تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أكمل الآية .. رداً على الشيخ عائض



أبو شمس
04-05-2008, 06:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أكـمل الآيـة

ردّاً على الشيخ عائض القرني


جائني أحد الإخوة بشريط للشيخ عائض القرني (هداه الله) وألحّ على سماعه ! وعنوان الشريط "يخرّبون بيوتهم بأيديهم" ، فوجدت في هذا الشريط ما لا يسر إلّا أعداء الله ، ولا يُحزن إلّا المؤمنين ، فكانت هذه الكلمات إبراء للذمة وبياناً للمسلمين ، حتى لا يغتر مغترّ بقول الشيخ ويقول متقوّل ..

تحدث الشيخ عن المجاهدين ووسمهم : بالغلاة والمتطرفين والخوارج والمفتئتين على الأمة والضّلّال ، وأن مشروع القاعدة "مشروع ظلامي ضلالي تخريبي تفجيري تكفيري" وغيرها من الصفات والمسميات التي اعتدنا سماعها من ولاة أمره أصدقاء أمريكا المخلصين ..

هناك الكثير من المقالات والأبحاث ترد على هذه الإدعاءات والمسميات والألقاب التي تقلب الحقائق وتزيّف الوقائع تماشياً مع رغبات الصليبيين واليهود في حربهم المُعلنة على الإسلام ، ولكن الجديد أن يأتي كلام الشيخ عائض (هداه الله) بهذه الصورة الواضحة الصريحة في تجريح قادة الجهاد وإلغاء الجهاد جملة في العراق ، وهذه جديدة لم نسمعها من الشيخ من قبل ، فنسأل الله أن يهديه إلى الحق ويرزقه اتّباعه ..

الشيخ يدعي بأنه قرأ في الشبكة كتابة كتبها أحدهم يدعوا إلى تفجير المنشآت النفطية في جزيرة العرب "لإستدراج الأمريكان إلى المنطقة ومن ثم قتلهم" ، ثم بيّن مدى حمق وغباء هذه الدعوى وأنها من الإفساد في الأرض وأنها قتل للمسلمين وإتلاف لأموالهم وغيرها من الدعوات ، ولكنه غفل عن دعوى مماثلة لم يطلقها مجاهد أو متعاطف مع مجاهد ومع ذلك لُقّب هذا الداعي بألقاب وأُعطي أوسمة فخرية قل نظيرها في تاريخنا المعاصر ، وهذا الرجل هو "الملك فيصل بن عبد العزيز" ، فقد قال للغرب بأنه "مستعد لإحراق جميع بترول جزيرة العرب والعودة إلى الجمال والخيام" ، فصفّق له العرب وهللوا وكبّروا !! فلماذا لا تكون دعوة الملك فيصل دعوة ظلامية حمقاء خرقاء ضلالية تفجيرية تخريبية !!

لست من الذين يدعون بهذه الدعوى ، ولا أؤيد – شخصياً – تفجير المنشآت النفطية في جزيرة العرب الآن ، ولكن أن يدعي الشيخ بأن هناك إجماع للعلماء من قديم وحديث على حرمة هذا العمل ، فنقول له : لعلك لم تتطلع على أبواب الجهاد في كتب الفقه ، فالمسألة فيها خلاف ، ولا إجماع في المسألة ، وهي تقع تحت باب : إتلاف الأموال كي لا ينتفع بها العدو ، والخلاف في الأمر مشهور بين علماء السلف ..

ولنأخذ المسألة من الناحية المصلحية ، فنقول : لو أن المجاهدين قرروا حرق هذه المنشآت ونجحوا في ذلك فإن أمريكا لا تستطيع بعدها البقاء في العراق ولا أفغانستان لأكثر من أسبوع واحد فقط ، وذلك أن الطائرات الأمريكية والدبابات والراجمات والعربات والمدرعات إنما تحصل على وقودها من المنشآت النفطية في جزيرة العرب بالمجان : صدقة من ولاة أمر الشيخ ، فلو انتهت هذه الصدقات لم تقم للصليبيين قائمة ، وهذا ما لمّح له بعض قادة الجهاد ، ولا شك أن هذا له حظ من النظر ، وهذا من أبواب السياسة الشرعية ، وهو من مكائد الحرب ، وليس للشيخ ناقة ولا جمل في السياسة أو الحرب ، فهلّا ترك الأمر لأهله وتفرّغ هو للدعوة وهو الذي يُنكر على المجاهدين الخوض في غير تخصصهم !!

ثم يا شيخ : متى أصبح هذا البترول من أموال المسلمين وقد استأثر به ولاة أمرك وأبنائهم واغتصبوه طيلة هذه السنين !! لو كانت هذه الأموال توزع التوزيع الشرعي الصحيح لما احتجت أنت ولا أبناءك ولا أبناء أبناءك للعمل يوما واحداً من أجل لقمة العيش ، ولكن القوم أهدروا هذه الأموال وبذلوها للكفار ومومسات أوروبا وأمريكا ولحرب المسلمين في السودان واليمن والعراق وأفغانستان وغيرها من بلاد الإسلام ، فإتلاف هذه الأموال التي ينفقها النصارى في حربهم على الإسلام يعد مصلحة شرعية في اجتهاد بعض المجاهدين ..

وهناك أمر آخر دعى له الشيخ ، وهو : أن يترك المجاهدون الجهاد ويشتغلوا بالدعوة والأعمال الخيرية والمؤسساتية !! وهذه دعوة غريبة عجيبة في هذا الزمان وفي مثل هذا الوقت العصيب من تاريخ الأمة ، ولعلنا نضرب للشيخ مثالاً أو نصوّر له حالة يدرك بها ما يختلج في صدور الشباب المجاهد في سبيل الله :

تخيّل يا شيخ لو دخل بضعة أمريكان بيتك وجلسوا في مجلسك وقدّمت لهم الشاي الأحمر والأخضر والنعناع ، ثم لما انتهوا من الشاي والإبتسامات والحديث الطيّب عمدوا إلى زوجتك وأخواتك فهتكوا أعراضهن أمام عينك ثم أتبعوهن بأبنائك الذكور وبناتك ففعلوا بهم الأفاعيل ، ثم لما أرادوا الخروج من بيتك تبتسم في وجوههم وتقدّم لهم الحلوى مع كتيّب دعوي جميل في عقيدة الإسلام وأركانه !!
هذا بالضبط ما يحصل الآن في بلاد الإسلام ، وهذا هو ما تدعونا إليه ، ونعتذر للشيخ عن ضرب المثال بأهله ، ولكن لا بد منه لأن المجاهدين يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن النساء المسلِمات - في العراق وأفغانستان والشيشان وكشمير والفلبين وغيرها من البلاد - أخواتهم ، وأن تلك البلاد بلادهم وهي بمثابة بيوتهم ، فلا يُعقل أن تطلب من رجل اعتدى الكفار على عرض أُخته وأخيه أن يوزّع على المغتصب كتيّبات وأن يبشّ في وجهه ويهشّ !! هذا لا يقوله إلّا ديّوث ، ولا نحسبك يا شيخ كذلك .. إن كنت يا شيخ "لا تحزن" لمصاب المسلمين فغيرك يحزن ، وإن كان فؤادك يُحلّق في "حدائق ذات بهجة" في مثل هذه الأوقات فإن قلوب غيرك تضطرم ناراً وحرقة على ما يحصل لحرائر المسلمين ، وإن كنت توزّع "ابتسامات" فغيرك لا تُطاوعه شفتاه وهو يرى ما يحصل لأمته ..

الوقت ليس وقت كتيبات ولا نشرات ولا أشرطة أدبية ولا مؤتمرات تولد ميّتة ، الوقت وقت جهاد ، وهو فرض عين باتفاق المسلمين جميعا ، وهذا إجماع حقيقي - لا ما ذكرتم من إجماع - فابحث عنه في كتب الفقه ..

بالله عليك يا شيخ : ماذا تريد الرجال أن يُجيبوا "فاطمة" وأخواتها اللاتي أرسلن رسائل من سجون العراق يشكين امتلاء بطونهن من أبناء الزنا !! أتريد الرجال أن يقولوا : انتظرن فنحن مشغولون بطباعة الكتيبات الدعوية وبإدارة المؤسسات الخيرية !! أهذه هي الوسطية التي بُعث بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والتي تدعو إليها !!

نقَل الشيخ عن بعض الغربيين النصارى في محضر كلامه عن كون الإسلام دين رحمة وليس دين عنف وتفجريات ، وكلمة العنف في عُرف "الحكام" هذه الأيام يرادف مصطلح الجهاد الشرعي ، وهذه فكرة قديمة بدأها المستشرقون لصرف المسلمين عن الجهاد ، فهي حيلة خبيثة وقع في شراكها الكثير من المسلمين ..
الإسلام دين رحمة فعلاً ، ولكن مفهوم الرحمة هو الذي غاب عن بعض من اغتر بكلام المستشرقين : فقطع يد السارق رحمة ، وقتل القاتل رحمة ، ورجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت رحمة ، وكذلك قتال الكفار وقتلهم وسبي نسائهم وذراريهم وأخذ أموالهم رحمة {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة : 179) ..

إن الذي قال في كتابه عن نبيه عليه الصلاة والسلام {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء : 107) ، هو الذي قال لأتباعه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة : 123) ، وقال سبحانه {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال : 12) وقال جل في علاه {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (محمد : 4) ، فكل هذا لا ينافي الرحمة ، بل ضرب الأعناق وقطع الرقاب والقتل والقتال من صميم الرحمة ، ولكن تحتاج القلوب إلى يقين ونور لتفهم هذه المعاني السامية للرحمة ..

لقد ذكر الشيخ في كلامه أنه ناظر شاباً عنده شهادة الثالث المتوسط ، ونحن ربما نحاكم الشيخ بمنطق الغرب الذين زعم الشيخ بأن المجاهدين شوهوا صورة الإسلام عندهم ، وكأن الغرب يرضى عن الإسلام والمسلمين إن لم يجاهدوا ، وكأن الشيخ لم يقرأ في حياته قول الله تعالى {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (البقرة : 120) !! نقول للشيخ : لو سمعك بعض من تخاف على سمعتك عندهم من الغربيين لقالوا لك : أما تستحي !! عندك شهادة دكتوراة وتناقس شاباً عنده ثالث متوسط ثم تبني استنتاجات على هذا النقاش !!

إن الشيخ ظلم المجاهدين باستخدام منطق التعميم عليهم على أوسع نطاق ، فجمع ما شذ وما سقط وألصقه بالمجاهدين وترك ما هو معروف مشهور عنهم في خطبهم وبياناتهم ، ثم أتى إلى حكامه وأظهر ما هو شاذ وحاول تعميمه ، ولا يخفى أن هذا ليس من الإنصاف الذي هو سبيل المؤمنين ، ونسأل الله أن لا يكون الشيخ ممن قال الله فيهم {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (المطففين : 1-6) ، فنذكّر الشيخ بيوم يقوم الناس لرب العالمين ونقول له : اتقي الله في نفسك فإن الله أعلن الحرب على من عادى أولياءه ، وليس عبيد بوش من أولياء الله ..

وزعم الشيخ بأن الأمة كلها على الوسطية (بمفهومه هو) وأنها تخالف المجاهدين (أهل الضلال) وأن المجاهدين يفتئتون على الأمة بهذا الجهاد وأنه ليس لهم الحق في التكلم بإسم الأمة !! أليس هذا تناقضاً!! الشيخ نفسه يدّعي بأن الأمة الآن مجتمعة على الوسطية وأنها مجتمعة على مخالفة المجاهدين !! فلماذا يتكلم الشيخ نيابة عن الأمة ويُنكر على المجاهدين !!
ثم نقول للشيخ : نحن من الأمة ونحن نخالف ما تقول ، ونحن مع المجاهدين ومعنا الملايين من المسلمين ، فإن أصررت على تعميمك فأنت كاذب ، وليس لك طريق إلا أن تخرجنا من مجموع الأمة فتصبح تكفيرياً ، وهذا ما عمّمته على المجاهدين !!

ثم أي أمة هذه التي جميعها على الوسطية ، وأكثر الأمة صوفية وأشعرية !! فإن كنت تقول بأن القبورية من الوسطية فقد خالفت إجماع علماء الدعوة النجدية ، أما إن كنت تقصد بالوسطية : التخلف عن الجهاد والتثاقل عنه فربما نسلّم لك الأمر كون أكثر الأمة اليوم تخلفوا عن أداء هذا الفرض ، وهذا ما يقصده كثير ممن تكلم باسم الحكام : فهم يدّعون أنهم على مذهب الوسطية ونبذ العنف والتطرف ، ويقصدون بذلك التخلّف عن فريضة الجهاد والتثاقل إلى الأرض ومحاولة إلغاء مفهوم الجهاد الشرعي ..

ولكي يطمئن الشيخ على صدق دعواه وأن الأمة تريد الوسطية (بمفهوم حكامه ومؤسسة راند الصهيونية) فإننا ندعوا الشيخ لعقد استفتاء شعبي في أي دولة إسلامية يختارها ، وليكن الإستفتاء على الشبكة العالمية حتى لا تكون هناك منغصات حكومية ، وليسأل الشيخ أفراد الأمة هذا السؤال : هل أنت مع المشروع الظلامي الضلالي التفجيري التخريبي التكفيري للقاعدة ، أم أنت مع المشروع الوسطي الذي يدعوا له الحكام وعلمائهم ، ونقول للشيخ : إن حزت على 30% في هذا الإستفتاء فإننا نتراجع عن كل ما نقول ونسلّم لك بكل ما تقول .. وما قلنا هذا إلا لثقتنا بقاعدة "قاعدة الجهاد" الشعبية التي اعترف بها العدو ولم تعترف بها أنت ولا أولياء أمرك ..

الشيخ عائض له تجربة بسيطة جداً مع المجاهدين ، فقد لبس بشته يوما ويمم شطر بيشاور أيام الجهاد الأفغاني الأول ، وظن أن الناس هناك يستقبلونه بالورود والرياحين - كما يفعل به الناس في بلاده - كونه أتى من جزيرة العرب ويلبس الشماغ ويتكلم باسم الدين ، فإذا به يفاجأ بجماعة من ليبيا أو الجزائر (لا أذكر بالتحديد) يشهرون في وجهه الرشاشات ويهددونه بالقتل ، فما كان منه إلا أن استقل الطائرة وعاد إلى بيته ، وهذا شيء لا نقره ولا يسرنا أن يفعل المجاهدون هذا بعلماء المسلمين وطلبة العلم (وإن كانوا يُخالفونهم) ، ولكن هذه التجربة لا زال لها أثرها السيء في قلب الشيخ ، وربما عقلية الشيخ التعميمية – كما هو ظاهر في شريطه – جعلته يحكم على جميع المجاهدين من موقف واحد حصل له ، ولو أن الشيخ قابل جميع المجاهدين أو أكثرهم لعلم أن الذي رآه أمر شاذ وليس أصلاً ، ودليل ذلك أنه لم يكن في من استقبله بما يكره أحد من جزيرة العرب ، وقد كانوا كُثر في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت !! ربما ظل الشيخ كاتماً ما في نفسه ، ولا زال مظهر الرشاشات في خلده حتى انفجر في هذا الشريط وأخرج المكنون ، فنسأل الله أن تكون نفسه سكنت بعد أن خرج منه هذا الكلام ليزن ما يقول في المستقبل ..

لعل الشيخ درس في الجامعة بأن المواقف الفردية لا يُحكم بكونها أصل اعتقاد طائفة حتى تكون هذه الإعتقادات مكتوبة أو مثبتة متفق عليها بين أفراد الطائفة أو يقرها أكثرهم ، وإذا لم نحكم بهذا المعيار لم يبقى لنا من ديننا شيء لأن الأقوال والأفعال الشاذة كثيرة لا تُحصى ، ويستطيع كل طاعن في الدين أن يجمعها ويجعلها أصلاً في ديننا فلا يبقى لنا ثابت ، ومثل هذا لا يغيب عن أمثال الشيخ ، فحكم الشيخ من موقف أو مقالة أو مناظرة مع شاب - عنده شهادة ثالث متوسط - ليس عدلاً ، وإن أراد الشيخ العدل فهذه بيانات المجاهدين وأبحاثهم وكتبهم تملأ العالم ، فليناقشها نقاشاً علمياً بعيداً عن البهرجة الكلامية والعواطف والضغوط النفسية ، وإن أراد المناقشة فهناك طلبة علم وعلماء في المجاهدين فليطلب منهم النقاش ، ولا يناقش شاب صغير عنده ثالثة متوسط ثم يصول صولة الأسد في أرض فلاة !!

نحن نعيذ بالشيخ عائض أن يكون ممن قال الله فيهم {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (آل عمران : 71) ، ونحن أتينا بهذه الآية بالذات ، لأنها في "أهل الكتاب" لنرد بها على عنوان شريط الشيخ الذي بتر آية في كتاب الله ليلصقها بالمجاهدين ، فعنوان شريطه " يخرّبون بيوتهم بأيديهم" لا يمت لكلامه بصلة لأن الآية الكريمة جاءت في القرآن هكذا {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} (الحشر : 2) ، فهذا العنوان يخالف ما رام إليه الشيخ من قدح في المجاهدين ، فاليهود خرّبوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، وها هم أولياء اليهود من حكام العرب يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، فلماذا لم تُكمل الآية يا شيخ عائض !!

كم رأينا من مكر الله بالذين يقدحون في المجاهدين : فما أتوا بكلام أو رأي أو مكيدة إلا وتكون حسرة عليهم وتنقلب ضدهم وتكون في صالح المجاهدين ، وذلك أن الله قال في كتابه {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (الحج : 38) ، وهذا مما يثبّت فؤادنا ويزيدنا يقينا بصدق المجاهدين وطريقهم ..

لقد ذكر الشيخ عائض حديث النبي صلى الله عليه وسلم "بعثت بالحنيفية السمحة" (وهو حديث صحيح) ، وحديث "إنما بُعثت رحمة" (رواه مسلم) وحديث "فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (رواه البخاري) ، ولكنه في المقابل لم يذكر أحاديث يحتج بها المجاهدون ، كحديث "أعطيت خمسا ، لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ..." (البخاري) ، وحديث "بُعثت بين يدي الساعة بالسّيف ، حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم" (الحديث صحيح رواه أحمد: صحيح الجامع 2831) ، وحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" (متفق عليه) ، وحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به " (مسلم) !! فالنبي صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة للعالمين بهذه الشريعة الكاملة التي منها الكتاب ومنها الحديد ، فمن عدل عن الكتاب ذاق حر الحديد ورأى الرعب والإرهاب حتى يُذعن ويُسلم أو يُعطي الجزية عن يد وهو صاغر ..

هذا هو دأب هذه الدعوات الناقصة : يذكرون آيات ويدَعون أخرى ، ويعتمدون على جهل الناس بالكتاب والسنة !! لقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين في حديث واحد فقال " أنا محمد ، وأحمد ، والمقفى ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة . [ونبي الملحمة]" (صحيح الجامع) !! فلماذا لم تذكر هذه الأحاديث يا شيخ عائض !!

لا تناقض بين كون النبي صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة ، وأنه بُعث بالسيف : فالسيف رحمة للبشرية يخلّصهم من العناصر الفاسدة الظالمة في المجتمعات : كفرعون وهامان وأمية بن خلف وأبو جهل وبوش وشارون وأتباعهم ، فلا يكون هناك من يصد الناس عن سماع كلام الله ، والسيف رحمة في كونه يحمي الناس من ظلم الظالمين وجور الجائرين ويكفل للناس الحرية والحياة الكريمة في ظل الشريعة الربانية كما في قوله تعالى {... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ...} وقوله تعالى {... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ ...} وقوله تعالى {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (النساء : 75) ..

إن مشروع "القاعدة" الذي اشار إليه الشيخ عائض وسماه "مشروع ظلامي ضلالي تفجيري تخريبي" هو مشروع رباني إلهي شرعي نبوي كما في قوله تعالى في قصة أسرى بدر {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال : 67) ، فالإثخان في الأرض "المبالغة في قتل الأعداء" (انظر زاد المسير) ، قال الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره " أما عمر فكان لا يعثر على أسير إلا قتله وأما سعد [ابن معاذ] فقد قال (الاثخان في القتال أولى من استبقاء الرجال) ، ولما تم الفداء نزلت هذه الآية الكريمة تعاتبهم أشد العتاب فيقول تعالى {ما كان لنبّي} أي ما صح منه ولا كان ينبغي له أن يكون له أسرى حرب يبقيهم ليفاديهم أو يمن عليهم مجاناً {حتى يثخن في الأرض} أرض العدو قتلاً وتشريداً ، فإذا عُرف بالبأس والشدة وهابه الأعداء جاز له الأسر : أي الإِبقاء على الأسرى أحياء ليمن عليهم بلا مقابل أو ليفاديهم بالمال ، وقوله تعالى {تريدون عرض الدنيا} هذا من عتابه تعالى لهم ، إذ ما فادوا الأسرى إلا لأنهم يريدون حطام الدنيا وهو المال ، وقوله {والله يريد الآخرة} فشتان ما بين مرادكم ومراد ربكم لكم : تريدون العرض الفاني والله يريد لكم النعيم الباقي ..."

ولعل الأديب الشيخ عائض (وفقه الله) يذكر للناس معنى أن تأتي كلمة "نبي" هنا بصيغة "النكرة" ، ولعل الشيخ عائض يخبرنا لماذا توقف في سياق ذكره قصة أسرى بدر عند ما هوى النبي صلى الله عليه وسلم من رأي أبي بكر رضي الله عنه ولم يذكر ما أراد الله من نبيه ، ولماذا لم يذكر الشيخ الآية الكريمة التي جاءت في هذه القصة العظيمة !! لماذا لم تُكمل القصة يا شيخ عائض !!

يتبع ....

أبو شمس
04-05-2008, 06:50 PM
ليس كل المجاهدين يكفّرون الأمة كما زعم الشيخ ، وليس كل المجاهدين يذمون العلماء ، وإنما يفعل هذا شرذمة قليلة جدا من الشباب الذين لم ينضجوا فكرياً بعد ، وهذا ليس عيباً ، فهذا أسامة رضي الله عنه قتل من قال لا إله إلا الله فعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم الصواب ، وهذا سيف الله خالد رضي الله عنه يقتل قبيلة بأكملها من أجل كلمة واحدة قالوها فيبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من عمله ، والأمثال كثيرة ، وإنما أتيت بهذين المثالين لذكر الشيخ عائض لهما في شريطه .. إن الجاهل يُعلَّم ويتعلّم ، وإنما نبرأ إلى الله من العمل وليس من المسلم المجتهِد المتأوِّل على فرض خطئه ، ولو فعلنا ذلك لم يبقى إنسان إلّا وتبرأنا منه ..

إن الفكر الحديث في تكفير المجتمعات أصله من مصر ثم انتقل إلى الجزائر (وغذّته المخابرات الجزائرية بعد أن اخترقت صفوف المجاهدين) ، وهو فكر آخذ بالإضمحلال في أوساط المجاهد ولله الحمد ، فقضية تعميم هذا على المجاهدين وتخويف الناس منه هو من باب التضليل وتزييف الحقائق ، فلا يُعرف عن أحد من المجاهدين في جزيرة العرب أنه يكفر عامة الناس أو العلماء ، وإنما هم يكفّرون الحكام : لإعلان الحكام صراحة موالاتهم للنصارى في حربهم على الإسلام ، وهذا تحقيق لقول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة : 51) ، فالله كفّر من يتولى اليهود والنصارى ، وحكّام الجزيرة لا زالوا يُعلنون تولّيهم للنصارى ، وليتهم اكتفوا بالإعلان ، بل هم يمدون الجيوش النصرانية بالأموال والنفط والغذاء والدواء والقواعد العسكرية والمعلومات الإستخباراتية ، بل حتى الماء الذي يشربه الجنود النصارى في العراق هو من جزيرة العرب ، والإسم المكتوب على علب الماء "مكة" والشركة "سعودية" معروفة ، فأي شيء بقي حتى لا يُعلنوا تكفير هؤلاء الحكام !!

أما كون المجاهدين يكفّرون الشيخين "ابن باز وابن عثيمين" فهذه محاولة رخيصة من الشيخ للطعن في المجاهدين ، وها نحن نعلنها للشيخ ولغيره صراحة ، وأنا أتكلّم بإسمي وبإسم المجاهدين (إن أذنوا لي) وأقول : رحم الله الشيخين وغفر لهما وأسكنهما الجنان مع الصديقين والشهداء والصالحين ، ونحن والله نحبّهما ونجلّهما ونعرف لهما فضلهما ، كيف لا وهما اللذان نشرا العلم الشرعي في سائر الأرض بفضل من الله ومنّة ، ولكننا لا نرفع الشيخين فوق بشريّتهما ولا ندّعي لهما العصمة ، فليس كل ما يقوله الشيخان صحيح ، وليس كل اجتهاد لهما موفّق ، ودليل هذا أنهما اختلفا في مسائل كثيرة ، وتعارضت اجتهاداتهما في مسائل ، فلا يمكن أن يكون كلاهما على صواب ، وهذا ما نعتقده في سائر العلماء ، وليس كلامهما فصل في أي مسألة ما لم يوافق النصوص الثابتة الظاهرة التي لا تقبل التأويل .. ونتعدى الشيخين لنقول : إننا نحب جميع علماء الأمة ونتولّاهم وندعوا الله أن يجعل الحق على لسانهم .. ونتعدى هذا ونقول : إننا نحبك يا شيخ عائض ونتولّاك ونسأل الله أن يجعل الحق على لسانك وأن يرحمك ويغفر لك ولوالديك ولذريّتك وأن يجعل من أبنائك مجاهدين منافحين عن أمتهم بالسّنان واللسان رغم ما قلت عن المجاهدين الذين نحبهم كحبنا لأبنائنا وأنفسنا وأهلينا .. ولعل الشيخ لا يعلم بأن بعض العاملين في اجهزة مخابرات آل سعود يكتبون في المنتديات : يسبون ويلعنون العلماء ويكفّرون المجتمعات ليشوّهوا سمعة المجاهدين ، وهذا لا يجهله عاقل ، شأن التفجيرات التي تحصل في العراق وأفغانستان في أوساط المسلمين لتشويه صورة المجاهدين ..

ثم ادعى الشيخ بأن أعمال المجاهدين في العراق ليست من الجهاد الشرعي وأنه لا جهاد في العراق ، فنقول للشيخ : كيف تدعوا المجاهدين للإستماع للعلماء الكبار وأنت تخالف من هو أكبر منك سنّاً وأغزر منك علماً من العلماء الذين أفتوا بوجوب الجهاد في العراق وأن القتال هناك جهاد شرعي لا غبار عليه !! أتريدنا أن نَسِمك بما وسمت به المجاهدين من حداثة السنّ وسفاهة الحلم لمخالفتك الأكابر !! ألا تستحي يا شيخ من مشايخك الذين علّموك العلم وأنت تعلن مخالفتك لهم في مسألة أجمع علماء الأمة كلهم عليها ، وهي مسألة "دفع العدو الصائل" !!

إن قلوبنا يا شيخ ليست ضيقة كما ادعيت ، ولكنها والله تسع المسلمين جميعاً ، وما ادعيته من كون المجاهدين يقصدون المسلمين بالقتل فهو محزن مخجل ، فكيف تخرج هذه الكلمات من فيك !! كيف يا شيخ تدعي بأن من خرج من داره وأهله وماله ووظيفته وسكونه وراحته وذهب إلى جبال أفغانستان والشيشان وكشمير والفلبين والصين وسهول العراق والصومال والسودان ليقي المسلمين شر القنابل وحر الرصاص بدمه وجسدة ويقاتل دون المسلمين وأعراضهم ، كيف تدعي بأن مثل هذا يقصد قتل المسلمين ، وهو ما خرج إلّا للدفاع عنهم وجعل نحره دون نحورهم !!

أمّا كون دولة آل سعود قامت على التوحيد وجلبت الأمن للناس فهذا بعضه صحيح وأكثره كذب ، فدولة عبد العزيز بن سعود الحديثة قامت على قطع رؤوس قادة الجهاد في حادثة الغدر المشهورة التي لا زالت حاضرة في قلوب كبار السن في جزيرة العرب ، وقصة الطائرات البريطانية التي قتلت المجاهدين "الإخوان" - لما أرادوا تحرير العراق - بطلب من عبد العزيز والرشاشات البريطانية التي فتكت بالمجاهدين أشهر من نار على علم ، وعمالة عبد العزيز وأبناءه للبريطانيين ثم للأمريكان وإمدادهم بالنفط المجاني وعلاقاتهم التجارية مع آل بوش أشهر من أن تخفى ، وسرقات أبناء عبد العزيز واستئثارهم بأموال المسلمين وإنفاقها على ملذاتهم وشهواتهم لا ينكرها إلا مكابر أحمق ، فأي دولة توحيد هذه !!
أما الأمن والأمان فليس كما تقول : فها هم يُلغون بعض الحدود إرضاء للنصارى لتنتشر الجريمة في عاصمة "دولة التوحيد" فلم يعد أحد يأمن على ماله ولا حتى على عرضه ، فأمر سرقة والأموال وخطف النساء لا يجهله سكان الرياض التي أنت فيها ، ولولا بقية باقية من الصالحين في هذه البلاد الطيب أهلها لسلّط الله عليها من يسومها سوء العذاب ، فنسأل الله السلامة والعافية للمسلمين في الأرض قاطبة ..

لقد قام التوحيد بفضل الله ثم بجهود العلماء ، وليس بأبناء عبد العزيز ، وإنما هم سمحوا للعلماء بنشر التوحيد لمّا كان في مصلحتهم ، ولما أصبح الأمر وبالاً عليهم أخذوا يضيّقون على الدعاة والعلماء حتى أمر كبيرهم بفصل أكثر من ثلاثة آلاف خطيب جملة واحدة بدعوى إعادة تأهيلهم وتدريبهم (بما يتوافق ورغبة النصارى) ، وسجنوا كل عالم جهر بالحق ، وهذا لا ينكره إلا معاند ، وهذا ما حصل مع المجاهدين : فلمّا كان الجهاد في صالح معبود آل سعود "أمريكا" ضد السوفييت ، كان الجهاد فرض عين والتحريض عليه من أوجب الواجبات ، وأنتم كنتم من المحرّضين عليه ، واشرطتكم لا زالت موجودة ، ولما انقلب القتال ضد إلههم في البيت الأبيض : أصبح الجهاد غلوّاً وتنطّعاً وضلالاً وظلاماً وخارجيّة وعنفاً ودماراً وتخريباً وتغريراً وتشويها للإسلام وافتئاتاً على الأمة وبعداً عن الوسطيّة وانحرافاً عن منهج النبوّة وتكفيراً وغيرها من الألقاب والمسميات التي تنفّر المسلمين وتخذّلهم عن أداء واجبهم الشرعي تجاه دينهم وأمتهم ..

لعلنا نذكّر الشيخ - ونُخبر من يجهل - بما فعله به أولياء أمر دولة التوحيد ، فكثير من الشباب لم يدركوا تلك الأيام العصيبة على الشيخ يوم أن سجنه بعض أبناء عبد العزيز بتهمة اللواط !! ولعلنا نذكّر الشيخ بأن أكثر المتعاطفين معه في تلك المحنة هم من يسِمُهم الشيخ اليوم بالغلو والتنطّع ، فسبحان مغيّر الأحوال {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (العنكبوت : 65) .. إن "المشروع الإسلامي" الذي زعم الشيخ لهذه الدولة السعودية ليست كما يدعي ، بل هذه الدولة هي أكبر مشروع "سرقة دولة" على مستوى العالم اليوم (كما شهد بذلك أصدقاء حكام الشيخ من النصارى في الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات التي هم فيها أعضاء) ..

إن قتل المجاهدين وأسرهم وتولّي النصارى ومصادقتهم وهتك أستار المسلمين ورميهم بالفاحشة وسجن علماء المسلمين يُعدُّ "مشروعاً إسلامياً" في نظر الشيخ ، وجهاد الكفار وإرهابهم وصدّهم عن بلاد الإسلام وإخراجهم منه يُعدُّ "مشروعاً ظلامياً ضلالياً تخريبيّاً تدميريا" {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (القلم : 35-36) !!

أما ما زعم الشيخ من أنه ليس للمجاهدين خطة ولا راية ولا فكر وأنهم لا يعرفون مَن يقاتلون ولِم يقاتلون وغيرها من الإدعاءات فهذه لا تستحق الرد منا ، إنما رد على ذلك معبود آل سعود عندما أعلن في أكثر من محفل نصراني بأن "المجاهدين يهدفون إلى إحياء الخلافة الإسلامية" ، فهل تدّعي يا شيخ بأن معبود أولياء أمرك كذّاب !!

إن المشكلة لا تكمن في الشيخ عائض وأمثاله (نسأل الله لهم الهداية) ، وإنما المشكلة تكمن في عوام الناس الذين يجهلون الكثير من أمور الدين ، وخاصة : فقه الجهاد وعقيدة الولاء والبراء ، فلا بد من تثقيف الناس حتى تتكون عندهم حصانة ضد أي دعوى مضللة ، وهذا لا يكون إلا بنشر نصوص الولاء والبراء ونصوص الجهاد من الكتاب والسنة ، ثم نشر أقوال علماء السلف ، عندها يعرف الناس الحق من الباطل ويمتاز الخبيث من الطيب ..

إن الكلمة التي سمعتها في الشريط غريبة على طريقة الشيخ ، فالشيخ عائض أديب ، ومن المستهجن عند الأدباء إعادة ذكر كلمات معينة في خطابك ، وهذا يُعد عندهم من قلّة البضاعة الأدبية ، والمتابع لدروس ومحاضرات الشيخ عائض يرى بُعده أشد البُعد عن تكرار الكلمات ، ولكنه في هذه الكلمة ركّز على مصطلحات بعينها "كالغلو والتكفير والتخريب والتفجير" وأعادها مراراً وتكرارا ، وهو بذلك يتبع سياسة إعلامية نصرانية بريطانية الأصل أمريكية التبنّي يلخّصها مثل عربي يقول "كثرة التّكرار تُعلّم الحِمار" ، وهذه السياسة الإعلامية تبنتها بعض القنوات العربية الرسمية مؤخرا ً ، فخروج الشيخ من سياق خطابه الأدبي المعروف إلى هذا النهج الرخيص المستند إلى احتقار عقول المستمعين يعد أمراً معيباً لرصيد الشيخ الأدبي ..

إن أعظم باب يلج منه بعض الناس اليوم هو : الخلط بين أحكام ونصوص جهاد الدفع وجهاد الطلب ، فيذكرون الراية وإذن الوالدين وإذن ولي الأمر والقدرة وغيرها من الأمور المنصوص عليها في غير محلها ليلبسوا على الناس ، وهذا أعظم تلبيس وخلط وقع للناس في هذا الباب ، وكثير من طلبة العلم يجهل الفروق بين شروط وأحكام جهاد الطلب وجهاد الدفع ، وكثير من الشباب يلتبس عليه الأمر وهو يقرأ النصوص ولا يدري أين يضعها ولا كيف يأخذ بها ، وكنت قد أعددت جدولاً يبين الفرق بين أحكام الجهادين لأضعه في غير هذا المكان ، ولكن لعل في تقديمه هنا فائدة :


فهذا الجدول فيه أهم الفروق بين جهاد الطلب وجهاد الدفع ، وفي بعض النقاط تفصيل لم يذكر خشية الإطالة :


تعريفه:
جهاد الطلب : غزو الكفار - غير المعاهدين - في بلادهم لتُحكم بالإسلام ، فإما يسلموا وإما يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
جهاد الدفع : قتال العدو وصده عن بلاد الإسلام إن دخلها أو همّ بدخولها

حُكمه
جهادالطلب : فرض كفاية - على رأي الجمهور - إذا فعله البعض سقط عن الباقين ، وقال بعضهم أنه فرض عين
جهاد الدفع : فرض عين بإتفاق العلماء ، حتى يخرج العدو من بلاد المسلمين أو يُصدَّ عنها

وقته
جهاد الطلب : يستحب مرة أو أكثر كل عام
جهاد الدفع : إذا دخل العدو بلاد الإسلام أو هم بالدخول

حكم فاعله
جهاد الطلب : يثاب عليه ويؤجر أجراً عظيما إن أخلص النية واتبع هدي رسول رب البرية صلى الله عليه وسلم
جهاد الدفع : يثاب عليه ويؤجر أجرا عظيما إن أخلص النية واتبع هدي رسول رب البرية صلى الله عليه وسلم

حكم تاركه
جهاد الطلب : لا يعاقب على تركه إذا حصلت الكفاية بغيره ، إلا أنّ من لم يغزو أو يحدث نفسه بالغزو يموت على شعبة من النفاق. ومن حضر الصف فلا يجوز له التولي إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة
جهاد الدفع : يأثم على تركه أشد الإثم لكونه ترَك بلاد ونساء وذراري المسلمين غنيمة للكفار.

حكم البعيد عن ساحة القتال (أبعد من مسافة قصر)
جهاد الطلب : الجهاد في حقه فرض كفاية يُؤجر عليه أو يُستحب له إتيانه. فإذا احتاج المسلمون له وهو يستطيع الوصول إليهم صار في حقه فرض عين.
جهاد الدفع : إذا لم تكن بالحاضرين كفاية صار الجهاد في حق البعيد فرض عين الأقرب فالأقرب حتى يعم الفرض الأرض كلها إلى أن يخرج الكفار من بلاد الإسلام ويُصَدّوا عنها.

الدعوة للإسلام
جهاد الطلب : دعى العدو إلى الإسلام إذا لم يبلغه من قَبل ، وإن بلغته الدعوة فيستحب (ولا تجب) دعوته ، ويُخيَّر بين الإسلام أو الجزية أو القتال ، ويمهل ثلاثة أيام.
جهاد الدفع : لا يُدعى العدو ، بل يقاتل بدون دعوة لأنه معتدي .

هل يُعتبر التكافؤ
جهاد الطلب : يُعتبر ، فإن كان العدو أكثر من الضعف جاز الفرار
جهاد الدفع : لا يُعتبر ، لأنه لو فر الرجال خلص العدو إلى نساء وذراري المسلمين ، فيجب قتالهم على كل حال.

هل يجوز الإنحياز
جهاد الطلب : يجوز إلى فئة ، أو مكيدة حسب المصلحة
جهاد الدفع : يجوز على نطاق ضيق ، ولا يجوز إن كان العدو يخلص لذراري ونساء المسلمين

هل يجوز الفرار
جهاد الطلب : يجوز إن كان العدو أكثر من الضعف ، ولا يجوز بغير عذر شرعي ، والفرار من السبع الموبقات.
جهاد الدفع : لا يجوز ، بل يجب القتال حتى تسلم بلاد الإسلام ويصد العدو عن نساء وذراري المسلمين.

شروطه
جهاد الطلب : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والحرية ، والذكورية ، والسلامة من الضرر ، ووجود النفقة
جهاد الدفع : قال ابن تيمية : فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط ، بل يدفع بحسب الإمكان.

جهاد المرأة
جهاد الطلب : قيل محرّم ، وقيل جائز بشروط : كأن لا تكون شابة ، وأن لا يُخاف عليها من الأسر وغيرها من الشروط .ولا شك أنه ليس بواجب.
جهاد الدفع : جائز مع وجود محرم فيما كان أبعد من مسافة القصر ، وقد يكون واجبا إن احتيج إليها ولم يكن في الرجال كفاية ، ولا تحتاج لإذن زوجها إذا كان واجبا عليها فيما دون مسافة القصر إن كانت قادرة على القتال.

إذن الوالدين
جهاد الطلب : واجب ، إلا أن يكونا غير مسلمين ، وفيه تفصيل
جهاد الدفع : غير معتبر ، ما لم يخف هلاك أحدهما أو كلاهما

إذن ولي الأمر
جهاد الطلب : مستحب ، ويُكره الغزو بدون إذنه ، ولا يحرُم
جهاد الدفع : غير معتبر ، وقد يُعد نفاقاً. انظر الآيات 44 و45 من سورة التوبة

إذن الدائن
جهاد الطلب : واجب ، على خلاف وتفصيل فيه
جهاد الدفع : غير معتبر

إذن عالم أو شيخ
جهاد الطلب : غير معتبر
جهاد الدفع : غير معتبر

إذن الزوج
جهاد الطلب : شرط
جهاد الدفع : لا يُشترط فيما دون مسافة القصر

إذن الزوجة
جهاد الطلب : غير معتبر
جهاد الدفع : غير معتبر

هذه أهم الفروق بين جهاد الطلب وجهاد الدفع ، وهي خلاصة أقوال علماء السلف ، وقد جمعتها هنا لتكون حرزا للمسلمين من تلبيس المخذلين والمرجفين والمنافقين والجاهلين الذين يخلطون أحكام جهاد الدفع بجهاد الطلب ويُغيّرون المفاهيم الشرعية الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأقوال أهل العلم الثقات من أعلام هذه الأمة ، فكل تلبيس في هذا الباب يستطيع الإنسان معرفة حقيقته بالرجوع إلى هذه الفروق ، إن شاء الله ، ولعل من يقرأ في فقه الجهاد يحتفظ بهذا الجدول حتى لا تلتبس عليه الأمور ..

لو شئت لأتيت على كل كلمة قالها الشيخ عائض في شريطه المذكور وجعلته حجة عليه ، ولكن هذه الإشارات كافية لمن كان له قلب ، ولعلي أنبه الشيخ عائض لنقطة غفل عنها كونه جاهلاً جهلاً مركّباً بالسياسة الدولية والألاعيب السياسية والحرب الدعائية ، فهو لم ينتبه بأن الساسة في أمريكا وأوروبا وغيرها من دول العالم لم يعودوا يجرؤوا على النيل من "قاعدة الجهاد" علناً أو يتهموها في نيتها أو منهجها ، وذلك لأنهم أدركوا بأن مثل هذا يُعد اليوم "انتحاراً سياسياً" كون "قاعدة الجهاد" أثبتت لسكان الأرض قاطبة أنها صادقة في دعواها ، وأنها على حق وتدافع عن حق ، فالعالم كله لم يعد يصدّق الدعاوى ضد قاعدة الجهاد ، بل حتى الشعب الأمريكي نفسه لم يعد يصدّق أيّ تهمة تُلصق بقاعدة الجهاد اليوم ، بل حتى ولاة أمر عائض أحجموا عن ذكر "قاعدة الجهاد" بسوء علناً لأن ذلك يستنزف من رصيدهم السياسي - إن كان لا زال عندهم رصيد - أسرع مما تستنزف رمال الصحراء ماء المطر ، فكل من رام انتقاص "قاعدة الجهاد" أبدل الله انتقاصه حسنات للمجاهدين وقلب الله مكْره نصراً إعلامياً للجهاد وأهله ، فمن يقارع حجّة قاعدة الجهاد اليوم كأنما ينطح برأسه الجبل الأشم ، وقديما قيل :

كناطح صخرة يوما ليفلقها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ

نسأل الله أن يصلح الشيخ عائض ويهديه ويلهمه الرشد والصواب وأن يجعل الحق على لسانه ولسان إخوانه من العلماء والدعاة ، وأن يجلعهم ممن يجاهدون باللسان والسنان ويقودون الأمة في جهادها لتحريرها من احتلال اليهود والصليبيين وتخليصها من حكم المنافقين والمرتدين ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه على عجالة
حسين بن محمود
12 صفر 1429هـ

طرابلسي
04-05-2008, 07:37 PM
بارك الله في الكاتب والناقل فقد أجاد وأفاد وهذا معلوم عنه من قبل
وانا من المتابعين لأغلب مقالاته من زمن منتدى الفوائد


------------

إن المشكلة لا تكمن في الشيخ عائض وأمثاله (نسأل الله لهم الهداية) ، وإنما المشكلة تكمن في عوام الناس الذين يجهلون الكثير من أمور الدين ، وخاصة : فقه الجهاد وعقيدة الولاء والبراء ، فلا بد من تثقيف الناس حتى تتكون عندهم حصانة ضد أي دعوى مضللة ، وهذا لا يكون إلا بنشر نصوص الولاء والبراء ونصوص الجهاد من الكتاب والسنة ، ثم نشر أقوال علماء السلف ، عندها يعرف الناس الحق من الباطل ويمتاز الخبيث من الطيب ..

مقاوم
04-05-2008, 08:01 PM
مقال رائع بحق ويضع النقاط على الحروف غفر الله للشيخ عائض وهداه سواء السبيل.
جزى الله الكاتب والناقل خيرا.

أبو شمس
04-06-2008, 10:26 PM
جزاكم الله خيراً وشكراً على قراءتكم للمقال .

طرابلسي
06-06-2008, 07:09 PM
------------

إن المشكلة لا تكمن في الشيخ عائض وأمثاله (نسأل الله لهم الهداية) ، وإنما المشكلة تكمن في عوام الناس الذين يجهلون الكثير من أمور الدين ، وخاصة : فقه الجهاد وعقيدة الولاء والبراء ، فلا بد من تثقيف الناس حتى تتكون عندهم حصانة ضد أي دعوى مضللة ، وهذا لا يكون إلا بنشر نصوص الولاء والبراء ونصوص الجهاد من الكتاب والسنة ، ثم نشر أقوال علماء السلف ، عندها يعرف الناس الحق من الباطل ويمتاز الخبيث من الطيب ..


أحسن البيان وعلِم مكمن الداء العضال

مقاوم
06-06-2008, 07:27 PM
"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"

موسى بن نصير
06-09-2008, 04:15 PM
احترم عائض القرني كثيرا واحبه ايضا (فهو عالم في زمن قل فيه العلم النافع )
شكلكم قربتم تصفوه في سلسلة (المغضوب عليهم من الطواغيت).. اين انتم من الأمس القريب؟

و عند جهينة
06-09-2008, 10:46 PM
احترم عائض القرني كثيرا واحبه ايضا (فهو عالم في زمن قل فيه العلم النافع )
شكلكم قربتم تصفوه في سلسلة (المغضوب عليهم من الطواغيت).. اين انتم من الأمس القريب؟

يا مقلب القلوب , ثبت قلبي على دينك
بالامس القريب
لم يكن الشيخ عائض
كما هو اليوم
فالسؤال يجب ان يوجه له
وليس لمن يقرأ كتاباته وافكاره الحالية

كلنا كنا نحب الشيخ عائض عندما كان يقول الحق وكنا معه
ولسنا معه عندما يبتعد عن الحق
وما نراه الان يؤلمنا كمسلمين
واسأل الله ان لا يحذو الشيخ عائض حذو العبيكان

على اي حال فان حب الجاه وعيش الرفاهية تغير النفوس

اللهم ثبت قلوبنا على دين الحق

وارجو منك يا اخي موسى بن نصير ان تقرأ مرة اخرى وبتأن ما كتبه الشيخ عائض هداه الله

موسى بن نصير
06-10-2008, 04:14 PM
يا مقلب القلوب , ثبت قلبي على دينك
اللهم آمين وقلوبنا بعد
والله ياخوي شكله زمانا زمان الشجرة اللي نعض عليها الله المستعان