تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صرخات صادقة في حصار بيروت الصامدة



مراسلو الرابطة
06-16-2008, 08:59 PM
مراسلو الرابطة
عمر الفاروق، مراسلو الرابطة


صرخات صادقة
في حصار بيروت الصامدة


http://aljazeeratalk.net/upload/1/1164020859.jpg

الساحل اللبناني


سأصرخ في سرّي صرخةً المأسور في الجنّة، وأدوّي بصوتي في فراغ صدور هذه الأمّة؛ سأكتب أمجاد مدينة كانت للعلم منارة وللحضارة مهداً وللثقافة مرتعاً...
سأجعل من دموعي حبراً لكلماتي. بل سأمزجها بدمي لعلي أموت بتصفية الدّم على ورقة الأمل بدل أن أصاب برصاصة غدر أو شظية حقد أو قذيفة كره..

سأنقش على صدري أرزة لبنانية شامخة هربت من الذين يدّعون الوطنية ..

سأحفر بيروت في عيني وأحميها برمشي، وسأغلق عليها جفني وأنام وأحلم أنّني سأستيقظ على وطن.

عشرة أيام مرّت وأنا في الغربة أرى لبنان من وراء الشاشة يُدمّر ويُحرق، والنّاس مرعوبون خائفون والحياة جامدة. أرى أمي في مخيلتي خائفة مترقبة تنتظر المجهول. أرى أبي الحبيب يراقب الأمور بحذر وخوف وحزن، وقد تبدد ظنُّه أن شبح الحرب الأهلية وقوة السلاح انتهى إلى غير رجعة.. ثمّ أرى نفسي أبكي على هذا الوضع المخزي الذي وصلنا إليه وليس بيدي حيلة إلاّ الدعاء وكبت المشاعر في القلب الذي أحبّ هذا البلد وترابه .

أبي لم يسرق ولا مرة واحدة في عمره ... كان أبي موظفاً بسيطاً يعمل منذ الصباح حتى المساء ليؤمن لنا لقمة العيش لكنه كان بطلاً في نظري .. لم يدخل أياً من الأحزاب ولم يعاشر أياً من الحكام.. لم يتأخر يوماً عن دفع فاتورة الكهرباء أو الماء أو الهاتف أو الضرائب.. لم يكن أبي إلا مواطناً محباً لبلده، كان يحترم الجيش والشرطة وقوانين السير والقوانين المدنية وما إلى هنالك.. فما الذنب الذي اقترفه أبي حتى يعيش آخر أيام عمره في خوف ورعب؟؟


http://i29.tinypic.com/30hxxn8.jpg

جانب من الاشتباكات


لم يقارن أبي نفسه بأشرف النّاس الذين لا يدفعون الفواتير ويغرقون البلد في ديون لا طاقة لنا بها. كان دائماً يؤمن أن هؤلاء الشّرفاء النظفاء هم إخواننا في الوطن، يجب علينا أن نعطيهم حق المواطنة، فربّاني على أن لا أعرف الفرق بين سني وشيعي بل وإنني كنت أدخل مساجدهم وأصلي خلف أئمتهم دون أن يكون في قلبي وفكري أية معرفة عن سبب نظراتهم التي تخترق صدري كرصاص طائش حاقد.

لم أكن أدري أن للكره معسكرات للتدريب، وأن للغدر مؤسسات للتعليم، وأن للنفاق معاهد للتثقيف، وأن للطائفية مواسم متعددة، أسماؤها مختلفة وصفاتها منفرة.. نعم، لقد لبس الثعلب ثوب الحمل وانتظر كثيراً وصبر على الفريسة القاسية المسماة أهل بيروت.. وخلع الثوب الأبيض ووضع قرنيه الأحمرين وأظهر الذيل ووجّه سلاحنا إلى صدورنا.. فسلاحنا كان الثقة بمن يشاركوننا هذا الوطن، سلاحنا هو حلم لبنان القوي بمقاومته، سلاحنا العلم والتطور والحضارة، سلاحنا اصطفافنا شعباً واحداً حول المقاومة، سلاحنا الفخر بأننا مسلمون لبنانييون نحترم بعضنا بعضاً و نقرّ باختلافاتنا..

لم أكن أعرف أننا وثقنا بهم لتقيتهم.. أنني حلمت بلبنان وحلموا بدولة مليشيات ومحسوبيات وقرارات إقليمية.. التففنا حولهم و آويناهم في مدارسنا وبيوتنا في الحرب و التفوا علينا وأعلنوا كرههم لنا ....


http://www.yabeyrouth.com/images/omari08.jpg

جامع العمري الكبير في الوسط التجاري لمدينة بيروت


المسلمون السنّة في لبنان يفتخرون بهويتهم الإسلامية وبوطنيتهم القويّة وانتمائهم إلى لبنان، أما هؤلاء فيفتخرون أنهم جزء من حزب ولاية الفقيه، الفقيه العادل العالم الحكيم الشجاع الصادق المخلص.. نعم يا سيد حسن لقد رأى أهل بيروت شجاعتهم وعدلهم وحكمتهم وصدقهم .. لقد عرف اللبنانيون عن أي شجاعة تكلمت وعن أي وطنية تحدثت ..

لن أنساك يا وطني
يا لبناني الأسير بين الذئاب الضالة، أرى فيك قوس قزح مليء بألون زاهية، لبناني يا وردة حمراء عروقها خضراء تحاول قطفها ضباع جائعة مريضة تربت على كذبة اسمها "الحرمان".

لن تموت بيروت ولو سقطت، لن تركع بيروت ولو نُحرت..لن تخضع بيروت لشريعة الغاب.. ستبقى بيروت صامدة ولن ينحني أبناؤها إلا لله... أبناؤها الذين ارتووا من ماء مدينة الإمام الأوزاعي وتربوا على رؤية صمود صخرة الروشة... لن تموت بيروت الإيمان والإسلام والعروبة والشموخ.. بيروت التي استقبلت شعرات الرسول الكريم لحبها له.. بيروت التي فتحها جيش عمر بن الخطاب..



سأدع قلبي يخفق باسم لبنان علّه يحيا في قلبي إذا مات في قلوب القادة والزعماء.
-------------------------------------------------------------------------


مراسلو الرابطة مبادرة شبابية لا تعبر بالضرورة عن موقف رابطة الطلاب المسلمين في لبنان