تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأزمة اللبنانيّة الحاليّة: خلفية تاريخية



FreeMuslim
05-25-2008, 11:05 AM
الأزمة اللبنانيّة الحاليّة: خلفية تاريخية
22-5-2008

عمر البيروتي
http://www.alasr.ws/images/asr-spacer.gif

لا شكّ أنّه في معظم الأحيان، من الصعب لمن هو خارج لبنان فهم ما يجري من أحداث لبنانيّة؛ وذلك لجهله بخلفيّات الأوضاع المحليّة وامتداداتها الإقليميّة والدوليّة، بل إنّه يصعب أحيانا للمتابع المحليّ متابعة الأوضاع وظروفها المختلفة.


الأزمة العاصفة التي مرّ بها لبنان، وبيروت على وجه الخصوص، والتي ستترك آثاراً على مختلف المجالات، لها جذور وخلفيّات وتاريخ، والمشكلة أنّ كلّ طرف يغلّف أقواله أو مواقفه بأسباب سياسيّة، أو اجتماعيّة، أو اقتصاديّة، تجعل الأمر أكثر صعوبة في تحرّي الحقيقة.

لبنان منذ تكوينه، قام على تجمّع أقليّات في جباله، هرباً من النظام الحاكم، بل إنه وقت الفتح الإسلامي للبنان، كان هناك في جباله، سبعون لغة، تحتاج كلّ واحدة منها إلى ترجمان للتفاهم مع الأخرى، واستمر الوضع هادئاً تحت السيطرة الإسلاميّة السنيّة، حتى دب الضعف في الدولة العباسيّة، فنشطت مختلف الأقليّات لإظهار عقائدها، ومحاولة إيجاد كيان سياسيّ لها.

كان الفشل مصاحباً لكلّ تلك المحاولات حتى التي لاقت نجاحاً جزئيا؛ مثل النصيريّة ودولتها التي امتدت من شمال سورية إلى سفوح جبل الشيخ على الحدود المشتركة بين لبنان وفلسطين وسورية، والتي أزالها المماليك، لكن كان هناك تجمعان آخران يتكوّنان وينافسان الوجود السنيّ دون إظهار نواييهما الحقيقيتين؛ الدروز والموارنة.

فأمّا الدروز، فأظهروا الإسلام لتفادي الضربة العسكريّة من المماليك، وبدأوا بضمّ الإسماعيليين من سكان الجبال لهم، وإيجاد قرى أشبه ما تكون بمستعمرات تقام على رؤوس الجبال، وتكتفي ذاتيّاً بالطعام وتشترك مع باقي القرى في الدفاع عنها وقت الحاجة.

وأمّا الموارنة، فينطبق عليهم القول المأثور "تمسكنوا حتى تمكّنوا"، فقد بدأوا أوّلاً التجمّع في منطقة "إهدن" و"زغرتا" القريبتين من "طرابلس"، ثم بنوا أديرة للتعلّم والتدريب في "وادي قاديشا"، ثمّ اتصلوا بالدروز، وعبر الحيلة حيناً والغش حيناً والشراء أحياناً، وتنصير بعض المتنفذّين الدروز حيناً آخر، استولوا على أراض واسعة من جبل لبنان الخصب شديد الوعورة.

فمثلاً، الأمير "فخر الدين المعنيّ الكبير"، كان درزيّاً تظاهر بالإسلام، ولكنّه مات مسيحيّاً، وكذلك الأمير "بشير الشهابيّ"، وحتّى الآن تنقسم عائلة "شهاب" إلى ثلاثة أقسام؛ منهم السنّة، ومنهم الموارنة (كان منهم "فؤاد شهاب"، رئيس جمهوريّة للبنان في بداية الستينات)، ومنهم الدروز، وهكذا عبر دعم الكنيسة الكاثوليكيّة في روما، الماديّ والتنظيميّ، وكذلك دعم فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وإسبانيا، تمّ تمويل شراء الأراضي وبناء الأديرة والمدارس، حتّى إنّك قلّما تجد مارونيّاً، لا يملك بيتين أو عمل تجاريّ.

وكان الموارنة بأوامر الكنيسة، يرحلون إلى لبنان من فلسطين، وسورية، وقبرص، وتركيا، ويتمّ رعايتهم وإسكانهم من قبل الكنيسة؛ فمثلاً عائلة "الخوري"، ومنهم "بشارة الخوري"، أوّل رئيس جمهوريّة لبنانيّ كان من موارنة فلسطين، وعائلة "الخازن" المشهورة بمثقّفيها، كانت من حوران في سورية، من بقايا الغساسنة النصارى، وبدءاً من القرن السادس عشر، تمّ استيراد العديد من الفرسان الصليبيين مع عائلاتهم إلى لبنان، بالتنسيق بين بطريرك الموارنة وبين بابا روما للتحضير لضرب الدولة العثمانيّة والتجسس عليها، ولهذا تجد الجمال الأوروبيّ عند النصارى اللبنانيين، بل إنّ إيطاليا وضعت خطّة لشراء الأسواق التجاريّة في بيروت في القرن التاسع عشر، حتّى تربط تجارة الشرق الأوسط من خلال لبنان بها، وكادت تنجح.

أمّا الأورثودكس، فربطوا أنفسهم بروسيا، وكانت تمدّهم بكلّ أسباب البقاء ماديّاً ومعنويّاً، ولا زالت آثار مدارسهم موجودة، وتحاول الآن روسيا استعادتها، لإدارتها مجددا.

أمّا الدروز، فارتموا في أحضان بريطانيا، بعد شعورهم بالضعف أمام تقدّم الموارنة الماديّ والثقافيّ، وسعوا وراء حلمهم التاريخيّ ببناء دولة درزيّة من وقت طردهم من مصر ولجوئهم إلى وادي التيم في لبنان، الذي يسمّى الآن منطقة الشوف. وساعدتهم بريطانيا حيناً في مواجهة الضغط الفرنسيّ، وحاولت استغلالهم لمساعدة المشروع الصهيونيّ حيناً آخر، بل إنّها حاولت ربط دولتهم المنتظرة بإسرائيل. وقد فشل هذا الطرح، إذ لم يتقبّله معظم الدروز خوفاً من ردّة فعل العالم العربيّ عليهم وإبادتهم. ويتحكّم في نظرتهم للدولة إحدى نبوءاتهم الدينيّة، التي تقول إنّ دولتهم تقوم إذا علا الصليب على بلاد المسلمين السنّة.

أمّا السنّة، فقد ارتبطوا تاريخيّاً وعقديّاً بالدولة الإسلاميّة، إن كانت أمويّة، أو عباسيّة، أو مملوكيّة، أو عثمانيّة. فقد دانوا دائماً بالولاء للدولة الإسلاميّة، وخدموا في جيوشها، وبرز منهم علماء، وفقهاء، ومستشارون، وولاة، وساهموا بشكل كبير في صناعة السفن العسكريّة. فلمّا كانت تضعف الدولة الإسلاميّة كانوا يضعفون معها، ولمّا كانت تقوى كانوا يقوون معها، لهذا، كان من الطبيعيّ أن تتوجّه مختلف الطوائف لضربهم والانتقام منهم؛ فقد تحالف الدروز والموارنة، لشنّ حروب ومجازر لطردهم من جبل لبنان. وتحالف الشيعة مع الموارنة لسحق السنّة في جنوب لبنان، وتقريبا تصفية وجودهم، إلا من قرى العرقوب التي نجت بحكم قربها من فلسطين على الحدود.

أمّا الشيعة، فقد مرّوا بعدّة مراحل: الأولى هي قدومهم من فارس على يد الخليفة "معاوية بن أبي سفيان" ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ وتمركزهم في جبل عاملة، لأنّ القبائل العربيّة وقتها كانت مشغولة بالفتح، وكانت بحاجة إلى من يزرع الأرض ويحرس الثغور ضدّ غارات الصليبيين.

الثانية، هي توزّعهم بين الإسماعيليّة والإماميّة، مع غلبة الإسماعيليّة. ولمّا هزم الفاطميّون على يد صلاح الدين، انقلب معظمهم إلى الإماميّة، لأنّ الإماميّة لم تكن مكشوفة بعد لجمهور أهل السنّة، بل إنّ إتقانهم للتقيّة حماهم لعصور طويلة. ثمّ تخصّصهم بتدوين وبناء ما عرف لاحقاً بالمذهب الإماميّ، أصولاً وفروعاً، ولمّا احتاج "عباس الصفويّ" لمن ينشر مذهب التشيّع في إيران، أرسلوا له كوكبة من علمائهم لإعانته.

مالوا للعزلة في العصر العثمانيّ، لأنّ الدولة العثمانيّة كانت تشكّك في ولائهم لها، وقامت بإعدام عدد من علمائهم بعد سجنهم في دمشق، مثل الشهيد العاملي الأول والثاني، صاحب كتاب اللمعة الدمشقيّة؛ والتي تعدّ من أمّهات كتبهم الفقهيّة في العصر الوسيط.

وقفوا على الحياد أيّام الصراع بين الأمير "فيصل" وفرنسا، لكنّهم رحّبوا باستقلال لبنان، وتعاونوا مع دولة الاستقلال المرتبطة بفرنسا، وكان نظامهم الاجتماعيّ قائماً على فلاحين يزرعون أرض البيك مقابل طعامهم. وكان الجهل متفشّياً بينهم بشكل غريب؛ حيث إنّ هناك وظيفتين كانتا مقتصرتين عليهم: منظّف الأحذية، وجامع القمامة.

والقفزة الحقيقيّة للشيعة، كانت يوم وصل "موسى الصدر" من إيران عام 1958م، بتكليف من شاه إيران، حيث فتح لهم مدارس، وبنى لهم دور أيتام، ومدارس مهنيّة، وخصّص لهم ميزانية لدخول الجامعات، ومن تلاميذه "نبيه برّي"، القائد السياسيّ الشيعيّ المعروف. ثمّ بدأ يتعاون مع الفلسطينيين لبناء وتدريب ميليشيات عسكرية، سميت بـ"أفواج المقاومة اللبنانية"، وعرفت اختصاراً باسم حركة "أمل"، ومنها انشقّ حزب الله.

تعاون "موسى الصدر" مع النصارى في الحرب ضدّ السنة؛ فقام بتسليم عدد من المناطق للمسيحيين، مثل النبعة وبرج حمود، والمسلخ. وقاتل الشيعة مع النصارى في معركة الدامور؛ والتي ندلعت انتقاماً للمجازر التي ذكرتها، ثمّ مع السوريين ضدّ الفلسطينيين.

بعد سقوط الدولة العثمانيّة وفصل لبنان عن سورية، تعرّض أهل السنّة لشتى أنواع الاضطهاد؛ من استيلاء على الأوقاف وإعطائها لمزارعين نصارى بمساحات كبيرة، إلى إبعادهم عن المراكز، إلى محاولة منعهم من إكمال دراستهم العليا، بل وحتّى الثانويّة، إلى معاملتهم على أنّهم مواطنون من الدرجة الثانية، إلى تقليص صلاحيّات رئاسة الوزراء، التي كانت من حصّتهم حسب التقسيم الطائفيّ، إلى إجراء تعداد للسكان مزوّر، يظهر أنّ النصارى أكثر عدداً من المسلمين، ليأخذوا العدد الأوفى من أعضاء مجلس النوّاب، إلى منع أعداد كبيرة من السنّة من الحصول على الجنسيّة اللبنانيّة، وإعطائهم بدلاً منها جنسيّة قيد الدرس، وإعطاء الجنسيّة للأرمن ولنصارى فلسطين لتكثير عددهم. كلّ هذه العوامل أسهمت في زيادة النقمة، وأسهم الزعماء ممّن يشترون بالمال في تضييع حقوق السنّة.

في الوقت نفسه، كانت كلّ الطوائف تعيد بناء نفسها، لتجدّد السعي لمشرعها التاريخي، وهو الحصول على لبنان وطن قوميّ، وطرد المسلمين منه، فنظّرت جامعة الكسليك المارونيّة للدولة، والقوميّة المارونيّة، وإجلاء أهل السنّة للحجاز، والشيعة للعراق، والدروز لسورية.

بينما نظّرت حوزات الشيعة للدولة الإماميّة في لبنان بحجّة أنّهم من بنوا لبنان، وكانوا موجودين قبل الموارنة، وأيضا قالوا إمّا بتشييع السنّة، أو طردهم، أو إبادتهم، والحقيقة المرّة أنّ عشرات الآلاف من السنّة تشيّعوا جهلاً، وسكت العلماء كأنّ شيئاً لم يحصل، ومن حاول الاعتراض أسكتوه بحجّة عدم الانجرار للفتنه الطائفية.

والدروز نظّروا للدولة الدرزيّة لكن بصمت، وحصلوا على أموال من عدّة مصادر لإعادة شراء الأراضي في الجبل، وتوزيعها على فقرائهم، وبنوا بيوتا لهم، ومدارس، وحوّلوا قرية بعقلين في الشوف إلى مدينة؛ لتكون عاصمة الدولة القادمة، ووضعوا مخطّطات لبناء مشروع سكك حديديّة لربط كلّ القرى الدرزيّة ببعضها البعض، ونفّذوا فعلاً مشروعا للشوارع تربط القرى الدرزيّة، ولا تمرّ بالقرى المارونيّة. وقاموا بحفر أنفاق وكهوف، وخزّنوا بها مختلف أنواع السلاح، كلّ هذا جرى بصمت وبدعم أحياناً كثيرة من الفلسطينيين الذين وعدهم الدروز بمساندتهم ضدّ النصارى وإسرائيل.

شعر أهل السنّة على أنّهم مستهدفون؛ ففي كلّ استحقاق محليّ أو إقليمي، كان أهل السنة يتراجعون مقابل تقدّم باقي الطوائف. أسهم المدّ القوميّ وصعود "جمال عبد الناصر" في إيقاظ ودغدغة شعور أهل السنّة، أنّهم ليسوا وحدهم، وأنّهم ينتمون لمحيط أكبر، وساهم "عبد الناصر" في دعم الأوقاف السنيّة، ودار الفتوى، التي نظّمت نوعاً ما أهل السنّة، وأعطاهم بعض المنح الدراسيّة في الأزهر، بل وفتح فرعا للأزهر في لبنان تحت رعاية دار الفتوى، وكذلك بنى لهم جامعة بيروت العربية كفرع لجامعة الإسكندرية، وزوّدها بالمناهج والأساتذة.

بعد ظهور العمل الفلسطينيّ المسلّح وقدومه إلى لبنان، انغمس به أهل السنّة دعماً، ومشاركة، وقتالاً، وشعر أهل السنّة بالتمازج بينهم وبين الفلسطينيين لأنّ الطرفين كانا مضطهدين. وبدأ الفلسطينيون مواجهة السلطة النصرانيّة نيابة عن أهل السنّة، وتجرأوا عليها حتّى وصل الأمر إلى حدّ المواجهة العسكريّة فخاض الفلسطينيون غمار الحرب عنهم، وضحّوا بالآلاف من شبابهم؛ حماية لأهل السنّة، وضخّوا الملايين من الدولارات رفعاً لشأنهم الاجتماعيّ، حتّى قال المفتي الشهيد "حسن خالد": إنّ الفلسطينيين هم جيش أهل السنّة في لبنان.

في بداية الحرب، وقف الدروز على الحياد، ثم منعوا الفلسطينيين من تطهير جبل لبنان من القرى والمدن النصرانيّة، بل وهدّد "كمال جنبلاط" حليف "ياسر عرفات" بالانقلاب عليه والقتال لجانب النصارى، إن حاول الفلسطينيون مهاجمة أيّ منطقة مارونيّة في الجبل، وفي ذلك الوقت اتفق الفلسطينيون مع السنّة على سحب الامتيازات من الموارنة، وتحويل هذه الامتيازات للسنّة، ومنها رئاسة الجمهورية.

الشيعة قاتلوا إلى جانب الموارنة في الدامور والسعديات والجيّة، وسلّموا العديد من المناطق الإسلاميّة للمسيحيين ليذبحوا أهلها. وعندما دخل السوريون لبنان إلى جانب المسيحيين، ووقف الشيعة معهم، وقطعوا خطوط إمداد القوّات الفلسطينيّة التي اضطرت للتقهقر والتراجع، بعدما سيطرت على حوالي ثمانين بالمائة من لبنان.

لمّا تمكّن السوريون من السيطرة على لبنان، طردت القوات الفلسطينية من لبنان، ومنحوا معظم امتيازات الموارنة للشيعة، وسلّموهم لبنان. أمّا الدروز، فانكفأوا للجبل يعيدون بناء ما تهدّم من قراهم، وينتظرون يوماً آخر، وأمّا الموارنة، فهُجّرت قياداتهم للخارج، وما تبّقى منهم استسلم للسوريين.

انكشف السنّة تماماً، فعوقبوا لأنّهم حالفوا الفلسطينيين، وعوقبوا لأنّهم قاتلوا السوريين، والشيعة، والموارنة، حتّى قال بمرارة أحد مثقفيهم الأستاذ "محمد السمّاك"، مستشار دار الفتوى: "لقد كنّا مع الدولة العثمانيّة، ولمّا انهارت دفعنا الثمن ولم ينجدنا أحد .... وكنّا حلفاء للأمير "فيصل" فلما هزم دفعنا الثمن ولما ينجدنا أحد ..... وكنّا حلفاء لعبد الناصر ولمّا هزم دفعنا الثمن ولم ينجدنا أحد .... ولمّا حالفنا الفلسطينيين ولمّا هزموا دفعنا الثمن ولا نزال ولم ينجدنا أحد".

ارتكب السوريون سلسلة من المذابح، والاغتيالات، والتصفيّات، والاعتقالات، بمساندة الميلشيات الشيعيّة شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، منها مجزرة باب التبّانة حيث انقضوا على منطقة باب التبّانة شمال لبنان بالحراب، وكواتم الصوت، وخلال ساعتين ذبحوا أكثر من 300 شخصا.

واغتالوا الشيخ "خليل عكّاوي"، وعلاّمة لبنان الدكتور "صبحي الصالح"، والمفتي الشهيد "حسن خالد"، وعشرات من علماء أهل السنّة في لبنان غيرهم. وقام الشيعة بالهجوم على منطقة "أبو شاكر" في بيروت السنية، وقتلوا ما لا يعلم عدده إلا الله، وكذلك فعلوا بمنطقة "ساقية الجنزير"، ولم تنجوا عائلة سنيّة من إذلال أو قتل أو اغتيال، ناهيك عن سرقة الأموال والتعرّض للأعراض. كلّ هذا فقط لأنّهم ينتمون لأهل السنّة، والعديد منهم غير ملتزم إسلاميّاً، تماماً مثل البوسنة.

ووصل "رفيق الحريري"، رجل الأعمال السنيّ حامل الجنسيّة السعوديّة، وقام تحت شعار بناء لبنان بنجدة أهل السنّة، وكان يرشي الشيعة والسوريين بالملايين، حتّى يخفّف الضغط عن أهل السنّة، وحقّق تقدّماً، فقد أرسل على حسابه الشخصيّ أكثر من أربعين ألف طالب للدراسة والتخصّص في الخارج، وبنى المشافي والمدارس، وتكتّل أهل السنّة حوله، وأصبحوا لأوّل مرة أصحاب القرار في مختلف شؤونهم. ومن خلال "رفيق الحريري"، استعادوا صلاحيات رئيس الوزراء، وأصبحت لهم كلمة مسموعة، لكنّ هذا لم يعجب بعضهم، فتمّ اغتياله.

ارتكب "رفيق الحريري" بعض الأخطاء؛ منها تخليه عن الحلف بين الفلسطينيين وبين أهل السنة، بل إنّه أصدر العديد من القرارات ضدّ الفلسطينيين مقابل مكاسب على الأرض، منها، أن أيّ فلسطينيّ يحصل على جنسيّة غربيّة يشطب سجله في لبنان .... يمنع على الفلسطينيّ التملّك في لبنان ولو سيّارة .... يمنع على الفلسطينيّ أن يورّث أبناءه أيّ أملاك كانت له من قبل، وإنّما تحوّل للأوقاف .... ومن يغادر لبنان لأيّ سبب لا يرجع ... هذا سبّب جرحاً عميقاً للفلسطينيين من أهل السنّة، بالإضافة للانقضاض على نهر البارد من قبل ميليشيات المستقبل وقتلهم للعشرات من المدنيين الفلسطينيين الخارجين من المخيّم، مما أثار نقمة الفلسطينيين ضدّ أهل السنة.

تحالف ابن "رفيق الحريري"، النائب "سعد" مع قتلة أهل السنة من الموارنة، جناح "سمير جعجع"، ومع الدروز، جناح "جنبلاط"، وسيطروا عليه فنفذ أوامرهم حرفيّاً ... ونادى المستقبل من أيّام "رفيق الحريري" بجعل الجنسية اللبنانية هي المعيار وليس الإسلام، فصرت تسمع أصحاب العمائم يقولون الحمد لله نحن والدروز والنصارى إخوة ولا نريد غرباء من خارج لبنان.

كلّ هذا كان يحصل والشيعة يبنون قوّتهم العسكريّة، والماديّة، والمعنويّة، بدعم من إيران، وسورية، فيشترون البيوت، والأراضي في بيروت خاصّة، وفي باقي لبنان عامّة، بأيّ ثمن، ومهما كان مرتفعا، ويفتحون الشركات الكبيرة والمصانع المختلفة، بل إنّ مركز الأبحاث الزراعيّ الوحيد على الأراضي اللبنانيّة، شيّده الشيعة، واهتموا بشراء الأراضي الزراعيّة، وأصبحوا أقوى من الدولة اللبنانيّة نفسها، وقام بعض الفضلاء بتنبيه بعض المشايخ المقرّبين من المفتي إلى ما يحدث، فكان الجواب أنّهم لبنانيون ويحقّ لهم فعل أي شيء، والشيعة مواطنون مثلنا، ومثل هذا الكلام.

ويوم تنبّه "فؤاد السنيورة"، رئيس وزراء لبنان، للمشروع الشيعيّ، وأراد الحدّ منه، فعل هذا تحت الراية اللبنانيّة، وليس تحت راية إسلاميّة، وعبر التحالف مع النصارى والدروز، ومحاولا استغلال المشروع الأميركي في الشرق الأوسط الجديد، لكن هيهات، فالقوة العسكرية لهم، ويملكون أكثر من خمس وستين بالمائة من بيروت، وأكثر من نصف الجيش شيعة، فمن سيقف بوجههم؟ .... والفلسطينيون قرّروا الوقوف على الحياد، وعدم نجدة السنّة، انتقاما لنهر البارد .... وانتهت المعركة خلال ساعات، ولم يكونوا بحاجة لسبب، لكنهم أمام الإعلام قالوا إنّ إقالة مسؤول أمن المطار الشيعيّ هو السبب ... واجتاحوا بيروت، كما اجتاحوا بغداد ... وكنت لا ترى إلا دموع الرجال بصمت، وهي لا تقوى على رفع وجهها بوجه الشيعة .... هذا ما فعلوه بأنفسهم وما فعلته قياداتهم بهم ...
http://www.alasr.ws/images/gototop.gif (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&ContentId=10080#top)


3 تعليق حتى الآن ( اضف تعليقك على المادّة فوراً )
http://www.alasr.ws/myfiles/images/comment_icon.gif (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&ContentId=10080#add) قليل من الواقعية | محمد الشامي يقول...
اشكر الأخ عمر البيروتي على جهده ولكن بعض الملاحظات: لا أدري لماذا يعيب الأخ عمر على سعد الحريري التحالف مع القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع, فاذا كانت القوات اللبنانية قد قتلت من أهل السنة في السابق فهل هناك حزب او ميليشيا لم يقتل من اهل السنة؟ هل تريد من سعد الحريري ان لا يتحالف مع أحد ليترك الساحة فارغة أمام تحالف شيعي-ماروني يقزم من حجم السنة تماماً؟ هناك واقع سياسي لا يمكن تجاهله وعلى السنة ان يلعبوا اللعبة السياسية بدهاء من خلال التحالفات الذكية لمحاصرة الشيعة الذين هم بدون ادنى شك العدو رقم واحد للسنة في لبنان.

ثم يقول الأخ عمر (تنبّه "فؤاد السنيورة"، رئيس وزراء لبنان، للمشروع الشيعيّ، وأراد الحدّ منه، فعل هذا تحت الراية اللبنانيّة، وليس تحت راية إسلاميّة، وعبر التحالف مع النصارى والدروز، ومحاولا استغلال المشروع الأميركي في الشرق الأوسط الجديد.) اتعجب لهذا الكلام وقد شرح الأخ عمر في مقال سابق كيف أن عندما هجم الشيعة على بيروت الغربية لم تفعل القوى الاسلامية السنية في لبنان أي شيء, فالجماعة الاسلامية وقفت على الحياد وسلفيو الشهال قالوا انهم لن يقاتلوا دفاعا عن ال الحريري, وجماعة التوحيد وقفت مع الشيعة, اما فتح الاسلام وجند الشام والخ من هذه التنظيمات الضبابية فقد اظهرت بطولاتها ضد حركة فتح في المخيمات وضد اهل عكار والجيش اللبناني وعندما احتاج السنة لمن يدافع عنهم اكتفوا بالبيانات. فأي راية إسلامية يا أخ عمر تريد من السنيورة رفعها للحد من نفوذ الشيعة؟ الشارع الاسلامي السني في لبنان منقسم على نفسه وغير مؤهل لقيادة أي شيء, وما تجربة الشيخ سعيد شعبان في طرابلس عنا ببعيد.
أما عن استغلال السنيورة لما يسمى بالمشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد, فما أدري ما هي الأدلة التي تثبت هذا الاستغلال أم أن القضية ترديد لكلام الجرائد!؟ فإن كان الأمر كما يدعي الأخ عمر فأين كانت أمريكا لانقاذ السنيورة وحلفائها؟ الحقيقة أن اسرائيل والولايات المتحدة أخذت موقف المتفرج عندما هجم حزب الله ولم تحرك ساكناً وكأن الأمر لا يعنيها مما يثير الشك عن صفقة شيعية-اسرائيلية-امريكية.
يا أخ عمر: على أهل السنة ان يتحدوا تحت قيادة سياسية واحدة وأن تكون كلمتهم واحدة وأن لا يسمحوا لضعاف النفوس (امثال عمر كرامي وفتحي يكن) أن يشقوا صفهم, وعليهم التخلص من الفردية والانانية وضيق الأفق خصوصا عند قيادات الشارع الاسلامي, وأن يتمتع هؤلاء بحس أعلى من الحنكة السياسية وأن لا ينخدعوا بشعارات كاذبة يطلقها الشيعة تارة, والمغفلين من اهل السنة تارة اخرى.

http://www.alasr.ws/myfiles/images/comment_icon.gif (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&ContentId=10080#3) تحليل مسطح | سعيد إبراهيم يقول...
ما هذا التحليل المسطح و الساذج يا أخ عمر، لا تجعل كرهك وعقدتك للحريري يجعلاك لا ترى الأمور على طبيعتها، وأنت تعرف يا عمر البيروتي أن قرار عدم تسليح سنة لبنان هو قرار دولي وليس بيد آل الحريري الذين تكرههم، المشكلة أن الحريري الأب تحالف مع العلويين السوريين وأمّن لهم وتغاضى عن كل جرائمهم، كما عبد الطريق لحزب الله لاطلاق مقاومته من لبنان في وقت كانت الجبهة السورية هادئة. المطلوب منك أكثر واقعية في تحاليلك.

http://www.alasr.ws/myfiles/images/comment_icon.gif (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&ContentId=10080#4) مهلا يا سيد عمر | عبدالله الدوسي يقول...
اتفق مع الاخوين محمد وسعيد فيما ذهبا اليه . واوقول لك ما هكذا تورد الابل ياعمر .. !!كان سردك التاريخي جميلا الى ان وصلت لبوابة الحريري وتسورت حائط السنيورةالذي ينطبق عليه المثل(( مكرها اخاك لا بطل ))..واهلنا عنا يقولون بالعامية ( اللي تغلب به العب به ) وهذا ما فعله السنيوره .. وما لا يستطيع ان يتجاوزه الحريري ! نعم على السنة ان يوحدوا صفهم وان لا يلتفتوا الى فقعات عمر كرامي وسخافات (يكن) الذي يفترض ان لم يكن نهائيا !!. لقد استغربت مشاركة المعارضة الصلاة في وسط بيروت وكانه يريد تسجيل موقف ما وان يحقق مكاسب شخصية ولكن الله خيب ظنه مزيدا من الواقعية يااستاذ عمر .. الامريكان يقولون dont judge from the first timeوهو كلام يوافق المنطق وليس لان الامريكان يقولونه !! تقبل وافر تحياتي ويلتسع صدرك .