تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بين احتمالات الانفصال والكونفيدرالية... رؤية صهيونية لمستقبل العراق



مقاوم
04-29-2008, 01:35 PM
بين احتمالات الانفصال والكونفيدرالية... رؤية صهيونية لمستقبل العراق
كتب أ. أحمد الغريب

http://qawim.net/exq.gif مستقبل العراق وما يحدث فيه، ليس محل الاهتمام العربي والأمريكي فقط بل بات من الواضح أن العين الإسرائيلية تراقب بدقة وترصد ما يحدث في هذا البلد العربي، نظراً لما لهذا المستقبل من تداعيات وانعكسات مباشرة وغير مباشرة على الكيان الصهيوني، وهو ما دفع "عوفرا بنجو" أستاذة زائرة بقسم تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل-أبيب وكبيرة الباحثين بمركز ديان بإعداد دراسة خاصة لمركز بيجين- السادات للدراسات والبحوث الإستراتيجية حملت عنوان "العراق الجديد ما بين الانفصال والكونفيدرالية"، تحدثت فيها عن الرؤية الصهيونية لمستقبل العراق في ظل الاحتلال الأمريكي وسط احتمالات تقسيمه لعدة دويلات مستقلة.

فرص ضئيلة نحو إعادة العراق لما كان عليه:
في بداية دراستها تناول الباحثة الصهيونية عن المشكلات التي واجهت العراق في الماضي، مشيرة إلي أن هناك تضارب في الآراء بشأن وجود أسباب لما يحدث في العراق منذ عام 2003م، حيث توقع الكثيرون انقسام الدولة وقالت: كان هناك مدرستان الأولى: ترى أن ذلك نتيجة لأسباب جوهرية متأصلة داخل العراق، كانت ستظهر حتماً على السطح إما عاجلاً أو آجلاً، والثانية : تُرى أن الاحتلال والأسلوب الفاشل الذي تُدار به الدولة، هما المسئولان الرئيسيان عن الوضع في العراق.

وقالت الباحثة أريد أن أضيف رأياً يجمع بين تلك الآراء والادعاءات السابقة، وهو أن التشابك المدمر بين المشاكل الجوهرية من جهة وبين الإدارة الفاشلة من جهة أخرى، هو منبع الأزمة الرئيسي، ومن هنا أرى أنه حتى ولو قامت الولايات المتحدة، ومعها حلفائه، بتغيير سياستهما تماماً، فإن فرصة إعادة العراق الى ما كان عليه في السابق ستكون فرصة ضئيلة جداً.

مشيرة إلى أن دراستها ستتمحور حول دراسة عدد من تلك المشكلات الجوهرية، ومدى تأثيرها على استقرار ومسيرة الدولة، وهي أنه ومنذ قيام الدولة العراقية، وقادتها يواجهون مشاكل تتعلق بالحفاظ على وحدة أراضي الدولة، وكذلك الهوية والنزعة القومية، ويأتي بعد ذلك طريقة توزيع المناصب و الموارد بين مختلف الطوائف العراقية، وأخيراً القدرة على تحقيق وحدة داخلية تسمح للعراق بالعمل على الصعيدين الداخلي والخارجي ككيان واحد، مشيرة إلي انه من الصحيح آن مثل تلك المشاكل واجهت العديد من الدول الاخرى التي قامت على انقاض الإمبراطورية العثمانية، إلا أن العراق تميز بأن تلك المشاكل زادت حدتها بمرور الوقت.

كما أشارت إلي أن أولى المشاكل الجوهرية الهامة تتمثل في كون العراق دولة متعددة الطوائف والأعراق، وهناك من يرى أن هذا الامر لا يمثل مشكلة جوهرية، بزعم أن العديد من الدول كانت تشهد تعدداً في الطوائف في بداياتها، ولكنها نجحت بمرور الوقت في لم شمل سكانها تحت هوية قومية واحدة مثل الأردن، ولكني أرد عليهم بأن هذا لم يحدث في العراق، فالعراق لم ينجح في اجتياز هذا العائق وظل يعاني الطائفية، مدللة على ذلك بالاستطلاع الذي أجراه باحث كردى بين أوساط الأكراد الذين يمثلون 20% من سكان العراق، تناول مسألة الانتماء للعراقية الكردية، والانتماء للوطن العراقي، وأفادت نتيجة الاستطلاع بأن أغلب الأكراد يرون أنفسهم أكراد قبل كل شيء.

وقالت أن المشكلة الثانية فهي ذات صلة بالمشكلة الأولى، وربما توازيها في الأهمية أيضا، ألا وهي مشكلة التمييز الإجتماعي في العراق، الذي يتميز بوجود فروق دينية وعرقية، اتسعت بمرور الوقت نتيجة وجود نظام مركزي في بغداد، فيما أما تتمثل المشكلة الثالثة في سيطرة الأقلية السنية على الشيعة في حكم العراق، ونجد ان المحاولات التي قام بها مختلف حكام العراق مختلف حكام العراق-وخاصة النظام البعثي، لدمج الشيعة في الحكم والتأكيد على علمانية الدولة، لم تساعد على إزالة الشعور بالإحباط لدى الشيعة، مما أدى الى تهميش دورهم الاجتماعي والسياسي في الدولة، وقالت أن هناك من يرى أن اعتماد العراق اقتصادياً على النفط فقط، شكل عائقاً أمام نمو مجتمعها ديمقراطياً،وذلك نتيجة أن سكان العراق اعتادوا على الاعتماد على ما تمنحه لهم الدولة، حيث لم يعتادوا على دفع الضرائب، ولم يعتادوا على محاسبة النظام طالما يعيشون في كنفه.

ونوهت الباحثة الصهيونية إلي أن مشكلة العنف تحولت هي الأخرى إلى مشكلة جوهرية نتيجة لأحداث تاريخية وسياسية واجتماعية مختلفة، هذا وقد تحول العنف إلى السمة المميزة للعراق عن سائر الدول العربية الأخرى، ومع ذلك يجب أن نوضح أن هذا العنف لا يعني عدم وجود حركة ثقافية وأدبية متشعبة في العراق، وهذه هي إحدى المتناقضات التي تميز العراق منذ فجر التاريخ، فمن جهة يُعد العراق مهد الثقافة الإنسانية، ومن جهة أخرى شهد العراق عبر تاريخه أعمال عنف خطيرة جداً، وبالإضافة إلى جميع تلك المشاكل التي ذكرناها، يواجه العراق أيضا مشكلة جيو-استراتيجية منذ إقامة الدولة، ألا وهي أن مساحة العراق يزيد عن 400 ألف كم، ورغم ذلك لا تزيد شواطئه البحرية عن عشرات الكيلومترات فقط، مما جعلها أسيرة للدول المجاورة لها، نتيجة اعتمادها على التصدير بشكل كبير كونها دولة نفطية، هذا وقد تعرض العراق في الماضي لقيام بعض الدول بإغلاق خطوط النفط العراقية المارة بأراضيه، مما سبب خسائر اقتصادية فادحة له، ومن الأمثلة على ذلك غلق خط أنابيب النفط العراقي-السوري عام 1982م أثناء الحرب العراقية-الإيرانية، وإغلاق خط الأنابيب العراقي-السعودي، العراقي-التركي عقب الغزو العراقي للكويت عام 1990 م، هذا ونجد أن جميع تلك المشاكل لم تُحل مع وجود الاحتلال، بل زادت حدة عدد منها، فالسقوط المفاجئ للنظام البعثي في إبريل 2003 م وضع العراق أمام تحديات ضخمة، لا تقل خطورة عن تلك التي واجهت العراق عند إقامة الدولة عام 1920 م، حيث فُرض على العراق التعامل بشكل سريع مع ثلاثة أمور، أولها استقرار نظام الحكم، ثم بناء الدولة، و تشكيل القومية.

ولكن جميع المشاكل التي ذكرناها حالت دون رسم شكل العراق الجديد، ونجد أن الانتقال إلى نظام الحكم الديمقراطي-وفقاً لرؤية بوش وحلفائه-تم بشكل حاد ومفاجئ، وجاء مخالفاً لرؤية كل من، أولاً السنة : الذين رأوا أن مثل هذا النظام سيؤدي إلى إقصائهم عن الحكم الذي ظل في أيديهم لمئات السنين، وثانيا الرؤية الشيعية : التي رأت أن الديمقراطية في العراق تعني سيطرة الأغلبية الشيعية، ثم يتبع ذلك الرؤية الكردية : المتطلعة الى الحصول على الاستقلال الكردي ضمن كونفيدرالية، ورغم سن الدستور الجديد وإجراء انتخابات حرة في نهاية عام 2005م، الا أن الصدام بين الطوائف الأربعة استمر حتى بعد إقامة حكومة دستورية منتخبة، وأدى ذلك الصدام في الرأي إلى حدوث مصادمات عنيفة بين السنة والشيعة، مما حال دون تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار الذي يسمح بالانتقال إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة بناء الدولة.

وأشارت الباحثة عوفرا بنجو إلى أن مهمة بناء الدولة واجهت مشاكل قديمة وأخرى جديدة مثل المشاكل التي واجهت الأمريكيون الذين خلفوا البريطانيين كبُناة للعراق الجديد، حيث واجهوا مشاكل أصعب وأشد تعقيداً من تلك التي واجهت سابقيهم، فالبريطانيين عندما احتلوا العراق، كان العراق آنذاك ما يزال أرضاً بكراً، بينما كان على الأمريكيين هدم وإعادة بناء تلك الدولة ذات الثمانين عاماً مرة أخرى، أما البريطانيون تعلموا الدرس سريعاً وسحبوا قواتهم البرية، أما الأمريكيين فقد قاموا بزيادة تدخلهم هناك، كما أن البريطانيون نجحوا في تحويل بغداد إلى مركز للحكم، أما الأمريكيون فلم ينجحوا في ذلك.

هذا ونجد أيضا أن المشكلة الأخطر التي يُدار حولها الصراع الآن تتعلق بشكل الدولة، وهل ستكون دولة موحدة مثلما كان الحال لسنوات طويلة أم ستتحول الى دولة فيدرالية، مما سيخلق نموذجاً جديد تماماً لنظام الحكم في المنطقة.

صراع عربي – كردي:

ونوهت الباحثة إلى أن المهمة الأكثر صعوبة من بناء العراق الحديث، هي بالطبع بناء قومية عراقية، ورغم عدم وجود نوايا جلية بشأن تقسيم العراق، إلا أن هذا هو ما يحدث بالفعل حالياً، وهذا بسبب أنه منذ بدايات العراق، وهناك على الأقل طائفتان عرقيتان تتصارعان هما العراقية العربية والعراقية الكردية، وكانت العراقية الكردية لفترة طويلة تعاني الضعف، ولكن شهد العقد الأخير، وخاصة الخمس سنوات الماضية التي أعقبت الغزو الأمريكي- نشاطات كردية لا يمكن إيقافها، ويمكننا القول بأن تنامي الحركة القومية الكردية بالعراق يعكس بقوة مدى الضعف الذي وصل إليه العالم العربي، وعدم قدرته على مساعدة القطاع العربي في العراق لتمكينه من موصلة لعب دوره، وعلى ضوء ذلك يمكننا القول بأن عملية بناء قومية عراقية لم تتم كما يجب حتى وقتا هذا، ولكن الواقع يبين أننا نشهد حالياً تطور شكل الدولة ثنائية القومية، وربما يمكننا الذهاب أبعد من ذلك والقول بوجود دولتين ترتبطان بشكل هش بنظام حكم مركزي، وذلك من أجل الحفاظ على صورة الدولة الموحدة.

احتمالات الانقسام:
وفي القسم الثاني من الدراسة تناولت الباحثة عوفرا بنجو التحديات المستقبلية التي تواجه العراق فيما يتعلق بالزاوية الأمريكية، حيث قامت الولايات المتحدة باحتلال العراق في محاولة منها لإعادة تجربتها مع المانيا عقب الحرب العالمية الثانية، والتي نجحت خلالها واشنطن في تطبيق الديمقراطية هناك، ولكن كلما مر بنا الوقت نجد أن العراق يشبه بالنسبة لأمريكا، التجربة الفيتنامية وليس الألمانية، فالورطة العراقية تحتل صدارة اهتمام الأمريكيين، وأدت إلى انقسامهم وزادت من المطالب بالخروج من العراق، ولكن مع ذلك هناك مخاوف أمريكية من الخروج بشكل غير مخطط من العراق نتيجة لستة أسباب هي :

(1)-الخوف من نشوب حرب أهلية تجر العراق إلى حالة من الفوضى العارمة.
(2)-انقسام العراق إلى ثلاثة دول :سنية وشيعية وكردية.
(3)-فرار الجماهير العراقية إلى الدول المجاورة.
(4)-تعرض العراق لتوغل أو غزو من قبل الدول المجاورة له.
(5)- تصدير الإرهاب وعدم الاستقرار من العراق إلي دول الجوار الحليفة لأمريكا.
(6)-الإضرار بصورة أمريكا.

وقالت أنه إذا ما القينا نظرة سريعة على الخمس سنوات الأخيرة، سنجد أن هذه المخاوف قد تحولت بالفعل إلى واقع، وذلك على الرغم من الوجود الأمريكي في العراق، فالحرب الأهلية تسود العراق ووصلت إلى ذروتها عام 2006م، ووصل عدد القتلى العراقيين منذ بداية الحرب إلى ما يقرب من 600 ألف شخص، ورغم أن هناك العديد من العناصر ترى أن هذا العدد مبالغ فيه، إلا أن الواقع يشير إلى أن العديد من العراقيين قد طحنتهم هذه الحرب الأهلية، ولم يتمكن حتى أقوى جيش في العالم من إيقافها، كذلك فإن مسألة تقسيم العراق أصبحت هي الأخرى أمراً واقعياً، حيث تم الانقسام إلى دولتين كبيرتين بدلاً من ثلاثة دول هما، أولاً:العراق العربية: تضم المنطقة الغارقة في حرب طائفية بين السنة والشيعة، حيث أعتقد أن السنة لن يوافقوا أبداً على تقسيم هذه المنطقة إلى جزء سني وآخر شيعي.

وقالت الباحثة "أرى أن الصراع بين السنة والشيعة قد يستمر لوقت طويل نتيجة تقارب قوة كلا المعسكرين، ونتيجة لأن الصراع الطائفي الديني الدائر في العراق برز مؤخراً بشكل أوضح من الصراع القومي الذي ساد خلال القرن الماضي بين العرب والأكراد.
والثاني العراق الكردي : خلافاً للجزء العربي، نجد أن الجزء الكردي هو كيان مُتحد ومستقر ويشهد نمواً واستقراراً لم يسبق له مثيل،أما فيما يتعلق بفرار العراقيين إلى الدول المجاورة، فنجد أن هذا الأمر يجري تحت مرأى ومسمع من الأمريكيين، وهذا دليل آخر على عدم قدرة أمريكا على فعل شي، فهناك ما يقرب من مليوني لاجئ عراقي يقيمون في الدول المجاورة، معظمهم غادر العراق بعد الحرب،هذا وترى التوقعات المتشائمة أن هؤلاء اللاجئين يشكلون مصدراً لعدم الاستقرار من الدرجة الأولى للدول التي تستضيفهم، وفي المقابل أيضا نجد أن الدول المضيفة تحاول المبالغة في هذا الأمر للحصول على مزايا اقتصادية وسياسية مختلفة، وعلينا أن نعلم أيضا أنه إذا عاد هؤلاء اللاجئين الى العراق، فقد يشكلون هناك ايضا عنصر عدم استقرار، لأنهم سيدخلون دائرة الصراع في محاولة منهم لاستعادة ممتلكاتهم ومراكزهم التي فقدوها، أما فيما يتعلق بخطر توغل دول الجوار داخل الأراضي العراقية، فالواقع أن الوقت الحالي يشهد بالفعل قيام كل دولة من تلك الدول بخلق منطقة نفوذ لها داخل العراق، واكثر تلك الدول هي "إيران" التي تبنت منذ بداية الحرب سياسة "التوغل البطيء" إلى داخل العراق، ويساعدها في تنفيذ هذه السياسة الجماعات الشيعية الموالية لها منذ فترة حكم "البعث"، بالإضافة إلى ذلك هناك "تركيا" التي لها نفوذ عسكري واقتصادي ملحوظ في منطقة كردستان العراق، ومع ذلك فإني أؤكد على أن عمليات التمشيط التي تُجريها تركيا ضد عناصر PKK والتهديدات المتكررة، لن تتطور لتصل إلي قيام تركيا باحتلال كردستان العراق، فبوجه عام هناك مبالغة في الربط بين الوضع الغير مستقر في العراق، وبين تأثير ذلك على دول الجوار، لأني أرى أنه من المريح لتلك الدول بقاء الولايات المتحدة هناك، لأنها تتلقى عنهم ضربات المقاومة العراقية.

"إسرائيل" لم تحقق أي مكاسب:

ثم عادت الباحثة الصهيونية لكي تدعي أن التواجد الأمريكي في العراق لم يحقق مكاسب لإسرائيل، بل أدى إلى تصدير الإرهاب إلى لبنان وغزة ومناطق أخرى في المنطقة، أما فيما يتعلق بالإضرار بصورة الولايات المتحدة، فأنا أرى أن هذه الصورة أُضيرت بشدة فعلاًَ في أعقاب حرب الاستنزاف المتواصلة في العراق، لذا فمن غير المتوقع أن يؤدي بقاء القوات الامريكية هناك إلى تحسين تلك الصورة، وفي المقابل نجد أن هناك مخاطر ليست بالقليلة ترتبط ببقاء القوات الأمريكية في العراق تتركز في الآتي:

(1)- زيادة حدة المقاومة نتيجة الاحتكاكات المتكررة بين الجنود الأمريكيين والسكان العراقيين.
(2)- النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها دولة مستعمرة جديدة، وليست محررة للشعوب، مما سيزيد الدعاوى المطالبة بمقاومتها بكل قوة.
(3)- عدم قيام أي من العراقيين أو الدول المجاورة بتحمل جزءً من المسئولية، وترك الأمر للولايات المتحدة للقيام بدورهم.
(4)- تكلف الحرب الولايات المتحدة ثمناً باهظاً في الأرواح، وكلما استمرت الحرب، تلاشى الحلم الأمريكي للحصول على الذهب الأسود العراقي.
(5)- عدم تمكن الولايات المتحدة من توجيه انتباهها ومواردها لميادين أخرى في الشرق الأوسط تُعد أشد خطورة من العراق.

أمريكا ومأزق الخروج من العراق:

وفي القسم الثالث والأخير من الدراسة تحدثت الباحثة الصهيونية عوفرا بنجو الأستاذة الزائرة بقسم تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل-أبيب عن الخيارات المطروحة أمام الولايات المتحدة فى العراق ؟ مشيرة إلي أن أول تلك الخيارات تحديد موعد محدد للخروج من العراق، لكي تستعد مختلف العناصر لذلك، وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن عدم التأكد من نية أمريكا في الخروج من العراق يوماً من الأيام، هو الذي أدى منذ البداية إلى نشوب الحرب الأهلية الأليمة، والتي يحاول فيها كل طرف من الأطراف تحسين موقفه على حساب الطرف الآخر، وحتى في حال سحب أمريكا لقواتها من العراق فإنها لن تخرج تماماً من الصورة، بل يمكنها الأشراف على ما يحدث هناك بواسطة "الريموت كونترول" سواء من الخليج العربي أو من خلال قواتها الجوية، وفيما يتعلق بزعم "التخلي عن العراقيين" الذي يكثر الرئيس بوش استخدامه، أقول أن الولايات المتحدة يمكنها توجيه الموارد الضخمة-التي تخصصها حالياً للحرب، إلى تعمير وتطوير العراق، مما سيؤدي إلى تقليص"الإرهاب"، كما أن الولايات المتحدة يمكنها أيضا زيادة قوة دول الجوار مثل الأردن، من خلال الوسائل السياسية والعسكرية-لتمكينها من التصدي لأي محاولة لتصدير الخطر العراقي لأراضيها، ويمكننا أيضا أن نشاهد بارقة ضوء في حال الخروج الأمريكي من العراق، لأن العراقيين سيضطرون إلى ترميم وإصلاح وطنهم بأنفسهم، فمثلاً من المتوقع أن يقوم السنة الذين منحوا ملاذاً لتنظيم القاعدة-بطرد التنظيم من بينهم، وهو الأمر الذي لم ينجح حتى الأمريكيون في فعله، والشي ذاته قد يحدث إزاء علاقة شيعة العراق بإيران، حيث ستقوم بعض القيادات الشيعية العراقية بالتحرر من النفوذ الإيراني وذلك نتيجة للعداء التاريخي بين العرب والفرس، الذين يتصارعان على فرض سيطرتهما على أتباع المذهب الشيعي، كما أن تنامي المخاوف من تعاظم قوة الهلال الشيعي واتساع دائرة عدم الاستقرار في المنطقة، قد يتحولان إلى دافع لتعزيز علاقة "إسرائيل" بالدول العربية المعتدلة، وهو الأمر الذي بدأت بوادره تظهر حالياً، ونوهت إلي أن العراق شكل على مر العصور عنصراً غير مستقر بالمنطقة، فعندما كانت دولة العراق دولة قوية دخلت في حروب، وعندما ضعفت جلبت تدخلات أجنبية ألقت بآثارها على المنطقة بأكملها.

توقعات باستمرار الحرب في العراق:

وفي ختام دراستها أكدت باحثة مركز دايان الصهيوني أن تداخل المشكلات العراقية الجوهرية والسياسية، بالإضافة إلى التخبط وغياب استراتيجية طويلة المدى لدى الأمريكيين، تدل على أن الأحداث التي نشاهدها ستتواصل خلال المستقبل القريب أيضا، كما يجب أن نشير إلى أن الحرب الطائفية ستستمر نتيجة موروثات الماضي وضعف الحاضر، كما يجب ان نشير أيضا إلى أن العراق لن يعود دولة موحدة مثلما كان الحال طوال الثمانين عاماً الماضية، ولكنه سيصبح دولة ثنائية القومية أو دولة كونفيدرالية ضعيفة، وسيواصل تصدير عدم الاستقرار لجيرانه، ولكن هذه المرة ستكون ناتجة عن موقف الضعف، مشيرة إلي أن الرئيس بوش يواصل الإعلان بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من العراق حتى يتحقق النصر، رغم أنه في حقيقة لا يمكن الانتصار في هذه الحرب، وقالت في نهاية الأمر أقول أن العراقيين هم فقط الذين يمكنهم إعادة ترتيب بيتهم من الداخل، ولكن لن يحدث ذلك إلا بعد خروج القوات الأجنبية من العراق، ويجب أن يتم ذلك قبل أن تمر فترة طويلة أخرى من عدم الاستقرار والتخبط الداخلي.

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2569&Itemid=1