تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشكوى لله



مقاوم
06-15-2008, 01:54 PM
الشكوى لله



الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده وعلى آله وصحبه وجنده وبعد،


وددت أن أكتب تعليقا فيه شيء من التفصيل في موضوع الأخ الحبيب شيركوه: "تبا لك يا شعبي" ثم رأيت أن أجعله في موضوع مستقل لأنه سيكون عاما بعض الشيء فأرجو أن يصبر القارئ الكريم معي إلى النهاية.

إن أحوال الأمة بلغت مستوى من التدني لم تبلغه في أية مرحلة سابقة على تعاقب الحقبات والمراحل التاريخية السابقة حتى صدق فينا قول الشاعر:


أحل الكفر بالإسلام ضيما *** يطول عليه للدين النحيبُ
فحق ضائع وحمى مباحٌ *** وسيف قاطع ودم صبيبُ
وكم من مسلم أمسى سليبا *** ومسلمة لها حرم سليبُ
أمور لو تأملهن طفل *** لطفّل في مغارقه المشيبُ
أما لله والإسلام حق *** يدافع عنه شبان وشيبُ
فقل لذوي البصائر حيث كانوا*** أجيبوا الله ويحكمُ أجيبوا


فشرع الله مغيب عن الحكم والخلافة معطلة وبلاد الإسلام ترزح تحت أنواع شتى من الاستعمار والاحتلال والعلماء ما بين واقف على أبواب السلاطين أو قاعد عن الجهاد إلا من رحم الله وعوام الناس اتخذوا كتاب الله ظهريا وأعرضوا عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فذهب أغنياؤهم يلهثون خلف شهواتهم ولهوهم واتبع فقراؤهم كل ناعق من دعاة الشيوعية والاشتراكية والقومية والعلمانية. لم يكفهم الحلال فاجترءوا على الحرام وأكلوا الربا أضعافا مضاعفة وجهروا بالمعاصي أشكالا وألوانا بل وحاربوا الله ورسوله بالاحتكام إلى التشريعات البشرية والقوانين الوضعية واتخذوا الطواغيت أربابا من دون الله يحللون لهم ويحرمون وبعد كل هذا يجأرون بالدعاء: يا رب ... يا رب .... فأنى يستجاب لهم؟؟!!


أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا، قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير. (آل عمران 165)


إن الخروج من الحال المزرية التي وصلنا إليها له طريق واحد بينه الله لكل المجتمعات الإنسانية عبر الأنبياء والرسل من أدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للبشر قاطبة وجعله خاتم الأنبياء، وجعل رسالته خاتمة الرسل التي أكمل بها الدين، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس إن نحن أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر وآمنّا بالله.


كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله (آل عمران 110)


لعل السياق في الآية الكريمة فيه حكمة كذلك، فكأن الإيمان لا يتحقق إلا بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يمكن أن يأخذ أشكالا كثيرة أسماها وأعلاها: الجهاد في سبيل الله.


والإيمان جعله الله شرطا لمنعة الأمة وعلوها وعزتها وانتصارها فقال جل من قائل:


ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين (آل عمران 139)


وقد أصبحنا نردد كثيرا هذه الأيام قول الله عز وجل:


إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (الرعد 11)


لكن هل وعينا ما هو التغيير المطلوب؟ وهل عرفنا كيف نحققه على الصعيد الفردي ومن ثم على صعيد الجماعة والأمة؟ وهل نحن مستعدون لتحمل أعباء ذلك وتبعاته؟


إن من سنن الله الماضية في خلقه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هي ما يطلق عليه أهل العلم اسم "سنة الدفع" المتمثلة في قول الله عز وجل:


ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. (الحج 40)


وفي قوله تعالى:


ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض (البقرة 251)


فالله تبارك وتعالى قادر على أن يغير أحوالنا برمشة عين فإنما أمره بعد الكاف والنون إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون، لكن اقتضت حكمته أن يجعل هذا التكليف في أعناقنا وأن يدفع الكفار بالمؤمنين، وأهل الباطل بأهل الحق، وأهل الشرك بأهل التوحيد. ولسيد قطب كلام رائع في هذا حيث يقول رحمه الله في معرض تفسير الآية من سورة الحج:


إن حكمة الله في هذا هي العليا، وله الحجة البالغة، والذي ندركه نحن البشر من تلك الحكمة ويظهر لعقولنا ومداركنا من تجاربنا ومعارفنا أن الله سبحانه وتعالى لم يرد أن يكون حملة دعوته وحماتها من "التـنابلة" الكسالى الذين يجلسون في استرخاء، ثم يتنزل عليهم نصره سهلا هينا بلا عناء لمجرد أنهم يقيمون الصلاة ويرتلون القرآن ويتوجهون إلى الله بالدعاء كلما مسهم الأذى ووقع عليهم الاعتداء....


لقد شاء الله تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كي يتم نضجهم هم في أثناء المعركة. فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهي تواجه الخطر.، وهي تدفع وتدافع، وهي تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة ....


والنصر السريع الذي لا يكلف عناءا، والذي يتنزل هينا لينا على القاعدين يعطل تلك الطاقات عن الظهور لأنه لا يحفزها ولا يدعوها. انتهى.


ولله در القائل: أقم دولة الإسلام في صدرك تقم على أرضك.


ولا بد أن نعلم أن الله يدافع عن الذين آمنوا فلا بد أن نكون ممن تحقق الإيمان فيهم تصديقا وقولا وفعلا. ولا بد أن ننبذ الدنيا بكل مغرياتها ونتوجه بكليتنا إلى الله عز وجل.


يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته *** أتطلب الربح مما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها *** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وامدد يديك بحبل الله معتصما *** فإنه الركن إن خانتك أركان


فإن كنا جادين في تغيير ما بأنفسنا وإن كنا جادين في الانتصار لله في كل مرافق حياتنا وفي كل حركاتنا وسكناتنا وإن حققنا التوحيد الخالص في قلوبنا وكفرنا بطواغيت الأرض جميعا فعندها فقط يمكننا أن نأمل بالتغيير من عند الله وعندها فقط يتحقق لنا العلو المنشود وعندها فقط ننتصر.

طرابلسي
06-15-2008, 08:57 PM
ولا بد أن نعلم أن الله يدافع عن الذين آمنوا فلا بد أن نكون ممن تحقق الإيمان فيهم تصديقا وقولا وفعلا. ولا بد أن ننبذ الدنيا بكل مغرياتها ونتوجه بكليتنا إلى الله عز وجل.

يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته *** أتطلب الربح مما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها *** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وامدد يديك بحبل الله معتصما *** فإنه الركن إن خانتك أركان


فإن كنا جادين في تغيير ما بأنفسنا وإن كنا جادين في الانتصار لله في كل مرافق حياتنا وفي كل حركاتنا وسكناتنا وإن حققنا التوحيد الخالص في قلوبنا وكفرنا بطواغيت الأرض جميعا فعندها فقط يمكننا أن نأمل بالتغيير من عند الله وعندها فقط يتحقق لنا العلو المنشود وعندها فقط ننتصر.


-----------------------

بارك الله فيك وأثابك الحسنى وزيادة
كلام بالصميم
ولنا عودة إن شاء الله

الظافر
06-16-2008, 06:21 AM
بارك الله فيك و نفع بك .

قلت لأخ حديث عهد بإسلام بعد أن هداه الله من النصرانية , ليت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اختار أن يبقى بيننا , فقال لي :"لو فعلها رسول الله صلى الله عليه و سلم , لخذله المسلمون في هذا الزمن " ...
و هذه نظرة من لم يعش في دولة مسلمة أبدا , فكيف لو عاش ؟!!

مقاوم
06-17-2008, 05:49 AM
بارك الله فيك وأثابك الحسنى وزيادة
كلام بالصميم
ولنا عودة إن شاء الله

وإياكم أخي الحبيب
بانتظار عودتك

بارك الله فيك و نفع بك .

قلت لأخ حديث عهد بإسلام بعد أن هداه الله من النصرانية , ليت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اختار أن يبقى بيننا , فقال لي :"لو فعلها رسول الله صلى الله عليه و سلم , لخذله المسلمون في هذا الزمن " ...
و هذه نظرة من لم يعش في دولة مسلمة أبدا , فكيف لو عاش ؟!!
وفيكم بارك الله.

سبحان الله! هذه المقولة أصبححت متكررة من المسلمين الجدد في أكثر من مكان.
لعلهم مصداق قول الله عز وجل: "فسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه" أي أنه استبدال لمن حمّلوا الأمانة ثم لم يحملوها.

اسأل الله أن يستعملنا في خدمة دينه والذب عنه.

طرابلسي
06-19-2008, 07:58 PM
لقد شاء الله تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كي يتم نضجهم هم في أثناء المعركة. فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهي تواجه الخطر.، وهي تدفع وتدافع، وهي تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة ....


والنصر السريع الذي لا يكلف عناءا، والذي يتنزل هينا لينا على القاعدين يعطل تلك الطاقات عن الظهور لأنه لا يحفزها ولا يدعوها. انتهى.




مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }آل عمران179

منال
11-27-2008, 07:39 PM
موضوع قيّم

بوركت عمو مقاوم

مقاوم
11-28-2008, 04:01 AM
سبحان الله!! بحثت طويلا عن هذا الموضوع في السابق فلم أوفق لأنني كنت أبحث تحت عنوان آخر.

جزاك الله خيرا يا بنت الأزهر ... فأنت لا تأتين إلا بالخير.

fakher
11-28-2008, 09:43 AM
" ما في أمل "

في بث روح الأمل ...