مقاوم
03-14-2008, 07:36 AM
تشومسكي يفضح تسييس الإعلام الأمريكي: عرض كتاب "السيطرة على الإعلام*"
كتب وعرض أحمد دعدوش
http://qawim.net/images/stories/ntsho1.jpg
http://qawim.net/exq.gif يقدم نعوم تشومسكي في هذا الكتاب- كعادته- نقداً لاذعاً لأداء الإدارة الأمريكية، متخذا زاوية جديدة في النظر إليها من خلال استغلالها لسلطة الإعلام في توجيه الرأي العام لدى المواطن الأمريكي، ومستنداً إلى تحليل المبررات التي يقدمها رجال هذه الإدارة ومثقفوها طوال أجيال سابقة، في إشارة إلى توارث هذه السياسة الإعلامية منذ بداية الحرب العالمية الأولى، ووصولا إلى التوظيف الإعلامي الواسع لسياسة المحافظين الجدد في تعبئة الرأي العام لتحقيق أهدافهم.
http://qawim.net/images/stories/ntsh2.png
ينطلق تشومسكي في استعراضه لتاريخ هذا التوظيف الإعلامي بالعودة إلى عام 1916، عندما أنشأ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون لجنة "كريل" أثناء الحرب العالمية الأولى، وهي اللجنة التي أوكل إليها مهمة الدعاية الجماهيرية لكسب تأييد الشعب في اتخاذ موقف معاد للسياسة الألمانية، وقد أعطى نجاح هذه اللجنة آنذاك في تحويل مسار الرأي العام دفعاً كبيراً لإعادة توظيف السلاح الإعلامي لصالح الإدارات الأمريكية اللاحقة، حتى أصبحت الدعاية الإعلامية- وعلى حد تعبير تشومسكي- بمثابة الهراوات التي تستخدمها الدول غير الديمقراطية.
وتلعب شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة دوراً رئيساً في هذه العملية، إذ أصبحت حملات الترويج للمرشحين في كافة الانتخابات من أكثر الأعمال ربحية، إذ تدار من قبل رجال أعمال وقانونيين ومحللي أسواق وعلماء نفس، يتولون جميعا مهمة وضع وتنفيذ الخطط المنهجية لما يسمى بصناعة الإجماع، وهو الإجماع المطلوب من قبل الناخبين لتحقيق النسبة الكافية للفوز. كما تتولى شبكات الإعلام الضخمة تنفيذ هذه الخطط بتوظيف تقنياتها المتقدمة في الإبهار الكافي لاستقطاب المتلقي، وذلك بدغدغة غرائزه أو مخاطبة اهتماماته الخاصة على النحو الذي يضمن الحصول على صوته الذي سُتمرر من خلاله أهداف النخبة، أو بالأحرى كتم صوته إذا كان في غير صالح هذه الأهداف.
ويضرب تشومسكي العديد من الأمثلة لتوضيح ذلك، إذ اقتصرت الدعاية السياسية للرئيس الحالي جورج بوش الابن على تضخيم الخطر الذي يحيط بالشعب الأمريكي من قبل الأعداء، حتى بات الهاجس الأمني حديث الشارع بعد أن رُبطت كافة مصالح المواطن العادي بضرورة الانتصار على هؤلاء الأعداء، ويترافق ذلك مع استمرار العرض اليومي لمباهج الحياة الرغيدة التي يعيشها نجوم المجتمع، والذين أصبحت تفاصيل حياتهم التافهة بمثابة النموذج الذي يتوجب على الجميع استنساخه. في الوقت الذي شهدت فيه هذه الإدارة تدهورا اقتصاديا حاداً لدى الطبقات الدنيا من المجتمع، دون أن تكلف الآلة الإعلامية نفسها عناء مناقشة هذه المشكلات أو حتى تقديم وعود بمعالجتها.
إن خطورة هذا الاستغلال المبرمج تنبع من استخدامه المشين للحرية الفردية التي يراد لها أن تكون بمثابة القيمة الأولى لدى المواطن الأمريكي، ففي الوقت الذي تفرض فيه الدول الشمولية قراراتها على الشعب، توظف هذه الإدارة آخر ما توصل إليه العلم للعبث بعقول مواطنيها، مع التذكير المستمر بحريتهم التامة في الاختيار، وهو الأمر الذي يغدو بمثابة المخدر الذي يراد من خلاله تمرير ما هو أكثر خطورة، ويهدد القيم الديمقراطية التي قامت عليها الثقافة الأمريكية قبل أن تسعى لتصديرها إلى العالم بأسره.
* كتاب: "السيطرة على الإعلام"
تأليف: نعوم تشومسكي
ترجمة: أميمة عبد اللطيف
إصدار: دار الشروق الدولية، القاهرة، ط1، 2003
http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2164&Itemid=1
كتب وعرض أحمد دعدوش
http://qawim.net/images/stories/ntsho1.jpg
http://qawim.net/exq.gif يقدم نعوم تشومسكي في هذا الكتاب- كعادته- نقداً لاذعاً لأداء الإدارة الأمريكية، متخذا زاوية جديدة في النظر إليها من خلال استغلالها لسلطة الإعلام في توجيه الرأي العام لدى المواطن الأمريكي، ومستنداً إلى تحليل المبررات التي يقدمها رجال هذه الإدارة ومثقفوها طوال أجيال سابقة، في إشارة إلى توارث هذه السياسة الإعلامية منذ بداية الحرب العالمية الأولى، ووصولا إلى التوظيف الإعلامي الواسع لسياسة المحافظين الجدد في تعبئة الرأي العام لتحقيق أهدافهم.
http://qawim.net/images/stories/ntsh2.png
ينطلق تشومسكي في استعراضه لتاريخ هذا التوظيف الإعلامي بالعودة إلى عام 1916، عندما أنشأ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون لجنة "كريل" أثناء الحرب العالمية الأولى، وهي اللجنة التي أوكل إليها مهمة الدعاية الجماهيرية لكسب تأييد الشعب في اتخاذ موقف معاد للسياسة الألمانية، وقد أعطى نجاح هذه اللجنة آنذاك في تحويل مسار الرأي العام دفعاً كبيراً لإعادة توظيف السلاح الإعلامي لصالح الإدارات الأمريكية اللاحقة، حتى أصبحت الدعاية الإعلامية- وعلى حد تعبير تشومسكي- بمثابة الهراوات التي تستخدمها الدول غير الديمقراطية.
وتلعب شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة دوراً رئيساً في هذه العملية، إذ أصبحت حملات الترويج للمرشحين في كافة الانتخابات من أكثر الأعمال ربحية، إذ تدار من قبل رجال أعمال وقانونيين ومحللي أسواق وعلماء نفس، يتولون جميعا مهمة وضع وتنفيذ الخطط المنهجية لما يسمى بصناعة الإجماع، وهو الإجماع المطلوب من قبل الناخبين لتحقيق النسبة الكافية للفوز. كما تتولى شبكات الإعلام الضخمة تنفيذ هذه الخطط بتوظيف تقنياتها المتقدمة في الإبهار الكافي لاستقطاب المتلقي، وذلك بدغدغة غرائزه أو مخاطبة اهتماماته الخاصة على النحو الذي يضمن الحصول على صوته الذي سُتمرر من خلاله أهداف النخبة، أو بالأحرى كتم صوته إذا كان في غير صالح هذه الأهداف.
ويضرب تشومسكي العديد من الأمثلة لتوضيح ذلك، إذ اقتصرت الدعاية السياسية للرئيس الحالي جورج بوش الابن على تضخيم الخطر الذي يحيط بالشعب الأمريكي من قبل الأعداء، حتى بات الهاجس الأمني حديث الشارع بعد أن رُبطت كافة مصالح المواطن العادي بضرورة الانتصار على هؤلاء الأعداء، ويترافق ذلك مع استمرار العرض اليومي لمباهج الحياة الرغيدة التي يعيشها نجوم المجتمع، والذين أصبحت تفاصيل حياتهم التافهة بمثابة النموذج الذي يتوجب على الجميع استنساخه. في الوقت الذي شهدت فيه هذه الإدارة تدهورا اقتصاديا حاداً لدى الطبقات الدنيا من المجتمع، دون أن تكلف الآلة الإعلامية نفسها عناء مناقشة هذه المشكلات أو حتى تقديم وعود بمعالجتها.
إن خطورة هذا الاستغلال المبرمج تنبع من استخدامه المشين للحرية الفردية التي يراد لها أن تكون بمثابة القيمة الأولى لدى المواطن الأمريكي، ففي الوقت الذي تفرض فيه الدول الشمولية قراراتها على الشعب، توظف هذه الإدارة آخر ما توصل إليه العلم للعبث بعقول مواطنيها، مع التذكير المستمر بحريتهم التامة في الاختيار، وهو الأمر الذي يغدو بمثابة المخدر الذي يراد من خلاله تمرير ما هو أكثر خطورة، ويهدد القيم الديمقراطية التي قامت عليها الثقافة الأمريكية قبل أن تسعى لتصديرها إلى العالم بأسره.
* كتاب: "السيطرة على الإعلام"
تأليف: نعوم تشومسكي
ترجمة: أميمة عبد اللطيف
إصدار: دار الشروق الدولية، القاهرة، ط1، 2003
http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2164&Itemid=1