تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مكاتب التوظيف الدولية تنافس المؤسسات اللبنانية على اصطياد الكفاءات



مقاوم
07-05-2008, 01:58 PM
مكاتب التوظيف الدولية تنافس المؤسسات اللبنانية على اصطياد الكفاءات



يشهد قطاع الاعمال في لبنان، ظاهرة لافتة تتمثل بتقديم الحوافز والاغراءات للكوادر العليا، او الماهرة للحيلولة دون هجرتها الى الخارج، من ضمن الهجرة الكثيفة السائدة لليد العاملة الماهرة اللبنانية وطالبي العمل الجدد، سواء باتجاه الخليج أو اوروبا او الولايات المتحدة وكندا واستراليا.


واذا كانت بيئة الاعمال قد تراجعت، فإن المؤسسات اللبنانية ما زالت قادرة على التكيف مع الظروف السياسية والامنية والاقتصادية السائدة، كما يقول «معهد فريزر الكندي للبحوث الاقتصادية» في دراسة حديثة له. ولعل اكثر القطاعات تكيفا هو القطاع المصرفي، الذي ما زال يسجل نمواً متصاعداً وارباحاً ناهزت 700 مليون دولار العام الماضي.


ويقول لـ«الشرق الأوسط» الامين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور مكرم صادر: «ان هذه القدرة على التكيف في قطاعنا المصرفي جسدناها بالمحافظة على كوادرنا العليا، من خلال توفير الرواتب والمكافآت اللائقة. ولا اغالي اذا قلت ان قطاعنا لا يعاني قط من هجرة هذه الكادرات، لأننا نرفد العمل المصرفي بالتدريب والاعداد الدائمين منذ نحو 15 سنة، سواء من خلال معهد التدريب، او معهد الدراسات، او من خلال المصارف نفسها. ولكن ذلك لا يمنع ان نستعين ببعض الكادرات لتأطير عمل فروعنا في الخارج، التي انتشرت في معظم الدول العربية. من سورية الى الاردن، ومصر، والسودان، ودول الخليج، والجزائر، فضلا عن ارمينيا وعدد من الدول الاوروبية».


وأضاف صادر: «اذا اخذنا معدلات التضخم في الخارج واعباء الهجرة في الاعتبار، لوجدنا ان الرواتب التي تتقاضاها كوادرنا لا تقل عن مستواها في الخليج او غيره. ونحن في الحقيقة نعتبر ان هذا العنصر البشري هو افضل استثمار، وأحد اهم عوامل نجاح قطاعنا وصموده فضلا عن انه يمثل نحو 60% من انفاق القطاع».


وما ينطبق على القطاع المصرفي قد ينطبق الى حد ما على قطاع التأمين، الذي يلجأ هو الآخر الى تدريب الكادرات واعدادها بشكل دائم، سواء عبر جمعية شركات التأمين، أو عبر الكليات المتخصصة في الجامعات. ولكن القطاعين الاكثر نزفاً على الصعيد البشري هما قطاعا الصناعة والسياحة.


من جهته قال لـ«الشرق الأوسط» رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي عبود: «قطاعنا الصناعي يعيش مأساة حقيقية على مستوى العنصر البشري، كادرات وعمالا. هناك صرف متواصل للعمال، وتقليص رواتب مع تقليص الطاقة الانتاجية، او اقفال المصانع، او نقلها الى الخارج. وهذا كله ناتج عن ارتفاع اكلاف الصناعة المحلية من جهة، والدعم الصناعي الخارجي، ولا سيما العربي من جهة اخرى. فسعر طن المازوت المدعوم في السعودية مثلا بـ54 دولارا، بينما هو في لبنان بـ800 دولار. وقس على ذلك في ما يتعلق بالمواد الخام المنتجة محلياً، ودعم الارض الصناعية، والتمويل، والفوائد المدعومة للصادرات. ومن هنا كانت مطالبتنا الحكومة اللبنانية بوضع رسم تكافئي على المستوردات المدعومة».


اما القطاع السياحي فكان الخاسر الاكبر على مستوى الكوادر البشرية، لأنه دفع الثمن الاكبر في السنوات القليلة الماضية، بحيث تراجع عدد العاملين فيه من 40 الفا في عام 2005 الى بضعة عشر الفا في الوقت الراهن.


وفيما تتوالى مكاتب التوظيف الدولية على فتح فروع لها في لبنان، وآخرها فتح فرع لوكالة التوظيف الدولية (طموح) لاصطياد الكفاءات والمهارات اللبنانية، يؤثر عدد كبير من هذه الكفاءات والمهارات البقاء في لبنان لأسباب مختلفة مادية واجتماعية ونفسية وحتى وطنية. وهنا عينة منها.


وفي هذا الاطار قالت مستشارة التنمية لدى الامم المتحدة والمسؤولة في وزارة التنمية الادارية لمياء البساط: «لقد عرضت علي فرصة عمل في الخليج براتب مضاعف. ولكني آثرت البقاء الى جانب ابنتي الاثنتين وزوجي الذي يملك حيازات زراعية. نحن مقتنعون بما قسم لنا، ويهمنا ان نمضي حياتنا. بين من نحب».


واكدت مسؤولة الاتصالات لدى شركة «الفا» الين كرم انها تلقت «ثلاثة عروض عمل. اثنان منها عبر مكتب توظيف يستوجبان ان امضي اكثر من 60% من وقتي متنقلة في المنطقة، والعرض الثالث من شركة عمالية مقرها في الخليج يوفر لي 30% اضافة على راتبي الحالي. لكنني لم اتشجع على الهجرة والعيش في بلد آخر. ولو انني لم احصل على وظيفتي الحالية، لربما كنت امتنعت عن العودة الى بيروت».


ويقول مدير التسويق في مجموعة «ادميك» جورج بستاني: «المرة الوحيدة التي فكرت فيها بالهجرة كانت في حرب يوليو (تموز) 2006. ولكني عدت وفضلت البقاء في لبنان مع انني تلقيت عروضاً تضاعف راتبي في بعض شركات التوزيع والاعلان في الخليج. ولكن اذا استمر الوضع السياسي والاقتصادي في التراجع، فقد اضطر الى مراجعة خياراتي».


ويقول المدير المساعد لدى شركة «ACES» للاجهزة المنزلية وليد ناصر «تلقيت عرضاً من دبي عام 2003، وبعد سنة تلقيت عرضاً آخر من السعودية وفي مجال عملي نفسه وبراتب يساوي ثلاثة اضعاف. لكنني فضلت عدم السفر، لأنني مرتاح مهنياً. واذا كنت اطمح لشيء، فاني اطمح لنيل جنسية اخرى، كندية مثلا، كي تتيح لي الانتقال بعائلتي اذا تدهورت الاحوال في لبنان لا سمح الله».


أما مدير قسم التجزئة في «بنك انتركونتيننتال» حبيب لحود فقال «هناك عروض كثيرة تطرح علي للعمل في الخارج من «صيادي الكفاءات» كما يسمونهم وبرواتب تراوح بين ضعفين وثلاثة اضعاف الراتب الذي اتقاضاه محلياً. ولكنني لا افكر في الهجرة، ومرتاح في عملي، واولادي يتلقون علومهم هنا».


الى ذلك قال رئيس قسم الابحاث في «بنكميد» مازن سويد «تلقيت عروضاً كثيرة من الخليج، وحتى في لندن قبل مجيئي الى لبنان في عام 2006، في الوقت الذي كان الكثيرون يفكرون في ترك البلاد. رفضتها كلها من دون الدخول في مفاوضات حول الراتب، لأنني مؤمن بأن لبنان يحتاج الى كفاءاته الشابة في هذه المرحلة، وانني من الاشخاص الحريصين على الالتصاق بالعائلة».