تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سنة لبنان لن يكونوا مكسر عصا



FreeMuslim
05-13-2008, 07:02 AM
سنة لبنان لن يكونوا مكسر عصا / أحمد محمود عجاج

المختصر/ المصريون / كثيرون ذهلوا، وكثيرون لا يزالون يبحثون عن مبررات لتفسير ما حدث والنظر مليا في ما دبر في ليل. هؤلاء كلهم اصابتهم أمس الحيرة عندما رأوا بأم اعينهم اسلحة حزب الله التي اقسم السيد حسن نصر الله على انها لن تستخدم في الداخل فإذ بها تطلق نيرانها على الابنية الآمنة التي يسكنها اهل السنة في لبنان، فتدمر مراكز اعلامهم وتغلق مكاتبهم وتدخل الذعر الى قلوب الآمنين؛ كل هذا سببه ان الحكومة وصفت شبكة حزب الله اللاسلكية بأنها غير شرعية، وسببه تأديب الضابط الشيعي مسلكيا وإعادته الى ملاك الجيش وإعتباره اعتداء على الطائفة الشيعية، وذلك دونما النظر الى تقاعس هذا الضابط وتغطيته على نشاطات حزب الله التجسسية على مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي . كان بوسع حزب الله ان يتجاهل الحكومة ولا يلقي لقراراتها بالا، وهو الذي لا يعتبرها شرعية ولا يقيم لها وزنا رغم شرعيتها الواضحة لكل من له قلب وعين. كان بوسع حزب الله ان يتابع حياته العادية ويحشد الدعم حتى في صفوف اهل السنة ويوضح لهم ما يجري وفق منطق مقاومة اسرائيل، لكنه لم يفعل وفضل ان يبرز وجهه الحقيقي بأنه هو السيد في لبنان وانه قادر على اخضاع الجميع، وان لا شيئ يقف في وجهه؛ وكان له ما اراد بقوة الحديد والنار.
ثمة حقيقة لا بد من قولها رغم انها قد تفهم طائفيا وهو ما نرغب به ولا نحض عليه إنما لا بد من الرد على من يستخدم العصا الطائفية بمنطق طائفي رغم قناعتنا التامة ان هذا لا يبني وطنا ولا يحقق تآخيا. كان اهل السنة في لبنان دوما كما يقول المثل " مكسر عصا" يضربهم من يشاء ويصفعهم من يحمل قلبه احقادا سوداء؛ لقد قتِّلت قيادتهم بدءا من الشهيد حسن خالد ومرورا بصبحي الصالح وانتهاء بالشيهد رفيق الحريري، واستبيحت ديارهم في بيروت الغربية على يد حركة امل واستبيحت بالامس على يد حزب الله، وضربوا في المخيمات الفلسطينية، وضربت مدينتهم طرابلس في الثماننيات واحترقت بالنار، ولم نر طائفة اخرى في لبنان تعرضت ولا تزال تتعرض لما تعرضت له تلك الطائفة السنية الصابرة. هذه الطائفة السنية في لبنان التي كانت السباقة للعروبة والحامل الاصيل للاسلام لم تجن سوى الترويع والضرب والقتل والتهجير، ولم تنل سوى الاتهامات تلو الاخرى بأن قيادتها مرة مع العميل ياسر عرفات، ومرة مع بوش ومرة مع شيراك. لقد سيقت اتهامات كثيرة لها، ولا ندري ما سيساق غدا لها من اتهامات!!
لمن لا يعرف الطائفة السنية لا بد له ان يدرك انها امتداد للسنة في العالم العربي وانها لا يمكن ان تكون يوما في صف اسرائيل ولا خندق امريكا مهما كانت الذرائع والمبررات وذلك لأنها تؤمن بحكم دينها انها تجهر بالحق وتعرف العدو. هذه الطائفة لا تفعل كما يفعل غيرها مثل الطائفة الحاكمة في ايران التي سمحت لطائرات امريكا ان تمر في اجوائها لضرب العراق، وتعاونت على لسان رفسنجاني مع بوش في افغانستان لضرب المسلمين الافغان، وتاجرت مع اسرائيل بالسلاح ابان حرب العراق، ولا تمانع ابدا ان تتعاون مجددا مع امريكا إن سمحت لها بسلاح نووي وهيمنة على الخليج والمنطقة العربية. نعم، الطائفة السنية لا تفعل ذلك لأنها تؤمن انها أمة وليست طائفة؛ لا تفعل ذلك لأنها تدرك ان على اكتافها مسؤولية تاريخية مسؤولة عنها امام الله، ولا يمكن لها يوما إلا ان تكون في جانب الحق تزود عنه بكل ما لديها من قوة ومنعة.
نعم، تستغرب تلك الطائفة عندما تتهم بأن قيادتها عميلة لإسرائيل، ولا يقدم دليل واضح على تلك العمالة؛ في كل يوم يقال ان رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة عميل لإسرائيل، وسعد الحريري في احضان فرنسا، ومن يدري قد يكون مفتي الطائفة محمد رشيد قباني غدا عميلا للعدو اولمرت!! كيف يمكن ان تتهم تلك الطائفة بتلك الاتهامات ولها تاريخ شاهد وحاضر ثابت على انها اصيلة وعروبية حتى العظم. كيف يقال ان السنيورة عميل والطائفة كله خلفه تعضده وتآزره لأنها تعرف انه ليس كذلك، وتعرف الطائفة الشيعية ايضا انه ليس كذلك، وهو الذي وصف رئيس البرلمان الشيعي نبيه بري حكومته ابان اعتداء تموز بأنها حكومة مقاومة. نعم، كيف يستقيم هذا، وكيف يمعن الاخرون في قذفه ولا يلقون بالا للطائفة، وكأنهم يقولون نحن اصدق منكم، وانتم مع السنيورة العملاء!!
لقد حدد زعيم حزب الله السيد نصر الله خطوط المعركة وقال انها بين صفين: صف يقاتل اسرائيل وامريكا وصف يقاتل مع امريكا واسرائيل، وان في الجانبين رجال من الطائفتين. هذه العبارة سياسية بإمتياز هدفها التدليس على عقول الناس بأن المواجهة سياسية بينما هي طائفية بإمتياز، وأن المواجهة هدفها الحق بينما هي تهدف الى القهر بقوة السلاح. لقد خلق حزب الله بعمله العسكري شرخا قويا بين طائفتين كان مفترضا ان يكونا اهلا واخوة فإذا هما اعداء يضمر كل منهما في قلبه ما يضمر. كنا نتمنى ان ترتفع اصوات من تلك الطائفة، تقول ان ذلك حرام وان دم المسلم على المسلم حرام، لكن كان الصمت سيدا، والشماتة بارزة على الوجوه. نعم، ثمة رجال من السنة في صفوف حزب الله، وثمة عمائم، لكنها عمائم لا صلة لها بالطائفة ولا تعبر عن مشاعرها، بل هي قطع من قماش ايرانية الصنع، وقلوب لا تعرف الرأفة ولا تنحاز لمن يصرخ ولمن يتوجع ولا يهمها إلا ما يكدس الايراني من اموال في جيوبها. هذه العمائم وتلك الشخصيات تعرفها الطائفة جيدا، ولا تلقي لها بالا، لأنها هامشية واصوات جوفاء تصم منها الاذان وتأنف منها النفوس.
يقول السيد نصرالله وهو يلوح بيديه في خطابه الاخير: انهما كلمتان لا غير: الغاء قرار مجلس الوزراء المتعلق بالشبكة الهاتفية والقبول بالحوار. يبتسم السيد، وينظر عبر الشاشة الى الحضور قائلا: انهما فقط كلمتان. يا للعجب، كلمتان فقط ومن اجلهما استبيحت بيروت، وروع اهلها، ومن اجلها يخرب الوطن؟ لنفترض ان الحكومة استجابت، فهل تحل المشكلة؟! يعرف الجميع ان المشكلة ليست في كلمتين بل انها ابعد من لبنان بكثير، وانها صراع بين قوى خارجية تريد النيل من الامة كلها، وليس من لبنان فقط. يعرف الجميع ان ايران تريد السيطرة، وان امريكا تريد العلو في المنطقة وانهما يتصارعان، ونحن مجرد وقود لا غير، وقد يصطلحان ونكون ايضا وقودا لصلحهما كما كنا كذلك وقودا لحربهما. يعرف الجميع من المحيط الخليج ان المسلمين العرب هم المستهدفون وانهم يعيشون عصر المغول مرة اخرى.
نربأ بأخواننا الشيعة ان يفعلوا بنا ما فعلوا، ويسيئوا الى اخوانهم في الدين الذين لا يحملون سلاحا ولا يتقنون استخدامه، ولا يريدون خوض حرب تسفك بها دماء بلا سبب. نربأ باخواننا الشيعة ان يدمروا حرقا وسلبا مؤسسات اخوانهم السنة الاعلامية ويقتحموا ويكسروا مؤسسات تربوية مثل مؤسسة الحريري التي انفقت الملايين الملايين على تعليم ابناء لبنان وبالذات من الطائفة الشيعية التي يحمل ابناؤها بفضلها شهادات عليا مكنتهم من الانتشار في الارض وكسب المال وادراك اسرار العالم. فلينظر من لا يعرف الى مؤسسات الحريري كلها، وحتى الى قيادته، فسيجد ان فيها الكثير من الشيعة والدروز والمسيحيين وكلهم في مراكز قيادية، ولا نجد ذلك في اية طائفة اخرى. نعم، نحن العروبيين ونحن الوطنيين ونحن اهل العدل ونحن كذلك لأننا امة، ولأننا لا نشعر بالدونية ولا يعشعش في قلوبنا هاجس الخوف من الآخر وعقدة الكراهية والمقت. نعم، نحن كذلك ولا يزايدن احد علينا، ولن نجهل، مهما حدث، فوق جهل الجاهلينا.
نعم، السنة لم يكونوا يوما طائفيين، ولم يكونوا يوما متخاذلين، ولم يكونوا ولن يكونوا إلا في الصف المتقدم من اجل نصرة الامة، لا من اجل نصرة قضايا لا يؤمنون بها. خلافنا في لبنان ليس على سلاح حزب الله بل على منطق الدولة وقيام الدولة لا على قتال اسرائيل وحكر القتال على فئة دون اخرى!!
لبنان سيبقى بلد الطوائف والتعايش وسيبقى السنة ركن اساسي في كيانه ولا يقدرن احد على اقتلاعهم لأنهم من تراب هذه الارض، ولأنهم امتداد طبيعي لأخوانهم في سوريا وتركيا والعراق ومصر واليمن وكل بلد عربي واسلامي. نعم، نحن امة، ولا زلنا نؤمن بذلك، ولن نرد الاساءة بالاساءة، ولا الاذى بالاذى بل سنقول كما قال نبينا الكريم " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". الشيعة اهلنا وسيبقون كذلك، وسيدركون يوما اننا حضن لهم، وأنهم اقلية تعيش في كنف اكثرية، وانهم آمنون مطمئنون كما كانوا دوما اهل وطن اعزاء لهم ما لنا وعليهم ما علينا. نعم، هذا هو اسلامنا وقد رأينا اسلامهم والحق اولى بالاتباع.
"اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"