تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العرب بعد قمتهم الدمشقية



من هناك
03-31-2008, 03:30 PM
بعد شد وجذب ومراشقات ومناوشات إعلامية وسياسية مبطنة وصريحة أسدل الستار على القمة العربية العشرين بعد جلسة ختامية أعلن فيها بيان القمة والذي سمي بإعلان دمشق. البيان التوافقي تم صياغته بعناية كبيرة وهو وإن كان محل إجماع ولكنه يفتقد بطبيعة الحال إلى آلية التنفيذ كما أن المواقف العربية المتباعدة والمتنافرة من القضايا المطروحة فيه والتي أدت لغياب الكثير من القادة العرب عن المؤتمر تجعل من تطبيق ما جاء فيه أمرا عزيز المنال وصعب التحقيق.
لعل الإجماع العربي الرئيسي والذي حدث منذ أعوام كان يدور حول مبادرة السلام العربية, والتي جددت القمة الالتزام بها رغم تحذير بيانها الختامي إسرائيل من أن مبادرة السلام تلك مرتبطة بسلوكيات إسرائيل وببدء تنفيذها لالتزاماتها في إطار المرجعيات الدولية, وبأن الحكومات العربية ستراجع استراتيجياتها بشأن السلام مع إسرائيل دون توضيح طبيعة الخيارات التي سيجري النظر فيها ولا المدى الزمني لتلك المراجعة.
يأتي الاستمرار العربي في طرح المبادرة على الرغم من توجيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المؤتمر انتقادات حادة إلى إسرائيل واتهامها بتقويض مفاوضات السلام ببناء مزيد من المستوطنات طالبا من الدول العربية إرسال قوات لحماية الفلسطينيين. عباس تحدث بلهجة متشائمة للغاية بشأن مباحثات السلام قائلا بأن الشهران المقبلان حاسمان, فإذا لم نصل إلى حل بنهاية العام الجاري يعني هذا إن المنطقة كلها ستكون على حافة التوتر وفقدان الثقة في السلام. مضيفا بأن الشهور القليلة الأخيرة شهدت تصعيدا في التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية, ويبدو واضحا إن الحكومة الإسرائيلية تفرض على الأرض الحل السياسي الذي تريده, حسب قوله.
وعلى الرغم من أن أجواء المؤتمر تفترض حدا أدنى من التناغم فإن حملات إعلامية واتهامات متبادلة تزامنت معه, كما إن زيارة كونداليزا رايس للمنطقة في يوم افتتاح المؤتمر حملت رسالة واضحة, وكأن الإدارة الأمريكية أرادت أن تزود خصومها بذخائر إعلامية وسياسية تساهم في تباعد مواقف العرب وتزيد من حدة انقساماتهم. انتهاء المؤتمر يحلل الكثير من الفرقاء من مواقفهم الدبلوماسية بحدها الأدنى مما يخشى معه مزيدا من التوتر في العلاقات العربية والتي قد تصل إلى مرحلة حادة من التوترات والتجاذبات.
في أيام المؤتمر وتحضيراته سقط في العراق مئات القتلى وفي الصومال عشرات الضحايا أما في فلسطين المحتلة فقد أصبح سقوط القتلى حدثا عاديا, في حين يرتفع البارومتر السياسي في المنطقة والتي أصبحت من أكثر المناطق توترا في العالم والتي يسقط فيها أعداد من الضحايا وتشهد معاناة إنسانية كبيرة قي أكثر من مكان, إلى حد ينذر بانفجار صراعات وحروب جديدة. الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أكثر من دولة عربية تشهد احتقانات كبيرة, فيما المشهد السياسي وانحسار الدور العربي والاكتفاء بتلقي الإهانات السياسية والضربات العسكرية وحملات الإساءة للمعتقدات والمقدسات الدينية يشكل مزيجا خطرا وقابلا للاشتعال في أي وقت مما يهدد ما تبقى من استقرار في المنطقة وبشكل مقلق.
المطلوب من الحكومات العربية استشعار الخطر والتهديدات الكبيرة في المنطقة وإطلاق الحريات السياسية وحرية التعبير والمشاركة, حتى يكون للمواطن دوره في اتخاذ القرارات المصيرية والتي ستقدم مصلحة الأمة العليا على المواقف والتشنجات والمحاور السياسية والتي سندفع جميعا أثمانها الباهظة شعوبا وحكومات.
ياسر سعد