تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بينوا لنا يرحمكم الله ................



عبد الله بوراي
04-03-2008, 08:01 PM
الحد الفاصل بين التقية والكذب والعلاقة المشتركة بينهما

جزاكم الله خيراً

عبد الله

عزام
04-03-2008, 08:08 PM
التقية بالمعنى الممارس من قبل البعض هي اسوأ من الكذب
هي نفاق..
اليس كذلك اخي عبدالله؟
عزام

عبد الله بوراي
04-03-2008, 08:16 PM
حتى وإن شبوا عليها وظنوا أنها من الدين الذى شُرب إليهم من دون أدنى تمحيص أو روية , وقد غُيبت عقولهم كما غاب
إمامها الهارب من المخابرات العباسية إلى سرداب المجهول..؟

زدنا أخى

زادك الله من كرمه

عبد الله

عزام
04-03-2008, 08:26 PM
السلام عليكم اخي عبدالله
هذا بيان للفرق بين التقية من وجهة نظر السنة والتقية من وجهة نظر الشيعة
عزام
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=42340

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد:
فهذا إيجاز من القول عن التقية والخدعة وما يتصل بهما في أعمال المسلم في الأحوال المختلفة:
تعريف التقية:
لغة: من اتقيت الشيء وتَقَيته وأتَّقيه تقىً وتَقِيّة وتقاء، حذرته.
اصطلاحاً: عرفها ابن حجر بقوله: التقية: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير(فتح الباري12/314)، وقد ورد في معنى التقية آيات قرآنية وأحاديث نبوية فمن الآيات: قوله –تعالى-:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير"[آل عمران: 28]، عن ابن عباس – رضي الله عنهما- في قوله –تعالى-:"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره، إنما التقية باللسان".(تفسير ابن أبي حاتم ج2/ص629) .
وقال ابن كثير:" أي إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما قال البخاري، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه - أنه قال :"إنا لنبشّ في وجوه أقوام، وقلوبنا تلعنهم" انظر ما رواه البخاري تعليقاً في كتاب: الأدب باب: المداراة مع الناس، وقال البخاري: قال الحسن: "التقية إلى يوم القيامة" انظر صحيح البخاري كتاب الإكراه. (ابن كثير 360-361).
وقال النسفي في معنى الاستثناء:" إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه، أي: إلا أن يكون للكافر عليك سلطان، فتخافه على نفسك، ومالك، وحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة وإبطال العداوة ".(تفسير النسفي 153/1).
ومنها قوله –تعالى-: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم"[النحل: 106].قال ابن جرير في سبب نزول هذه الآية :"أخذ المشركون عماراً فعذّبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال له كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئناً بالإيمان، قال – صلى الله عليه وسلم- :" فإن عادوا فعد ".(تفسير الطبري 181/8).
وقال ابن كثير: "ولهذا اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي؛ إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يأبى" . (ابن كثير 1078).
وأما السنة: فقد روى البخاري في صحيحه(2510)، ومسلم(1801) عن جابر- رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَه؟ُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ – رضي الله عنه- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَال:َ "نَعَمْ"، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَال:َ "قُلْ"، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ – رضي الله عنه- فَقَال:َ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَة،ً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّه،ُ قَال:َ إِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاه،ُ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن،ِ- وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَال:َ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن-ِ فَقَالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَال:َ ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَب؟ِ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُم،ْ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ فَيُقَال:ُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَة،َ قَالَ سُفْيَان:ُ يَعْنِي السِّلَاح،َ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَه،ُ فَجَاءَهُ لَيْلًا، وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُه:ُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَال:َ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ- وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَت:ْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَال:َ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو، قَالَ سَمَّى بَعْضَهُم؟ْ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْن،ِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْر،ٍ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوه،ُ وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا، وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيب،ِ فَقَال:َ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا أَيْ أَطْيَبَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَال:َ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَب،ِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَك؟َ قَال:َ نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَه،ُ ثُمَّ قَال:َ أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ فَقَتَلُوه،ُ ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ".
قال النووي : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز خِدَاع الْكُفَّار فِي الْحَرْب , وَكَيْف أَمْكَنَ الْخِدَاع إِلَّا أَنْ يَكُون فِيهِ نَقْضُ عَهْد أَوْ أَمَان فَلَا يَحِلّ , وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء : أَحَدهَا فِي الْحَرْب .(شرح النووي لصحيح مسلم 45/12).
قال ابن حجر : . وَفِيهِ التَّحْرِيض عَلَى أَخْذ الْحَذَر فِي الْحَرْب , وَالنَّدْب إِلَى خِدَاع الْكُفَّار , وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَن أَنْ يَنْعَكِس الْأَمْر عَلَيْهِ, قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : الْخِدَاع فِي الْحَرْب يَقَع بِالتَّعْرِيضِ وَبِالْكَمِينِ وَنَحْو ذَلِكَ . وَفِي الْحَدِيث الْإِشَارَة إِلَى اِسْتِعْمَال الرَّأْي فِي الْحَرْب، بَلْ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ آكَد مِنْ الشَّجَاعَة , وَكَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُشِير إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث, وَهُوَ كَقَوْلِهِ " الْحَجّ عَرَفَة " , قَالَ اِبْن الْمُنِير : مَعْنَى الْحَرْب خَدْعَة أَيْ الْحَرْب الْجَيِّدَة لِصَاحِبِهَا الْكَامِلَة فِي مَقْصُودهَا إِنَّمَا هِيَ الْمُخَادَعَة لَا الْمُوَاجَهَة , وَذَلِكَ لِخَطَرِ الْمُوَاجَهَة وَحُصُول الظَّفَر مَعَ الْمُخَادَعَة بِغَيْرِ خَطَر.(فتح الباري 158/6).
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بترجمتين، فقال: باب: الكذب في الحرب، وباب: الفتك بأهل الحرب، ونقل ابن حجر عن ابن العربي أنه قال :" الْكَذِب فِي الْحَرْب مِنْ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِز بِالنَّصّ؛ِ رِفْقًا بِالْمُسْلِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ" ثم قال ابن حجر :" وَيُقَوِّيه مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد(12001) وَابْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَنَس-رضي الله عنه- فِي قِصَّة الْحَجَّاج بْن عِلَاط الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم فِي اِسْتِئْذَانه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول عَنْهُ مَا شَاءَ لِمَصْلَحَتِهِ فِي اِسْتِخْلَاص مَاله مِنْ أَهْل مَكَّة، وَأَذِنَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَإِخْبَاره لِأَهْلِ مَكَّة أَنَّ أَهْل خَيْبَر هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَشْهُور فِيهِ".(فتح الباري 159/6).
وأشار أهل العلم إلى أن الإجماع في مسألة الإكراه، قال ابن حجر :" قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ألا يحكم عليه بالكفر، ولا تبين منه زوجته".(فتح الباري 314/12)
ومن مجموع ذلك يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة هي إظهار المسلم لبعض الأقوال والفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك؛ من أجل اجتناب شرهم، مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها . ( انظر فقه الإيمان والعمل الصالح د. العمري 520).
ضوابط التقية عند أهل السنة والجماعة:
الأول: ألا تكون التقية طريقاً للانفلات من ربقة التكاليف الشرعية، فلا يجوز الخروج عن حدود الشرع بحجة التقية.
ثانياً: التقية رخصة لا يلجأ إليها إلا في حال الاضطرار، والأخذ بالعزيمة أفضل. قال ابن حجر: (قال ابن بطال: أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله ممن اختار الرخصة، وأما غير الكفر فان أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلاً فالفعل أولى) (فتح الباري ج12/ص317).
ثالثاً: التقية لحال الضرورة تقدر بقدرها، فإذا اضطر المسلم إلى التقية وجب عليه أن يتقي الكفار بأدنى ما يمكن مما هو خروج عن حدود الشرع، وهذا لا يتعدى اللسان في كثير من الأحوال.
رابعاً: وجوب السعي للخروج من حكم الاضطرار أو الإكراه الذي أباح للمسلم التقية.
خامساً: التقية عند أهل السنة غالباً ما تكون مع الكفار وفي حال الإكراه والاضطرار.
ومن الناحية العملية هناك عدة حالات تطبيقية في حياة المسلمين المعاصرة منها :
أ- في حروب المواجهة العسكرية التقية بالكذب عند الحاجة جائز؛ لتحقيق مصلحة المسلمين ودفع الضرر والأذى عنهم دون أن يكون فيه غدر بنقض عهد أو أمان صريح، وهو من أعمال الحروب عامة .
ب- الأمة الإسلامية في حالة ضعف، ومن جهة أخرى هي في حالة مواجهة وحرب شعواء في المجالات العسكرية، فهناك حرب اقتصادية صناعية تحارب فيها الأمة؛ لئلا تمتلك ناصية العلم وأسرار التكنولوجيا، وتبقى عالة على أعدائها، وهناك حرب في مجال التعليم على المناهج؛ لمسخها وتفريغها من محتواها الذي يتضمن ثوابت الدين وهوية الأمة، وهكذا وكل ميدان من هذه الميادين يدخل فيه – بحسب تقدير الضرورة والحاجة – ضرب من التقية والخدعة، كأن يتم تحصيل أسرار العلوم والتكنولوجيا دون التصريح بهذا الهدف وبوسيلة لا تكشف التوجه بل بطرق وأساليب غير مباشرة وغير ظاهرة ونحو ذلك.
ج- المسلمون المستضعفون المضطهدون في بلاد ودول تحاربهم وتمنعهم من إظهار دينهم وهويتهم والقيام بأداء فرائضهم وشعائرهم كما كانت حالة المسلمين في الاتحاد السوفيتي الشيوعي سابقاً، وكما هو حال بعض المسلمين في مناطق الهند وبورما وغيرها، فهؤلاء ينطبق عليهم وضع الاضطرار الذي يقدرون فيه حاجتهم إلى خفاء ما يضر إظهاره، وإظهار ما يدفع عنه الأذى ولو كان غير حقيقي .
د- المسلمون في بلاد غير مسلمة وليسوا مضطهدين، ولكن القوانين المعمول بها في تلك البلاد تتعارض مع الأحكام الإسلامية؛ كمنع التعدد وكذلك ترتب الضرر على إظهار وإعلان بعض الأحكام الإسلامية لعدم فهم وتقبل المجتمعات لها، كما هو حال المسلمين في أوروبا ونحوها فإن لعلمائهم أن يجتهدوا في بعض ما فيه حاجة وضرورة لاتخاذ المناسب الذي يحقق المصالح ويدفع المفاسد، وإن كان عن طريق التورية والمعاريض وربما الكذب في حال الضرر الكبير والمفسدة العظيمة .
فحال المسلم في ديار الإسلام ورفع رايته وتطبيق شريعته يختلف عن المسلم في بلاد ومجتمعات وتشريعات ليست إسلامية فالأول يظهر الإسلام وشرائعه وشعائره والاعتزاز به ما قد لا يتاح مثله للثاني.
قال ابن تيمية :" لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر؛ لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة" .(اقتضاء الصراط المستقيم 176-177).
ولا بد من التنبيه على أهمية مراعاة الضوابط المذكورة سابقاً، ومن المهم أن يكون الحرص عظيماً على التدين والإخلاص لله والورع، ثم عدم التوسع في مثل هذه المسائل بما لا تقتضيه الضرورات والحاجات الحقيقية، مع أهمية الانتباه إلى أنه ليس لكل أحد تقدير تلك الضرورات والإفتاء فيها بما يناسبها من التصرفات، وخاصة في المسائل العامة التي تتعلق بجميع أحوال المسلمين والجاليات الإسلامية في غير ديار الإسلام بل مرد ذلك إلى أهل العلم منهم للبحث في تلك المسائل بالرجوع لنصوص الشرع وقواعد وأصول الفقه ومقاصد الشريعة حتى تنضبط الأمور ويظل ارتباط المسلمين قوياً بدينهم وكتابهم وسنة نبيهم – صلى الله عليه وسلم-.
والتقية مصطلح له دلالة خاصة عند الشيعة ورأيت من المناسب إيجاز القول في بيان ذلك :
التقية عند الشيعة الإمامية.(ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983)
تعريفها: (هي كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضراراً في الدين أو الدنيا).
واستدل الشيعة على التقية بالآيات التي استدل بها أهل السنة، ولكنهم توسعوا في استخدامها وخرجوا بها من حال الضرورة إلى حال الاختيار، فهي عندهم سلوك جماعي دائم وحالة مستمرة حتى يخرج القائم وهو محمد بن الحسن العسكري من سرداب سامراء. قال ابن بابويه من أئمتهم في كتابه الاعتقادات: (والتقية واجبة، لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله –تعالى- وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة).( ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/983).
وتقية الشيعة مع المسلمين ولا سيما أهل السنة؛ لأنهم يرون أهل السنة أشد كفراً من اليهود والنصارى لأن منكر إمامة الاثني عشر أشد من منكر النبوة عندهم.
ويرى الشيعة أن عصر القرون المفضلة عهد تقية.
التقية عندهم ركن من أركان دينهم كالصلاة أو أعظم، حتى قال قائلهم (اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة) وجعلوا التقية (تسعة أعشار الدين) (وأن من لا تقية له لا إيمان له)
وهي عندهم مطلوبة حتى مع انتفاء ما يبررها، ففي كتبهم (عليكم بالتقية؛ فإنه ليس منا من لما يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمن جانبه؛ لتكون سجية مع من يحذره).
سبب غلو الشيعة في أمر التقية:
1- أن الشيعة تعد بيعة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - باطلة وهم ومن بايعهم في عداد الكفار، وعليٌّ - رضي الله عنه - ممن بايعهم وصلى خلفهم وجاهد معهم وسار على نهجهم وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه فخرجوا من هذا التناقض بالقول بالتقية .

2- تبرير التناقض في مرويات الأئمة الذين زعموا لهم العصمة، فقالوا بالتقية؛ لتبرير هذا التناقض.
3- تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة ومحاولة التعتيم على حقيقة مذهب أهل البيت، بحيث يوهمون الأتباع أن ما ينقله واضعو مبدأ التقية عن الأئمة هو مذهبهم، وأما ما اشتهر عن الأئمة وذاع عنهم وفعلوه أمام المسلمين فلا يمثل مذهبهم، وإنما يفعلونه تقية، فيسهل على أولئك الكذابين رد أقوالهم والدس عليهم وتكذيب ما يروى عنهم من حق.
وضع مبدأ التقية لعزل الشيعة عن المسلمين ، يقول أحد أئمتهم: (ما سمعتَ مني يشبه قول الناس- يعني أهل السنة- فيه التقية، وما سمعت مني لايشبه قول الناس فلا تقية فيه). وهذا مبدأ خطير، يؤدي بالشيعة إلى جعل مخالفة المسلمين هي القاعدة، وبالتالي يوافقون الكافرين ويخالفون المسلمين.
فالتقية عند الشيعة الإمامية نفاق لا يمت إلى الإسلام بصلة، ويجب على المسلم أن يتجنبها، ويحذر من هؤلاء الشيعة، وألا يثق بما يقولونه؛ لأن الأصل عندهم هو التقية، وهم كالمنافقين الذين وصفهم الله بقوله: "يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم"[الفتح: 11].
(ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983)
والله –تعالى- أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

عبد الله بوراي
04-03-2008, 08:35 PM
السلام عليكم اخي عبدالله
هذا بيان للفرق بين التقية من وجهة نظر السنة والتقية من وجهة نظر الشيعة
عزام
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=42340

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد:
فهذا إيجاز من القول عن التقية والخدعة وما يتصل بهما في أعمال المسلم في الأحوال المختلفة:
تعريف التقية:
لغة: من اتقيت الشيء وتَقَيته وأتَّقيه تقىً وتَقِيّة وتقاء، حذرته.
اصطلاحاً: عرفها ابن حجر بقوله: التقية: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير(فتح الباري12/314)، وقد ورد في معنى التقية آيات قرآنية وأحاديث نبوية فمن الآيات: قوله –تعالى-:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير"[آل عمران: 28]، عن ابن عباس – رضي الله عنهما- في قوله –تعالى-:"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره، إنما التقية باللسان".(تفسير ابن أبي حاتم ج2/ص629) .
وقال ابن كثير:" أي إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما قال البخاري، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه - أنه قال :"إنا لنبشّ في وجوه أقوام، وقلوبنا تلعنهم" انظر ما رواه البخاري تعليقاً في كتاب: الأدب باب: المداراة مع الناس، وقال البخاري: قال الحسن: "التقية إلى يوم القيامة" انظر صحيح البخاري كتاب الإكراه. (ابن كثير 360-361).
وقال النسفي في معنى الاستثناء:" إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه، أي: إلا أن يكون للكافر عليك سلطان، فتخافه على نفسك، ومالك، وحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة وإبطال العداوة ".(تفسير النسفي 153/1).
ومنها قوله –تعالى-: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم"[النحل: 106].قال ابن جرير في سبب نزول هذه الآية :"أخذ المشركون عماراً فعذّبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال له كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئناً بالإيمان، قال – صلى الله عليه وسلم- :" فإن عادوا فعد ".(تفسير الطبري 181/8).
وقال ابن كثير: "ولهذا اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي؛ إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يأبى" . (ابن كثير 1078).
وأما السنة: فقد روى البخاري في صحيحه(2510)، ومسلم(1801) عن جابر- رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَه؟ُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ – رضي الله عنه- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَال:َ "نَعَمْ"، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَال:َ "قُلْ"، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ – رضي الله عنه- فَقَال:َ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَة،ً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّه،ُ قَال:َ إِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاه،ُ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن،ِ- وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَال:َ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن-ِ فَقَالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَال:َ ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَب؟ِ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُم،ْ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ فَيُقَال:ُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَة،َ قَالَ سُفْيَان:ُ يَعْنِي السِّلَاح،َ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَه،ُ فَجَاءَهُ لَيْلًا، وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُه:ُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَال:َ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ- وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَت:ْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَال:َ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو، قَالَ سَمَّى بَعْضَهُم؟ْ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْن،ِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْر،ٍ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوه،ُ وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا، وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيب،ِ فَقَال:َ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا أَيْ أَطْيَبَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَال:َ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَب،ِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَك؟َ قَال:َ نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَه،ُ ثُمَّ قَال:َ أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ فَقَتَلُوه،ُ ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ".
قال النووي : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز خِدَاع الْكُفَّار فِي الْحَرْب , وَكَيْف أَمْكَنَ الْخِدَاع إِلَّا أَنْ يَكُون فِيهِ نَقْضُ عَهْد أَوْ أَمَان فَلَا يَحِلّ , وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء : أَحَدهَا فِي الْحَرْب .(شرح النووي لصحيح مسلم 45/12).
قال ابن حجر : . وَفِيهِ التَّحْرِيض عَلَى أَخْذ الْحَذَر فِي الْحَرْب , وَالنَّدْب إِلَى خِدَاع الْكُفَّار , وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَن أَنْ يَنْعَكِس الْأَمْر عَلَيْهِ, قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : الْخِدَاع فِي الْحَرْب يَقَع بِالتَّعْرِيضِ وَبِالْكَمِينِ وَنَحْو ذَلِكَ . وَفِي الْحَدِيث الْإِشَارَة إِلَى اِسْتِعْمَال الرَّأْي فِي الْحَرْب، بَلْ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ آكَد مِنْ الشَّجَاعَة , وَكَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُشِير إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث, وَهُوَ كَقَوْلِهِ " الْحَجّ عَرَفَة " , قَالَ اِبْن الْمُنِير : مَعْنَى الْحَرْب خَدْعَة أَيْ الْحَرْب الْجَيِّدَة لِصَاحِبِهَا الْكَامِلَة فِي مَقْصُودهَا إِنَّمَا هِيَ الْمُخَادَعَة لَا الْمُوَاجَهَة , وَذَلِكَ لِخَطَرِ الْمُوَاجَهَة وَحُصُول الظَّفَر مَعَ الْمُخَادَعَة بِغَيْرِ خَطَر.(فتح الباري 158/6).
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بترجمتين، فقال: باب: الكذب في الحرب، وباب: الفتك بأهل الحرب، ونقل ابن حجر عن ابن العربي أنه قال :" الْكَذِب فِي الْحَرْب مِنْ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِز بِالنَّصّ؛ِ رِفْقًا بِالْمُسْلِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ" ثم قال ابن حجر :" وَيُقَوِّيه مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد(12001) وَابْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَنَس-رضي الله عنه- فِي قِصَّة الْحَجَّاج بْن عِلَاط الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم فِي اِسْتِئْذَانه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول عَنْهُ مَا شَاءَ لِمَصْلَحَتِهِ فِي اِسْتِخْلَاص مَاله مِنْ أَهْل مَكَّة، وَأَذِنَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَإِخْبَاره لِأَهْلِ مَكَّة أَنَّ أَهْل خَيْبَر هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَشْهُور فِيهِ".(فتح الباري 159/6).
وأشار أهل العلم إلى أن الإجماع في مسألة الإكراه، قال ابن حجر :" قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ألا يحكم عليه بالكفر، ولا تبين منه زوجته".(فتح الباري 314/12)
ومن مجموع ذلك يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة هي إظهار المسلم لبعض الأقوال والفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك؛ من أجل اجتناب شرهم، مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها . ( انظر فقه الإيمان والعمل الصالح د. العمري 520).
ضوابط التقية عند أهل السنة والجماعة:
الأول: ألا تكون التقية طريقاً للانفلات من ربقة التكاليف الشرعية، فلا يجوز الخروج عن حدود الشرع بحجة التقية.
ثانياً: التقية رخصة لا يلجأ إليها إلا في حال الاضطرار، والأخذ بالعزيمة أفضل. قال ابن حجر: (قال ابن بطال: أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله ممن اختار الرخصة، وأما غير الكفر فان أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلاً فالفعل أولى) (فتح الباري ج12/ص317).
ثالثاً: التقية لحال الضرورة تقدر بقدرها، فإذا اضطر المسلم إلى التقية وجب عليه أن يتقي الكفار بأدنى ما يمكن مما هو خروج عن حدود الشرع، وهذا لا يتعدى اللسان في كثير من الأحوال.
رابعاً: وجوب السعي للخروج من حكم الاضطرار أو الإكراه الذي أباح للمسلم التقية.
خامساً: التقية عند أهل السنة غالباً ما تكون مع الكفار وفي حال الإكراه والاضطرار.
ومن الناحية العملية هناك عدة حالات تطبيقية في حياة المسلمين المعاصرة منها :
أ- في حروب المواجهة العسكرية التقية بالكذب عند الحاجة جائز؛ لتحقيق مصلحة المسلمين ودفع الضرر والأذى عنهم دون أن يكون فيه غدر بنقض عهد أو أمان صريح، وهو من أعمال الحروب عامة .
ب- الأمة الإسلامية في حالة ضعف، ومن جهة أخرى هي في حالة مواجهة وحرب شعواء في المجالات العسكرية، فهناك حرب اقتصادية صناعية تحارب فيها الأمة؛ لئلا تمتلك ناصية العلم وأسرار التكنولوجيا، وتبقى عالة على أعدائها، وهناك حرب في مجال التعليم على المناهج؛ لمسخها وتفريغها من محتواها الذي يتضمن ثوابت الدين وهوية الأمة، وهكذا وكل ميدان من هذه الميادين يدخل فيه – بحسب تقدير الضرورة والحاجة – ضرب من التقية والخدعة، كأن يتم تحصيل أسرار العلوم والتكنولوجيا دون التصريح بهذا الهدف وبوسيلة لا تكشف التوجه بل بطرق وأساليب غير مباشرة وغير ظاهرة ونحو ذلك.
ج- المسلمون المستضعفون المضطهدون في بلاد ودول تحاربهم وتمنعهم من إظهار دينهم وهويتهم والقيام بأداء فرائضهم وشعائرهم كما كانت حالة المسلمين في الاتحاد السوفيتي الشيوعي سابقاً، وكما هو حال بعض المسلمين في مناطق الهند وبورما وغيرها، فهؤلاء ينطبق عليهم وضع الاضطرار الذي يقدرون فيه حاجتهم إلى خفاء ما يضر إظهاره، وإظهار ما يدفع عنه الأذى ولو كان غير حقيقي .
د- المسلمون في بلاد غير مسلمة وليسوا مضطهدين، ولكن القوانين المعمول بها في تلك البلاد تتعارض مع الأحكام الإسلامية؛ كمنع التعدد وكذلك ترتب الضرر على إظهار وإعلان بعض الأحكام الإسلامية لعدم فهم وتقبل المجتمعات لها، كما هو حال المسلمين في أوروبا ونحوها فإن لعلمائهم أن يجتهدوا في بعض ما فيه حاجة وضرورة لاتخاذ المناسب الذي يحقق المصالح ويدفع المفاسد، وإن كان عن طريق التورية والمعاريض وربما الكذب في حال الضرر الكبير والمفسدة العظيمة .
فحال المسلم في ديار الإسلام ورفع رايته وتطبيق شريعته يختلف عن المسلم في بلاد ومجتمعات وتشريعات ليست إسلامية فالأول يظهر الإسلام وشرائعه وشعائره والاعتزاز به ما قد لا يتاح مثله للثاني.
قال ابن تيمية :" لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر؛ لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة" .(اقتضاء الصراط المستقيم 176-177).
ولا بد من التنبيه على أهمية مراعاة الضوابط المذكورة سابقاً، ومن المهم أن يكون الحرص عظيماً على التدين والإخلاص لله والورع، ثم عدم التوسع في مثل هذه المسائل بما لا تقتضيه الضرورات والحاجات الحقيقية، مع أهمية الانتباه إلى أنه ليس لكل أحد تقدير تلك الضرورات والإفتاء فيها بما يناسبها من التصرفات، وخاصة في المسائل العامة التي تتعلق بجميع أحوال المسلمين والجاليات الإسلامية في غير ديار الإسلام بل مرد ذلك إلى أهل العلم منهم للبحث في تلك المسائل بالرجوع لنصوص الشرع وقواعد وأصول الفقه ومقاصد الشريعة حتى تنضبط الأمور ويظل ارتباط المسلمين قوياً بدينهم وكتابهم وسنة نبيهم – صلى الله عليه وسلم-.
والتقية مصطلح له دلالة خاصة عند الشيعة ورأيت من المناسب إيجاز القول في بيان ذلك :
التقية عند الشيعة الإمامية.(ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983)
تعريفها: (هي كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضراراً في الدين أو الدنيا).
واستدل الشيعة على التقية بالآيات التي استدل بها أهل السنة، ولكنهم توسعوا في استخدامها وخرجوا بها من حال الضرورة إلى حال الاختيار، فهي عندهم سلوك جماعي دائم وحالة مستمرة حتى يخرج القائم وهو محمد بن الحسن العسكري من سرداب سامراء. قال ابن بابويه من أئمتهم في كتابه الاعتقادات: (والتقية واجبة، لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله –تعالى- وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة).( ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/983).
وتقية الشيعة مع المسلمين ولا سيما أهل السنة؛ لأنهم يرون أهل السنة أشد كفراً من اليهود والنصارى لأن منكر إمامة الاثني عشر أشد من منكر النبوة عندهم.
ويرى الشيعة أن عصر القرون المفضلة عهد تقية.
التقية عندهم ركن من أركان دينهم كالصلاة أو أعظم، حتى قال قائلهم (اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة) وجعلوا التقية (تسعة أعشار الدين) (وأن من لا تقية له لا إيمان له)
وهي عندهم مطلوبة حتى مع انتفاء ما يبررها، ففي كتبهم (عليكم بالتقية؛ فإنه ليس منا من لما يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمن جانبه؛ لتكون سجية مع من يحذره).
سبب غلو الشيعة في أمر التقية:
1- أن الشيعة تعد بيعة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - باطلة وهم ومن بايعهم في عداد الكفار، وعليٌّ - رضي الله عنه - ممن بايعهم وصلى خلفهم وجاهد معهم وسار على نهجهم وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه فخرجوا من هذا التناقض بالقول بالتقية .

2- تبرير التناقض في مرويات الأئمة الذين زعموا لهم العصمة، فقالوا بالتقية؛ لتبرير هذا التناقض.
3- تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة ومحاولة التعتيم على حقيقة مذهب أهل البيت، بحيث يوهمون الأتباع أن ما ينقله واضعو مبدأ التقية عن الأئمة هو مذهبهم، وأما ما اشتهر عن الأئمة وذاع عنهم وفعلوه أمام المسلمين فلا يمثل مذهبهم، وإنما يفعلونه تقية، فيسهل على أولئك الكذابين رد أقوالهم والدس عليهم وتكذيب ما يروى عنهم من حق.
وضع مبدأ التقية لعزل الشيعة عن المسلمين ، يقول أحد أئمتهم: (ما سمعتَ مني يشبه قول الناس- يعني أهل السنة- فيه التقية، وما سمعت مني لايشبه قول الناس فلا تقية فيه). وهذا مبدأ خطير، يؤدي بالشيعة إلى جعل مخالفة المسلمين هي القاعدة، وبالتالي يوافقون الكافرين ويخالفون المسلمين.
فالتقية عند الشيعة الإمامية نفاق لا يمت إلى الإسلام بصلة، ويجب على المسلم أن يتجنبها، ويحذر من هؤلاء الشيعة، وألا يثق بما يقولونه؛ لأن الأصل عندهم هو التقية، وهم كالمنافقين الذين وصفهم الله بقوله: "يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم"[الفتح: 11].
(ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983)
والله –تعالى- أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

الآن حصْحص الحق