تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا وراءك ياخدام؟!



صلاح الدين يوسف
05-07-2008, 06:18 PM
ماذا وراءك ياخدام؟ أعلن نائب رئيس الجمهورية السورية عبد الحليم خدام في مقابلة مع فضائية العربية (من باريس) استقالته من جميع مناصبه الرسمية والحزبية، ووجه للنظام الحاكم اتـهامات شتى: منها: تهديد الرئيس بشار الأسد لرئيس الحكومة اللبنانية السابق بالقتل، وأعرب خدام عن اعتقاده أن الرئيس السوري هو الذي أصدر الأمر باغتيال الحريري، وأن أي مسؤول أمني لا يستطيع إعداد وتنفيذ هذه العملية الخطيرة وحده. ومنها الفساد: فقال: إن الفساد مستشرٍ في سورية لدرجة أن موظفاً سابقاً في الأمن العام قبل عام 1970 كان يتقاضى راتباً لا يزيد عن 200 ليرة سورية، توفي عن ثروة تعادل 4 مليارات دولار، وموظف آخر محاسب في شركة طيران قبل عام 1970 يملك وأولاده ثروة لا تقل عن 8 مليارات دولار، وهؤلاء الذين نهبوا موارد سورية وثرواتها هم من أقرباء وأصدقاء بشار الأسد. ومنها: الاستبداد، وكم الأفواه، وزعم أنه تقدم بمذكرة إصلاحية، كان مما قاله فيها: إن الحرية هي مكون أساسي للإنسان ... والشعوب التي تقيد حريتها شعوب محكوم عليها بالتخلف، لأن تقييد الحرية وزرع الخوف ومصادرة التفيكر من شأنه أن يولد الخوف ويولد التخلف ... وقال أيضاً: يجب إطلاق الحريات العامة والفردية بما في ذلك حرية العمل الحزبي، ولا يجوز أن يخاف من الرأي الآخر، وعندما يخشى الحزب الحرية ويخشى الرأي الآخر فكأنما حكم على نفسه بالعجز. أثارت مقابلة خدام الرأي العام السوري والعربي والعالمي، ففي الشأن السوري لا نعرف إلا موقف النظام الذي فقد توازنه – إن كان قد بقي عنده شيء من التوازن -، فقد اتهمه بالخيانة العظمى، وخدمة مخططات أعداء سورية الصامدة من الصهاينة والأمريكان وحلفائهم، كما اتهمه وأبناءه بالفساد والإثراء الفاحش، وكمثال على ذلك قضية دفن النفايات النووية في صحراء بادية الشام قرب بلدة تدمر، وأعلن عن حجز أمواله المنقولة وغير المنقولة. وفي الشأن العالمي: كان التحقيق الدولي في اغتيال رفيق الحريري قد اعتراه شيء من الفتور بسبب عطلة رأس السنة، وتعيين رئيس جديد للجنة التحقيق، فظن النظام السوري أنه حقق انتصاراً بسبب الشاهد الذي تراجع عن شهادته. جاءت تصريحات نائب رئيس الجمهورية السورية، وأحد أعمدة النظام في عهد الأسدين – حافظ وبشار – لتقدم للتحقيق كنـزاً ثميناً من المعلومات، ولهذا لم تضيّع اللجنة الفرصة، فتحركت باتجاهين: الاتجاه الأول نحو خدام في باريس، فاستمعت إليه، وكل الذي ندريه عن هذا اللقاء الخاص أن خداماً عنده معلومات كثيرة وخطيرة لم يقلها لوسائل الإعلام، ولابد أنه قالها للجنة التحقيق، ومن هذه المعلومات قناعته بأن رئيس الجمهورية هو الذي أمر بقتل الحريري، وقالت مصادر قريبة من لجنة التحقيق: ماقاله خدام يؤكد صحة نتائج التحقيق التي توصلت إليها اللجنة. والاتجاه الثاني نحو دمشق فطلبت مقابلة رئيس الجمهورية للتحقيق معه ومع وزير خارجيته، وحتى كتابة هذه السطور، لا يزال الرئيس يتلاعب، وتصدر عنه وعن المصادر الرسمية تصريحات متناقضة ومضطربة. ثم توالت مقابلات خدام مع الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء العربية والأجنبية، وفي كل مقابلة يقدم جديداً، وتحتد لهجته فيما يدلي به من تصريحات، يرد على اتهامات النظام له، ويبدو أن صمته الطويل الذي استمر أربعين عاماً سيتبعه كلام كثير ربما يستغرق ما بقي له من عمر، ثم يأتي دور مذكراته بعد موته، ولابد من التذكير أن أجواء باريس المفعمة بالحرية قد جعلته يندم على ما فات من سني عمره في ظل نظام كان هو من أبرز أدوات الاستبداد فيه. قال خدام في مقابلاته اليومية: سيعمل على إسقاط نظام بشار الأسد، لأنه فاسد وغير قابل للإصلاح، ودعا إلى جبهة وطنية عريضة تضم كافة الأحزاب والتيارات، ولن يستثني منها حتى الإخوان المسلمين، ونادى بحكومة منفى تعمل يداً واحدة من أجل إنقاذ سورية، ونفى أن يكون قبل خروجه من دمشق قد نسق مع الفرنسيين والأمريكان أو مع أية دولة عربية مهتمة بسقوط النظام الحاكم بدمشق، وأكد أنه يتعاون مع معارضين داخل سورية وخارجها، ومن بينهم من لا يزال صامتاً لأنه يتولى مسؤوليات داخل النظام الحاكم، واستبعد فكرة انقلاب عسكري، لأن زمن الانقلابات قد ولى، وإنما الذي يريده تحرك شعبي سلمي يطيح بالنظام. وقصارى القول: فإننا سنجيب فيما يلي على الأسئلة التالية: - من هو عبد الحليم خدام، وهل في سيرة حياته وطريقة تفكيره ما يدعو إلى حسن الظن به؟!. - هل هو بريء من التهم التي يرمي بها بشار الأسد والحلقة الضيقة التي تحيط به من الأقرباء والأصدقاء، أم أن ما يحدث صراع مصالح، وكان هو الخاسر الأكبر؟!. - ما الذي دعا خدام إلى تفجير هذه القنبلة السياسية في هذه الظروف الشديدة الحساسية التي تمر بها سورية، ومن ثم النظام الذي ابتليت به؟!. - وهل هناك بارقة أمل تدعونا – نحن الإسلاميين – إلى وضع أيدينا في يد خدام؟. نبذة عن سيرته الذاتية: عبد الحليم خدام من مدينة بانياس الساحلية التي تقع على بعد بضع كيلومترات من قرى جبال النصيرية، ومن مواليد عام 1932، انتسب إلى حزب البعث في عام 1947، وكان من نشطائه في المرحلة الثانوية، يقول باتريك سيل في كتابه [الأسد. الصراع على الشرق الأوسط]: "وفي هذه الفترة [1949 – 1951] عقد الأسد صداقة مع طالب بعثي آخر، هو عبد الحليم خدام، الذي كان شاباً يتميز بالحيوية والاندفاع، وكان سنياً آتياً من خلفية متواضعة من بلدته الساحلية الصغيرة بانياس. وقد قدر له أن يخدم الأسد كوزير لخارجيته لإثني عشر عاماً ثم أصبح نائباً له". أما زميلهما الثالث في النشاط الطلابي، فكان الدكتور عبد الرؤوف الكسم، وهو ابن عالم معروف من علماء دمشق. تخرج عبد الحليم خدام في كلية الحقوق – جامعة دمشق – ومارس مهنة المحاماة إلى أن تولى البعثيون الحكم فأسندوا إليه عدداً من المسؤوليات المهمة. والذين يعرفون عبد الحليم خدام يقولون عنه: ذكي، حزبي نشيط، يجيد استفزاز خصمه بالهجوم عليه، معتد بنفسه إلى درجة الكبرياء، وفي هذا الشأن يقول باتريك سيل: "وقد كافأه الأسد [بعد انقلاب عام 1970] بوزارة الخارجية التي أصبح فيها بمرور الأعوام رجل الواجهة الأول في الدبلوماسية السورية بعد أن أظهر كثيراً من الحيوية والروح القتالية. وأغضب كثيرين بأسلوبه الفظ المتغطرس. ولكنهم يعرفون بأنه أداة فعالة لتنفيذ إرادة الأسد"[1][1]. وفي كتابه "السلام المفقود" أفرد كريم بقرادوني لخدام صفحتين ملأهما بعبارات الإشادة بأساليب الكر والفر التي يتقنها نائب الرئيس لتثبيت وجهة نظره، وكتب في ذلك يقول: "حفظ من تنشئته القانونية أناقة المحاورة وزهوة البيان. كما أثر انتماؤه البعثي في لغته وسلوكه. فهو يتكلم بمنطق إيديولوجي، ويؤمن بالعمل الشعبي وبتنظيم الجماهير. أمانته لحافظ الأسد لا تتزعزع وهو يحوز على ثقة رئيسه التامة بدليل احتفاظه منذ سنة 1970 بمنصبه الدقيق كوزير خارجية، على رغم أسلوبه الهجومي. إنه أفضل [بياع] لسياسة حافظ الأسد. يبرع في التركيز على الناحية التي تجذب محاوره أو تخيفه. يستعمل سلاح الترغيب أو الترهيب، أو الاثنين معاً. يستطيع الدفاع عن الشيء ونقيضه بحسب الظروف والمحاورين". لا يفوته تدبير حيلة أو التملص من فخ. يقدم في أغلب الأحيان أفكاره بصفة مؤقتة. ويترك للرئيس السوري حرية اتخاذ القرار المناسب. جريء حتى الوقاحة، متصلب ومكابر. يبدأ دائماً بالرفض ويلعب قصداً دور محامي الشيطان، مما يتيح لرئيسه أن يقوم بالدور الإيجابي الطيب"[2][2]. في مقابلة العربية وما تلاها من تصريحات نجد صحة ما قاله باتريك سيل وبقرادوني في وصف شخصية خدام. فهو يقول عن وزير الخارجية السوري فاروق الشرع لمندوب العربية: "لا أقبل أن أضع فاروق الشرع بمواجهتي، ومن ثم فالشرع ليس هو الرجل الثاني ولا العاشر في سورية إطلاقاً، يعني لا أريد أن أظلم نفسي وأن أقبل أن يقال أن هناك ملاسنة جرت بيني وبينه، هذا بعيد". وفي موضع آخر قال بكلٍ ترفع واستعلاء :"فاروق الشرع كان موظفاً بسيطاً عندي". كأنه باشا متجبر يتحدث عن حارس في إحدى القرى التي يملكها. وفي موضع ثالث من مقابلته مع العربية يتحدث عن نفسه فيقول: "السوريون جميعاً يعرفون من هو عبد الحليم خدام، ويعرفون التضحيات التي قدمتها من أجل إعلاء كلمة سورية، ويعرفون الجهود التي بذلتها من أجل أن تكون سورية رفيعة في مقامها وموقعها، ويعرفون أنني تعرضت لخمس محاولات اغتيال ليس لأني اختلفت في كازينو قمار مع أحد. لكن لأني كنت المدافع القوي عن سياسة سورية...". هذا هو حديث خدام عن نفسه: إنه مهم جداً. ولا يقبل أن يقارن به الشرع أو غيره. أما سياسة سورية التي يفتخر بأنه المدافع القوي عنها، فسيأتي الحديث عنها. أعمالنا تدل علينا: من المفيد أن نعرض فيما يلي بعض الأمثلة على مفاخر خدام السياسية التي يعتز بها: مذبحة حماة الأولى: كان أول منصب تقلده خدام في ظل حكم البعث محافظاً لمدينة حماة، وحماة كانت من أشد المدن السورية رفضاً لحكم البعث، وأقوام "عدس" يكرهون الحمويين ويعتقدون أن لهم ثارات عندهم، وقد جاء الوقت المناسب ليثأروا منهم. ولا يظن القارئ الكريم أنني أتحدث عن أحمد أبو عدس رحمه الله الذي نسب إليه المتهمون المجرمون اغتيال رفيق الحريري، لا ليس الأمر كذلك فأحمد أبو عدس لم يكن قد ولد في عام 1964، ولا بشار الأسد أيضاً، أقوام عدس اصطلاح سوري يعني التكتل الطائفي الذي كان يحكم سورية باسم حزب البعث، فالعين تعني العلويين، والدال تعني الدروز، والسين تعني الإسماعيليين، وليس بين السوريين من لا يعرف هذا المصطلح بعد انقلاب الثامن من آذار 1963. استفز خدام أهل حماة [والاستفزاز طبع متأصل فيه]، فخرج جمع من شبابها إلى الشوارع يعربون عن رفضهم لسياسة المحافظ الخرقاء، فما كان من قوات عدس العسكرية إلا اجتياح مدينة أبي الفداء التي استعصت على الصليبيين والفرنسيين، وهدموا منارة جامع السلطان وجزءاً من بنائه وقتلوا العشرات من الأبرياء، وممن اشتهر في قيادة القوات العسكرية الضابط الدرزي حمد عبيد، والضابط النصيري صلاح جديد، والضابط الإسماعيلي عبد الكريم الجندي، هذا في الباطن، أما الذي يعلمه الناس فعبد الحليم خدام هو الذي فجر الفتنة، ورئيس المحكمة العسكرية التي حاكمت أبناء حماة هو الضابط مصطفى طلاس، وهما من ذراري أهل السنة. وهذه هي المفخرة الأولى من مفاخر عبد الحليم خدام. أما المفخرة الثانية: فهذه خلاصتها: كان لابد من نقل خدام من حماة لأن الأجواء متوترة، والنظام كان لا يزال ضعيفاً، فعيّنوه محافظاً للقنيطرة عام 1964، واستمر في عمله حتى الخامس من حزيران عام 1967 عندما سقطت القنيطرة. والذي أعلن سقوطها قبل أن تسقط، وقبل أن تقترب منها قوات الجيش الإسرائيلي صديقه الحميم – وزير الدفاع آنذاك – حافظ الأسد، المحافظ الحزبي يعرف أن وزير الدفاع جرت محاكمته حزبياً، ولولا صلاح جديد[3][3] لكان من يومها في خبر كان.. فلماذا وقف خدام إلى جانب الأسد وآثره على الحزب ومؤسسيه؟!. لقد نُشِرتْ وثائق عن سقوط الجولان، وعن اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والسوري، لا يمكن أن تكون خفية على عبد الحليم خدام، وهو وإن كان مدنياً فقد كان يطلق عليه جنرال الحزب، كما كان حليفاً أميناً للجنرال الذي سرق الحزب وحوله إلى كيان طائفي نصيري. خدام والملف اللبناني: شن خدام هجوماً عنيفاً على رئيس المخابرات السورية في لبنان العميد رستم غزالة، واتهمه بالفساد. والتطاول بالشتم والتجريح على زعماء لبنان. والمشاركة بتدبير مؤامرات اغتيال الشخصيات الوطنية كالحريري وغيره. ولا أشك بأن خداماً صادق فيما قاله عن الحريري، ولكن هل الفساد والسفاهة والاغتيالات لا يعرفها لبنان إلا في عهد رستم غزالة الذي لا يتجاوز ثلاث سنين؟!. - إن أهل لبنان وغيرهم يعرفون أن عبد الحليم خدام هو المسؤول عن الملف اللبناني من عام 1976 حتى عام 1998، وفي هذه الفترة جرى اغتيال أكثر من ثلاثين شخصية لبنانية، من بينها: رئيس الجمهورية بشير الجميل، ورئيس الجمهورية رينيه معوض، ورئيس الوزراء رشيد كرامي، والزعيم الدرزي كمال جنبلاط، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، والنائب ناظم القادري، والشيخ الدكتور صبحي الصالح، ونقيب الصحافة رياض طه، ورئيس تحرير مجلة الحوادث سليم اللوزي. يقول مقربون من النائب الدرزي وليد جنبلاط: أن عبد الحليم خدام استاء من كثرة اتهامات وليد لسورية باغتيال أبيه، فأرسل له خدام من يقول له: نعم نحن قتلنا أباك، وانتبه لنفسك حتى لا نلحقك به، هذا مع أن جنبلاط الإبن ظل يتحدث في مجالسه الخاصة. هذه هي الاغتيالات التي طالت مسؤولين لبنانيين، أما عامة الشعب اللبناني والفلسطيني فلقد قتلت منهم القوات السورية وحلفاؤها عشرات الآلاف، وهي التي زعمت أنها جاءت لإنقاذهم من جحيم الحرب الأهلية. - الفساد: النظام الفاسد لا يُصِّدرُ إلا الفساد، والذين دمروا اقتصاد سورية هم الذين حكم عليهم الشعب اللبناني بتدمير اقتصاده. يقول المختصون بالشؤون الإقتصادية اللبنانية أن مجموع ما نهبته العصابة السورية التي حكمت لبنان يزيد على أربعين ملياراً [وليس مليوناً] من الدولارات، ولينظر من شاء إلى قيمة الليرة اللبنانية عام 1975 م وقيمتها عام 2005، ثم لينظر إلى جحيم الديون التي يئن لبنان تحت وطأتها اليوم. جدير بالذكر أن هذا النهب شمل جميع مرافق الحياة من الحشيش وسائر أنواع المخدرات إلى الهاتف الخلوي إلى كل شيء، ولابد أن يكون المتهم الأول عبد الحليم خدام ومعه مسؤول المخابرات الأول العقيد محمد غانم ثم مسؤول المخابرات الثاني العميد غازي كنعان، ومن بعدهم كبار وصغار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وكانت لهم طرقات خاصة ليس فيها "مخافر" جمركية أو أمنية. فهل يعادل مجموع ما تم نهبه في عهد خدام وكنعان 35 مليون دولار سرقها غزالي من بنك المدينة أو مليار دولار مجموع ما سُرِقَ من هذا البنك؟!. نحن صدقنا خداماً فيما ذكره عن سرقات أخوال بشار وأبناء عمومته، ولابد لنا أن نصدق ما قاله هؤلاء عن سرقات أبناء خدام في لبنان وسورية.. وسواء قال هؤلاء وأولئك أو صمتوا فعامة الناس في بلدنا يعرفون أحوال وأموال وشركات: آل الأسد، وآل مخلوف، وآل خدام، وآل طلاس، وآل الشهابي... الخ. - التطاول على زعماء لبنان: لا أدري من كان أكثر تطاولاً وسفاهة على زعماء لبنان وأهل الرأي فيه. هل هو خدام أم غزالي؟، لكن الذي أعلمه أن ما يؤاخذ عليه ضابط مغمور مثل غزالي، ليس كالذي يؤاخذ عليه نائب رئيس الجمهورية والعضو القيادي في حزب البعث. ومما يعرفه اللبنانيون أنه ما من مسؤول أو قائد حزب سلم من شتم خدام له وتطاوله عليه لا أستثني من ذلك إلا زعماء الشيعة وقليل من النصارى الذين تربطهم صلات صداقة وتعاون مع أسرة أسد الحاكمة.. وقد نقلنا فيما مضى عن كريم بقرادوني قوله في وصف خدام: جريء حتى الوقاحة.. يستطيع الدفاع عن الشيء ونقيضه .. متصلب ومكابر .. يلعب قصداً دور محامي الشيطان، مما يتيح لرئيسه أن يقوم بالدور الإيجابي الطيب .. إنه أفضل [بياع] لسياسة حافظ الأسد. يقول مقربون من أمين الجميل، أنه عندما كان رئيساً للجمهورية زار سورية، وقبل أن تبدأ المحادثات تشاغل حافظ الأسد، فما كان من الجميل إلا الانتظار قليلاً في مكتب نائب الرئيس المجاور لمكتب الأسد، وخلال هذه الجلسة تطاول خدام عليه، وذكر له تجاوزاته وكأنه موظف عنده، والجميل يستمع دون أن يرد خوفاً من أن يكون لرده تأثير سلبي على مباحثاته مع الرئيس الأسد.. وبعد أن أفرغ خدام ما بجعبته من سفاهة وتجريح أقبل الأسد معتذراً ثم انتقل الرئيسان إلى قاعة الاجتماع ليسمع من الأسد كلاماً معسولاً طيباً[4][4]. وذكرت الصحف اللبنانية هذه الأيام عن مسؤولين لبنانيين أنهم زاروا البطريرك صفير – عندما كان خدام مسؤولاً عن الملف اللبناني – فوجدوه في أحسن حال يلاطفهم، ويتفاعل مبتسماً مع طرائفهم، فما كان من أحدهم إلا أن قال له: يبدو أن عبد الحليم خدام لم يتصل في هذا اليوم. وكان خدام يكرر القول أمام الموارنة: إن الموارنة لا ينفع معهم إلا الضرب [بالجزم][5][5]، فكيف يريد من بشار الأسد أن يقطع رقبة رستم غزالي لأمر هو كان يفعل أكثر منه؟!. وقصارى القول: هذه إشارات سريعة عن طريقة خدام في التعامل مع أهل لبنان، وأعرضت عن ذكر أمثلة فيما فعله بأهل السنة من اللبنانيين والفلسطينيين لأنهم هم المستهدفون من التدخل السوري في لبنان. خدام والملف الإيراني: العلاقات الإيرانية السورية توثقت منذ انقلاب حافظ الأسد عام 1970، وبعد نشر بيان التحالف الشيعي النصيري الذي صدر عن بعض علماء الطائفتين، الذين زعموا أنهم أبناء طائفة واحدة. وكان المسؤول الظاهري [سيأتي الحديث عن تفسير الظاهري] عن هذا الملف في عهد كل من الشاه والخميني، صديق الأسد منذ أيام الصبا وزير الخارجية عبد الحليم خدام. - لقد شهدنا تنسيقاً كاملاً بين إيران وسورية والشيعة في لبنان، وكان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي موسى الصدر مهندس هذا التنسيق. وتبدلت تحالفات السوريين مع كل الطوائف إلا الشيعة فمنذ عام 1976 وحتى يومنا هذا لم يتغير التنسيق التام معهم. - وشهدنا انحياز سورية الأسد لإيران عام 1980 في حربها ضد العراق العربية البعثية، وإنه لموقف محير!!، حاول مسؤولو دول الخليج فهمه وتفسيره، فقاموا بزيارات لكل من سورية والعراق، وتحدثوا مع الأسد عن أطماع الفرس في المنطقة ودعوتهم إلى تصدير الثورة، وذكروه بالقومية العربية التي ينادي بها، وبمبادئ الحزب الواحد التي يدعو لها كل من سورية والعراق.. فما زاده ذلك إلا تعاوناً مع إيران، وتقديم جميع أنواع الدعم لها من سلاح وخبرات وتنسيق بين الشبكات الإرهابية. أيقن الخليجيون بعد المحاولات التي بذلوها أن الإدعاء شيء والفعل شيء آخر، وكان أسبقهم وصولاً إلى هذه القناعة عبد الرحمن العتيقي رحمه الله مستشار أمير الكويت عندما قال له حافظ الأسد في لقاء مطول : دع التاريخ يعيد نفسه، وكان يعني بشكل غير صريح : "دع الفرس يستعيدون ما فقدوه قبل الإسلام، أو دع أتباع القرامطة وغيرهم من الباطنيين يستعيدون هيمنتهم على البلدان العربية". والسؤال الذي يثير الدهشة والاستغراب: إذا كان حافظ الأسد قد فعل ما فعله في كل من سورية، وفلسطين، ولبنان، والعراق، ودول الخليج انطلاقاً من أحقاد طائفية دفينة ضد العرب والإسلام السني، فاستحق شكر وتقدير كل شيعي حيثما كان. فما الذي دعا عبد الحليم خدام ليكون المنفذ الأمين لهذه السياسة التي تتعارض كل التعارض مع مبادئ حزبه ومع الإسلام الذي هو دين قومه وبني عمومته، فاستحق كره العامة والخاصة، ولم يكسب ثقة وتقدير الذين خدمهم.. مع أنه لا ينقصه الذكاء والفهم، فسبحان الله الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء؟!. بعض الذين حاولوا الإجابة على هذا السؤال قالوا: إن خداماً نصيري الأصل والمذهب، وذكروا أسباباً دعتهم إلى الوصول إلى هذه النتيجة، لكنها أقوال لا أساس لها من الصحة، فعائلة عبد الحليم خدام في مدينة بانياس الساحلية معروفة، وإخوانه وأبناء عمومته معروفون. والسؤال السابق يقودنا إلى سؤال آخر: خدام أخلص لصاحبه ولرئيسه أسد، كما أخلص لأركان الطائفة الحاكمة، وتعرض لعدة اغتيالات من أجل أمانته في تنفيذ سياستهم، وكان المتهمون بتدبير هذه الاغتيالات من أبناء طائفة خدام ومن السوريين والفلسطينيين والعراقيين الذين نكبوا على عهده وعهد رئيسه، فهل أخلص الأسد وأركان حكمه من أبناء الطائفة لخدام ووثقوا به؟!. والجواب: أذكر القارئ الكريم بباطنية هؤلاء الذين نتحدث عنهم، وهذا يعني أن خداماً كان في الظاهر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، كما كان النائب الأول لرئيس الجمهورية، وبعد موت الأسد أصبح رئيساً للجمهورية، إلى أن تمت إجراءات توريث الحكم للأسد الإبن، وفضلاً عن هذا وذاك فقد كان المسؤول عن الملف في كل من لبنان وإيران. أما في الباطن فقد كان الأمر يختلف جملة وتفصيلاً، فقد كان يساعد خدام في إدارة الملف اللبناني كل من حكمت الشهابي، وناجي جميل، وكلهم من أهل السنة، وكانوا يتحملون سوءات الحكم السوري في لبنان مع أن صلاحياتهم مقيدة بتعليمات حافظ الأسد، وهم ليسوا أكثر من موظفين عنده، ومن جهة أخرى فكما قلت فيما مضى: إن ملفهم لا يشمل الشيعة والنصيريين في الشمال، كما لا يشمل النصارى الذين يرتبطون بعلاقات مع آل الأسد، وهذا يعني أن خداماً لا يستطيع أن يتصل هاتفياً ويؤنب كل من حسن نصر الله، ونبيه بري، وحسين فضل الله، وإميل لحود، وسليمان فرنجية، وميشال المر، وطلال أرسلان. نعود إلى الباطن: فقد كان المسؤول عن ملف الشيعة في كل من لبنان وإيران نائب مدير المخابرات العامة محمد ناصيف. يقول باتريك سيل في كتابه الأسد: "كان محمد ناصيف متكتماً أكثر من الجميع إلى درجة أنه كان يعيش في مكتبه، وكان واحداً من القليلين جداً من الناس المسموح بالمبادرة إلى التحدث مع الرئيس الأسد هاتفياً في أي وقت. فبالإضافة إلى ترؤسه لما كان في واقع الأمر بوليساً سياسياً، كان واحداً من أهم مستشاري الأسد في شؤون الشيعة سواء في لبنان أو في إيران. وكان مقرباً من موسى الصدر والقادة الثوريين الإيرانيين مثل قطب زادة، والطباطبائي وكان غالباً ما يسافر من دمشق إلى بون وسويسرا اللتين كانتا قطبي الشبكات الإيرانية في الغرب". ويضيف سيل إلى ناصيف اسم كل من محمد الخولي مدير مخابرات القوات الجوية، وعلي دوبا مدير المخابرات العسكرية ثم يقول: "كان هؤلاء هم الدعائم الخفية الثلاث للنظام"!!. أرأيت أن اصطلاح الدعائم الخفية أو الباطنية، والدعائم العلنية أو الظاهرية ليست من ابتداعي وإنما هو اصطلاح يردده كاتب مثل باتريك سيل كان مقرباً عند حافظ الأسد، ويعرف خفايا النظام. ويقول فايز قزي في كتابه [من ميشال عفلق إلى ميشال عون]: "كان هذا الاهتمام المفاجئ بانفراد ألبير منصور بمناقشة علاقة الجنرال عون مع عبد الحليم خدام مؤشراً ومناسبة لي للتفرغ أكثر لمتابعة ملف المهجرين ومواكبة تحرك ألبير على خط سوري آخر هو الخط الذي يتولاه محمد ناصيف وبرفقة الصديق رياض رعد. فتبين لي عندئذ أن الذين يحملون رسائل عون الشفهية هم كثر، وكانوا يعملون بحماسة ومعظمهم من أبناء الطائفة الشيعية.."[6][6]. و يقول في الهامش عن هذا الخط الذي يتولاه محمد ناصيف: "محمد ناصيف، ضابط سوري، ومسؤول أمني أساسي مقرب جداً من الرئيس السوري، يتميز بصورة خاصة بالعلاقات السورية الشيعية في لبنان"[7][7]. ويقول حسن صبرا: "كان بشار الأسد وهو يتم تدريبه على السلطة في حياة والده يكنّ كراهية شديدة لعبد الحليم خدام متأثراً – ربما – بتربية اللواء محمد ناصيف له الذي تولى شؤون أبناء حافظ الأسد باسل وبشار وماهر خلال مراحل طفولتهم وصباهم وشبابهم. لم يكن أبو وائل – ناصيف – يكنّ وداً لأبي جمال، خاصة مع الإطلالة على الشأن اللبناني مع بدء الحرب الأهلية، وتولي الثالوث الأهم مع حافظ الأسد، حكمت الشهابي، وعبد الحليم خدام، وتاجي جميل شؤون الوضع المتأزم ثم المتفجر في لبنان ... وللتوازن مع هؤلاء سلم حافظ الأسد محمد ناصيف ملف شيعة لبنان حتى اليوم"[8][8]. هذه النقولات عن ناصيف تقودنا حتماً إلى الاعتقاد بأنه مسؤول كبير في حكم الطائفة الخفية، وشروط المسؤولية في الحكومة الخفية غيرها في الحكومة العلنية وفي قيادة الجيش ... ففي قيادة الجيش لم يكن ناصيف من أصحاب الرتب الرفيعة، فهو لم يكن وزيراً للدفاع، ولا رئيساً للأركان، ولا حتى مديراً لقسم من أقسام المخابرات، وإنما كان نائباً لـ فؤاد عبسي مدير المخابرات العامة المدني، وهذه واحدة. أما الثانية لماذا هو بالذات مسؤول عن الأمور الدينية الطائفية، وتحديداً مسؤول عن الملف الشيعي في كل من سورية ولبنان.. وأضيف بأنه كان مسؤولاً داخل سورية عن التعاون والتنسيق ما بين أسد وعلماء أهل السنة، وهو الذي كان صديقاً حميماً للشيخ سعيد رمضـان البوطي غفر الله لنا وله. أما الثالثة فلماذا هو المسؤول عن تربية وإعداد أولاد حافظ الأسد باسل وبشار وماهر؟! وهنا لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن أبناء الأسد عاشوا في دمشق، وليس في جبال آبائهم، ومن المفترض أن يكون الأساس الطائفي بأبعاده المختلفة ضعيفاً عندهم، ولابد لهم من أستاذ له مكانة كبيرة داخل الطائفة. وإذن: هذه المعلومة التي يعرفها سيل، وقزي، وحسن صبرا وغيرهم، وغيرهم، لابد وأن تكون واضحة عند عبد الحليم خدام، وهو أقدر على فهمها وإدراكها منذ صغر سنه، وفي كل يوم يرى أدلة على أن النظام الذي يخدمه طائفي حتى النخاع، وليس له أية صلة بحزب البعث ومبادئه، فلماذا لم يستيقظ ضميره؟!. خدام والملف الإسلامي: في جميع مراحل الدراسة كانت العداوة على أشدها بيننا [أصحاب الاتجاهات الإسلامية] وبين البعثيين، وإذا كنا ومنذ وقت مبكر نعلم دوافع قوم "عدس" ودوافع النصارى في عداوتنا، وهم الأكثرية الساحقة من البعثيين، فلا ندري دوافع الصنف الثاني من البعثيين المنسوبين لأهل السنة، بل كان مما يثير دهشتنا أنهم الأشد وقاحة في إيذائنا. عبد الحليم خدام من الصنف الثاني، وممن أشربوا حب أفكار عفلق والحوراني ووهيب الغانم، ومن بين هؤلاء عبد الفتاح زلط مسؤول حزب البعث في حلب الذي رفع دعوة في المحكمة لتغيير اسمه لأنه لا يريد أن يكون عبداً لله الفتاح العليم .. فهل رأيتم وقاحة أشد من هذه الوقاحة؟! هذه هي أفكار خدام عندما اختاره حزبه ليكون محافظاً لمدينة حماة، ولذلك فقد أحدث فيها فتنة عظيمة .. ولا ندري أي تحسن قد طرأ على قناعاته وأفكاره، فمن زملائه من تاب إلى الله بعد هول ما رأى من دسائس الباطنيين .. ومنهم من تخلى عن الحزب وبقي صامتاً، أما خدام فقد استمر يتحمل وزر ما ارتكبوه من مذابح وفظائع دون أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً. قبل سنوات قليلة زاره رئيس وزراء دولة عربية يعتبر من أعز أصدقائه، وقال له: يا أبا جمال ها قد مضى حوالي عشرين عاماً على الصدام بينكم وبين الإخوان المسلمين، وسحقتم تمردهم وقتلتم من قتلتم، وسجنتم من سجنتم، وتشرد آلاف منهم في كل مكان من هذه المعمورة لا يحملون وثائق سفر بلدهم، وأبناؤهم شباب ولدوا ونشأوا خارج وطنهم وغير مسموح لهم في العودة لأنهم أبناء فلان وفلان. لم يتركه خدام ليتم حديثه، وقاطعه قائلاً غير وارد عندنا السماح بعودة الإخوان، لأننا نرعى التيار الإسلامي الواسع في سورية ونتولى قيادته والتحكم فيه حتى لا نفاجأ بتمرد آخر، وإذا سمحنا بعودة الإخوان، فسيشاركوننا قيادة وتوجيه هذا التيار، وسوف يتجدد الصراع، فدعهم يقضون بقية أعمارهم في الخارج .. فأين هذا من الحرية والديمقراطية التي يتحدث عنها اليوم، والتي تتسع للإخوان المسلمين وغيرهم؟! النتائج: النتيجة الأولى: صدق خدام عندما اتهم الحلقة المحيطة ببشار الأسد بالفساد .. وصدق أيضاً عندما قال: إن النظام فاسد ولا أمل بإصلاحه، ولكن ليسمح لنا بتصديق النظام عندما اتهمه بالفساد والإثراء غير المشروع .. ونضيف من جهتنا: إن هذا النظام الفاسد يستطيع اتهام أي رمز من رموزه بالفساد ويحيله إلى المحاكمة ويكون هذا الاتهام صحيحاً. النتيجة الثانية: خدام آخر من يحق له أن يتكلم عن الحرية وسيادة القانون، فهو من شارك في وضع قانون الطوارئ، وهو المشارك الرئيس لحافظ الأسد في كل جرائمه ومجازره، وهو أول من دعا إلى إغلاق المنتديات فيما سمي بربيع دمشق .. وحتى في مقابلته مع العربية فهو يكشف عن استبداده وطغيانه عندما قال لبشار الأسد: لماذا لا تأت بالعميد رستم غزالي وتقطع رقبته، فمن الذي أعطاه وأعطى بشاراً صلاحية قطع الرقاب من غير محاكمة عادلة يعطى المتهم فيها حقه في الدفاع عن نفسه؟ النتيجة الثالثة: عاش خدام مسؤولاً وخادماً لنظام طائفي اثنين وأربعين عاماً، لم يحارب شيئاً كما حارب دين آباءه وأجداده، وفعل ما لا ينكره أحد .. ورغم ذلك كله لم تهتز مشاعره، ولم يستيقظ ضميره، فهل بعد ذلك كله أي أمل فيه؟ النتيجة الرابعة: يتفاخر خدام بأنه هو الذي حذر حافظ الأسد من وحدة مع العراق يكون الأخير رئيساً لها [وهذا عرض كان قد قدمه صدام لسورية]، لئلا يشمل سورية الحصار الاقتصادي المفروض على العراق. ويتفاخر أيضاً بأنه هو الذي أقنع حافظ الأسد بالانضمام لأمريكا وحلفائها في حربهم ضد العراق عام 1991 فأين القومية العربية، وأين مبادئ وشعارات حزب البعث؟ إنه – خدام - شعوبي الهوى وإن زعم خلاف ذلك. النتيجة الخامسة: يريد خدام من خلال كتابه الذي صدر قبل عامين، ومن خلال تصريحاته ومقابلاته في باريس أن يعود بنا إلى المربع الأول، أي إلى حزب بعث جديد أو إلى قومية عربية علمانية يضاف إليهما الإسلام، ولكنه إسلام غير الذي نعرفه، وهذا منه محاولة لإحياء حزب البعث العربي الاشتراكي الذي شارك في دفنه. النتيجة السادسة: لا أعتقد أن خداماً خرج لإنقاذ الوطن من الفساد والانهيار والاستبداد كما ادعى، وما عرف عنه مثل هذه المغامرات، ففي جميع انقلابات البعث كان يقف مع الأقوى. والذي أتوقعه أنه خرج فراراً بنفسه وماله وأهله بعد أن رأى إبعاده وإهماله في أواخر عهد حافظ أسد ثم في بداية عهد ابنه، وخشي أن يحل به ما حل بالزعبي والحريري وكنعان، أو أنه خرج ليقود حركة طائفية نصيرية مناهضة للأسد، ومتفاهمة مع الأمريكان والفرنسيين، والأيام القادمة ستكشف حقيقة خروجه. وأخيراً: خروج خدام تعرية له وللنظام الحاكم، ويسرنا سقوط هؤلاء الطغاة الطائفيين، ونرجو أن يتبعه آخرون، ويعود إلى سورية وجهها المشرق الذي حرمنا اثنين وأربعين عاماً. ويسرنا أيضاً أن تصل لجنة التحقيق إلى النتائج التي نجزم بها، فالاغتيالات الغادرة صفة من صفات الباطنيين، وليعد من شاء إلى تاريخ القرامطة والنصيريين والإسماعيليين، وليشهد خدام وغيره بما عندهم من معلومات، وليعلم المغفلون من قومنا الذين لا ينفع معهم التذكير ولا الوعظ وبيان الحجج الدامغة .. ليعلم هؤلاء أن إسرائيل تضغط عالمياً وأمريكياً من أجل بقاء هذا النظام والحيلولة دون سقوطه، وليعلموا أن الأمريكان إذا دخلوا سورية فلن يجدوا من يواجه قواتهم غيرنا – أهل السنة - ، والعراق شاهد على ذلك. إن يد خدام آثمة لا يجوز لنا مصافحتها، ويوم النصر قريب إن شاء الله ]وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون[. -------------------------------------------------------------------------------- [9][1] - الأسد، ص: 292. [10][2] - السلاح المفقود، لمؤلفه كريم بقرادوني [عن مقال كتبه الصحفي سليم نصار في جريدة الحياة، تاريخ: 7/1/2006]. [11][3] - أنظر كتاب حوارحول سورية، ص: 21. [12][4] - عن مقال في جريدة الحياة لسليم نصار 7/1/2006. [13][5] - نقله عن خدام سليمان فرنجية في مقابلة صحفية لفرنجية مع جريدة الحياة، وقال قريب من هذا القول فايز قزي في كتابه: "من ميشال عفلق إلى ميشال عون" وقزي نصراني لبناني وبعثي قديم، تخلى عن انتسابه للحزب في عام 1963. [14][6] - من ميشال عفلق إلى ميشال عون، فايز قزي، ص: 150 و 152، الناشر: رياض الريس. [15][7] - المصدر نفسه. [16][8] - حسن صبرا رئيس تحرير مجلة الشر اع اللبنانية، وهو من أبناء الطائفة الشيعية، لكن من دعاة القومية العربية والناصرية، ومعارض للتعصب الطائفي، ولسياسة كل من حزب الله وحركة أمل، وملم جيداً بالشأن اللبناني. الكاتب او المصدر :محمد سرور زين العابدين