تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السلطة الفلسطينية والتزاماتها الأمنية



من هناك
05-03-2008, 04:03 PM
بدأت القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الانتشار في مدينة جنين بشمال الضفة الغربية يوم أمس في حملة لإرساء "القانون والأمن". وغادرت سيارات جيب وحافلات تقل ما يصل إلى 500 من قوات الأمن مدن الضفة الغربية متوجهة إلى جنين بالتنسيق مع إسرائيل. وسيشارك 150 آخرون من قوات الأمن موجودين بالفعل في جنين في الحملة التي تقول واشنطن أنها تجربة يمكن أن تساعد الفلسطينيين في إثبات قدراتهم بشأن الدولة. ونقلت رويترز عن مسؤول أمني فلسطيني كبير قوله إن القوات وبعضها تلقى تدريبا في الأردن بموجب برنامج تموله الولايات المتحدة ستستهدف المجرمين مثل لصوص السيارات كما أنها تلقت أوامر بمصادرة الأسلحة المملوكة بشكل غير مشروع. وقال المسؤول الفلسطيني إنهم يبذلون قصارى جهدهم لتنفيذ خطة خارطة الطريق وكل متطلباتها. وبموجب خطة خارطة الطريق يجب أن توقف إسرائيل أنشطتها الاستيطانية وتزيل المواقع الاستيطانية اليهودية ويتحتم على الفلسطينيين كبح جماح النشطاء في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.


على الرغم من الشكاوي المريرة من السلطة الفلسطينية ومسؤوليها من عدم تنفيذ إسرائيل أيا من تعهداتها سواء تلك التي تضمنتها خارطة الطرق أو التي صدرت في مؤتمر انابوليس, وكان آخرها تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في لندن والتي قال فيها إن تقدم عملية السلام لا يزال بطيئا, وأن بناء المستوطنات الإسرائيلية ينال من محادثات السلام وأن الغارات الإسرائيلية على مناطق تحت السيطرة الفلسطينية يقوض قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. ومع كل الإحباط الذي أصاب أبومازن من نتائج رحلته إلى واشنطن ومباحثاته مع جورج بوش, والحديث الأمريكي الجديد عن أن الهدف المرجو قبل نهاية العام هو في تعريف الدولة الفلسطينية وليس في إقامتها. مع كل ذلك وأكثر تجد اندفاعا من السلطة الفلسطينية في تطبيق ما يطلب منها من التزامات أمنية يقصد منها وبشكل واضح وصريح مواجهة المقاومة وتفكيكها مما قد يؤدي إلى صدامات فلسطينية- فلسطينية كالتي حدثت في قطاع غزة في العام الماضي. وبالرغم من كل التعنت والتصعيد الإسرائيلي وشراسة الاستيطان فإن السلطة تواصل مفاوضتها مع إسرائيل في الوقت الذي تفرض شروطا قاسية للحوار الفلسطيني الداخلي تجعله متعذرا.


إذا نجحت قوات الأمن الفلسطينية بتمويل أمريكي وبتشجيع إسرائيلي في نزع سلاح المقاومة تحت ذريعة سحب السلاح غير المشروع, واستخدمت مدرعاتها ومعداتها التي سمحت إسرائيل بإدخالها في محاصرة المقاومين. وفشلت بعدها في الحصول على أي من الالتزامات الإسرائيلية ولم يتحقق أي الوعود الأمريكية, فماذا ستكون خياراتها من بعد ذلك؟ وحدة الصف الداخلي والمقاومة الفلسطينية هي أهم أوراق التي يمكن أن يعتمد عليهم المفاوض الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية وتعدياتها الاستيطانية والقمعية. والتضحية بهما من خلال الالتزام الفلسطيني الأمني الصارم بما جاء في خطة الطريق دون النظر إلى إخلال الطرف الإسرائيلي الصارخ بالتزاماته وبتعهداته لإثبات الجدارة في إدارة دولة فلسطينية موهومة, هو نفخ في رماد وحرث في غبار. فكما تبخرت وعود بوش في دولة فلسطينية في 2005 ستتلاشى وعوده الحالية والتي بدأت بالفعل في ذلك, فقد صرحت وزير الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في لندن بأنها تعتقد أن فرصة التوصل إلى حل على أساس إقامة دولتين لن تدوم إلى الأبد وفي الواقع يمكن القول أنها تتقلص وتتقلص مع الوقت.



ياسر سعد