الزبون الملك

رامي زريق
في لبنان، كما في العديد من البلدان النامية، لا يخضع الاتجار بالسموم الزراعية واستخدامها لأية ضوابط تذكر. وبالرغم من صدور قرار وزاري لتنظيم استيراد المبيدات واستعمالها عام 1982، لا يزال تطبيق هذا القرار، كما هو الحال مع سائر القرارات التي تمسّ بصحة المواطن، ينتظر جهود الدولة والجهات المعنية.
تساهم المبيدات في التخلص من الآفات والأمراض الزراعية التي يمكنها أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في المحاصيل. وهناك شروط عالمية واضحة وصارمة تنظّم استعمال المبيدات، وذلك للحفاظ على صحة المستهلكين والعمال الزراعيين، بتخفيف كمية الرواسب التي تدخل الجسد، إمّا من خلال الأغذية أو من جرّاء تنشّق المواد السامة خلال رشّها على المحاصيل.
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن العمال الزراعيين في لبنان يعانون نسباً مرتفعة من التهابات الرئة والجهاز التنفسي ومن انقطاع الشهية ومن اضطرابات في نظام المناعة، نتيجة تعرضهم لرواسب المبيدات من جراء الاستعمال المفرط للسموم الزراعية، ومن غياب وسائل الوقاية الملائمة.
يعلم تجار المواد الغذائية ومصدّروها، وخاصة الفاكهة والخضار، أهمية الحد من الرواسب في الأطعمة، لأنها تعيق التصدير، إذ تفرض العديد من البلدان شروطاً صحية قاسية على المنتوجات المستوردة. لذلك سهّلت الدولة عملية الفحوص المخبرية وإصدار الرخص من خلال شركات أجنبية خاصة. أما المنتوجات التي تباع في السوق المحلية، فهي لا تخضع لأي نوع من الرقابة الصحية، وتكون بذلك الدولة قد عبّرت عن اهتمامها بصحة المستهلك في البلاد التي تستورد الأغذية في لبنان، وأهملت صحة مواطنيها، وهذه حالة طبيعية في وطن الخدمات و«الزبون هو الملك».


عدد الجمعة ٢٥ نيسان ٢٠٠٨