أبعد من الدروع


رامي زريق
إنه موسم الإبداع يطل علينا كل عام مع انتهاء السنة الدراسية في الجامعات والمدارس. تنظّم المؤسسات التربوية في مثل هذا الوقت معارض تتباهى خلالها بإنجازات وابتكارات طلابها. تستحق بعض هذه الاختراعات الإعجاب الشديد ليس فقط لأنها معقّدة وصعبة الإنجاز، بل أيضاً لأنها صُمّمت ونفّذت بأبسط المعدات والوسائل، وذلك في مجتمع يفتقر إلى ثقافة الابتكار التكنولوجي. أما المؤسف، فهو أن أكثر هذه الإنجازات ستدفن في أدراج مبتكريها، ولن تأتي لهم في أحسن الأحوال سوى بدروع تذكارية. تختلف الأمور في بلدان أخرى، وخاصة في الدول الصناعية، حيث تبقى أعين القطاعات المختلفة، من جامعات وحكومات وقطاع خاص منصبّة على الابتكارات الطلابية، حتى إنها تسهم أحياناً في إنجازها. كما أنها تساعد على تحويل بعض التصاميم المبتكرة إلى مشاريع تكنولوجية تجارية تسهم في زيادة أرباحها ويكون لها مردود مادي على المخترع. وفي نهاية المطاف تتحول هذه الأرباح إلى مكاسب تغذّي الاقتصاد الوطني. لا يكون النجاح الاقتصادي بطبيعة الحال من نصيب كل الابتكارات إلا أنه يكفي أن يكون هناك نجاح واحد من حين إلى آخر لخلق ظرف مؤاتٍ لترسيخ عملية الابتكار واستنباط التكنولوجيا في الثقافة المحلية كما في الاقتصاد الوطني. ويكون بذلك قد بدأ المجتمع رحلته الطويلة نحو المزيد من الاستقلالية التكنولوجية، ونحو تحوّله إلى مجتمع يشعر فيه الأفراد بأنهم قادرون على خلق الأدوات التي تصوغ حياتهم.
نحن في لبنان نتباهى دائماً بإنجازات وابتكارات أهل العلم والفن المتحدرين من أصول لبنانية، الذين نجحوا في كسب التقدير في المجتمعات التي تبنّتهم، إلا أن التحدي الكبير الذي يستحق كثيراً التباهي به هو خلق بنية مؤاتية تقدّر المبدعين والمبتكرين وتقدّم إليهم أكثر من درع تذكارية مرفقة بتذكرة سفر.[]http://www.saowt.com/forum/images/icons/icon14.gif




عدد الجمعة ٣٠ أيار ٢٠٠٨