تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تلبيس ابليس



عزام
03-11-2008, 05:54 PM
وقع بين يدي كتاب "تلبيس ابليس" للإمام إبن الجوزي هو كتاب مميز لأنه يحوي الكثير من الأمور التي البسها ابليس علينا بغية اضلالنا. و تبين للكاتب ان الكثير من المسلمين حتى العلماء منهم وقعوا ضحية ابليس عندما غلوا في امور دينهم او افرطوا فيها. سنحاول البداية بالفصل الاخير من هذا الكتاب لأنه يمسنا بشكل مباشر نحن العوام من الناس محاولا في الوقت نفسه ان اقيم مطابقة لكلام ابن الجوزي رحمه الله مع عصرنا هذا، و سندهش كيف تتطابق الكثير من امور المسلمين اليوم مع امورهم منذ 900 عام زمان كتابة هذا الكتاب. (تعليقاتي باللون الازرق)

تلبيس ابليس على العوام


قد بينا أن إبليس إنما يقوى تلبيسه على قدر قوة الجهل، وقد افتن فيما فتن به العوام، وحصر ما فتننهم ولبس عليهم فيه لا يمكن ذكره لكثرته ، وإنما نذكر من الأمهات ما يستدل به على جنسه والله الموفق. فمن ذلك أنه يأتي إلى العامي فيحمله على التفكر في ذات الله عز وجل وصفاته فيتشكك. وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "تسألون حتى تقولوا : هذا الله خلقنا، فمن خلق الله ؟" قال أبو هريرة : فوالله إني لجالس يوما إذ قال لي رجل من أهل العراق : هذا الله خلقنا فمن خلق الله ؟ قال أبو هريرة : فجعلت أصبعي في أذني ثم صحت - صدق رسول الله - الله الواحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا. وبإسناد عن عاثشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلقك؟ فيقول : الله ، فيقول : من خلق السموات والأرض ، فيقول : الله ، فيقول : من خلق الله ؟ فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك فليقل : آمنت بالله ورسوله ". قال المصنف رحمه الله : وإنما وقعت هذه المحنة لغلبة الحس وهو أنه ما رأى شيئا إلا مفعولا. وليقل لهذا العامي :ألست تعلم أنه خلق الزمان لا في الزمان ، والمكان لا في المكان ، فإذا كانت هذه الأرض وما فيها لا في مكان ، ولا تحتها شيء، وحسك ينفر من هذا لإنه ما ألفشيئا إلا في مكان، فلا يطلب بالحس من لا يعرف بالحس. وشاور عقلك فإنه سليم المشاورة.
واقول بأن الامام ابن الجوزي قد احسن حين وضع هذه الشبهة في بداية الشبهات التي اوردها فكثير من الناس من يوسوس له الشيطان هذه الوساوس و كثير منهم يسألني هذا السؤال فأجيبه على قدر ما يفهمه. و هذا اول سؤال يطرحه الملاحدة لتشكيك بالله فيقولون اذا افترضتم ان الله خلق الكون و هو لا خالق له فلماذا لا نتوقف عند الكون و نقول بأن الكون لا خالق له؟
وتارة يلبس إبليس على العوام عند سماع صفات الله عز وجل فيحملونها على مقتضى الحس فيعتقدون التشبيه.
وتذكرون بأن الملحد نفسه حاول نفي وجود الله عبر ادعاء تناقض صفات الرحمة و القدرة عنده فان كان رحيما فلماذا يعذب الناس في الدنيا او في الآخرة و ان كان ما يجري من شر خارج عن ارادته فهو ليس بقادر.
وتارة يلبس عليهم من جهة العصبية للمذاهب، فترى العامي يلاعن ويقاتل في أمرلا يعرف حقيقته. فمنهم من يخص بعصبيته أبا بكر رضي الله عنه، ومنهم من يخص عليا، وكم قد جرى في هذا من الحروب، وقد جرى في هذا بين أهل الكرخ وأهل باب البصرة على مر السنين من القتل وإحراق المحال ما يطول ذكره وترى كثيرا ممن يخاصم في هذا يلبس الحرير ويشرب الخمر ويقتل النفس وأبو بكر وعلي بريئان منهم.
وهذا ظاهر للعيان في عصرنا هذا و يتجلى للاسف في ما يقوله بعض غلاة الشيعة يوم عاشوراء عن الصحابة رضي الله عنهم. ولا يتوقف الامر عندهم فقط بل ان اهل السنة ايضا يتعصبون للاشخاص و ليس للحق.
وقد يحس العامي في نفسه نوع فهم فيسول له إبليس مخاصمة ربه فمنهم من يقول لربه : كيف قضى وعاقب ؟ ومنهم من يقول : لم ضيق رزق المتقي وأوسع على العاصي؟ ومنهم طائفة تشكر على النعم فإذا جاء البلاء اعترض وكفر. ومنهم من يقول : أي حكمة في هدم هذه الأجساد يعذبها بالفناء بعد بنائها. ومنهم من يستبعد البعث. ومن هؤلاء من يختل عليه مقصوده أويبتلى ببلاء فيكفر ويقول : أنا ما أريد أصلي.
و هذه من اكبر مبتليات هذا العصر، فكم من الناس نجده يجادل في قضاء الله و قدره، و يقول لماذا يعذب الكافر في النار و يخلد فيها ان لم يؤذ انسانا ؟ ومنهم من يعترض على الله و يجحده ان اصابه بالبلاء بدل ان يصبر فتكون النتيجة ان يخسر الدنيا (بالبلاء الذي اصابه) و الآخرة (بجحود الخالق).

وربما غلب فاجر نصراني مؤمنا فقتله أو ضربه فيقول العوام : قد غلب الصليب ، ولماذا نصلي إذا كان الأمر كذلك ؟ وكل هذه الآفات تمكن بها منهم إبليس لبعدهم عن العلم والعلماء، فلوأنهم استفهموا أهل العلم لأخبروهم أن الله عز وجل حكيم ومالك، فلا يبقى مع هذا اعتراض
و هذا يتجلى في الرسالة التي ارسلتها لكم و التي نشرت في السفير حيث يقول الكاتب تعليقا على المجازر التي يقترفها الاسرائيليون ضد الفلسطينيين العزل :" ان الله معهم" قاصدا ان الله مع اليهود و أنه ينصرهم. و منهم ايضا من يعتبر ان الاسلام هو سبب تخلف الدول العربية و يدعو الى اللحاق بركب الغرب و نبذ الدين.

أبو مُحمد
03-11-2008, 07:55 PM
جزاك الله خيرا للنقل وللتعليق.

عزام
03-11-2008, 09:00 PM
بارك الله فيك اخي ابو محمد
نتابع ان شاء الله
عزام



ومن العوام من يرضى عن عقل نفسه فلا يبالي بمخالفة العلماء، فمتى خالفت فتواهم غرضه أخذ يرد عليهم ويقدح فيهم . وقد كان ابن عقيل يقول : قد عشت هذه السنين، فلو أدخلت يدي في صنعة صانع لقال: أفسدتها علي، فلو قلت أنا رجل عالم لقال : بارك لك في علمك ، ليس هذا من شأنك. هذا، وشغله أمر حسي لو تعاطيته فهمته، والذي أنا فيه من الأمور أمر عقلي فإذا أفتيته لم يقبل.
وهذه من اكبر اخطاء المسلمين اليوم اذ كثير منهم يتصدون لفتاوى الحلال و الحرام متكلين على رأيهم و هواهم ودون تفقه بالدين و الغريب في امرهم بأنك لو جادلتهم في مهنتهم قالوا لك "انت لا تفهم بها" مع ان فهم صنعة معينة اسهل بكثير من شروط التصدي للفتيا.
مخالفتهم العلماء وتقديمهم المتزهدين على العلماء: ومن تلبيسه عليهم تقديمهم المتزهدين على العلماء، فلو رأوا جبة صوف على أجهل الناس عظموه خصوصا إذا طأطا رأسه وتخشع لهم ويقولون: أين هذا من فلان العالم ، ذاك طالب الدنيا وهذا زاهد لا ياكل عنبة ولا رطبة ولا يتزوج قط، جهلا منهم بفضل العالم على الزاهد وإيثارا للمتزهدين على شريعة محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ، ومننعمة الله سبحانه وتعالى على هؤلاء أنهم لم يدركوا رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ لو رأوه يكثر التزويج ويصطفي السبايا وياكل لحم الدجاج ويحب الحلوى والعسل لم يعظم في صدورهم .
يقصد الامام ابن الجوزي هنا ان العبرة بالعلم و ليست بالزهد لأن الاسلام لم يأت بالرهبانية بل دعانا الى التمتع بالدنيا في اطار الحلال. اذن المبالغة في الزهد و حرمان النفس ليس مطلوبا خاصة اذا صاحبه جهل بأمور الدين المعلومة بالضرورة.

تلبيسه عليهم في قدحهم العلماء ومن تلبيسه عليهم قدحهم في العلماء بتناول المباحات، وذلك من أقبح الجهل، وأكثر ميلهم إلى الغرباء، فهم يؤثرون الغريب على أهل بلدهم ممن قد خبروا أمره وعرفوا عقيدته فيميلون إلى الغريب، ولعله من الباطنية. انما ينبغي تسليم النفوس إلى من خبرت معرفته، قال الله عز وجل : فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " ومن الله سبحانه في إرسال محمد صلى الله عليه و سلم إلى الخلق بانهم يعرفون حاله فقال عزوجل : "لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم" وقال : "يعرفونه كما يعرفون أبناءهم" .
وهذه مشكلة مزمنة اذ ان الكثير من الناس لا يحترم العلماء من ابناء مدينته او من اقاربه لأنه يراهم بشرا عاديين و مخيلته صورت له الشيخ كانسان كامل الاوصاف، فاذا جاءه عالم لا يعرفه من خارج بلده اخذ منه ولو على خطأ جريا على عادة الناس "الفرنجي برنجي". و قد اسر لي شيخ جليل بأن امه لا تقبل النصح منه في موضوع معين لأنها لا تقدر ان تتخيل ان الطفل الذي امضت حياتها في تربيته و تسيير اموره ممكن ان ينصحها او يهديها.

تعظيم المتزهدين: وقد يخرج بالعوام تعظيم المتزهدين إلى قبول دعاويهم وإن خرقوا الشريعة وخرجوا عن حدودها . فترى المتنمس يقول للعامي : أنت فعلت بالأمس كذا وسيجري عليك كذا فيصدقه، ويقول : هذا يتكلم على الخاطر ولا يعلم أن ادعاء الغيب كفر، ثم يرون من هؤلاء المتنمسين أمورا لا تحل كمؤاخاة النساء والخلوة بهن ، ولا ينكرون ذلك تسليما لهم أحوالهم.
و المقصود هنا المشعوذين الذين يدعون فك السحر او الضرب بالرمل متسترين تحت ثياب المشايخ. وهؤلاء المشعوذين يستعملون التعاويذ و اساليب الخفة و الخداع و منهم من يتصل بالجن. و عادة تنطلي حيلهم على النساء اللاتي يردن الحمل او يخفن الطلاق و ما شابه.

عزام
03-12-2008, 02:15 PM
إطلاق النفس في المعاصي:


ومن تلبيسه على العوام إطلاقهم أنفسهم في المعاصي فإذا وبخوا تكلموا كلام الزنادقة . فمنهم من يقول : لا أترك نقدا لنسيئة، ولو فهموا لعلموا أن هذا ليس بنقد لأنه محرم، وإنما يخير بين النقد والنسيئة المباحين، فمثلهم كمثل محموم جاهل يأكل العسل فإذا عوتب قال : الشهوة نقد والعافية نسيئة . ثم لو علموا حقيقةالإيمان لعلموا أن تلك النسيئة وعد صادق لا يخلف. ولو عملوا عمل التجار الذين يخاطرون بكثير من المال لما يرجونه من الربح القليل لعلموا أن ما تركوه قليل وما يرجونه كثير. ومنهم من يقول : الرب كريم والعفو واسع والرجاء من الدين، فيسمون تمنيهم واغترارهم رجاء، وهذا الذي أهلك عامة المذنبين .قال أبو عمرو بن العلاء : بلغني أن الفرزدق جلس إلى قوم ،يتذكرون رحمة الله فكان أوسعهم في الرجاء صدرا فقالوا له : لم تقذف المحصنات. فقال : أخبروني لو أذنبت إلى ولدي ما أذنبته إلى ربي عز وجل أتراهما كانا يطيبان نفسا أن يقذفاني في تنور مملوء جمرا. قالوا : لا إنما كانا يرحمانك. قال : فإني أوثق برحمة ربي منهما. قلت : وهذا هو الجهل المحض لأن رحمة الله عزوجل ليست برقة طبع ولو كانت كذلك لما ذبح عصفور ولا أميت طفل ولا أدخل أحد إلى جهنم. ولقد دخلوا على أبي نواس في مرض موته فقالوا له : تب إلى الله عزوجل فقال : إياي تخوفون، حدثني حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "لكل ذنب شفاعة وإني اختبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " أفترى لا أكون أنا منهم؟ قال المصنف رحمه الله : وخطأ هذا الرجل من وجهين: أحدهما : أنه نظر إلى جانب الرحمة ولم ينظر إلى جانب العقاب. والثاني : أنه نسي أن الرحمة إنما تكون لتائب كما قال عز وجل : "واني لغفار لمن تاب " وقال : "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون".


و هنا اتذكر بأن احد اصدقائي الذي ثابر على معصية معينة كان يقول لي "الن يدخل المسلم في النهاية الى الجنة؟؟؟ انا لا امانع ان اتعذب بضع سنين في النار ثم ادخل الجنة" فكنا ننصحه بالنوبة و نقول له بأن احدنا لا يستطيع ان يتحمل شمس الظهيرة فكيف بنار عظيمة وقودها الناس و الحجارة؟؟؟ و منهم من غلب عليه الامل برحمة الله فزعم بأن من لم يؤذ احدا سيدخل الجنة متناسيا ان طاعة الله هي الاساس لدخول الجنة.


المقارنة بالعلماء


ومن العوام من يقول : هؤلاء العلماء يحافظون على الحدود، فلان يفعل كذا وفلان يفعل كذا ، فامري أنا قريب . وكشف هذا التلبيس أن الجاهل والعالم في باب التكليف سواء، فغلبةالهوى للعالم لا يكون عذرا للجاهل . وبعضهم يقول : ما قدر ذنبي حتى أعاقب ؟ ومن أنا حتى أؤاخذ؟ وذنبي لا يضره وطاعتي لا تنفعه، وعفوه أعظم من جرمي كما قال قائلهم : من أنا عند الله حتى إذا أذنبت لايغفر لي ذنبي وهذه حماقة عظيمة كانهم اعتقدوا أنه لا يؤاخذ إلا ضدا أوندا. ثم ما علموا أنه بالمخالفة قد صاروا في مقام معاند، وسمع ابن عقيل رحمه الله رجلا يقول : من أنا حتى يعاقبني الله ؟ فقال له : أنت الذي لو أمات الله جميع الخلائق وبقيت أنت لكان قوله تعالى : "يا أيها الناس " خطابا لك. ومنهم من يقول : سأتوب وأصلح، وكم من أبله ساكن الأمل فاختطفه الموت قبله . وليس من الحزم تعجيل الخطأ وانتظار الصواب، وربما لم تتهيأ التوبة وربما لم تصح وربما لم تقبل ثم لو قبلت بقي الحياء من الجناية أبدا . فمرارة خاطر المعصية حتى تذهب أسهل من معاناة التوبة حتى تقبل.


و منهم من يتتبع هفوات العلماء فيأخذ بالآراء الشاذة لكل عالم اذا ناسبت هواه و مصالحه فيتعامل بالفائدة معتمدا على رأي الشيخ الفلاني و يماطل مع الناس في دفع اجورهم معتمدا على فتوى شيخ آخر. فإذا سألته قال ان ذنبي معلق برقبة هذا الشيخ ان كان مخطئا. من انا بجانبه حتى يؤخذ بذنبي؟ متناسيا انه قصر في اخذ الفتاوي عن بقية المشايخ واستفتاء النفس التي تميز عادة بين الحق و الباطل. ويقول الامام الجوزي رحمه الله بان لا فرق بين عالم و جاهل في امور الحلال و الحرام الاساسية و الا لقعد معظم الناس عن تعلم علم الدين كي يكونوا معذورين بجهلهم.

أبو مُحمد
03-12-2008, 02:18 PM
اصبر يا أخي فوالله نسيت هذه الصفحة ولم أقرأ الاضافة الثانية.

عزام
03-12-2008, 02:26 PM
نصبر ان شاء الله
لاحظ معي اننا ما زلنا نلتقي بهذه النماذج رغم البعد بين عصرنا وعصر ابن الجوزي.. سبحان الله الانسان انسان.. يطور التقنيات.. لكن العقليات لا تختلف.
عزام

أبو مُحمد
03-12-2008, 02:52 PM
بارك الله فيك.
وايضا هناك فرق بين علماء عصر ابن الجوزي وبين "علماء" هذا الزمان.

يا ترى ماذا كان سيقول ابن الجوزي "لو" رأى ما نراه الان!

عزام
03-13-2008, 01:10 PM
بارك الله فيك.
وايضا هناك فرق بين علماء عصر ابن الجوزي وبين "علماء" هذا الزمان.
يا ترى ماذا كان سيقول ابن الجوزي "لو" رأى ما نراه الان!
لاحظ اخي اننا ما زلنا بنفس المنطق عند الناس فيما يتعلق بالمعازف والفائدة... الخ الخ..
على كل نتابع..

الغرور بالنسب
ومن تلبيسه عليهم أن يكون لأحدهم نسب معروف فيغتر بنسبه فيقول : أنا من أولاد أبي بكر. وهذا يقول : أنا من أولاد علي ، وهذا يقول : أنا شريف من أولاد ألحسن أو الحسين ، أويقول : أنا قريب النسب من فلان العالم ، أو من فلان الزاهد ، وهؤلاء يبنون أمرهم على أمرين : أحدهما : أنهم يقولون : من أحب إنسانا أحبأولاده وأهله . والثاني : أن هؤلاء لهم شفاعة، وأحق من شفعوا فيه أهلهم وأولادهم. وكلا الأمرين غلط . أما المحبة، فليست محبة الله عز وجل كمحبة الآدميين، وإنما يحب من أطاعه ، فإن أهل الكتاب من أولاد يعقوب لم ينتفعوا بآبائهم، ولو كانت محبة الأب تسري لسرى إلىالبعض أيضا . وأما الشفاعة فقد قال الله تعالى : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى"، ولما أراد نوح حمل ابنه في السفينة قيل له : "إنه ليس من أهلك" ولم يشفع إبراهيم في أبيه ولا نبينا في أمه، وقد قال في صلى الله عليه و سلم لفاطمة رضي الله عنها : "لا أغني عنك من الله شيئا" ومن ظن أنه ينجو بنجاة أبيه كمن ظن أنه يشبع باكل أبيه .
وفي هذا رد على من زعم ان الله اعطى وعدا لبني اسرائيل بامتلاك الارض المقدسة، وانا لا اعجب من اليهود القائلين بهذا الامر فهم يظنون انهم على الطريق الصحيح ولكنني اعجب من النصارى و بعض المسلمين (كهذا الشيخ الايطالي) الذين يظنون هذا الامر و كأن الله يحب من يكفر به.
اعتمادهم على خلة خير ولا يبالي بما فعل بعدها

ومن تلبيسه عليهم أن يعتمد أحدهم على خلة خير ولا يبالي بما فعل بعدها. فمنهم من يقول : أنا من أهل السنة، وأهل السنة على خير، ثم لا يتحاشى عن ا لمعاصي. وكشف هذا التلبيس أن يقال له : إن الاعتقاد فرض والكف عن المعاصي فرض آخر، فلا يكفي أحدهما عن صاحبه. وكذلك تقول الروافض : نحن يدفع عنا موالاة أهل البيت وكذبوا، فإنه إنما يدفع التقوى. ومنهم من يقول : أنا ألازم الجماعة وأفعل الخير وهذا يدفع عني، وجوابه كجواب الأول.
صحيح و قد وجدنا من يكتفي بالمعاملة الحسنة مع الناس و يقول "الدين المعاملة" و يسقط سائر الفروض من صيام و صلاة مدعيا انها قشور الدين، فتأمل!!!
تلبيسه على العيارين في أخذ أموال الناس: ومن هذا الفن تلبيسه على العيارين في أخذ أموال الناس، فإنهم يسمون بالفتيان، ويقولون : الفتى لا يزني ولا يكذب ويحفظ الحرم ولا يهتك ستر امرأة، ومع هذا لا يتحاشون من أخذ أموال الناس وينسون تقلي الأكباد على الأموال، ويمجعمون طريقتهم الفتوة. وربما حلف أحدهم بحق الفتوة فلم ياكل ولم يشرب، وربما يسمع أحد هؤلاء عن ابنته أو أخته كلمة وزر لا تصح وربما كانت من محرض فقتلها، ويدعون أن هذه فتوة. وربما افتخر أحدهم بالصبر على الضرب. فانظروا إلى الشيطان كيف يتلاعب بهؤلاء فيصبرون على شدة الألم ليحصل لهم الذكر، ولوصبروا على يسير التقوى لحصل لهم الأجر، والعجب أنهم يظنون لحالهم مرتبة وفضيلة مع ارتكاب العظائم .
وهؤلاء موجودون الى عصرنا هذا و اسمهم في مصر "الفتوة" و في لبنان "القبضايات" و في العالم الغربي "مافيا" و صفاتهم متشابهة فهم يستحلون دماء الناس و اموالهم و لكن يحافظون على مفاهيم الشرف و العرض و النخوة و في هذا تناقض. (انظروا مواضيع جرائم الشرف في الاردن مثلا)

أبو مُحمد
03-13-2008, 01:14 PM
السلام عليكم ..
للعلم فأ،ا لازلت في المشاركة رقم 4.
وحقا انها تستحق أن تكون في موضوع مستقل ..

جزاك الله خيرا.
نتابع باذن الله

عزام
03-13-2008, 01:22 PM
السلام عليكم ..
للعلم فأ،ا لازلت في المشاركة رقم 4.
وحقا انها تستحق أن تكون في موضوع مستقل ..

صدقت.. مشاركة رقم 4 مهمة.. هو بالاجمال كل هذا الكتاب مهم.. لانه يكشف العيوب الانسانية وهي لا تتغير على مدى الازمان.. كما رأينا...

أبو مُحمد
03-13-2008, 01:24 PM
نعم صدقت .. واني وأنا أكتب عن المشاركة رقم 4 أحسست انني اهضم البقية حقها .
جزاك الله خيرا.


بارك الله فيك ... نتابع باذن الله.

منال
03-13-2008, 07:31 PM
موضوع قيّم

جزاك الله خيرا

عزام
03-13-2008, 07:55 PM
جزاكم الله خيرا على مروركم
نتابع ان شاء الله
عزام

الاعتماد على النافلة وإضاعة الفريضة

ومن العوام من يعتمد على نافلة ويضيع فرائض، مثل أن يحضر المسجد قبل الأذان ويتنقل فإذا صلى ماموما سابق الإمام، ومنهم من لا يحضر في أوقات الفرائض وبزاحم ليلة الرغائب. ومنهم من يتعبد ويبكي وهو مصرعلى الفواحش لا يتركها، فان قيل له ، قال : سيئة وحسنة، والله غفور رحيم . وجمهورهم يتعبد برأيه فيفسد أكثر مما يصلح.
وكم سمعنا من قوم ذهبوا للعمرة و هي نافلة وهم لا يدفعون الزكاة وهي فرض.
حضور مجالس الذكر

وقد لبس إبليس على خلق كثير من العوام، يحضرون مجالس الذكر ويبكون ويكتفون بذلك، ظنا منهم أن المقصود إنما هو العمل، وإذا لم يعمل بما يسمع كان زيادة في الحجة عليه. وإني لأعرف خلقا يحضرون المجلس منذ سنين ويبكون ويخشعون ولا يتغير أحدهم عماقد اعتاده، من المعاملة في الربا والغش في البيع والجهل بأركان الصلاة والغيبة للمسلمين والعقوق للوالدين. وهؤلاء قد لبس عليهم إبليس فاراهم أن حضور المجلس والبكاء يدفع عنه ما يلابس من الذنوب، وأرى بعضهم أن مجالسة العلماء والصالحين يدفع عنكم، وشغل آخرين بالتسويف بالتوية فطال عليهم مطالهم ، وأقام قوما منهم للتفرج فيما يسمعونه وأهملوا العمل به.
و هذا ما يذكرني بما قاله لي قريبي من مصر عن قوم حضروا مجلس الاستاذ "عمرو خالد" فسببوا زحمة سير خانقة و اغلقوا الطريق على السيارات مع انه كان بامكانهم ان يركنوا السارات في مكان خاص بعيد بعض الشيء و يكملوا المسافة مشيا و العجيب ان المحاضرة كانت على الايثار، فهل نطبق ما نسمع يا ترى ام نظن ان حضور مجالس الدين هو المهم و ليس تطبيق ما يرد فيها.
تلبيس إبليس على أصحاب الأموال:
وقد لبس إبليس على أصحاب الأموال من أربعة أوجه .
أحدها: من جهة كسبها فلا يبالون كيف حصلت ، وقد فشا الربا في أكثر معاملاتهم وأنسوه، حتى إن جمهور معاملاتهم خارجة عن الإجماع، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : "لياتين على الناس زمان لا يبالي المرء من أين أخذ المال من حلال أو حرام ".
والثاني : من جهة البخل بها، فمنهم من لا يخرج الزكاة أصلا اتكالا على العفو، ومنهم من يخرج بعضا ثم يغلبه البخل ، فينظر أن المخرج يدفع عنه، ومنهم من يحتال لإسقاطها مثل أن يهب المال قبل الحول ثم يسترده ، ومنهم من يحتال بإعطاء الفقير ثوبا يقومه عليه بعشرة دنانير وهو يساوي دينارين ، ويظن ذلك الجاهل أنه قد تخلص ، ومنهم من يخرج الرديء مكان الجيد، ومنهم من يعطي الزكاة لمن يستخدمه طول السنة فهي على الحقيقة أجره ، ومنهم من يخرج الزكاة كما ينبغي ، فيقول له إبليس : ما بقي عليك ، فيمنعه أن يتنفل بصدقة حبا للمال، فيفوته أجر المتصدقين، ويكون المال رزق غيره.وبإلاسناد عن الضحاك عن ابن عباس قال : أول ما ضرب الدرهم أخذه إبليس فقبله ووضعه على عينيه وسرته وقال : بك أطغي وبك أكفر، رضيت من ابن ادم بحبه الدينار من أن يعبدني . وعن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله ، قال : إن الشيطان يرد الإنسان بكل ريدة، فإذا أعياه اضطجع في ماله فيمنعه أن ينفق منه شيئا.
والثالث: من حيث التكثير بالأموال، فإن الغني يرى نفسه خيرا من الفقير، وهذا جهل ، لأن الفضل بفضائل النفس اللازمة لها، لا بجمع حجارة خارجة عنها.
والرابع: في إنفاقها، فمنهم من ينفقها على وجه التبذير والإسراف، تارة في البنيان الزائد على مقدار الحاجة وتزويق الحيطان وزخرفة البيوت وعمل الصور، وتارة في اللباس الخارج بصاحبه إلى الكبر والخيلاء، وتارة في المطاعم الخارجة إلى السرف، وهذهالأفعال لا يسلم صاحبها من فعل محرم أو مكروه وهو مسؤول عن جميع ذلك. وبإسناد عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "يا ابن آدم لا تزول قدماك يوم القيامة بين يدي الله عز وجل حتى تسأل عن أربع : عمرك فيما أفنيته ، وجسدك فيما أبليته ، ومالك من أين اكتسبته وأين أنفقته ". ومنهم من ينفق في بناء المساجد والقناطر يقصد الرياء والسمعة وبقاء الذكر فيكتب اسمه على ما بنى، ولوكان عمله لله عزوجل لاكتفى بعلمه سبحانه وتعالى، ولوكلف أن يبني حائطا من غير أن يكتب اسمه عليه لم يفعل .
ومنهم من يعلم فضيلة التصدق على القرابة إلا أن يكون بينهما عداوه دنيوية فيمتنع من مواساته مع علمه بفقره ، ولو واساه كان له أجر الصدقة والقرابة ومجاهدة الهوى. وقد روي عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح ". قال المصنف رحمه الله : وإنما قبلت هذه الصدقة وفضلت لمخالفة الهوى، فإن من تصدق على ذي قرابة بحبه فقد انفق على هواه. ومنهم من يتصدق ويضيق على أهله في النفقة. وقد روي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمنتعول ".
وبإسناد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "تصدقوا ، فقال رجل : عندي دينار، فقال : تصدق به على نفسك، قال : عندي دينار آخر، قال : تصدق به على زوجتك، قال : عندي دينار آخر، قالع : تصدق به على ولدك ، قال : عندي دينارآخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر، قال : أنت أبصر به ". ومنهم من ينفق في الحج ويلبس عليه إبليس بأن الحج قربة وإنما مراده الرياء والفوجة، ومدح الناس . قال رجل لبشر الحافي : أعددت ألفي درهم للحج. فقال : أحججت ؟ قال : نعم ، قال : اقض دين مدين، قال : ما تميل نفسي إلا إلى الحج، قال : مرادك أن تركب وتجيء ويقال : فلان حاجي. ومنهم من ينفق على الأوقات والرقص ويرمي الثياب على المغني ، ويلبس عليهإبليس بانك تجمع الفقراء وتطعمهم، وقد بينا أن ذلك مما يوجب فساد القلوب، ومنهم من إذا جهز ابنته صاغ لها دست الفضة ويرى الأمر في ذلك قربة، وربما كانت له ختمة فتقدم مجامر الفضة ويحضر هناك قوم من العلماء فلا هو يستعظم ما فعل ولا هم ينكرون اتباعا للعادة. ومنهم منيجور في وصيته ويحرم الوارث ويرى أنه ماله يتصرف فيه كيف شاء، وينسى أنه بالمرض قد تعلقت حقوق الوارثين به. عن الأعمش عن خيثمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إن الشيطان يقول ما غلبني عليه ابن آدم فلن يغلبني على ثلاث : آمره باخذ المال من غير حقه ، وآمره بإنفاقه في غيرحقه ، ومنعه من حقه ".
بالاجمال فالمعاني كلها مفهومة و لكن لفتني ان المغنين و الراقصات كانوا فقراء في تلك الازمان (لم يكن هناك فيديو كليب!!!!!!!)

من هناك
03-13-2008, 09:13 PM
بارك الله بك يا اخي عزام على المتابعة واعاننا الله على القراءة. سوف اطبعها كي اقرأها في الطريق اليوم افضل من الإستماع لعبد الحليم على الطريق

أبو مُحمد
03-13-2008, 10:44 PM
ولكن عبد الحليم لم يكن فقيرا أيضا.

مقاوم
03-14-2008, 06:33 AM
جزاك الله خيرا أخي عزام
هذه الكتاب من أهم ما كتب الإمام إبن الجوزي.
وأقول للحبيب أبومحمد: إصبر... فسيفرد بابا كاملا للعلم والعلماء. أقصد تلبيس ابليس عليهم. وبابا للولاة والسلاطين، لكن أهمية الكتاب تكمن في الكلام المستفيض عن الصوفية وفرقهم وقد نقل عنه الكثير ممن كتبوا في بيان ضلالات الصوفية في زماننا وعلى رأسهم شيخنا الفاضل الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق.

أتمنى للجميع قراءة مفيدة ممتعة وأنا متابع معكم.

عزام
03-14-2008, 02:34 PM
جزاك الله خيرا أخي عزام
هذه الكتاب من أهم ما كتب الإمام إبن الجوزي.
وأقول للحبيب أبومحمد: إصبر... فسيفرد بابا كاملا للعلم والعلماء. أقصد تلبيس ابليس عليهم. وبابا للولاة والسلاطين، لكن أهمية الكتاب تكمن في الكلام المستفيض عن الصوفية وفرقهم وقد نقل عنه الكثير ممن كتبوا في بيان ضلالات الصوفية في زماننا وعلى رأسهم شيخنا الفاضل الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق.
أتمنى للجميع قراءة مفيدة ممتعة وأنا متابع معكم.
بارك الله فيك اخي مقاوم على تعقيبك
انا اختار مقتطفات من الكتاب واعلق عليها ولكن اشدد على الاخطاء التي اراها في عصرنا اليوم.

تلبيس إبليس على جمهور العوام: وقد لبس إبليس على جمهور العوام بالجريان مع العادات وذلك من أكثر أسباب هلاكهم . فمن ذلك أنهم يقلدون الأباء ، والأسلاف في اعتقادهم على ما نشئوا عليه من العادة ، فترى الرجل منهم يعيش خمسين سنة على ما كان عليه أبوه ولا ينظر كان على صواب أم على خطأ. ومن هذا تقليد اليهود والنصارى والجاهلية أسلافهم . وكذلك المسلمون يجرون في صلاتهم وعباداتهم مع العادة، فترى الرجل يعيش سنين يصلي على صورة ما رأى الناس يصلون ولعله لا يقيم الفاتحة، ولا يدري ما الواجبات ، ولا يسهل عليه أن يعرف ذلك هوانا بالدين، ولو أنه أراد تجارة لسأل قبل سفره عما ينفق في ذلك البلد. ثم ترى أحدهم يركع قبل الإمام ويسجد قبل الإمام، ولا يعلم أنه إذا ركع قبله فقد خالفه في ركن، فإذا رفع قبله فقد خالفه في ركني ، فبطلت صلاته. وقد رأيت جماعة يسلمون عند تسليم الإمام وقد بقي عليهم من التشهد الواجب شيء وذاك أمر لا يحمله الإمام فتكون صلاته باطلة، وربما يترك أحدهم فريضة وزاد في نافلة. وربما أهمل غسل بعض العضو كالعقب، وربما كان في يده خاتم قد حصر الأصبع فلا يديره وقت الوضوء ولا يصل الماء إلى ما تحته فلا يصح وضوؤه . وأما بيعهم وشراؤهم فاكثر عقودهم فاسدة ولا يتعرفون حكم الشرع فيها ولا يخفى على أحدهم أن يقلد فقيها في رخصته استقلالا منهم للذخول تحت حكم الشريعة. وقل أنيبيعوا شيئا إلا وفيه غش ويغطيه عيب. والجلاء يغطي عيوب الذهب الرديء حتى إن المرأة تضع الغزل في الأنداء وتنديه ليثقل وزنه. ومن جريانهم مع العادة أن أحدهم يتوانى في صلاته المفروضة في رمضان ويفطر على الحرام، ويغتاب الناس، وربما لوضرب بالخشب لم يفطر في العادة لأن في العادة استبشاع الفطر. ومنهم من يدخل في الربا بالاستئجار فيقول : معي عشرون دينارا لا أملك غيرها فإن أنفقتها ذهبت ، وأنا أستأجر بها دارا وآكل أجرة الدار ظنا منه أن هذا الأمر قريب. ومنهم من يرهن الدار على شيء ويؤدي ويقول : هذا موضع ضرورة، وربما كانت له دار أخرى وفي بيته آلات لو باعها لاستغنى عن الرهن والاستئجار، ولكنه يخاف على جاهه أن يقال : قد باع داره أو أنه يستعمل الخزف مكان الصفر. ومما جروا فيه على العادات اعتمادهم على قول الكاهن والمنجم والعراف ، وقد شاع ذلك بين الناس واستمرت به عادات الأكابر،فقل أن ترى أحدا منهم يسافر أو يفصل ثوبا أو يحتجم إلا سال المنجم وعمل بقوله ، ولا تخلو دورهم من تقويم، وكم من دار لهم ليس فيها مصحف .وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه سئل عن الكهان ، فقال : "ليسوا بشيء "، فقالوا : يا رسول الله : إنهم يحدثون أحيانا بالشيء يكون حقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة". وفي صحجح مسلم عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : "من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". وروى أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : "من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد بريء مما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم ". ومن جريانهم مع العادات كثرة الأيمان الحانثة التي أكثرها ظهار وهم لا يعلمون فأكثر قولهم في الأيمان : حرام علي إن بعت ! ومن عاداتهم لبس الحرير والتختم بالذهب، وربما تورع أحدهم عن لبس الحرير ثم لبسه في وقت كالخطيب يوم الجمعة. ومن عاداتهم إهمال إنكار المنكر حتى إن الرجل يرى أخاه أو قريبه يشرب الخمر وبلبس الحرير فلا ينكر عليه ولا يتغير، بل يخالطه مخالطة حبيب. ومن عاداتهم أن يبني الرجل على باب داره مصطبة يضيق بها طريق المارة، وقديجتمع على باب داره ماء مطر ويكثر فيجب عليه إزالته وقد أثم بكونه كان سببا لأذى المسلمين. ومن عاداتهم دخول الحمام بلا مئزر وفيهم من إذا دخل بمئزر رمى به على فخذه فترى جوانب أليتيه ويسلم نفسه إلى المدلك فيرى بعض عورته وبمسها بيده لأن العورة من السرة إلى الركبة، ثم ينظر هؤلاء إلى عورات الناس ولا يكاد يغص ولا ينكر. ومن عادتهم ترك القيام بحق الزوجة وربما اضطروها إلى أن تسقط مهرها، ويظن الزوج أنه قد تختص بما قد أسقطته عنه. وقد يميل الرجل إلى إحدى زوجتيه دون الأخرى فيجور في القسم متهاونا بذلك ظنا أن الأمر فيه قريب. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : "من كانت له امرأتان يميل إلى إحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة يجر إحدى شقيه ساقطا أو مائلا". ومن عادتهم إثبات الفلس عند الحاكم، ويعتقد الذي قد حكم له بالفلس أنه قد سقطت عنه بذلك الحقوق،وقد يوسر ولا يؤدي حقا. ومنهم من لا يقوم من دكانه بحجة الفلس إلا وقد جمع مالا من أموال المعاملين فاضربه ينفقه في مدة استتاره وعنده إن الأمر في ذلك قريب. ومما جروا فيه على العادات أن الرجل يستاجر ليعمل طول النهار فيضيع كثيرا من الزمان إما بالتثبط في العملأو بالبطالة أو باصلاح آلات العمل مثل أن يحد النجار الفاس والشقاق المنشار، ومثل هذا خيانة إلا أن يكون ذلك يسيرا قد جرت العادة بمثله . وقد يفوت أكثرهم الصلاة ويقول: أنا في إجارة رجل، ولا يدري أن أوقات الصلاة لا تدخل في عقد الإجارة، وقلة نصحهم في أعمالهم كثيرة . ومما جروا فيه على العادة دفن الميت في التابوت، وهذا فعل مكروه، وأما الكفن فلا يتباهى فيه بالمغالاة، ينبغي أن يكون وسطا. ويدفنون معه جملة من الثياب وهذا حرام؟ لأنه إضاعة للمال ويقيمون النوح على الميت. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب". ومن عاداتهم اللطم وتمزيق الثياب وخصوصا النساء .وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "ليس منا من شق الجيوب ولطم الخدود ودعا بدعوى الجاهلية". وربما رأوا المصاب قد شق ثوبه فلم ينكروا عليه، لا بل ربما أنكروا ترك شق الثوب وقالوا : ما أثرت عنده المصيبة. ومن عاداتهم يلبسون بعد الميت الدون من الثياب ويبقونعلى ذلك شهرا أو سنة، وربما لم يناموا هذه المدة في سطح. ومن عاداتهم زيارة المقابر في ليلة النصف من شعبان وإيقاد النار عندها وأخذ تراب القبر المعظم.
يعدد الامام عدة اخطاء لعامة الناس كانت موجودة في عصره و قد نستغرب انها موجودة في عصرنا ايضا لأن النفس الانسانية لا تتغير مع الزمن و مداخل ابليس اليها لا تتغير كذلك.
1- اتباع التقاليد سواء في العقيدة او الشريعة دون ادنى اهتمام بالبحث على الحق او تعلم علم الدين. فيما انه لو اراد ان يصبح مهندس كمبيوتر او كابتن طيران لتعلم ذلك لسنين عديدة.
2- الإخلال في عقود البيع و منها المضاربة بالبورصة مثلا فلا يصح ان تبيع ما لا تملك و هذا يحصل كثيرا في البورصة.
3- الصيام في رمضان مع ترك الصلاة فيه و هذه عادة دارجة فكأنه يصوم خجلا من الناس؟؟؟
4- عدم دفع الأجار لصاحب الملك اعتمادا على ان الدولة تحمي المستأجر. و يدخل من ضمنها من يدفع اجارا لصاحب الملك لا يوازي الا الاف الليرات اعتمادا على قوانين الدولة الجائرة.
5- تصديق العرافين ابتداء من نوستراداموس وصولا الى ميشال حايك و ماغي فرح و الابراج (ولو على سبيل التسلية).
6- الايمان الحانثة كأن يقول فلان "علي الطلاق ستأكل عندي" جاعلا قضايا الطلاق و الزواج عرضة للغو الكلام.
7- مصادقة الملتزم للفاسق دون ان يحاول هدايته و لو كان صديقه حقا لصدقه القول.
8- كشف العورة في الحمامات و الاندية الرياضية و المساج و لو كان رجال مع رجال و نساء مع نساء.
9- الاستهتار بقضايا المهر كأن يقول احدهم لحماه "اكتب ما شئت من مؤخر الصداق" ظانا في نفسه بأن هذه المبلغ حبر على ورق فلوا اراد الطلاق يستطيع ان يدفع الزوجة الى اعفاءه من هذا المبلغ بظلمها والقسوة عليها.
10- الافلاس الاحتيالي و هو شائع جدا في لبنان.
11- اضاعة العامل وقت الدوام بالكسل.
1
13- النواح و اللطم و شق الثياب و هو حرام خاصة ان الكثيرات من النساء يفعلن هذا مجاملة لاهل الفقيد ومن الناس من يعيب على اهل الفقيد ان لم يقوموا بهذه الافعال. كما يحرم الحداد مدة طويلة على غير الزوج.

منال
03-14-2008, 02:47 PM
أين 12؟

وجزاك الله خيرا على النقل والتعليق

عزام
03-14-2008, 02:52 PM
الله يبارك بك
12 كانت : مما جروا فيه على العادة دفن الميت في التابوت، فحذفتها
لا ادري ان كانت هذه العادة ما زالت موجودة عند المسلمين.. انا اراها عند النصارى..

منال
03-14-2008, 02:54 PM
جزاك الله خيرا

لا أعرف هذه العادة كما هناك عادات مكتوبة أيضا لا أعرفها

نسأل الله ان يحيينا على الاسلام ويميتنا عليه

أبو مُحمد
03-14-2008, 04:39 PM
أخي عزام ..
فليكن اقتباسك متوازنا وليس في اتجاه واحد وبارك الله فيك.
طبعا أنت حر في اختيارك ولكن الافضل لنا وللجميع أن تأتينا بشيء من كل شيء .

بارك الله فيك.

عزام
03-14-2008, 04:44 PM
أخي عزام ..
فليكن اقتباسك متوازنا وليس في اتجاه واحد وبارك الله فيك.
طبعا أنت حر في اختيارك ولكن الافضل لنا وللجميع أن تأتينا بشيء من كل شيء .
بارك الله فيك.
آمين وفيك
وماذا قلنا غير هذا؟ اين الخطأ فيما قلته؟ قلت اريد ان اركز على الاخطاء المعاصرة لا تلك التي انقرضت. فاي فئة تراني ادافع عنها بهذا الكلام؟ واي فئة تراني اتغاضى عنها؟
على كل حال سأمرر لك الكتاب كله ان شاء الله لتنشر ما لم يسعفني الوقت ان اضعه ها هنا.

أبو مُحمد
03-14-2008, 05:03 PM
جزاك الله عنا خيرا ورزقك الجنة.
المشكلة يا أخي اننا جميعنا دائما ما نركز على ما نريده نحن لا ما نحتاجه واقعا !
وهذه مشكلتي انا ايضا فلا تبتئس بتذكيري لنفسي واياك.

وبارك الله فيك وفي جهودك.

عزام
03-14-2008, 05:49 PM
جزاك الله عنا خيرا ورزقك الجنة.
المشكلة يا أخي اننا جميعنا دائما ما نركز على ما نريده نحن لا ما نحتاجه واقعا !
وهذه مشكلتي انا ايضا فلا تبتئس بتذكيري لنفسي واياك.
وبارك الله فيك وفي جهودك.
بارك لله فيك على هذه النصيحة
هذا رابط الكتاب
كي نتساعد في الاقتباس منه
http://www.almeshkat.com/books/open.php?cat=14&book=406 (http://www.almeshkat.com/books/open.php?cat=14&book=406)
عزام

عزام
03-15-2008, 06:54 PM
تلبيس إبليس على النساء

وأما تلبيس إبليس على النساء فكثيرجدا وقد أفردت كتابا للنساء ذكرت فيه ما يتعلق بهن من جميع العبادات وغيرها، وأنا أذكر ههناكلماتي من تلبيس إبليس عليهن. فمن ذلك أن المرأة تطهر من الحيض بعد الزوال فتغتسل بعد العصر فتصلي العصر وحدها وقد وجبت عليها الظهر وهي لا تعلم. وفيهن من يؤخر الغسل يومين وتحتج بغسل ثيابها وغسلها ودخول الحمام، وقد تؤخر غسل الجنابة في الليل إلى أن تطلع الشمس.فإذا دخلت الحمام لم تتزر بمئزر وتقول ما دخل إلي إلا القيمة، وربما قالت : أنا وأختي وأمي وجاريتي وهن نساء مثلي فممن أستتر، وهذا كله حرام. فإن تأخير الغسل بغير عذر لا يجوز. ولا يحل للمرأة أن تنظر من المرأة ما بين سرتها وركبتها ولوكانت ابنتها وأمها، إلا أنتكون البنت صغيرة، فإذا بلغت سبع سنين استترت واستتر منها.
وقد تصلي المرأة قاعدة وهي تقدر على القيام، فالصلاة حينئذ باطلة. وقد تحتج بنجاسة في ثوبها من بول طفلها وهي تقدر على غسله ، ولو أرادت الخروج إلى الطريق لتهيأت واستعارت، لانما هان عندها أمر الصلاة، وقد لا تعرف من واجبات الصلاة شيئا ولا تسال. وقد ينكشف من الحرة ما يبطل صلاتها وتستهين به. وقد تستهين المرأة بإسقاط الحبل ولا تدري أنها إذا أسقطت ما قد نفخ فيه الروح فقد قتلت مسلما، وقد تستهين بالكفارة الواجبة عليها عند ذلك الفعل ، فإنه يجب عليها أن تتوب وتؤدي دية إلى ورثته وهي غرة عبد أو أمة قيمتها نصف عشر دية أبيه أو عشر دية الأم، ولا ترث الأم من ذلك شيئا، ثم تعتق رقبة فإن لم تجد صامت شهرين متتابعين . وقد تسيء الزوجة عشرتها مع الزوج وربما كلمته بالمكروه وتقول : هذا أبو أولادي وما بيننا هذا، وتخرج بغير إذنه وتقول : ما خرجت في معصية، ولا تعلم أن خروجها بغيرإذنهمعصية، ثم نفس خروجها لا يؤمن منه فتنة . وفيهن من تلازم القبور وتحد لا على الزوج، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : "لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا". ومنهم من يدعوها زوجها إلى فراشه فتأبى وتظن هذا الخلافليس بمعصية، وهي منهية عنه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فابت فباتت وهو عليها ساخط لعنتها الملائكة حتى تصبح "، أخرجاه في الصحيحين. وقد تفرط المرأة في مال زوجها ولا يحل لها أن تخرج من بيته شيئاإلا أن ياذنلها أوتعلم رضاه. وقد تعطي من ينجم لهابالحصى ويسحر ومن تعمل لها نسخة محبة وعقد لسان، وكل هذا حرام، وقد تستجيز ثقب آذان الأطفال وهو حرام. فإن أفلحت وحضرت مجلس الواعظ فربما لبست خرقة من يد الشيخ الصوفي وتصافحه فصارت من بنات المنبر فخرجت إلى عجائب، وينبغي أننكف عنان العلم اقتصارا على هذه النبذة فإن هذا الأمر يطول، ولو بسطنا النبذ المذكورة في هذا الكتاب أو شيدنا ردنا على من رددنا عليه بالأحاديث والآثار لاجتمعت مجلدات، وإنما ذكرنا اليسير ليدل على الكثير، وقد اقتنعنا في ذكر فاحش القبيح من أفعال الغالطين بنفس حكايته دون تعاطي رده لأن الأمر فيه ظاهر، والله يعصمنا من الزلل ويوفقنا لصالح القول والعمل بمنه وكرمه .

هنا الحقيقه
03-15-2008, 08:21 PM
بارك الله بك اخي عزام اذكر ان هذا الكتاب اول قراءة لي فيه عندما كان عمري 10 سنوات
ثم قراته في عمر ال 14 وكرهته لانه ينال من الصوفية :)
والقراءة الاخيرة له عندما كنت 109 :)

عزام
03-16-2008, 10:13 AM
بارك الله بك اخي عزام اذكر ان هذا الكتاب اول قراءة لي فيه عندما كان عمري 10 سنوات
ثم قراته في عمر ال 14 وكرهته لانه ينال من الصوفية :)
والقراءة الاخيرة له عندما كنت 109 :)

بارك لله فيك اخي هنا الحقيقة
هذا بعض من كلامه عن الصوفية


1- ومن الصوفية من ذم العلماء وراى ان الاشتغال بالعلم بطالة وقالوا ان علومنا بلا واسطة وإنما رأوا بعد الطريق في طلب العلم فقصروا الثياب ورقعوا الجباب وحملوا الركاء وأظهروا الزهد
2- والثاني انه قنع قوم منهم باليسير منه ففاتهم الفضل الكثير في كثرته فاقتنعوا بأطراف الاحاديث وأوهمهم ان علو الإسناد والجلوس للحديث كله رياسة ودنيا وان للنفس في ذلك لذة وكشف هذا التلبيس انه ما من مقام عال الا وله فضيلة وفيه مخاطرة فان الإمارة والقضاء والفتوى كله مخاطرة وللنفس فيه لذة ولكن فضيلة عظيمة كالشوك في جوار الورد فينبغي أن تطلب الفضائل ويتقي ما في ضمنها من الآفات # فأما ما في الطبع من حب الرياسة فانه إنما وضع لتجتلب هذه الفضيلة كما وضع حب النكاح ليحصل الولد وبالعلم يتقوم قصد العلم كما قال يزيد بن هرون طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله ومعناه انه دلنا على الإخلاص ومن طالب نفسه بقطع ما في طبعه لم يمكنه
3- الثالث انه أوهم قوما منهم ان المقصود العمل وما فهموا أن التشاغل بالعلم من أوفى الأعمال ثم ان العالم وان قصر سير عمله فانه على الجادة والعابد بغير علم على غير الطريق
4- والرابع أنه أرى خلقا كثيرا منهم أن العالم ما اكتسب من البواطن حتى ان أحدهم يتخايل له وسوسة فيقول حدثني قلبي عن ربي وكان الشبلي يقول # اذا طالبوني بعلم الورق % برزت عليهم بعلم الخرق # وقد سموا علم الشريعة علم الظاهر وسموا هواجس النفوس العلم الباطن .أنبأنا محمد بن ناصر كان في ناحية أبي يزيد رجل فقيه عالم تلك الناحية فقصد أبا يزيد وقال له قد حكى لي عنك عجايب فقال أبو يزيد وما لم تسمع من عجايبي أكثر فقال له علمك هذا يا أبا يزيد عن من ومن ومن من فقال أبو يزيد علمي من عطاء الله تعالى ومن حيث قالمن عمل بما يعلم ورثه الله علم ما لم يعلم ومن حيث قالالعلم علمان علم ظاهر وهو حجة الله تعالى على خلقه وعلم باطن وهو العلم النافع وعلمك يا شيخ نقل من لسان عن لسان التعليم وعلمي من الله إلهام من عنده فقال له الشيخ علمي عن الثقات عن رسول اللهصلى الله عليه وسلمعن جبريل عن ربه عز وجل فقال له أبو يزيد يا شيخ كان للنبي صلى الله عليه وسلم علم عن الله لم يطلع عليه جبريل ولا ميكائيل قال نعم ولكن أريد أن يصح لي علمك الذي تقول هو من عند الله قال نعم أبينه لك قدر ما يستقر في قلبك معرفته ثم قال يا شيخ علمت أن الله تعالى كلم موسى تكليما وكلم محمداصلى الله عليه وسلم رآه كفاحا وان حلم الأنبياء وحي قال نعم قال أما علمت ان كلام الصديقين والأولياء بالهام منه وفوائده من من قلوبهم حتى أنطقهم بالحكمة ونفع بهم الأمة ومما يؤكد ما قلت ما ألهم الله تعالى أم موسى أن تلقي موسى في التابوت فألقته وألهم الخضر في السفينة والغلام والحائط قوله موسى ^ وما فعلته عن أمرى ^ وكما قال أبو بكر لعائشة رضي الله عنهما إن ابنة خارجة حاملة ببنت وألهم عمر رضي الله عنه فنادى يا سارية الجبل أنبأنا ابن ناصر أنبأنا أبو الفضل السهلكي قال سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول سمعت يوسف بن الحسين يقول سمعت إبراهيم سبتية يقول حضرت مجلس أبي يزيد والناس يقولون فلان لقي فلانا وأخذ من علمه وكتب منه الكثير وفلان لقي فلانا فقال أبو يزيد مساكين أخذوا علمهم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت # قال المصنف رحمه الله هذا الفقه في الحكاية الأولى من قلة العلم إذ لو كان عالما لعلم أن الإلهام للشيء لا ينافي العلم ولا يتسع به عنه ولا ينكر أن الله عز وجل يلهم الإنسان الشيء كما قال النبيصلى الله عليه وسلم إن في الأمم محدثين وان يكن في أمتي فعمر والمراد بالتحديث إلهام الخير إلا أن الملهم لو ألهم ما يخالف العلم لم يجز له أن يعمل عليه وأما الخضر فقد قيل أنه نبي ولا ينكر للانبياء الإطلاع بالوحي علىالعواقب وليس الإلهام من العلم في شيء إنما هو ثمرة لعلم والتقوى فيوفق صاحبهما للخير ويلهم الرشد فأما أن يترك العلم ويقول أنه يعتمد على الإلهام والخواطر فليس هذا بشيء إذ لولا العلم النقلي ما عرفنا ما يقع في النفس أمن الإلهام للخير أو الوسوسة من الشيطان # واعلم أن العلم الإلهامي الملقى في القلوب لا يكفي عن العلم المنقول كما أن العلوم العقلية لا تكفي عن العلوم الشرعية فإن العقلية كالأغذية والشرعية كالأدوية ولا ينوب هذا عن هذا وأما قوله أخذوا علمهم ميتا عن ميت أصلح ما ينسب إليه هذا القائل أنه ما يدري ما في ضمن هذا القول وإلا فهذا طعن على الشريعة أنبأنا ابن الحصين نا ابن المذهب نا أبو حفص بن شاهين قال من الصوفية من رأى الإشتغال بالعلم بطالة وقالوا نحن علومنا بلا واسطة قال وما كان المتقدمون في التصوف إلا رؤسا في القرآن والفقه والحديث والتفسير ولكن هؤلاء أحبوا البطالة # وقال أبو حامد الطوسي اعلم أن ميل أهل التصوف إلى الالهيه دون التعليمية ولذلك لم يتعلموا ولم يحرصوا على دراسة العلم وتحصيل ما صنفه المصنفون بل قالوا الطريق تقديم المجاهدات بمحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والاقبال على الله تعالى بكنه الهمة وذلك بأن يقطع الإنسان همه عن الأهل والمال والولد والعلم ويخلو نفسه في زاوية ويقتصر على الفرائض والرواتب ولا يقرن همه بقراءة قرآن ولا بالتأمل في نفسه ولا يكتب حديثا ولا غيره ولا يزال يقول الله الله الله إلى أن ينتهي إلى حال يترك تحريك اللسان ثم يمحي عن القلب صورة اللفظ # قال المصنف رحمه الله قلت عزيز علي أن يصدر هذا الكلام من فقيه فإنه لا يخفى قبحه إنه على الحقيقة طي لبساط الشريعة التي حثت على تلاوة القرآن وطلب العلم وعلى هذا المذهب فقد رأيت الفضلاء من علماء الأمصار فإنهم ما سلكوا هذه الطريق وإنما تشاغلوا بالعلم أولا وعلى ما قد رتب أبو حامد تخلو النفس بوساوسها وخيالاتها ولا يكون عندها من العلم ما يطرد ذلك فيلعب بها إبليس أي ملعب فيريها الوسوسة محادثة ومناجاة ولا ننكر أنه إذا طهر القلب انصبت عليه أنوار الهدى فينظر بنور الله إلا أنه ينبغي أن يكون تطهيره بمقتضى العلم لا بما ينافيه فإن الجوع الشديد والسهر وتضييع الزمان في التخيلات أمور ينهي الشرع عنها فلا يستفاد من صاحب الشرع شيء ينسب إلى ما نهى عنه كما لا تستباح الرخص في سفر قد نهى عنه ثم لا تنافي بين العلم والرياضة بل العلم يعلم كيفية الرياضة ويعين على تصحيحها وإنما تلاعب الشيطان بأقوام أبعدوا العلم وأقبلوا على الرياضة بما ينهي عنه العلم والعلم بعيد عنهم فتارة يفعلون الفعل المنهي عنه وتارة يؤثرون ما غيره أولى منه وإنما كان يفتي في هذه الحوادث العلم وقد عزلوه فنعوذ بالله من الخذلان أنبأنا ابن ناصر عن أبي علي بن البنا قال كان عندنا بسوق السلاح رجل كان يقول القرآن حجاب والرسول حجاب ليس الا عبد رب فافتتن جماعة به فأهملوا العبادات واختفى مخافة القتل # أنبأنا محمد بن عبد الملك نا احمد بن علي بن ثابت نا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد الجبائي ثنا احمد بن سليمان النجاد ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ثنا هشام بن يونس ثنا المحاربي عن بكر بن حنش عن ضرار بن عمرو قال إن قوما تركوا العلم ومجالسة أهل العلم واتخذوا محاريب فصلوا وصاموا حتى يبس جلد أحدهم على عظمه وخالفوا السنة فهلكوا فوالله الذي لا إله غيره ما عمل عامل قط على جهل إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح نقد مسالك الصوفية في تركهم الإشتغال بالعلم # وقد فرق كثير من الصوفية بين الشريعة والحقيقة وهذا جهل من قائله لأن الشريعة كلها حقائق فإن كانوا يريدون بذلك الرخصة والعزيمة فكلاهما شريعة وقد أنكر عليهم جماعة من قدمائهم في إعراضهم عن ظواهر الشرع وعن أبي الحسن غلام شعوانه بالبصرة يقول سمعت أبا الحسن بن سالم يقول جاء رجل إلى سهل بن عبد الله وبيده محبرة وكتاب فقال لسهل جئت أن أكتب شيئا ينفعني الله به فقال اكتب ان استطعت أن تلقى الله وبيدك المحبرة والكتاب فأفعل قال يا أبا محمد أفدني فائدة فقال الدنيا كلها جهل إلا ما كان علما والعلم كله حجة إلا ما كان عملا والعمل كله موقوف إلا ما كان منه على الكتب والسنة وتقوم السنة علىالتقوى وعن سهل بن عبد الله أنه قال احفظوا السواد على البياض فما أحد ترك الظاهر الا تزندق وعن سهل بن عبد الله انه قال ما من طريق إلى الله أفضل من العلم فإن عدلت عن طريق العلم خطوة تهت في الظلام أربعين صباحا وعن أبي بكر الدقاق قال سمعت أبا سعيد الخراز يقول كل باطن يخالف ظاهرا فهو باطل # وعن أبي بكر الدقاق انه قال كنت مارا في تيه بني إسرائيل فخطر ببالي أن علم الحقيقة مباين للشريعة فهتف بي هاتف من تحت شجرة كل حقيقة لا تتبعها الشريعة فهي كفر # قال المصنف رحمه الله وقد نبه الإمام أبو حامد الغزالي في كتاب الأحياء فقال من قال ان الحقيقة تخالف الشريعة أو الباطن يخالف الظاهر فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان وقال ابن عقيل جعلت الصوفية الشريعة إسما وقالوا المراد منها الحقيقة قال وهذا قبيح لأن الشريعة وضعها الحق لمصالح الخلق وتعبداتهم فما الحقيقة بعد هذا سوى شيء واقع في النفس من القاء الشياطين وكل من رام الحقيقة في غير الشريعة فمغرور مخدوع $