تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلمان رشدي ألباني.. لكن بلا خوميني



من هناك
05-22-2008, 09:40 PM
سلمان رشدي ألباني.. لكن بلا خوميني

هاني صلاح

"إذا كنت تطمع بأن تكون سلمان رشدي جديدا؛ فلن تجد في ألبانيا خوميني آخر".. بهذه العبارة رد مسئولون بالمشيخة الإسلامية في ألبانيا على كاتب ألباني ألف رواية هاجم فيها الإسلام والمسلمين، على غرار رواية "آيات شيطانية" في ثمانينيات القرن العشرين للكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي التي تهجم فيها على القرآن الكريم، ورد المرشد الأعلى الراحل للثورة الإيراني آية الله الخميني حينها بفتوى تحل دم رشدي. وفي روايته "أن تعيش في جزيرة"، يصف الكاتب الألباني الأرثوذكسي بين بلوشي الإسلام بأنه "كوليرا ظلت تنتشر لأكثر من ألف عام بحد السيف"، زاعما أن الأتراك أجبروا الألبان على اعتناق الإسلام؛ وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي كتب القرآن الكريم، كما هاجم شخصيات ألبانية قومية.

اعتبر بلوشي في روايته -التي صدرت طبعتها الأولى الشهر الماضي في 400 صفحة وبيع منها حتى الآن أكثر من 3 آلاف نسخة- أن المشاكل التي تحياها ألبانيا خلال العصر الحديث من تخلف في مجالات عديدة، وانعزالها عن أوروبا؛ مصدرها فترة "الاحتلال العثماني" للبلد، والذي امتد خمسة قرون.

وأثارت الرواية غضبا بين أوساط مسلمي ألبانيا؛ وأصدرت عشرة مؤسسات إسلامية بيانا مشتركا نشر على مواقع إنترنت ألبانية ينتقد "استهداف الكاتب للإسلام بشكل خاص؛ وتهجمه على الرموز القومية التاريخية عامة".

فيما اتهم صالح بريشا رئيس الوزراء الحالي المؤلف -وهو عضو برلمان عن الحزب الاشتراكي- بسرقة مضمون الرواية من قصة ألفها جد المؤلف نفسه.

ولم يصدر عن المشيخة الإسلامية أي تعليق رسمي على الرواية المسيئة حتى الآن، وصرح مسئولون بالمشيخة لـ"إسلام أون لاين.نت" بأنهم يفضلون الصمت، مؤكدين أن الكاتب الألباني لن يتمكن من إحداث الضجة نفسها التي أثيرت وقت نشر رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي.


اليسار الأرثوذكسي
وأمام تصاعد ظاهرة "الإسلاموفوبيا" (العداء للإسلام) في ألبانيا من جانب ما يسمى بـ"اليسار الأرثوذكسي"، الذي يمثله الحزب الاشتراكي المعارض (الشيوعي سابقا)، قال أولسي يازجي عضو مجلس إدارة منظمة "فوروم مسلماني" غير الحكومية: "سنطلب تدخل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لوقف الحملات المستمرة للتشهير بالإسلام والمسلمين من قبل الحزب الاشتراكي ومعهم الكتاب والإعلاميون المرتبطون به".

وحول دور الإعلام الألباني في معالجة الأزمة التي فجرتها رواية بلوشي، أوضح يازجي في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" أن الإعلام انقسم لفريقين "الأول مؤيد للكاتب، وغالبيته من الكاثوليك والأرثوذكس ومعهم صحفيو اليسار الاشتراكي؛ بينما الثاني معارض، ويمثل الإسلاميين والقوميين الألبان، ومعهم صحفيو اليمين الديمقراطي".

واعتبر رواية بلوشي "جزءا من حملة الإسلاموفوبيا التي يمولها الغرب ضد الإسلام"، مشيرا إلى أن الأوساط الإسلامية اعتبرت كاتب الرواية "متطرفا أرثوذكسيا يسعى لتهديد التسامح الديني بألبانيا".

وقال يازجي: "إن كاتب القصة ينظر لأوروبا من المنظور البيزنطي (اليوناني) الأرثوذكسي؛ ولا يرى أن بها كاثوليكا وبروتستانتا ومسلمين، كما يرى المؤلف الإسلام كدين عنف وارد من آسيا".


اليمين واليسار
من جهته، أبدى الكاتب فاطوس لوبونيا في مقال نشرته صحيفة "كوريير" الألبانية يوم الإثنين الماضي، تعجبه من إدعاء بلوشي أن الألبان أجبروا على دخول الإسلام قبل أكثر من 6 قرون.
وتساءل: "من الذي أجبر الألبان على العودة للإسلام من جديد بعد سقوط الشيوعية عام 1990، والتي كانت قد أجبرتهم على ترك دينهم خلال فترة حكمها لألبانيا في النصف الثاني من القرن الماضي؟!".

وقارن لوبونيا بين "الإسلاموفوبيا" في الغرب، حيث تتم من قبل "اليمين المتطرف" إزاء أقليات مسلمة وافدة؛ بينما في ألبانيا تتم من قبل "اليسار المتطرف" إزاء مسلمين من أهل البلد أنفسهم.


السلافي الأرثوذكسي
وفي برنامج على الهواء مباشرة يوم 13 مايو الحالي على قناة "توب تشانيل" الألبانية مع بلوشي وأربعة آخرين لمناقشة الرواية، أشار المؤرخ الألباني أبولون براتشا مدير معهد الأثار الثقافية إلى ما وصفه بـ"التأثير البيزنطي السلافي اليوناني" في أسلوب الرواية.

وقال براتشا: "الكاتب استخدم الألقاب والأسماء اليونانية والسلافية؛ بينما تجاهل مرادفاته الألبانية؛ وهو ما أعطى انطباعا بأن رسالة الرواية تدور حول صراع بين الشرق (السلافي الأرثوذكسي) والشرق (الإسلامي التركي)، وليس بين الأخير والغرب كما أراد أن يوحي بذلك الكاتب".

وتعجب من تركيز بلوشي على الثقافة "الشرقية السلافية الأرثوذكسية اليونانية"، والتي اعتبرها معادية للثقافة الألبانية تاريخيا.

وبسؤاله عن رسالته التي أراد توصيلها من الرواية، قال بلوشي في البرنامج إنه ليس له رسالة، وإنما كان يقصد فقط "المتعة الأدبية" تاركا لكل قارئ تحديد الرسالة التي يفهمها من خلال قرائته للقصة.

وتشهد ألبانيا في السنوات الأخيرة حملة "إسلاموفوبيا" متصاعدة، حيث يدعو اليسار "المتطرف" الألبان للعودة إلى "جذورهم التاريخية المسيحية"، معتبرا أن هذا هو الطريق لفك عزلتهم عن أوروبا، والانضمام للاتحاد الأوروبي من أجل الخروج من الأزمات الاقتصادية التي يشهدها البلد.
ويبلغ عدد سكان ألبانيا ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة؛ منهم 70% مسلمون، و20% أرثوذكس، و10% كاثوليك، ويعتبر مراقبون الشعب الألباني يقدم النموذج الأول للتسامح بين الأديان في منطقة البلقان.