تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الجهات المسئولة عن نجاح تجربة المصارف الإسلامية



أحمد الظرافي
06-26-2008, 11:09 PM
الجهات المسئولة عن نجاح تجربة المصارف الإسلامية
بقلم أحمد الظرافي



المصارف الإسلامية تجربة جديدة في مجال العمل المصرفي تعمل في ظل ظروف عصيبة تواجه الأمة الإسلامية وفي ظل قوانين وتشريعات وضعية تتعارض – أحيانا مع أحكام الشريعة الإسلامية. هذا علاوة على ما تعرض له هذه المصارف من حرب ضارية وتشكيكات كثيرة وذلك بسبب الرسالة التي تحملها والهدف السامي الذي تسعى إليه . ومسئولية نجاح تجربة هذه المصارف هي مسئولية مشتركة تقع على عاتق أطراف عدة بدءا من الدولة وحتى المجتمع مرورا بالقائمين على هذه المصارف ، وعلماء الاقتصاد والفقه الإسلامي . كل من زوايته وبحسب الدور المنوط به وسنبين دور كل طرف من هذه الأطراف على النحو التالي :

أولا : دور الدولة
يجب على الدولة الإسلامية ممثلة في حكومتها وأجهزتها المختلفة وفي مسئولي هذه الأجهزة أن تعمل على " نشر المصارف الإسلامية في أرجاء البلاد وإزالة المعوقات من أمامها وإحاطتها بالتشريعات التي تكفل نموها وإعطاءها من التيسيرات والمزايا ما لا يقل – إن لم يزد – على ما يعطى للمصارف التقليدية ... وذلك لحث هذه البنوك على ارتياد مختلف المجالات والاستثمار في شتى القطاعات وابتكار الأدوات المصرفية المناسبة لكل ذلك ، الأمر يرتب نجاحها في أداء رسالتها ..[1] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftn1)
كما ينبغي عليها أن تتفهم طبيعة عمل المصارف الإسلامية – ولاسيما من قبل البنك المركزي – وتذليل العقبات التي تقف في طريق المحافظة عليها . وذلك أن المصارف الإسلامية مؤهلة لأن تلعب دورا إيجابيا عظيما في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتي هي الشغل الشاغل لكل الدول الإسلامية الأمر الذي يجعل هذه الدول بمنأى عن الوقوع في دوامة المديونية الخارجية والتي كانت أعباءها الجسيمة من أهم العوامل التي أدت إلى إخفاق خطط التنمية في الدولة النامية بل ودخولها في مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية جمة لم تستطع حكومات هذه الدول التخلص منها وأصبحت مصدر قلق وأرق لها .

لكن للأسف الشديد هناك الكثير من الدول الإسلامية لن تتفهم بعد طبيعة عمل المصارف الإسلامية لذلك فهي تعمل على إعاقة نشاطها والحد من من نموها وانتشارها ولاسيما من خلال إجبارها على تطبيق بعض القوانين الوضعية التي تتعارض مع الأحكام والمبادىء الشرعية التي قامت على أساسها هذه المصارف .ومن ذلك – على سبيل المثال – ما يفرضه البنك المركزي على هذه المصارف من إيداع نسبة معينة من إجمالي الودائع المتاحة لديها مثلها مثل غيرها من البنوك التقليدية وذلك تنفيذا لأحكام قانون البنك المركزي . والبنك المركزي من خلال ذلك يحرم هذه المصارف وبالتالي المجتمع الإسلامي – بقصد أم بغير قصد - من فرصة استثمار هذه المبالغ وتوظيفها في مشاريع اقتصادية نافعة وتحقيق ربح مشروع منها . كما قد يتسبب في خلق نقص في السيولة لدى هذه المصارف بحيث تكون عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها مما يشوه سمعتها أما م المجتمع ويعطي الفرصة للمبطلين والمشككين – ولاسيما من أنصار البنوك التقليدية – أن ينالوا منها.

ثانيا : دورالقائمين على هذه المصارف
إن مسئولية القائمين على المصارف الإسلامية من مساهمين وأعضاء مجالس إدارات ومديرين وعاملين مسئولية عظيمة فعلى عاتقهم تقع المسئولية الرئيسية عن نجاح هذه التجربة الفريدة ورفع كفاءة عملها لاسيما إن توافرت البيئة التشريعية المناسبة والمناخ المناسب للعمل المصرفي.
فعلى القائمين على هذه المؤسسات المصرفية : أن يتقوا الله في هذه المؤسسات ويعلموا أن العمل فيها – إذا صحت فيه النية ووفي حقه من الإتقان - عبادة وجهاد .. وإن الأصدقاء والأعداء - على أختلاف دوافعهم – ينظرون إلى هذه المصارف نظرة خاصة فزلاتها عظائم وصغائرها كبائر[2] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftn2) .وعليهم بعد ذلك في موازاة ذلك أن يبتكروا من الأساليب الأستثمارية ما يتناسب مع المجالات الإستثمارية المتاحة وتطوير هذه السياسات بما يتناسب مع ظروف العصر وبحيث يكون السلوك العملي مطابقا للشعارات والمبادئ التي تنادي بها هذه المصارف . كما ينبغي على القائمين على هذه المصارف عدم قصر التمويل على طائفة معينة من العملاء مثل كبار التجار أو أصحاب الجاه والنفوذ ، بل يجب أن يكون ذلك التمويل متاحا للجميع وفق سياسات ولوائح هذه المصارف بعيدا عن المجاملات والمحاباة والنفاق وبحيث يتدفق المال بين الشرائح الاجتماعية المختلفة ولا يكون دولة على الأغنياء فقط .
وإضافة إلى ذلك : يجب إعطاء الجزء الأكبر من أرباح المضاربات التي تمارسها هذه المصارف إلى أصحاب الودائع وليس إلى البنك كمضارب وليعلم أصحاب رأس المال أنهم يؤدون رسالة قبل أن يكونوا رجال تجارة[3] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftn3).
فإذا تحقق ذلك فإن المصارف الإسلامية سوف تعزز من ثقة المجتمع بها وستكون عند حسن ظنه بها وبالتالي ستكون في مركز تنافسي قوي مع المصارف التقليدية وسترتقي إلى المستوى اللائق الذي يؤهلها لأن تصبح فعلا بديلا شرعيا لهذه المصارف ، وليس مجرد قلبا لاسمها فقط كما يدعي أعداؤها .

ثالثا : دور العلمـاء
لقد قام العلماء المسلمون بدور كبير وأساسي في إرساء دعائم المصارف الإسلامية ، فلولا جهودهم الجبارة وجهادهم الطويل لما ظهرت تجربة المصارف الإسلامية على أرض الواقع ، ولا نعني في هذه الصدد – طائفة معينة من العلماء بل نعني علماء الإسلام في مختلف التخصصات والمجالات الفقهية والاقتصادية والقانونية .. فبتكامل جهود هؤلاء ظهرت المصارف الإسلامية فقد كان لهم فضل تهيئة المناخ أمامها لتظهر على أرض الواقع ولاسيما من خلال ماقاموا به من جهد في مجال البحوث والدراسات في فقه المعاملات الإسلامية وما خرجوا به من استنباطات وحلول عملية أنارت الطريق أمام من يهمه الأمر وأمام من يريد أن يقوم على هذه المصارف .
وأيضا لا ننسى جهودهم في إقناع الدول والحكومات الإسلامية في تبني هذه الفكرة وما قاموا به من دور مشكور في توعية المجامعات وإقناعها بأهمية المصارف الإسلامية وحثهم على التعامل معها وتوجيه مدخراتهم وأموالهم إليها .
ولا زال دور العلماء مستمرا وقائما في سبيل انجاح تجربة المصارف الإسلامية ولاسيما وإن الحرب عليها لا زالت مستمرة وفي أوج عنفوانها ولا زال الأعداء يتربصون بها .

ومع الجهد المشكور الذي قدمه العلماء – ولا زالوا – في سبيل نجاح هذه التجربة فإن هناك نقطة هامة يجب الإشارة إليها وهي عدم استيعاب بعض العلماء لهذه االتجربة الجديدة في مجال العمل المصرفي والدور الذي يمكن أن تلعبه في خدمة المجتمع ، ومن هؤلاء العلماء من يضيق الخناق على هذه المصارف ويثير المشاكل في طريقها والتي تؤثر على سمعتها ، وقد يكون ذلك من خلال التركيز على قضايا فرعية ومسائل جانبية تتعارض مع القضية الأساسية ومع مرونة الفقه الإسلامي وحاجة الناس إلى التيسير في عصرنا الحاضر وبما لا يتعارض مع الثوابت الشرعية . . بيد أن هذا – رغم حدوثه – لا يوقف مسيرة المصارف الإسلامية – وإن كان يثير بعض الزوابع في طريقها – ويكفي أن نشير أن معظم العلماء العاملين في هذا العصر هم واقفين إلى جانبها ويتبنون قضية الدفاع عنها وشد أزرها ويذللون الطريق أمامها ولاسيما من خلال اجتهاداتهم الفقهية وأفكارهم النيرة التي تسير المصارف الإسلامية في ضوئها ويقف على رأس هؤلاء العلماء العاملون في المجامع الفقهية المعتمدة في العالم الإسلامي .

رابعا : دورالمجتمـع
إن إيمان المجتمع بالمصارف الإسلامية وحسن ظنه بها وتوجيه أمواله ومدخراته إليها هام وضروري جدا لنجاحها .. وليعلم أفراد المجتمع أن هذه المصارف قد ظهرت من اجلهم وهي تعمل في صالحهم فهي تيسر لهم سبيل التعامل الحلال وتجنبهم الوقوع في مغبة كبيرة الربا وهي تعمل على تضامنهم مع بعضهم البعض وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي فيما بينهم ...وليعلموا أيضا أن هناك العديد من الفتاوى التي صدرت في وجوب التعامل مع المصاريف الإسلامية والكف عن التعامل مع البنوك التقليدية الربوية ولاسيما في حالة توافر المصارف الإسلامية .
ويجب على أفراد المجتمع أن لايصدقوا الشبهات والافتراءات التي تثار بين حين وآخر ضد المصارف الإسلامية والتي يروج لها المبطلون بهدف افشال تجربة هذه المصارف وليكن شعارهم شعار المؤمنين والذي نصت عليه هذه الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " (الحجرات : 6 )
ولنكن – جميعا – على ذكر دائم من أن وقوع بعض هذه البنوك في بعض الأخطاء وما يشوب عمل بعضها من قصور أحيانا لا يعني بطلان فكرتها ولا صحة منهج البنوك التقليدية[4] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftn4) .
وفي الواقع نجد أن معظم أفراد المجتمع مقتنعين بفكرة المصارف الإسلامية ومؤمنين برسالتها وهناك توجه كبير للتعامل معها ، ومع ذلك لا يزال بعض الناس غير مقتنعين بحقيقة وأهمية هذه المصارف وذلك بسبب الجهل وضعف الوازع الديني والدعاية السلبية وبسبب الغزو الفكري خاصة لدى أنصاف المثقفين الذين يرددون الافتراءات التي يروج لها أعداء الإسلام ضد هذه المصارف . وإن شاء الله يأتي اليوم الذي يثوبون فيه إلى رشدهم ويكونوا إلى جانبها كما هم اليوم ضدها .

الهوامش
[1] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftnref1) يوسف إبراهيم يوسف : إنفاق العفو في الإسلام بين النظرية والتطبيق ، سلسلة كتاب الأمة ، الكتاب رقم ( 36 ) ، المحرم 1414هـ /1993 ، ط 1 ، ص 113
[2] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftnref2) يوسف القرضاوي : بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية ، مكتبة وهبة ، القاهرة ، ط 2 ، ص 87
[3] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftnref3) يوسف ابراهيم يوسف ، المرجع السابق ، ص 115- 116
[4] (http://www.aljazeeratalk.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=6#_ftnref4) يوسف إبراهيم يوسف ، مرجع سابق ص 115