تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : زراعة الفقر



أم ورقة
06-13-2008, 09:13 PM
زراعة الفقر

رامي زريق
في ظل أزمة الغذاء العالمية لا بد من اغتنام فرصة تأليف حكومة الوحدة الوطنية لطرح مسألة الزراعة وإنتاج الغذاء. فأكثرية المزارعين قلقون على معيشتهم، إذ يبيعون منتجاتهم بأرخص الأثمان، ويشترون طعامهم بالعملة الصعبة. يعزو البعض منهم هذا التناقض الصارخ إلى غياب سياسة زراعية في لبنان تهمين «الحكومة» بالعداء للزراعة والمزارعين. وفي الواقع، فإن هاتين التهمتين باطلتان.من قبلها حكومات، لا تكنّ العداء إلا لصغار المزارعين الذين يمثّلون 70% من مجمل مزارعي لبنان، كما أن لـ«الحكومة» سياسة زراعية واضحة ترتكز على مساعدة كبار المستثمرين في سعيهم لمضاعفة رؤوس أموالهم. ويمكن تلخيص هذه السياسة كالتالي: «افعلوا ما شئتم، ازرعوا ما أردتم، فالدولة لن تقترب منكم. اتركوا أموالكم تتكدس في المصارف وتجني لكم أعلى الفوائد على حساب الدين العام واستفيدوا من القروض الميسّرة المكفولة من الدولة مع أنكم لستم بحاجة إليها. ركزوا على ميزاتكم التفاضلية، وأهمها غياب تنظيم العمالة الزراعية وخاصة في ما يتعلق بالضمان الاجتماعي وبحقوق العمال والعاملات الزراعيات. احفروا آباركم في قلب طبقات المياه الجوفية واستعملوا مياهها كما تشاؤون ولوّثوا الأنهر والسدود. وإذا أردتم أن تستوردوا سموماً زراعية ممنوعة في سائر بلدان العالم فلا مانع من ذلك ما دامت العملية تجري تحت الطاولة. استفيدوا من غياب الإرشاد الزراعي (يا للصدفة) لتسويق بضائعكم وسمومكم القاتلة للمزارع الصغير. لكن رجاءً، لا تستعملوا هذه المبيدات لإنتاج الزراعات المخصصة للتصدير بل فقط لإنتاج تلك المخصصة للسوق المحلية حيث لا رقابة على الأسعار ولا على النوعية. ولا تهتموا بما تسمعون من احتجاجات ولا تتركوا ضمائركم تتأثر بصراخ الفقراء، فهم لن يتحركوا وزعماؤهم كلهم معنا، من معارضة وموالاة».


عدد الجمعة ١٣ حزيران ٢٠٠٨