تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أرجوك اسرقني



أم ورقة
05-16-2008, 05:15 PM
أرجوك اسرقني!

رامي زريق
تُعدّ إسرائيل من أهم البلدان المبتكرة للتكنولوجيا الزراعية، وخصوصاً تلك المتعلقة بمشكلات المناطق الجافة وشبه الجافة، وذلك بسبب استثماراتها في مجالات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي. تستعين إسرائيل بتقنياتها الزراعية لفتح الخطوط السياسية مع بلدان عديدة من خلال التعاون الزراعي الذي سرعان ما يتحوّل إلى اتفاقيات سياسية وتجارية. وترتكز في ابتكارها وتطويرها للتكنولوجيا الزراعية على التجارب والمعرفة والتقنيات المحلية التي عمل على تطويرها المزارع الفلسطيني على مدى عقود. فمثلاً، أقيمت منذ بضعة أشهر ندوة في مقر بنك البذور الإسرائيلي كان موضوعها أصناف القمح البلدي التي عمل الفلاح العربي عبر الأجيال على انتقاء وتطوير سلالاتها لملاءمتها للشروط البيئية السائدة في بلاده. هدفت هذه الندوة إلى تحديد سلالات القمح البلدي وجمعها والمحافظة عليها في بنك البذور الإسرائيلي، تحت ذريعة حماية التراث والتنوع البيولوجي، وبهدف إعادة استعمال تلك البذور في تهجين أصناف جديدة من القمح وتطويرها، تباع في الأسواق السياسية والمالية. بذلك، تكون إسرائيل قد زادت على سجلها الحافل بالنهب والسرقات، عملية سطو أخرى، وهي القرصنة البيولوجية، الممثّلة بالنهب المنظّم للمعرفة المحلية وبتجيير تاريخ الفلسطينيين وثقافتهم لمصالحها الخاصة. وفي سياق عملية التطبيع القائمة حالياً في بلاد العرب، دعت إسرائيل عدداً من الناشطين البيئيين والعلماء الفلسطينيين والأردنيين لمشاركتها في هذا الاختلاس، فلبّوا الدعوة بلا تردد، وأتوا حاملين تراثهم على أكتافهم لدفنه في خزنات جلاديهم، لعلّهم يشاركونهم يوماً بفتات من الشهرة والتقدير. لا يزال لبنان، مبدئياً، يحظر التعامل مع إسرائيل في مجالات العلم وقرصنة التكنولوجيا، إلا أن التهافت على التطبيع الذي نشهده هذه الأيام لا يمكن أن يبشر بالخير.


عدد الجمعة ١٦ أيار ٢٠٠٨