تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب فشل نهوض العالم العربي.. رؤية صهيونية



مقاوم
06-03-2008, 08:06 AM
أسباب فشل نهوض العالم العربي.. رؤية صهيونية
كتب التقرير والترجمة أ. أحمد الغريب*

http://qawim.net/exq.gif الفشل والإرهاب والغباء والراديكالية والتطرف والتخلف وعدم القدرة على الاندماج في عصر العولمة، جميعها مفردات دوماً ما يرددها خبراء المراكز البحثية الصهيونية عن العرب، يحاولون كلما سنحت لهم الفرصة النيل من الشعوب العربية وإضعاف قواها، وليس غريباً عن تلك المراكز ما تقوم به في تلك المرحلة الحرجة التي بدأت تظهر فيها نقاط ضعف الكيان الصهيوني وبقوة، فكان من الأفضل القيام بهجوم مضاد قبل أن ينال العرب منهم ويكشفوا عيوبهم.

حيث أعد الباحث دان شيفين المحاضر بقسم العلوم السياسية بجامعة حيفا وكبير الباحثين بمركز أبحاث الأمن القومي الصهيوني دراسة هامة للغاية تحت عنوان "العالم العربي وتحديات القرن الحادي والعشرين"، صدرت عن مركز بيجين-السادات للدراسات والبحوث الاستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب واستهل دراسته بالحديث أنه ومن خلال إمعان النظر قليلاً إلى الكاريكاتير الذي نشرته صحيفة (العربي اليوم) الأردنية ويظهر فيه لوحة كتب عليها القرن 21 وشخص أجنبي يصعد إلي أعلى بينما عربي بزيه المعروف يهبط فوق درجات السلم، سنجد أنه يعكس بوضوح ما آلت إليه أوضاع العالم العربي، بل يمكن القول أن هذا الرسم يعكس حال العرب.

العرب 200 عام من الفشل!

تحت عنوان فشل العالم العربي في مسايرة العالم الحديث: يقول الباحث الصهيوني أن العالم العربي يواجه مأزقاً وأزمة كبيرة، نتيجة فشله في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ، فالفشل المورث التي مُني به في الماضي أظهرت احتمالية الفشل في المستقبل أيضا وزادت من الصعوبات الجوهرية التي يواجهها العرب ، فالعالم العربي غير مُهيأ لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ، ويواجه صعوبة في التأقلم مع العالم الحديث، قائلاً" نحن لن نقوم هنا بالتطرق إلى التفاصيل المميزة للحداثة، لكن من المهم أن نوضح العناصر المطلوبة لكي يتمكن بها مجتمع ما من مسايرة الحداثة ، والعالم العربي-رغم الفروق الواضحة بين أنظمة حكمه-يفتقر إلى وجود هذه العناصر ، وهذا الأمر لا يُعد بمثابة أزمة مؤقتة أو عائقاً ثانوياً ولكنه يشكل مشكلة جوهرية.

وتحت عنوان العناصر المطلوبة لكي يتمكن المجتمع من مسايرة الحداثة : قال الباحث دان شيفين " أن العنصر الأول والاهم هو القدرة على التوافق : وهو قدرة المجتمع على التعامل مع واقع انعدام الثقة ،وتحديد التوجهات ،وتفهم الأشكال الجديدة للواقع ،وإيجاد حلول عملية للتعامل مع هذا الواقع، ونجد أن العالم العربي فشل بالفعل-على مدار 200 عام-في هذا المجال ،كما أنه ليس هناك أية فرصة في المستقبل القريب لإحراز أي نجاح فيه .
أما العنصر الثاني بحسب دراسة مركز بيجين – سادات فهو وجود مجتمع متفتح، مشيراً إلى أن المجتمعات التي نجحت في الحد من درجة ارتباطها بالنظام الحاكم وبالالتزامات الاجتماعية ، تمكنت من إظهار إبداعات الفرد بها ، وجعلته يحاول ويبدع حتى في المجالات التي كانت تُعد مجالات محظورة، واستوعبت أخطائه وفشله ، ومكنته من تكييف نفسه مع التحديات الجديدة ، وبالطبع لا يوجد شئ كهذا في العالم العربي ، باستثناء الإبداع المذهل في مجال الإرهاب!!

وتابع عرض عناصره بالقول"أن العنصر الثالث، يتمثل في التزود بالعلوم ومواكبة التطورات التكنولوجية، مشيراً إلى أن سر الثروة في العالم القديم كان يكمن في وجود أرض خصبة ووفرة المياه ،أما في فترة الثروة الصناعية وما بعدها كانت الثروة تتمثل في الفحم والحديد ،وما يعتمد عليها من صناعة ثقيلة وخفيفة ،أما في العصر الحديث فنجد أن العنصر المؤثر هو التطور العلمي خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقال "هنا نجد أن العالم العربي لم يتقدم بأي خطوة في هذا المجال الحاسم ، ولا نكون مبالغين إذا ما قلنا أن هناك 300 مليون عربي من المحيط إلى الخليج عقولهم ميتة (brain dead) والشاذون عن هذه القاعدة يمكن عدهم على الأصابع .

وقال: إنَّ العنصر الأخير يتمثل في انعدام الحد الأدنى من الشعور بالثقة بالنفس الذي يشجع على الإبداع والتطوير، وقال أن القدرة على التعامل مع التحديات الجديدة وتكييف كل من الفرد والمجتمع مع واقع مختلف يستوجبان وجود ثقة في النفس، تكون نابعة من نجاحات سابقة في مواجهة مختلف التحديات ، مما يعطي الجرأة على الخروج عن الأنماط المُسلم بها-التي ربما كانت مفيدة في الماضي- ولكنها الآن لم تعد عملية في ظل التطور السريع الذي نشهده، ووجود مثل هذا النوع من الثقة في النفس يساعد بشكل كبير كل من لا يعرف كيفية التعامل مع أي مشكلة جديدة ،وتمكنه من وضع قدمه على الطريق الصحيح .

لماذا أصبح اليهود أقوياء والعرب ضعفاء؟

وعن رؤيته لأسس المشكلة وجذورها لدى العرب، يقول الباحث دان شيفين أن المشكلة تكمن في طريقة التفكير لدى العرب ،حيث أن هناك تضارباً بين الآمال التي ممكن حدوثها ،وبين الواقع الذي لا يمكن احتماله، فالعرب يأملون في أن يتقدموا ، ويقنعون أنفسهم بأنهم في سبيلهم إلى النمو والسيطرة ،وأنهم سيصبحون القوة الرائدة في العالم ، رغم أن واقعهم يؤكد أنهم يعيشون حالياً في ذل،وضعف وتخلف، هذا ونجد أن الفجوة كبيرة جداً بين كلا العنصرين السابقين-بين الواقع الحالي بما فيه من مرارة وبين ما كان يجب أن يكون وفقاً للآمال-فالعالم العربي يعاني من التخبط والتشتت نتيجة هذه الفجوة ، فأبنائه يرون أن الواقع الحالي محير للغاية وغير مفهوم وغير عادل أيضا من الناحية التاريخية والحضارية العالمية ،ولا يستطيع العرب تفهم كيف ضعف العرب إلى هذا الحد ،بينما أصبح اليهود أقويا إلى حد كبير ؟ وكيف تخلف العرب في مجالات هامة، بينما تقدم اليهود فيها ؟ وأستطرد قائلاً"هذه الدهشة ،بالإضافة إلى الحاجة إلى إيجاد إجابة فورية لإنهاء هذه الحيرة تقودنا إلى أن الراديكالية هي السبب ،فالعالم العربي شهد ظهور العديد من الكذابين والمخادعين-أشهرهم جمال عبد الناصر-الذين تظاهروا بأنهم عثروا على طريق تاريخي مختصر سيرفع العرب مرة واحدة من الحضيض إلى القمة ،وينتشلهم من المهانة التي يعيشونها إلى العزة والكرامة والنمو والاحترام،ونجد أن العرب قد تهافتوا وارتموا في أحضان هؤلاء المخادعين الراديكاليين ، وما يزالون يخسرون المزيد والمزيد نتيجة تأييدهم لزعماء لا يقومون بعرض الأسباب الحقيقية والجوهرية للفشل،والتي تحول دون نجاح العرب في التعامل مع تحديات العالم الحديث.

والجدير بالذكر أن المشكلة لا تتركز فقط في المسار السياسي ،بل إن جذورها ضاربة في أعماق النظام الاجتماعي العربي،حيث نجد أن العالم العربي عالق بين نظامين اجتماعيين مختلفين أولهما، النظام الاجتماعي التقليدي الذي لا يزال منتشراً في المدن الكبرى في المنطقة ،والذي لم يشهد أي تطويراً لأفكاره، ثم يليه النظام الاجتماعي الحديث الذي يحاول الصفوة العرب تبنيه على مدار القرنين الماضيين ،ولكن لم يتم استيعابه كنظام بديل ،بل تم الدمج بينه وبين النظام التقليدي، هذا ونجد أن المجتمع العربي يتأرجح بين هذين النظامين المتناقضين-فتارة هنا وأخرى هناك-فهذا المجتمع لا يمكنه العودة إلى النظام التقليدي-لأنه لا يمكنه من الصمود أمام التحديات التي يفرضها عليه الواقع-ومن جهة أخرى يجد هذا المجتمع نفسه أمام واقع جديد يمثله العالم الحديث-لا يجد فيه طريقه-مما أدى إلى فشل المجتمع العربي في تحديد نظام اجتماعي مناسب له.

وتابع الباحث دراسته بالقول" كذلك نجد أنه حتى حينما عرف العرب العوائق التي تعترض جهودهم،وما يجب عليهم فعله حتى يتمكنوا من التعايش مع الواقع الجديد ،لم يكن لديهم استعداد لدفع الثمن الاجتماعي الذي يتطلبه ذلك ،فمثلاً يدرك العالم العربي-خاصة قطاعات عريضة من الصفوة العرب-أن الوضع المتدني للمرأة في المجتمع يحول دون تمكن العرب من الاستفادة من نصف القوة البشرية في المجتمع ،ويعترف العرب أيضا أن هذا الأمر يمنعهم من منافسة المجتمعات التي تستفيد من هذه القوة النسائية، هذا ونجد أنه على الرغم من أنهم يعلمون أن هذا الأمر مطلوب وربما أيضا ضروري ، إلا أن الرجال العرب لا يمتلكون ما يكفي من الثقة في النفس حتى يسمحوا للنساء بلعب دور أكثر محورية في المجتمع .

عوامل الفشل العريي:

في النهاية ينقلنا هذا التحليل لوضع العرب إلى الإشارة إلى العوامل التي تؤدي إلى هذا الفشل، خاصة تلك الفجوة بين تطلعات العرب إلى النمو والتقدم ، وبين واقعهم المرير، وهذه النتائج هي :

1. نظرية المؤامرة التي تجعل من الصعب على العرب فهم أنفسهم ،وفهم ما يحيط بهم،والاستعداد بشكل أمثل للتعايش مع الواقع ،فنظرية المؤامرة تُعد بمثابة حجة سهلة يجد فيها العرب ذريعة لتعليق فشلهم ونجاح أعدائهم ، فالعرب يرون أن القوات الصهيونية والأمريكية تخطط في الخفاء لوقف تقدم ونمو العرب ،وهذا هو سر انتشار نسخ "بروتوكولات حكماء صهيون" بين أوساط المثقفين العرب ،وكذلك انتشار الشائعات حول إسرائيل مثل الشائعة التي انتشرت في مصر منذ عدة سنوات ،والتي تزعم أن الموساد نشر هناك لبان مثير للغرائز الجنسية لدى النساء ، بهدف هدم أسس الأسرة المصرية ـ على حد زعم الكاتب ـ !

2. التوجه صوب الراديكالية بوجه عام ،والراديكالية الإسلامية بوجه خاص : وهذا التوجه جاء في الأساس نتيجة الفجوة الكبيرة بين الواقع وبين ما هو متوقع ، حيث رأى العرب أن هذه الفجوة لا يمكن اجتيازها بوسائل تدريجية ،بل نجدهم حاولوا تخطي تلك الفجوة من خلال خطوات ثورية-راديكالية، ولكن رغم ذلك لم نشهد خلال الربع الأخير من القرن الماضي وجود راديكالية (الأمل)، مثلما كان الحال عليه أيام (جمال عبد الناصر) ،فناصر أقنع الصفوة العرب أنه سيقودهم إلى الطريق الذي سيصل بالعرب إلى التقدم ،وذلك من خلال توحيد جميع العرب تحت زعامته، مما سيمنح للعرب ثقلاً بين دول "عدم الانحياز" ،وسيجعل مفاتيح اللعبة الدولية في يد العرب، وان هذا الاندماج القومي العربي سيفرض على القوى العظمى منح العرب قدرهم المناسب ،كعنصر فعال في العالم، لكننا نجد أنه عقب نجاحات مبدئية شهدتها حركة عبد الناصر خلال الخمسينيات وأوائل الستينيات ، مرت هذه الحركة بحالة من التخبط والضياع ثم انهارت تماماً بعد حرب 1967م، مشيراً إلي أن الراديكالية الإسلامية أشد خطورة حتى من الطريق الفاشل الذي سلكه جمال عبد الناصر ،لأن ناصر وعد العرب بالقليل من الآمال في المستقبل القريب ،بينما الراديكالية الإسلامية فتعتمد على الإحباط لإحداث التغيير،ولا تنتهج طرقاً سياسية محددة لتصل إلى النتائج المطلوبة ،لذا فإن هذه الراديكالية لا تبحث عن مخرج من الأزمة، لكنها تمكن من التعايش مع الأزمات لفترة طويلة مع تجنب حدوث أي تنافر داخلي لا يمكن احتماله، إلى أن يتغير الوضع .

3. استخدام الإرهاب كأداة لتحرير المجتمع الذي يشعر بأنه عديم القدرة : قائلاً أن الإرهاب يمنح الضعفاء والعاجزون شعوراً زائفاً بالعظمى ،فمن خلاله يتمكنون من الإضرار بالآخرين في الوقت الذي لا يمكنهم فيه فعل ما ينفعون به أنفسهم ،ورغم ذلك نجد أن الإرهاب لا ينتشل الفاشلين من فشلهم، ولكنه يعيق الناجحين-مؤقتاً-عن التمتع بثمار نجاحهم.

وفي معرض عرضه لعلاقة "إسرائيل" بما طرحه قال دان شيفين المحاضر بقسم العلوم السياسية بجامعة حيفا " أريد أن أستغل الملاحظات الأخيرة للتحدث عن نقطة أخرى ، ربما أقل أهمية ، ولكنها ترتبط بشكل مباشر "بالإسرائيليين" الذين يواجهون هذه الملاحظات التي ذكرناها هنا .

أولاً : لا يجب أن نفاجأ عندما يقوم مجتمع يعاني من الإحباط المستمر ،ويعاني من الضياع منذ عدة عقود ،بنشر حالة من عدم الاستقرار الدائم ،والعنف الفظيع ،فهذا الأمر يميز حتى علاقة العرب بأنفسهم ، لذا ليس من المستغرب أيضا أن يميز هذا الأمر أيضا الشعور بالعداء والحنق تجاه اليهود، فمصطلح "السلام" أثبت أن العرب من الممكن أن يتعاملوا مع اليهود بشكل أفضل مما يتعاملون به مع إخوانهم بني جلدتهم (لحمهم ودمهم)، كما أثبت مصطلح " الشرق الأوسط الجديد" أنه يمكننا تغيير الملامح الأساسية للثقافة السياسية في المنطقة بأكملها على المدى القصير، وقد حان الوقت الآن للبحث والمقارنة بين الاتفاقيات السياسية الهامة والناجحة مثل اتفاقية السلام مع مصر وبين "السلام" المُهمل،وبين فكرة تدمير دولة الشعب اليهودي.

ثانياً : المجتمع الذي ليس لديه استعداد لتحمل مسئولية فشله ،ويلقي بالمسئولية على "الاستعمار" و"العولمة" ،لا يُستبعد منه القيام أيضا بإلقاء المسئولية على حجج وذرائع حالية مثل "الصهيونية" و"الاحتلال"، ونجد أن الفشل العربي ظهر جلياً في استخدام هذه الحجج ، أمام النجاحات التي أحرزها اليهود ، الذين تحملوا مسئولية أنفسهم ،وقاموا بإدخال تعديلات كبيرة على ثقافتهم السياسية ،مما مكنهم من الصمود أمام تحديات العالم الحديث.

وأخيراً أقول أنه من المهم بالنسبة لإسرائيل التسليم بأن أي تغيير إيجابي يطرأ على الظواهر الجوهرية التي ناقشناها هنا-حتى إذا حدث هذا التغيير بشكل مفاجئ- يستوجب الانتظار لعقود حتى نرى ثماره ،والتعامل مع هذا الواقع يستوجب حشد موارد إسرائيل المحدودة لتقوية المجتمع اليهودي ومواصلة مسيرة بناء أمة ومجتمع متميزين ،لا ينساقان وراء وهم ظروف التغيير الدرامية الموجودة في المحيط الإقليمي الذي قُدر لإسرائيل العيش فيه .

وختاماً يجب علينا أن لا نأخذ بكل ما قاله هذا الباحث، الذي يدس السم في العسل، ويلوي الحقائق، ولكن علينا أن نتعلم من أخطائنا ونعيد النظر في كل ما نعاني به من إخفاقات، ونسعى من أجل مواكبة التطور العالمي في شتى المجالات بما لا يتناقض مع أسس وأصول ديننا الحنيف.

* كاتب متخصص في متابعة الشؤون الصهيونية.


http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2829&Itemid=1