تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حكم جهاد الاحتلال في المذاهب الأربعة ( دراسة فقهية )



مقاوم
06-13-2008, 02:59 PM
حكم جهاد الاحتلال في المذاهب الأربعة ( دراسة فقهية )
أ. عبد الفتاح بن صالح اليافعي


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين وبعد :

فلا يخفى على أحد ما وصل إليه حال أمة الإسلام من الذل والضعف والهوان حتى اجترأ عليها أعداؤها فصارت لهم نهبا يعيثون فيها كيفما شاءوا، وصار الكثير من أراضي المسلمين تحت الغزو والاحتلال العسكري، والكثير منها تحت الغزو والاحتلال الفكري نسال الله العفو والعافية.

وهذا مقال موجز في حكم جهاد الاحتلال العسكري لبلاد المسلمين كما هو الحال في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان وغيرها من بلدان المسلمين وقد جعلته في مبحثين :

المبحث الأول : في حكم جهاد الاحتلال العسكري.

والمبحث الثاني : في ما يترتب على ذلك الحكم.

المبحث الأول : في حكم جهاد الاحتلال

الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام وهو سبب عزة المسلمين ورفعتهم، وتركه سبب الذل والضعف والهوان كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضائله لا تخفى على أحد، والجهاد من حيث الحكم الشرعي يكون فرض كفاية أحيانا ويكون فرض عين أحيانا.

يكون الجهاد في سبيل الله فرض كفاية في حالة الغزو والطلب:

وذلك لنشر الدعوة الإسلامية في الأرض لا لأجل القتل وسفك الدم وتحصيل الأموال فهذه الأمور تبع لا أصل، فالقتال وسيلة لا غاية قال الإمام منلا خسرو الحنفي في درر الحكام 1/282 : ( وجه كونه فرض كفاية أنه لم يشرع لعينه ; لأنه قتل وإفساد في نفسه بل شرع لإعلاء كلمة الله تعالى وإعزاز دينه ودفع الفساد عن العباد ) اهـ وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج 9/211 : ( جزم الزركشي بأن وجوبه وجوب الوسائل لا المقاصد ; إذ المقصود منه الهداية، ومن ثم لو أمكنت بإقامة الدليل كانت أولى منه ) اهـ
صحيح أنه من النادر أن يقبل الكفار الإسلام ويقرون بسلطانه على أرضهم بغير الجهاد ولذا قال ابن حجر بعد حكاية كلام الزركشي : ( على أن هدايتهم لا سيما على العموم بمجرد إقامة الدليل نادرة جدا، بل محال عادة ) اهـ لكن مع ذلك تبقى الدعوة هي الأصل والغاية، والقتال وسيلة لنشرها.

ولا يشترط في جهاد الغزو والطلب أن يبدأ الكفار بقتالنا بل هو فرض وإن لم يقاتلونا فإن بدؤونا صار الجهاد جهاد دفع لا جهاد طلب قال الإمام منلا خسروا في درر الحكام 1/282 : ( هو فرض كفاية بدءا) أي ابتداء يعني يجب علينا أن نبدأهم بالقتال وإن لم يقاتلونا ) اهـ وفي الجوهرة النيرة 2/257 : ( وقتال الكفار واجب علينا وإن لم يبدءونا ) لأن قتالهم لو وقف على مبادأتهم لنا لكان على وجه الدفع وهذا المعنى يوجد في المسلمين إذا حصل من بعضهم لبعض الأذية وقتال المشركين مخالف لقتال المسلمين ) اهـ.

وأقل ما ينبغي أن يُفعل جهاد الطلب في السنة مرة واحدة إلا لحاجة قال المرداوي في الإنصاف 4/116 : ( وأقل ما يفعل مرة في كل عام ) مراده : مع القدرة على فعله . قوله ( إلا أن تدعو حاجة إلى تأخيره ) . وكذا قال في الوجيز وغيره . قال في الفروع : في كل عام مرة، مع القدرة . قال في المحرر : للإمام تأخيره لضعف المسلمين ) اهـ.

وفي هذه الحالة – أي حالة الغزو والطلب – يعرض جيش المسلمين على الكفار الإسلام فإن قبلوه فقد كفى الله المؤمنين القتال وحصل المطلوب والأصل، فإن أبوا الدخول في الإسلام فلا إكراه في الدين، فيعرض عليهم أن يبقوا على دينهم لكن مع دفع الجزية على تفاصيل للفقهاء فيمن تقبل منهم الجزية، ومعنى قبولهم الجزية أي أن تكون تلك البلاد تحت سلطان الإسلام على أن يوفر المسلمون لهم الحماية قال تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ... حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).

فإن أبوا دفع الجزية فآخر العلاج الكي فلم يبق إلا مناجزتهم بالسيف وعندئذ تقتل مقاتلتهم وتسبى نساؤهم وذراريهم وتغنم أموالهم وأراضيهم قال تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ).

وبهذا الترتيب – الإسلام ثم الجزية ثم السيف - كان يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الجيوش التي كان يرسلها لقتال الكفار ففي صحيح مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال ... إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ... فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ) اهـ.

قال الدردير في شرحه على خليل 2/176 :
- ( ودعوا ) وجوبا ( للإسلام ) ثلاثة أيام بلغتهم الدعوة أم لا ما لم يعاجلونا بالقتال، وإلا قوتلوا
- ( ثم ) إن أبوا من قبوله دعوا إلى أداء ( جزية ) إجمالا إلا أن يسألوا عن تفصيلها ( بمحل يؤمن ) متعلق بالإسلام والجزية
- ( وإلا ) بأن لم يجيبوا أو أجابوا ولكن بمحل لا تنالهم أحكامنا فيه، ولم يرتحلوا لبلادهم ( قوتلوا وقتلوا ) أي جاز قتلهم ) اه
وما سبق ذكره من فرضية جهاد الطلب لنشر الإسلام وسلطانه :
- هو مذهب جماهير أهل العلم وعليه المذاهب الأربعة ولا أريد الإطالة بذكر أقوالهم هنا لأننا إنما ذكرنا جهاد الطلب هنا من باب التمهيد لما سيأتي
- وهناك من أهل العلم من قال باستحباب جهاد الطلب ولم يوجبه ومن هؤلاء : سفيان الثوري وعطاء وعمرو بن دينار وابن شبرمة ( أحكام القرآن للجصاص 4/311 )، وعبد الله بن الحسن ( بداية ابن رشد 1/305 ) ، وسحنون ( قوانين ابن جزي 163 ) ، وابن عبد البر ( حاشية الدسوقي 2/173 )
- ومن المضحك المبكي قول بعض من ينتسب إلى العلم من المعاصرين أن جهاد الطلب محرم لأن الجهاد إنما شرع للدفاع عن النفس فقط وما عدا ذلك فهو من الاعتداء وسفك الدماء بغير حق!

ويكون الجهاد فرض عين في ثلاث حالات :

الحالة الأولى : أن يلتحم الصفان :

فيتعين على من حضر الصف البقاء ولا يجوز لهم الفرار إلا لتحيزٍ أو تحرّف قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار) الآية
لكن إذا كان عدد الكفار أكثر من ضعفي عدد المسلمين جاز لهم الفرار قال تعالى : ( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مائتين ) الآية
وهناك حالات أخرى لجواز الفرار عند التحام الصفين وللفقهاء تفاصيل كثيرة في ذلك تراجع في مظانها وكلامنا هنا إنما هو عن حكم جهاد الاحتلال فلا داعي لذكر تلك التفاصيل.

الحالة الثانية :عند الاستنفار :

بأن يستنفر الإمام الناس للجهاد قال تعالى : ( ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا ... ) اهـ.
فيتعين على من استنفرهم الإمام أن يخرجوا للجهاد كما حصل ذلك للمسلمين في غزوة تبوك.

الحالة الثالثة : جهاد الاحتلال :

بأن يدهم العدو بلاد المسلمين فيتعين على أهل تلك البلاد أن يدفعوا العدو عنهم فإن عجزوا أو أهملوا تعين على من يليهم من المسلمين نصرتهم فإن عجزوا فمن يلي من يليهم حتى تعم الدائرة كل المسلمين وقد تعين الجهاد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين في المدينة عندما دهمهم الأحزاب في غزوة الخندق
قال ابن قدامة في المغني 9/163 : ( ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع :
- أحدها : إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف وتعين عليه المقام.
- الثاني : إذا نزل الكفار ببلد، تعين على أهله قتالهم ودفعهم .
- الثالث : إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه …) اه
وزاد الحنفية والشافعية - وهو قول في مذهب المالكية - حالة رابعة وهي : فك الأسير انظر للحنفية مثلا البحر الرائق لابن نجيم 5/78 وللمالكية كفاية الطالب لأبي الحسن المالكي في 2/3 وللشافعية شرح البهجة لشيخ الإسلام الأنصاري 5/130

وحالة جهاد الاحتلال هي محل بحثنا ومقالنا هذا فنقول وبالله التوفيق :

حكم جهاد الاحتلال :

اتفقت المذاهب الأربعة على أن جهاد الاحتلال فرض عين على تفاصيل لهم في ذلك سيأتي ذكرها وحكى بعض أهل العلم الاتفاق على ذلك قال المرداوي في الإنصاف 4/117 : ( ومن حضر الصف من أهل فرض الجهاد، أو حضر العدو بلده تعين عليه [ الجهاد ] بلا نزاع ) اهـ.

بل قال بعض أهل العلم : يتعين الجهاد ولو دخل الكفار أرضا خرابا ومواتا للمسلمين، ومن أهل العلم من قال : إن جهاد الاحتلال فرض كفاية وهو قول لبعض الشافعية وهو ما يظهر من كلام ابن حزم كما سيأتي إن شاء الله.

وهذه بعض أقوال أهل العلم في هذه المسألة :

بعض أقوال أئمة الحنفية :

في درر الحكام 1/282 : ( و ) فرض ( عين إن هجموا ) أي هجم الكفار على ثغر من ثغور دار الإسلام فيصير فرض عين على من قرب منه وهم يقدرون على الجهاد . نقل صاحب النهاية عن الذخيرة أن الجهاد إذا جاء النفير إنما يصير فرض عين على من يقرب من العدو، فأما من وراءهم ببعد من العدو فهو فرض كفاية عليهم حتى يسعهم تركه إذا لم يحتج إليهم، فإذا احتيج إليهم بأن عجز من كان يقرب من العدو عن المقاومة مع العدو أو لم يعجزوا عنها لكنهم تكاسلوا ولم يجاهدوا فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصوم والصلاة لا يسعهم تركه ثَمّ وثَمّ إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقا وغربا على هذا التدريج ) اهـ.

وفي الحاشية على درر الحكام 1/282: ( قوله : وفرض عين إن هجموا ) كذا في الكنز وغيره وهو يقتضي الافتراض على كافة الناس سواء فيه أهل محل هجمه العدو وغيرهم وهو صريح ما قال في منية المفتي في النفير العام يجب على كل من سمع ذلك الخبر وله الزاد والراحلة ) اهـ.

وفي مجمع الأنهر 1/633 : ( فإن هجم ) أي : غلب ( العدو ) أي : على بلد من بلاد الإسلام، أو ناحية من نواحيها ... ( ففرض عين ) اهـ.

وفي مجمع الأنهر 1/633 : ( قال في الذخيرة : إذا جاء النفير إنما يصير فرض عين على من يقرب من العدو وهم يقدرون على الجهاد فأما من وراءهم ببعد من العدو، فإن كان الذين هم بقرب العدو عاجزين عن مقاومة العدو أو قادرين إلا أنهم لا يجاهدون لكسل بهم أو تهاون افترض على من يليهم فرض عين، ثم من يليهم كذلك حتى يفترض على هذا التدريج على المسلمين كلهم شرقا وغربا ) اهـ.
وفي البحر الرائق 1/79 : ( والمراد هجومه [ أي العدو ] على بلدة معينة من بلاد المسلمين فيجب على جميع أهل تلك البلدة وكذا من يقرب منهم إن لم يكن بأهلها كفاية وكذا من يقرب ممن يقرب إن لم يكن ممن يقرب كفاية أو تكاسلوا وعصوا وهكذا إلى أن يجب على جميع أهل الإسلام شرقا وغربا ) اه
وفي حاشية ابن عابدين على شرح الحصكفي 4/127 : ( قوله وفرض عين ) أي على من يقرب من العدو، فإن عجزوا أو تكاسلوا فعلى من يليهم حتى يفترض على هذا التدريج على كل المسلمين شرقا وغربا كما مر في عبارة الدرر عن الذخيرة ) اه

بعض أقوال أئمة المالكية :

في مختصر خليل : ( وتعين بفجئ العدو وإن على امرأة وعلى من بقربهم إن عجزوا )
وفي شرح الخرشي على خليل 3/111 : ( ذكر هنا أنه قد يتعين على كل أحد، وإن لم يكن من أهل الجهاد كالمرأة والعبد ونحوهما كما إذا فجأ العدو مدينة قوم، فإن عجزوا عن الدفع عنهم فإنه يتعين على من بقربهم أن يقاتلوا معهم العدو ما لم يخف من بقربهم معرة العدو، فإن خاف ذلك بإمارة ظاهرة فليلزموا مكانهم ) اهـ.

وفي شرح عليش على خليل 3/141 : ( وتعيّن ) بفتحات مثقلا أي صار الجهاد فرض عين ( بفجئ ) أي هجوم ( العدو ) أي الكافر الحربي على قوم بغتة ولهم قدرة على دفعه أو على قريب من دارهم فيلزم كل قادر على القتال الخروج له وقتاله ... ( و ) تعين الجهاد ( على من بقربهم ) أي من فجأهم العدو ( إن عجزوا ) أي من فجأهم العدو عن دفعه إن لم يخش غير المفجوئين معرة على نسائهم وعيالهم وبيوتهم من عدو بتشاغلهم بالدفع عمن فجأهم العدو، وإلا تركوا إعانتهم ... ) اهـ.

وفي شرح الدردير على خليل 2 /176 : ( وتعين ) الجهاد ( بفجئ العدو ) على قوم ( وإن ) توجه الدفع ( على امرأة ) ورقيق ( و ) تعين ( على من بقربهم إن عجزوا ) عن كف العدو بأنفسهم ) اه
وفي التاج والإكليل 4/539 : ( وتعين بفجئ العدو ) ... قال أبو عمر : يتعين على كل أحد إن حل العدو بدار الإسلام محاربا لهم فيخرج إليه أهل تلك الدار خفافا وثقالا شبانا وشيوخا، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكتر، وإن عجز أهل تلك البلاد عن القيام بعدوهم كان على من جاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة . وكذلك من علم أيضا بضعفهم وأمكنه غياثهم لزمه أيضا الخروج، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم.

( وعلى قربهم إن عجزوا ) قال ابن بشير : إذا نزل قوم من العدو بأحد من المسلمين وكانت فيهم قوة على مدافعتهم فإنه يتعين عليهم المدافعة، فإن عجزوا تعين على من قرب منهم نصرتهم . وتقدم نص المازري : إذا عصى الأقرب وجب على الأبعد . ) اه

بعض أقوال أئمة الشافعية :

في أسنى المطالب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري 4/178 : ( و ) يتعين عليهم ( بدخول الكفار فإن دخل الكفار بلاد المسلمين تعين ) عليهم ; لأن دخولهم لها خطب عظيم لا سبيل إلى إهماله ... فلو دخلوا بلدة لنا تعين على أهلها من المكلفين ) اهـ.

وفي الحاشية على أسنى المطالب : ( قوله : ويتعين عليهم بدخول الكفار ) هل الخوف من الدخول كنفس الدخول وجهان، ومنشأ الخلاف أن المشرف على الزوال كالزائل أم لا قال شيخنا : يظهر أنه إن غلب على الظن دخولهم إن لم يخرجوا للقتال فهو بمنزلة الدخول ) اهـ.

وفي أسنى المطالب أيضا 4/ 178 : ( ولا يجوز انتظارهم مع قدرة الحاضرين ) على القتال، عبارة الأصل : وليس لأهل البلدة ثم الأقربين فالأقربين إذا قدروا على القتال أن يلبثوا إلى لحوق الآخرين
( و ) حتى ( على الأبعدين ) عن البلدة بأن يكونوا بمسافة القصر ( عند الحاجة ) إليهم في القتال بأن لم يكن في أهلها والذين يلونهم كفاية بخلاف ما إذا كان فيهم كفاية لا يجب على الأبعدين ; لأنه يؤدي إلى الإيجاب على جميع الأمة، وفي ذلك حرج بغير حاجة فيصير الجهاد فرض عين في حق من قرب وفرض كفاية في حق من بعد ) اهـ.

وفي أسنى المطالب أيضا 4/ 178 : ( ولو نزلوا ) أي الكفار ( على خراب ) أو موات ولو بعيدا عن الأوطان ( من حدود ) دار ( الإسلام تعين دفعهم ) كما لو دخلوا بلاد الإسلام .) اهـ.

وفي شرح البهجة 5/130 : ( ثم أخذ الناظم في بيان فرض العين من الجهاد فقال ( ومهما عبروا ) أي : الكفار دارنا ( ولو إلى خرابنا ) أو مواتنا ( أو أسروا مرجوَّ فكٍّ مسلما ) أي : مسلما نرجو فكه (يفرض لكل ذي قوة ) أي : يفرض الجهاد على كل مكلف قوي على القتال لعظم الأمر ) اهـ.

وفي تحفة المحتاج 9/235 ونحوه في نهاية المحتاج 8/59-60 : ( الثاني ) من حالي الكفار (يدخلون ) أي : دخولهم عمران الإسلام أو خرابه أو جباله كما أفهمه التقسيم، ثم في ذلك يفصل بين القريب مما دخلوه والبعيد منه . فإن دخلوا ( بلدة لنا ) أو صار بينهم وبينها دون مسافة القصر كان خطبا عظيما ; ( فيلزم أهلها ) عينا ( الدفع ) لهم ( بالممكن ) من أي شيء أطاقوه، ثم في ذلك تفصيل: ( فإن أمكن تأهب لقتال ) بأن لم يهجموا بغتة ( وجب الممكن ) في دفعهم على كل منهم ) اهـ.

وفي حاشية تحفة المحتاج 9/212 : ( وقد يكون الجهاد في عهده صلى الله عليه وسلم فرض عين بأن أحاط عدو بالمسلمين كالأحزاب من الكفار الذين تحزبوا حول المدينة فإنه مقتض لتعين جهاد المسلمين لهم ) اهـ.

وفي شرح المنهج 5/191 : ( وإن دخلوا ) أي الكفار ( بلدة لنا ) مثلا ( تعين ) الجهاد ( على أهلها ) سواء أمكن تأهبهم لقتال أم لم يمكن … ( و ) على ( من دون مسافة قصر منها ) وإن كان في أهلها كفاية لأنه كالحاضر معهم … ( وعلى من بها ) أي بمسافة القصر فيلزمه المضي إليهم عند الحاجة ( بقدر كفاية ) دفعا لهم وإنقاذا من الهلكة فيصير فرض عين في حق من قرب وفرض كفاية في حق من بعد ) اهـ.

وفي الزواجر لابن حجر الهيتمي 2/269 : كتاب الجهاد ( الكبيرة التسعون بعد الثلاثمائة : ترك الجهاد عند تعينه بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلما وأمكن تخليصه منهم، وترك الناس الجهاد من أصله، وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين ) .

وفي مغني المحتاج 6/22 : ( ( الثاني ) من حالي الكفار ( يدخلون بلدة لنا ) أو ينزلون على جزائر أو جبل في دار الإسلام ولو بعيدا عن البلد ( فيلزم أهلها الدفع بالممكن ) منهم، ويكون الجهاد حينئذ فرض عين، وقيل كفاية، واعتمده البلقيني وقال : إن نص الشافعي يشهد له. ( فإن أمكن ) أهلها (تأهب ) أي استعداد ( لقتال وجب ) على كل منهم ( الممكن ) أي الدفع للكفار بحسب القدرة ) اهـ.

تنبيه مهم :
من قال : إن جهاد الاحتلال فرض كفاية فقصده أنه إن كفى بعض المسلمين أو بعض أهل تلك المحلة في دفع العدو فلا يلزم كل أحد أن يخرج، فيكون الخلاف بين هذا القول والقول بفرض العين هيّن لأن المقصد هو دفع العدو عن بلاد المسلمين .

بعض أقوال أئمة الحنابلة :

في كشاف القناع 3/37 : ( ( أو ) حصر ( بلده عدو أو احتاج إليه بعيد ) في الجهاد ( أو تقابل الزحفان ) المسلمون والكفار ( أو استنفره من له استنفاره، ولا عذر تعين عليه ) أي : صار الجهاد فرض عين عليه ) اهـ .
وفي المغني لابن قدامة 9/174 : ( واجب على الناس إذا جاء العدو، أن ينفروا ; المقل منهم، والمكثر ... ومعناه أن النفير يعم جميع الناس، ممن كان من أهل القتال، حين الحاجة إلى نفيرهم ; لمجيء العدو إليهم . ولا يجوز لأحد التخلف، إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال، ومن يمنعه الأمير من الخروج، أو من لا قدرة له على الخروج أو القتال ) اهـ.

وفي السياسة الشرعية لابن تيمية 171 : ( فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم، وعلى غير المقصودين، لإعانتهم ...وسواء أكان الرجل من المرتزقة للقتال أو لم يكن، وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله، مع القلة والكثرة، والمشي والركوب، كما كان المسلمون، لما قصدهم العدو عام الخندق ولم يأذن الله في تركه أحدا كما أذن في ترك الجهاد ابتداء لطلب العدو، الذي قسمهم فيه إلى قاعد وخارج ... فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس، وهو قتال اضطرار، وذلك قتال اختيار ; للزيادة في الدين وإعلائه ولإرهاب العدو ) اهـ.

وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/539 : ( إذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا وهو خير مما في المختصرات . لكن هل يجب على جميع أهل المكان النفير إذا نفر إليه الكفاية كلام أحمد فيه مختلف ) اه

بعض أقوال الظاهرية :

قال ابن حزم في المحلى 5/340 : ( الجهاد فرض على المسلمين فإذا قام به من يدفع العدو ويغزوهم في عقر دارهم ويحمي ثغور المسلمين سقط فرضه عن الباقين وإلا فلا.) اه

المبحث الثاني: ما يترتب على تعين جهاد الاحتلال من الأحكام

يترتب على ذلك أمور منها :

الأمر الأول : خروج كل من تعين عليه الجهاد حتى من ليس من أهل الجهاد كالمرأة والصبي والعبد والأعمى والأعرج والمريض القادر على الذهاب، وقال بعض أهل العلم : لا يجب عليهم ذلك إذا كفى غيرهم من أهل فرض الجهاد.
الأمر الثاني : عدم اشتراط إذن من يشترط إذنه في جهاد الطلب فلا يشترك إذن الإمام ولا الوالد ولا الزوج ولا السيد ولا غيرهم، لكن قال بعض أهل العلم : يشترط الإذن لهم بذلك، وقال بعضهم : يشترط إذن الإمام إذا كان لم يفجأهم العدو، لأجل تنظيم القتال لأن الإمام أدرى بشؤون الحرب، وهناك تفاصيل أخرى سيأتي ذكرها إن شاء الله.
الأمر الثالث : عدم جواز التخلف عن القتال حتى ولو كان عدد المسلمين أقل من نصف عدد الكفار على تفاصيل سيأتي ذكرها أيضا، بخلاف جهاد الطلب فيجوز الفرار كما تقدم في التمهيد.
وهناك تفاصيل كثيرة لأهل العلم فيما سبق من أحكام سيأتي ذكرها إن شاء الله، وهذه بعض أقوال أهل العلم في ذلك :

من أقوال الحنفية :

في درر الحكام 1/282 : ( فتخرج المرأة والعبد بلا إذن ) من الزوج والمولى ; لأن المقصود لا يحصل إلا بإقامة الكل فيجب عليهم وحق الزوج والمولى لا يظهر في حق فرض العين كالصلاة والصوم، بخلاف ما قبل النفير إذ بغيرهم كفاية فلا ضرورة في إبطال حقهما .) اهـ.

وفي الحاشية على درر الحكام 1/282 : ( قال قاضي خان : إن وقع النفير وبلغهم الخبر أن العدو جاء إلى مدينة من مدائن الإسلام كان للرجل أن يخرج بغير إذن الأبوين عند الخوف على المسلمين أو على ذراريهم أو على أموالهم، وإذا كان النفير من قبل اللزوم فعلى كل من يقدر على القتال أن يخرج إلى الغزو إذا ملك الزاد والراحلة ولا يجوز له التخلف إلا بعذر بين ) اهـ.

وفي نصب الراية 4/233 : ( ولا تقاتل المرأة إلا بإذن زوجها ولا العبد إلا بإذن سيده ) لما بينا ( إلا أن يهجم العدو على بلدة للضرورة ) اهـ.

وفي مجمع الأنهر 1/633 : ( ففرض عين فتخرج المرأة، والعبد بلا إذن الزوج، والمولى ) ; لأن المقصود لا يحصل إلا بإقامة الكل فيفرض على الكل وحق الزوج، والمولى لا يظهر في حق فروض الأعيان، وكذا يخرج الولد بغير إذن والديه، والغريم بغير إذن دائنه وإن الزوج، والمولى إذا منعا أثماً) اهـ.

وفي فتح القدير 5/442 : ( فإن هجم العدو على بلد وجب على جميع الناس الدفع تخرج المرأة بغير إذن زوجها والعبد بغير إذن المولى ) لأنه صار فرض عين، وملك اليمين ورق النكاح لا يظهر في حق فروض الأعيان كما في الصلاة والصوم، بخلاف ما قبل النفير ; لأن بغيرهما مقنعا فلا ضرورة إلى إبطال حق المولى والزوج ) اهـ.

وفي تبيين الحقائق 3/241 :( وفرض عين إن هجم العدو فتخرج المرأة والعبد بلا إذن زوجها وسيده) لأن المقصود لا يحصل إلا بإقامة الكل فيجب على الكل وحق الزوج والمولى لا يظهر في حق فروض الأعيان كالصلاة والصيام بخلاف ما قبل النفير لأن بغيرهم كفاية فلا ضرورة إلى إبطال حقهما وكذا الولد يخرج بغير إذن والديه ) اهـ.

وفي البحر الرائق 1/79 :( قوله : وفرض عين إن هجم العدو فتخرج المرأة، والعبد بلا إذن زوجها وسيده ) … وأفاد خروج الولد بغير إذن والديه بالأولى وكذا الغريم يخرج إذا صار فرض عين بغير إذن دائنه وأن الزوج والمولى إذا منعا أثما كذا في الذخيرة ولا بد من قيد آخر وهو الاستطاعة في كونه فرض عين فخرج المريض المدنف أما الذي يقدر على الخروج دون الدفع ينبغي أن يخرج لتكثير السواد ; لأن فيه إرهابا كذا في فتح القدير) اهـ.

وفي مجمع الأنهر 1/633 : ( فعلى هذا لو قيد بالاستطاعة لكان أولى ; لأنه لا يجب على المريض المدنف ومن لا يقدر على الزاد، والراحلة ) اهـ.

وفي حاشية ابن عابدين على شرح الحصكفي 4/127 :( قوله فيخرج الكل ) أي كل من ذكر من المرأة والعبد والمديون وغيرهم قال السرخسي، وكذلك الغلمان الذين لم يبلغوا إذا أطاقوا القتال فلا بأس بأن يخرجوا ويقاتلوا في النفير العام وإن كره ذلك الآباء والأمهات ) اهـ.

من أقوال المالكية :

في شرح الخرشي على خليل 3/111 : (وتعين بفجئ العدو، وإن على امرأة ... قد يتعين على كل أحد، وإن لم يكن من أهل الجهاد كالمرأة والعبد ونحوهما كما إذا فجأ العدو مدينة قوم ) اهـ.
وفي شرح عليش على خليل 3/141 : ( فيلزم كل قادر على القتال الخروج له وقتاله إن توقف دفعه على الرجال الأحرار . بل ( وإن على امرأة ) ورقيق وصبي مطيق للقتال، ويسهم حينئذ للرقيق والمرأة والصبي ; لأنه صار واجبا عليهم ... ) اهـ.

من أقوال الشافعية :

في أسنى المطالب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري 4/178: ( حتى على عبيد ونساء لا ) نساء (ضعيفات ) فلا يتعين عليهن وعبارة الأصل فلا يحضرن وعلله الرافعي بأن حضورهن قد يجر شرا ويورث وهنا ( ولا حجر لسيد ) على رقيقه ( و ) لا ( زوج ) على زوجته ولا أصل على فرعه ولا دائن على مدينه كما صرح بهما الأصل ( حينئذ ) أي حين دخول الكفار البلدة( و ) حتى ( على المعذورين ) بعمى وعرج ومرض ونحوها ( و ) على ( من دون مسافة القصر ) من البلدة ( ولو استغنى عنهم ) بغيرهم لتقوى القلوب وتعظم الشوكة وتشتد النكاية في الكفار انتقاما من هجومهم ) اهـ.

وفي الحاشية على أسنى المطالب للرملي : ( قوله : ولا حجر لسيد على رقيقه ) ولا زوج على زوجته ولا أصل على فرعه ولا دائن على مدينه لأنه قتال دفاع عن الدين لا قتال غزو فلزم كل مطيق، وأيضا فإن تركه قد يفضي إلى الهلاك فقدم على حق الأبوين وصاحب الدين والسيد ) اهـ.

وفي تحفة المحتاج 9/235 :( حتى على ) من لا يلزمه الجهاد نحو : ( فقير ) بما يقدر عليه ( وولد ومدين وعبد ) وامرأة فيها قوة، ( بلا إذن ) ممن مر، ويغتفر ذلك بهذا الخطر العظيم الذي لا سبيل لإهماله . ( وقيل : إن حصلت مقاومة أحرار ) منا لهم ( اشترط إذن سيده ) أي العبد للغنية عنه، والأصح لا لتقوى القلوب ) اهـ.

وفي شرح المنهج 5/191 : ( فيجب ذلك على كل ممن ذكر ( حتى على فقير وولد ومدين ورقيق بلا إذن ) من الأصل ورب الدين والسيد ولو كفى الأحرار ) اهـ.

وفي مغني المحتاج 6/22 : ( حتى على فقير ) بما يقدر عليه ( وولد ومدين ) وهو من عليه دين (وعبد بلا إذن ) من أبوين ورب دين ومن سيد، وينحل الحجر عنهم في هذه الحالة ; لأن دخولهم دار الإسلام خطب عظيم لا سبيل إلى إهماله، فلا بد من الجد في دفعه بما يمكن، وفي معنى دخولهم البلدة ما لو أطلوا عليها، والنساء كالعبيد إن كان فيهن دفاع، وإلا فلا يحضرن . قال : الرافعي : ويجوز أن لا تحتاج المرأة إلى إذن الزوج.

( وقيل : إن حصلت مقاومة بأحرار اشترط ) في عبد ( إذن سيده ) ; لأن في الأحرار غنية عنهم واعتمده البلقيني وقال : هو مقتضى نص الشافعي، والأصح في الشرح والروضة الأول لتقوى القلوب وتعظم الشوكة وتشتد النكاية في الكفار انتقاما من هجومهم ) اهـ.

وفي شرح الخطيب على الغاية 4/254 : ( الحال الثاني : من حالي الكفار أن يدخلوا بلدة لنا مثلا فيلزم أهلها الدفع بالممكن منهم . ويكون الجهاد حينئذ فرض عين سواء أمكن تأهبهم لقتال أم لم يمكن علم كل من قصد أنه إن أخذ قتل أو لم يعلم ) اهـ.

من أقوال الحنابلة :

قال ابن قدامة في المغني 9/174 : (… فلم يجز لأحد التخلف عنه، فإذا ثبت هذا، فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير ; لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهم، ومكامن العدو وكيدهم، فينبغي أن يرجع إلى رأيه، لأنه أحوط للمسلمين ; إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه، لأن المصلحة تتعين في قتالهم والخروج إليه، لتعين الفساد في تركهم، ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجا من المدينة، تبعهم، فقاتلهم، من غير إذن، فمدحه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : خير رجالتنا سلمة بن الأكوع . وأعطاه سهم فارس وراجل . ) اهـ.

وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/539 : ( وقتال الدفع مثل أن يكون العدو كثيرا لا طاقة للمسلمين به لكن يخاف إن انصرفوا عن عدوهم عطف العدو على من يخلفون من المسلمين فهنا قد صرح أصحابنا بأنه يجب أن يبذلوا مهجهم ومهج من يخاف عليهم في الدفع حتى يَسلموا، ونظيرها أن يهجم العدو على بلاد المسلمين وتكون المقاتلة أقل من النصف فإن انصرفوا استولوا على الحريم فهذا وأمثاله قتال دفع لا قتال طلب لا يجوز الانصراف فيه بحال ووقعة أحد من هذا الباب ) اهـ.

وفي الإنصاف للمرداوي4/117 : ( تنبيه : ظاهر قوله " من أهل فرض الجهاد تعين عليه " أنه لا يتعين على العبد إذا حضر الصف، أو حضر العدو بلده . وهو أحد الوجهين . وهو ظاهر ما في الهداية، والمذهب والمستوعب، والخلاصة، والمحرر، وغيرهم . وصححه في الرعايتين، والحاويين، في باب قسمة الغنيمة عند استئجارهم .
والوجه الثاني : يتعين عليه والحالة هذه . وهو الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . قال الناظم : وإن قياس المذهب : إيجابه على النساء في حضور الصف دفعا واحدا . وقال في البلغة هنا : ويجب على العبد في أصح الوجهين . ) اهـ.

من أقوال الظاهرية :

قال ابن حزم في المحلى 5/341 : ( ولا يجوز الجهاد إلا بإذن الأبوين إلا أن ينزل العدو بقوم من المسلمين ففرض على كل من يمكنه إعانتهم أن يقصدهم مغيثا لهم أذن الأبوان أم لم يأذنا - إلا أن يضيعا أو أحدهما بعده، فلا يحل له ترك من يضيع منهما .) اهـ.

وأحب أن أختم هذا المبحث بكلمة للدكتور خير هيكل في كتابه الجهاد والقتال حيث قال ص 1189 : ( حين ينشأ ظرف من الظروف يكون فيه هجوم تكتلات الكفار على المسلمين مسلطا على الأمة الإسلامية بكاملها أو لمحو الإسلام من الوجود - لا سمح الله - ففي هذه الحالة ينبغي على قادة الأمة الإسلامية أن يعملوا على تفتيت تلك الجبهة المعادية بأي وسيلة ممكنة مشروعة بهدف إحداث الانقسامات في تلك التكتلات وصرفها عما اجتمعت عليه حتى ولو بإغرائها أو إغراء بعضها بمنافع مادية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في عزوة الخندق ...
وإن كان ولا بد من الحرب في النهاية فهنا لا ينظر إلى ميزان القوى بين المسلمين المدافعين والأعداء المغيرين لا من حيث العدد ولا من حيث السلاح وعلى المسلمين خوض الحرب مهما بلغوا من الضعف ومهما بلغ عدوهم من القوة ولو سقط الملايين من الشهداء ولا يجوز لمسلم في هذا الحال أن يفكر في الهرب او الانسحاب من المعركة المصيرية وذلك كما كان حال المسلمين في غزوة الخندق ...
وأما إن كان هجوم الكفار على المسلمين لا يرمي إلى محوهم ولا محو الإسلام من الوجود وإنما يرمي إلى سلبهم بعض مقدراتهم من بلاد أو ثروات وما شاكل ذلك فهنا يجب الدفاع أيضا بكل وسيلة ممكنة مشروعة دون نظر إلى وضع ميزان القوى بين المسلمين وعدوهم ولا يجوز الفرار لما ينشأ عن ذلك من أضرار بالغة هي أكبر من ضرر الصمود في وجه هذا العدو.
ولكن حين تكون الحسابات كلها تؤكد على أن مضار الصمود والتصدي على الإسلام والمسلمين هي أكبر من مضار الانسحاب ففي هذه الحال يجوز للقادة المخلصين للإسلام والمسلمين في الدولة أن يقرروا الانسحاب من وجه الجيش المغير من مدن أو مناطق من البلاد الإسلامية، ولكن لا بقصد التخلي عنها نهائيا للعدو وإنما القصد أخذ الاستعدادات اللازمة لمنازلته في أقرب فرصة ممكنة ودحره عما سبق التخلي عنه بحكم الضرورات الحربية.
وقد كان قادة جيوش المسلمين أيام الفتوح على عهد الخلافة الراشدة يضطرون للتخلي عن بعض ما فتحوه بل ويردون الجزية لأهل الذمة وينسحبون من تلك البلاد لكن لا بقصد التخلي إلى الإبد وإنما بقصد التجمع وأخذ الأهبة لمنازلة العدو من جديد حدث هذا في فتوح الشام وفارس ) اهـ.

ويؤيد ما قاله الدكتور ما في شرح عليش على خليل 3/141 حيث قال : ( وتعيّن ) صار الجهاد فرض عين ( بفجئ ) أي هجوم ( العدو ) أي الكافر الحربي على قوم بغتة ولهم قدرة على دفعه أو على قريب من دارهم فيلزم كل قادر على القتال الخروج له وقتاله ) اهـ.

وما في التاج والإكليل 4/539 حيث قال : ( قال ابن بشير : إذا نزل قوم من العدو بأحد من المسلمين وكانت فيهم قوة على مدافعتهم فإنه يتعين عليهم المدافعة ) اهـ.

حيث قيدا الوجوب العيني بالقدرة ولكن قد يقال إن ذلك في أهل الإقليم المهاجَم لا في كل المسلمين، ويجاب عن ذلك بأن الواجبات إنما تجب مع القدرة وإذا تحققنا من عدم القدرة فلا إشكال في عدم الوجوب.

ويؤيد ما قاله الدكتور ما في كتب الشافعية من جواز الاستسلام حين الهجوم بشروط، قال الرملي في نهاية المحتاج 8/59 : ( الثاني ) من حال الكفار ( يدخلون ) أي دخولهم عمران الإسلام ولو جباله أو خرابه ...( وإلا ) بأن لم يكن تأهب لهجومهم بغتة ( فمن قصد ) منا ( دفع عن نفسه بالممكن ) حتما ( إن علم أنه إن أخذ قتل ) وإن كان ممن لا جهاد عليه إذ لا يجوز الاستسلام لكافر ( وإن جوز الأسر ) والقتل ( فله ) أن يدفع و ( أن يستسلم ) ويلزم المرأة الدفع إن علمت وقوع فاحشة بها حالا بما أمكنها، وإن أفضى إلى قتلها إذ لا يباح بخوف القتل ) اهـ.

لكن قد يقال إن هذا في استسلام الأفراد لا في استسلام الكل ويمكن أن يقال : لا فرق بل قال الفقهاء في التعليل لوجوب فك الأسير : إن حرمة المسلم أعظم من حرمة الدار قال شيخ الإسلام الأنصاري في أسنى المطالب 4/179 : ( وكذا لو أسروا مسلما وأمكن تخليصه ) منهم بأن رجوناه ( تعين جهادهم ) وإن لم يدخلوا دارنا ; لأن حرمة المسلم أعظم من حرمة الدار ) اهـ.

وفي الختام :

تبين لنا مما سبق أن جهاد الاحتلال في فلسطين والعراق وغيرها من بلاد المسلمين المحتلة متعين على أهل تلك البلدان فإن عجزوا أو قصروا – وهو الواقع - فإن الوجوب يتسع إلى من جاورهم من المسلمين فإن عجز أو أهمل من جاورهم – وهو الواقع - فإن الدائرة تتسع حتى تشمل كل المسلمين فالخلاصة : أن جهاد الاحتلال في تلك البلدان الآن واجب عيني على كل المسلمين ويأثم كل مستطيع على الخروج ثم لم يخرج بل إن عدم الخروج لذلك من كبائر الذنوب، والمخاطب بالوجوب بالدرجة الأولى هم حكام المسلمين لأن بيدهم القرار والقوة والعدة ثم العلماء والمفكرون والمصلحون لأن بيدهم التأثير على الجماهير فثقة الشعوب بهم أكثر من ثقتها بالحكام بل لا مقارنة، ولا يعني تخلف من تخلف من الحكام والعلماء أن الواجب قد سقط عن غيرهم من المسلمين .

لكننا نسلي أنفسنا أحيانا بأننا غير مستطيعين على الذهاب وقد قال الإمام ابن الهمام في فتح القدير 5/440 : ( يجب أن لا يأثم من عزم على الخروج، وقعوده لعدم خروج الناس وتكاسلهم أو قعود السلطان أو منعه ) اهـ.

وأحيانا نسلي أنفسنا بأن بقاءنا في أماكننا أصلح للإسلام والمسلمين، وأحيانا أخرى بأن إخواننا في تلك البلدان ليسوا بحاجة إلى الرجال بقدر ما هم بحاجة إلى نشر القضية والدعاء لهم ودعمهم بالمال، ولكننا مع ذلك وللأسف ننساهم حتى من نشر قضيتهم ومن الدعاء لهم ودعمهم بالمال نسأل الله أن يغفر لنا وأن يعفو عنا.

اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم أحزاب الكفر ومن شايعهم، أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك المجاهدين في فلسطين وفي العراق وفي الشيشان وفي أفغانستان وفي كل مكان، اللهم أصلح أحوال أمة نبيك محمد أجمعين واجمع كلمة أمة نبيك محمد وفرج عن أمة نبيك محمد أجمعين آمين يا رب العالمين.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2910&Itemid=1

فـاروق
06-13-2008, 05:29 PM
اذا لم نرفض المقولة القائلة ان الاسلام انتشر بالسيف؟

واين تطبيق لا اكراه في الدين؟ فنحن نخيرهم بين القتل او دفع المال او الاسلام...وهم مجبرون مكرهون في كل من تلكم الحالات.

فما تفسيركم رعاكم الله

مقاوم
06-13-2008, 06:33 PM
اذا لم نرفض المقولة القائلة ان الاسلام انتشر بالسيف؟

واين تطبيق لا اكراه في الدين؟ فنحن نخيرهم بين القتل او دفع المال او الاسلام...وهم مجبرون مكرهون في كل من تلكم الحالات.

فما تفسيركم رعاكم الله
أخي الحبيب
بل نرفضها لأنها ليست صحيحة نصا ولا مضمونا وأظنك إنما تسأل لتبيان ذلك. ومع أن الموضوع يركز على جهاد الدفع فلا بأس ان نعرج على هذه النقطة وهذه المقولة التي يروج لها كثيرا أعداء الإسلام.

فالذي يلقي نظرة ولو سريعة على تاريخ الإسلام والفتوحات الإسلامية يتبين له أن انتشار الإسلام لم يكن نتيجة مباشرة للفتوحات العسكرية بقدر ما كان نتيجة العدل الذي أتى به الإسلام وذاع صيته ونتيجة المعاملات التجارية المنصفة والدعوة إلى الله من قبل التجار.

لا إكراه في الدين نعم ومتى أكره المسلمون المنتصرون أحدا على الإسلام. ولو أنهم فعلوا لما بقي نصراني ولا يهودي في أي من البلاد التى فتحها المسلمون أو حكموها. ونراهم اليوم في لبنان وسوريا وفلسطين ومصر وغيرها.

من يتهم الإسلام بأنه دين السيف عليه أن ينفي التهمة عن نفسه أولا سيما إن كان نصرانيا أو يهوديا أو حتى هندوسيا بوذيا. والدعوة إلى إحدى ثلاث هي قمة العدل ولم يسبق المسلمين أحدٌ بذلك فمن دخل في الإسلام أصبح من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم. ومن أراد أن يبقى على دينه فلا بأس بذلك أيضا على أن يدفع رسما زهيدا لقاء حمايته، أما من يأبى هذا وذاك فلا بد من قتاله لأنه أصبح حجر عثرة يمنع الخير عن الناس.

هذا باختصار شديد.

فـاروق
06-13-2008, 06:41 PM
جزاك الله خيرا..

ولكن هل طلبوا هم الحماية اصلا؟ هم اختاروا الكفر ورضوا به ...ولهم جيوشهم التي تحميهم ورضوا بها فاي خيار نخيرهم اياه؟ والله عز وجل يقول: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... ؟

والقضية لا يرد عليها بالقول انظروا ماذا فعل الباقون...فالقضية هنا ليست مقارنة...ان يكون مقاوم افضل من فاروق لا يعني ان مقاوم على حق ( هذه قاعدة ولا يراد منها التعرض لدين الله الحق الاسلام لا من قريب ولا من بعيد).

ومن ثم....اذا لم يكن انتشار الاسلام نتيجة مباشرة للفتوحات لم سنت الفتوحات؟ ولم لم يتم الاستعاضة عنها بالتجار وارسال الدعاة؟ كم نسبة الدول التي دخلها الاسلام من دون فتوحات؟

وعلى اي شيء بني الحق في قتال الكفار ولو لم يقاتلونا او يمنعوا عنا الدعوة؟ ولم نغضب منهم ان هم قاموا بالفعل نفسه.؟

الا يحق لهم ان يخيرونا اليوم بين الكفر او القتل او دفع بضع ابار نفط لهم؟ هل الخلاف هو حول مقدار الجزية وظلمها من عدلها؟

جزاك الله خيرا على صبرك وتعاونك

مقاوم
06-13-2008, 07:48 PM
أخي الحبيب فاروق
تابع ردودي بالأحمر
جزاك الله خيرا..

ولكن هل طلبوا هم الحماية اصلا؟ هم اختاروا الكفر ورضوا به ...ولهم جيوشهم التي تحميهم ورضوا بها فاي خيار نخيرهم اياه؟ والله عز وجل يقول: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... ؟
لا أخي لم يطلبوا الحماية لكننا أمرنا بتبليغ الدعوة والكفر بالطاغوت وإزالته ولو بالقتال وآية السيف في سورة التوبة أمرتنا بقتال المشركين كافة ولهذا عندما تخرج الجيوش والسرايا يكون الهدف تبليغ الدعوة وتحقيق التوحيد وإزالة كل طاغوت يقف في وجه ذلك. أما استدلالك بالآية فغير صحيح لأنها ليست ترخيص أو تخيير بين الكفر والإيمان وإنما هي تهديد ووعيد ولو أوردتها كاملة لتبين ذلك.

والقضية لا يرد عليها بالقول انظروا ماذا فعل الباقون...فالقضية هنا ليست مقارنة...ان يكون مقاوم افضل من فاروق لا يعني ان مقاوم على حق ( هذه قاعدة ولا يراد منها التعرض لدين الله الحق الاسلام لا من قريب ولا من بعيد).
لم يكن هذا مرادي أبدا. وإنما كنت أرمي إلى تبيان أن من يطلقون هذه الفرية على دين الله كان الأولى والأجدر بهم أن ينظروا إلى تاريخهم الدموي الممتد عبر القرون.

ومن ثم....اذا لم يكن انتشار الاسلام نتيجة مباشرة للفتوحات لم سنت الفتوحات؟ ولم لم يتم الاستعاضة عنها بالتجار وارسال الدعاة؟ كم نسبة الدول التي دخلها الاسلام من دون فتوحات؟
فلنميز بين مسألتين: تبيلغ الدعوة والانتشار الواسع. نعم تم التبليغ عبر الفتوحات لكن الانتشار الجغرافي الذي عم الأرض لم يكن عبر الفتوحات وإن كانت الفتوحات خميرته. ولعل أنصع مثال على ذلك هو أندونيسيا وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان.

وعلى اي شيء بني الحق في قتال الكفار ولو لم يقاتلونا او يمنعوا عنا الدعوة؟ ولم نغضب منهم ان هم قاموا بالفعل نفسه.؟
الأرض لله يورثها من يشاء. وقد بينت أننا أمرنا بقتال المشركين بنص الكتاب وأضيف هنا بنص السنّة كذلك. يعني أننا مكلفون بذلك والمسألة لها ضوابطها وفي المنتدى أكثر من موضوع متعلق بهذا وكيف لا نغضب وهم يهلكون الحرث والنسل ويفسدون الدين الدنيا؟
جهاد الطلب يختلف تماما عما يفعله الأعداء في بلادنا ومن الظلم مقارنته بحروبهم المدمرة.
الا يحق لهم ان يخيرونا اليوم بين الكفر او القتل او دفع بضع ابار نفط لهم؟ هل الخلاف هو حول مقدار الجزية وظلمها من عدلها؟
أنا أسألك بدوري بأي حق؟ أما نحن فمكلفون ممن خلق السماوات والأرض ومن فيهن بذلك. ونبينا صلى الله عليه وسلم أرسل إلى ملوك الدنيا يقول لهم أسلموا تسلموا والدعوة ما زالت في مهدها فبأي حق فعل ذلك يا ترى؟
جزاك الله خيرا على صبرك وتعاونك

طرابلسي
06-13-2008, 07:58 PM
هذا مقصد الغزو فلا أجد احدا من الغزاة على مر التاريخ إلى يومنا عنده مثل تلك الشروط
بل القتل والدم هو مقصدهم بخلاف الإسلام أن يعبد الله وحده في الأرض فإن أبوا بالجزية على ان يطبق الاسلام على الجميع

وهذه الخلاصة في تلكم الجمل ....
-------------------
وفي هذه الحالة – أي حالة الغزو والطلب – يعرض جيش المسلمين على الكفار الإسلام فإن قبلوه فقد كفى الله المؤمنين القتال وحصل المطلوب والأصل، فإن أبوا الدخول في الإسلام فلا إكراه في الدين، فيعرض عليهم أن يبقوا على دينهم لكن مع دفع الجزية على تفاصيل للفقهاء فيمن تقبل منهم الجزية، ومعنى قبولهم الجزية أي أن تكون تلك البلاد تحت سلطان الإسلام على أن يوفر المسلمون لهم الحماية قال تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ... حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).

مقاوم
06-14-2008, 06:48 PM
وفي هذا المقال تلخيص جيد ورد على مقولة أن الإسلام انتشر بالسيف.
http://www.saowt.com/forum/showthread.php?t=29202

موسى بن نصير
06-19-2008, 10:29 AM
بأن يستنفر الإمام الناس للجهاد قال تعالى : ( ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا ... ) اهـ.
فيتعين على من استنفرهم الإمام أن يخرجوا للجهاد كما حصل ذلك للمسلمين في غزوة تبوك

ماحكم الاستنفار لو قام به أحد رؤساء اليوم؟ هل ستنفرون معه باعتباره امام واستنفر او ضده باعتباره طاغوت لايحكم شرع الله؟!!

مقاوم
06-19-2008, 10:56 AM
ماحكم الاستنفار لو قام به أحد رؤساء اليوم؟ هل ستنفرون معه باعتباره امام واستنفر او ضده باعتباره طاغوت لايحكم شرع الله؟!!

من المغني لابن قدامة رحمه الله - كتاب الجهاد:
( ويغزى مع كل بر وفاجر ) يعني مع كل إمام . قال أبو عبد الله وسئل , عن الرجل يقول : أنا لا أغزو ويأخذه ولد العباس , إنما يوفر الفيء عليهم , فقال : سبحان الله , هؤلاء قوم سوء , هؤلاء القعدة , مثبطون جهال , فيقال : أرأيتم لو أن الناس كلهم قعدوا كما قعدتم , من كان يغزو ؟ أليس كان قد ذهب الإسلام ؟ ما كانت تصنع الروم ؟ وقد روى أبو داود , بإسناده عن أبي هريرة , قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الجهاد واجب عليكم مع كل أمير ; برا كان , أو فاجرا . } وبإسناده عن أنس , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثلاث من أصل الإيمان ; الكف عمن قال : لا إله إلا الله , لا نكفره بذنب , ولا نخرجه من الإسلام بعمل , والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال , والإيمان بالأقدار } ولأن ترك الجهاد مع الفاجر يفضي إلى قطع الجهاد , وظهور الكفار على المسلمين واستئصالهم , وظهور كلمة الكفر , وفيه فساد عظيم , قال الله تعالى { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }

( 7420 ) فصل : قال أحمد : لا يعجبني أن يخرج مع الإمام أو القائد إذا عرف بالهزيمة وتضييع المسلمين , وإنما يغزو مع من له شفقة وحيطة على المسلمين .

فإن كان القائد يعرف بشرب الخمر والغلول , يغزى معه , إنما ذلك في نفسه , ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم { : إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر } [ ص: 166 ]

( 7421 ) فصل : ولا يستصحب الأمير معه مخذلا , وهو الذي يثبط الناس عن الغزو , ويزهدهم في الخروج إليه والقتال والجهاد , مثل أن يقول : الحر أو البرد شديد , والمشقة شديدة , ولا تؤمن هزيمة هذا الجيش .

وأشباه هذا , ولا مرجفا , وهو الذي يقول : هلكت سرية المسلمين , ومالهم مدد , ولا طاقة لهم بالكفار , والكفار لهم قوة , ومدد , وصبر , ولا يثبت لهم أحد . ونحو هذا , ولا من يعين على المسلمين بالتجسس للكفار , وإطلاعهم على عورات المسلمين , ومكاتبتهم بأخبارهم , ودلالتهم على عوراتهم , أو إيواء جواسيسهم . ولا من يوقع العداوة بين المسلمين , ويسعى بالفساد ; لقول الله تعالى { ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة } .

ولأن هؤلاء مضرة على المسلمين , فيلزمه منعهم . وإن خرج معه أحد هؤلاء , لم يسهم له ولم يرضخ وإن أظهر عون المسلمين ; لأنه يحتمل أن يكون أظهره نفاقا , وقد ظهر دليله , فيكون مجرد ضرر , فلا يستحق مما غنموا شيئا . وإن كان الأمير أحد هؤلاء , لم يستحب الخروج معه ; لأنه إذا منع خروجه تبعا , فمتبوعا أولى , ولأنه لا تؤمن المضرة على من صحبه .

طرابلسي
06-20-2008, 04:54 PM
ماحكم الاستنفار لو قام به أحد رؤساء اليوم؟ هل ستنفرون معه باعتباره امام واستنفر او ضده باعتباره طاغوت لايحكم شرع الله؟!!
إذا استنفر لحماية حدوده التي رسمها له المستعمر الكافر وكان قتاله مع جارته المجتزئة من أرض الإسلام أيضا فقتالهما قتال اخوة على مكاسب وهمية والقتال معه لا يصح
أما إن اعتدى عدو من غير جلدتنا وأراد استباحة أعراضنا فقتال الدفع واجب على كل مستطيع ثم الأقرب فالأقرب ولا يشترط اكان طاغوتا او شيطانا وكل على نياته لأن حفظ الدين والنفس مقدم على ما سواهما
لكن حين ينتهي الأمر ويستتب الوضع
لا يشرفني مسح نعلي بذاك الطاغوت الذي أسميتموه زورا وبهتانا بولي الأمر