تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خلوني فوت..بدي فوت..



مراسلو الرابطة
05-20-2008, 12:33 AM
مراسلو الرابطة
فريق مراسلو الرابطة



من وقائع حصار بيروت




2008




http://www.al-aman.com/photos/issue_806/05178962.jpg




" بدي فوت، بس خلوني فوت، ما عندي شي ساويه إلا إنو إحكي، خلوني إحكي، خطفولي إبني..12 سنة عمره إبني خطفوه، الله يخليكن خلوني فوت، إذا بتعرفوا الله، خلوني فوت وإحكي... الضنى غالي... والله الضنى غالي.. الضنى غالي".
على وقع هذه الكلمات استيقظنا اليوم وخرجنا إلى الشرفة. كانت تصرخ بها امرأة عند مركز حراسة في محيط قصر قريطم. كانت تصرخ بها وهي تبكي وترتجف وتتوسل. بطبيعة الحال لم يسمحوا لها الدخول بسيارتها فالمكان محاصر من قبل ميليشيات "حزب كل حاقد على الوطن وأهل الوطن". طلبوا منها أن تترجل وتدخل؛ لست أدري ربما لم تفهم كلامهم لشدة توترها، وظلت تصرخ: "بس خلوني فوت، ما حَ أعمل شي بس بدي إحكي، بدي إحكي.. الضنى غالي... والله الضنى غالي غالي..."


وجدت نفسي أبكي معها؛ لو كان أخي هو المخطوف لجن جنون أمي كما جن جنون هذه المرأة. كانت ميليشيات الظلام والحقد الأسود قد أعلنت بالأمس كذباً على قنوات الإعلام أنها سحبت مسلحيها من شوارع بيروت لكنهم لم يفعلوا. لا يزالون مختبئين يتربصون بالشباب والأطفال لحقدهم على طموح وعزم وأحلام الشباب وبراءة وصدق وطهر الطفولة. وأفضل استهزاء سمعته حول أكذوبة انسحابهم: "انسحبوا؟؟ لكن مين يللي قاطع الطرقات ومسكرها؟؟ الملايكة؟؟؟ الملايكة ما بتقطع طرقات والطرقات ما بتنقطع لحالها".




http://i25.tinypic.com/fn8ewg.jpg




" الضنى غالي.. الضنى غالي.." لا زلت أسمعها تتردد في رأسي. ربما لأنني لم أنم جيداً. فقد استيقظت عند الثانية على صوت أمي تصرخ بنا عند باب الغرفة: " قوموا قوموا قوموا بسرعة قوموا" وصوت الرصاص يملأ المكان. وجدت نفسي قد صرت في الغرفة الأخرى حاملة مخدتي وغطائي قبل أن أستيقظ تماماً وأستوعب ما الذي يجري. غرفتي تقع أمام شارع تطلق منه ميليشبات "تحرير بيروت من كل ذرة بقيت فيها من أخوة ومحبة ووطنية ولا طائفية" النار على مركز الحراسة. وكلما بدأت الاشتباكات لا بد لنا أن نترك الغرفة حتى لا يسقط علينا الزجاج أو تصيبنا قذيفة أو رصاصة طائشة كانت تستهدف أصلاً أمن الوطن واستقراره.


بقينا في الغرفة الأخرى مفترشين الأرض ولم أستطع النوم؛ وجدت نفسي أغرق في الضحك دون انقطاع وأختي توبخني لأنها تريد أن تنام، حقاً إنها مهزلة!! لقد تعودنا على صوت الرصاص ولم يعد كافياً ليوقظنا. نحن من كنا نحلم أن نكون جيل نهضة الوطن وازدهاره تعودنا على صوت الرصاص وصرنا بأمر من صاحب الدواليب السوداء المشتعلة لإحراق لبنان...صرنا جيل حرب. هذا ما يجرنا إليه صاحب الدولاب الأسود المحترق.. جيل الحرب، وأي حرب؟! لو كانت حرباً على الصهاينة الغاصبين لكنا افتخرنا أن نكون جيل حرب. لكنها حرب على الوطن، حرب على الأخوة، حرب على اللا طائفية، حرب على العيش المشترك، حرب على منطق الدولة، حرب على الحرية، حرب على المحبة والاحترام ، حرب على أحلام الشباب وتمسكهم بوطنهم، حرب على كل شيء وأي شيء قد يطفئ النار التي
يشعلها هذا الدولاب الأسود المحترق.




http://www.al-aman.com/photos/issue_806/p01-01-23342.jpg





ها قد بدأنا نصير كما يريدنا أن نكون، جيل حرب.. رأينا كيف يأتي الملثمون ليقتحموا المنازل، رأينا كيف يعتدون على العزل، رأيناهم يحرقون الممتلكات، رأينا كيف يصرخون بشعاراتهم المذهبية والطائفية وسط الطرقات.

رأينا كل ذلك ثم قررنا بإصرار أشد مما كان لدينا قبل أن نرى أننا لن نكون كما يريد، جيل حرب. فليظلوا في حقدهم وغيّهم وحربهم. قل موتوا بغيظكم وظلوا جيل حرب فيوماً ما سنقضي على جيل الحرب...



------------------------------------

*مراسلو الرابطة مبادرة شبابية ولا تعبر بالضرورة عن موقف رابطة الطلاب المسلمين في لبنان