تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الصراع السني ـ الشيعي في لبنان.. منطلقات الفهم وإستراتيجية الإنقاذ



صلاح الدين يوسف
05-28-2008, 02:38 PM
الصراع السني ـ الشيعي في لبنان.. منطلقات الفهم وإستراتيجية الإنقاذ الثلاثاء15 من جمادى الأولى 1429هـ 20-5-2008م الساعة 08:44 ص مكة المكرمة 05:44 ص جرينتش الصفحة الرئيسة (http://www.saowt.com/default.aspx)-> تقارير (http://www.saowt.com/Tkarer)-> تقارير و مقالات (http://www.saowt.com/Tkarer/Tkareer)


5/27/2008 10:56:47 PM
http://208.66.70.165/ismemo/media/Lebanon/Hassan-Nasrallah2.jpg

حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني




عصام زيدان


[email protected]


مفكرة الإسلام: لاشك أن الواقع المرير الذي يعيش فيه أهل السنة في لبنان يقتضى من كل غيور مسلم أن يحمل هم هذه الطائفة التي تكالبت عليها القوى داخليا وخارجيا, كما تتداعى الأكلة إلى قصعة مستباحة, بعد أن باتت حظيرتهم على مصراعيها مفتوحة تغرى الذئاب الشاردة بالهجوم والافتراس في ظل غياب الراعي والحارس الأمين.

فأهل السنة في لبنان على مفرق طرق, له ما بعده, ولن يقف تأثيره عند تاريخ لبنان الحديث فحسب, بل إن هذه اللحظة الحاسمة لها في رأينا تداعياتها المستقبلية إقليميا ودوليا, في ظل هذا الصراع المحتدم على مستقبل هذا البلد المنكوب بالطائفية والتشرذم, وهو ما يدعونا إلى التوقف عند هذه التحديات التي تواجه السنة في لبنان ومنها ننطلق إلى الملامح الرئيسة لاستراتيجية الإنقاذ من الوضع الراهن.



أهل السنة والتحديات الجسام

من واقع ما نرى ونشاهد فان ثمة تحديات جسام في انتظار أهل السنة في لبنان سواء على مستوى الصف الداخلي أو في محيط الدولة اللبنانية ذاتها, وما يتلوها من بعد إقليمي.

أولا:ـ على مستوى الصف الداخلي:

فإذا ما نظرنا إلى داخل صفوف أهل السنة عجبا نرى تشرذما وتفككا قد ضرب هذا الصف, وآثر كل فريق أن يخط لنفسه طريقا ومسارا مغايرا لا نراه يلتقي مع الفريق الآخر في منتصف الطريق ولا حتى في آخرة.

وان كان ثمة عجب أشد فتراه في قيادات سنية كان يشار إليها بالبنان, وبلغ صيتها المشارق والمغارب بعدما عكفت شرائح كبيرة من شباب الصحوة يتلقف كتاباتها الحركة والدعوية في لهفة وتطلع باعتبارها منابر هادية, وباقة نور ترشد الضال وتهدي السبيل, بيد أنها أبت بعد كل هذا العطاء الممدوح إلا أن تجعل ثقلها ذلك كله في صفوف أعداء الأمة, وتجعل كلمتها معول هدم في جدار البيت السني.

هذا حال نفر من قادة تلك الطائفة السنية وقد جعل سهمه في كنانة أعداء السنة, بدلا من أن يكون راميا ماهرا وقناصا مدربا في صفوف من ينتمي إليهم والى منهجهم.

وإذا كان هذا حال نفر في الرقعة الدينية للسنة في لبنان, فان الواقع السياسي, ليس بحال أحسن من ذلك, إذ سقطت قيادة السنة في يد فرقة تنتسب لهذه الطائفة سياسيا, بينما وللأسف نقول, غابت هي عن منهج السنة وطريقتهم وفهمهم والتزامهم الديني, فعاثت في ظلمات السياسة لا تعرفا طريقا هاديا ولا قرارا صائبا فأعطت لأعدائها فرص ثمينة واحدة تلو الأخرى, بأخطائها الساذجة وتكتيكاتها المرتبكة وتحالفاتها الداخلية التي لا تغنى عنها شيئا, ولا تدفع عنها حر الصيف ولا برد الشتاء.

هذه الفرقة السياسية,أسفا, نقول أنها كانت كالمستغيث من الرمضاء بالنار, فظنت أن قوة عضدها في مواجهة الطغيان والاستكبار الشيعي هو في الركون إلى تلك القوى الغربية, وما عرفت أنها رمت نفسها في أحضان الأسود هربا من الذئاب..فما القوى الغربية هذه إلا وجه العملة الأخرى المعادي للسنة ومنهجهم ودينهم, بل هي ذاتها من أسقط رايتهم في بغداد وسلمها غنيمة باردة للشيعة..فهل ننتظر منه في بيروت عونا ومددا؟!



التحديات الخارجية

وإذا ما التفتنا, بعد هذا الركام الداخلي, إلى حجم التحديات التي تواجه الطائفة السنية خارج الصف السني ذاته وداخل المحيط اللبناني, فإننا نجد أنهم في مواجهة دولة بكل ما تحمله هذه اللفظة من دلالات.. فحزب الله واقعيا دولة تأتمر ظاهريا بقرار الأمين العام حسن نصر الله, ولها جيشها المدرب واستخباراتها العسكرية والمدنية, ورقعتها الجغرافية التي يحظر على الغير مجرد الاقتراب منها, وشبكة اتصالات خاصة بها..فماذا بقي بعد؟

الباقي فقط في المخطط الشيعي هو تركيع أهل السنة وإخراجهم من النسق السياسي للدولة اللبنانية كلها كي يتسنى لزعيم حزب الله أن يفرض قراره السياسي ليس فقط على دولة الجنوب فحسب, ولكن على كل لبنان جغرافيا, كما فرض من قبل قراره العسكري, ويصبح وجه لبنان شيعي بلا رتوش أخرى.



أما عن حجم التحديات خارج القطر والحدود الجغرافية, فان أهل السنة نراهم بين جذبين اثنين..الجذب السوري الإيراني من ناحية, والجذب الأمريكي الغربي من ناحية أخرى...

فإيران ومعها حليفتها سوريا إنما تهدف إلى ارتهان لبنان لتحقيق طموحاتها الداخلية تارة والإقليمية تارة أخرى, ولا تجد عقبة في وجه مشروعها الاختطافي إلا ما بقي من مقاومة من أهل السنة سياسيا, فانقلبت عليهم مشرعة أبوابها وخزائنها لعملائها في الداخل اللبناني للإجهاز على هذه الطائفة التي تقف في حلوقهم غصة مريرة الطعم عصية على الهضم.
والقوى الغربية لا تريد, بدورها أن تدخل في مواجهة مباشرة مع إيران, ولكنها جذبت إليها أولئك النفر الذين آلت إليهم قيادة السنة في لبنان وسيرتهم لخدمة مشروعها لا مشروعهم وتحقيق أهدافها لا أهدافهم, وجعلتهم فقط أداة في معركتها الدائرة على مستقبل لبنان والمنطقة.

مرتكزات إستراتيجية الإنقاذ:
هذا التحديات التي تواجه الصف السني في لبنان قد نكتفي بمشاهدتها صامتين ونسكب من بعدها العبرات، ونطلق الزفرات، ولا أظن ذلك منقذًا لأهل السنة ولا لديارهم من الغزو الشيعي، ولكن يجدي معهم نفعًا أن يضعوا إستراتيجية مجابهه ينقذون بها أنفسهم من الخروج من سياق التاريخ ويحافظوا بها على عواصمهم من كرة الثلج المتدحرجة.

وهذه الإستراتيجية، في رأينا، لابد أن تقوم على عدة مرتكزات؛ لعل أهمها أربعة:
أولاً: العداء المذهبي من قبل الشيعة لأهل السنة والجماعة كما كان في الماضي، هو كذلك في الحاضر لم يُمح من ذاكرة التاريخ ولن يحدث ذلك، بل سيستمر الشيعة في الكيد لأهل السنة والنكاية فيه سياسيًا وعقديًا، فهذا كما هو من معتقدات الشيعة ودوافعهم ومنطلقاتهم، ينبغي أن يكون كذلك من ثوابت الفهم والتعاطي مع الملف الشيعي.
ثانيًا: الصراع يكتسي طابعًا سياسيًا زائفًا، وهو في الأساس صراع عقدي يشكل امتدادًا للصراع التاريخي والعداء الكامن من الشيعة لأهل السنة، وإن كان يطل من وجوه عربية، فإن تلك القلوب ما حملت ودًا للعرب ولا للسنة، ولكن يغلب عليها طابعها ومعتقدها الشيعي ويرقى فوق أي اعتبار أو ولاء آخر.
ثالثًا: القوى الغربية لا تبحث إلا عمن يحقق لها مصلحتها، ومن ثم فهي ليست مبعوثة خصيصًا لإنقاذ السنة من الخطر الإيراني أو خطر التشيع، إلا إذا تقاطع مع مصالحها الخاص، وبالتالي فالتعويل عليها "لاتخاذ موقف" لإنقاذ الراية السنية يعد ضربًا من الفشل الإستراتيجي ورهانًا سياسيًا خاسرًا وقراءة مغلوطة لمعطيات الواقع السياسي.
رابعًا: الانطلاق في التحرك السياسي من واقع القراءة الحصيفة للتبدلات الدولية والإقليمية التي أفرزتها حرب العراق 2003، وخاصة السعي الدءوب من قبل الأطراف الإقليمية لاستكمال الهلال الشيعي، والأخذ في الاعتبار الأخطار المهددة لتلك الدول العربية الواقعة ضمن هذا المخطط، والتي سبق أن أشار إليها الملك الأردني عبد الله الثاني.

العناصر الرئيسة لإستراتيجية الإنقاذ:
وتبدو خطوطها الأولية لهذه الإستراتيجية وملامحها الرئيسة في العناصر التالية:
أولاً: أن يكون عنوانها هو العنوان الأول في مبادئ علم السياسية.. البيئة السياسية لا تعرف إلا القوة، وهذه من أبجديات علم السياسة سواء في بعده التنظيري، أو الواقعي الذي يشمل كل نواحي القوة دون استبعاد أي منها من المعادلة.
ثانيًا: الاستفادة من الأخطاء السابقة سواء في العراق أم لبنان، بحسن التعاطي مع مقتضيات الواقع وما يمليه من تحركات، فمن السذاجة أن يظل السنة بلا غطاء ولا حماية في وقت يبني فيه الطرف الآخر جيشًا بكافة العتاد اللازم تحت دعاوى مختلفة، وعلى اعتبار أن هذا السلاح للخارج وفقط.. ومن الغفلة كذلك أن تدعم هذه القوى الشيعية من قبل أطراف إقليمية باتت معلومة سياسيًا وإعلاميًا وعسكريًا، بينما تقف الدول العربية السنية على استحياء مكتفية بالدعم المعنوي.
ثالثًا: الانتباه للطابور الخامس المندس في الدول العربية والإسلامية الذي يتظاهر بالعروبة والانتماء للأوطان بينما هو مزدوج الولاء، وانتمائه الأكبر لغير العروبة والسنة، ويشكل في وقت الحاجة رافعة للقوى الشيعية لإحداث المزيد من الفتن الداخلية اللاخلاقة.. فالقوى الشيعية في العراق ولبنان وغيرها لا تشكل مجرد "سقطة" في التاريخ الشيعي الحديث، بل "لقطة" مكرورة، وهو يوحي بضرورة الالتفات إلى الجبهة الداخلية خاصة في دول الخليج العربي التي يحظى فيها الشيعة بوجود كبير نسبيًا.
رابعًا: التركيز الإعلامي على البعد العقدي في الصراع، ومحاولة الاستفادة منه في تحصين الشعوب العربية والإسلامية من خطر التشيع وازدواج الولاء ورفع الغطاء عن خطر الشيعة على مستقبل الأمة، وإنهاء حالة الالتباس في الشارع والتي خلفها النصر المزعوم لحزب الله في مواجهات صيف 2006.
خامسًا: عمود الفسطاط في التفكير الإستراتيجي الانتقال من خندق الدفاع إلى منبر الهجوم، وهو ما يعنى ضرورة أخذ زمام المبادرة والقيام بغزو ممنهج للطوائف الشيعية وتجمعاتها وإشاعة روح السنة ومحاولة جذبها بعيدًا عن انحرافاتها العقدية، وهو ما يعني تفكيك البيت الشيعي من داخله وهدم معابده.

وفي الأخير فإن على أهل السنة أن يأخذوا درسًا معتبرًا من التاريخ بألا يغتروا بانتمائهم إلى منهج معصوم فسنن الله جارية على كل البشر.