تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإقامة في بلد الكفار



عزام
06-17-2008, 10:42 AM
سألني الاخ ابو هشام ان ابحث له عن حكم اقامة المسلم في ارض الكفار لغير حاجة لأنه سمع حديث " أنا بريء ممن أقام بين ظهراني الكفار" ولأنه رأى مفاسد عظيمة تحصل مع عدة اشخاص لدى اقامتهم في الغربة.


ساعرض هنا لعدة فتاوى وجدتها ان شاء الله منتظرا من الاخوة ان يدلوا بدلوهم هم ايضا.
عزام


الإقامة في بلد الكفار


خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
فضيلة الشيخ سلمه الله: أود من فضيلتكم الإجابة عن السؤال التالي: عرض علي العمل وفتح مكتب لإعانة المسلمين؛ للهجرة إلى دولة غربية، والقضية تشمل التالي:
أولاً:منهم المضطر وغير المضطر للهجرة.
ثانياً: المتدين دينياً، وغير المتدين.
ثالثاً: ومنهم من يريد مخرجاً لنفسه وأولاده من المعاناة، وليس قصده الهجرة بحد ذاتها والحصول على أوراق تسهل عليه المعيشة.
رابعًا: هل ينطبق عليهم حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – "أنا بريء ممن أقام بين ظهراني الكفار؟".
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
الهجرة في الإسلام : هي الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. وكل دار يحكمها الكفار، وتجري فيها أحكام الكفر فهي دار كفر. ودار الإسلام: هي كل بلاد يحكمها المسلمون، وتجري فيها أحكام الإسلام.ومن الخطأ أن يُسمى الانتقال من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر هجرة؛ لأن الانتقال إلى بلاد الكفر معصية وكبيرة من كبائر الذنوب وصاحبها متوعد من الله.قال تعالى : " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا، إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " [سورة النساء 97-98].وتبرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن يقيم بين الكفار كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود (2645)، والترمذي (1604) وغيرهما بإسناد حسن، قال عليه الصلاة والسلام : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ".وقال عليه الصلاة والسلام : " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله ". أخرجه أبو داود(2787) من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه-. وقال عليه الصلاة والسلام : " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا ". أخرجه الحاكم في المستدرك (2627) من حديث سمرة بن جندب –رضي الله عنه- قال الذهبي: صحيح على شرط البخاري.
والهجرة من بلاد الكفر باقية إلى قيام الساعة وواجبة على كل مسلم في بلاد الكفر، وطاعة وقربة إلى الله -عز وجل- ويثاب فاعلها. قال عليه الصلاة والسلام : "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " أخرجه أبو داود (2479) من حديث معاوية -رضي الله عنه-. وقال عليه الصلاة والسلام : "لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يُقاتل". أخرجه أحمد (1674) من حديث عبد الله بن السعدي -رضي الله عنه- بإسناد حسن. فالأصل أن الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام واجبة على كل مسلم ومسلمة، ويستثنى من هذا المستضعفون الذين لا يستطيعون أن يهاجروا من بلاد الكفر، ولا يجدون السبيل إلى ذلك، كذلك لا يجوز السفر إلى بلاد الكفر إلا لحاجة لا تُقضى في بلاد الإسلام؛ كالعلاج والتجارة وطلب العلم والدعوة إلى الله، ونحوها من الحاجات التي لا يمكن تحصيلها في بلاد الإسلام، ويكون السفر قدر الحاجة، فإذا انتهت حاجته رجع إلى بلاد الإسلام.
كما لا يجوز إعانة أحد من المسلمين في الذهاب إلى بلاد الكفر واستيطانها من غير حاجة كما سبق بيانه.والإسلام يُحرّم السفر إلى بلاد الكفر واستيطانها؛ لما يترتب عليه من عواقب وخيمة، ونتائج خطيرة على دين المسلم وعلى أخلاقه، وعلى أهله وذريته الذين ينشؤن في بلاد الكفر، كما أن اتساع بلاد الإسلام فيه غنية لمن أراد من المسلمين الانتقال من بلاده الإسلامية، ولا يستطيع البقاء في بلاده، وعلى من اضطر إلى الانتقال عن بلاده البحث عن بلاد إسلامية أخرى، تتيسر فيها أسباب معيشته، ويأمن فيها على دينه، وأن يحتسب الأجر من الله في ذلك، ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه. ونسأل الله أن يمنَّ علينا وعليكم بنعمه وفضله، وأن يغنينا وإياكم بحلاله عن حرامه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن تبعهم بإحسان.


العلاّمة / محمد بن صالح العثيمين


رقم الفتوى 15554
تاريخ الفتوى 17/5/1427 هـ -- 2006-06-14
تصنيف الفتوى مواضيع متنوعة-> العلم والدعوة والجهاد-> كتاب العلم الشرعي-> باب تعلم العلوم المختلفة
السؤال حكم الإقامـة في بـلاد الكفـار

الجواب الإقامة في بلاد الكفار خطر عظيم على دين المسلم ، وأخلاقه ، وسلوكه ، وآدابه وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك فرجعوا بغير ما ذهبوا به ، رجعوا فُسّاقـًا ، وبعضهم رجع مرتدًا عن دينه وكافرًا به وبسائر الأديان - والعياذ بالله - حتى صاروا إلى الجحود المطلق والاستهزاء بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين ، ولهذا كان ينبغي بل يتعين التحفظ من ذلك ووضع الشروط التي تمنع من الهويّ في تلك المهالك .
فالإقامة في بلاد الكفر لابد فيها من شرطين أساسين:
الشرط الأول : أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان، وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ وأن يكون مضمرً العداوة الكافرين وبغضهم مبتعدًا عن موالاتهم ومحبتهم ، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان قال الله - تعالى - : ((لا تجد قومـًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يُوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )) (المجادلة:22) .
وقال تعالى : (( يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين )) (المائدة/51 - 52 ) .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ أن من أحب قومـًا فهو منهم ، وأن المرء مع من أحب ] .
ومحبة أعداء الله عن أعظم ما يكون خطرًا على المسلم لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من أحب قومـًا فهو منهم)).
الشرط الثاني : أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة ، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين ، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ ، قال في المغني صـ457 جـ8 في الكلام على أقسام الناس في الهجرة : أحدها من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى : (( إن الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا)) (النساء:97) .
وهذا وعيد شديد يدل على الواجب، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . أ . هـ
وبعد تمام هذين الشرطين الأساسين تنقسم الإقامة في دار الكفر إلى أقسام :
القسم الأول : أن يقيم الدعوة إلى الإسلام والترغيب فيه فهذا نوع من الجهاد فهي فرض كفاية على من قدر عليها ، بشرط أن تتحقق الدعوة وأن لا يوجد من يمنع منها أو من الاستجابة إليها ، لأن الدعوة إلى الإسلام من واجبات الدين وهي طريقة المرسلين وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه في كل زمان ومكان فقال صلى الله عليه وسلم : ((بلغوا عني ولو آية)).
القسم الثاني : أن يقيم لدراسة أحوال الكافرين والتعرف على ما هم عليه من فساد العقيدة، وبطلان التعبد ، وانحلال الأخلاق ، وفوضوية السلوك ؛ ليحذّر الناس من الاغترار بهم ، ويبيّن للمعجبين بهم حقيقة حالهم ، وهذه الإقامة نوع من الجهاد أيضًا لما يترتب عليها من التحذير من الكفر وأهله المتضمن للترغيب في الإسلام وهديه ،لأن فساد الكفر دليل على صلاح الإسلام، كما قيل : وبضدها تتبين الأشياء ؛ لكن لابد من شرط أن يتحقق مراده بدون مفسدة أعظم منه ، فإن لم يتحقق مراده بأن منع من نشر ما هم عليه والتحذير منه فلا فائدة من إقامته ، وإن تحقق مراده مع مفسدة أعظم مثل أن يقابلوا فعله بسب الإسلام ورسوله الإسلام وأئمة الإسلام وجب الكف لقوله تعالى : ((ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم كذلك زينـا لكل أمةٍ عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون)) (الأنعام:108) .
ويشبه هذا أن يقيم في بلاد الكفر ليكون عينا للمسلمين ؛ ليعرف ما يدبروه للمسلمين من المكايد فيحذرهم المسلمون ، كما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم، حذيفة بن اليمان إلى المشركين في غزوة الخندق ليعرف خبرهم .
القسم الثالث : أن يقيم لحاجة الدولة المسلمة وتنظيم علاقاتهم مع دولة الكفر كموظفي السفارات فحكمها حكم ما أقام من أجله ، فالملحق الثقافي مثلاً يقيم ليرعى شؤون الطلبة ويراقبهم ويحملهم على التزام دين الإسلام وأخلاقه وآدابه ، فيحصل بإقامته مصلحة كبيرة ويدرأ به شر كبير .
القسم الرابع : أن يقيم لحاجة خاصة مباحة كالتجارة والعلاج فتباح الإقامة بقدر الحاجة ، وقد نص أهل العلم رحمهم الله على جواز دخول بلاد الكفار للتجارة وأثروا ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم .
القسم الخامس : أن يقيم للدارسة وهي من جنس ما قبلها إقامة لحاجة لكنها أخطر منها وأشد فتكـًا بدين المقيم وأخلاقه ، فإن الطالب يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة معلميه ، فيحصل من ذلك تعظيمهم والاقتناع بآرائهم وأفكارهم وسلوكهم فيقلدهم إلا من شاء الله عصمته وهم قليل ، ثم إن الطالب يشعر بحاجته إلى معلمه فيؤدي ذلك إلى التودد إليه ومداهنته فيما هو عليه من الانحراف والضلال ، والطالب في مقر تعلمه له زملاء يتخذ منهم أصدقاء يحبهم ويتولاهم ويكتسب منهم ، ومن أجل خطر هذا القسم وجب التحفظ فيه أكثر مما قبله فيشترط فيه بالإضافة إلى الشرطين الأساسيين شروط :
الشرط الأول : أن يكون الطالب على مستوى كبير من النضوج العقلي الذي يميز به بين النافع والضار وينظر به إلى المستقبل البعيد ، فأما بعث الأحداث صغار السن وذوي العقول الصغيرة فهو خطر عظيم على دينهم ، وخلقهم، وسلوكهم، ثم هو خطر على أمتهم التي سيرجعون إليها وينفثون فيها من السموم التي نهلوها من أولئك الكفار كما شهد ويشهد به الواقع ، فإن كثيرًا من أولئك المبعوثين رجعوا بغير ما ذهبوا به ، رجعوا منحرفين في ديانتهم، وأخلاقهم ، وسلوكهم ، وحصل عليهم وعلى مجتمعهم من الضرر في هذه الأمور ما هو معلوم مشاهد ، وما مثل بعث هؤلاء إلا كمثل تقديم النعاج للكلاب الضاربة .
الشرط الثاني : أن يكون عند الطالب من علم الشريعة ما يتمكن به من التمييز بين الحق والباطل ، ومقارعة الباطل بالحق لئلا ينخدع بما هم عليه من الباطل فيظنه حقـًا أو يلتبس عليه أو يعجز عن دفعه فيبقى حيران أو يتبع الباطل .
وفي الدعاء المأثور((اللهم أرني الحق حقـًا وارزقني إتباعه ، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه ، ولا تجعله ملتبسـًا عليَّ فأضلّ)) .
الشرط الثالث : أن يكون عند الطالب دين يحميه ويتحصن به من الكفر والفسوق ، فضعيف الدين لا يسلم مع الإقامة هناك إلا أن يشاء الله وذلك لقوة المهاجم وضعف المقاوم ، فأسباب الكفر والفسوق هناك قوية وكثيرة متنوعة فإذا صادفت محلاً ضعيف المقاومة عملت عملها .
الشرط الرابع : أن تدعو الحاجة إلى العلم الذي أقام من أجله بأن يكون في تعلمه مصلحة للمسلمين ولا يوجد له نظير في المدارس في بلادهم ، فإن كان من فضول العلم الذي لا مصلحة فيه للمسلمين أو كان في البلاد الإسلامية من المدارس نظيره لم يجز أن يقيم في بلاد الكفر من أجله لما في الإقامة من الخطر على الدين والأخلاق ، وإيضاعة الأموال الكثيرة بدون فائدة .
القسم السادس : أن يقيم للسكن وهذا أخطر مما قبله وأعظم لما يترتب عليه من المفاسد بالاختلاط التام بأهل الكفر وشعوره بأنه مواطن ملتزم بما تقتضيه الوطنية من مودة ، وموالاة ، وتكثير لسواد الكفار ، ويتربى أهله بين أهل الكفر فيأخذون من أخلاقهم وعاداتهم ، وربما قلدوهم في العقيدة والتعبد ، ولذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله)).
وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له وجهة من النظر فإن المساكنة تدعو إلى المشاكلة ، وعن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم ؟ قال لا تراءى نارهما )) رواه أبو داود والترمذي .
وأكثر الرواة رووه مرسلاً عن قيس بن أبي حازم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الترمذي سمعت محمدًا - يعني البخاري - يقول الصحيح حديث قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً . أ . هـ .
وكيف تطيب نفس مؤمن أن يسكن في بلاد كفار تعلن فيها شعائر الكفر ويكون الحكم فيها لغير الله ورسوله وهو يشاهد ذلك بعينه ويسمعه بأذنيه ويرضى به ، بل ينتسب إلى تلك البلاد ويسكن فيها بأهله وأولاده ويطمئن إليها كما يطمئن إلى بلاد المسلمين مع ما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى أهله وأولاده في دينهم وأخلاقهم .
هذا ما توصلنا إليه في حكم الإقامة في بلاد الكفر نسأل الله أن يكون موافقـًا للحق والصواب.
مجموعة فتاوى ابن عثيمين - فتوى رقم 388 مجموع فتاوى الشيخ ج3/ 25-30 .

عزام
06-17-2008, 10:44 AM
حكم السفر إلى ديار الكفار والسكنى بين ظهرانيهم من غير ضرورة


للاتصال بمدير الموقع الشيخ / الأمين الحاج محمد
حكم السفر إلى ديار الكفار والسكنى بين ظهرانيهم من غير ضرورة

حكم الهجرة العكسية من ديار الإسلام إلى ديار الكفر

العلة في تحريم الهجرة والسكنى في ديار الكفار أو بقاء ما طرأ عليه الإسلام فيها

المخالفات الشرعية المترتبة على الهجرة والسكنى في ديار الكفار



حكم السفر إلى ديار الكفار والسكنى بين ظهرانيهم من غير ضرورة

الحمد لله الذي لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً، وحصر العزة والكرامة في ذاته العلية وفي رسوله والمؤمنين، وجعل الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه في كل وقت وحين، ورضي الله عن عمر القائل: لقد أعزنا الله بالإسلام، فمن طلب العزة في غيره أذله الله؛ ولله در الصحابي عاصم بن ثابت الذي أقسم أن لا يمسَّ مشركاً ولا يمسَّه مشرك، فأبر الله قسمه حياً وميتاً بأن منع المشركين من مسه بالنحل والسيل، وهذا مصداق لقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك"، أو كما قال.

وبعد..

لقد أوجب الله على المؤمنين الهجرة من ديار الكفر إلى ديار الإسلام، ولم يستثن أحداً إلا المستضعفين من الرجال، والنساء، والولدان، ومن لم يجد بلداً يؤويه، كما هو الحال الآن، بدءاً بالهجرة من مكة عندما كانت دار كفر إلى المدينة، وانتهاء بأي بلد كافر حتى قيام الساعة، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

والأدلة على وجوب ذلك القرآن، والسنة، والإجماع.

فمن الكتاب

قوله تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً".1

كان جندب بن سمرة رضي الله عنه شيخاً كبيراً، فلما أمروا بالهجرة من مكة إلى المدينة وشدِّد عليهم فيها، مع علمهم أن الدين لا حرج فيه ولا تكليف بما لا يطاق، قال لبنيه: إني أجد حيلة فلا أعذر، احملوني على سرير؛ فحملوه، فمات بالتنعيم وهو يصفق يمينه على شماله: هذا لك وهذا لرسولك"2

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع).3

وقال السيوطي في تفسير "ظالمي أنفسهم": (بالمقام مع الكفار وترك الهجرة).

ومن السنة

o خرَّج البخاري في صحيحه بسنده عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود قال: "قطع عن أهل المدينة بعث، فاكتتبت فيه، فلقيتُ عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، قال: أخبرني ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم4 على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله، أويضرب عنقه فيقتل، فأنزل الله: "إن الذين توفاهم الملائكة".5

o وعن ابن عباس قال: "كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يَسْتخفون بالإسلام، فأخرجهم 6 المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم، قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" الآية، قال: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الآية: لا عذر لهم، قال: فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة، فنزلت الآية: "ومن الناس من يقول آمنا بالله" الآية.7

o وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه: "أما بعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله".8

o وعن جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى خَثْعَم، فاعتصم ناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر لهم بنصف العَقَل، وقال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله: ولِمَ؟ قال: "لا تتراءى ناراهما".9

الإجماع

أجمعت الأمة على وجوب الهجرة على المسلم من ديار الكفار إلى ديار الإسلام، ولم يستثنِ من ذلك إلا العاجزين عنها من الرجال والنساء والولدان، وفي هذا العصر الذي كثرت فيه البلايا وعظمت فيه الرزايا من لم يجد له بلداً من بلاد المسلمين يأويه.

وقد نقل ذلك الإجماع الإمام أحمد بن يحيى الونشريسي (المتوفى 914ﻫ)، في رسالة له بعنوان "أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر"، المتضمنة في مؤلفه القيم: "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقيا والأندلس والمغرب"10، في إجابة عن سؤال في جماعة من أهل الأندلس هاجروا إلى المغرب بعد استيلاء الكفار عليها، ولكن بعضهم ندم على الهجرة وعزم على الرجوع إلى ديار الكفر، فقال: (الجواب عما سألتم عنه، والله سبحانه ولي التوفيق بفضله، أن الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإسلام فريضة إلى يوم القيامة، وكذلك الهجرة من أرض الحرام والباطل بظلم أوفتنة، قال رسول الله صلى: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن"، أخرجه البخاري، والموطأ، وأبو داود، والنسائي، وقد روى أشهب عن مالك: لا يقيم أحد في موضع يعمل فيه بغير الحق، قال في العارضة: فإن قيل: فإذا لم يوجد بلد إلا كذلك؟ قلنا: يختار المرء أقلها إثماً، مثل أن يكون بلد فيه كفر، وبلد فيه جور خير منه.

إلى أن قال:

ولا يسقط هذه الهجرة الواجبة على هؤلاء الذين استولى الطاغية لعنه الله على معاقلهم وبلادهم إلا تصور العجز عنها بكل وجه وحال، لا الوطن والمال، فإن ذلك كله ملغي في نظر الشرع، قال الله تعالى: "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراًً"، فهذا الاستضعاف المعفوّ عمن اتصف به غير الاستضعاف المعتذر به في أول الآية وصدرها وهو قول الظالمي أنفسهم: "كنا مستضعفين في الأرض".

إلى أن قال:

وتكرار الآيات في هذا المعنى وجريها على نسق وتيرة واحدة مؤكد للتحريم ورافع للاحتمال المتطرِّق إليه، فإن المعنى إذا نُصَّ عليه وأكد بالتكرار فقد ارتفع الاحتمال لا شك، فتتعاضد هذه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والإجماعات القطعية على هذا النهي، فلا نجد في تحريم هذه الإقامة وهذه الموالاة الكفرانية مخالفاً من أهل القبلة المتمسكين بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فهو تحريم مقطوع به من الدين كتحريم الميتة، والدم، والخنزير، وقتل النفس بغير حكم، وأخواته من الكليات الخمس التي أطبق أرباب الملل والأديان على تحريمها، ومن خالف الآن في ذلك أورام الخلاف من المقيمين معهم والراكنين إليهم فجوَّز هذه الإقامة واستخف أمرها، واستسهل حكمها، فهو مارق من الدين ومفارق لجماعة المسلمين، ومحجوج بما لا مدفع فيه لمسلم ومسبوق بالإجماع الذي لا سبيل إلى مخالفته وخرق سبيله.

قال زعيم الفقهاء القاضي أبو الوليد بن رشد رحمه الله في أول كتاب التجارة إلى أرض الحرب من مقدماته: فرض الهجرة غير ساقط، بل الهجرة باقية لازمة إلى يوم القيمة، واجب بإجماع المسلمين على من أسلم بدار الحرب أن لايقيم بها حيث تجري أحكام المشركين، وأن يهجرها ويلحق بدار المسلمين، إلا أن هذه الهجرة لا يحرم على المهاجر بها الرجوع إلى وطنه إن عاد دار إيمان وإسلام كما حرم على المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى مكة، الذي ادخره الله لهم من الفضل في ذلك، قال: فإذا وجب بالكتاب وإجماع الأمة على من أسلم بدار الحرب أن يهجره ويلحق بدار المسلمين ولا يثوي بين المشركين ويقيم بين أظهرهم لئلا تجري عليهم أحكامهم، فكيف يباح لأحد الدخول إلى بلادهم حيث تجرى عليه أحكامهم في تجارة أوغيرها؟ وقد كره مالك رحمه الله أن يسكن أحد ببلد يُسبُّ فيه السلف فكيف ببلد يكفر فيه بالرحمن؟ وتعبد فيه من دونه الأوثان؟ لا تستقر نفس أحد على هذا إلا مسلم مريض الإيمان).

ã

حكم الهجرة العكسية من ديار الإسلام إلى ديار الكفر

حديثنا السابق كان خاصاً بوجوب الهجرة على من طرأ عليه الإسلام وهو في بلاد الكفر، حيث يجب عليه وجوباً عينياً أن يهجرها إلى ديار الإسلام إلا إذا غُلب على أمره، أما الهجرة العكسية من ديار الإسلام إلى ديار الكفر فهي من البدع الحادثة، ولذلك لم يتحدث عنها فقهاء الإسلام السابقون، إذ لم تحدث في وقتهم ولم تدر بخلدهم فيفترضوها كما افترضوا كثيراً من المسائل وبينوا حكم الشرع فيها، على الرغم من استحالة وقوع وحدوث كثير منها، لذلك كما قال الونشريسي لم يشر إليها ابن رشد ولا ابن العربي رحمهما الله، فقد حصرا حديثهما عن وجوب هجرة من طرأ عليه الإسلام وهو في بلاد الكفر، وإن كانتا في الحكم سواء.

قال الونشريسي رحمه الله: (وإنما خص من تقدم من أئمة الهدى المقتدى بهم الكلام بصورة من أسلم ولم يهاجر، لأن هذه الموالاة الشركية كانت مفقودة في صدر الإسلام وغرته، ولم تحدث على ما قيل إلا بعد مضي مئات من السنين، وبعد انقراض أئمة الأمصار المجتهدين، فلذلك لا شك لم يتعرض لأحكامها الفقهية أحدٌ منهم، ثم لما نبغت هذه المرة الموالاة النصرانية في المائة الخامسة وما بعدها من تاريخ الهجرة وقت استيلاء ملاعين النصارى دمرهم الله على جزيرة صقلية وبعض كور الأندلس، سئل عنها بعض الفقهاء واستفهموا عن الأحكام الفقهية المتعلقة بمرتكبها، فأجاب: بأن أحكامهم جارية على أحكام من أسلم ولم يهاجر، وألحقوا هؤلاء المسؤول عنهم والمسكوت عن حكمهم بهم، وسوّوا في ذلك بين الطائفتين في الأحكام الفقهية المتعلقة بأموالهم وأولادهم، ولم يروا فيها فرقاً بين الفريقين، وذلك لأنهما في موالاة الأعداء، ومساكنتهم، ومداخلتهم، وملابستهم، وعدم مباينتهم، وترك الهجرة الواجبة عليهم، والفرار منهم، وسائر الأسباب الموجبة لهذه الأحكام المسكوت عنها في الصورة المسؤول عن فرضها11 بمثابة واحدة، فألحقوا رضي الله عنهم الأحكام المسكوت عنها في هؤلاء المسكوت عنهم بالأحكام المتفقة فيها في أولئك، فصار اجتهاد المتأخرين في مجرد إلحاق المسكوت عنه بمنطوق به مساوٍ له في المعنى من كل وجه).12

قلت: كيف يدور بخلد أحد من السلف الصالح أن يهاجر المسلم عن طواعية واختيار، بل ويسابق وينافس في ذلك، من ديار الإسلام التي يشتهر فيها الإسلام، ويُعلن فيها الأذان، وتُصل فيها الأرحام، ويُؤمر فيها بالمعروف، ويُنهى فيها عن المنكر، إلى ديار الكفر حيث يُدَّعى فيها بالتثليث، وتُضرب فيها النواقيس، ويُعبد فيها الشيطان، ويُكفر فيها علناً بالرحمن، وتنتشر فيها الرذيلة، وتنعدم فيها الفضيلة؟

ã

العلة في تحريم الهجرة والسكنى في ديار الكفار أو بقاء ما طرأ عليه الإسلام فيها

العلة الكبرى والحكمة العظمى في تحريم الهجرة إلى ديار الكفار ووجوب الهجرة منها المحافظة على الدين، إذ به نجاة الإنسان الأبدية وسعادته الأخروية، وضياعه من أعظم الخسران، إذ لا يساويه ضياع النفس، والمال، والأهل، والولدان.

الدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران

والخوف من الكفر ولو على الأجيال القادمة للمهاجر، وأخشى ما أخشاه أن يشمله الوعيد الذي ورد في الحديث الصحيح: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه، أوينصِّرانه، أويمجِّسانه"، ألا يخشى الذي يساكن هؤلاء الكفار أويعاشرهم أن يتهوَّد، أويتنصَّر، أويشرك أحدُ أحفاده القادمين؟! أما يدري أنه سيحاسب على ذلك حساباً عسيراً؟! ولهذا لم يفرِّق الشارع في تحريم ذلك بين من هدفه الدعوة والتعليم ومن هدفه سوى ذلك من المهاجرين، إلا المضطرين.

ã

المخالفات الشرعية المترتبة على الهجرة والسكنى في ديار الكفار

لم يحرِّم الشارع الحكيم ولم ينه الرسول الكريم عن شيء إلا إذا ظهرت أضراره، وعظمت أخطاره، وتعددت مفاسده.

والعبرة بالأخطار والأضرار الدينية التي يغفل عنها جل المهاجرين إلى ديار الكفر، حيث غرضُهم الأول والأخير المصالح الدنيوية، والراحة الجسدية، والمتع الزائلة، والأوهام المسيطرة على أفهام وعقول كثير منهم.

على الرغم من أن مخاطر الهجرة إلى بلاد الكفار والسكنى بين ظهرانيهم على المهاجر وأسرته، وأحفاده من بعده إن كانت له أسرة لا تنحصر، وأن الهجرة محرمة ولو سلمت من كل تلك المخاطر والمخالفات، مع ما يدخر له من الإثم، إلا أننا سنشير إلى طرف منها، لعلها تجد أذاناً صاغية، وقلوباً واعية، ونفوساً زاكية.

أخطر المخالفات الشرعية والأضرار الدينية في معاشرة ومساكنة الكفار ما يأتي13:

1. مشاهدة المنكرات ومؤالفتها.

2. عدم إشهار الشعائر التعبدية.

3. الفتنة في الدين على النفس، والأولاد، والنساء، والأحفاد.

4. هجر الأمر، والنهي، والنصيحة، إذ لا مجال للقيام بذلك هناك.

5. الخوف من الوقوع في الزنا والفاحشة.

6. المعايشة تدعو إلى التشبه بالكفار والتخلق بأخلاقهم.

7. ترك اللسان العربي.

8. الخوف على النفس، والمال، والولد، والأهل.

9. مولاتهم.

10. الأفال في تلك البلاد ملك للدولة بحكم القانون.

11. ليس للمسلم على زوجه وولده أي ولاية.

12. فيحال الفراق يحال بين الأب وأبنائه، خاصة لو كانت زوجته كافرة.

13. الخف من تزويج البنات المسلمات بالكفار.

14. تعلق النساء والأولاد بالدنيا يجعل من العسير على الأب إذا عزم على الرجوع أن يطاوعه هؤلاء على ذلك، فإما أن يطاوعهم ويجلس معهم وإما أن يتركهم.

15. درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فما يستفيده المسلم من هجرته إلى تلك البلاد من الحرية الشخصية والمصالح الدنيوية من تعليمية وعلاجية ونحوها، لا يساوي الأضرار المشاهدة من المآسي، وما يعرفه المقيمون هناك أضعاف أضعاف ما نعرفه نحن.

16. المضايقات وردود الأفعال التي تصيب المهاجرين، كما حدث إثر حوادث الحادي عشر من سبتمبر.

وأخيراً أقول: لله در عمر بن عبد العزيز خليفة وقته عندما نهى المسلمين عن الإقامة بجزيرة الأندلس، مع أنها كانت في وقته رباطاً لا يُجهل فضله، ومع ما كان المسلمون عليه من القوة والظهور، فكيف بمن يلقي اليوم بنفسه وأسرته طائعاً مختاراً في ديار الكفار مع شدة سطوتهم، وكمال قوتهم، ونهاية جبروتهم وطغيانهم؟!!

اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

واللهَ أسألُ أن يرينا وجميع إخواننا المسلمين الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ونسألك نفوساً مطمئنة، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك، وصلى الله وسلم وبارك على الناصح الأمين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته الميامين.

طرابلسي
06-17-2008, 11:49 AM
كل دار يحكمها الكفار، وتجري فيها أحكام الكفر فهي دار كفر. ودار الإسلام: هي كل بلاد يحكمها المسلمون، وتجري فيها أحكام الإسلام.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمن لديه العلم
سؤال لم أجد له جوابا شافيا بعد :
ما الفرق بين ديارنا وديار الغرب من خلال الأحكام
هل هي مختلفة عن بلاد الكفر أم هي هي فتأخذ حكمها وما هي الفروق وأين موقعنا منها ؟

عزام
06-17-2008, 12:33 PM
وانا مثلك احيل الامر الى اهل العلم ولكن ان نظرنا للمفاسد التالية نرى ان مفاسد الاقامة في الغرب لغير حاجة -على الفرد العادي - اكثر والله اعلم:
1. مشاهدة المنكرات ومؤالفتها.
2. عدم إشهار الشعائر التعبدية.
3. الفتنة في الدين على النفس، والأولاد، والنساء، والأحفاد.
4. هجر الأمر، والنهي، والنصيحة، إذ لا مجال للقيام بذلك هناك.
5. الخوف من الوقوع في الزنا والفاحشة.
6. المعايشة تدعو إلى التشبه بالكفار والتخلق بأخلاقهم.
7. ترك اللسان العربي.
8. الخوف على النفس، والمال، والولد، والأهل.
9. مولاتهم.
10. الأفال في تلك البلاد ملك للدولة بحكم القانون.
11. ليس للمسلم على زوجه وولده أي ولاية.
12. فيحال الفراق يحال بين الأب وأبنائه، خاصة لو كانت زوجته كافرة.
13. الخف من تزويج البنات المسلمات بالكفار.
14. تعلق النساء والأولاد بالدنيا يجعل من العسير على الأب إذا عزم على الرجوع أن يطاوعه هؤلاء على ذلك، فإما أن يطاوعهم ويجلس معهم وإما أن يتركهم.
15. درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فما يستفيده المسلم من هجرته إلى تلك البلاد من الحرية الشخصية والمصالح الدنيوية من تعليمية وعلاجية ونحوها، لا يساوي الأضرار المشاهدة من المآسي، وما يعرفه المقيمون هناك أضعاف أضعاف ما نعرفه نحن.
16. المضايقات وردود الأفعال التي تصيب المهاجرين، كما حدث إثر حوادث الحادي عشر من سبتمبر.

الظافر
06-17-2008, 01:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق حمده و الصلاة و السلام على من لا نبي من بعده و على آله و صحبه أجمعين إلى يوم الدين , و بعد .

إن كلام العلماء لا غبار عليه من ناحية العقيدة و لست أهلا لنقاشه و لكني أرى الأمر من ناحية التطبيق و من ناحية الفرد بعينه .
إن الحدود التي فرضها الله علينا لا معطل لها و لا راد لها إلا جاحد , و الجحود ضرب من الكفر , و على هذا فقس .
إذا كان ولاة الأمر في دولة ما لا يقيمون لرعيتهم ما هو أهل لحفظ دينهم و إيمانهم فماذا عساهم يفعلون ؟ فإما ساكت عن الحق فشيطان أخرس و إما مسجون تنتهك حرمته و إما متحمس على غير روية و علم فمقتول و إما مهاجر إلى غير بلد مسلم فيقع في المكروه إلا من رحم الله .

لو أخذنا المسلم في دولة ما شكلها أنها دولة تقام فيها الشعائر الإسلامية , إلى أي بلد مسلم سيهاجر ؟ فكلهم "زي بعضهم" ...

أنا مغترب من 12 سنة و إلى الآن أعترض على الإغتراب , و حاول بعض المعارف أن يرسل ابنه الى الدولة التي أقيم فيها فكنت أرفض و بشدة , فلست مسؤولا أمام الله عن أحد ...

حتى في الغربة فأنا أذوق ثلاث أنواع من الإغتراب : الغربة عن البلد , و الغربة بين المسلمين , و الغربة عن اللغة . فإما أن تسير مع التيار و أن تقبل كل ما يفعله المسلمون في غربتهم و إما أن تعتزل حتى تنتهي من الأمر الذي بسببه سافرت ...

أقل حادثة حصلت معي من قبل إحدى الجهات الإسلامية في أوروبا, أن بعضا من آيات القرآن الكريم كتبت (بالعربية) على خلفيات لمناظر طبيعية قسمت على 12 صفحة على شكل روزنامة , و تم توزيعها على غير المسلمين بحجة الدعوة إلى الله , فقلت لـ "كبيرهم" كيف تدعو إلى الله بالعربية من لا يفقهها و كيف تنشر كلام الله عند من لا يعلم له قدرا ؟ و بعد نقاش سريع قال لي : "اذهب أنت و دينك فنحن على دين أوروبا " و الله على ما أقول شهيد ...

--------
فو الله ما أدري ما أقول و أنا مغترب يكره الإغتراب , إذا قلت لا تسافر كنت من الذين يضيقونها على المسلمين المهمومين و كنت من الذين يطلبون من الناس أن لا تفعل أمرا أنا نفسي فعلته , و إذا قلت سافر أكون من الذين يظلمون الناس لعلمي و يقيني أن لا حياة طبيعية في بلد غير مسلم أو على الأقل شعبه غير مسلم ...

أحببت أن أمر على هذا الموضوع و لو أردت الكلام لما ساعتني صفحات كثيرة .

عزام
06-17-2008, 01:46 PM
بارك الله فيك على مرورك اخي الكريم
فاغلبنا ذاق اللوعة بالغربة
ولكن الخوف كل الخوف من ضياع الابناء فحسب
فعلى هذا يراهن الغربيون
يراهنون على ذوبان الجيل الثاني والثالث فيهم
فينبغي التيقظ كحد ادنى كي لا ينالوا مبتغاهم منا
عزام

الظافر
06-17-2008, 02:05 PM
صدقت أخي عزام , بارك الله بك .

تم افتتاح حضانة و روضة للأطفال , و من ضمن اللغات المعتمدة , اللغة العربية .
قلت لأحد الاخوة اللبنانيين , لماذا لا تسجل ابنتك في هذه الروضة ؟ قال بأن المدرسة فلسطينية و هي تتكلم بالفلسطيني مع الأولاد و حينها لن "تفهم عليه ابنته حين يكلمها" ...
قلت له , فلتتعلم ابنتك أي لهجة كانت , المهم أن تعرف القراءة و الكتابة حتى تستطيع فهم و حفظ القرآن الكريم و الأحكام الشرعية ...

لكن , حتى في اللهجات , لا نتفق ...

فـاروق
06-17-2008, 03:10 PM
عندي سؤال سريع قبل ان اعود واعلق على الموضوع...

من هو الاخ ابو هشام :)؟

عزام
06-17-2008, 03:42 PM
عندي سؤال سريع قبل ان اعود واعلق على الموضوع...
من هو الاخ ابو هشام :)؟
انت تعرف انه يحب ان يبقى وراء الكواليس
وهو عاتبني بلطف لاني طرحت هذا الموضوع بهذه الطريقة
فهو لا يريد ان ينفر منا الاخوة في الغربة ولكن هو فقط يريد ان يوصل لهم الفكرة ان من يجلس هناك ويشعر ان البيت بيته كما يقولون فهو في خطر.. من يسكن في الغربة عليه ان يشعر انه مهاجم من كل جهة ويشعر بالقلق وعليه ان يحاول الانخراط في جمعيات اسلامية ولو كانت خيرية حتى لا يكون مقامه هناك في الدائرة المفرغة كما وصفها "مترو-عمل-نوم".

الظافر
06-17-2008, 03:55 PM
من الإغتراب :

من كان يعيش في الغربة فعليه أن يعمل المستحيل حتى يعود إلى بلده أو إلى أي بلد مسلم آخر .

بالنسبة للجمعيات الإسلامية أخي عزام , فلا أقول إلا حسبي الله و نعم الوكيل .

عزام
06-17-2008, 04:04 PM
من الإغتراب :
بالنسبة للجمعيات الإسلامية أخي عزام , فلا أقول إلا حسبي الله و نعم الوكيل .
طيب صحبة صالحة :)
ما خليت...

الظافر
06-17-2008, 04:19 PM
طيب صحبة صالحة :)
ما خليت...

و لا هذا في منه :) , كل العالم عم ترجع على بلادها و أنا نازل درس :(
كنت أعرف 300 واحد , باقي منهم 2 , يدوب نتلاقى بالجمعة 10 دقايق

طرابلسي
06-17-2008, 06:29 PM
وانا مثلك احيل الامر الى اهل العلم ولكن ان نظرنا للمفاسد التالية نرى ان مفاسد الاقامة في الغرب لغير حاجة -على الفرد العادي - اكثر والله اعلم:
1. مشاهدة المنكرات ومؤالفتها.
وعندنا أيضا
2. عدم إشهار الشعائر التعبدية.
الحمد لله مسموح بذلك كما عندهم
3. الفتنة في الدين على النفس، والأولاد، والنساء، والأحفاد.
والفتنة قائمة عندنا
4. هجر الأمر، والنهي، والنصيحة، إذ لا مجال للقيام بذلك هناك.
شبه منتف
5. الخوف من الوقوع في الزنا والفاحشة.
والزنا منتشر عندنا والله المستعان
6. المعايشة تدعو إلى التشبه بالكفار والتخلق بأخلاقهم.
بدون معايشة سبقوهم بالتشبه وزادوا عليهم
7. ترك اللسان العربي.
وعندنا أيضا لا تجد حامل ماجستير يحسن العربية وأقربائي أكبر دليل
8. الخوف على النفس، والمال، والولد، والأهل.
والخوف عندنا موجود بل أكثر
9. مولاتهم.
:) :) :) هذه بدها تفكير :!!!!!!
10. الأطفال في تلك البلاد ملك للدولة بحكم القانون.
والقانون يطبق عندنا بجزئية ريثما يتم ترويضهم إلى تقبل ذلك بحجة حماية الطفل والعنف المنزلي
11. ليس للمسلم على زوجه وولده أي ولاية.
أصبح اكثر العائلات إلا من رحم الله ليس لهم ولاية على أولادهم عرفا
12. فيحال الفراق يحال بين الأب وأبنائه، خاصة لو كانت زوجته كافرة.
وعندنا يحصل بالخيار
13. الخوف من تزويج البنات المسلمات بالكفار.
وما اكثر حصوله في بلادنا اليوم والادلة لدي بالعشرات
14. تعلق النساء والأولاد بالدنيا يجعل من العسير على الأب إذا عزم على الرجوع أن يطاوعه هؤلاء على ذلك، فإما أن يطاوعهم ويجلس معهم وإما أن يتركهم.
المشكلة واحدة هنا وهناك
15. درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فما يستفيده المسلم من هجرته إلى تلك البلاد من الحرية الشخصية والمصالح الدنيوية من تعليمية وعلاجية ونحوها، لا يساوي الأضرار المشاهدة من المآسي، وما يعرفه المقيمون هناك أضعاف أضعاف ما نعرفه نحن.
المفاسد واقعة بمجتمعاتنا وقد تكون في دول الغرب أفضل حالا من نواحي أخرى
16. المضايقات وردود الأفعال التي تصيب المهاجرين، كما حدث إثر حوادث الحادي عشر من سبتمبر.
نفس المضايقات بل أشد تحصل في بلادنا كلما قام أحد المتحمسين بطامة ما يتم اعتقال الشباب الملتزم بحجة الإرهاب والمحاسبة على الأفكار ويا ليتها تقف عند المضايقات بل تتعداها إلى التعذيب والتنكيل والسجن وبناء عليه أصبحت دول الغرب أفضل حالا من واقعنافعلى القليلة عندهم حقوق إنسان !!!


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزام http://www.saowt.com/forum/images/buttons/viewpost.gif (http://www.saowt.com/forum/showthread.php?p=211824#post211824)


كل دار يحكمها الكفار، وتجري فيها أحكام الكفر فهي دار كفر. ودار الإسلام: هي كل بلاد يحكمها المسلمون، وتجري فيها أحكام الإسلام.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمن لديه العلم
سؤال لم أجد له جوابا شافيا بعد :
ما الفرق بين ديارنا وديار الغرب من خلال الأحكام
هل هي مختلفة عن بلاد الكفر أم هي هي فتأخذ حكمها وما هي الفروق وأين موقعنا منها ؟


أخصص السؤال من ناحية الحكم فقط ما الفرق بينهما وهل ينطبق على بلادنا قول الفقهاء بأحكام الديار

عزام
06-18-2008, 04:15 PM
هذه فتوى للشيخ محمد محمود النجدي
عزام

السؤال :

ما المقصود بدار الحرب عند الفقهاء ؟ وهل يحكم على بلاد المسلمين التي لا تحكم بالشريعة أنها دار كفر؟ !
الجواب:
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
وبعد:
فإن تعريفات الفقهاء لدار الحرب تكاد تتقارب ، فقد عرفها أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة بقولهما: هي الدار التي تظهر فيها أحكام الكفر.
(بدائع الصنائع: 7/130 ـ131)
وفي المدونة: (2/22) إن دار الحرب هي التي يغلب عليها حكم الكفر.
(وكذا في الإنصاف للمرداوي (4/121) والآداب الشرعية لابن مفلح (1/190).
فأي أرض لم تدخل في الإسلام ، والسلطة فيها بيد الكفار ، فهي دار حرب بالإجماع. وسميت " بدار الحرب " لأن المحاربة من أهل تلك الدار متوقعة أو حاصلة . وقد تسمى " دار الكفر " لأن الحرب مبعثها الكفر غالبا ، غير أنه ليس كل دار كفر تعد دار حرب ، فإن أهل الصلح تعد دارهم دار كفر في واقعها لكنها ليست بدار حرب . انظر : الاستعانة بغير المسلمين ، لعبدالله الطريقي ( ص 173 ) .
أما دار الإسلام، فيعرفها السرخسي من الحنفية بقوله: " دار الإسلام اسم للوضع الذي يكون تحت المسلمين، وعلامة ذلك أن يأمن فيه المسلمون ". (المبسوط 10/23)
وقال ابن مفلح: فكل دار غلب فيها أحكام المسلمين ، فدار الإسلام.
(الآداب 1/190) .
وقال البجيرمي من الشافعية: هي كل أرض تظهر فيها أحكام الإسلام ، ويراد بظهور أحكام الإسلام : كل حكم من أحكامه _ غير نحو العبادات كتحريم الزنى والسرقة _ أو يسكنها المسلمون ، وإن كان معهم فيها أهل ذمة ، أو فتحها وأقروها بيد الكفار ، أو كانوا يسكنونها ثم أجلاهم الكفار عنها . حاشية البجرمي 4/ 220 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 20/ 201 .
وهذا بناء على قول الشافعية : إن دار الإسلام لا تصير دار كفر بحال من الأحوال ، وإن استولى عليها الكفار وأجلوا المسلمين عنها ، وأظهروا فيها أحكامهم.
وقال المالكية والحنابلة وصاحبا أبي حنيفة : تصير دار الإسلام دار كفر ، بظهور أحكام الكفر فيها. (المدونة 2/22، والإنصاف 4/121)
والراجح : أن دار الإسلام هي الدار التي تكون بيد المسلمين ، وتظهر فيها أحكامهم ، ويرفع فيها أذانهم ، وتعلن فيها صلاتهم وصيامهم ... إلخ
لأن ما يكون بيد المسلمين فالأصل فيه : أن يظهر فيه حكم الإسلام ، لكن قد تكون أرض ما بيد المسلمين ، لكنها تحكم بغير حكم الإسلام في بعض النواحي أو الأمور ، كما هو حاصل في كثير من البلاد الإسلامية في الوقت الراهن ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العزيز الحكيم ، وهذا لا يخرجهاعن كونها داراً للإسلام كما هو ظاهر .
والحمد لله على كل حال .
والله أعلم ،،،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

مقاوم
06-19-2008, 10:42 AM
هذا موضوع فيه معلومات مهمة ومرتبط بالواقع مع تحفظي عل بعض ما ورد فيه:

دار الإسلام ودار الكفر.. قواعد وفهم
دكتور أحمد الريسوني *

للفقهاء القدماء تصنيفات واصطلاحات يقسمون على أساسها البلدان والدول إلى عدة أصناف، لكل صنف حكمه من حيث مسالمته ومحاربته، ومن حيث التعامل معه، ومن حيث الإقامة فيه.. فهناك دار الإسلام، وهي البلاد التي تدين بالإسلام وتقام فيها أحكام الشريعة الإسلامية، وهناك دار الكفر، وهي نقيض دار الإسلام، وهذه قد تكون: - دار حرب، إذا لم يكن بينها وبين المسلمين عهد سلام وهدنة.

- دار عهد، إذا كان بينها وبين المسلمين اتفاق صلح أو هدنة على الشروط المتفق عليها.

وهناك دار البغي، وهي كل قطر أو إقليم أو جزء من دار الإسلام، لكنه دخل في حالة تمرد وانفصال عن دار الإسلام وإمامها.

ومن غير الدخول في مضامين هذه التعريفات وتوابعها الفقهية في حق الأفراد والدول والجماعات، أبادر إلى القول: إن تفاصيل هذه التصنيفات وأحكامها إنما هي في الغالب اجتهادات وإجابات مبنية على ظروفها وزمانها، أو هي صيغ تطبيقية تاريخية لبعض النصوص الشرعية، تبعا لما فيه مصلحة أو مفسدة، وتبعا لما عليه العرف والسلوك الجاري به العمل بين مختلف الدول والشعوب والجماعات.

ولذلك فإن ما يجب التركيز عليه في مثل هذه القضايا أمران:
- المبادئ والقواعد العامة.
- الاجتهاد التطبيقي الآني لهذه القواعد والذي يتم إنتاجه في ضوء زماننا وظروفنا مثلما كان للأزمنة السابقة اجتهاداتها بناء على ظروفها وأحوالها.


مبادئ وقواعد
لا يمكن في هذه النبذة المقتضبة الاستقصاء والتفصيل في هذه المبادئ والقواعد، ولذلك أذكر أهمها وألصقها بموضوعنا:

1. مراعاة مصلحة الإسلام والمسلمين:
إن أحكام السلم والحرب والصلح والهدنة، وإقامة المسلم في دار الحرب أو دار الكفر أو دار البغي، وكذلك التعامل بالزواج والاتجار ونحوهما مع هذه الدار أو تلك، كل هذا في الحقيقة ينظر فيه الفقهاء إلى مصالحه ومفاسده، الدينية والدنيوية، للفرد ولأهله وللأمة الإسلامية أو جزء من أجزائها.

فمثلا المسلم إذا كان في دار كفر أو دار حرب، فهل يجوز له الإقامة فيها؟ هل تجب عليه الهجرة منها إلى دار الإسلام؟ الحكم هنا يدور على احتمالات أن يتعرض المسلم في هذه الحالة إلى الفتنة في دينه وربما إكراهه - بشتى الوسائل - على الخروج منه، هو أو أهله أو أحد من ذريته، أو أن ينغمس في المحرمات والمنكرات، أو ما إلى ذلك من المفاسد والمخاطر، فوجودها أو عدم وجودها ودرجتها ومدى خطورتها، هو ما يحتم الهجرة أو يجيز الإقامة، وهو المرجح بين بلد وآخر.

كما نرى في هذا النموذج الفقهي من كلام أبي بكر بن العربي: "أما الهجرة من أرض الكفر فهي فريضة إلى يوم القيامة، وكذلك الهجرة من أرض الحرام والباطل بظلم أو فتنة.. فإن قيل: فإذا لم يوجد بلد إلا كذلك، قلنا: يختار المرء أقلهما إثما".

2. مدار الأحكام على مناطاتها ومقاصدها:
الأحكام والاجتهادات التي توضع لحالة معينة بمواصفات معينة، تكون منوطة - في الحقيقة - بماهية تلك الحالة ومواصفاتها.

فإذا وجب على المسلم أن يهاجر من بلاد كفر لا تسمح للمسلم بأن يكون مسلما وتكرهه على الكفر، أو تفتنه حتى يصبح معرضا للكفر أو للانسلاخ العملي من دينه.. فوجوب الهجرة وتحريم الإقامة منوطان بهذه الأوصاف وهذه المآلات.

أما إذا كان المسلم مقيما بين أظهر قوم كافرين، لكنه آمن على دينه، حر في تدينه، فلا شك أن الحكم السابق لا يتعلق به، وهنا نستحضر إقامة المسلمين ببلاد الحبشة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم حين وجههم إليها: "إن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد...".

3. مبدأ المعاملة بالمثل:
العلاقة بين الدول والشعوب - وفي كثير من الأحيان حتى بين الأفراد - تقوم على مبدأ المعاملة بالمثل، ولو باللجوء - عند الضرورة - إلى ما ليس محمودا وليس مقبولا في الأصل، ولذلك جاء في المأثور: "يأتي على الناس زمان هم الذئاب، من لم يكن ذئبا أكلته الذئاب".

من هنا نجد في القرآن الكريم: "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ" (البقرة/194)، ونجد: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ" (النحل/126)، ونجد: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا" (الشورى/40).

وحتى العداوة، فإنما يعادي المسلمون من بادروهم بالعداوة، كما قال تعالى: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا" (فاطر/6)، و" لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً..." (المائدة/82) الآية. "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا" (البقرة/190). ومقابل هذا نجد - وفق نفس القاعدة - قول الله تعالى: "وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا" (الأنفال/61)، "وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا" (النساء/94).
ومشروعية المعاملة بالمثل لا تنفي إمكانية اعتماد صيغ أفضل، ومنها العفو ودفع السيئة بالحسنة إذا لم يكن في ذلك إذلال للمسلمين أو إضرار بليغ بهم.

4. الأعراف المرعية والعهود المعتمدة:
وهذا مرجع كبير في تنظيم العلاقات بين الأمم والشعوب، وبين الدول والحكومات، فالأعراف والمواثيق إذا كانت عادلة ومحترمة من الطرفين أو الأطراف المعنية، فيجب الالتزام بها والرجوع إليها عند التنازع، وفي القرآن آيات كثيرة في هذا الموضوع.

وفي عصرنا هذا توجد مئات العهود والمواثيق والاتفاقات التي تنظم العلاقات بين الدول، والأصل فيها أن يلتزم بها المسلمون وغير المسلمين؛ إلا ما فرض منها بالقهر والغلبة، وكما قال الإمام مالك: "طلاق المكره لا يجوز".

*أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة محمد الخامس - الرباط