تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما حكم تعلم علم التجويد والالتزام به



أبو مُحمد
04-29-2008, 08:41 PM
السلام عليكم ..
لكثرة ما نسمع عن الاعتناء باحكام التجويد دون غيرها من علوم القران حتى وصل الامر بالبعض الى حد التنطع وحتى انشغل البعض بها دون تدبر كلام الله عز وجل فبحثت حتى وجدت بفضل الله هذا التجميع لبعض الفتاوى وايضا كلاما لشيخ الاسلام بن تيمية فوددت ان اطلعكم عليه لما فيه من فائدة .

ولا يفهم من هذا اننا ندعو الى اهمال التجويد وتعلمه ولكن لابد ان يفهم المسلم انه ليس بآثم ان قرأ القران دون أحكام التجويد ما دام ينطق لفظ الكلام بشكل صحيح.
.
.
.
يقول الشيخ بن عثيمين :" والتَّجويدُ مِن بابِ تحسين الصَّوتِ بالقرآنِ، وليس بواجبٍ، إنْ قرأَ به الإِنسانُ لتحسينِ صوتِه فهذا حَسَنٌ، وإنْ لم يقرأْ به فلا حَرَجَ عليه ولم يفته شيءٌ يأثم بتركِهِ، بل إنَّ شيخَ الإِسلامِ ذمَّ أولئك القومَ الذين يعتنون باللَّفظِ، ورُبَّما يكرِّرونَ الكلمةَ مرَّتين أو ثلاثاً مِن أجل أن ينطِقُوا بها على قواعد التَّجويدِ،ويَغْفُلُونَ عن المعنى وتدبُّرِ القرآنِ. ".الشرح الممتع على زاد المستقنع - الجزء الرابع

وسئل فضيلته :ما رأي فضيلتكم في تعلم التجويد والالتزام به ؟ وهل صحيح ما يذكر عن فضيلتكم من الوقوف بالتاء في نحة ( الصلاة - الزكاة ) ؟فأجاب قائلا : لا أرى وجوب الالتزام بأحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد، وإنما أرى أنها من باب تحسين القراءة ، وباب التحسين غير باب الإلزام ،وقد ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل كيف كانتقراءة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : كانت مداً قرأ : بسم الله الرحمنالرحيم . يمد ببسم الله ، ويمد بالرحمن ، ويمد بالرحيم .
والمد هنا طبيعي لا يحتاج إلى تعمده والنص عليه هنا يدل على أنه فوق الطبيعي .
ولو قيل : بأن العلم بأحكام التجويد المفصلة في كتب التجويد واجب للزم تأثيم أكثر المسلمين اليوم ، ولقلنا لمن أراد التحدث باللغة الفصحى : طبق أحكام التجويدفي نطقك بالحديث ، وكتب أهل العلم ، وتعليمك ، ومواعظك .
وليعلم أن القول بالوجوب يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة أمام الله عز وجلفي إلزام عباده بما لا دليل على إلزامهم به من كتاب الله تعالى أو سنةرسوله صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع المسلمين وقد ذكر شيخنا عبد الرحمنبن سعدي في جواب له أنالتجويدحسب القواعد المفصلة في كتبالتجويدغير واجب .
وقد أطلعت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حولحكم التجويد قال فيه ص 50 مجلد 16 من مجموع ابن قاسم للفتاوى : " ولا يجعل همته فيماحجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة في خروج حروفه، وترقيمها ، وتفخيمها ، وإمالتها ، والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسطوغير ذلك فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه ، وكذلكشغل النطق بـ " أأنذرتهم " وضمالميم من " عليهم " ووصلها بالواو وكسرالهاء ، أو وضمها ونحو ذلك ، وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت " .ا.هـ.
وأما ما سمعتم من أني أقف بالتاء في نحو " الصلاة - والزكاة " فغير صحيح بل أقف في هذا وأمثاله على الهاء .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
س: هل التجويد بالقرآن في الصلاة واجب أم لا مع الدليل؟
ج: أمر الله جل وعلا بترتيل القرآن الكريم وإعطاء كل حرف حقه فقال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن الكريم أن قراءته كانت ترتيلاً لا هذا ولا عجلة، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً، وكان يقطع قراءته آية آية، وكان يمد عند حروف المد فيمد (الرحمن) ويمد (الرحيم) وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
إمامة ضعيف القراءة والتجويد
س : أفيدكم أنني إمام مسجد في إحدى ضواحي الرياض ، والمشكلة أنني ضعيف التجويد في القراءة وكثير الخطأ ، وأنا أحفظ من القرآن ثلاثة أجزاء مع بعض الآيات في بعض السور ، وأنا خائف على ذمتي ، فأرجو إفادتي هل أستمر في الإمامة أم أستقيل؟
ج : عليك أن تجتهد في حفظ ما تيسر من القرآن وتجويده وأبشر بالخير والإعانة من الله عز وجل إذا صلحت نيتك وبذلت الوسع في ذلك؛ لقول الله سبحانه :﴿وَمَن ْيَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «الماهربالقرآن معا لسفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهوعليه شاق له أجران» ولا ننصحك بالاستقالة بل نوصيك بالاجتهاد الدائم والصبر والمصابرة حتى تنجح في تجويد كتاب الله وفي حفظه كله أو ما تيسر منه وفقك الله ويسر أمرك .
كتاب الدعوة، الجزء الأول، ص56.

الوسوسة في مخارج الحروف والتنطع فيها
قال ابن القيم رحمه الله: ومن ذلك الوسوسة في مخارج الحروف والتنطع فيها ونحن نذكر ما ذكره العلماء بألفاظهم قال أبو الفرج بن الجوزي قد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد في إخراج ضاد المغضوب قال ولقد رأيت من يخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده والمراد تحقيق الحرف حسب وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس وقال محمد بن قتيبة في مشكل القرآن وقد كان الناس يقرؤن القرآن بلغاتهم ثم خلف من بعدهم قوم من أهل الأمصار وأبناء العجم ليس لهم طبع اللغة ولا علم التكلف فهفوا في كثير من الحروف وذلوا فأخلوا ومنهم رجل ستر الله عليه عند العوام بالصلاح وقربه من القلوب بالدين فلم أر فيمن تتبعت في وجوه قراءته أكثر تخليطا ولا أشد اضطرابا منه لأنه يستعمل في الحرف ما يدعه في نظيره ثم يؤصل أصلا ويخالف إلى غيره بغير علة ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز بإفراطه في المد والهمز والإشباع وإفحاشه في الإضجاع والإدغام وحمله المتعلمين على المذهب الصعب وتعسيره على الأمة ما يسره الله تعالى وتضييقه ما فسحه ومن العجب أنه يقرىء الناس بهذه المذاهب ويكره الصلاة بها ففي أي موضع يستعمل هذه القراءة إن كانت الصلاة لا تجوز بها وكان ابن عيينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرفه أو ائتم بإمام يقرأ بقراءته أن يعيد ووافقه على ذلك كثير من خيار المسلمين منهم بشر بن الحارث والإمام أحمد بن حنبل وقد شغف بقراءته عوام الناس وسوقتهم وليس ذلك إلا لما يرونه من مشقتها وصعوبتها وطول اختلاف المتعلم إلى المقرىء فيها فإذا رأوه قد اختلف في أم الكتاب عشرا وفي مائة آية شهرا وفي السبع الطوال حولا ورأوه عند قراءته مائل الشدقين دار الوريدين راشح الجبين توهموا أن ذلك لفضله في القراءة وحذقه بها وليس هكذا كانت قراءة رسول الله ولا خيار السلف ولا التابعين ولا القراء العالمين بل كانت سهلة رسلة وقال الخلال في الجامع عن أبي عبدالله إنه قال لا أحب قراءة فلان يعني هذا الذي أشار إليه ابن قتيبة وكرهها كراهية شديدة وجعل يعجب من قراءته وقال لا يعجبني فإن كان رجل يقبل منك فانهه وحكى عن ابن المبارك عن الربيع بن أنس أنه نهاه عنها وقال الفضل بن زياد إن رجلا قال لأبي عبدالله فما أترك من قراءته قال الإدغام والكسر ليس يعرف في لغة من لغات العرب وسأله عبدالله ابنه عنها فقال أكره الكسر الشديد والإضجاع وقال في موضع آخر إن لم يدغم ولم يضجع ذلك الإضجاع فلا بأس به وسأله الحسن بن محمد بن الحارث أتكره أن يتعلم الرجل تلك القراءة قال أكرهه أشد كراهة إنما هي قراءة محدثة وكرهها شديدا حتى غضب وروى عنه ابن سنيد أنه سئل عنها فقال أكرهها أشد الكراهة قيل له ما تكره منها قال هي قراءة محدثة ما قرأ بها أحد وروى جعفر بن محمد عنه أنه سئل عنها فكرهها وقال كرهها ابن إدريس وأراه قال وعبدالرحمن بن مهدي وقال ما أدري إيش هذه القراءة ثم قال وقراءتهم ليست تشبه كلام العرب وقال عبد الرحمن بن مهدي لو صليت خلف من يقرأ بها لأعدت الصلاة.
إغاثة اللهفان (1-160)


منتديات الاقصى
* أعتذر عن التصاق بعض الكلمات ببعضها في النص أعلاه.

المهاجر7
04-29-2008, 09:35 PM
قال الإمام بن الجزري رحمه الله.
والأخذ بالتجويد حتم لازم ..........من لم يجود القرآن آثم
لأنه به الإله أنزل.................وهكذا منه إلينا وصل
والله أعلم

أبو مُحمد
04-29-2008, 10:02 PM
السلام عليكم ..
بارك الله فيك أخي المهاجر للمتابعة .
.
.
اعلم يا أخي ان للبيت الذي اوردته لابن الجزري رواية أخرى صحيحة ثابتة تقول "ومن لم يصحح القران آثم".
وحتى لو قلنا انه قال "يجود" سنقول هو بيت شعر وليس فيه دليل لا من الكتاب ولا من السنة.

والتجويد معناه التحسين وهيمرحلة ما بعد الاتيان بالحرف من مخرجه صحيحا والنطق بالكلمات دون لحن فيها.

فمن قرأ "خيرا يره" ولم يدغم التنوين والذي هو نون ساكنة في الياء التي جاءت بعدها فقرأها كما هي فهو ليس بآثم لانه لم يخالف ما وصل الينا منق راءة الرسول عليه لاصلاة والسلام واصحابه رضي الله عنهم.


نعم ان التجويد مهم ولكنه ليس بفرض ولا بواجب ولا يؤثم من قرأ القران بشكله لاصحيح دون ان يأتي باحكا التجويد التي نعرفها الان من اخفاء وادغام وغيرها الكثير.

ولكن في نفس الوقت ان بعضا من احكام التجويد هي اصلا موجودة في الكلمات ومنها المد الطبيعي والذي هو فتحة يأتي بعدها الف او ضمة يأتي بعدها واو أو كسرة تأتي بعدها ياء فهذا ومن اسمه نعلم انه طبيعي ويسمى ايضا المد الاصلي.

واكر ان تعلم التجويد واحكامه مهم وهو من الزيادة في الخير ولكن يا أخي اني احزن ان يُهجر القران لان الكثير من الناس تظن ان التجويد هو الاصل وانهم ان لم يقرؤا به أثموا بل ان البعض يقول لا اقرا القران لاني "أكسره" او ما شابه من الافكار التي اصبحت عائقا في وجه الكثيرين.

او ان نجد ان الكثيرين استغنوا عن القراءة بالاستماع لبعض القراء والمقرئين وهو خير باذن الله ولكن هذا لا يغني عن القراءة والتدبر.

نقول لهم اقرؤوا القران ولا تهجروه فان اصبتم فلكم الاجر وان صعب عليكم فلكم اجران اجر القراءة واجر التعتعة كما ورد في الحديث الشريف.

وان بقيت ساضيف موضوعا عن فضل قراءة القران الكريم.


والله تعالى اعلم

المهاجر7
04-30-2008, 09:13 PM
القول السديد


فى بيان حكم التجويد


لصاحب الفضيلة الاستاذ الكبير


الشيخ/ محمد بن على بن خلف الحسينى الشهير بالحداد


شيخ عموم القراء والمقارىء بالديار المصرية


***************
الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب وتكفل بحفظة وتعبد الأمة المحمدية بفهم معانية وإقامة حروفه وتصحيح لفظه ؛ فهو كتاب عزيز لاياتيه الباطن من بين يديه ولا من خلفه 0والصلاة والسلام على أفضل نبى بلغ وأنذر وبشر ، وعلى آلة وأصحابة خير من تلقى القرآن وعن ساعد الجد شمر0 حتى وصل إلينا مصونا عن الخطأ والتحريف ، ومحفوظا من التغير والتبديل والتصحيف0
و(بعد) فيقول العبد الفقير الذليل الحقير محمد بن على بن خلف الحسينى الشهير بالحداد : قد وجه إلى سؤال عن حكم قراءة القرآن الكريم بدون تجويد وحكم الاكتفاء بأخذه من المصاحف بدون معلم فأقول وبالله التوفيق والهداية ، إلى أقوم طريق
إعلم أن تجويد القرآن الكريم واجب وجوبا شرعيا يثاب القارىء على فعله ويعاقب على تركه ، فرض عين على من يريد قراءة القرآن لأنة نزل على نبينا صلى الله علية وسلم مجودا ووصل إلينا كذلك بالتواتر قال الأمام الشمس بن الجزرى فى مقدمتة :


والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرءآنى فهوآثم


لأنه به الإله أنزلا وهكذا منه إلينا وصلا
وفى النشر عن الضحاك قال قال عبد الله بن مسعود : ( جودوا القرءآن وزينوا بأحسن الأصوات وأعربوه فإنه عربى والله يحب أن يعرب به )
ولاشك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معانى القرأن وإقامة حدوده هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة عن أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التى لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها .
وقال الشيخ أبو عبد الله نصر الشيرازى بعد ذكره الترتيل والحدر ولزوم التجويد فيهما مانصة : حسن الأداء فرض فى القرآن ويجب على القارىء أن يتلو القرآن حق تلاوته صيانة للقرآن عن أن يجد اللحن إليه سبيلا لإنة لا رخصة فى تغيير لفظ القرآن وتعويجه واتخاذ اللحن سبيلا إلية قال الله تعالى (قرآنا عربيا غير ذى عوج) اهـ .
وقد نص الفقهاء على أن القارىء لوأفرط فى المد والإشباع حتى ولد حرفا أو أدغم فى غير موضع الادغام حرم عليك ذلك لأنة عدول بة عن نهجه القويم ومراعاة نهج القرآن الذى ورد به واجبة وتركها حرام مفسق وقد نقل العلامة الشيخ عبد الباقى المالكى فى شرحه على متن الشيخ خليل أن العلماء اتفقوا على أن القراءة بالتلحين إنأخرجت القرآن إلى كونه كالغناء بإدخال حركة فيه أوإخراج حركة منة أو قصر ممدود أو مقصور أو تمطيط يخفى اللفظ أو يلتبس به المعنى حرام والقارىء0 بها فاسق والمستع لها آثم اهـ .
ونقل شراح الحديث مثله عن مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنة فقد بان لك أن مراعاة تالى كتاب الله تعالى التجويد المعتبر عند أهل القراءة أمر واجب بلا امتراء وأن غير ذلك زور وإفتراء وأنه يجب تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين فيما يقع لهم من اللحن والخطأ فى كلام رب العالمين ، ومما يدل لذلك قولة تعالى (ورتلناه ترتيلا) فقد فسر الإمام على الذى هو باب مدينة العلم الترتيل فى هذة الآية بمراعاة الوقوف وتجويد الحروف فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربى الفصيح وعدل عنه إلى اللفظ الفاسد العجمى أو النبطى القبيح استغناء بنفسه واستبدادا برأيه وحدسه واتكالا على ما ألف من حفظه أو استكبارا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على تصحيح لفظه فإنة مقصر بلا شك وآثم بلا ريب وغاش بلا مرية فانالقرآن أنزل بأفصح اللغات وهى لغة العرب العرباء فوجب أن يراعى فيه لغة العرب من حيث قواعدهم من ترقيق المرقق وتفخيم المفخم وإدغام المدغم إلى غير ذلك مما هو لازم فى كلامهم فإذا لم يراع القارىء ذلك فكأنة قرأ القرآن بغير لغه العرب والقرآن ليس كذلك فهو ليس بقارىء بل هادم وعدم قراءته خير له وهو بها داخل فى قوله صلى الله علية وسلم ( رب قارىء للقرآن القرآن يلعنه ) أما ما قيل أن القارىء إن أخطأ فى قراءتة فإن الملك يرفع القرآن صحيحا فهذا فى من يقرأ القرآن على غير صفته التى نزل بها وهو قادر على النطق بالصواب أما هو فقراءته غير مقبوله لأن الله لا يقبل عملا فاسدا فضلا عن كونه محرما بل هو آثم عاص هو ومن يعجبة شأنه ، والتجويد هو إخراج كل حرف من مخرجه وحيزه مع إعطائه صفته اللازمة له من شدة وجهر واستعلاء واستفال ونحوها وما ينشأ عنها من تفخيم مستعل وترقيق مستفل وقلفلة مقلقل إلى غير ذلك وإلحاق اللفظ بنظيره والنطق به على حال صفته وكمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف ولا إفراط ولا تفريط ولاتكلف حتى يقرأ القرآن على صفته التى نزل بها وإلى ذلك أشار النبى صلى الله عليه وسلم بقوله ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد) يعنى عبد الله ابن مسعود وكان رضى الله عنه قد أعطى حظا عظيما فى تجويد القرآن وتحقيقه كما أنزله الله تعالى وناهيك برجل أحب النبى صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه ولما قرأ أبكى رسول الله عليه وسلم كما ثبت فى الصحيحين وعن أبى عثمان النهدى قال صلى بنا ابن مسعود المغرب بقل هو الله أحد والله لوددت أنة قرأ سورة البقرة من حسن صوته وترتيله 0 وهذه سنة الله تبارك وتعالى فيمن يقرأ القرآن مجودا مصححا كما أنزل تلتذ الاسماع بتلاوته وتخشع القلوب عند قراءته حتى يكاد أن يسلب العقول ويأخذ بالألباب سر من أسرار الله تعالى يودعه من يشاء من خلقه اهـ مختصرا .
واذ قد علمت أن التجويد واجب وعرفت حقيقته علمت أن معرفة كيفية الأداء والنطق بالقرآن على الصفة التى نزل بها متوقفة على التلقى والأخذ بالسماع من أفواة المشايخ الآخذين لها كذلك المتصل سندهم بالحضرة النبوية لأن القارىء لايمكنه معرفة كيفية الادغام والاخفاء والتفخيم والترقيق والامالة المحضة أو المتوسطة والتحقيق والتسهيل والروم والاشمام ونحوها إلا بالسماع والاسماع حتى يمكنة أن يحترز عن اللحن والخطأ وتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا ، إذا علمت ذلك تبين لك أن التلقى المذكور واجب لان مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم ولأن صحة السند عن النبى صلى الله عليه وسلم عن روح القدس عن الله عز وجل بالصفة المتواترة أمر ضرورى للكتاب العزيز الذى لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة تنزيل من حكيم حميد ليتحقق بذلك دوام ما وعد به تعالى فى قوله جل ذكره ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لايكفى بل لايجوز ولو كان المصحف مضبوطا 0 قال الإمام السيوطى ( والأمة كما هم متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بفهم معانى القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من الأئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية) اهـ .
فقوله على الصفة المتلقاة من الأئمة الخ صريح فى أنه لا يكفى الأخذ من المصاحف بدون تلق من أفواة المشايخ المتقنين ويدل له ما أخرجه سعيد بن منصور فى سننة والطبرانى فى كبيره بسند معتبررجاله ثقات عن مسعود بن زيد الكندى قال كان ابن مسعود يقرىء رجلا فقرأ الرجل ـ إنما الصدقات للفقراء مرسلة ـ أى من غير مد فقال ابن مسعود ما هكذا أقرانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن قال أقرأنيها – إنما الصدقات للفقراء- فمد الفقراء اهـ .
والمد مقدر بحركات معلومه عند القراء لايعرف إلا بتوقيف المعلمين ولو كان الأخذ من المصاحف كافيا لكان مقتضى الرسم العثمانى صحيحا فى القراءة فى كل موضع وليس كذلك بل قد يخل بها فى مواضع خالف فيها خط المصحف أصول الرسم العربى إخلالا بينا كما فى قولة تعالى – أو يعفوا الذى بيده عقدة النكاح – إذ رسم بعد واو يعفوا ألف ومقتضاه أنه بصيغة التثنية وكقوله ويدع الانسان – إذ رسم بلا واو فربما قرىء يدع بتحريك الدال وقوله تعالى – سندع الزبانية – كذلك قوله تعالى – ولا أوضعوا خلالكم – فقد كتب بألف بين لا وأوضعوا .
وربما قرىء بصيغة النفى فينقلب المعنى انقلا با فاحشا من الاثبات المؤكد إلى النفى المحض إلى غير ذلك مما ضبطه أهل الرسم العثمانى وهو توقيفى كاللفظ لا يجوز إلا خلال به وإن خالف مشهور الرسم فالحاصل أنه لابد من التلقى من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين على ما تقدم ولا يعتد بالأخذ من المصاحف بدون معلم أصلا ولا قائل بذلك ومرتكبة لاحظ له فى الدين لتركه الواجب وارتكابه المحرم هذا محصل ما كتبه فى هذا الموضوع من فطاحل الأئمة من يوثق بقولهم ومن جهابذة الأمة من يؤخذ برأيهم 0فى المعقول يرجع إليهم وفى المنقول يعتمد عليهم وهم المغفور لهم شيخ الإسلام الشيخ محمد الانبابى الشافعى وشيخ القراء والمقارىء خاتمة المحققين الشيخ محمد المتولى الشافعى ووراث علمه وفضله الشيخ حسين بن خلف الحسينى المالكى وشيخ المشايخ أحمد الرفاعى المالكى والعلامة الشيخ عبد الهادى نجا الأبيارى والعلامة الشيخ محمد البسيونى المالكى والعلامة الشيخ مصطفى القلتاوى المالكى والأستاذ الكبير عبد الرحمن البحراوى الحنفى والعلامة الشيخ أحمد الدين المرصفى الشافعى والعلامة الشيخ أحمد المنصورى المالكى والعلامة الشيخ عبد العاطى الخليلى الحنفى0 وأيضا أخرج البخارى عن مسروق عن عائشة عن فاطمة رضى الله عنها أنها قالت : أسرإلى النبى صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضى ( أى يدارسى ) بالقرآن فى كل سنة مرة فعارضنى العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلى اهـ .
قيل كان النبى صلى الله عليه وسلم يعرض على جبريل القرآن من أوله إلى آخره بتجويد اللفظ وتصحيح إخراج الحروف من مخارجها ليكون سنة فى الأمة فتعرض التلامذة قراءتهم على الشيوخ اهـ .
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم ( يقال – أى عند دخول الجنة وتوجة العاملين إلى مراتبهم حسب مكاسبهم – لصاحب القرآن – أى من يلازمه بالتلاوة والعمل لا من يقرؤة وهو يلعنه- إقرأ وارق – أى إلى درجات أو مراتب القرب – ورتل – أى لاتستعمل فى قراءتك فى الجنة التى هى لمجرد التلذذ والشهود الأكبر كعبادة الملائكة – كما كنت ترتل – أى قراءتك وفيه إشارة إلى أن الجزاء على وفق الأعمال كمية وكيفية – فى الدنيا – من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف الناشىء عن علوم القرآن ومعارف الفرقان – فان منزلتك عند آخر آية تقرؤها ) كذا ذكره على القارى فى شرح المشكاة .
والحاصل أن تحرير رسوم الحروف والكلمات ومخارج الحروف والصفات وترتيب السور والآيات والقراءات المتواترات توقيفى لأن جبريل عليه السلام أخبروعلم النبى عليه الصلاة والسلام كل هذه الأحكام فى العرضة الأخيرة لتبقى العرضة على الشيوخ فى الأمة اتباعا له عليه الصلاة والسلام وليأخذوا القرآن بكمال الأخذ عن أفواة المشايخ المتصلة إلى الحضرة النبوية وليصل إليهم الفيض الإلهى والأسرار القرآنية والبركات الفرقانية فإنها لاتحصل إلا بتعلمهم القرآن من أفواة المشايخ المسلسلة وليكون كمال الثواب بعرضهم القرآن على المشايخ فإن الله تعالى لايكتب الثواب لقارىء القرآن بغير التعلم بل يعذبه.
فإن الإنسان يعجز عن أداء الحروف بمجرد معرفة مخارجها وصفاتها من المؤلفات مالم يسمعه من فم الشيخ فكيف لا نتعلم القرآن مع كثرة جهلنا وعدم فصاحتنا وبلاغتنا من المشايخ الماهرين فى علم التجويد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال فصاحته ونهاية بلاغته تعلم القرآن عن جبريل عليه السلام فى جمع من السنين خصوصا فى السنة الأخيرة التى توفى فيها ومع أفضليته على جبريل عليه السلام والعجب من بعض علماء زماننا فإنة إذا وجد أهل الأداء فى أعلى المراتب تعلم منه وفى أدنى المراتب لا يتعلم منة إستكبارا عن الرجوع إليه كما قال صاحب تهذيب القرآن قد رأينا بعض من لايقدرعلى قراءة القرآن قدر ما تجوز به الصلاة وهو قد يتصدى التقوى وقد هدم التقوى من أساسها ويتورع عن الشبهات ويفسد الصلاة كل يوم خمس مرات ويتخذ وردا من القرآن يريد أن يعبد الله تعالى بالسيئات ثم إنه يستحى من الناس أن يقعد بالعمامة الكبرى ورداء العلماء بين يدى معلم من أهل الأداء فإن ذلك من وظائف المبتدئين وهو قد صار من المدرسين الفضلاء وقال بعضهم إن أكثر علماء زماننا يشتغلون بعلوم غير نافعة ويتركون الأهم والألزم لهم كالذين يهتمون بالأشتغال بالعلوم الآلية مدة حياتهم بل يفنون أعمارهم فيها ثم يفتخرون ويتكبرون بسببها ويحسبون أنهم يحسنون صنعا فما ظنك فى حق العلم الذى تكون ثمرته ونتيجته عجبا وكبرا فنسأل الله تعالى لى ولكم أن يجعلنان الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وأخرج البخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنة قال قال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى إن الله يأمرنى أن أقرأ عليك القرآن ( أى أعلمك القراءة ) قال أ ُبَى آ الله سمانى لك قال الله سماك فجعل أ ُبَى يبكى ويقال أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ليعلم أبيا أحكام التجويد من المخارج والصفات وأحكام القراءآت المتوترات كما أخذه نبى الله عن جبريل عليهما الصلاة والسلام ثم بذل جهده وسعى سعيا بليغا فى حفظ القرآن وما ينبغى له حتى بلغ من الإمامة فى هذا الشأن الغاية العظمى قال عليه الصلاة والسلام ( أقرؤكم أبُـَى ) ثم أخذه على هذا النمط الآخر عن الأول والخلف عن السلف وقد أخذ عن أبى بشر كثيرون من الصحابة والتابعين فمن الصحابة أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب ومن التابعين عبد الله ابن عياش بن أبى ربيعة وعبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمى وأبو العالية الرياحى وكثيرون غيرهم ثم أخذ عنهم من بعدهم هكذا فسرى فيه سر تلك القراءة عليه حتى سرى سره فى الأمة إلى الساعة ولذا قيل :-
من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة


يكن عن الزيغ والتصحيف فى حرم
ومن يكن آخذا للعلم من صحف
فعلمة عند أهل العلم كالعدم
وقد انتهى إلى الإمام أبُـَى رضى الله عنه أسانيد تسعة من الأئمة العشرة المتواترة قراءتهم إلى اليوم وهم نافع وأبو جعفر المدنيان وبن كثير الملكى وأبو عمرو ويعقوب البصريان وعاصم وحمزة والكسائى وخلف الكوفيون وكذلك سند الامام محمد بن محيصن الملكى والامام اليزيدى فى اختياره وهما من الأربعة الذين بعد العشرة اهـ
وقال بعض المشايخ من اتخذ وردا من القرآن أو الأسماء فعليه أولا أن يصحح
مخارج الحروف والصفات فإنة لايجد تأثيرا من قراءتة ولا يصل إلى مطلوبه مالم يصحح المخارج والصفات لأن الخصائص الأسرار لاتحصل إلا بصحة المعانى والمعانى لاتحصل إلا بصحة الحروف والحروف لا تحصل إلا بصحة المخارج والصفات وكلما تغيرت الصفة اللازمة للحروف تغيرت اللغة وكلما تغيرت اللغة تغيرت المعانى والأسرار اهـ
وقال ابن حجر إعلم أن كل ما أجمع القراء على إعتباره من مخرج ومد وإدغام وإخفاء وإظهار وغيرها وجب تعلمه وحرم مخالفته كذا ذكره على القارىء اهـ وحكى عن ظهير الدين المرغينانى ان من قال لقارىء زماننا عند قراءتة أحسنت يكفر ووجه جعل التحسين كفرا أن هذا الزمان قلما تخلوا قراءتهم فى المجالس والمحافل عن التغنى للناس وهو حرام قطعا بالإجماع وبذلك سماه صاحب الذخيرة وكذا الهداية حيث قال فيها ولاتقبل شهادة من يغنى للناس لأنه يجمعهم على إرتكاب كبيرة اهـ.
وينبغى أن يقيد قوله بكفر من قال أحسنت بما إذا أخرج القارىء القرآن عن حده والقارىء المعتمد ذلك أولوى والحاصل أن القرآن وأسماء الله تعالى والأذان توقيفية لاتقبل الزيادة ولا النقصان ولا التغير وإنه يجب على السامع النكير وعلى التالى التعزير .
انتهى ببعض تصرف وإختصار من مصباح زادة وخزينة الأسرار0 وفى هذا القدر كفاية0


والله ولى الهداية 0 نسألة حسن الختام، بجاه نبيه عليه الصلاة والسلام


22شعبان سنة1349هـ
11يناير سنة 1931م

أبو مُحمد
05-04-2008, 10:28 PM
السلام عليكم أخي المهاجر ..
بارك الله فيك لهذا النقل والذي لن أقرأه كله لطوله :)

يا أخي المهاجر اني من المولعين باحكام التجويد ووفقني الله تعالى للتمكن من بعض فروعه فلاطبيعي ان أسوق لما انا به مولع وليس العكس ولكن الحق احق ان يتبع وهذا منهجي.

لا نقول يا أخي بترك التجويد ونقصد بالتجويد هنا التفاصيل التي تثقل المهمة على المسلم الذي يريد قراءة القران بل انا نقول ان كان التجويد يقصد به الاتيان بالرحوف والصفات صحيحة دون انقاص او زيادة فهذا هو الاصل في قراءة القران الكريم وان اريد بها تلك التفاصيل التي ذكرناها فيطلب من كل مسلم اما ان يقرأ بها واما ان يأثم فهذا ما ليس عليه دليل وانا شخصيا اعلم مشائخ كبار وسمعت تسجيلا نادرة لهم وأخذوا القران بالتواتر عمن قبلهم من اعلام ولم نسمعهم يقرؤون بالاحكام التي نعلمها اليوم ولم يقولوا بان من لا يقرا بها آثم .

راينا كيف انهم اخلصوا لله عز وجل وتدبروا القران دون افراط ولا تفريط ودون تنطع فوفقهم الله تعالى واصبحوا اعلاما ومنارات على الطريق جزاهم الله عنا خيرا.

وكما قلت سابقا ان الزام الناس باحكام التجويد هو من المعوقات ونحن اليوم نريد الناس ان تقرا فقط وباي شكل وباذن الله ستنشرح صدورهم تدريجيا لحب قراءة القران لا ان تكون قراءة القران بالانابة فيكفي ان استمع لمقرئ أو قارئ صوته جميل وانتهى الامر ...

اعذرني فكتابتي متداخلة فاني متعب ونعسان :)

والسلام عليكم