تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حزب الله" كطرف في معادلة دولية



سعد بن معاذ
06-26-2008, 08:58 AM
حزب الله" كطرف في معادلة دولية
تم الإنشاء 10/05/2008 - 13:55


الكاتب:
أمير سعيد (http://www.almoslim.net/node/90266) [1]


[القضية السياسية التالية هي فصل من كتاب "حرب بلا نصر" الصادر في 31 يناير 2007 للكاتب، وقد ارتأينا نشره لتماسه مع الأحداث الجارية، وهو يوضح علاقة سياسية ملتبسة لـ"حزب الله" وإيران مع الولايات المتحدة و"إسرائيل"] (المحرر)

لـ"حزب الله" علاقته الخاصة بالأطراف الدولية كـ"إسرائيل"، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وإيران، وسوريا، وهو ثَم طرف فاعل في المنطقة لا يمكن النظر إليه في حيز عمله الداخلي اللبناني، كما لا يمكن النظر إليه كعدو حازم ومتشدد بالنسبة لـ"إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية، إذ أمكنه مراراً إيجاد أرضية للتفاهم مع هاتين القوتين، أو النظر له كعدو دائم أو صديق دائم لفرنسا، أو اعتباره لصيقاً بالحكومة السورية للحد الذي يجعله ممثلاً لأوامرها على الدوام، غير أنه من الممكن اعتباره يداً إيرانياً منضبطة بأصول اللعبة في لبنان كأقرب تصور يمكن أن يعطى لهذه القوة الكبيرة في لبنان.
لكن هذه القراءة قد تشكل أحياناً ما لم تعد للخلف لقرون ماضيات، بسبب التقاطعات والتنافرات القديمة بين جذور القوة "الإسرائيلية" والقوة الحزبية، والتي تفضي إلى تصور أوضح للعلاقة الحالية بقواعدها الحاكمة.وهي العلاقة المتشعبة والممتدة جغرافيا وتاريخيا ودينيا، وقد نشرت هيرالد تريبيون في العام 2006 مقالة لباحث استراتيجي أميركي من أصل يهودي بعنوان: "إيران وإسرائيل والرابط التاريخي" لستانلي فايس الذي كان له دور في السنة الأولى من ولاية محمد خاتمي , يقول ستانلي : "العداوة بين إيران وإسرائيل ليست سوى شذوذ عن مسيرة العلاقات التاريخية بين الشعبين ، فقد عملت الروابط الثقافية والمصالح الاستراتيجية بين الفرس واليهود على جعل إيران وإسرائيل حليفتين متضامنتين لحين قيام الثورة الإسلامية في إيران . وعلى الرغم من الصورة القاتمة لما آلت إليه العلاقة بين البلدين في الوقت الحاضر ، فإن المصالح الإستراتيجية الثابتة تشير إلى أن إعادة إحياء الشراكة الفارسية – اليهودية أمر محتوم ، وإن لم يكن متوقعاً على المدى القريب".
ويضرب مثلاً على ذلك " فقد دفع العداء المشترك للعراق ورغبة إسرائيل في المحافظة على نفوذها بين صفوف المعتدلين الإيرانيين، الإسرائيليين إلى تزويد الجمهورية في إيران بالسلاح في ثمانينات القرن الماضي ( يقصد إيران جيت) ، وإلى لعب دور الوسيط في صفقة السلاح مقابل الرهائن التي أبرمت في عهد رونالد ريجان".
ويقول أيضاً : " ففي حالة نشوب حرب إقليمية واسعة بين الشيعة والسنة ستجد إيران وإسرائيل أنهما أصبحتا ثانية بمواجهة عدو مشترك".
بيد أنه من الغبن إلغاء وجود صراع بين الطرفين :إيران/"حزب الله" و"إسرائيل"/الولايات المتحدة الأمريكية، تسطيح القضية على نحو يفضي إلى إدارة "نظرية المؤامرة" في اتجاه آخر، وإن كان بمقدور الباحث أن يعود إلى تاريخ استدعته اللحظة الراهنة المرتبطة بالصراع بين المشاريع الثلاثة السالفة الذكر فيما تقدم، إذ إن الصراع السياسي هو وقود لكثير من الخلافات الطائفية والمذهبية ومع هذا فهو لا ينفي تأثيرها البارع في لجم خطام الصراع أو إرخائه, ومن ذلك الصراع بين العثمانيين السنة والصفويين، ذاك الصراع الذي استهلته معركة "جالديران" الشهيرة في أغسطس سنة 1514 ميلادية بين الشاه إسماعيل الصفوي، مؤسس الدولة الصفوية ومكرس الثقافة الصفوية، وبين السلطان العثماني سليم الأول، وهي المعركة التي كان دافع السلطان سليم الأول فيها هو حشر "الإمبراطورية" الصفوية الطامحة للتوسع، تحت شعار الطائفية الشيعية، بالغ الشاه إسماعيل في تشيعه، وقمع السنة، ونشر المذهب في إيران، وطمع في العراق وفي الأراضي المجاورة لإيران من جهة الشرق والشمال، ولطمعه في العراق دوافعه المعلومة حيث العتبات المقدسة.
هذا ربما على الصعيد الداخلي، لكن الخارجي كان يتعلق بالأكيد عن محاصرة العثمانيين لفيينا واضطرار السلطان العثماني إلى العودة أدراجه تأميناً للممتلكات السلطنة التي كانت الشاه يناوشها في إيران.
وبالعودة إلى الحاضر، يمكننا قراءة صراع "حزب الله"/"إسرائيل" من زاوية تاريخية محكومة بمحددات لا تتوافر لتلك التي تدار بها المعركة مع الطرف الثالث وهو مشروع المقاومات السنية في العالم العربي إن صلحت التسمية.
ولكي نقترب أكثر فهم واقع العلاقة المشكلة بين أطراف الصراع في لبنان خارجياً، نعرض تقريراً نشرته صحيفة القدس العربي اللندنية عن جانب غائب من المشهد قد لا تراه العين للوهلة الأولى، وهو تقرير يستحضر مفارقة لها حظها من التقدير التحليلي عن كاتب "إسرائيلي"، جاء فيه: "المعلّق الإسرائيلي ألوف بِنْ كسر الصمت، أو لعله باح بالمسكوت عنه في صفوف الساسة وأجهزة الأمن والقادة العسكريين الإسرائيليين، حين عقد مقارنة افتراضية بين صاروخ فلسطيني من طراز القسام ، محمّل بمواد انفجارية بدائية ولا يتجاوز مداه 12 كم، يسقط على سيدروت أو عسقلان ويتسبب في أضرار طفيفة لا تتجاوز جرح مستوطن أو حفر طريق إسفلتي؛ وصاروخ سوري من طراز سكود، محمّل برأس كيماوي، يمكن أن يسقط على تل أبيب ويوقع مئات الإصابات. وتوصّل بن إلى خلاصة قد تبدو بالغة الغرابة، للوهلة الأولي فقط: أنّ الصاروخ الأوّل، القسام هو الأشدّ خطورة. لماذا؟ ببساطة، لأنّ الصاروخ السوري لن ينطلق في أية حال، إذ يعرف بشار الأسد أنّ عواقب إطلاقه سوف تعني قيام مقاتلات إسرائيلية من طراز F-16 بدكّ مواقع السلطة السورية أينما كانت، بدءاً من القصور الرئاسية، وربما إسقاط النظام، في حين أنّ المقاتلات ذاتها لا تستطيع القيام بمهامّ مماثلة في غزّة ومحيطها، وأنّ العلاج الذي سيُطرح على جدول الأعمال (أي إعادة احتلال القطاع) أسوأ من العلّة ذاتها.
ليست المشكلة، إذن في التكنولوجيا التدميرية للصاروخ أو الأمدية التي يمكن أن يبلغها، بل في الأصابع التي تضغط على زناد الإطلاق. وبهذا المعني، يستخلص بن، أن بشار الأسد أرحم للدولة العبرية من فتية كتائب عزّ الدين القسّام، وصاروخه الفتاك أقلّ وطأة من صواريخ الهواة التي يصنّعونها بموادّ بدائية وتكنولوجيا فقيرة. واستطراداً، يعتبر بن أنّ الدولة العبرية بحاجة إلى حسن نصر الله، فلسطيني غزّاوي حمساوي، يضبط صواريخ القسام كما ضبط الشيخ نصر الله صواريخ الكاتيوشا في صفوف حزب الله جنوب لبنان.
في صياغة أخرى، من عندنا هذه المرّة، يريد بن وضع صواريخ القسام قيد السياسة، وليس وضع السياسة رهينة تلك الصواريخ، على غرار السياسة التي اعتمدها نصر الله، وفرضها ونفّذها "حزب الله" ، بعد ـ ولكن أيضاً خلال ـ سنوات الاحتلال الإسرائيلي للجنوب: سلاح واحد/ قانون واحد. أكثر من هذا، يعتبر بن أنّ الانسحاب "الإسرائيلي" من جنوب لبنان سنة 2000 ليس مردّه جرأة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" آنذاك، إيهود باراك، فحسب؛ بل يدين كذلك لسياسة نصر الله في فرض وحدة القرار السياسي ووحدة السلاح، سواء بسواء.
ويكتب بن، في مقال بعنوان نحن نحتاج إلى نصر الله آخر ، نشرته صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" يوم أمس: نصر الله لا يكره إسرائيل والصهيونية أقلّ من قادة حماس، وخاطفي شاليت، وفصائل القسام. ولكنه، على نقيض منهم، يمتلك السيطرة ويتحلي بالمسؤولية، ولهذا فإنّ التكهن بسلوكه ممكن عقلانياً ومنطقياً. وهذا، في الظروف الراهنة، هو الوضع الأفضل لنا: إنّ "حزب الله" يقوم بالحفاظ على الهدوء في الجليل على نحو أفضل بكثير مما فعل جيش لبنان الجنوبي الذي كان موالياً لإسرائيل . ولأنه لا يوجد في الأراضي الفلسطينية المحتلة نصر الله فلسطيني، يتابع بن، كما أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يبدو زعيماً نافذاً مفوّضاً بقدر ما يشبه مثقفاً معذّباً مؤيداً للمفاوضات الدبلوماسية ، وحكومة حماس لا تملك السيطرة على السلاح، أو لا ترغب في ذلك أصلاً... فإنّ صواريخ القسّام أخطر من الكاتيوشا أيضاً!
والحال أنّ هذه المقاربة لا تصدر اليوم عن فراغ، ولا تهبط من سماء التنظير السياسي الصرف. وأمس، بعد إعادة احتلال ثلاث مستوطنات سبق لجيش الاحتلال الإسرائيلي أن أخلاها قبل نحو عام بقرار من (رئيس الوزراء السابق) أرييل شارون، بات من الواضح أنّ حكومة إيهود أولمرت تتكئ على قضية الجندي المحتجز لكي تقفز منها إلى تنفيذ غرض تكتيكي واستراتيجي في آن معاً، هو تشكيل مناطق عازلة شمال قطاع غزّة، تحول دون وصول صواريخ القسام إلى عمق، أو حتى إلى تخوم، سديروت وعسقلان داخل ما تسمّيه الدولة العبرية الحزام الأمني . لكنّ سقوط قسام جديد في قلب عسقلان، بعد احتلال المستوطنات الثلاث وتوسيع رقعة المناطق العازلة، أعاد العملية بأسرها إلى السؤال الأمّ: هل يتوجّب إعادة احتلال غزّة والعودة إلى المربع الأوّل الجهنمي الذي غادره شارون على عجل وبلا ندم؟ وأيّ ثمن فادح يتوجب على الدولة العبرية أن تسدده لقاء هذه العودة ـ الردّة؟(..) غير أنّ المعضلة، لكي نعود إلى مقاربة ألوف بِنْ على هذه الخلفية بالذات، أي خيار العودة إلى احتلال غزّة بوصفه أمرّ من سقوط صواريخ القسام، ليست في تشريح الفضائل التي يمكن أن تنجم عن توفّر حسن نصر الله فلسطيني، أو انقلاب أبو مازن إلى مستبدّ على النمط الشائع في معظم الأنظمة العربية (كما يبدو أنّ بِنْ يتمني ضمناً!)، أو سيطرة حماس وسائر الفصائل والمنظمات على سلاح أعضائها وأنصارها. إنها، قبل هذا كلّه، وأكثر من أيّ اعتبارات أخري، مشكلة " إسرائيل" مع ذاتها، في مرآة ذاتها، إزاء معضلات كبري شائكة تخصّ الوجود والهوية والروح والسيكولوجية الجمعية.."
إن العلاقة في الحقيقة بين الطرفين المسيطران على معظم أجزاء منطقة الهلال الخصيب أو للدقة من الخليج إلى البحر المتوسط تحكمها عناصر قد تكون عند غياب الاستراتيجية أحجية تلغز على كثيرين في فك طلاسم رموزها، لكنها في الأخير لعبة تحكمها الأيديولوجيا والمصالح والتاريخ والجغرافيا، وفي ضوئها تجتمع متناقضات:
• فالولايات المتحدة الأمريكية تسعى نحو فرض عقوبات على إيران لكنها تتعاون معها في العراق وأفغانستان.
• وجهاز الاستخبارات الأمريكية C.I.A ينثر تقارير عن "أسلحة الدمار الشامل العراقية" قبل غزو العراق، لكنه يبرأ إيران من امتلاك برنامجاً عسكرياً نووياً ليناقض تصريحات البيت الأبيض.
• أما المباحث الفيدرالية الأمريكية التي وضعت الشخص المسؤول عن مجلس الجهاد في "حزب الله" عماد مغنيّة في قائمة مكتب التحقيقات الفدراليّ، وهو أكثر الأشخاص المطلوب القبض عليهم، وأميركا ترغب في دفع 25 مليون دولار للمعلومات الّتي تؤدّي إلى توقيفه، بعد أن عرّفت الولايات المتّحدة الأميركيّة "حزب الّله" كمنظّمة إرهابيّة في العام 1997، فلم تخفّ لنيل صيدها الثمين ـ خلافاً للآخرين ـ بالتنسيق مع الأجهزة الاستخبارية المختلفة، حيث لم ير على مدى عشر سنوات أي أثر لهذا الوضع في صور ملاحقة موضوعية، مع أن التقارير الاستخبارية تتوالى بزيارة مغنية للبنان عدة مرات قادماً من إيران، وآخرها ـ بحسب الوطن الباريسية ـ كان أثناء حرب يوليو 2006.
• والأمم المتحدة رغم أنها تدين ممارسات "حزب الله" لكنها تعترف به ضمناً في قرار وقف إطلاق النار بعد حرب يوليو 2006
• والمجتمع الدولي يطلب نزع سلاح كل القوى غير الرسمية في لبنان لكنه يسمح للحزب بوضع أسلحته في الجنوب في أغمادها من دون طلب نزعها.
والاتحاد الأوروبي لا يتماهى مع رغبات الولايات المتحدة الأمريكية في وضع "حزب الله" في قائمة المنظمات الإرهابية، "وفي حين أنّ أميركا وإسرائيل تتصرّفان لإزالة منظّمة حزب الّله ككيان إرهابي، لا يزال الأوروبيّون الدبلوماسيون يجتمعون بزعمائها.. هذه البيئة الدوليّة تمكّن لبنان وسوريا وإيران من المناورة بين الموقع الأوروبي والضغط الأميركي. هذا الاختلاف وعدم التوحّد في تعريف مصطلح الإرهاب بمنع التعاون الدولي من قتال ومحاربة منظّمات الإرهاب.."
• وقادة "إسرائيل" العسكريين يصرحون أثناء الحرب بأن زعيم الحزب سيقتل، لكنهم يحجمون تالياً عن استهدافه ثم تغط الطرف عن مهرجانه بعد الحرب وتحجم عن قتله.
• و"إسرائيل" تعتبر الحزب منظمة إرهابية لكنها تسمح بتفاهم إبريل معه الذي يعترف ضمناً بالحزب كقوة على الأرض.
وفي الواقع فإن "حزب الله" يجد نفسه في مسافة تسمح له في حدود قواعد لعبة يفهمها جيداً، وهي حالت بينه وبين ضرب منشآت بتروكيماوية في حيفا أو إطلاق مزيد من الصواريخ التي يمتلكها، وتمنعه من الخروج عن نصوص تفاهم إبريل مع "إسرائيل" الذي منحه قدراً من الحرية الداخلية، ولم يحل دون تفعيل تحركاته العسكرية بما لا يشعل النار إلا في شجرة واحدة من أشجار غابة المنطقة، بما يبقيه في موضع يرتضيه ينفي من جهة علاقته بالأحزاب الطائفية المتحالفة مع الولايات المتحدة في العراق، ومن جهة أخرى يبديه داعماً للقضية الفلسطينية على هزال هذا الدعم، والذي يقول عنه دانييل سلوبمان في كتابه "قواعد جديدة للعبة - إسرائيل وحزب الله بعد الانسحاب" كنوع من الاعتذار والتبرير ربما على نشاطه العسكري المحدود يرى (الحزب) أن تواجده على الحدود الشمالية يجبر "إسرائيل" على تحويل مواردها العسكرية من الساحة الفلسطينية إلى الجبهة الشمالية وفي هذه الحركة مساعدة للفلسطينيين" ، وهو ما أكده القيادي في "حزب الله" محمد رعد في بيان له يوم 12/12/2003 حيث ادعى رعد بأنه "أحيانًا تكون ظروف التوقف عن النشاط أقوى من الاعتداء مع دوي المدافع". وشرح نعيم قاسم نائب الأمين العام أنه من وجهة نظره "لا فرق بين الرغبة بالقتال والاستعداد له وبين الانشغال فيه طالما أننا في كلا الحالتين نتابع خططنا لاستعادة مزارع شبعا"
ومن جهة ثالثة يخرجه من الصورة التي حاول أعداؤه إظهاره فيها (من العرب وأيضاً من بعض "الإسرائيليين" وفقاً لما قد تقدم سابقا)، وهي توفير الهدوء للجليل عموماً ما يجعل الجبهة الشمالية في مأمن عن نشاط مقاومة فلسطينية كانت تلهب تلك الجبهة في العقود الخاليات، وهو ما حاول حسن نصر الله إزالة أي أثر له حين قال في بيان له "إن كل من يعتقد بأن حزب الله قد أصبح مجرد حرس للحدود في جنوب لبنان فهو مخطئ" ، وجاءت هذه الحرب الأخيرة محاولة تذويب هذه الصورة التي يروجها أعداء الحزب الذين لم تمنعهم حتى هذا الحرب من الحديث عن ضآلة الخسائر "الإسرائيلية" في الحرب مع أنها تكاد تلامس حصيلة جهد عشر السنوات التي سبقت الحرب في الخسائر "الإسرائيلية" على جبهة الجنوب اللبناني وفقاً للمعطيات الرقمية سالفة الذكر.
وفي الحقيقة هزت الحرب الأخيرة من قناعة البعض في لبنان حول محدودية الصراع بين "حزب الله" وإيران من جهة و"إسرائيل" والولايات المتحدة من الجهة الأخرى، كونها حرباً أزهقت فيها أرواح نحو 500 شخص كمجموع خسائر الطرفين البشرية، وحدت من نفوذ الحزب في الجنوب ودمغت أداء الجيش "الإسرائيلي" بالتردد والضعف، غير أن آخرين في لبنان وغيرها لا يسترسلون في التسليم للأوليين بذلك، لا بل ربما عززت قناعتهم باستحالة خروج الصراع بين الطرفين عن حدود معينة محكومة بتوازنات مصالح، تجعل الطرفين في حالة صراع من دون أن تسمح هذه الحالة باسترسال قوى أخرى أكثر عداء وراديكالية من هذين الطرفين كلاهما بالنسبة للآخر، وعند الأخيرين ما يدعم وجهة نظرهم من إحجام "إسرائيل" عن استهداف قادة وكوادر الحزب البارزين خلافاً لما عمل به على الدوام مع الفصائل الفلسطينية التي تدفع فاتورة القتل في رأس قيادتها أولاً، لا فرق في ذلك بين الزعماء الفلسطينيين: أحمد ياسين وياسر عرفات وفتحي الشقاقي وأبو جهاد والرنتيسي وغيرهم، وإحجامها عن قصف قناتها الفضائية العملاقة/المنار، أو حتى الضغط على الأوروبيين الذين يسمحون بها فضلاً عن الأمريكيين والفرنسيين الذين لم يقدموا على منعها إلا منذ مدة قصيرة.
وهكذا تبدو علاقات "حزب الله" ملتبسة في جميع وجوهها إلا في جانب علاقته بإيران التي لا يستنكف زعيمه أن يعتبر مرشد ثورتها قائداً روحياً للحزب الذي عين خوميني أمينه العام قيماً على أموال "الخمس" وهي الضريبة المعروفة عند الشيعة في إيران والجنوب اللبناني، يقول نصر الله عن مبدأ التكليف الشرعي الذي يلتزمه الحزب في أدبياته :"نحن مسؤولون الى القائد الروحي الّذي كان في الماضي آية الله الخميني واليوم آية الله على الخامنئي ". نحن نلتزم بمبدأ الطاعة إلى معلّم الشريعة وقائدنا ، وحيث تمنح "إيران المنظّمة من 70-100 مليون دولار بالسنة، وتجهّزها وتزوّدها بالأسلحة المختلفة عن طريق مطار دمشق. " ، وهو المال الذي تدفق إلى "حزب الله" أثناء وإثر انتهاء الحرب ليصفه قائد الحزب بـ"المال الطاهر" في أول خطاب له بعد الحرب.
http://www.almoslim.net/files/images/1179265596_7ae6302e84_0.jpg (http://www.almoslim.net/node/93178) [2]

جزء من المقال:
تبدو علاقات "حزب الله" ملتبسة في جميع وجوهها إلا في جانب علاقته بإيران التي لا يستنكف زعيمه أن يعتبر مرشد ثورتها قائداً روحياً للحزب الذي عين خوميني أمينه العام قيماً على أموال "الخمس" وهي الضريبة المعروفة عند الشيعة في إيران والجنوب اللبناني، يقول نصر الله عن مبدأ التكليف الشرعي الذي يلتزمه الحزب في أدبياته :"نحن مسؤولون الى القائد الروحي