تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الصفويون والأئمة الزيديون والمد الرافضي في اليمن*



أحمد الظرافي
07-06-2008, 07:16 PM
الصفويون والأئمة الزيديون والمد الرافضي في اليمن*



بقلم: أحمد الظرافي



تعتبر الدولة الصفوية في إيران والتي قامت في عام 1499 أول دولة شيعية أثنى عشرية تقوم في تاريخ الإسلام ، وهي الدولة التي أخذت على عاتقها رفع لواء التشيع، ومناصرة الشيعة، والوصاية عليهم وعلى أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ونشر العقيدة الأثنى عشرية ، وتصدير فكرها إلى كل مكان تستطيع الوصول إليه ، على غرار ما تقوم به دولة إيران في الوقت الحاضر – والتي تعتبر امتدادا متطورا لها-.

تداعيات ظهور الصفويين[1] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn1)

يعتبر قيام الدولة الصفوية الشيعية المشاكسة ذات النزعة العدائية الاستئصالية للسنة ولمن يمثلها، نذير شؤم بالنسبة للمسلمين – ولأهل السنة تحديدا – فقد أدى ظهور الصفويين في إيران عام 1499 إلى زعزعة توازن تاريخي سياسي وديني في العالم الإسلامي. أحرزوا انتصارات وسيطروا على مجمل الهضبة الإيرانية، ورفعوا لواء التشيع وعملوا على نشره بكل السبل الممكنة.

وفي سبيل ذلك قام الصفويون بمحاربة مذاهب أهل السنة، وتصفية المراكز الإيرانية منها. وكان ظهورهم إيذانا بخروج الشيعة الأثنى عشرية من التقية، ومن ثم كان فاتحة سيئة لعهد مضطرب وحافل بالفتن والقلاقل والانتفاضات المذهبية والسياسية، المزلزلة، لا سيما في المناطق الإسلامية التي يتواجد فيها الشيعة - وبصورة لم يعرف العالم الإسلامي لها مثيلا من قبل، ليس في إيران وحدها فقط ، وإنما في أجزاء واسعة من العالم الإسلامي مثل العراق والأناضول وأذربيجان وأسيا الوسطى والقوقاز والهند وأرمينيا والخليج والجزيرة العربية.

إلا أن أعنف تلك الفتن الشيعية على الإطلاق كانت فتنة شاه قولي في الأناضول عام 1511، والتي خطط لها ودعهما الصفويون، لتقويض البيت العثماني السني من الداخل، وكانت من كبريات الفتن في التاريخ العثماني، لدرجة أنها أوشكت – لولا لطف الله - أن تحقق الغرض الخبيث الذي أراده الصفويون وحلفائهم الصليبيون منها.

ويلمح بعض المؤرخين إلى إمكانية أن يكون تفاقم التناقضات بين الأغلبية السنية والأقلية الزيدية في اليمن وانبعاث سيطرة الأئمة الزيديين على اليمن في مستهل العصر الحديث، وبعد الضربات الموجعة والمتوالية التي تعرضت لها دولتهم على أيدي الأيوبيين والرسوليين والطاهرين ، ومن ثم فترة كمونها الطويلة في جحورها الجبلية النائية في شمال الشمال من اليمن، يعتبر من تداعيات قيام الإمبراطورية الصفوية في ذلك التاريخ، وامتدادا للصراع العسكري الضاري الذي استفحل بينها وبين دولة الخلافة العثمانية، أو له علاقة ما بذلك على الأقل.

تفاقم التناقض السني الزيدي
ومما لا شك فيه أن تفاقم التناقض السني – الزيدي ، ثم حدوث ذلك الانبعاث الزيدي في اليمن، قد جاء متزامنا من الانبعاث الصفوي الإثنى عشري الهادر في إيران وأذربيجان وحروبهم المتواصلة مع العثمانيين.

فالإمام المتوكل يحيى شرف الدين ( 1507- 1558) الذي تمكن من إيقاف الانهيار النهائي لدولة الزيديين في أعقاب الضربات الموجعة التي سددها لها الطاهريون والذي أيضا حدث الانبعاث الزيدي الحديث على يديه وفي أيامه، بما رافق ذلك من حروب ضارية شنتها القبائل الزيدية على معاقل أهل السنة في تهامة وتعز ثم بعد ذلك ضد العثمانين – السنة أيضا - كان معاصرا للشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي ، مؤسس الدولة الصفوية وأبرز حكامها ثم معاصرا لأبنه طهماسب الذي تولى زعامة الدولة الصفوية من بعده.

وفي هذا الصدد – ونتيجة لعدم تعرض هذه الجزئية للبحث - يفترض المؤرخ الروسي نيقولاي أيفانوف في كتابه الموسوم بـ ( الفتح العثماني للأقطار العربية ): أن الشاه إسماعيل الصفوي إلى جانب البرتغاليين كانوا يعتبرون الزيديين حلفاء لهم " ثم يقول: والبرتغاليون ، منذ عام 1513 توقفوا عن اعتبار الزيديين أعداءً [2] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn2)"
ويضيف قائلا: ثم إن الأئمة الزيديين ظلوا على مدى القرن السادس عشر بكامله قاعدة أساسية لنضال لا هوادة فيه ضد الزعامة السنية المتشددة في جنوب شبه الجزيرة العربية . فجرت أشد هجمات الزيديين ضد عامر بن داود وأمراء زبيد المماليك وفيما بعد ضد الحكام العثمانيين في فترات تفاقم التناقضات السنية الزيدية [3] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn3).

ويذكر سيد مصطفى سالم في كتابه ( الفتح العثماني لليمن ) " أن ثمة تغيرا كبيرا قد حدث في خريطة اليمن السياسية في الفترة الممتدة من 1517 إلى 1538 ، ففي هذه الفترة نجح الزيدون لأول مرة في تاريخهم أن يمدوا نفوذهم إلى جهات اليمن المختلفة حتى أسوار " عدن " جنوبا وحتى أسوار " زبيد " غربا [4] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn4).

على أن ما يهمنا في هذا الصدد هو النزوح الأثنى عشري إلى اليمن في هذه المرحلة وتحديدا في عهد المطهر بن الإمام شرف الدين وخليفته على الإمامة في اليمن . وإلى هذا يشير المؤرخ الروسي المذكور - فضلا عن ما يتضمنه كلامه من إشارته عابرة إلى وجود علاقة تعاون وتفاهم بين الأئمة الزيديين والصفويين، حيث يقول:- استنادا إلى مصادر غربية - : فالقوى الزيدية لم تلق سلاحها أبدا بعد معاهدة أماسية التي عقدت – أي بين الصفويين والعثمانيين – في عام 1555 ، وأن فلول المنتفضين الهاربين من جنوب العراق عام 1549 لجأت إلى اليمن. وأن قائدهم عليّان أوغلو كما تدعوه المصادر العثمانية كان يتمتع بثقة لا حدود لها عند إمام الزيدين الذي امّن له أطيب العلاقات مع بلدان الخليج والصفويين . وفي عام 1567 تلقى المطهر " مساعدة مالية وبشرية " وأسلحة فعمد بالتعاون مع حاميه ( أي العليان ) إلى تدبير انتفاضة في جنوب العراق[5] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn5).

المد الصفوي في اليمن

وبغض النظر فيما إذا كانت ثورات الأئمة الزيدين ضد العثمانيين في اليمن امتدادا للصراع المستعر بين الصفويين ودولة الخلافة العثمانية من عدمه، فإن الملاحظ هو تزايد هجرة العلماء والدعاة الشيعة من فارس وغيرها إلى اليمن في القرون الحديثة – وتحديدا بعد قيام لدولة الصفوية الشيعية الأثنى عشرية في إيران عام 1501م – وهو الأمر الذي يعني أن أبواب اليمن في ظل هيمنة الأئمة الزيدية عليها كانت مفتوحة أمام المد الصفوي الشيعي الأثنى عشري، وأن بعض الشرائح الوسطى من الشيعة الزيدية التي كان لها هوى في هذه العقيدة الفاسدة كانت تحتضن أولئك الدعاة القادمين من بلاد فارس وتوفر لهم الملاذ الآمن والمجال لنشر التشيع .

ومن هنا نجد أن وتيرة المد الرافضي الشيعي الأثنى عشري قد تصاعدت في شمال اليمن وزاد تغلغلا في المجتمع الزيدي، خلال هذه الفترة بصورة لا مثيل لها من قبل.

ومن علماء الشيعة الذين وفدوا إلى اليمن واستوطنوا فيها بعد قيام الدولة الصفوية:

علي بن الناصر الحسني المتوفى سنة 1024هـ/1615م.

يقول الدكتور عبد الولي الشميري في ترجمته له: " علي بن الناصر الحسني جمال الدين؛ قدم من بلدة (الجبل والديلم) في بلاد فارس إلى اليمن، وسكن (سودة شظب)، في محافظة (عمران). فقيه، عارف. درس عليه جماعة من طلبة العلم؛ منهم: (الحسن بن علي بن داود بن الحسن بن علي)، المتوفى سنة 1024هـ/1615م [6] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn6)"

ومنهم: علي بن صلاح بن علي بن محمد بن عبد الله الطبري. المتوفى سنة 1071 هـ /1661م
يقول الدكتور عبد الولي الشميري في ترجمته له: " أصله من طبرستان. عاش وتوفي في مدينة صعدة.عالم، محقق، من علماء المذهب (الزيدي)" ثم ذكر الشميري سبعة من مؤلفاته[7] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn7). أ.هـ

ومنهم محمد بن علي الحر. 1080 هـ / 1669 م العاملي، الشامي
نشأ في بلاد أصفهان، وتوفي في بلاد اليمن. شاعر، أديب. قدم إلى مكة المكرمة، ثم انتقل إلى اليمن، واستقرّ فيها حتى مات. من مؤلفاته: ديوان شعر[8] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn8).

فتنة الفقيه يوسف العجمي

ومنهم المدعو ( يوسف العجمي )
وهو من علماء الشيعة الأثنى عشرية الذين قدموا من فارس إلى اليمن خصيصا لنشر المذهب الإمامي الإثنى عشري في هذه الحقبة.


وكان هذا العلامة الشيعي – يوسف العجمي - من أبرز المناوئين للعلامة الزيدي المتسنن محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ( 1099هـ- 1688 م/ 1182 هـ - 1768م )، ومن أبرز المحرضين عليه والمتآمرين على قتله لكونه كان حربا على الروافض وأهل البدع، ولكونه وقف عقبة في طريقه لنشر الفكر الشيعي الأثنى عشري في اليمن.

وهذا واضح من خلال قراءتنا لسيرة العلامة ابن الأمير الصنعاني – رحمه الله – وتحديدا من خلال ترجمة الدكتور عبد الولي الشميري له في موسوعته، حيث يقول – واصفا شخصية ابن الأمير الفذة – وما تعرض له في سبيل دعوته الإصلاحية:
" كان صريحًا في قول الحق، له اجتهادات مشهورة في ذلك؛ منها: قضية الأذان بـ"حي على خير العمل"؛ فقد دعا إلى ترك العمل بها؛ لعدم ثبوت إجماع أهل البيت عليها، ومنها: مسائل الرفع والضم والتأمين في الصلاة، ومسألة كفاءة النسب في الزواج؛ فلم يعتد بها؛ لعدم ثبوتها، ومنها: تأكيده لتحريم زواج المتعة.
وقد لاقى في سبيل آرائه التنويرية كثيرًا من المتاعب، ومنها ما جرى له عقب إحدى خطبه في الجامع (الكبير) بصنعاء، حين أهمل ذكر الأئمة الذين جرت العادة بذكرهم من أصحاب المذهب (الهادوي)؛ فثار عليه بعض العوام الجهلة، وكادت الفتنة أن تقع لولا أن الإمام (العباس بن الحسين)، أمر باعتقال مروجي الفتنة من الجهلة، وأمر بطرد (يوسف العجمي)، الذي قدم من بلاد (فارس) إلى اليمن؛ لنشر مذهب الشيعة (الاثني عشرية)؛ لأنه كان من مروجي الفتنة، كما أمر باعتقال صاحب الترجمة تهدئة للوضع[9] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn9) " أ.هـ

وقد عرفت تلك الفتنة بفتنة ( يوسف العجمي ) أي الداعية الفارسي الشيعي الأثنى عشري.

وكان يوسف العجمي معلما في الجامع الكبير درس على يده العديد من علماء اليمن، وأثر في البعض منهم ومن أبرز من تأثر به : رزق بن سعد الله بن محمد. المتوفي في 21 -11- 1192 هـ / 10 - 12- 1778 م .
قال الدكتور الشميري في ترجمة هذا الأخير : ولما وصل الفقيه (يوسف العجمي) إلى مدينة صنعاء؛ لازمه صاحب الترجمة ودرس عليه. أجاد فنونًا كثيرة، واشتهر أمره حتى صار يعرف ب (ابن سيناء عصره)، ودرس عليه جماعة من العلماء؛ منهم: (علي بن عبد الله الجلال)، و(علي بن إسماعيل النهمي)، و(يوسف بن أحمد بن يوسف بن الحسين) [10] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn10).

بل أن بعض الشخصيات الفارسية التي استوطنت إليمن قد تقلدت مناصب عالية ، وحظيت باهتمام خاص لدى بعض الأئمة الزيديين، وإن كان ذلك قد تم تحت ذريعة الإلمام بعلوم معينة كانت اليمن تفتقر إليها ونذكر من هؤلاء:

محمد بن صالح الجيلاني ( نسبة إلى مدينة جيلان الفارسية ) المتوفي سنة 1088 هـ/ 1677م

وكان الجيلاني هذا طبيبا ومستشارا للإمام " إسماعيل بن القاسم " وهو الذي استدعاه للبقاء في اليمن وأكرمه ورغبه في ذلك بعد أن رأى حذقه في الطب.

وكان – كما يقول الدكتور عبد الولي الشميري في ترجمته له في موسوعته - إلى جانب براعته في مجال الطب، عالمًا في المنطق، والرياضيات، والنحو، والأدب[11] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn11)" أ.هـ

استفحال أمر الروافض في اليمن

ولعل الجيلاني– إلى جانب إلمامه بتلك العلوم – كان بارعا في نشر الرفض أيضا مستغلا الحماية التي كان يتمتع بها من قبل الأمام المذكور وبذريعة تعليم تلك العلوم المختلفة التي كان بارعا فيها وهذا في الواقع ما لم يتطرق إلى ذكره الدكتور عبد الولي الشميري في ترجمته لهذا الشخصية ولكن ذلك أمر غير مستعبد لأن مدرسة الرفض في اليمن إنما انتشرت في زمن الجيلاني الفارسي هذا ، والذي قد يكون له علاقة بذلك ، وذلك حقيقة هو ما نستشفه من ترجمة الدكتور الشميري لشخصية أخرى كانت على علاقة وثيقة بالجيلاني، المذكو آنفا ، وهي شخصية يمانية زيدية في واقع الأمر إلا أنها اشتهرت بالرفض، والترويج له والمجاهرة به وهذا هو يحيى بن الحسين بن محمد بن القاسم بن محمد الشهاري (1044هـ -1635م / 1090 هـ - 1679م ) والذي يعتبر من غلاة الجارودية والرافضة الذين عرفهم تاريخ اليمن، ومن أبرز المحرفين لمذهب الأمام زيد بن علي رضي الله عنه.
يقول الدكتور عبد الولي الشميري في ترجمته لهذه الشخصية الغريبة العجيبة : " يحيى بن الحسين بن محمد بن القاسم بن محمد الشهاري.ولد، وتوفي في مدينة (شهارة)، من علماء (الزيدية)، له معرفة بالطب. درس العلم، ومن مشايخه (...) وأخذ علم الطب عن الحكيم (محمد بن صالح الجيلاني)، وولي الأمر في مدينة صنعاء، فكان رافضيًّا، (جارودي) المذهب، ممعنًا في سبِّ الصحابة، فعزل عن الإمارة، لما أوغر صدور الرعية من بغضه، ثم ولاه الإمام (أحمد بن الحسن) أمر ولاية مدينة (يريم)، ومدينة ذمار.
ثم يقول : " قيل: إنه أول من جاهر بالرفض، وسب الصحابة علنًا في اليمن، وذكر العلامة (محمد بن علي الشوكاني) في ترجمته له في كتابه: (البدر الطالع)، أنه رأى بخط (يحيى بن الحسين بن القاسم) أن صاحب الترجمة تواطأ مع بعض تلامذته على حذف أبواب من مجموع الإمام (زيد بن علي) رضي الله عنه، ثم جعلوا نسخًا، وبثوها في الناس، وكان هذا أمرًا عظيمًا، وجناية كبيرة، تحريفًا لمذهب الإمام (زيد).
وبعد أن يذكر الدكتور الشميري بعضا من مؤلفات هذا الرافضي الخطير يقول: اشتهر بقوة الحفظ، وكان له تلامذة، ساروا على نهجه في الرفض والتعصب؛ منهم الشاعر المشهور (الحسن بن علي الهبل)، و(أحمد بن ناصر بن عبد الحق المخلافي)، الذي جمع أشعار (الهبل) الجارودية، والأديب (أحمد بن محمد الآنسي)، الملقب بـ(الزنمة)، وآخرون[12] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn12) " أ.هـ
ويقول الدكتور الشميري أيضا في سياق ترجمته للهبل: حسن بن علي بن جابر المتوفي. 1079 هـ / 1668 م - الشاعر، الجارودي شديد التطرف والمغالي في التشيع.والذي كان يلعن بعض الصحابة، ويغمز الخلفاء الثلاثة للرسول (، ويذم أم المؤمنين (عائشة بنت الصديق)-: وقد وقف كثير من العلماء على بعض المآخذ في شعره، ومنهم العلامة الأديب (محمد بن علي الشوكاني)، وغيره؛ فردّوا عليه، ونقدوا عقيدته. قال العلامة (يحيى بن الحسين) في كتابه: (بهجة الزمن في حوادث اليمن): "والرافضة هذا الزمان - يقصد زمن الشاعر- من الزيدية كثير، إلا أن منهم من يتستر بمذهبه، ولا يظهره عند سائر الزيدية، غير الرافضة، ولم يظهر الرفض إلا هذا (حسن بن علي الرافضي)، والسيد (أحمد الآنسي) المعروف ب(الزنمة) والفقيه (أحمد بن عبد الحق الحيمي)، و(يحيى بن علي المؤيد)؛ فهؤلاء الذين أظهروا الرفض والشتم للصحابة رضي الله عنهم، وباءوا بآثامهم، وكبيرهم الذي أفظع (حسن بن علي بن جابر الهبل)، لا رحمه الله". (....) وقد مكنه نبوغه المبكر من الشهرة بين أعيان عصره، حتى إن الإمام (أحمد بن الحسن بن القاسم) اختص به، وجعله منه كالوزير قبل إمامته؛ لأنه كان على شاكلته، ومات ولم يتجاوز الثلاثين من عمره[13] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn13).
ولا شك أن هذا التفريخ التي فرخه هذا الشهاري الرافضي كان بحكم علاقته بقرين السوء الطبيب الفارسي الغامض ( محمد بن صالح الجيلاني ) السالف الذكر ، وتشربه مبادئه وأفكاره حتى الثمالة وانتقال تلك الأفكار إلى تلامذته. وهذا في الحقيقة ما قلته استنتاجا – في بداية الأمر - وذلك بحكم المعرفة بأساليب الروافض والباطنية - واليهود أيضا – والذين اشتهروا بهذه الطريقة وهي استغلال بروزهم في علوم معينة ولا سيما علوم الطب والفلك للترويج لمذاهبهم الفاسدة أو لهدم المجتمعات القائمة من داخلها.
ولكني وجدت ما يعزز هذا الكلام من خلال تتبعي لسيرة الجيلاني الفارسي المذكور ، فقد جاء في ترجمته في معجم المؤلفين ما يلي:

" محمد صالح الجيلاني. طبيب، حكيم، منطقي، رياضي، أديب، شاعر، نحوي، فقيه، حسن الخط. أخذ الطب والحكمة بأصفهان، وخدم بعض الأطباء في بيمارستان أصفهان، وأخذ عن بهاء الدين العاملي.من آثاره: مجموعة أشعار بالعربية والفارسية[14] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn14). أ.هـ

وما يهمنا من هذه الترجمة هو بهاء الدين العاملي الذي أخذ عنه محمد صالح الجيلاني ، فهذا العاملي كان من أبرز علماء الشيعة الأثنى عشرية في بلاط الشاه عباس الصفوي في أصفهان[15] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn15). وقلده – الشاه - مشيخة الإسلام في أصفهان، وهى إذ ذاك دار السلطنة و عاصمة الدولة[16] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn16). وكان من أبرز المتحمسين لنشر التشيع في العالم الإسلامي، وكان قبل ذلك قد اشتهر برحلاته إلى بلدان كثيرة من بلدان الإسلام لنشر التشيع واللعب بعقول الصوفية.

ومن هنا يتضح مغزى وجود تلميذه محمد صالح الجيلاني في صنعاء في تلك الفترة.

لكن هل كان الجيلاني ممثلا سريا لدولته الصفوية في صنعاء ؟
الجواب: الله أعلم، فهذا أمر لا نستطيع الجزم به لعدم توفر الوثائق حول ذلك بين أيدينا.

استفادة الآيات من جهود الصفويين
والمهم أنه إذا كان الأمر قد آل إلى هذا النحو في القرن السابع عشر الميلادي، فمعنى ذلك أن شجرة التشيع والرفض الخبيثة شجرة عريقة في اليمن – وخاصة في المناطق الشمالية - وأنها ليست من إنتاج ثورة الخميني – كما يشير إلى ذلك بعض الباحثين في الوقت الحاضر .

ومعنى ذلك أيضا أن التركيز الإيراني لتصدير ثورة خميني الشيعية الفارسية إلى اليمن لم يكن من فراغ وإنما يأتي استمرارا للجهود السابقة وامتدادا لها وإن كان يتميز بأساليب علمية وعملية راقية، ومنظمة مقارنة بالجهود السابقة ، وأيضا لتوفر البيئة الملائمة والمتقبلة لأفكار تلك الثورة والذي يعتبر الرفض من أبرز العلامات المميزة لها ، ولوجود الخلايا النشطة المتحمسة لنشر أفكار تلك الثورة الفارسية الشيعية الأثنى عشرية في المجتمع اليمني ، والمتمثلة في بعض العائلات التي توارثت الرفض والتشيع كابرا عن كابر تحت ستار التلفع بعباءة المذهب الزيدي. وذلك في عدد من مدن الشمال مثل صنعاء وصعدة وذمار وغيرها.

وبمعنى آخر فإن نظام الآيات في طهران والمتحمس لنشر أفكار ثورته وإعادة مجد أجداده الإمبراطوري الفارسي وجد في اليمن تربة محروثة فبذر بذوره الخبيثة فيها، فنما الزرع واستوى سوقه وبرزت منه جماعة الحوثي الشيعية الأثنى عشرية المتمردة في صعدة.

*مبني على بحث طويل سينشر قريبا تحت عنوان : تاريخ الاختراق الرافضي ( الشيعي الأثنى عشري) لليمن.



[1] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref1) انظر بحثنا المنشور على الانترنت تحت عنوان : الصفويون قرن الشيطان طلع من إيران ، مدونة أحمد الظرافي
[2] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref2) نقولاي أيفانوف، الفتح العثماني للأقطار العربية 1516- 1574 ، نقله إلى العربية يوسف عطا الله ، راجعه مسعود ضاهر ، سلسلة تاريخ المشرق العربي الحديث (3) ، دار الفارابي – بيروت – لبنان – ط1، 1988 ص123
[3] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref3) نقولاي أيفانوف، المرجع السابق ص 123
[4] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref4) سيد مصطفى سالم ، ص 156
[5] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref5) نقولاي أيفانوف، المرجع السابق ص 143 وفي أسفل الصفحة إشارة للمصادر التي اعتمد عليها.
[6] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref6) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ،
[7] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref7) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ،
[8] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref8) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ،
[9] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref9) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ، http://www.al-aalam.com/personinfo.asp?pid=829 (http://www.al-aalam.com/personinfo.asp?pid=829)
[10] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref10) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ،
[11] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref11) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ،
[12] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref12) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ،
[13] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref13) عبد الولي الشميري ، موسوعة الأعلام ، الانترنت ، http://www.al-aalam.com/pcv.asp?pid=255&sfield=
[14] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref14) معجم المؤلفين ، الشبكة الإسلامية
[15] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref15) انظر ترجمته في موسوعة الأعلام للزركلي ، الشبكة الإسلامية .
[16] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftnref16) الدكتور محمود محمد الخضيرى ، صَدر الدّين الشيرازى، مجدّد الفلسفه الاسلاميّة
http://www.taghrib.org/arabic/nashat/esdarat/kotob/arabic/books/resalatalislam/03/11/14.htm (http://www.taghrib.org/arabic/nashat/esdarat/kotob/arabic/books/resalatalislam/03/11/14.htm) ( مجلة المجمع )

مقاوم
07-07-2008, 04:42 PM
جزاك الله خيرا عميما أخي أحمد على هذا المقال المهم والغني بالمعلومات التي نفتقر إليها والتي تساهم إلى حد بعيد في ربط المشروع الصفوي الفارسي الممتد عبر الأمة بعضه ببعض فهل من مدكر؟؟!!