تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حرب المساجد بين الدافع الديني والتوظيف السياسي / عبد الرحمن الرواشدي



صلاح الدين يوسف
03-21-2008, 03:04 AM
حرب المساجد بين الدافع الديني والتوظيف السياسي / عبد الرحمن الرواشدي

http://www.akhbaruna.com/files/images/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF%20%D 8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9%20%D9% 81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1 %D8%A7%D9%82.jpg


نبدأ هذه المقالة بقصتين تاريخية ومعاصرة
اما الاولى : فرواها نعمة الجزائري في كتابه " الانوار النعمانية" حيث قال :
ان السلطان الاعظم شاه عباس الاول لما فتح بغداد امر بان يجعل قبر ابي حنيفة كنيفا ، وقد اوقف وقفا شرعيا ( بزعمه) بغلتين وامر بربطهما على رأس السوق حتى ان كل من يريد الغائط يركبهما ويمضي الى قبر ابي حنيفة لقضاء الحاجة ، وقد طلب خادم قبره يوما فقال له : ما تخدم في هذا القبر وابو حنيفة الان في اسفل الجحيم . 2/ 324
واما الثانية :
ففي مطلع عام 2003 جاء امام احد مساجد مدينة الثورة ( الصدر حاليا) يشكو حالة المسجد وانه بحاجة الى ترميم ، وبعد ايام حينما تم جمع المبلغ المطلوب اذا بشيخ المسجد يتردد ببدء التعمير مؤكدا ان الوضع يزداد سوءا وان هذا المسجد من المساجد المستهدفة لما كان له في هداية ابناء المنطقة الى الدين الحق وتعهد بان يحتفظ بالمبلغ فان زالت الشدة شرع في التعمير والا فانه لن يكون جاهزا لمن سيعبث به او يستولي عليه .
وحدثت الحرب وجاء الاحتلال الذي احتفظ بوزارة النفط بينما استولى التيار الصدري وقوات بدر على 65 مسجدا لاهل السنة ورفضوا تسليمها وهنا تدخلت هيئة علماء المسلمين والتي تشكلت بعد الاحتلال باربعة ايام ، لتتولى مسؤولية المساجد وتحمل على عاتقها ملف المساجد المغتصبة وفي مقدمتهم الدكتور احمد الكبيسي الذي قال في احدى لقاءاته بائمة المساجد " ان الله فدا اهل السنة بالمال اذ انشغل الاخرون بالسلب والنهب" ان هذا هاجس الانتقام من اهل السنة الذي تملك الدكتور الكبيسي دفعه الى تقديم مساعدات الى المناطق الشيعية قبل السنية في حين كانت الشاحنات القادمة من ايران لا تفرغ حمولتها الا في مناطق الثورة والشعلة .
لقد قام الدكتور احمد الكبيسي بتشكيل محكمة لمعالجة قضية المساجد المغتصبة ترأسها عن الهيئة الدكتور محمد الكبيسي وضمت الشيخ حازم الزيدي والشيخ خضر الانباري والشيخ عبد المعين والشيوخ الثلاثة كانوا جميعا ائمة لمساجد السنة في مدينة الثورة في حين شكل مقتدى الصدر لجنة برئاسة عبد الهادي الدراجي والشيخ صفاء ، وبمرور الوقت اعيدت بعض المساجد المغتصبة وبقي 40 مسجدا مغتصبا عند التيار الصدري في حين قتل الشيخ حازم غدرا على يد التيار وبعدها تم اغتيال الشيخ خضر بعد تعذيبه وهاجر الشيخ عبد المعين خارج العراق وما تزال الهيئة ووكالة حق تحتفظان بنسخ خطية لتلك المحاكم ، وحينما اكد ممثلو الهيئة ان هذه المساجد مغصوبة وفي مذهب الشيعة لا تجوز الصلاة في الارض المغصوبة ، صدر عن مقتدى الصدر بيان رسمي حول مسجدنا في القصة الثانية يؤكد ان هذا ليس مسجدا مغصوبا وانما هو من اوكار الوهابية والنواصب وقد تم تحريره وتجوز الصلاة فيه .
ومضى مسلسل اغتيال الائمة والخطباء والمصلين ، واول من تم محاكمتهم ( المتحولين) من التشيع الى اهل السنة والجماعة والذين اطلق عليهم التيار الصدري ( الخوارج ) لانهم خرجوا عن دينهم ، وكانت هذه المحاكم تقام في حي التنك( نسبة الى الصفائح المعدنية التي تبنى منها بيوتهم او تسقف بها) وخلف السدة وكلها مواقع تقع في الجانب الشرقي والشمالى لمدينة الثورة . وغالبا ما تنتهي هذه المحاكم باعدام هؤلاء بعد تعذيبهم ولا ينجو منهم الا من يكفر باصول اهل السنة ورموزهم ويعود الى التشيع وان يتكفله احد اقربائه او معارفه ، ولم تقتصر اقامة هذه المحاكم على بغداد وانما في جميع المناطق الجنوبية خاصة البصرة والناصرية والكوت والديوانية، وكانت نتيجة هذه الاعمال الاعتداء على 182 مسجدا ، واستشهاد ما يقرب من 300 امام وخطيب واعتقال مايزيد عن 1000 منهم.( حسب احصائيات ديوان الوقف السني)
ما قبل احداث سامراء
ان العنف الطائفي سجل حضورا متزايدا قبل احداث سامراء واشتد قبلها باسابيع منها
· تصاعدت الاغتيالات سواء في الكفاءات او عامة الناس مع التركيز على الائمة والخطباء والمصلين.
· اتخذت اعمال العنف غطاء رسميا ، اذ كانت تتم على يد الاجهزة الحكومية ابتداء من لواء الذئب مرورا بالحرس ومغاوير الداخلية والشرطة وتجلت في ملجأ الجادرية.
· وتحت الضغط الشعبي وخاصة من قبل الائمة والخطباء والمصلين ، اعلن الشيخ حارث الضاري في ايار 2005 ان الجهة التي تقف وراء اعمال العنف هي قوات بدر .
· في تشرين الثاني 2005 اكتشفت جريمة الجادرية ، وقد سبقته شكاوى كثيرة من غير ان تلقى صدى سواء لدى قوات الاحتلال او الحكومة ، ومن بعد هذا التاريخ دخل مصطلح فرق الموت الى سجل العنف في العراق ، ويقصد به الجماعات او الميليشيات التي تمارس العنف من قتل وتعذيب واعتقال وتهجير تحت غطاء الاجهزة الامنية.
· واخذت الاعمال الاجرامية لوزارة الداخلية ووزيرها صولاغ منحى معلنا ، مما اثر على المشهد السياسي ، وعلى مشاركة اهل السنة فيها بدافع رفع الاذى عنهم او على الاقل تقليله ، من خلال ازاحة الجعفري عن رئاسة الوزراء وصولاغ عن وزارة الداخلية.
· ومن المواقف التي سبقت العنف الطائفي ، تبرير وزراء الاجهزة الامنية في جلسة لهم في الجمعية الوطنية في استهداف المساجد واهلها ، فقد نقلت صحيفة البرلمان في عددها الصادر يوم 6 -7 -2005 ، ما قاله وزير الدفاع سعدون الدليمي انذاك حول استهداف المساجد " اننا امام معسكرات حربية ينبغي مهاجمتها لا امام مساجد " ، وفي اليوم التالي نشرت جريدة البصائر في عددها الصادر يوم 7 -7 -2005 ان " 99.99% من عدد المعتقلين هم من السنة " .
· تفاقم الازمة السياسية بعد الانتخابات ، فكان لا بد من تصعيد العنف لتحقيق بعض المكاسب او دفع سياسي اهل السنة للتنازل عن بعض مطالبهم او انسحابهم من العملية السياسية ، فالقوى السياسية سواء في جبهة التوافق او الجبهة العراقية للحوار او القائمة العراقية ، اصرت على رفض ترشيح الجعفري لرئاسة الوزراء وكذلك رفض تولي صولاغ لوزارة الداخلية ، وفي هذا الاطار جاء تصريح السفير الامريكي زلماي خليل زادة ليؤكد على استبعاد الوزراء الطائفيين مثل صولاغ عن الاجهزة الامنية،
· وتأكد لجميع الفرقاء ان الادارة الامريكية تريد حكومة وحدة وطنية بعيدا عن الاستحقاق الانتخابي مع مراعاته في توزيع المناصب الرئاسية والحقائب الوزارية والوظائف العليا .
· ويبدو ان ساسة قائمة الائتلاف الشيعي لم تعجبهم هذه الطروحات ، وكانوا يريدون اتمام حملتهم التطهيرية ضد اهل السنة خاصة في بغداد والبصرة ، تحت غطاء الاجهزة الحكومية ، التي نصحهم بها مرجعهم السستاني يوم ان ذهبت عشائرهم تشكوا اليه ما يعانونه في طريق اللطيفة وجنوب بغداد واستأذنوه في مهاجمة هذه العشائر فكان جوابه لهم " ادفعوا اولادكم الى الانضمام الى الحرس والشرطة " وادرك هؤلاء مغزى كلام السستاني " فكانت فرق الموت".
· سعي المراجع الشيعية للسيطرة على المرقدين ونقل ادارتها بالكامل من الوقف السني الى الوقف الشيعي مع الاستيلاء على المناطق المحيطة بهما .
· ان الحرج الذي عاشته هذه القائمة وتجنبها مواجهة الادارة الامريكية علانية ، دفعها الى توزيع منشور اشتهر ببغداد ( وقد حصلت الوكالة على نسخة منه ) وهو موقع باسم شيعة العراق وذلك يوم 20 – 2- 2006 ، الموافق عندهم 12 محرم ومعنون الى مرجعيات النجف ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية والاحزاب والشخصيات السياسية والدينية ، جاء فيه " سيكون لشيعة العراق شأن اخر يقلب المعادلة السياسية على رؤوس الجميع ، ونطلب من مرجعيتنا الرشيدة التدخل بقوة وحزم وباسرع وقت للحفاظ على ثوابت المذهب ومصالح الشيعة في مواجهة هذه الهجمة متعددة الاتجاهات والابعاد "
· تصاعد في عدد الجثث التي تلقى في الطرقات وعليها اثار تعذيب لم تشهد البشرية مثل بشاعته ومنها اعتقال 6 من اهالي جرف الصخر من قبل الشرطة الحكومية في 17 شباط ثم وجدت جثثهم محترقة بالتيزاب( حامض النتريك) .
ان هذه الاجواء كانت تنذر بان امر عظيم سيحدث خلال عاشوراء وان هنالك حركة دؤوبة في المناطق ذات الاغلبية الشيعية ، وبدات الهمسات تتعالى ومع ذلك اصرت جبهة التوافق على لسان رئيسها د. عدنان الدليمي بانهم لن ينسحبوا من العملية السياسية مهما كانت الظروف.
فكانت الاوضاع او بمعنى ادق ان الميليشيات كانت تنتظر شرارة لتفجير الوضع ، وقد قرروا ان أي حادث سيستهدف مواكب عاشوراء سيكون هو الشرارة ، ولكن الهدوء الذي صاحب يوم عاشوراء افلت الامر من ايديهم ، فكان لا بد من عكس المطلوب فيكون التفجير الذي يولد شرارة .
تصريحات قبل التفجير
تصاعدت الانتقادات للاجهزة الامنية قبل تشكيل الحكومة الجديدة ، فقد اكد السفير الامريكي في مؤتمر جمعه مع وزراء الدفاع والداخلية ومدير المخابرات ومستشار الامن القومي ، واكد ان هذه الاجهزة لا بد لمن يتولونها " ان يكونوا بعيدين عن الطائفية وان يكونوا مقبولين على نطاق واسع وغير مرتبطين بميليشيات فرق الموت " ثم جاء تصريح الجنرال الامريكي جوزيف بيترسون المكلف بتدريب الشرطة العراقية لشيكاغو تربيون " ان 22 من عناصر مغاوير الداخلية اعتقلوا بينما كانوا يستعدون لقتل عراقي على الهوية.
في المقابل كانت هنالك تصريحات خطيرة تصنف ضمن التحريضية ، فوكيل السيستاني ( المهري) طالب في يوم 11- 2- 2006 " الحركات الاسلامية ( يقصد السنة) بشجب قتل الشيعة فسكوتهم دليل رضاهم " ، وهو يعلم ان هؤلاء كانوا يشجبون ويستنكرون قتل الابرياء والمدنيين والشواهد على ذلك كثيرة وابرزها بيانات هيئة علماء المسلمين وايضا فصائل المقاومة.
كما طالبت المنظمة الدولية الشيعية للثقافة وحقوق الانسان ISCHRO في نفس اليوم 11- 2 طالبت "دول العالم باحترام الشعائر الحسينية "
وحدث الانفجار
استيقظ العراقيون صباح يوم الاربعاء 22- 2- على خبر عاجل مفاده ان المرقدين في سامراء قد تعرضا الى التفجير بالكامل، ورواية الحكومة على لسان مستشار الامن ووزير الداخلية هي : ان 5 أشخاص دخلوا الى منطقة محاطة بالحرس والمغاوير وتتواجد فيها قوات امريكية ، ووصلوا الى المرقدين في الساعة 8 مساء ( اثناء حظر التجوال) وقاموا بتقييد الحراس المكلفين بحماية المرقدين وعددهم 35 حارسا ، ثم استمروا بعملهم حتى الساعة الثامنة صباحا حيث تم التفجير " وخرج الاشخاص الخمسة من المكان سالمين .
وكان اول رد فعل هو اجتماع المراجع الاربعة في النجف في منزل السيستاني في سابقة لم تشهدها المحافظة ، وصدر تصريح عن السيستاني استنكر فيه بشدة الحادث الاجرامي ودعا الى التظاهر احتجاجا ، واعلان الحداد لمدة اسبوع ، وحينما استنكرت هيئة علماء المسلمين الحادث لم تخف استغرابها من دعوة السيستاني للتظاهر وقالت التظاهر ضد من ؟ وهنا تأتي الاجابة على اكثر من لسان :
فقد جاء في بيان صادر من مكتب السيستاني ( وهو غير التصريح السابق ) اتهم فيه متشددين سنة بالوقوف وراء الهجوم ودعا الى الرد عليه .
وحمل الربيعي في تصريح لوكالة رويترز " المقاتلين السنة الوقوف وراء الحادث لجر الشعب الى حرب اهلية .
وحمل الصدر وهو خارج العراق " التكفيريين والبعثيين بالاضافة الى الاحتلال مسؤولية ذلك " .
واستنكر عبد العزيز الحكيم ، الحادث وحمل السفير الامريكي المسؤولية ، وان تصريحاته السابقة لم تكن مسؤولة وسببت مزيدا من الضغط، في حين نجد عمار الحكيم من على شاشة قناة الفرات يتهم متشددين سنة ودعا الى الانتقام من السنة " .
واتهم صادق الشيرازي زمر الشر والظلام والتكفير ، في حين اتهم الحائري النواصب والمجرمين بتنفيذ هذا الحادث، وقال اليعقوبي في استنكاره " ونحمل علماء اهل السنة المسؤولية عن مثل هذه الجرائم البشعة بسبب خطاباتهم التحريضية .
وبعد سويعات من هذه التصريحات انطلقت التظاهرات التي دعا اليها المراجع ولكنها لم تكن سلمية ابدا مثلما لم تكن عفوية ايضا. اذ بدأت باستهداف المساجد والائمة والمصلين واهل السنة في بيوتهم ومحال عملهم .وكانت حصيلة يومي الاربعاء ومنتصف الخميس 22- 23 / 2 ؛ استشهاد ما يزيد على 1000 من اهل السنة ، وتهجير 1500 عائلة منها 146 من قرية الفرسان في منطقة النهروان جنوب شرق بغداد، والاعتداء على 168 مسجدا ( منها 38 احرقت بالكامل ، و5 دمرت بالكامل نسفا، و74 قصفت بالهاونات والار بي جي 7 ، و40 مسجدا تم اغلاقها واحتلالها وبعضها حولت الى ديوان الوقف الشيعي ).
ويلاحظ على هذه الاحداث انها :
-انطلقت من الحسينيات ومن مناطق تمركزهم ومن مقرات احزابهم .
- جرت الاحداث تحت اعين الشرطة والحرس والمغاوير وجل هؤلاء اشتركوا بانفسهم ا والياتهم في الاحداث .
- لم تتدخل قوات الاحتلال في ايقاف عمليات العنف بل انها انسحبت من الشوارع والطرقات.
- قامت هذه المجاميع بتصوير عمليات القتل والتهجير والقتل استشعارا منهم بضمان المسآلة الحكومية .
- نالت هذه الاحداث مباركة القيادات الشيعية الدينية والسياسية ؛ حيث اجاز المدرسي الاعمال الاجرامية التي طالت مساجد اهل السنة ودماء ابنائهم .
وقال اياد جمال الدين ( وهو عضو القائمة العراقية) : ان المساجد السنية هي اشبه بمساجد ضرار ، واكدها جلال الصغير في خطبته.
وقال حبيب الياسري: المساجد التابعة لهيئة علماء الكفر فهذه المساجد يجب ان تهدم ولا يجب التراجع عن هذا الامر وبدون مراعاة او محاباة ، والحرم العسكري الشريف يجب ان يسترد من ايدي النواصب واهمية استرداده تفوق اهمية استرداد القدس. وهذا ما اكده حازم الاعرجي من ان قتل هؤلاء لا يحتاج الى فتيا او سؤال ، وتلفظ بالفاظ ننزه اسطرنا عن ذكرها .
كانت الهجمات منظمة ومعد لها مسبقا كما اكد ذلك تقرير لجنة مساعدة العراق التابعة للامم المتحدة في 28- 2 – 2006 ، ذكر في فقراته حقيقة ما حدث وموثقة للاعمال التي جرت حيث جاء في الفقرة السادسة منه :وكان من بينها الاعدامات العلنية التي قامت بها ميليشيات في مناطق البلديات ومدينة الصدر وحي الشعب في بغداد.
فيما كشفت الفقرة السابعة : ان عشرات المساجد تعرضت لاعتداءات وتدمير وتخريب ، وكان العديد من ائمة المساجد من بين الذين تعرضوا للاغتيال ، ومن الواضح ان هذه الاعتداءات لم تكن عشوائية بل العكس فقد كشفت عن وجود درجة عالية من التنظيم .
وحينما وجد هؤلاء ان الهجمة حققت بعض اغراضهم ، حاولوا التهدئة بعبارات ارادوا منها تبرئة الشيعة من تبعات هذه الجرائم ونسبتها الى العفوية من غير سبق للاصرار والترصد.
فقد دعا السيستاني الى التوقف عن هذه الاعمال وحرم الاعتداء على المساجد ، ودعا الصدر اتباعه الى حماية مساجد اهل السنة ( وفهمت ان حمايتها تكون من خلال احتلالها، ولذا لا تزال ما يزيد على 40 مسجدا محتلا ومغتصبا من قبلهم .
ورأى اليعقوبي ان هذه مؤامرة كبرى لجر الشيعة الى حرب طائفية تدمر البلد، وحذر منها ودعا الى عدم المساس بالمؤسسات الدينية لاهل السنة. بينما دعا محمد حسين فضل الله الشعب العراقي للوقوف ضد الفتنة التي تطل برأسها من خلال الفئات التكفيرية التي تخدم الاحتلال الامريكي .ورأى المرجع الفياض ان هذا الامر هو اشعال الفتنة الطائفية والاقتتال بين ابناء الوطن العراق.
ان المواقف التي خرجت على استحياء من افواه هؤلاء ولم تكن استنكارا يوازي عظيم الجرائم التي حدثت ما كان لها ان تخرج لولا الاثر الاعلامي الذي قامت به قناة بغداد بعرض الاعمال الاجرامية مصورة والتي الهبت الشارع العربي والاسلامي ودفعت الخطباء ومنهم خطباء المسجد الحرام والمسجد النبوي وحتى المسجد الاقصى وكذا خطبة الدكتور يوسف القرضاوي ، فكان لا بد من معاقبة قناة بغداد فتم استهدافها بستة قنابر هاون ادت الى تدمير جزء من بنايتها واصابة عدد من الموظفين ومقتل احد موظفيها بعد اسبوع من الحدث 1- 3- 2006 .
وحينما لم يجد الحكيم ان هذه الجرائم لم تحقق انفراجا سياسيا بما يخدم المشروع الشيعي تماما ، هدد من على قناة العربية في 8 -3 بانهاء المقاومة السياسية في اشارة الى الحراك المسلح .
مما سبق يمكن ان نحدد ملامح مشهد العنف الطائفي الذي واكب احداث سامراء بالاتي:
· ان العنف الطائفي ولد مع الاحتلال ، وشرارته اشعلتها الميليشيات الشيعية ضد المساجد واهلها.
· لم يكن العنف الطائفي الذي استهدف اهل السنة عشوائيا بل منظما .
· ان الاجهزة الامنية مثلت غطاء رسميا للميليشيات التي قامت بالاعمال الطائفية كما انها مثلت اليد الضاربة للمحتل ضد اهل السنة ، في حين ان رد الفعل عليها من قبل المقاومة والاهالي لم يكن بدافع طائفي وانما في اطار المعركة ضد الاحتلال وادواته ورد الصائل على المناطق السنية.
· ان العنف الطائفي كان نتاجا للعلاقة الجدلية بين السياسة والدين عند الحركات الشيعية ، فقد تم توظيف احدهما في تبرير الاخر وكل ذلك خدمة للاجندة الشيعية، وكل من نظر اليه من زاوية واحدة ( سياسي او ديني) فقد اعطى تصورا مبتورا ولن يثمر ذلك معالجة شاملة.
· ان حكومتا الجعفري والمالكي تعاملتا بمعايير طائفية في ملف العنف ففي الوقت الذي تدعم وتبارك الحملات العسكرية والقصف العشوائي والمداهمات من قبل قوات الاحتلال والاجهزة الامنية ضد مناطق اهل السنة فانها تندد وتهدد تجاه اي عمل عسكري مهما قل ضد مناطق المليشيات واوكارها خاصة مدينة ( الصدر) ، وتجلى في موقفها من قصف حسينية المصطفى في الشعب 27 -3- 2006
· ان سعي المليشيات ومن يقودها الى مواصلة العنف الطائفي كان من اجل توجيه ضربات لاهل السنة ، خاصة ان قوات الاحتلال كانت تغض النظر عن ذلك لتقليل العمليات ضدها.
· ان ما حدث بعد تفجيرات سامراء قصدت منه القوى الشيعية على اختلافها ابراز قوة الشارع الشيعي ، من اجل عدم التفريط بالمكاسب التي حققتها .
ولكن لماذا سعى الجميع الى خفض العنف الطائفي؟ وما اثار ذلك ؟
فالى آفاق اخرى ان شاء الله

كتبه : عبد الرحمن سلوم الرواشدي
المشرف العام على وكالة حق