تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلام حلال أول شركة تأمين إسلامية بريطانية



سـمـاح
07-28-2008, 12:59 PM
تبدأ "سلام حلال" أول شركة تأمين بريطانية تعتمد أحكام الشريعة الإسلامية أعمالها اليوم بعقود تأمين السيارات.

وقال رئيس الشركة عبد العزيز حمد الجميع إن إطلاق تأمينات سلام مرحلة مهمة لازدهار التمويل الإسلامي في بريطانيا.

وتأمل سلام حلال إطلاق تأمين على المساكن هذه السنة. وإضافة إلى الإنجليزية، تستخدم اللغات العربية والبنغالية والغوجاراتية والأوردو.

وتتقيد الشركة بمبادئ التأمين الإسلامية (التكافل) حيث تستثمر بعيدا عن شركات تجارة الخمور أو الإقراض لقاء فوائد.

وإذا توافر للمجموعة نهاية السنة فائض من المال، تعمد إلى توزيعه على الزبائن من خلال إعفائهم من تجديد الاكتتاب.

وأعد نظام التأمين هذا لتلبية حاجات 1.6 مليون مسلم يقيمون في بريطانيا، ويمثلون 2.7% من إجمالي السكان، حسب إحصاء 2001.



المصدرالفرنسية

أحمد الظرافي
07-28-2008, 04:09 PM
تبدأ "سلام حلال" أول شركة تأمين بريطانية تعتمد أحكام الشريعة الإسلامية أعمالها اليوم بعقود تأمين السيارات.

وقال رئيس الشركة عبد العزيز حمد الجميع إن إطلاق تأمينات سلام مرحلة مهمة لازدهار التمويل الإسلامي في بريطانيا.
وتأمل سلام حلال إطلاق تأمين على المساكن هذه السنة. وإضافة إلى الإنجليزية، تستخدم اللغات العربية والبنغالية والغوجاراتية والأوردو.
وتتقيد الشركة بمبادئ التأمين الإسلامية (التكافل) حيث تستثمر بعيدا عن شركات تجارة الخمور أو الإقراض لقاء فوائد.
وإذا توافر للمجموعة نهاية السنة فائض من المال، تعمد إلى توزيعه على الزبائن من خلال إعفائهم من تجديد الاكتتاب.
وأعد نظام التأمين هذا لتلبية حاجات 1.6 مليون مسلم يقيمون في بريطانيا، ويمثلون 2.7% من إجمالي السكان، حسب إحصاء 2001.
المصدرالفرنسية

وأنا بدوري ألصق هذا البحث العلمي حول التأمين وموقعه في الشريعة الإسلامي
عسى أن يوجد من يستفيد منه ولو حتى من باب الثقافة العامة



التـأمـين وموقعه من الشريعة الإسلامية
بقلم الدكتور: عبدالرحمن زكي

لا جدال في أن التأمين باعتباره فكرة ونظاما يقوم على التعاون والتضامن. ومن المسلم به أن كلا من التعاون والتضامن بين أفراد الجماعة الإسلامية أمر يتفق مع غايات الشريعة وأهدافها. غير أن الشريعة إذ جعلت التعاون غاية مطلوبة، فقد بينت الطرق التي يتحقق بها هذا التعاون لكيلا يترك ذلك لهوى الناس. وعليه يجب أن يكون المقصد مشروعا والوسيلة التي تؤدي إليه مشروعة كذلك. فالشريعة الإسلامية حينما حددت الغايات والمقاصد، بينت الوسائل المشروعة لتحقيق تلك الغايات والمقاصد، فكسب الأموال والعمل على تنميتها واستثمارها أمر مشروع، ولكن ذلك يجب أن يكون وفق الوسائل التي حددتها الشريعة.
وفيما يتعلق بالتأمين فإنه لا خلاف بين الباحثين في جوازه باعتباره فكرة ونظاما. ذلك أن التأمين على هذا النحو ليس إلا انضماما إلى اتفاق تعاوني منظم تنظيما دقيقا بين عدد كبير من الأفراد الذين يتعرضون جميعا للخطر، حتى إذا حاق الخطر ببعضهم تعاون الجميع على دفعه أو تخفيف ضرره ببذل ميسور لكل منهم، يتلافون به ضررا عظيما نزل ببعضهم. ولكن البحث والخلاف ينحصر في بعض الوسائل والممارسات العملية لتطبيق النظام وتحقيق الفكرة. ولتطبيق نظرية التأمين - أي الوصول إلى الأهداف والغايات التي يرمي إليها التأمين - تأخذ الممارسة ثلاث صور هي : التأمين بقسط ثابت، والتأمين التبادلي أوالتعاوني، والتأمين الاجتماعي.

التأمين بقسط ثابت
التأمين بقسط ثابت هو ما تقوم به شركات التأمين، ووسيلتها في ذلك هو عقد التأمين. وهو عقد يتم بين شركة التأمين ومستأمن معين، بمقتضاه تتعهد هذه الشركة بأن تدفع إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مالي آخر، في حال وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد، وذلك نظير قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للشركة.
ويمكننا أن نستخلص من التعريف السابق لعقد التأمين التجاري أن له عناصر ثلاثة لا يقوم دونها، هي الخطر المؤمن منه، ومبلغ التأمين، وقسط التأمين. ولا يتصور لعقد التأمين وجود دون هذه العناصر مجتمعة. ويعتبر الخطر أهم عنصر في عقد التأمين، وهو الحادث الاحتمالي المستقبل. ومعنى كون الحادث احتماليا فإنه قد يقع وقد لا يقع، دون أن يكون وقوعه متوقفا على إرادة أحد طرفي العقد، بل إن ذلك موكول إلى القدر وحده، وذلك كموت المؤمن على حياته أو بقائه حيا إلى وقت معين أو غرق السفينة أو حريق المصنع المؤمن عليه. وهكذا فإن وقوع الحريق وعدم وقوعه، وبقاء إنسان حيا في وقت معين وعدم بقائه أمر احتمالي قد يكون وقد لا يكون. وموت إنسان وإن كان أمرا محقق الوقوع، فإن زمن وقوعه غير محقق. وما دام الخطر هو العنصر الرئيسي في عقد التأمين، فإن الغرر يكون ملازما لهذا العقد لا ينفك عنه ولا يوجد دونه. بل إن ذلك يجعل عقد التأمين ذاته غررا بحيث لا يتأتى وصفه بأنه عقد لحقه غرر أواشتمل على الغرر.
أما قسط التأمين فهو العوض الذي يبذله المستأمن لشركة التأمين في مقابل تعهدها بدفع مبلغ التأمين عند الخطر. وتحدد شركة التأمين قيمة القسط على أساس مبلغ التأمين المتفق عليه بحيث يزيد القسط بزيادة هذا المبلغ وينقص بنقصه. ومن ناحية أخرى فهي تحدد قسط التأمين على أساس الخطر المؤمن منه بحيث إذا زاد الخطر ارتفع القسط والعكس بالعكس ‏. هذا ما يعرف بمبدأ نسبية القسط إلى الخطر. والأصل في القسط أن يكون مبلغا ماليا ثابتا يدفع بصفة دورية. وهذا ما يجري عليه العمل في شركات التأمين. ولذلك يسمى التأمين في هذه الحالة بالتأمين ذي القسط الثابت.
أما العنصر الثالث فهو مبلغ التأمين الذي يعتبر محل التزام شركة التأمين، حيث تتعهد الأخيرة بأن تدفع للمؤمن له أو المستفيد مبلغ التأمين عند وقوع الحادث أو الخطر المؤمن منه في مقابل الأقساط التي يدفعها المستأمن لهذه الشركة. وعليه فإن عقد التأمين عقد معاوضة لا تبرع، ففي عقود المعاوضة اقتضت حكمة الشرع منع الجهالة والغرر فيه. ذلك أن العوض الذي يبذله أحد طرفي المعاوضة إذا فات عليه بسبب الجهالة والغرر لحقه الضرر بضياع المال المبذول في مقابلته. أما في عقود التبرع فيجوز فيها الجهالة والغرر عند بعض العلماء، ذلك أن حكمة الشرع اقتضت التوسع فيها بكل طريق، بالمعلوم وبالمجهول فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعها قطعا، وفي المنع من ذلك وسيلة إلى تقليلها، فمن ذهب له بعير شارد جاز أن يجده فيحصل له ما ينتفع به، ولا ضرر عليه أن يجده فإنه لم يدفع شيئا. وهذا - أي ما قاله مالك - فقه جميل. هذا بالإضافة إلى أن عقد التأمين الذي تبرمه شركة التأمين مع المؤمن له ليس مقصودا به التعاون وبذل الإحسان بل مقصود به الحصول على الربح والكسب.
ومبلغ التأمين وهو دين في ذمة شركة التأمين يكون تارة دينا احتماليا وتارة دينا مضافا إلى أجل غير معين. فإذا كان الخطر المؤمن منه غير محقق الوقوع، كان مبلغ التأمين دينا احتماليا كالتأمين من الأضرار سواء كان تأمينا على الأشياء - كالتأمين من الحريق - أو كان تأمينا من المسئولية، يكون الخطر منه هو وقوع الحريق مثلا أو نحقق المسئولية أمرا غير محقق الوقوع. وعليه يكون مبلغ التأمين دينا احتماليا في ذمة الشركة. أما إذا كان الخطر محقق الوقوع في المستقبل، ولكن وقت وقوعه غير معروف، كان مبلغ التأمين دينا في ذمة الشركة مضافا إلى أجل غير معين.

الأدلة التي يستند إليها التأمين التجاري
والآن بعد أن عرفنا ما هو عقد التأمين الذي تبرمه شركات التأمين مع المستأمن، وعناصر هذا العقد، نعرض الأدلة التي نراها مؤدية إلى بطلان عقود التأمين على النحوالتالي :
أولا: عقد التأمين من عقود الغرر المنهي عنه شرعا :
رأينا عند تعريف عقد التأمين أن المعاوضة في هذا العقد تتم بين القسط الذي يدفعه المستأمن ومبلغ التأمين الذي تتعهد شركة التأمين بدفعه عند وقوع الخطر المؤمن منه. ولكن يرى البعض - زاعمين - أن عقد التأمين لا غرر فيه بالنسبة للمستأمن , لأن هذه المعاوضة إنما هي القسط الذي يدفعه المستأمن من جهة والأمان الذي تمنحه له شركة التأمين من جهة أخرى. ويزيدون على ذلك قولهم إن المستأمن لا يبقى لديه بعد حصوله على هذا الأمان فرق بين وقوع الخطر وعدم وقوعه. وهذا القول محض تصور وخيال، ذلك أنه في التأمين على الأشخاص قد يكون وقوع الخطر مرغوبا فيه لأنه يعطي المستأمن الحق في الحصول على مبلغ التأمين دون أن يكون هذا المبلغ لازما لإصلاح ضرر أصابه من جراء وقوع الخطر لأنه حادث سعيد. غير أن عدم وقوع هذا الخطر أمر غير مرغوب فيه لأنه يفوت على المستأمن أقساط التأمين التي دفعها رغبة في الحصول على مبلغ تأمين أكبر منها. وعليه لا يكون وقوع الخطر أو عدم وقوعه سواء. فالتأمين على الحياة لحالة البقاء وتأمين الأولاد وتأمين الزواج، كل ذلك تأمين من ‎أخطار لا يكرهها الإنسان ولا يترتب على وقوعها ضرر بالنفس أو المال. ففي التأمين على الحياة لحالة البقاء يتقاضى المؤمن له مبلغ التأمين إذا بقي حيا إلى تاريخ معين، وبقاؤه حيا إلى هذا التاريخ أمر مرغوب فيه لا يكرهه المؤمن له، لأنه لا يترتب على بقائه حيا أي ضرر في ماله أو جسمه. وفي تأمين الأولاد يتقاضى المؤمن له مبلغ التأمين كلما رزق بمولود، وهذا أمر لا يكرهه المؤمن له، لأنه لا يصيبه بضرر في نفسه أوماله.
ومن ناحية أخرى فإن وظيفة التأمين على الأشخاص هي الادخار وتكوين رءوس الأموال، لأن المستأمن في هذه الحالة لا يؤمن من خطر يترتب على وقوعه ضرر ببدنه أو جسمه وأنه لا يدفع الأقساط في مقابل الحصول على الأمن من الخوف والجزع. وهذا يؤكد بطلان القول إن الأمان هو العوض الذي تمنحه شركة التأمين ويحصل عليه المستأمن، وأن وقوع الخطر وعدم وقوعه في نظر المستأمن بعد حصوله على الأمان سواء. وتنطوي عقود التأمين على الغرر بأنواعه الثلاثة : الغرر في حصول العوض، والغرر في قدره، والغرر في أجله. وكل واحد من هذه الثلاثة يكفي لبطلان المعاوضة، فما بالك إذا اجتمعت معا. وبيان ذلك أن الغرر في الحصول يبطل المعاوضة باتفاق الفقهاء. ومن أمثلة ذلك المعاوضة على الطير في الهواء، والسمك في الماء، حيث لا يدري العاقد عند التعاقد إن كان سيحصل على المقابل الذي بذل فيه العوض أم لا، وبتطبيق ذلك على عقد التأمين يظهر لنا أن الأخير يتضمن الغرر في الحصول لأن المستأمن لا يدري عند التعاقد ما إذا كان سيحصل على مبلغ التأمين - وهو ما بذل فيه الأقساط - أم لا، لأن حصوله عليه يتوقف على حادث احتمالي قد يكون وقد لا يكون. هذا ويعتبر الغرر في الحصول الركن الرئيسي في عقد التأمين لأنه لا يتصور وجود لعقد التأمين دون وجود عنصر الخطر، أي احتمال الحصول وعدم الحصول.
كذلك ينطوي عقد التأمين على الغرر في مقدار العوض، ففي حالة التأمين من الأضرار يحصل المستأمن وقت التعاقد على مقدار العوض الذي تدفعه له شركة التأمين عند وقوع الخطر المؤمن منه. ذلك أن هذا النوع من التأمين لا يمنح المستأمن إلا مقدار ما أصابه من ضرر بسبب وقوع الحادث المؤمن منه، ولو كان مبلغ التأمين الذي اتفق عليه أكبر من ذلك. وبالمثل فإن شركة التأمين التي تعهدت بدفع مبلغ التأمين للمستأمن عند وقوع الخطر تجهل عند التعاقد مقدار العوض الذي تحصل عليه من المستأمن في مقابل ما تعهدت به، فقد تحصل على قسط واحد ثم تقع الكارثة فتغرم مبلغ التأمين، وقد تحصل أكثر من ذلك. وقد تحصل الأقساط كلها ولا يقع الخطر، فتبرأ ذمتها قبل المستأمن مما تعهدت بأدائه له. ويتفق الفقهاء على أن الجهالة بالأجل في عقود المعاوضات تبطل المعاوضة. فإذا كان أحد العوضين دينا مؤجلا، وجب أن يكون أجله معلوما. أما إذا كان مجهولا بطلت المعاوضة، ولا خلاف في أن بعض عقود التأمين تتضمن الغرر في أجل العوض. ففي بعض صور التأمين على الحياة قد يكون مبلغ التأمين - وهو التزام في ذمة الشركة - مضافا إلى أجل غير معين. ذلك أن شركة التأمين تلتزم في هذه الصورة من التأمين بدفع مبلغ التأمين عند وفاة المؤمن له، وهو أجل مجهول يبطل المعاوضة باتفاق الفقهاء، فكان مثل هذا العقد باطلا. والغرر في عقد التأمين من أفحش الغر وأشده. ذلك أنه ليس غررا في حصول العوض فقط، بل في مقداره وأجله كذلك. وعليه فإن الغرر في هذا العقد ليس من الغرر اليسير الذي لا يؤثر في صحة المعاوضات عند المالكية. والأمثلة على هذا النوع من الغرر اليسير الذي عفي عنه هي بيع الدار من غير معرفة أساسها، وإجارة الدار لشهر مع احتمال نقص الشهر وتمامه.
ثانيا : عقود التأمين تتضمن الرهان والمقامرة :
المقامرة أو الرهان عقد يتعهد فيه كل من العاقدين بأن يدفع إلى الآخر مبلغا من النقود أو أي عوض مالي آخر يتفق عليه إذا وقعت حادثة معينة (خسارة اللعب في المقامرة ، وعدم صدق قول المراهن في واقعة غير محققة في الرهان). وخصائص عقود المقامرة والرهان هي نفسها خصائص عقود التامين، وهي أنها عقود ملزمة للجانبين وأنها عقود معاوضات مالية وأنها عقود احتمالية. وبيان ذلك أن كلا من المقامرين أو المتراهنين يلتزم نحو الآخرين بدفع المال المتفق عليه إذا وقعت الحادثة، خسارة المقامرة أو الرهان. وهذا هو الحال في عقد التأمين حيث تتعهد شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين إذا وقعت الحادثة المبينة في العقد وهي وقوع الخطر المؤمن منه في مقابل تعهد المستأمن بدفع أقساط التأمين مدة عدم وقوع هذه الحادثة ‏.
وفي عقد المقامرة أو الرهان لا يعرف كل من المقامر والمتراهن مقدار ما يعطي ولا مقدار ما يأخذ لتوقف ذلك على أمر غير محقق. كذلك فإنه في عقد التأمين لا يعرف كل من شركة التأمين والمستأمن عند إبرام العقد مقدار ما يعطي ولا مقدار ما يأخذ لتوقف ذلك على أمر غير محقق هو الخطر المؤمن منه.
وتعتبر عقود المقامرة والرهان من عقود المعاوضات لأن كلا من المقامر أو المتراهن إذا كسب شيئا فذلك في مقابل تعرضه للخسارة، وإذا خسر شيئا فذلك في مقابل احتمال الكسب. وهذا المعنى نفسه موجود في عقد التأمين. فشركة التأمين إذا كسبت الأقساط في حالة عدم وقوع الخطر المؤمن منه فذلك في مقابل تعرضها للخسارة في حالة وقوع هذا الخطر. وإذا خسرت شيئا في حالة وقوع الحادث، فذلك في مقابل احتمال الكسب في حالة عدم وقوعه. وإذا قيل إن الاحتمال في الكسب أو الخسارة هو الأساس الذي يقوم عليه عقد المقامرة أو الرهان، فإن هذا الأساس نفسه يوجد في عقود التأمين بلا منازع.
وهكذا نجد أن الدليل على تحريم العقود التي تبرمها شركات التأمين أن هذه العقود تعد قمارا ومراهنة، والقمار حرام شرعا باتفاق الفقهاء.
ثالثا : عقود التأمين تتضمن الربا بنوعيه ‏:
تتضمن عقود التأمين الربا بنوعيه : ربا الفضل وربا النسيئة من وجوه ثلاثة :
أ - إن عقد التأمين هواتفاق بين شركة التأمين والمستأمن على أن يدفع الأخير مبلغا من المال في مقابل أن ترد إليه شركة التأمين عند وقوع الخطر مبلغا آخر، فكان بيع النقد بالنقد إلى أجل وهوربا النسيئة عند التساوي. أما إذا كان المؤجل أكبر انضم إلى ربا النسيئة ربا الفضل كذلك حيث لا يدري المستأمن عند التعاقد مقدار ما يأخذ فيكون جاهلا بالتماثل. والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل يحق الربا. وقد حرم القرآن ربا النسيئة، وحرمت السنة المطهرة ما يمكن أن يؤدي إلى الربا وهوما يسمى ربا الفضل.
ب - إن عقد التأمين على الحياة لحالة البقاء يتضمن تعهد شركة التأمين بأن ترد للمستأمن في حالة بقائه حيا إلى المدة المحددة في العقد،الأقساط التي دفعها مدة العقد مضافا إليها فائدة ربوية، فيكون حراما.
جـ - إن أكثر العمليات التي تمارسها شركات التأمين تقوم على أساس الربا، فهي تستثمر أموالها في سندات بفائدة، وتقترض منها بضمان وثيقة التأمين بفائدة، وتشترط على تأجير دفع الأقساط فائدة. والعقد إذا تضمن شرط الربا بطل. ‏
والرأي السائد أن التأمين التجاري لا يتفق مع مبادئ الشريعة وأصولها وقواعدها ولا نقول هذا الكلام عبثا، وإنما بناء على دراسة واستقصاء لآراء الباحثين في هذا الموضوع. بل لقد توجت هذه الفكرة بتوصية أصدرها المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي الذي انعقد بمكة المكرمة فيما بين 21 و 26 فبراير 1976 م وتنص هذه التوصية على ما يلي :
" يوصي المؤتمر دول العالم الإسلامي كافة بأن تستكمل كل أعمالها التشريعية حتى تصير القوانين والنظم والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية مبنية على أساس من مبادئ الإسلام وقيمه وشرعيته. ويرى المؤتمرون أن التأمين التجاري الذي تمارسه شركات التأمين التجارية في هذا العصر لا يحقق الصيغة الشرعية للتعاون والتضامن لأنه لم تتوافر فيه الشروط الشرعية التي تقتضي حله. ويقترح المؤتمر تأليف لجنة من ذوي الاختصاص من علماء الشرعية وعلماء الاقتصاد المسلمين لاقتراح صيغة للتأمين خالية من الربا والغرر وتحقق التعاون المنشود بالطريقة الشرعية بدلا من التأمين التجاري".
وباختصار فإن عقد التأمين الذي تبرمه شركة التأمين مع المستأمنين لا ينشئ إلا علاقة واحدة هي العلاقة بين المستأمن والشركة المؤمنة. وأن هذه العلاقة تقوم على المعاوضة وقصد الربح. فعقد التأمين معاوضة خالصة لا أثر فيها للبذل والتضحية والتعاون والتضامن كما يقول أنصار التأمين لدى هذه الشركات.

التأمين التبادلي أو التعاوني
يتفق الباحثون في التأمين من الوجهة الشرعية على جواز التأمين التبادلي أو التعاوني واعتباره البديل المشروع عن التأمين التجاري. وهو تأمين يشترك فيه الأعضاء الذين ينتمون إلى مؤسسة واحدة، ويجمع بينهم تماثل الأخطار التي يتعرضون لها ويتفقون جميعا على تعويض من يتحقق الخطر بالنسبة إليه منهم في سنة معينة من الاشتراك الذي يؤديه كل عضو. ذلك أنه في إطار هذا النوع من التأمين يجب أن نرى الإنسان في كيانه الاجتماعي وليس كمجرد فرد. فهو يمكن أن يعمل في مزرعة وهو يسكن قرية محددة أو يعمل في مصنع، أو ينتمي إلى نقابة أو منظمة شباب أو نساء.. إلخ. وهكذا فإن التأمين يتم من خلال المؤسسة التي ينتسب إليها الفرد، حيث إن الأخذ بسياسة الاعتماد على النفس يقتضي أن نشجع أصغر التجمعات على التكافل والسعي المشترك لإدارة شئونها وحل مشكلاتها بوسائلها الذاتية كلما أمكن ذلك. ويتميز التأمين التبادلي أو التعاوني عن شركات التأمين المساهمة بالآتي :
أ - لا تعمل مؤسسات التأمين التبادلي للربح وليس لها رأس مال وليس فيها مساهمون يتقاضون أرباحا على أسهمهم.
ب - إن الاشتراك يكون متغيرا يزيد أو ينقص بحسب قيمة التعويضات التي تدفع في خلال العام.
جـ - أعضاء مؤسسات التأمين التبادلي يتبادلون التأمين فيما بينهم، إذ يؤمن بعضهم بعضا فهم في وقت واحد مؤمنون ومؤمن لهم. ومن هنا وصف هذا التأمين بأنه "التبادلي".
د - إن التأمين التبادلي لا يقصد به المعاوضة بل إنه بحق تأمين تعاوني يقصد به التضامن بين جماعة من الناس يتعرضون لأخطار من نوع واحد.
هـ - إن باذل القسط أوالاشتراك في التأمين التبادلي يعتبر متبرعا لمن لحقه ضرر من جراء خطر معين.
وواضح مما قدمناه أن التأمين التبادلي أو التعاوني يكافح استغلال شركات التأمين وهو البديل الذي يمكن أن يحل محلها. وهو قابل لأن يلبي حاجات المجتمع في أوسع نطاق على طول طريق النشاطات الاقتصادية والحاجات الاجتماعية. ويمكن تطبيقه من خلال التعاونيات بجميع أشكالها والنقابات المهنية والمؤسسات الجماهيرية. هذا بالإضافة إلى أنه قد يصبح هناك فائض في نهاية العام من اشتراكات الأعضاء حيث يتم استثماره وفق الصيغة الإسلامية المشروعة كالمضاربة "أو القراض" أو الشركة.

التأمين الاجتماعي
وهو تأمين تقوم به الدولة بقصد تأمين بعض طبقات الشعب ضد أخطار معينة كتأمين العمال ضد البطالة والمرض والعجز والشيخوخة. ويساهم في حصيلته العمال وأصحاب الأعمال والدولة. وهذا النوع من التأمين جائز لا شيء فيه. ذلك أن دليل المنع من التأمين هو الغرر. هذا الدليل يقتصر على عقود المعاوضات دون التبرعات على رأي الإمام مالك رضي الله عنه.


المصدر العربي العدد 456 نوفمبر1996