تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ



أبو مُحمد
04-18-2008, 08:50 PM
تفسير آية الاستئذان العام

أما بالنسبة للاستئذان العام فقد قال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ [النور:27-29]. فهذه أول آية من آيات الاستئذان، وهي آية الاستئذان العام التي أدب الله بها عباده المؤمنين، كان الرجل في الجاهلية إذا لقي أخاه لا يسلم عليه، بل يقول له: حييت صباحاً، وحييت مساءً ونحو ذلك، فأبدلهم الله خيراً من ذلك تحية أهل الإسلام، أنفع الخير والثناء وهي دعاء صالح وطيب، وهذا النهي في الآية وهو قوله: (لا تدخلوا) للتحريم، فمعنى ذلك: أن الدخول لا يجوز إلا بإذن؛ لما في ذلك من الاطلاع على العورات والتصرف في ملك الغير بغير إذن، وهذا نوعٌ من الغصب.



http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif


قوله تعالى: ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا )

http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
وقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27] معنى ذلك: أن الإنسان يدخل بيته متى ما شاء، وقد يسكن ملكه ويسكن في غير ملكه، فليست الإضافة هنا اختصاص الملك، فلو أنك استأجرت بيتاً، فهل يدخل في قوله تعالى: (( بيوتكم))؟ نعم. فهو بيت لك سواء استأجرته أو كان ملكاً لك، فتدخل فيها في أي وقتٍ ما دام بيتك، وقوله سبحانه: (( تَسْتَأْنِسُوا )) الاستئناس: من آنس شيئاً إذا أبصره ظاهراً أو مكشوفاً أو إذا علمه، وهذا الاستكشاف: هو العلم يكون بالاستئذان، وقد يكون الاستئناس ضد الاستيحاش، لأن الذي يقرع باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا؟ فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أذن له زالت الوحشة، وكذلك فإن الاستئناس يفيد الاستئذان وزيادة: (تستأنسوا) ليس فقط معناها: تستأذنوا، فهي أعلى من الاستئذان، حتى تستشعروا أنس أهل البيت بكم، ففيها إشارة لطيفة إلى أن الزائر لا ينبغي أن يدخل إذا تبين له من حال صاحب البيت أنه لا يرغب في دخوله ولو صرح لك بالإذن، فإن بعض الناس يأذنون لكن على كره ومضض، فلما قال الله: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27] عرفنا أن المسألة لابد أن يكون فيها أنس وليس مجرد الإذن؛ لأنه قد يحرج، فبعض الناس إذا استأذنت عليه يتردد يقول: تفضل ولكن لم تخرج من نفسٍ طيبة، فإذا كان كذلك لا تدخل لأن الله قال: ( حتى تستأنسوا ) فيحصل الأنس، فإذا أحسست أنه لم يحصل أنسٌ فلا تدخل. وحتى في مسألة أخذ المال، ما أخذ على وجه الحياء فهو حرام .. وإن كان أعطاك وسلمك بيده، لَكنْ فيه إحراج، وقع عليه الأمر وقعاً شديداً لا يملك إلا أن يأذن مرغماً، فهذا لا يدل على أنه خرج بطيب نفسٍ منه: ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:27] -أي: الاستئناس- أو التسليم خير من أن تدخلوا بغتةً.



http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif


قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا )

http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ [النور:28] أي: إذا لم تجدوا أحداً من الآذنين يأذن لكم فاصبروا ولا تدخلوا.. إن لم تجدوا أحداً من أهلها ولكم فيها حاجة فلا تدخلوا إلا بإذن أهلها؛ لأن الاستئذان من أجل البيت وساكنه: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا [النور:28] أي: لم يجيبوكم في الدخول، بل ردوكم أو قال: ارجع الآن أو ليس الوقت مناسباً، لو طرق باب واحد وقال لك: يا أخي ليس الوقت مناسباً، أنا غير متهيئ لاستقبالك، أي عبارة من العبارات التي تعني (ارجعوا): وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:28] وبعض الناس الآن لو قيل لهم: ارجعوا لثارت ثائرتهم، ووقعت الخصومة بينه وبين صاحب البيت، وهاجوا وماجوا وقالوا: لا نأتيك ولا نكلمك، كيف تقول ارجع؟ بعض الناس يكبر عليه أن يقال له: ارجع، يكبر عليه جداً، والله يقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النور:28] فلماذا تستكبر عن شيءٍ ذكره الله وأرشد إليه؟ والذي يقال له: ارجع فيغضب ويزبد ويرغي ويقاطع صاحب البيت فلا يرجع، هذا إنسان متكبر يرى أن مقامه فوق الآية: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:28] وأطهر من إلحاحكم وأحسن من الوقوف في الباب، وخيرٌ من الإصرار على الدخول، إن قيل لك ارجع فارجع ولا تلح ولا تصر، فتضمنت الآية الرجوع في حالتين: في حالة عدم الإذن الصريح كأن يقال: لا تدخل لا أسمح لك بالدخول، ارجع. وكذلك في حالة عدم الإذن الظني كأن لا يكون في البيت أحد أو سكتوا، افرض أنك طرقت الباب فسكتوا، أنت سمعت أصواتاً وصياحاً داخل البيت، طرقت الباب سكتوا، واصلت الطرق لم يتكلم أحد، هذه معناها: ارجع؛ لأنه لم يأذن. قال الله تعالى: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [النور:28] فيدخل في علمه سبحانه وتعالى، أنه يعلم من يدخل بإذن ومن يدخل بغير إذن، فيجازي كلاً بعمله. كان بعض السلف يفرح إذا قيل له: ارجع.. من دينه وتقواه؛ لأنه تحقق شيء في الآية فينصرف مستبشراً بالخيرية التي ذكرها الله، يريد أن يقال: ارجع؛ لأن الله يقول: (( خيرٌ لكم )) فصار من أهل الخير والخيرية في هذه الآية، وهذا الحكم في البيوت المسكونة سواء فيها متاع للإنسان أو لا، وفي البيوت غير المسكونة التي لا متاع فيها للإنسان.




http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif

قوله تعالى: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ )

http://audio.islamweb.net/audio/parbotton.gif
وأما البيوت التي ليس فيها أهل وفيها متاع للإنسان المحتاج للدخول فقد قال الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29] فليس عليكم إثم ولا حرج أن تدخلوا بغير استئذان في هذه النوعية من البيوت، وهذه البيوت الغير مسكونة التي فيها متاع لكم للعلماء فيها أقوال. فلعل ما يتضح به المقصود إن شاء الله أن نضرب مثالاً: بيوت على الطريق يأوي إليها الناس لابن السبيل، فنادق وفيها غرف ودكاكين وحوانيت في الشارع،كل هذه تدخل في قوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29] فمثلاً: استأجرت غرفة في فندق أو تريد أن تدخل محلاً في الشارع، كدكان، أو بيت في الطريق مبني لابن السبيل يدخل يستظل فيه وينام، وهو مفتوح لأي واحد يدخل، فهذه لا تحتاج إلى استئذان فقد يكون المتاع: الاستظلال، وقد يكون المتاع: أن تشتري حاجة، وقد يكون المتاع أغراضاً وضعتها في غرفة الفندق، فلا يحتاج أن تستأذن عند الدخول في غرفتك في الفندق، ولا يحتاج أن تستأذن عند دخول دكان في الشارع يبيع، ولا يحتاج أن تستأذن في مبنى في الطريق مهيأ لاستقبال المسافرين أو جعل لابن السبيل يأوي إليه، فإن بعض الناس يقيمون على طرق السفر أو أماكن مظللة مثلاً لاستراحة المسافرين بدون أجرة باباً مفتوحاً بالمجان، فليس هناك من حرج في دخولها، وليس من الضرورة أن يكون فيها متاع يعني: فيها جهاز أو فيها عفش وما شابه ذلك، بل يدخل فيها ما سوى ذلك من الحاجات، بل لو أن إنساناً يريد أن يدخل خربة ليقضي حاجته من بولٍ أو غائط فلا يحتاج أن يستأذن في دخول هذه الخربة، فإن ذلك من المتاع الذي يقصده بالدخول. فإذاً: مثل هذه الأشياء لا حرج من الدخول فيها. وهذا الاستئذان العام.



الشيخ محمد المنجد

الشبكة الاسلامية

أم ورقة
04-18-2008, 08:57 PM
جزاك الله خيراً

و أنا أحياناً أذكر بعض الناس بأن لا يتحرّجوا أن يقولوا للآخرين انهم غير قادرين على استقبالهم
فهذا حقهم..

و الواجب على الآخرين الاستئذان أيضاً.. ليس فرض علينا ان نستقبل الآخرين متى جاءوا
و لا ينبغي عليهم ان يعتبوا اذا لم نستطع ان نستقبلهم..

فكم هو مريح لو يُعمل بهذا و يعلم كل الأطراف ان حريتهم و حقهم محفوظ و مشروع..

أبو مُحمد
04-18-2008, 09:10 PM
وجزاكِ الله خيرا مثله.

حقا اني من النوع لاذي لا يتضايق من ضيوف "الفجاءة" ان صح التعبير فكثير منهم قد يمر لحاجة فأفرح لذلك ولكن وللاسف الشديد في القائمة أشخاص حقا لا تعلمهم الا وهم على الباب وكان بمقدورهم التنسيق مسبقا وكل منا يعلم انه قد يكون بحال لا تسمح له باستقبال أحد !

وكثيرا من الاقارب يحدثونني عن نوع من الزيارات وابناؤهم لديهم امتحانات والبيوت ليست متسعة لنعزل الطالب في غرفة لوحده !!

واحيانا تجبر الفتيات وهن في عز انشغالهن بالدراسة والامتحانات على مجاملة ضيوف أهلهن واعداد الاكل وما شابه !!

الامر متشعب حقا وله انعكاسات سيئة جدا .


وبمناسبة هذا الحديث فان بعض الغربيين هنا يستأذن بالهاتف لكي يزور والدته :)
قابلت أحدهم لم ير والدته لاشهر وهما يعيشان في نفس المدينة ويكاملها ليأخذ اذنا !
لا اقول ان هذا هو الادب طبعا ولكني اقول الناس بين افراط وتفريط .

أم ورقة
04-18-2008, 09:14 PM
حقاً.. و أظن ان النساء يتضايقن من زيارات الفجأة أكثر من الرجال

و خاصة اذا كان سيأتي مع الضيوف يعني مثلاً زوج الخالة أو ابنها او اي أحد غريب...

فتضطر ان تتحجب بسرعة


أنا اتضايق من تلاميذي عندما يأتوا قبل الموعد و لا أكون مستعدة لاستقبالهم، مع انهم صغار في السن

مقاوم
04-18-2008, 09:15 PM
ما أجمل الإسلام وما أعظمه!
وما أعظم أخلاق الإسلام وآداب الإسلام!
ليت المسلمين يفقهون دينهم ويتخلقون بأخلاقه ويتأدبون بآدابه.
والله إنهم لو فعلوا لسادوا الدنيا من جديد.
اللهم رد المسلمين إلى دينك ردا جميلاز
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

أبو مُحمد
04-19-2008, 12:39 PM
الاسلام "وصفة" كاملة لا ينقصها شيء سبحان الله !

اللهم رد المسلمين إلى دينك ردا جميلا
اللهم آمين