تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إعلام المقاومة سلاح فاعل في ساحة المواجهة



مقاوم
05-31-2008, 05:18 AM
إعلام المقاومة سلاح فاعل في ساحة المواجهة
عدنان أبو عامر

http://qawim.net/exq.gif يحتل العمل الإعلامي الفلسطيني أولويات التفكير الوطني، حيث لم يعد خافياً على أحد أهمية الإعلام وتوجيهه لدعم الموقف، وخلق حالة مساندة للمطالب في أي مجتمع كان، ولا شك أن الإعلام في المجتمع الفلسطيني يحظى بأهمية ومكانة اعتبارية، خاصة وأنه متابع للحدث الميداني وتطوراته، ومتداخل مع الفعل النضالي، فيما عرف بمحصلته التراكمية باسم "إعلام المقاومة".

وقد تنبهت الكثير من فصائل المقاومة إلى أهمية التغطية الإعلامية لفعالياتها، ونشر ما يصدر عنها، وقطعت في هذا المجال شوطاً لا بأس به، فانتقلت من وسائل الإطلاع البدائية كالبيان، والكتابة على الجدران، النداء بمكبرات الصوت، إلى مرحلة إصدار الدوريات والنشرات، ودخلت العالمية بإنشاء مواقع خاصة بها على شبكة الإنترنت، حيث تحولت تلك المواقع إلى مراجع إعلامية رسمية توضح مواقف وأفعال القوى المسلحة، وهو شكل متقدم من أشكال المقاومة.

التنسيق بين المقاتل والإعلامي:

اعتادت قوى المقاومة خلال المواجهة مع قوات الاحتلال، على إصدار بلاغات عسكرية حول عمليات التصدي وضربات المقاومين لآليات العدو.

وفي هذا الإطار قال أحد قادة المقاومة: "هناك تنسيق كامل بين المقاومين في ميدان المواجهة، والوحدات الإعلامية، ويتم إبلاغنا أولاً بأول من قبل المجموعات في الميدان عن ضرباتها للعدو، فمثلاً تبليغ عن تفجير العبوات وإطلاق القذائف المضادة للدروع، ونوع السلاح الذي يستخدمه المقاومون، بالإضافة إلى المكان والزمان والمقاوم الذي نفذ المهمة".

وتباعاً تقوم الوحدة الإعلامية بإصدار البلاغات العسكرية حول ضربات المقاومين الناجحة، ووصف طبيعة الخسائر التي تكبدها العدو التي يحاول المقاومون تحديدها قدر الإمكان بناء على مشاهداتهم، ومع الخبرة أصبح لديهم قدرة على تحديدها.

وهكذا ظهرت المقاومة بحلة إعلامية جديدة استطاعت الارتقاء بخطابها الإعلامي، وبمستواها العسكري على الأرض، وأوقعت في ذات الوقت العدو الإسرائيلي في وحل من التيه لم يعتد عليه طيلة انتفاضة الأقصى.

وانعكس ذلك التخبط على تصريحات العدو وأدائه الميداني، حيث جرت العادة لدى قوى المقاومة لاستخدام وسائل الإعلام في عرض صور "الغنائم" التي تحصل عليها في أعقاب كل عملية فدائية، خاصة حطام الآليات العسكرية، وأجزاء من الدبابات المعطوبة، وأشلاء بعض الجنود القتلى.

وقد انتهج "إعلام المقاومة" مؤخراً سياسةً تعتمد على تضليل العدو وتركه يتخبط في تحليلاته، فقد أثبتت نجاحاً واضحاً في أعقاب عملية "الوهم المبدد" وأسر الجندي جنوب قطاع غزة، من خلال قدرته على تحقيق نتائج ميدانية وعسكرية متقدمة، وفقدان العدو للبوصلة، وغرقه وسط مجموعة كبيرة من التحليلات المتناقضة التي انعكست على أدائه.

معركة متعددة الأوجه:

لعل هذا النجاح الواضح لإعلام المقاومة، يعود أساساً لإدراك المقاومة أن معركتها مع العدو ليست عسكرية بحتة، بل هي أمنية وإعلامية، تعتمد بدرجة كبيرة على صراع الأدمغة والعقول.

وانطلاقاً من هذا الفهم العميق وإدراكاً لطبيعة المعركة مع العدو، اعتمدت المقاومة سياسة إعلامية، بحيث تشكل مقاومة مباشرة، تحاول تضليل العدو وإرباكه، وعدم تقديم أي معلومة يمكنه أن يستفيد منها، خاصة وأن المساحة الجغرافية التي تعمل عليها المقاومة ضيقة نسبياً، ويمكن للعدو أن يستخدم أي معلومة كورقة ضغط، أو حتى سيفاً مسلطاً تكون عواقبه وخيمة.

وقد أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليماتها إلى سفارتها في واشنطن للعمل على إزالة مواقع الأجنحة العسكرية لقوى المقاومة من شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت"، خاصة أن عدداً منها تعمل بواسطة حاسب مركزي في الولايات المتحدة.

وقد استخدمت المقاومة شبكة الإنترنت لتبث بواسطتها أخبار عملياتها ورسائلها المختلفة إلى أنحاء العالم كافة، وخصصت على الشبكة صفحات خاصة تهتم بأخبار المقاومة، وتتضمن نصوصاً حول عملياتها، ومثل هذا الاستخدام للتقنيات الحديثة ولتصوير العمليات يحصل لأول مرة في تاريخ المقاومة ضد الاحتلال في فلسطين.

وكرد صهيوني على ذلك، تعرضت العديد من هذه المواقع لهجمات تخريبية كبيرة، أوقفتها عن العمل لبعض الوقت، في ضوء ما تقوم به هذه المواقع من إبراز لحقائق الاحتلال وممارساته ضد الشعب الفلسطيني، ودور المقاومة في إجهاد الاحتلال وإخافته.

الحرب النفسية والتحشيد الشعبي:

اعتمدت المقاومة الأساليب النفسية والمعنوية الحديثة في عملية التأثير، سواء على الرأي العام المدني أو العسكري في صفوف المحتل، حيث تمكنت من العمل في إطار أجهزة قائمة بذاتها أطلق عليها "الإعلام الحربي"، يقوم أفراده وعناصره بتصوير مباشر لمعظم عملياتها ضد جنود الاحتلال.

لقد اعتمدت المقاومة خلال سنوات انتفاضة الأقصى، أسلوبين متكاملين: التعبئة الشعبية، والعمليات العسكرية على غرار حرب العصابات التي أشرنا إليها، ونظراً للحاجة الماسة إلى تحشيد الرأي العام خلفها، انتقلت المقاومة سريعا في مراحل لاحقة إلى تعبئة إعلامية واسعة موجهة إلى الرأي العام الفلسطيني بمختلف اتجاهاته من خلال:

1- الإذاعات المحلية.
2- الصحف اليومية والأسبوعية.
3- مواقع الإنترنت.
4- المنشورات الدورية، والبلاغات العسكرية.

وكانت أساليب التحشيد والتعبئة في معظمها ذات طابع ديني مباشر، في بيئة يشكل الدين فيها مكوناً رئيساً من مكونات شخصيتها وتاريخها، كما استفادت المقاومة من مناخ التعبئة الدينية الرافض للاحتلال، المحرض على المواجهة، الذي أشاعه كثير من العلماء في المساجد وأحياء القرى، حتى قبل انطلاق انتفاضة الأقصى، أو الإعلان عن وجود هذا العدد من الأجنحة العسكرية، ومعرفة هويتها.

كما خطت قوى المقاومة خطوات متقدمة في إعلامها الحربي بمقارعتها للعمليات العسكرية الإسرائيلية، ففي حين أطلق الجيش الإسرائيلي على جميع عملياته في الضفة الغربية وقطاع غزة أسماء معينة ذات دلالات عسكرية، أهمها: السور الواقي وأمطار الصيف، اعتادت قوى المقاومة إطلاق أسماء ذات دلالات هامة على عملياتها، أهمها: ثقب في القلب، السهم الثاقب، أيام الغضب، زلزلة الحصون، الوهم المتبدد، براكين الغضب، غضب الفرسان، وفاء الأحرار.

وفي خطوة غير معهودة، بدأت قوى المقاومة المسلحة عقد مؤتمرات صحفية لاستعراض ما يجري على الأرض من عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال، وعادة ما يظهر أعضاء الأجنحة العسكرية يحملون أسلحتهم ويقفون خلف ملثم، يتحدث باسم المكتب الإعلامي لجناح من الأجنحة العسكرية المقاومة.

أخيراً.. فقد ساعدت أجواء التعبئة الدينية التي استعادت تاريخ شهداء الإسلام، والوقوف ضد الظلم، وموقع الشهيد ومكانته السامية في الإسلام، إلى تاريخ الجهاد في فلسطين ضد الانتداب البريطاني منذ بدايات القرن العشرين، وضد الاحتلال الإسرائيلي منذ النكبة منتصف القرن الماضي، في توفير مادة دسمة لإعلام المقاومة.

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2797&Itemid=1