تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العراق الأمريكي بعد خمس سنين عجاف



من هناك
03-21-2008, 07:02 PM
تمر علينا الذكرى الخامسة لغزو العراق واحتلاله وتدمير مقومات الحياة الكريمة فيه, خمس أعوام من القتل والتدمير والتهجير والنهب والعبث وتفجير الألغام الطائفية والمذهبية وتهديد وحدة العراق بعد اغتيال سيادته. وعود بوش في الديمقراطية والرفاهية تبخرت وحل محلها بؤس وفاقة, ورعب وذعر, وحاضر قاتم ومستقبل أسود. جرائم حرب ارتكبت وما تزال في العراق المنكوب, هذه صور سريعة تختصر بعضا من إنجازات إدارة بوش في عراق الموعود:


- قدرت صحيفة ذي أوبزرفر البريطانية في تقرير نشرته في سبتمبر الماضي وبناء على دراسة لوكالة بريطانية عدد قتلى الحرب الأمريكية على العراق بحوالي 1.2 مليون عراقي.

- في تقرير صدر في ابريل 2007 بعنوان "مدنيين بلا حماية-الأزمة دائمة التفاقم في العراق"، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن وضع العراقيين العاديين ينتقل من سيء إلى أسوأ، وإن الصراع في البلاد يسبب لهم معاناة هائلة مع تدهور الرعاية الصحية وتهاوي البنية الأساسية لإمدادات المياه العذبة والصرف الصحي والكهرباء.

- كشف تقرير (مايو2007) أعدته منظمة "أنقذوا الأطفال" أن نسبة بقاء الأطفال على قيد الحياة في العراق حتى ما بعد سن الخامسة، قد تراجع بشدة ليحتل ذيل الترتيب العالمي خلف مجموعة من أفقر دول العالم مثل بتسوانا وزمبابوي، بعدما تضاعفت وفيات الأطفال فيه, مرتفعة بنسبة 150 في المائة وأن طفلاً من بين كل ثمانية أطفال يموت قبل أن يبلغ سن الخامسة نتيجة الأمراض والعنف.

- أعلن مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين العراقيين في الأمم المتحدة (مايو 2007) إنّ ما لا يقلّ عن مليوني عراقي نزحوا داخل بلادهم فيما وجد 2.2 مليونا آخرين ملجأ في الدول المجاورة.

- كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية 23-5-2007 عن أن مزارعين في جنوب العراق يزرعون نبات الخشخاش‏,‏ الذي يستخدم في إنتاج مادة الأفيون المخدرة‏,‏ الأمر الذي يثير مخاوف من احتمال أن يتحول العراق إلي منتج عالمي رئيسي للمخدرات إلي جانب أفغانستان.

- أشار تقرير لمؤسسة أوكسفام الدولية (يوليو 2007) أن الجوع والمرض ينتشران بشدة في العراق, مما ينذر بوقوع أزمات إنسانية متفاقمة.وأشار التقرير إلى أن 28% من الأطفال العراقيين يعانون سوء التغذية وأن 15% من العراقيين لا يملكون عادة ما يكفيهم من الطعام، فيما لا يتحصل 70% على مياه شرب نظيفة.


هذا غيض فيض, وأمثلة محدودة مما لحق بالعراق من تدمير وخراب وما أصاب العراقيين الأبرياء من بؤس والآم ومعاناة يصعب وصفها, هذا عدا عن تدمير النسيج الاجتماعي ونشر ثقافة القتل والعنف والتفجير والإرهاب والذي دخل العراق مع الاحتلال ونما وترعرع في ظلاله. دمرت المؤسسات التعليمية والصحية وانتشر الرعب وعصابات الخطف والاعتداء على الأنفس والأعراض وغير ذلك كثير, مأساة العراق فادحة ومصابه جلل. على العالم عموما والغرب خصوصا أن يشعر بالعار بمشاركته في صنع مأساة العراق إما بالفعل كحال أمريكا وحلفاؤها أو بالصمت المشين وعدم تجريم مهندسي ومنفذي الاحتلال والسعي لمحاكمتهم.


لقد سقطت في أوحال العراق القيم الأمريكية فيما يتعلق بحرية الإنسان وحقوقه, وبدا العالم اليوم أقرب منه إلى أدغال, تحكمه شريعة الغاب وتهيمن عليه وعلى قراراته الدولية سياسيون يتصرفون كرعاة بقر, يحتكمون إلى قانون القوة والقدرات العسكرية. أليست هذه الأجواء الظالمة والسياسات الموغلة في البطش والانتهاكات هي الظروف الموائمة لنشوء ونماء ثقافة القتل والتفجير والتدمير اليائس؟ من المنطقي إذا أردنا أن نحصي جرائم أمريكا وتجاوزاتها في العراق, أن يكون على رأس القائمة الطويلة إرهابها والإرهاب المرتد كردة فعل عن ظلمها وبطشها وثقافة الصدمة والترويع التي بدأت فيها غزو العراق. على أمريكا أن تعتذر بشكل واضح وصريح على انتهاكاتها وتجاوزاتها في العراق, وأن تسدد لذلك البلد المنكوب تعويضات عن احتلالها له هذه السنين العجاف كما ألزمته بدفع تعويضات عن احتلال نظامه للكويت لبضعة شهور.
ياسر سعد