تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل في النقد الذاتي /1: هل أصبح الإلحاد في الخليج ظاهرة تستدعي إعلان الطوارئ؟



مقاوم
04-10-2008, 08:30 AM
رسائل في النقد الذاتي /1: هل أصبح الإلحاد في الخليج ظاهرة تستدعي إعلان الطوارئ؟
مريم عبدالله النعيمي / كاتبة وباحثة إماراتية

لفترة من الزمن ماضية، كان أصحاب الغيرة على الإسلام وأهله يطمحون في أن يتصدى للعمل في التلفاز فئة من العاملين للإسلام المصلحين، الذين لديهم هاجس بناء المجتمع وإعادة تقديم الإسلام إلى أهله.

وقد كنت وما أزال واحدة من هؤلاء الناس الذين يشغلني أمر الدعوة إلى الله. لقد كنت معنية بالشأن العام وأنا في سن صغيرة، وذلك بعد أن أنعم الله علي بنخب من المربيات الفاضلات اللواتي غرسن فّي حب الإسلام، وتعلمت منهن معنى أن يعيش المرء لدينه. وقد تعرفت في تلك الفترة على بعض المؤلفات الرائعة، واستمعت لبعض المشايخ، وبدأت طريقي في بناء شخصيتي العلمية.


أثناء هذه الرحلة المفعمة بالحيوية والنشاط، لفت نظري كالآخرين، الوجود الخجول للمصلحين والدعاة إلى الله في التلفاز، فتأملت وبدأت في تشخيص حالة ترّهل الفكر الإسلامي، واكتشفت أن أحد أسبابها، غياب الرموز الدينية (مع تحفظي على الكلمة، وإن قصدت المعنى)، وتكونت لدي مع الزمن قناعة راسخة، مفادها أن الوجود الإعلامي المرئي، هو أحد الأهداف التي ينبغي أن يسعى لها بجد، أولو العزم من الناس.

ومع الأيام، بدأت تظهر صور المشايخ وبعض المصلحين وفئة من المفكرين، الذين يظهرون ولاءهم الكامل لفكرة جعل الدنيا مزرعة الآخرة. بعد مضي سنوات ليست بالقليلة، بدا لي أن أقّوم التجربة، بل وأن أشرك قرائي في التفكير معي، لتقويم تجربة الظهور الإعلامي، وتحول فئة من الدعاة إلى نجوم تتعلق بهم القلوب، ويحترمهم الناس، ويثق بهم جمهور عريض.

وعند كلمة ثقة أضع عشرة خطوط حمراء، بل مائة خط أحمر، لأن الثقة مكسب ومغرم في الوقت نفسه، أما كونها مكسبا، فذلك أمر لا يحتاج لتفسير، وأما كونها مغرما، فلأنها تحتاج إلى ضريبة باهظة، وإلى ثمن غال ليكون، الداعية النجم جديرا بالمكانة التي أنزله الناس في قلوبهم.

وهنا بيت القصيد، وحسب تقييمي الشخصي، فإن ثقة الجمهور تحولت إلى حالة من التضخيم لدى بعض الدعاة النجوم، وبدا لبعض منهم، أن أي موضوع يثيره، سوف يتصف فورا بصفة التميز، والقوة، والتأثير فقط، لأنه صدر من ذلك الداعية النجم!! هكذا بدا لبعض الدعاة النجوم، وهكذا بدأت الأمور تسير أحيانا في غير الاتجاه الصحيح!!

الشواهد والأمثلة لدي كثيرة على مبالغة بعض الدعاة النجوم في تحديد حجم ومساحة المهمة التي يمكن أن يضطلعوا بها، وكيف يؤدوها، وبأية طريقة!! وقد لا يتسع المقام للتحدث عن الحكمة في الدعوة، لكنه لا شك يتسع لضرب واحد من أكبر الأمثلة على ما أقول.

برنامج (قذائف)، الذي يعده ويقدمه الدكتور محمد العوضي في حلقته الأخيرة، التي قدمت يوم الاثنين (13/3/2007م ) عبر تلفزيون الرأي، حملت من المضامين، التي وجدت أنها لا تتناسب والدور الذي كنا نراهن عليه في الدعاة العاملين في التلفاز، أو المتعاونين معه!!

فالفكرة التي ناقشها الدكتور العوضي دارت حول شاب كويتي، قدمه على أنه ملحد كويتي، ثم اتخذه كنموذج على وجود الإلحاد في الخليج. الشاب بدوره الذي كان ضئيل الحجم، لدرجة مفرطة، وكان حزينا كما قدم نفسه للجمهور، وقد زعم هذا الضيف المثقل بأوجاعه، أن عشرين بالمائة من شباب الكويت ملحدين!! ثم تحدث الشاب عمن يعرف من أمثاله، قائلا: "بعضهم لا ينام الليل، وبعضهم أوصد باب غرفته فلا يخرج منها، وبعضهم يريد أن ينتحر"!!

تعليقي على موضوع الحلقة، وعلى الضيف المرهق الأعصاب الذي شاهدناه، وقد تم إخفاء معالم وجهه، هو أن مثل هذه المسألة كان يستطيع د محمد العوضي أن يتابعها في إطارها الاجتماعي، بعيدا عن التلفاز، وعن النتائج المترتبة عليه، فوجود فئة من الشباب الحيارى الغارقين في حيرتهم، لا يعني البتة أن 20% من شباب الكويت ملحدين!!

فالنسبة مبالغ بها إلى حد يصل إلى السماجة، والتندر بعقول الناس، ثم من جهة أخرى مثل هذا الشاب البائس ما كان يجب أن يكون ضيفا للدكتور العوضي، فقد خشيت والله أن تحرق نيران برنامج (قذائف) هذا الشاب المرهق، الذي هو بحاجة ماسة للمواساة والإشفاق والاحتواء في إطار طبيعي، وفي بيئة اجتماعية جيدة توفر له، بدلا من التشهير به حتى ولو لم يذكر اسمه، أو تظهر ملامح وجهه للجمهور!!

كما أعتقد جازمة أن الطرف المتخصص بمتابعة هذه المسألة،ليس هو الدكتور محمد العوضي،الذي حدثني هاتفيا بأن رسالته في الدكتوراة عن الإلحاد، وقد كان الأجدى بالدكتور العوضي،إن كان يريد أن يعرض لنا معلومات حول الإلحاد،أن يأتي لنا بملحد روسي مثلا، ويقارعه الحجة بالحجة، ويثبت له وجود الله!!

هكذا سوف نفهم معنى رسالة الإلحاد التي اشتغل بها، أو على الأقل،ليته يثرينا في مقالاته الصحافية عن رموز الإلحاد في العالم،ثم بقلمه الفذ يصب (قذائفه) على الإلحاد والملحدين من عتاة الكفر في العالم.

أما أن يجرد لسانه المعروف بالقوة والقدرة على التعبير في مقارعة كلامية بينه وبين شاب صغير من عمر أبنائه، فلا أعتقد أن العوضي وفق في مطارحته ومنازلته على الإطلاق!!

وككاتبة في قضايا الفكر الإعلامي والتعليمي، لا أرى الدكتور محمد العوضي قد كان فارسا في مضمار صحيح!! وأراه قد امتشق سيفا لينازل شخصا غير مستعد للنزال، لا هو بقادر عليه.

نعم، أسجل هنا شهادة احتجاج كاملة على مثل هذا النوع من الطرح الإعلامي الذي فيه إثارة وسخونة حارقة أكثر من كونه إضافة للمشاهدين الذين وثقوا في معد ومقدم البرنامج، وألقوا له السمع وأنزلوه في قلوبهم المكانة السامية.

رأيي أن على الدكتور العوضي أن يستثمر نجاحه الشخصي ومساحة تأثيره فيما يجمع الأمة وينير لها الطريق، لا فيما يزيدها شتاتا وإرهاقا فوق إرهاقها.

إن هؤلاء الشباب المحبطين والذين يدعون أنهم ملحدون هم جزء من أمة محبطة تعاني الخوف من الحاضر، وتشعر أن الزمن لا يسير لصالحها على الإطلاق.

ولو أضفنا لعامل الإحباط لدى هؤلاء الشباب طبيعة المرحلة العمرية التي يمرون بها وما بها من شكوك، ومن عواصف، ومن تنازع داخلي ومعركة تنشب بين المراهق وبين نفسه إذن لأصبح من الخطأ الكبير أن نحاكم هؤلاء ونصنفهم على أنهم ملحدين ناهيك أن نطرح قضيتهم على التلفاز وكأنهم باتوا في موجهة المجتمع، وصنفا نشازا شاذا عن تكوينه ولحمته !!

إن مرحلة المراهقة مرحلة الأزمات النفسية الحادة والتي تطال المعتقدات وكم من شباب متدين سمات الصلاح والتقى بادية عليه، وبداخله نار تضطرم ولهيب مستعر فهل الخالق موجود، وهل يراه، وهل يسمعه؟!!

أعرف فئة من خيرة الطالبات، وفي سنوات دراسية متتالية كانت الواحدة تغلق على نفسها الباب وتبكي بدمع قلبها ما تلاقي من مشاعر ومن هواجس حول إيمانها وصحته.

ولأن كثيرا من هؤلاء الفتيات محظوظات بوجود عائلة متفهمة أو معلمة قديرة، فإن الغمة تنجلي بعد شهور، أو ربما عام أو عامين على اختلاف شدة النوبة النفسية وعلى تنوع فترات وجودها.

هذه الحالة الطبيعية لم ير فيها الإسلام شيئا يستحق النكير، ولم يجد فيها نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام ما وجده الدكتور العوضي من إلحاد ورغبة في المروق عن الدين.

ولو عايش الدكتور العوضي التجارب التي عشتها والتي عاشتها كثير من الأمهات والمربيات الفاضلات، لربما آثر استضافة هؤلاء الفتيات، وأنهى المسألة بضربة معلم ووضعهن في خانة الإلحاد أو شيء قريب من هذا.

أقول: يا سيادة الدكتور الفاضل أنت متحدث رائع في قضايا الفكر الإسلامي، وأنت رجل قدير وفارس من فرسان الكلمة، حينما تتحدث عن العلمانيين، فما لك توسع الدائرة، وتكاد تضع الجميع تحت عباءتك؟!!

دعك فيما نجحت فيه، ففيه خيرك وخير هذه الأمة معك، وتجنب الخوض في قضايا الشباب الصغار بالطريقة غير الموفقة التي عرضتها لنا، فما كل ما يعرف يقال، وما هكذا تورد القضايا الشائكة، ولكل مقام مقال، ومقام هؤلاء الفتية الحائرين يستدعي مقالا آخر من أشخاص متخصصين لا في قضايا الإلحاد إنما في قضايا المراهقة ودروبها ودهاليزها وأنت لست بهذا خبير!!

بقي أن أشير إلى أخطر قضية وقع فيها بعض نجوم الدعاة الذين نراهم في التلفاز، وهي اعتقادهم أنهم قادرون على الخوض في أي موضوع والإتيان به على وجهه، وأقول لهم بصدق، ليست المسألة كما تظنون!!

قد تكونون بارعين في الحديث، قد تملكون رصيدا من العلم الشرعي، لربما قرأتم كتبا مطولة في التاريخ الإسلامي، لكن ثقافتكم الإسلامية لا تسمح لكم أن تخوضوا في قضايا الشباب الشائكة، وكأنكم ملكتم مفاتيح العلوم.

رويدكم، فللحديث صلة بمشيئة الله، وهناك أحاديث صريحة وملفات مغلقة لا بد من قراءتها من جديد، لأنه كما أعتقد أصبحت لدينا مشكلة جديدة فيما يتعلق بالعمل الإسلامي التلفازي، ولربما غفلنا عنها من سنين.

من هناك
04-10-2008, 03:19 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا اوافقها 100% فيما ذهبت إليه ونحن الآن نشهد فورة في تظهير النكرات على التلفزيون سواء مع دعاة إسلاميين او مع دعاة الفجور على الفضائيات.

كلنا يذكر القذائف التي اطلقتها الإل بي سي عن الشاذين وكيف جلبتهم إلى شاشتها وكلنا يتابع اخبار الفضائح على تلفزيون الواقع ولكن كل هذا يبقى نكرة في مجتمع ثقافته الدينية متأصلة ولكنها ضعيفة.

كان الاجدر بأولئك الدعاة ان يبحثوا عن اهل الخير ويأتونا بأمثلة من الواقع عن الآباء والأمهات اللذين نجحوا مع ابنائهم ويظهرون لنا صور اهل الخير والعمل الحركي على الأرض من اولئك الجنود المجهولين.

اما البحث عن الشهرة بتظهير هذه النكرات فهذا امر لا يخدم إلا من يريد الفساد والإفساد وإن التعاطف مع اولئك الشباب المحبطين لن يورثهم إلا المزيد من العزة بالإثم وسوف يأتي يوم يتهمون فيه المجتمع المسلم بأنه ادى بهم للإلحاد