بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على رسولنا الكريم محمد الأمين، و على آله و صحبه و التابعين،

و بعد،

فإن من أخص صفات رسولنا صلى الله عليه و سلم انه كان معلماً..

وتعليمه، لم يكن مقيداً بحلقة علم.. او مجلس علم فحسب
بل كان يعلم... كان يعلم أصحابه في بيته و في منازلهم و في الطرقات و في رحلاته ... و في المسجد و في غير المسجد...
هكذا كــان يعلــم! .. صلى الله عليه و سلم

انه في كلامه كان معلماً... و في صمته كان معلماً..!
انه في حركته كان معلماً ... و في سكونه كان معلماً..
في جلوسه و قيامه و جميع حالاته... كان يعلّم...! صلى الله عليه و سلم


لم يكن يتكلف شيئاً لا طريقة للجلوس.. و لا زياً معيناً "للمحاضرة"... و لا ميعاداً معيناً..
بل كان يعلم... في كل الاوقات... و في كل الحالات...... و في كل الهيئات...
فقد كان يعلم أصحابه و هو جالس أحياناً.. وفهو واقف أحياناً.. و هو مضطجع أخرى كما جاء في الحديث: ".. و كان مضطجعاً فجلس فقال: ألا وشهادة الزور... ألا و شهادة الزور.."

هكذا كان يعلّم ! صلى الله عليه و سلم

انه في تعليمه، صلى الله عليه و سلم، كان واســـــع الصــدر، فلم يعنف سائلاً قط لسؤاله.. و لا معترضاً قط لاعتراضه... بل كان يأتيه الاعرابي الجاهل فيبول في المسجد فيقول: " لا تزرموه.. دعوه حتى يتم بوله" ! ثم يعلمه صلى الله عليه و سلم ان هذا لا يجوز، لأن المسجد مكان لعبادة الله و الصلاة....
وكان قد صلى معه اعرابي مرة فعطس أحد الصحابة فقال له الاعرابي:( يرحمك الله) فنظر الصحابي اليه ان اسكت فصرخ الاعرابي بأعلى صوته: ( وا ثكل أماه ! ما لكم تنظرون الي هكذا؟؟ )
و بعد ان انتهت الصلاة، تبسم له رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ناداه فعلمه ،
فقال الاعرابي: ( اللهم ارحمني و ارحم محمداً و لا ترحم معنا احداً)
فضحك النبي صلى الله عليه و سلم و قال :"لقد حجرت واسعاً !"
فخرج الاعرابي و هو يقول: ( بأبي هو و امي ما رأيت معلماً قط أرحم منه، فوالله ما ضربني و لا شتمني و لا كهرني، و لكن قال لي: إن الصلاة لا يصلح فيها شي من كلام الناس.........)

نعم و الله !
فهل رأينا معلما ً أرحم منه صلى الله عليه و سلم!
و احلم و اوسع صدراً و أكثر لطفاً.... من معلمنا ، رسول الله صلى الله عليه و سلم؟؟؟

انه صلى الله عليه و سلم، لم يبخل على اصحابه بتعليمهم... و لا على أمته من بعدهم !
انه.. و نعوذ بالله ... لم يكنز هذا العلم لنفسه !!!
بل علم هذا العلم للأمة
و أورثها اياه
انه علم اصحابه... و ما زال يعلّم.. ما زال يعلّمنا!

انه ما زال يعلمنا... و لو بطريقة مختلفة... اليوم

فإذا كان العلم النافع هو من العمل الذي لا ينقطع بعد موت ابن آدم،
فكيف بعمل رسول الله صلى الله عليه و سلم؟؟
ان عمل رسول الله صلى الله عليه و سلم لم ينقطع الى يومنا هذا
و لن ينقطع بإذن الله ،
ما دام على وجه البسيطة من يشهد ان لا اله الا الله و ان محمداً عبده و رسوله
صلى الله عليه و سلم

متى ؟

والله لن تعود العزة حتى يتعلم كبارنا هذه الأخلاق قبل الصغار