تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السلفيّة والإخوان.. بين التوسع والانكماش فكرياً وسياسياً



مقاوم
05-31-2008, 08:40 PM
السلفيّة والإخوان.. بين التوسع والانكماش فكرياً وسياسياً
بقلم: فاتح كريكار

كل تيار فكري لا ينضبط بمجموعة من الضوابط الأصولية والحركية هو حرث في البحر. وكل حركة فكرية أو سياسية لا تنظِّر رؤيتها لا تستطيع حماية مسارها، لأن اختراقها سيصبح سهلا لا محالة. ولا توازن ولا استقلالية عند الاختراق.

تعود السلفية منهجاً للتلقي، ونمطاً للتدين السليم إلى زمن الصحابة. ودعوتها للالتزام بالكتاب والسنة في مواجهة التعصب المذهبي قديمة كذلك قدم المذاهب الفقهية خصوصاً بعد أئمتها الكرام، وهي موصولة من مكحول والأوزاعي مروراً بابن تيمية وتلامذته وبالشوكاني والصنعاني وصدّيق حسن خان وغيرهم، إلى الشيخ الألباني والشيخ بديع الدين السندي والشيخ مقبل الوادعي.

أما السلفية كحركة تغيير اجتماعي هيأت أرضية صالحة للتغير السياسي فهي حديثة الاتجاه نسبياً مقارنة بخطها التاريخي، كدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية أو السيد أحمد الشهيد في شبه القارة الهندية وغيرهما.

أما ظهور السلفية دعوة فكرية ورؤية سياسية ومنهج تغير وحركة تستهدف تحكيم الشرع من جديد، فتاريخها لا يتجاوز عقوداً، إذ سبقها الإخوان المسلمون في مصر وغيرها بأشواط في الفكر والممارسة، والنظرية والتطبيق.

والتساؤل اليوم عن تنظير التيار السلفي غير الجهادي أولاً ورؤيته لواقع المجتمع الحديث، دون التيار السلفي الجهادي الذي لا يزال يشبه الحارس الواقف في عالم الفكر والتغير السياسي.
هل التيار السلفي لا يؤمن بالتنظير أصلاً أم يؤمن ولكنه يجهل أهميته، أم يثمنه لكنه لا يجد منظرين له، أم وجده فعلاً ولكن قوة الخصم حجَّمهم وحجبهم عن الأمة؟

الجواب لا يخفي إشكاليات في التنشئة الاجتماعية للتيار السلفي بصورتها البطيئة منذ الولادة، أشير هنا إلى نقطة سلبية واحدة لدراسة تفاديها، وإلى نقطة إيجابية للتعلق بها وتعميقها شرعاً في الأمة.

اختلافات التنشئة وتشتت البناء
كان ذلك نتاجاً طبيعياً للغبش الذي كان على رؤية أجنحة التيار السلفي، وما أكثرها وما أصعبها انقياداً.

- رفضت السلفية العلمية منذ النقاش الأول كل ألوان التنشئة الجماعية السياسية واعتبرتها بدعة العصر، ونصحت بتجنبها مرجعيات سلفية كانت عالمة بالفقه الموروث ضحلة في الفكر والسياسة وفهم الصراع الحضاري.

- ثم ظهرت بعد الثورة الإيرانية رؤية سلفية أخرى تشبه العمل الجماعي المنظم، وإن لم تكن مؤمنة في ذاتها كثيراً بالعمل الجماعي لكنها رأت سنة مؤكدة تبرّر وجوده في مواجهة التشيع والصوفية. فبدأوا معركتهم بآليات اختلافات العصور المنصرمة، ولم يدم الأمر طويلاً حتى أصيبوا بخيبة أمل في إيقاف الزحف الإيراني.

- ثم ظهر تيار سلفي آخر، رسمي مسيّس يضرب يمنة ويسرة في معركة دونكيشوتية ضد كل الجماعات الإسلامية من أقصى التبليغ إلى الإخواني والجهادي، تيار أصبح جزءاً من مخابرات حكوماتهم أو حليفاتها الغربية ضد كل عمل يزرع أمل استئناف الحياة الإسلامية من جديد.

وسرعان ما تحول هذا التيار إلى جراثيم في الجسد الاسلامي المشلول، مقلداً فيروسات الإيدز حركياً، حيث بدأ بهجوم غير رحيم على كل ما يمتّ إلى العمل السياسي الإسلامي المنظم.
- ثم ظهر تيار سلفي آخر سياسي نظم نفسه في برامج انتخابية ليشارك الآخرين بالقدر المسموح له به لتوازنات القوى في البرلمان.

اقتنع أتباع التيار بأنهم لا يعيشون في كهوف معزولة ولا يتحركون في وهاد قاحلة، رأوا أنفسهم وسط مجتمع لأفراده حدود، تنتهي بحدود غيرهم وهم من أقصى الكفر والإشراك، فشرعوا المسير.

أخطأوا وتعلموا، نظموا واقتحموا، وفي البداية كان الحضور على استحياء في السودان وباكستان وخجولاً في الكويت، لكن لم يمض عقد ونصف العقد حتى شكل ثقلاً في الكويت، وها هو اليوم بعد ثلاثة عقود يشكل أكثر من خمسي البرلمان الكويتي، في وقت تراجع فيه الحضور الإخواني الأقدم إلى النصف.

- وظهر في البلاد الآمنة نسبياً تيار سلفي آخر أنشأ مراكز البحث لتقييم حالة الأمة عموماً، ولرصد وتقديم ما ينير الدرب دون أن يكتب لخاصة السلفية، مقتنعاً بأن النهوض بعموم الأمة حكاماً ومحكومين، رغم تباين الرؤى.

- هذا كله في جانب، وتيار سلفي جهادي قائم منذ عقدين رغم العدا يصول ويجول.

فمن يكتب نظرية استرشاد أصولي تجميعي للتيار يا ترى، والكل يتكلم باسمه ويرفض الفروع الأخرى ابتداء؟ هذا المنطلق الهائم الذي تجده عند التيار السلفي لا تجده في الإخواني، لأنك ترى عند الإخوان ما يشبه مدارس فرعية في مدرسة الإخوان.

فالشيخ يوسف القرضاوي وعلي جريشة وكمال الهلباوي من مصر ليسوا كالشيخ أبو غدة وسعيد حوى والبيانوني (في سوريا) أو فيصل مولوي وفتحي يكن (من لبنان) أو محمد أحمد الراشد (من العراق) أو صادق عبد الماجد (السودان) والغنوشي في تونس وغيرهم.

ترى الجميع هنا يكمل كل منهم ما لدى الآخر، في الوقت الذي ترى كل جزء متشرذم من التيار السلفي تقريباً يرفض الأجزاء الأخرى من التيار.

والسبب واضح، هو أن الإخوان انطلقوا من أرضية فكرية واحدة، نشأت عليها جماعة فكرية سياسية واحدة لها رؤية ومنهج، ودعوة تربية منهجية طويلة النفس.

عندما أنشأ الإمام البنا رحمه الله الإخوان المسلمين عام 1928 ظل حتى اغتياله عام 1949 منظّرهم الوحيد، واستطاع بكتاباته القليلة أن يرسخ نظرية عمل ما زالت هي الإطار العام للعمل الإخواني في كل مكان.

فلم تتشتت الرؤية الإخوانية ابتداء، إذ أرشد الإمام البنا الفكر والفقه معاً، والسلوك والحركة معاً، وصهر الكل في بوتقة تنشئة جماعية آصرتها الولاء الكامل للجماعة باعتبارها تمثل الإسلام واقعاً حياً نابضاً بالحركة والحياة.

فالأصول العشرون التي كتبها الإمام البنا كراسة صغيرة مثل كتاباته الأخرى، لكنها تتضمن الرؤية والأرضية التي تقوم عليها الجماعة في كل مكان.

وإن ما كتبه سيد قطب - في رأيي المتواضع - هو تأصيل لعمل الإمام البنا، وهو في غاية الأهمية للفترة الناصرية، لكن قيادة الإخوان منذ سبعينيات القرن الماضي رفضته معتبرة أنه دخيل على الخط العام للجماعة.

لذلك قام عشرات من مفكري الجماعة بقولبة نظرية الإمام البنا تأصيلاً وتفصيلاً حماية لها مما كتبه سيد قطب وبديلاً عنه.

فالإخواني إذن له رؤيته الواضحة -أيدناها أو عارضناها- في الموروث الفلسفي عن الكون والحياة والإنسان، وفهم مفرداتها. وكذلك عن العقيدة والعبادة والشريعة ومفردات كل منها كذلك. ثم عن مصادر التلقي وآليات الفهم وكيفيته، وكذلك عن الإيمان وحقيقته، والكفر وحكمه، والموقف الجماعي من أهلهما.

أهمية الثوابت وحمايتها
عندما واجه الإخوان في مصر حملات الاستئصال الناصري في الستينيات صبر قادة الإخوان صبر الرجال الربانيين ولم يتزعزعوا في الدفاع عن ثوابت الأمة، دعوة وأمة وحاكميّة، فازداد أنصارهم رغم المحن، وازدادوا هم ثباتاً كذلك رغم الإحن، لأن من طبيعة هذه الدعوة أنها تنمو كمّاً ونوعاً في الصراع، لأن الصراع يوظف مكنونات الرجال، لذا كان ملازماً لدعوة الأنبياء المسالمة: "وكذلك جعلنا لكل نبيّ عدواً من المجرمين".

ومن الغريب أن يغفل أصحاب الدعوة الربانية وزعماء العمل الإسلامي عن قانون التدافع الرباني، والأغرب أن يتخلوا عن الجهاد الذي أكسب الحركة الإسلامية في فلسطين شعبية لن يحصل عليها غيرهم بميزانية الدول.

وبالمقابل نرى التيار السلفي البارز خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة يزاحم الإخوان في الساحتين السياسية والجهادية، مع ما نرى من هجمة عالمية شرسة مجتمعة من قوى الشر الدولي ومركزة بكل طاقاتها على التيار، لكنها تعجز أمامه عن أن تخرج من المنطقة الخضراء، إدارتها تستغيث برؤساء عشائر متمردة عن القيم العربية الأصيلة لنجدتها.

إن بروز التيار السلفي في الساحة السياسة والجهادية وانفراده بالريادة في بعض البلدان من مبشرات الخير، وتقدمه إماماً لاستنهاض الأمة من جديد يحمِّله مسؤولية أكبر في التأصيل الشرعي للمواقف.

كما يؤمل فيه - بعد الله تعالى - أن يحمي الثوابت ويجمع الطاقات المبعثرة وعليها صيانة حرمات المسلمين.

إن نجاح التيار السلفي في الكويت في الحصول على ثقة مجتمعه نجاح نوعيّ وتغيير مؤثر سيكون لذويه صدى أبعد من حدوده الجغرافية، إلى شرائح الأمة في كل مكان. فإن أريد له النجاح خارج ساحته وهو المتوقع فلا بدّ من مزيد من الانفتاح الحركي للحصول على مزيد من الطاقات.

من هناك
06-01-2008, 02:49 AM
بارك الله بك اخي مقاوم على هذا النقل. هذه المرة الأولى التي اقرأ فيها لسلفي ينصف المدرسة الإخوانية الأصلية ولا يسعى لتبديل الصورة. كما انه كان واقعياً ايضاً في الكلام عن التيارات السلفية وتنوعها واهدافها.

لكنه يحسن الظن كثيراً بالحالة الكويتية :)

العمر
06-01-2008, 07:36 AM
والله ان من يسمون انفسهم بالأخوان المسلمين هم إخوان لنا في الدين ونحب الخير لهم كما نحبه لإنفسنا ولكن الفكر الأخونجي في نظري على الأقل لن يقيم للإسلام عزاً وخصوصاً في هذا الوقت الذي تكالبت في الأعداء على الأمة

مقاوم
06-01-2008, 09:42 AM
بارك الله بك اخي مقاوم على هذا النقل. هذه المرة الأولى التي اقرأ فيها لسلفي ينصف المدرسة الإخوانية الأصلية ولا يسعى لتبديل الصورة. كما انه كان واقعياً ايضاً في الكلام عن التيارات السلفية وتنوعها واهدافها.

لكنه يحسن الظن كثيراً بالحالة الكويتية :)
:)
أخي الحبيب
صدق أو لا تصدق
ملا كريكار يعتبر زعيم "الإخوان" الأكراد، لكنه صاحب تجربة جهادية ولذلك فقد اتهم بالإرهاب وصدر أمر بترحليه من السويد أو الدانمرك ما عدت أذكر.
والمقال منقول من مجلة الأمان :)
لكنه منصف والمقال جيد.

مسلم حّر
06-01-2008, 10:37 AM
والله ان من يسمون انفسهم بالأخوان المسلمين هم إخوان لنا في الدين ونحب الخير لهم كما نحبه لإنفسنا ولكن الفكر الأخونجي في نظري على الأقل لن يقيم للإسلام عزاً وخصوصاً في هذا الوقت الذي تكالبت في الأعداء على الأمة

اي جماعة كانت توالي من عاد الله ورسوله "ومنهم مشركي العصر الرافضة" ليست من الاسلام في شيء

حتي لو كانت تواليهم من باب الغاية تبرر الوسيلة فليس هذا منهجا للمسلمين

العمر
06-01-2008, 12:02 PM
اي جماعة كانت توالي من عاد الله ورسوله "ومنهم مشركي العصر الرافضة" ليست من الاسلام في شيء

حتي لو كانت تواليهم من باب الغاية تبرر الوسيلة فليس هذا منهجا للمسلمين


صدقت اخي بارك الله فيك لقد قلت ماكان يجول في خاطري نسأل الله ان يردهم الى الصراط المستقيم وينير بصيرتهم