تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما خطه قلمي في حصار بيروت 2008



مراسلو الرابطة
05-20-2008, 12:31 AM
مراسلو الرابطة
صرخة- مراسلو الرابطة



ما خطه قلمي في حصار بيروت 2008


القلم....
خانني القلم الذي تعود أن يصرخ حراً دونما قيد...
اليوم قيّد...

لم يقيّد بفعل طاغية بل بفعل الصدمة...
قيدته الصورة الخيالية التي سقطت في أزقة بيروت...
قيده بريق الأطفال المرعوبة وعويل النساء المنكوبة...
قيدته الدماء التي امتزجت بالتراب البيروتي الأصيل...
أسكت قلمي... ولكي أصدق التعبير"سكت قلمي"..
نعم، سكت أمام عبقرية ما فعل بمدينتي..
أمام الرصاص الذي اخترق كفن الأموات ظلماً وكرهاً وحقدا..ً

عذراً... فرهبة الموقف تجلّت أمامي...
فغدراً... مزّقت جثث على قارعة الطريق ..
وجبناً ... روّعت الرضّع في مهودها...
وحقداً... حاصروا مدينتي واحتلوها...


لأول مرة أقف أمام ورقة الكاتبة حائراً هكذا، أقف وقلمي يرتجف حزناً وخوفاً، حزناً على مدينتي المحتلة، وخوفاً من مستقبل بدأت صورته تتجلى أمامي، وكأني نسيت أصول الكتابة والتحرير.. دون حسبان، طارت الكلمات، ومع الصدمة تبخرّت الأفكار، فعن ماذا أكتب؟ وعمن أصرخ؟! ولكن.. مع كل أزمة أمل، ومع كل صدمة مقال يقال وكلمة حق لا بد لها أن تصدح..


http://d.yimg.com/us.yimg.com/p/nm/20080509/2008_05_07t193747_450x274_us_lebano n_conflict.jpg]

واليوم، يحمل قلمي قصتين ، أولهما قصة داعية يبلغ من العمر 32 عاماً تقريباً، قصة شاب حمل قضية قلّ حاملوها وبشّر بدعوة إسلامية صادقة... حادثة كان الخاسر فيها حقل الدعوة الذي مني بخسارة شاب صادق صابر، حمل همّ بلد يملؤه الحقد والاحتقان، وارتقت روحه ووالدته في محلة رأس النبع التي أخذت نصيباً وافراً من الرصاص والاشتباكات بأسلحة الغدر وأسلحة الدم، لما عزموا الرحيل بحثاً عن لحظات أمان بعيداً عن أصوات الاشتباكات..


http://d.yimg.com/us.yimg.com/p/rids/20080508/i/r2119861952.jpg

هناك في مشهد آخر، بين زحمة المشيعين وكثرة القتلى الذين سقطوا، قصة أخرى... قصة خمسة شبان قضوا نحبهم في تشييع أحد الشهداء في منطقة أرض جلول. عن هذة الحادثة سألنا أحد المشيعين وأجابنا: "كنا في الجنازة وقد كان الشهداء الخمسة يقفون في أولها"، وبعد لحظات من التحسر تابع الحديث قائلاً: "أعرف الضحايا الخمسة معرفة وثيقة وهم من أبناء الحي الذي أقطنه"؛ وأضاف: "كانوا يتجهون نحو المبنى القريب من موقع الجنازة طالبين من صاحبه أن يرفع صورة أحد الزعماء، احتراماً للميت وحرصاً على مشاعر المشيّعين"؛ ثم أردف: "ما هي إلا لحظات حتى فتح عليهم رافع الصورة النار فسقطوا قتلى وسقط عدد كبير من الجرحى".


http://d.yimg.com/us.yimg.com/p/afp/20080509/capt.cps.ndc48.090508224142.photo03 .photo.default-512x341.jpg

بين الصورة الأولى والصورة الثانية قلمي المربك تلاحقه صور دم يهدر، وقلوب تموت، وحسرة تترعرع في بالقلوب...شهداء لنا تسقط، ودموع تنهمر على شباب عاش الويل مرة ببقائه في هذا البلد، ويعيش الويلات ألف مرة من الاقتتال الداخلي الذي نعيش، والغريب بالأمر أننا مع كل أزمة نخزن الصور ونحفظها مؤرشفة بدورنا أحداثاً تتلوها أحداث تتشابه، دون أن نغيّر شيئاً...

تحية صادقة من فريق عمل مراسلو الرابطة لجميع من سقط من شهداء...وتعازينا الحارة لكل أم وأخ وأب وصديق حزن لفقدان أحبته...

-------------------------------------------------
* مراسلو الرابطة مبادرة شبابية لا تعبر بالضرورة عن موقف رابطة الطلاب المسلمين في لبنان