مقاوم
06-19-2008, 07:45 AM
دلائل الصليبية في العراق المحرر!!
أ. حسين الرشيد
http://qawim.net/images/stories/salib1.jpg
http://qawim.net/exq.gif كل العالم سمع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وسيد البيت الأبيض يوم أعلن على الملأ أن الحرب في العراق هي حرب صليبية.. مما كان مدعاة للاستنكار والاحتقار بسبب ذلك الانحطاط الأخلاقي والتدني الثقافي والمعرفي الذي يلازم بوش وأعوانه ولا يكاد يفارقهم أو ينفك عنهم؛ فأوردهم وشعبهم الموارد والمهالك!!
ونتيجة لتوسع الاستنكار اضطر إلى التراجع عما قاله، معتبراً ما تفوّه به زلة لسان غير مقصودة.. ظاناً أنّ المسلمين سيصدقون مقالته، التي تكذّبها أفعاله المشينة وأفعال جنوده الذين يحتلون بلدان المسلمين وينتهكونها وينهبون ثرواتها وخيراتها ويزهقون أرواح أبناءها!
إنني لا أريد الاستفاضة في التدليل على أنّ الحرب التي يقوم بها مسعروها هي حرب عقدية في إطار "الصليبية" وما يسمونه "محور الخير ضد محور الشر"؛ لأنَّ الأمر صار من البديهيات والمسلّمات.. وعراق الحرية والديمقراطية فيه المزيد من الشواهد التي تدلل على صحة قولنا.. وبالتالي فلا حجة لمطالبتنا بالدليل على ما نذهب إليه من أن الحرب في العراق جزء كبير منها يأتي في إطار تأصيل عقيدة التبشير، تتضمنها خطوات عديدة تقف في مقدمتها تشويه تعاليم ديننا، والاعتداء على حرماته، وانتهاك شعائره ومقدساته.. بعد ما سيتعرف عليه القارئ من شاهد واضح حدث قبل أيام.
أشير اليوم إلى مثال وقع في صور متعددة وفي أوقات مختلفة من عمر الاحتلال مما ارتكبه جنود الغزو في تجسيد تلك الأمور التي أشرنا إليها، وذلك من خلال تعديهم على القران الكريم؛ وانتهاك حرمته وقدسيته.. إذ تعرض المصحف الشريف دستور الأمة الخالد، إلى مزيد من الإذلال والانتهاك والسخرية والتعدي والاحتقار -حاشا كتاب الله العزيز من ذلك- وفعل المحتلون الغزاة بهذا الكتاب العظيم ما لم يفعله أبو لهب وأبو جهل!! حتى بانَ مقصد مهم من المقاصد الحقيقية التي تقف وراء احتلال أمريكا للعراق.. إذ من المؤكد أنَّ الاختصار الحقيقي لأسباب غزو العراق تتمثل بأسباب سياسية، وأخرى اقتصادية، وثالثة عقدية، تستهدف العقيدة والدين والشرع والمقدسات، ومحاولة تشويه صورة الإسلام النقية.. وصار موضوع التنصير ونشر الأفكار التبشيرية هدف مهم من أهداف الحروب التي تخوضها قوى الشر ضد بلاد المسلمين!!
ولم تكن الحادثة الأخيرة والشهيرة التي ارتكبها جنود أمريكيون وكشفت عنها هيئة علماء المسلمين في العراق عندما وضعوا المصحف الشريف هدفا لرماتهم الحادثة الأولى لجيش الاحتلال الأمريكي، أبداً، فقد حصلت قبلها عدة حالات في بغداد والبصرة والأنبار، وما خفي كان أعظم.
ولعلَّ من أُولى تلك الحوادث المشينة ما حدث في "سجن بوكا" الذي يقع في محافظة البصرة جنوب العراق، عندما أقدم حراس المعتقل بتمزيق المصحف وركله بالأرجل.
ثم تبعت تلك الجريمة جريمة احتلالية صليبية حاقدة أخرى في محافظة الأنبار، حيث قرية البوفراج بمنطقة الجزيرة بالرمادي، إذ قام جنود الاحتلال بتمزيق المصحف والاعتداء على المصلين، بعد أن اقتحمت فجر يوم الثاني عشر من الشهر الخامس من عام 2005 مسجد القدس في جنوب مدينة الرمادي الواقعة غرب العاصمة العراقية.
http://qawim.net/images/stories/salib3.jpg
وذكر شهود عيان أن أكثر من 50 جندياً أمريكياً اقتحموا المسجد وقاموا بتفتيشه بالكامل وتمزيق المصاحف وضرب المصلين.. وذكر إمام المسجد: إن جنود الاحتلال قاموا باقتحام المسجد, أثناء تكبيرة الإحرام لصلاة الفجر, وطوقوا حرم المسجد واقتحموه بأحذيتهم وحاصروا المصلين ببنادقهم في إحدى زوايا المسجد, وقاموا بتفتيش المسجد وغرفه الملحقة به, وقام عدد من الجنود تحت مسمع من آمر دوريتهم بركل المصاحف بأرجلهم عدة مرات حتى أوصلوها إلى باب المسجد الخارجي بطريقه هزلية فيما بينهم, وقد كان أحد الجنود يشير إلى أحد المصاحف بإصبعه وهو ملقى على الأرض وينظر إلينا ويركله برجله ويضحك بشكل غير طبيعي!! ليقوم أحد شياطين الإنس من جنود الاحتلال برسم سبعة صلبان على المنبر بالصبغة السوداء التي كان يحملها معه, إضافة إلى رسم ثلاثة صلبان أخرى على سجادة الإمام الذي يقف أمام المصلين, وثلاثة على باب المسجد الداخلي وساريتيه الداخليتين, وخرجوا عند الساعة السابعة صباحاً دون أن يعتقلوا أحداً.. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ولعلّ الحصيف يكاد يجزم بأن الأمر مقصود ومدبر له، وأن الجنود الذين اقتحموا المسجد قد تهيئوا له مسبقاً، وإلا فما معنى أن تكون الصبغة السوداء جاهزة فيرسم بها الصلبان!! هذا في الوقت الذي يعرف من له خبرة في مناطق الرمادي ومستواها الانسيابي في المقاومة والتصدي لجنود الاحتلال يعلم أنّ قرية البوفراج قد أذاقت الاحتلال وجنوده الويلات، وألحقت بهم خسائر لا يحصيها إلا الله تعالى من كثرتها، إذ تمتاز هذه المنطقة بالذات برجال صناديد عُرفوا بالمقاومة وعُرفت بهم منذ الأيام الأولى لاحتلال العراق.. فكأنّ جنود الاحتلال أرادوا أن يوهنوا من عزم أولئك الرجال فقاموا بإهانة رمز مقدساتهم وشعائرهم الإسلامية وهو "القرآن الكريم".
وبعد أشهر من هذه الجريمة، وتحديداً في ليلة السبت الموافق للرابع من الشهر الثاني من العام 2006 وفي قرية عرب جبور في منطقة الدورة قام الاحتلال بجريمة أخرى بحق كتاب الله العزيز، إذ قام جنود الظلم والطغيان بالاعتداء على الرجال والنساء في أحد المنازل، ثم دخلوا مسجد ((الحي القيوم))، ومن ثم الاعتداء على كتاب الله العزيز, وداسوا عليه بأحذيتهم.. وقد ارتكبت هذه الجريمة من قبل جنود الاحتلال ومعهم بعض المرتزقة والجيش الحكومي بعد قصف ساحة المسجد بصاروخين أطلقتهما مروحية أباتشي الأمريكية.. فحطموا أبواب المسجد بالقنابل والرصاص، ودخلوا إليه بأحذيتهم بدون أية مراعاة لحرمة المسجد وقدسيته.. ثم حطموا منبر المسجد الخشبي.. وكسروا صندوق التبرعات وسرقوا منه حوالي (75) ألف دينار عراقي!! دون أن يرتجف قلب أو تهتزّ شعرة لأولئك الذين يرافقون قوات الاحتلال.
ثم جاءت الحادثة الأخرى التي أدمت قلوبنا وقلوب المسلمين جميعاً، عندما جعل جنود الاحتلال القران الكريم هدفاً للرماية في إحدى مراكز التدريب عندهم.. وقد أفاد شهود عيان من أبناء منطقة "الرضوانية" بأنّ جنود الاحتلال الأمريكي وضعوا المصحف الشريف هدفاً لرماتهم، في خطوة تعبر عن هوية الحرب الحقيقية الدائرة في العراق.. وأكد شهود العيان أن ثلاث مدرعات للاحتلال بصحبة عجلة نوع "هـمر" جاءت إلى ميدان الرمي قرب مركز "صحوة" شرطة الرضوانية، ووضعت المصحف على شاخص، وقام أفرادها بإطلاق النار عليه يسوقهم الحقد الأعمى على القرآن الكريم وأهله.
وقد أحدثت الإطلاقات التي طالت المصحف الشريف ثقوباً ظاهرة للعيان، بينما كتب عليه أحد أشقيائهم عبارة نابية باللغة الانكليزية، ثم تركوا المصحف في مكانه، وانصرفوا.. وإن مما يدمي القلب أن تجري هذه الجريمة النكراء أمام حراس مركز الإسناد (الصحوة) في الرضوانية، دون رقيب أو حسيب.
إنّ هذه الجريمة النكراء لتدل على مدى الحقد الأسود الذي يتملك قادة وأفراد قوات الاحتلال على القران وأهله، وتدل كذلك على حجم الإفلاس والخيبة لهم ما جعلهم يتخبطون في تصرفاتهم، كما تدل هذه الفعلة الدنيئة على القصد المبيت للاحتلال وكيف تفلتت من بين أيديهم أساليب إخفاء النوايا.
وهنا تكمن ملاحظة أخرى عندما قالت تصريحات أمريكية بأن جريمة الرضوانية الأخيرة تصرف فردي, وليس من طبائع الجنود انتهاك حرمة المقدسات على اختلافها!! وقد تناول هذا الموضوع وتداعياته الكاتب العراقي الأستاذ وليد الزبيدي إذ ذكر بأنّ أمريكا بتصريحها هذا تريد أن تضحك علينا؛ لأن مراكز تدريب الرماة في جميع الجيوش غالباً ما تختار رمزاً يشير إلى العدو الذي يستهدفه المتدربون على الرمي والقتال، وكلما أصاب الجندي هدفه بدقة، كلما تقدم على زملائه، وقد يحصل على التكريم, وبالوعي الداخلي يتشكل عند الجندي ذاك العدو الذي يجب أن يقاتله، ويرسخ في ذهنه، ويزداد إصراراً على ضربه والفتك به، وينطبق ذلك على البرنامج التدريبـي والتثقيفي للجيش الأميركي في العراق، ومن المؤكد أنهم اختاروا القرآن الكريم ليضعوه أمام جنودهم، وهذه المرة لم يرسموا صورة للقرآن أو يضعوا اسمه أمام الرماة، بل أوغلوا في حقدهم وكراهيتهم على الإسلام والعرب، وجاءوا بنسخ من القرآن الكريم وعبثوا بها ووضعوها أمام جنودهم، وأصبح هدفاً رئيسياً ليزداد حقد الجنود وكراهيتهم للقرآن الكريم.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ميدان الرمي أو التدريب، يغصّ بالضباط الذين يشرفون على التدريب، وإن هناك الأعداد الكبيرة من الجنود، ويتجول بداخله الإداريون ومجاميع الدعاية والحرب النفسية، ولا شك أنّ هؤلاء جميعاً شاهدوا ذلك الفعل الشنيع، هذا على افتراض أن تلك الفعلة فردية.. إلا أن المؤشر يذهب إلى أنها جماعية، وربما تحصل في جميع مراكز التدريب بالعراق وأفغانستان، وحتى لو افترضنا أنها كذلك، فما هو موقف الذين تفرجوا على هذا السلوك الإجرامي، الذي استهدف القرآن الكريم.. فالجريمة الأميركية إذن جماعية وقد تكون من مفردات التدريب للجيش الأمريكي.
وقد اعترف جيش الاحتلال بتلك الفعلة الشنيعة، واعتبرها عملية فردية، وقد بان بطلانها في السطور المتقدمة، غير أن الأمر المثير أنّ العقوبة التي لحقت بالجندي الذي ارتكب هذا الجرم الكبير هي مكافأة وليست عقوبة كما يراها كل من له قلب ولب.. وهي استخفاف بمشاعر المسلمين عموماً والعراقيين خصوصاً..
وقد فتحت قوات الاحتلال بقرار إبعادها الجندي الحقير الذي ارتكب فعلته الشنيعة عن العراق وإرجاعه إلى أمريكا -وعدّت ذلك عقوبة له!!- أقول: لقد فتحت بذلك باباً واسعاً لجنودها المتورطين في العراق والمأزومين بهستيريا فشل أهدافهم العسكرية لمزيد من الانتهاكات والاعتداءات على القرآن الكريم ومقدسات المسلمين، والتذرع بهذه الأفعال الشائنة لنيل (المكافأة) والرجوع إلى بلادهم بهذه الطريقة السهلة وغير المكلفة..
* * *
http://qawim.net/images/stories/salib2.jpg
إنّ القرآن الكريم يستغيث ويصرخ فهل من مجيب؟! سؤال يحتاج إلى إجابة كل شريف وغيور.. ومطلوب من المسلمين اليوم وقد تداعت عليهم أمم الحقد والكفر والشر والرذيلة والاحتلال أن يتعاونوا على نصرة دينهم والحفاظ على رموزهم ومقدساتهم، وأن يكونوا يداً واحدة، وذاتاً يألم كل المسلمين لألمها وشكواها.. ومقدساتنا ورموزنا اليوم عرضة للسب والطعن والسخرية والاستهزاء، ما يدعونا أن نكون على قدر مسؤولياتنا الشرعية والأخلاقية..
إنّ الأمريكي الذي رمى دستورنا الخالد برصاص البغض والحقد -شلّ الله يده، وأعمى بصره وبصيرته- لم يخطر بباله أنه ينتهك مقدساً عراقياً.. بل الذي في باله مما تعلمه من دروس الحقد لنشر صليبيته ونصرانيته أنه يهين وينتهك حرمة أهم مقدسات المسلمين..
فالوحدة مصير المسلمين، وقوتهم باجتماعهم، ولن تهلك أمم الشر إلا يوم أن نجتمع، فننتصر عليها بإرادتنا.. ولقد صدق من قال:
كـــونـوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى خطب ولا تتفرقوا آحـــادا
تأبى الرماح إذا اجتمعنَ تكسرا وإذا افترقنَ تكسرت آحــادا
وإنّ الاعتصام بمواثيق الله في الكتاب والسنة، ليلمح بوجود وحدة شاملة للأمة والمجتمع، بل وجود جيل مسلم جديد قادم ينهل من تراث النبوة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((إنّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)).
وإن ما يلحق الأمة من إصابات وجراحات وتهديدات هنا أو هناك، إنما هو في الحقيقة منبهات تحمل بصائر الحاضر، وبشائر المستقبل ((الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ)).
إننا ندعو امتنا لان تتوحد وتتراص ويستفاد بعضها من بعض، وأن يكون الأساس في التعامل بينها التكامل والتناسق والتعاون، لا التناقض والتخاذل والتشاحن، فإن فعلت ذلك شقت طريقها إلى الغد بسرعة الصاروخ، لا ببطء السلحفاة، كما هو الطابع الغالب على مسيرتنا اليوم في كثير من الأقطار.. ولتنس الأمة خلافاتها وانقساماتها في مواجه القوى الإلحادية والصليبية والوثنية المناوئة للإسلام.. ولا يجمع الناس شيء كما تجمعهم الهموم والمصائب المشتركة، والوقوف في وجه عدو مشترك، وما أصدق ما قاله شوقي:
إنَّ المصائب يجمعنَ المصابينا
http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2942&Itemid=1
أ. حسين الرشيد
http://qawim.net/images/stories/salib1.jpg
http://qawim.net/exq.gif كل العالم سمع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وسيد البيت الأبيض يوم أعلن على الملأ أن الحرب في العراق هي حرب صليبية.. مما كان مدعاة للاستنكار والاحتقار بسبب ذلك الانحطاط الأخلاقي والتدني الثقافي والمعرفي الذي يلازم بوش وأعوانه ولا يكاد يفارقهم أو ينفك عنهم؛ فأوردهم وشعبهم الموارد والمهالك!!
ونتيجة لتوسع الاستنكار اضطر إلى التراجع عما قاله، معتبراً ما تفوّه به زلة لسان غير مقصودة.. ظاناً أنّ المسلمين سيصدقون مقالته، التي تكذّبها أفعاله المشينة وأفعال جنوده الذين يحتلون بلدان المسلمين وينتهكونها وينهبون ثرواتها وخيراتها ويزهقون أرواح أبناءها!
إنني لا أريد الاستفاضة في التدليل على أنّ الحرب التي يقوم بها مسعروها هي حرب عقدية في إطار "الصليبية" وما يسمونه "محور الخير ضد محور الشر"؛ لأنَّ الأمر صار من البديهيات والمسلّمات.. وعراق الحرية والديمقراطية فيه المزيد من الشواهد التي تدلل على صحة قولنا.. وبالتالي فلا حجة لمطالبتنا بالدليل على ما نذهب إليه من أن الحرب في العراق جزء كبير منها يأتي في إطار تأصيل عقيدة التبشير، تتضمنها خطوات عديدة تقف في مقدمتها تشويه تعاليم ديننا، والاعتداء على حرماته، وانتهاك شعائره ومقدساته.. بعد ما سيتعرف عليه القارئ من شاهد واضح حدث قبل أيام.
أشير اليوم إلى مثال وقع في صور متعددة وفي أوقات مختلفة من عمر الاحتلال مما ارتكبه جنود الغزو في تجسيد تلك الأمور التي أشرنا إليها، وذلك من خلال تعديهم على القران الكريم؛ وانتهاك حرمته وقدسيته.. إذ تعرض المصحف الشريف دستور الأمة الخالد، إلى مزيد من الإذلال والانتهاك والسخرية والتعدي والاحتقار -حاشا كتاب الله العزيز من ذلك- وفعل المحتلون الغزاة بهذا الكتاب العظيم ما لم يفعله أبو لهب وأبو جهل!! حتى بانَ مقصد مهم من المقاصد الحقيقية التي تقف وراء احتلال أمريكا للعراق.. إذ من المؤكد أنَّ الاختصار الحقيقي لأسباب غزو العراق تتمثل بأسباب سياسية، وأخرى اقتصادية، وثالثة عقدية، تستهدف العقيدة والدين والشرع والمقدسات، ومحاولة تشويه صورة الإسلام النقية.. وصار موضوع التنصير ونشر الأفكار التبشيرية هدف مهم من أهداف الحروب التي تخوضها قوى الشر ضد بلاد المسلمين!!
ولم تكن الحادثة الأخيرة والشهيرة التي ارتكبها جنود أمريكيون وكشفت عنها هيئة علماء المسلمين في العراق عندما وضعوا المصحف الشريف هدفا لرماتهم الحادثة الأولى لجيش الاحتلال الأمريكي، أبداً، فقد حصلت قبلها عدة حالات في بغداد والبصرة والأنبار، وما خفي كان أعظم.
ولعلَّ من أُولى تلك الحوادث المشينة ما حدث في "سجن بوكا" الذي يقع في محافظة البصرة جنوب العراق، عندما أقدم حراس المعتقل بتمزيق المصحف وركله بالأرجل.
ثم تبعت تلك الجريمة جريمة احتلالية صليبية حاقدة أخرى في محافظة الأنبار، حيث قرية البوفراج بمنطقة الجزيرة بالرمادي، إذ قام جنود الاحتلال بتمزيق المصحف والاعتداء على المصلين، بعد أن اقتحمت فجر يوم الثاني عشر من الشهر الخامس من عام 2005 مسجد القدس في جنوب مدينة الرمادي الواقعة غرب العاصمة العراقية.
http://qawim.net/images/stories/salib3.jpg
وذكر شهود عيان أن أكثر من 50 جندياً أمريكياً اقتحموا المسجد وقاموا بتفتيشه بالكامل وتمزيق المصاحف وضرب المصلين.. وذكر إمام المسجد: إن جنود الاحتلال قاموا باقتحام المسجد, أثناء تكبيرة الإحرام لصلاة الفجر, وطوقوا حرم المسجد واقتحموه بأحذيتهم وحاصروا المصلين ببنادقهم في إحدى زوايا المسجد, وقاموا بتفتيش المسجد وغرفه الملحقة به, وقام عدد من الجنود تحت مسمع من آمر دوريتهم بركل المصاحف بأرجلهم عدة مرات حتى أوصلوها إلى باب المسجد الخارجي بطريقه هزلية فيما بينهم, وقد كان أحد الجنود يشير إلى أحد المصاحف بإصبعه وهو ملقى على الأرض وينظر إلينا ويركله برجله ويضحك بشكل غير طبيعي!! ليقوم أحد شياطين الإنس من جنود الاحتلال برسم سبعة صلبان على المنبر بالصبغة السوداء التي كان يحملها معه, إضافة إلى رسم ثلاثة صلبان أخرى على سجادة الإمام الذي يقف أمام المصلين, وثلاثة على باب المسجد الداخلي وساريتيه الداخليتين, وخرجوا عند الساعة السابعة صباحاً دون أن يعتقلوا أحداً.. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ولعلّ الحصيف يكاد يجزم بأن الأمر مقصود ومدبر له، وأن الجنود الذين اقتحموا المسجد قد تهيئوا له مسبقاً، وإلا فما معنى أن تكون الصبغة السوداء جاهزة فيرسم بها الصلبان!! هذا في الوقت الذي يعرف من له خبرة في مناطق الرمادي ومستواها الانسيابي في المقاومة والتصدي لجنود الاحتلال يعلم أنّ قرية البوفراج قد أذاقت الاحتلال وجنوده الويلات، وألحقت بهم خسائر لا يحصيها إلا الله تعالى من كثرتها، إذ تمتاز هذه المنطقة بالذات برجال صناديد عُرفوا بالمقاومة وعُرفت بهم منذ الأيام الأولى لاحتلال العراق.. فكأنّ جنود الاحتلال أرادوا أن يوهنوا من عزم أولئك الرجال فقاموا بإهانة رمز مقدساتهم وشعائرهم الإسلامية وهو "القرآن الكريم".
وبعد أشهر من هذه الجريمة، وتحديداً في ليلة السبت الموافق للرابع من الشهر الثاني من العام 2006 وفي قرية عرب جبور في منطقة الدورة قام الاحتلال بجريمة أخرى بحق كتاب الله العزيز، إذ قام جنود الظلم والطغيان بالاعتداء على الرجال والنساء في أحد المنازل، ثم دخلوا مسجد ((الحي القيوم))، ومن ثم الاعتداء على كتاب الله العزيز, وداسوا عليه بأحذيتهم.. وقد ارتكبت هذه الجريمة من قبل جنود الاحتلال ومعهم بعض المرتزقة والجيش الحكومي بعد قصف ساحة المسجد بصاروخين أطلقتهما مروحية أباتشي الأمريكية.. فحطموا أبواب المسجد بالقنابل والرصاص، ودخلوا إليه بأحذيتهم بدون أية مراعاة لحرمة المسجد وقدسيته.. ثم حطموا منبر المسجد الخشبي.. وكسروا صندوق التبرعات وسرقوا منه حوالي (75) ألف دينار عراقي!! دون أن يرتجف قلب أو تهتزّ شعرة لأولئك الذين يرافقون قوات الاحتلال.
ثم جاءت الحادثة الأخرى التي أدمت قلوبنا وقلوب المسلمين جميعاً، عندما جعل جنود الاحتلال القران الكريم هدفاً للرماية في إحدى مراكز التدريب عندهم.. وقد أفاد شهود عيان من أبناء منطقة "الرضوانية" بأنّ جنود الاحتلال الأمريكي وضعوا المصحف الشريف هدفاً لرماتهم، في خطوة تعبر عن هوية الحرب الحقيقية الدائرة في العراق.. وأكد شهود العيان أن ثلاث مدرعات للاحتلال بصحبة عجلة نوع "هـمر" جاءت إلى ميدان الرمي قرب مركز "صحوة" شرطة الرضوانية، ووضعت المصحف على شاخص، وقام أفرادها بإطلاق النار عليه يسوقهم الحقد الأعمى على القرآن الكريم وأهله.
وقد أحدثت الإطلاقات التي طالت المصحف الشريف ثقوباً ظاهرة للعيان، بينما كتب عليه أحد أشقيائهم عبارة نابية باللغة الانكليزية، ثم تركوا المصحف في مكانه، وانصرفوا.. وإن مما يدمي القلب أن تجري هذه الجريمة النكراء أمام حراس مركز الإسناد (الصحوة) في الرضوانية، دون رقيب أو حسيب.
إنّ هذه الجريمة النكراء لتدل على مدى الحقد الأسود الذي يتملك قادة وأفراد قوات الاحتلال على القران وأهله، وتدل كذلك على حجم الإفلاس والخيبة لهم ما جعلهم يتخبطون في تصرفاتهم، كما تدل هذه الفعلة الدنيئة على القصد المبيت للاحتلال وكيف تفلتت من بين أيديهم أساليب إخفاء النوايا.
وهنا تكمن ملاحظة أخرى عندما قالت تصريحات أمريكية بأن جريمة الرضوانية الأخيرة تصرف فردي, وليس من طبائع الجنود انتهاك حرمة المقدسات على اختلافها!! وقد تناول هذا الموضوع وتداعياته الكاتب العراقي الأستاذ وليد الزبيدي إذ ذكر بأنّ أمريكا بتصريحها هذا تريد أن تضحك علينا؛ لأن مراكز تدريب الرماة في جميع الجيوش غالباً ما تختار رمزاً يشير إلى العدو الذي يستهدفه المتدربون على الرمي والقتال، وكلما أصاب الجندي هدفه بدقة، كلما تقدم على زملائه، وقد يحصل على التكريم, وبالوعي الداخلي يتشكل عند الجندي ذاك العدو الذي يجب أن يقاتله، ويرسخ في ذهنه، ويزداد إصراراً على ضربه والفتك به، وينطبق ذلك على البرنامج التدريبـي والتثقيفي للجيش الأميركي في العراق، ومن المؤكد أنهم اختاروا القرآن الكريم ليضعوه أمام جنودهم، وهذه المرة لم يرسموا صورة للقرآن أو يضعوا اسمه أمام الرماة، بل أوغلوا في حقدهم وكراهيتهم على الإسلام والعرب، وجاءوا بنسخ من القرآن الكريم وعبثوا بها ووضعوها أمام جنودهم، وأصبح هدفاً رئيسياً ليزداد حقد الجنود وكراهيتهم للقرآن الكريم.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ميدان الرمي أو التدريب، يغصّ بالضباط الذين يشرفون على التدريب، وإن هناك الأعداد الكبيرة من الجنود، ويتجول بداخله الإداريون ومجاميع الدعاية والحرب النفسية، ولا شك أنّ هؤلاء جميعاً شاهدوا ذلك الفعل الشنيع، هذا على افتراض أن تلك الفعلة فردية.. إلا أن المؤشر يذهب إلى أنها جماعية، وربما تحصل في جميع مراكز التدريب بالعراق وأفغانستان، وحتى لو افترضنا أنها كذلك، فما هو موقف الذين تفرجوا على هذا السلوك الإجرامي، الذي استهدف القرآن الكريم.. فالجريمة الأميركية إذن جماعية وقد تكون من مفردات التدريب للجيش الأمريكي.
وقد اعترف جيش الاحتلال بتلك الفعلة الشنيعة، واعتبرها عملية فردية، وقد بان بطلانها في السطور المتقدمة، غير أن الأمر المثير أنّ العقوبة التي لحقت بالجندي الذي ارتكب هذا الجرم الكبير هي مكافأة وليست عقوبة كما يراها كل من له قلب ولب.. وهي استخفاف بمشاعر المسلمين عموماً والعراقيين خصوصاً..
وقد فتحت قوات الاحتلال بقرار إبعادها الجندي الحقير الذي ارتكب فعلته الشنيعة عن العراق وإرجاعه إلى أمريكا -وعدّت ذلك عقوبة له!!- أقول: لقد فتحت بذلك باباً واسعاً لجنودها المتورطين في العراق والمأزومين بهستيريا فشل أهدافهم العسكرية لمزيد من الانتهاكات والاعتداءات على القرآن الكريم ومقدسات المسلمين، والتذرع بهذه الأفعال الشائنة لنيل (المكافأة) والرجوع إلى بلادهم بهذه الطريقة السهلة وغير المكلفة..
* * *
http://qawim.net/images/stories/salib2.jpg
إنّ القرآن الكريم يستغيث ويصرخ فهل من مجيب؟! سؤال يحتاج إلى إجابة كل شريف وغيور.. ومطلوب من المسلمين اليوم وقد تداعت عليهم أمم الحقد والكفر والشر والرذيلة والاحتلال أن يتعاونوا على نصرة دينهم والحفاظ على رموزهم ومقدساتهم، وأن يكونوا يداً واحدة، وذاتاً يألم كل المسلمين لألمها وشكواها.. ومقدساتنا ورموزنا اليوم عرضة للسب والطعن والسخرية والاستهزاء، ما يدعونا أن نكون على قدر مسؤولياتنا الشرعية والأخلاقية..
إنّ الأمريكي الذي رمى دستورنا الخالد برصاص البغض والحقد -شلّ الله يده، وأعمى بصره وبصيرته- لم يخطر بباله أنه ينتهك مقدساً عراقياً.. بل الذي في باله مما تعلمه من دروس الحقد لنشر صليبيته ونصرانيته أنه يهين وينتهك حرمة أهم مقدسات المسلمين..
فالوحدة مصير المسلمين، وقوتهم باجتماعهم، ولن تهلك أمم الشر إلا يوم أن نجتمع، فننتصر عليها بإرادتنا.. ولقد صدق من قال:
كـــونـوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى خطب ولا تتفرقوا آحـــادا
تأبى الرماح إذا اجتمعنَ تكسرا وإذا افترقنَ تكسرت آحــادا
وإنّ الاعتصام بمواثيق الله في الكتاب والسنة، ليلمح بوجود وحدة شاملة للأمة والمجتمع، بل وجود جيل مسلم جديد قادم ينهل من تراث النبوة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((إنّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)).
وإن ما يلحق الأمة من إصابات وجراحات وتهديدات هنا أو هناك، إنما هو في الحقيقة منبهات تحمل بصائر الحاضر، وبشائر المستقبل ((الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ)).
إننا ندعو امتنا لان تتوحد وتتراص ويستفاد بعضها من بعض، وأن يكون الأساس في التعامل بينها التكامل والتناسق والتعاون، لا التناقض والتخاذل والتشاحن، فإن فعلت ذلك شقت طريقها إلى الغد بسرعة الصاروخ، لا ببطء السلحفاة، كما هو الطابع الغالب على مسيرتنا اليوم في كثير من الأقطار.. ولتنس الأمة خلافاتها وانقساماتها في مواجه القوى الإلحادية والصليبية والوثنية المناوئة للإسلام.. ولا يجمع الناس شيء كما تجمعهم الهموم والمصائب المشتركة، والوقوف في وجه عدو مشترك، وما أصدق ما قاله شوقي:
إنَّ المصائب يجمعنَ المصابينا
http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2942&Itemid=1