تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عباس المحبط يلتقي ببوش التوراتي



من هناك
05-18-2008, 01:09 AM
لعل مضمون خطاب جورج بوش في الكنيست الإسرائيلي في الذكرى الستين لتفجر معاناة الشعب الفلسطيني وتعرضه لمظالم تاريخية, أظهر انحياز الطرف الأمريكي وبشكل كبير للدولة العبرية ومشاطرتها رؤاها ودعم تجاوزاتها وانتهاكاتها. سيلفان شالوم عضو الكنيست ووزير الخارجية في حكومة ارييل شارون علق على خطاب بوش بقوله "إنه أكثر صهيونية من وزراء عدة يجلسون في حكومة إسرائيل". خطاب بوش امتلأ بإشارات دينية واقتباسات من التوراة والتلمود, بدأه باللغة العبرية بتهنئته: "يوم استقلال سعيد لإسرائيل", ثم عاد للغة العبرية مرددا (لن تسقط مسعدة ثانية) في إشارة توراتية ببقاء اليهود رغم عملية الانتحار التي قاموا بها في قلعة مسعدة حين حاصرهم الرومان.


زعيم حزب المفدال الديني المتطرف زفولون أورليف عبر عن تأثره الكبير بخطاب بوش قائلا: "إن بوش يتحدث مثل أعضاء المفدال وإن حبه اللامتناهي لإسرائيل أثار مشاعري". بالإضافة إلى لجوئه للإشارات الدينية لإظهار دعمه الكبير لإسرائيل عبر بوش عن إسناده المادي بقوله : "ربما يكون تعداد سكان إسرائيل 7 ملايين نسمة فقط، لكن عندما تواجهون إرهابا أو شرا فأنتم 307 مليون نسمة؛ لأن أمريكا تقف بجانبكم".

بوش لم يتطرق للطرف الفلسطيني إلا حين توقع "أن تحتفل إسرائيل بمرور 120 عاما على قيامها كواحدة من أعظم الأنظمة الديمقراطية في العالم" وأن يحظى الفلسطينيون "بالوطن الذي طالما حلموا به ويستحقونه" بعيدا عن "إرهاب حماس وحزب الله وإيران". بمعنى آخر فالوسيط الأمريكي صاحب وعد الدولة الفلسطينية 2005 ثم الوعد الثاني في انابوليس في نهاية هذا العام يتحدث الآن عن الدولة الفلسطينية بعد ستين عاما.

من المعروف عن الرؤساء الأمريكيين في نهاية ولايتهم الثانية تحررهم من ضغوط اللوبيات الصهيونية في بلادهم خصوصا مع إنتفاء حاجتهم للدعم السياسي لتلك اللوبيات أو خوفهم من نفوذها, كما أن عائلة بوش لها مصالح نفطية وعلاقات متشعبة مع حكومات عربية. فما الذي يدفع الرجل للذهاب بعيدا في دعمه للدولة العبرية والتي ترتكب جرائم حرب في غزة وفي غيرها؟ قراءة تحليلية لخطاب بوش مع رصد عباراته ومواقفه القديمة مثل مصطلح الحرب الصليبية وقوله أنه يتلقى تعليمات من الرب, يظهر أن منطلقات الرجل السياسية دينية-غيبية كمثل حليفه توني بلير والتي كشفها بعد تركها لرئاسة الوزراء في بريطانية.


كيف يمكن التعامل مع زعيم سياسي في مكانة بوش إذا كان لا يقيم وزنا للقانون الدولي كما حصل في غزوه للعراق؟ وفي الوقت الذي يتحدث وبتكرار عن رسالته في نشر حقوق الإنسان والحريات تقوم قواته بانتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان في العراق وأفغانستان وجوانتناموا وغيرهم. من الممكن فهم ذلك من خلال منطلقاته الدينية, فمثلا عبارة بوش ووصفه للشعب اليهودي بأنه الشعب المختار وبالتالي فإن الشعوب العربية والإسلامية لا تستحق التكريم والتمتع بنفس حقوق الإسرائيليين وهم صفوة الخلق والذين اختارهم الرب
.
لقاء بوش بمحمود عباس في مصر بعد لقاءاته الحميمة بالإسرائيليين في القدس يظهر النظرة الدونية للطرف الفلسطيني, بالإضافة إلى استدعاء بوش مؤخرا لعباس لواشنطن من أجل أن يعود الرئيس الفلسطيني بخفي حنين محبطا ويائسا. كل المؤشرات والمواقف تشير إلى أن المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية هدفها تبديد الوقت لصالح حقائق إسرائيلية على الأرض, وللتحريض على النزاع والاقتتال الفلسطيني وللتمهيد للتطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية. المطلوب من القيادة الفلسطينية موقفا شجاعا وحازما تجاه الانحياز والاستهتار الأمريكي وباتجاه وحدة الصف الفلسطيني.


ياسر سعد