة، ومثل هذه القضايا تحتاج إلى ضرب من الاجتهاد ولون من النظر الدقيق الذي يعجز عنه العامة لمشقته ودقته[18].
إن من أعظم أسباب الفتن الداخلية التي وقعت في تاريخنا هو خوض العامة وأشباههم في قضايا عامة معقدة لا يملكون وسائل الحكم وآليات النظر فيها كما يدل عليه الاستقراء التاريخي.

6- توافر الأهلية وامتلاك القدرة العلمية والذهنية
إن تحليل الوقائع، وتحديد الأسباب، وربط الحقائق بعضها ببعض، وتحديد الموقف الرشيد منها كل ذلك يتطلب توافر الأهلية في الشخص المتصدّي لها، والقدرة العقلية والعلمية على تحليل الوقائع وردّها لأصولها والربط بين أجزائها، والاستفادة من الوقائع المشابهة، فهو في كثير من صوره ضرب من الاجتهاد المعقد الذي لا يصلح له كل أحد.
وقد وضع الأصوليون شروطاً للإفتاء والاجتهاد لأنه لا يستطيعه كل أحد من الناس، وهكذا فقه الواقع هو ضرب من الاجتهاد يقوم على أمور ظنية تحتاج إلى قدر من الذكاء والعلم لا يتوفر في كل أحد، فكما أن النص يتطلب شروطاً ومواصفات محددة، فكذلك فقه الواقع يحتاج إلى مواصفات محددة لا تتوافر في كل شخص.



[14] ) انظر في بعض فقراتها : فقه الواقع – د/ ناصر العمر .
[15] ) انظر: الثقافة العربية الإسلامية – القرضاوي ص 83-86.
[16] ) مرتقى الوصول لابن عاصم الأندلسي 30.
[17] ) انظر: الكافي لابن قدامة 5/325-326.
[18] ) انظر: مقولات في فقه الموقف- العودة 27.

عبد الله بوراي
08-27-2008, 04:14 AM
جزاك الله خيراً
ويطمع تلميذكم فى تبسيط الأمر كذلك فيما يتعلق بفقه النوازل
عبد الله

fakher
08-27-2008, 11:40 AM
ما أكثر العملاء وما أقل العلماء في هذا الزمان ...

عبد الله بوراي
08-27-2008, 12:16 PM
ما فى أمل ولا موضوعية ولا بطيخ ممسمر


عـرب ويـن وطنبــورة ويــــن !

عزام
08-27-2008, 12:23 PM
جزاك الله خيراً
ويطمع تلميذكم فى تبسيط الأمر كذلك فيما يتعلق بفقه النوازل
عبد الله
ما مررته كان بخصوص فقه النوازل.. اخي عبدالله
فقه الواقع وفقه النوارل مترادفان ولكن الاخ بلال يفضل استعمال عبارة فقه النوازل كي لا يلتبس علينا الامر ونظن ان فقه الواقع هو تكييف الشرع مع الواقع في حين انه فقه يدرك الواقع وينزل الفتوى على اساسه.
وما مررته من ضوابط يكفل الا يتحول فقه الواقع الحقيقي (او فقه النوازل) الى فقه الواقع المشوه الذي يتصدر جمال البنا وامثاله الدعوة اليه.
اليس كذلك اخي بلال؟

من هناك
08-27-2008, 01:57 PM
بارك الله بك اخي عزام
هناك فرق بسيط بين الإثنين لأن فقه النوازل مرهون بالحادثة ووقتها اما الواقع فهو يحل لفترة طويلة

عبد الله بوراي
08-27-2008, 02:04 PM
بارك الله بك اخي عزام
هناك فرق بسيط بين الإثنين لأن فقه النوازل مرهون بالحادثة ووقتها اما الواقع فهو يحل لفترة طويلة

ومن تراه أخي أهلاً لإن يُفتي عند النوازل ....... والوقائع
أى ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر فيه ...؟
وهل فتواه مُلزمة لمنْ لم تنزل عليهم النوازل ......؟
وهل يمكن أن تكون محل قياس لِمَ سينزل من نوازل ( قد ) تكون شبية بها......؟
عبد الله

عزام
08-27-2008, 04:52 PM
لعل هذا يجيب عن اسئلتك اخي عبدالله
عزام
فقه الواقع في القواعد الشرعية[3]
1- تحقيق المناط :
والمقصود به معرفة المحكوم فيه على حقيقته، ومعرفة ما يدخل فيه وما لا يدخل فيه.. وهذا يقتضي المعرفة الدقيقة بالواقع ومكوناته، وبالأشياء وأوصافها .. وبدون ذلك يمكن أن تنزل الأحكام على غير ما وضعت له، ويمكن تعطيل الحكم مع وجود مناطه وسببه، وبدون تحقيق المناط سنرى أناساً ينفذون الحدود في غير موضعها وآخرين يضعون القتال في غير موضعه، وآخرين يضعون السّلم في غير محله.
إن فقه الواقع مقدمة ضرورية لتطبيق النص وتنزيله على الواقع كما لو سئل عن حكم الاستنساخ وعن الزواج بالقاديانية، فإنه لا يصح الحكم إلا بعد معرفة هذه الأشياء.



2- المشقة تجلب التيسير:
بمعنى أن المكلف لو وقعت به ظروف طارئة أورثته مشقة زائدة في تطبيق الحكم فإن الشرع يرخص له في الحكم، وهذا فيه دلالة على أهمية معرفة الواقع في الحكم،وأن الحكم يرتبط بالإمكان والقدرة والمشقة، وهذه أمور تقديرية مبناها على ظروف الواقع.
3- النظر في مآلات الأفعال:
ومعناه النظر فيما يمكن أن تؤول إليه الأفعال من المصالح أو المفاسد، فالمجتهد ينظر إلى المتوقع في المستقبل، وهذا لايأتي إلا من خلال معرفة صحيحة بالواقع.
وعلى هذا الأصل بنيت قواعد شرعية منها سدّ الذرائع وفتحها، والاستحسان ومراعاة الخلاف ، كما قرره الإمام الشاطبي في الموفقات[4].
4- تغيرّ بعض الأحكام لتغيرّ الظروف المحيطة بها:
لقد قررّ ابن القيم قاعدة بعنوان:" تغير الفتوى واختلافها بحسب تغيرّ الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد"[5] . فالأحكام المرتبطة بالأعراف والأسباب تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال وتغيّرها.
قال القرافي:" الأحكام المترتبة على العوائد تدور معها كيفما دارت، وتبطل معها إذا بطلت"[6]، وهذا كله يتطلب فقها بالواقع.
5- النظر في الشروط والاسباب والموانع
من المعلوم أن الأحكام الشرعية مبنية على الشروط والأسباب وانتفاء الموانع، فلا يحكم في قضية بحكم إلا بعد التأكد من توفر الشروط والأسباب وانتفاء الموانع ،كما قال الناظم :
ولا يتم الحكم حتى تجتمع كل الشروط والموانع ترتفع
وهذا نوع من الفقه بالواقع، وهو مطلوب شرعاً .
فقه الواقع في نصوص العلماء
المفتي كالطبيب فكما أن الطبيب لا يكون دواءه نافعاً إلا إذا عرف حال المريض وشخص مرضه تشخيصاً دقيقاً، وحدّده تحديداً صحيحاً.. فكذلك المفتي يجب عليه أن يعرف حال المستفتي ويفهم مسألته فهماً صحيحاً حتى يكون جوابه مطابقاً للمسألة.. وإلا حرّم عليه الحلال، وأحلّ عليه الحرام، ولهذا اشتراط العلماء في المفتي أن يكون ذا فطنة وذكاء، واشترطوا فيه أن يكون عارفاً بعادات المستفتي وأهل بلده حتى لا تكون فتواه على خلاف عادة بلده وعرفه[7] .
(1) نقل القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد أنه قال:" لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى تكون فيه خمس خصال، أما أولها أن يكون له نية، فإن لم يكون له نية لم يكن على كلامه نور ولم يكن عليه نور، وأما الثانية فيكون له حلم ووقار وسكينة، وأما الثالثة فيكون قوياً على هو فيه معرفته، وأما الرابعة فالكفاية وإلا مضغه الناس، ومعرفة الناس"[8].
قال ابن القيم معلقاً:" وهذا مما يدل على جلالة أحمد ومحلّه من العلم والمعرفة، فإن هذه الخمس هي دعائم الفتوى، وأي شيء نقص منها ظهر الخلال في المفتي"[9].



(2) وقال الخطيب البغدادي:" إن الفقيه يحتاج أن يتعلق بطرف من معرفة كل شيء من أمور الدنيا والآخرة، وإلى معرفة الجد والهزل والخلاف والضدّ والنفع والضر وأمور الناس الجارية بينهم والعادات المعروفة منهم فمن شرط المفتي النظر في جميع ما ذكرناه، ولن يدرك ذلك إلا بملاقاة الرجال والاجتماع مع أهل النحل والمقالات المختلفة ومساءلتهم وكثرة المذاكرة لهم وجمع الكتب ودرسها ودوام مطالعتها "[10].
(3) قال ابن القيم عن علم المفتي بأحوال الناس:" فهذا أصل عظيم يحتاج إليه المفتي والحاكم فإن لم يكن فقيهاً فيه، فقيهاً بالأمر والنهي ثم يطبق أحدهما على الآخر، وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح فإنه إذا لم يكن فقيهاً في الأمر، له معرف بالناس تصور له الظالم بصورة المظلوم وعكسه، والمحقّ بصورة المبطل وعكسه وراج عليه المكر والخداع والاحتيال، وتصور له الزنديق في صورة الصديق، والكاذب في صورة الصادق..بل ينبغي له أن يكون فقيهاً في معرفة مكر الناس وخداعهم واحتيالهم وعوائدهم وعرفياتهم، وذلك من دين الله .."[11].
(4) وقال ابن القيم: " ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم :
أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً.
النوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يَعْدم اجرين أو أجراً، فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله"[12].
وقال أيضاً:" فههنا نوعان من الفقه لابدّ للحاكم منهما، فقه في أحكام الحوادث الكلية، وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس، يميز بين الصادق والكاذب والمحق والمبطل ثم يطابق بين هذا وهذا، فيعطي الواقع حكمه من الواجب، ولا يجعل الواجب مخالفاً للواقع"[13].

من هناك
08-27-2008, 05:05 PM
أولاً: تعريف فقه النوازل لغة واصطلاحاً

أ-تعريف الفقه لغة: الفِقه بالكسر: فهم الشيء.
- تعريف الفقه اصطلاحاً: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية.
ب-تعريف النوازل: جمع نازلة وهي- لغة: قال ابن فارس: النون والزاء واللام كلمة صحيحة تدل على هبوط شيء ووقوعه... والنازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل.
- اصطلاحاً: يختلف مفهوم النازلة عند أهل العلم في القديم والحديث:
1- ففي القديم تطلق ويراد بها. الشديدة من شدائد الدهر تنـزل بالناس: ومن ذلك مشروعية القنوت في النوازل. وليس هذا المراد في هذا الباب.
2- وفي الحديث عرفت النازلة بعدة تعريفات منها: (وهي المرادة بهذا الباب).
أ‌- الوقائع والمسائل المستجدة والحادثة.
ب- الحادثة التي تحتاج إلى حكم شرعي.

عبد الله بوراي
08-27-2008, 05:07 PM
بارك الله فيك على الموضوع
أخي وأستاذي عزام
أفدت وإستفدت
فواصل و لا تفاصل
و لا تحرمنا من جديدك الرائع
وبالتوفيق لك إن شاء الله
عبد الله

عبد الله بوراي
08-27-2008, 05:24 PM
أولاً: تعريف فقه النوازل لغة واصطلاحاً

أ-تعريف الفقه لغة: الفِقه بالكسر: فهم الشيء.
- تعريف الفقه اصطلاحاً: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية.
ب-تعريف النوازل: جمع نازلة وهي- لغة: قال ابن فارس: النون والزاء واللام كلمة صحيحة تدل على هبوط شيء ووقوعه... والنازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل.
- اصطلاحاً: يختلف مفهوم النازلة عند أهل العلم في القديم والحديث:
1- ففي القديم تطلق ويراد بها. الشديدة من شدائد الدهر تنـزل بالناس: ومن ذلك مشروعية القنوت في النوازل. وليس هذا المراد في هذا الباب.
2- وفي الحديث عرفت النازلة بعدة تعريفات منها: (وهي المرادة بهذا الباب).
أ‌- الوقائع والمسائل المستجدة والحادثة.
ب- الحادثة التي تحتاج إلى حكم شرعي.


بارك الله فيك
والشكر الجزيل موصول لكم أخي بلال
وإلى كل طلاب العلم
وإلى القائمين على المنتدى
جزاكم الله عنا كل خير
أخوكم
عبد الله

من هناك
08-27-2008, 05:55 PM
ولا يخفى على أهل العلم والإصلاح ما وقع خلال الأسابيع الماضية من عدوان غاشم على العراق استهدف أرضه ومقدراته وانتهك حقوق شعبه وحرماته ، فكانت نازلة عظيمة أصيبت بها الأمة العربية و الإسلامية في فؤادها وتأثر لها العالم أجمع ، ولعلها بداية السيل الغربي العرم على بلادنا ومقدساتنا وثقافاتنا الإسلامية.

http://www.olamaashareah.net/nawah.php?tid=3687