تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ’’ مَوْعِـِديّ الأَخْضَـرّ ’’



lady hla
07-26-2008, 04:20 PM
…. السلام عليكم ….



… قطعت بالأقدام .. طريقي الطويل متوجهة إلى تلك الحديقة في وقت الظهيرة والشمس مُشرقة مشتعلة في كبد السماء ونسمات الهواء مُنعشة لطيفة ، كانت خطواتي بطيئة بعض الشيء ، فالأشجار على جانب الطريق عالية جداً تجعلني أرفع بالعيون عالياً وأعانقها وأنظرها ، ألوانها جميلة .. خضراء الأوراق والأروع عطّرها الفوّاح منها ، رائحة الصنوبر والسرو ، تجن تشتعل مع كل نسمة ريحٍ لطيفة هبّت عبر تلك الطرقات ، تمر بالقرب مني وتحملها معها كأنّها تهدينا إياها .. يااا الله ما أروعها ! وما ألطفها !! من طبيعةٍ وأشجارٍ ممزوجة بعطورٍ جميلة ،

.. والعصافير الملونة الصغيرة لا يتوقف غنائها وصفيرها فتلك سيمفونياتها العذبة الخاصة بها ولغتها التعبيرية ، كم هي جميلة ! تلك المعزوفات الصوتية للتعبير عن الحُبّ واللقاء والإرتباط والتعايش .

.. والذكريات الحلوة تعود إليّ .. تعود لتحدّثني من جديد عن تلك الأيّام ، أعادت علي تلك الصور المقتطفة من عدسات الذاكرة ، وذاكَ الحديث العذّب .. متى اللقاء ؟ كيف هو ؟ هل يبدو كما كان بالصورة ؟ والموعد كيف هو سيكون ؟؟! إنّي خائفة قليلاً ، فلما الخوف ؟ هذا ما كنتِ تنظريه منذ سنينٍ ، عادَ من ترحاله وغربته كيّ يلتقي بكِ ويسكن أوطانكِ في عيناكِ ، ولكنَ أحسّ بتوتر وإرتباك خارجٌ عن إرادتي ! لا .. يجب أن أتمالك نفسي فهو ليس كأيّ موعد هذا ، بل هو ……………. لم أكاد أكمل كلماتي هذه ، وإذا بسيارةٍ حمراءٌ تتوقف فجأة ! كانت مسرعة وبداخلها لمحتُ شخصٌ يصرخُ يهذي كالمجنون وعلامات الغضب على وجهه المُخيف ، ماذا فعلتي ؟ كدتُ أدوسكِ بسيارتي هذه ، كأنّه أيقظني من حُلمي فانتابني الخوف بعد رؤية ما كان سيحصل لي ، بدت علامات الإرتباك والإحراج والخجل مرسومة على وجهي ، أعتـذر منكَ أنا آسفة ، قاطعني وكيف ستنتبهين وأنت في وسط الشارع تسيرين !!؟ فالرصيف بالقرب منكِ فلما لا تأخذي مسلككِ هناك ، فأيّن عقلكِ ؟! عقلي ! .. نعم أين هو ليس معي !! أتمتم معكّ حقّ ،كم أحرجني ذاكَ السائق ولكنّه صادق . ولكن .. أنا .. آه يا إلهي ماذا فعلت ؟ حقّاً كيف وصلتُ لوسط الشارع ، منذ قليل كنت أسير على ذلك الرصيف ، لا أذكر ! كدتُ أقتل .. ولكنّ رحمة ربيّ الكبيرة ، عادَ وإنطلق بسيارته وتابع طريقه وهو يكلم نفسه من صدمته وخوفه .

.. ماذا حصل لي ؟ إعترتني رغبة لأن أضحك ولكن حبستها في أعماقي ، الآن أدركتُ تلك الحوادث كيف تحصل ؟ حوادث السير ، فالسائق والمشاة يقطعون طرقهم بنصف عقل ، إنّه الجنون !!

.. صحيح .. موعدي ! تأخرّت ما الذي يحصل معي اليوم ؟ إنيّ مشتتة التفكير والعقل ، يجب أن أركّز أكثر ، أسرعتُ متجهة أكمل دربي للحديقة لمحتُ باباً كبيراً مطليٌّاً باللون الأخضر على الجانب اليمين من الطريق .. هذه هي ! ربما سأرى الإسم أذكر حين إتفقنا على موعد اللقاء أخبرني بأن إسم الحديقة .. حديقة الموعد الأخضر ، إقتربت من الباب رفعتُ بنظري للأعلى لم أجدّ لافتة كي أرى وأتأكّد من الإسم .. هل هي أم لا ؟ حائرة أنظاري تلتفت بكل الإتجاهات ، لمحتُ شيء هُنا بالأسفل على جانب الباب بالقرب من شجرة ليمونٍ مزروعة بجانب باب الحديقة ، نعم إنّها هناك ملقاة على الأرض مددتُ يداي رفعتها وجدتها مهترية والخطوط ذائبة تالفة بالكاد قرّأتها .. حديقة الموعد الأخضـر ، الحمد لله وأخيراً وصلتُ إليها .

.. وقفتُ بثبات ألتقط أنفاسي بهدوء والملم فتات نفسي وأسترجعها ، الآن .. سأنطلق .. سِرتُ بخطواتٍ بطيئة فالمكان أجهله لا أعرفه ألتفت تارةً لليمين وتارةُ ألتفت لليسار أفتّش عنه ، أين سأجده ؟ على أيّ مقعدٍ هو الآن يجلس ؟! المقاعد قليلة والحديقة كبيرة والناس أعدادهم ليست بالكثيرة ، لا يهمني ذلك المهمّ أن أجده وألقاه ، فالشوق يأخذني إليه أحنّ لعيناه الجميلتان ، فالخطوات بيننا قريبة غير بعيدة ودقائق اللحظات
معدودة ..

... توقفتُ قليلاً فتحت حقيبتي بُنيّة اللون أخرجتُ صورة نظرتُ إليها طويلاً ، تساءلت هل تغيّر ؟ أم هو كما كان ولا زال ؟ فهذه الأسئلة جزءٌ من تلكَ الأحاسيس التي تحتاج لأن نلملمها ونجمعها وننسقها فاللحظات تقترب ودقّات الساعة لا زالت تنبض ! كيف سيكون اللقاء ؟ وهو سيفرح برؤيتي ؟؟ ضممتُ تلك الصورة لصدري وبيدي الأخرى ضممتُ حقيبتي ففيها الكثير من الرسائل والصور والأحلام والآمال المنثورة ، أحسستُ نفسي كالطفلة الصغيرة حين تضمّ أغراضها الثمينة خوفاً عليهم ، تابعتُ المسير .. وبوح الحديث بالهمس ، رمقته عيناي .. هو .. إنّه هو !! وقفتُ والصدمة تعتريني والفرحة تكاد تقتلني لا أدري كأنّي ما بين النوم واليقظة ! يا ربيّ .. هل آن الأوان ؟! هل أفقتُ من أحلامي وزال النعاس عن عيناي وعادت لي الحياة ، قلبي ينبض بسرعة دقاته كأنها تمتطي عجلة مسرعةٍ ، أنفاسي أحسّها ستتوقف والكلام حُبس في حنجرتي لم أعدّ أستطيع النطق أو أن تحملني قدماي !

وجدته يجلس على المقعد الأخضر في وسط الحديقة ، يرتدي القميص الأبيض ووشاحاً أيضاً كان لونه أبيض ، إختار لوناً جميلاً جداً ، وجهه يشع نورا وعيناه تنظراني بتعمق بتأمّل بشوقٍ وحنين ، والهدوء بادٍ على ملامحه الجميلة ، هو أنبقٌ للغاية كما أنت .. فيكَ كل الدفء والحياة ، قامَ عن مقعده متقدماً نحوي لا زالت نظراته تلاحقني ، توقف لحظة قطفَ وردةً بيضاءَ جوريّة ناعمة الملمس ذات أوراقٍ ناصعة مشتعلة فيها شفافية القلوب البيضاء ، إقتربَ مني أكثر شعرتُ بإرتباكٍ ، إبتسم ونظراته هادئة حادّة دافئة ، مَدّ يده يحمل تلك الوردة ليعطيني إيّاها .. مددتُ يداي كي آخذها ، شهقتُ آهٌ .. أبعدتُ بيدي قليلاً .. ثم عُدتُ وإلتقطتها من يده الدافئة ربما أنسى ألمي ! ولكّنها لـ مؤلمة تلكَ الأشواكَ فقد وخزتني بيدي ، أحسستُ بألمٍ يسري في أنحاء جسدي فوخز الشوك لـ مؤلمٌ ما أشدّهُ من جُرحٍ !!كقطع السكين ، بدأت قطرات الدماء الحمراء تسيل .. يذرفها ذاكَ

الجُرح ولا زالت يداي تمسك بالوردة الجميلة والدماء تتناثر تغطي بعض أجزاء أوراقها البيضاء .. وساقها الأخضر ، تناسيتُ الألم حقّاً نظرتُ إليه وإذ هو ينظر للجُرح بحُزنٍ وبعطفٍ ، وجدته يمسك بيدي ، فأغرقتنا تلك الدماء وسالت على قميصه وشاله الأبيض وعلى وردتي البيضاء ، تلطخت أيدينا بفيض الدماء ، غطّت قلوبنا الآلام والجراح ولكنّ الدفء المُنبعث من عينيه ولمس يديه يُنسي أو يجعلنا نتناسى ! أنساني ألمي وجُرحي الغائر .. رأيته ينظر تارةُ لعيناي وتارةً لوردتي البيضاء المُبتلة

بالدماء ، أفلتُ يدي بعد عناقٍ طويل أنساني كل شيء من حولي ، تركني لوردتي البيضاء ففي جوفها الكثير من الذكريات والآمال ، هيّ كالساعة تُذكرني دوماً بالموعد دوماً مع ذو الوشاح الأبيض والعينان الجميلتان المُشتعلة ، لم ينطق بكلمة وأنا حبستُ كلماتي ولكنّي كنتُ أفهم لغة عيونه وبماذا يُحدّثني بصمته أترجمها دوماً كما الآن أدركتُ ماذا يقول ويسمعني وبماذا كان يهمس لي ، فليس كل حديثٍ يُحكى بالصوت بل منه ما يُحكى بالصمت كلٌ له وقته وعطره يُضفي للموعد وللحياة شيءٌ من نكهة تغيير .. إنّه حديثُ العيون !!

.. أخرج ورقة بيضاء مطوية أعطاني إيّاها ، تراجع للوراء .. ألقى عليّ نظراته الأخيرة ودّعني بعينيهِ وصمته وودعته بدمعي وهمسي ، وتلاشى خلف الحديقة وصار طيفه بعيداً .. الورقة ! نعم ما بها ؟ فتحتها ويداي ترتجف وجدتُ هُناك موعدٌ آخر في تلك الحديقة مع ذو الوشاح الأبيض الجميل خُطّ بحبرٍ أسودٍ بخطوطٍ جميلة كأنّها نقشٌ على لوحةٍ .. الحمد لله إرتحت أخذتُ نفسٌ عميق وبدت على وجهي إبتسامةٌ .. أخفيتها خجلاً فذاكَ موعدي الأخضر !

.. مَضى يومي هذا .. وعُدتُ لوطني .. أكتب عنه وأجهزّ نفسي ليوم الغد ، فهناك موعدٌ في حديقتنا الخضراء .. إنّه الموعد الأخضر !!!

*******

,,, فلنذهب لموعده ,, ربما يكون اليوم أو بالغد ، المهم هو آتٍ ما بعد الأمـل !

,,, فالشمس تُشرق كل يومٍ ,, من بعد ليلٍ مُظلمٍ حالك مها طال ! فلننظر نور الأمـل وإشراقته العذبة ,, مهما كثرت الأشواك والجروح ولو كانت عميقة كبيرة نبقى نُضمدّها بدفء ذاكَ الأمـل ، لو أحسسنا بأنّه يُنادينا يوماً يطلبُ موعداً معنا فلنعطيه جُزءً من أوقاتنا ,, وإنّ كُنّا قد شعرنا بنبضاتٍ دافئة في صدورنا فذاكَ هو الأمـلّ ,,
,, الأمـل .. موجود هُناكَ في تلكَ الحديقة الخضـراء التي يقطعها الكثير من الناس ويعبرونها ,, ثم يتركونها دون عناق المقعد الأخضر !!,, هُناك نقطع الدروب وكلما أدركناها تأخذنا أقدامنا للمسير أكثر نخطو بخطواتٍ ثابتة .. قويّة بإرادةٍ تشتعل في أنفسنا تدفعنا للوصول وقطع الطريق .. إلى هدفنا ومقصدنا وحاجتنا .. سنجدّه دوماً يطلبُ موعداً معنا .. لنكون في رفقته ,, ودفء لحظته !

,, ولكن لا ننساه ,, أو نعمي الأنظار عنه .. فكلما مررنا من تلك الحديقة .. فلنلقي السلام عليه ولـ نعانقه بكل دفءٍ لنسقيه من مذاق العذوبة ,, لندفئه بأنفاسنا الحانية ,, كي ينبض بالحياة .. نحن من نزرع فيه طعم الحياة .. لـ نشتاق له ,, كي يُبادلنا تلك المشاعر فنجده يشتاق لنا أيضاً ,,

,,, فنيّقن بأن الله يعطي ما دمنا نعانق الأمــل .. فلنحسن الظن بالخالق .. وسنحصد بإذنه ما تمنيناه !!
,, أنهي الحديث ,, كُلٌ له أمــل .. يخصّهُ ,, فلنسعى لـ تجديده في كل لحظة نجد دفء الحياة لا زال يسري بأنفسنا وأنفاسنا ![/


,, بـ قلم : ~ حلا ~
- 26 / 7 / 2008 - السبت -


سلامي اليك
lady hla
القدس

سـمـاح
07-26-2008, 06:43 PM
بارك الله فيك يا حلا،
فعلاً ...
الامل دائماً هناك ينتظرنا، لكننا ننساه كثيراً

بس ملاحظة صغيرة : المفعول به منصوب يا حلا ليش مصرة ترفعيه :)

لمحتُ بابٌ كبير مطليٌّ : باباً كبيراً مطلياً
قطفَ وردةٌ بيضاءٌ جوريّة : وردةً بيضاءَ
فلنعطيه جُزءٌ : جزءً
سنجدّه دوماً يطلبُ موعدٌ معنا : موعداً

lady hla
07-27-2008, 10:08 AM
…. السلام عليكم ….



... مروركِ أضاف نكهة جميلة لتلكَ السطور ... الله يبارك فيكِ ويخليكِ ويسعدك ...

... أشكركِ جداً على تصحيح الأخطاء: ) .. حفظكِ الله ..

... نعم هو دائماً موجود ... الأمـل الجميل .. ينتظرنا هناك ..


سلامي اليك
lady hla
القدس