تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جّدَّتِي تَقُولْ ...



أبو مُحمد
03-05-2008, 11:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

حديثي مع الاخ عابر السبيل عن "أنواع الناس" هناك في موضوع الذنوب الخفية أخذني لبيت جدتي!

كنتُ صغيرا ولا أكاد أميز الامور وكلما حدث أمر صغُر أم كبُر كهزة أرضية أو عاصفة ترابية أو حريق أو ما شابه فكلما حدث شيء من هذا أسمع جدتي حفظها الله تقول : "لابد أن هناك معصية قد ارتُكبت في مكان ما!".

طبعا هي طاعنة في السن ولا تقولها هكذا بالفصحى! ولا تعلم من الدين شيئا كما يعلم الكثير من العلماء والمثقفين ... وتصلي بالفاتحة فقط في كل صلاتها!
وحتى دعائها خلف كل صلاة وكأنها تتحدث لاحد بجانبها !


المهم أعود للنقطة الاساسية فما مدى شرعية ربط كل حدث يحدث بانه اما عذاب أو دليل غضب من الله عز وجل؟

هل من أحد وقف لتفصيل لهذا الامر ؟ هل من نصوص تؤيد هذا التفكير بمجمله ؟
وما الفرق بين البلاء والابتلاء؟
ومتى يكون بلاء ومتى يكون ابتلاء؟

أبو مُحمد
03-07-2008, 06:58 PM
لا تحزني جدتي سيعود من مر بهذه الصفحة ليبين لنا !

أم ورقة
03-07-2008, 07:00 PM
ان شاء الله لا بد يأتي أحد و يبيّن ذلك بإذن الله

أبو مُحمد
03-07-2008, 07:04 PM
باذن الله ..

عزام
03-07-2008, 07:29 PM
السلام عليكم اخي ابا محمد
هذا موضوع فكرت فيه من قبل وبحثت عنه ثم خرجت بالخلاصة التالية
عزام


تحمل النظرة الدينية لمفهوم المصيبة او المحنة ثلاث ابعاد:
1- امتحان او الابتلاء
الامتحان لغة هو استخلاص النقي من الشوائب. فنقول امتحن الرجل الذهب أي طهره من شوائبه ويحمل نفس المعنى فظ "فتن" فيقال ايضا فتن الرجل الذهب. ورب العالمين يمتحن البشر ليميز بين الخيبث والطيب.
"الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" (العنكبوت: آية 1-3 ) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" (البقرة: آية 155-157).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل". وقال صلى الله عليه وسلم : "يبتلى الرجل على قدر دينه".
2- عقوبة خاصة :
وقد تكون المصيبة عقوبة على ذنب اقترفناه.
وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ . وقال العباس وعلي - رضي الله عنهما - : ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
3- عقوبة عامة للمجتمع
وقد يبتلى المسلم ويصاب كجزء من عقاب جماعي لقوم عصاة يعيش بينهم
يقول الله سبحانه (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (سورة الأنفال : 25) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا أنزل الله بقوم عَذابًا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بُعثوا على أعمالهم".
وهناك ثلاث حالات لهذا المسلم:
1- اما ان يكون عاصيا مثلهم فييستحق العقاب معهم.
2- وأما انه كان يعيش مع العاصين ولم يرتكب ما ارتكبوه إنما قصَّر في تغيير المُنكر، ورضي بما فعلوا فكان عاصيًا مثلهم فلم يكن شمول العقاب له ظُلمًا. وجاء فيهم قوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ)(سورة النساء : 140) وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما أخرجه الأربعة وصححه ابن حبان "إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيِّروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب".
3- أما إنه قام بواجبه في تغيير المُنكر بكل ما يمكن فعنئذ لا يسمى ما يلحقه من الضرر في الدنيا عقوبة، وسيحشره الله يوم القيامة مع الطائعين، كما يدُل عليه الحديث السابق والأحاديث الأخرى التي منها ما رواه ابن حبان في صحيحه "إن الله إذا أنزل سطوته بأهل نِقمته وفيهم الصالحون قُبضوا معهم ثم بُعثوا على نياتهم وأعمالهم" وما رواه مسلم "العجب أن ناسًا من أمتي يؤمون هذا البيت حتى إذا كانوا بالبيداء خُسف بهم " فقلنا يا رسول الله إن الطريق قد تجمع الناس قال: "نعم فيهم المُسْتَبصر والمجبور وابن السبيل ، يُهلكون مَهلكًا واحدًا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم".

الحكمة من وراء المصائب
هناك عدة حكم وعبر من وراء حلول المصائب.
1- الابتلاء للتمييز:
الدنيا دار العمل والآخرة دار الجزاء والجزاء سيكون بالجنة للمؤمنين والنار للكافرين . ولما كانت الجنة طيبة . ولا يدخلها إلا من كان طيباً والله طيب لا يقبل إلا طيباً لذا جرت سنة الله في عباده الابتلاء بالمصائب والفتن , ليعلم المؤمن من الكافر ويتميز الصادق من الكاذب كما قال سبحانه : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) العنكبوت/2- 3 . ولن يتم الفوز والنجاح إلا من بعد امتحان يعزل الطيب عن الخبيث ويكشف المؤمن من الكافر كما قال سبحانه ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) آل عمران/197 .
2- الابتلاء تذكرة للعبد:
ومن رحمة الله , أن تكون العقوبة على المعاصي في الدنيا لعل النفوس تزكوا وتعود إلى الله قبل الموت ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) السجدة/21 . {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخْذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون} (الأنعام: 42)،
3- الابتلاء سبيل لتكفير الذنوب:
يبتلي الله عباده بالمصائب لرفع درجاتهم وتكفير سيئاتهم كما قال عليه الصلاة والسلام : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب , ولا هم ولا حزن , ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) متفق عليه ، أخرجه البخاري/5641. وكما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة" أخرجه الترمذي وحسنه .
4- رفع الدرجة:
قد يكون البلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار ،، فيكونوا قدوة لغيرهم في الصبر والاحتساب؛ فيكون لهم ثواب الصبر على الابتلاء وثواب الاقتداء بهم. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ حتى الشوكة يشاكها، إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة".

كيف نميز بين مصيبة العقوبة ومصيبة الامتحان؟
الابتلاء ليس للعقوبة فقط
الابتلاءات في الإسلام لها فلسفتها، وليس بالضرورة أن تكون عقابًا، فقد يبتلي الله تعالى المسلم أو المسلمة لا عن ذنب اقترفه ولا عن معصية ارتكبها؛ ولكن ليرفع من درجاته، وليزيد من رصيد حسناته كما مر معنا. وإلا فما الذنب الذي ارتكبه أيوب (عليه السلام)، حتى يمسه الضر، في بدنه، وفي أهله. بل إن الابتلاءات لها دلالة محبة الله تعالى للعبد، كما في الحديث: "إذا أحبَّ الله تعالى عبدًا ابتلاه".
وبعض الناس يظن أن هذا الذي يصاب بالأمراض ونحوها مغضوب عليه وليس الأمر كذلك فإنه قد يبتلى بالمرض والمصائب من هو من أعز الناس عند الله وأحبهم إليه كالأنبياء والرسل وغيرهم من الصالحين كما تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم : أشد الناس بلاء الأنبياءالحديث وكما حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم في مكة وفي يوم أحد وغزوة الأحزاب وعند موته صلى الله عليه وسلم وكما حصل لنبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام ، ولنبي الله يونس عليه الصلاة والسلام ، وذلك ليرفع شأنهم ويعظم أجورهم وليكونوا أسوة صالحة للمبتلين بعدهم.
عقوبة ام امتحان؟
كثيرا ما نسال: هل ما يصيبني من اذى هو ابتلاء لي ام عقاب على شيء اقترفته. او قد ينظر احدهم الى احد معارفه فيرى ان المصائب تنهال عليه فيقول: فلان يعاقب على ذنوب قام بها او قد يحسن الظن فيه فيقول فلان رجل صالح يبتليه الله. والجواب بكل بساطة ان هذا امر لا تنفعنا معرفته ولا يصرنا جهله فسواء كانت المصيبة للعقوبة ام للابتلاء فالمطلوب من المبتلى شيء واحد الا وهو الصبر وفي الحالين وله ثواب على هذا الصبر.. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) دون ان يفصل بين الممتحن والمعاقب.
ومع ما قدمنا في عدم ضرورة البحث في نوعية المصيبة، فهناك حاجة احيانا لمعرفة ما ان كانت المصيبة عقوبة لنا وذلك في حالين:
1- امر لا نعرف انه حرام.
فمن الضروري ان نعرف في هذه الحال ان كان ما يصيبنا يعود لأمر محرم لا نعرفه كي نتوقف عنه. وفي هذا الحال تكون نوعية المصيبة مقترنة بالحدث نفسه في معظم الاحيان وتتكرر معه. فمثلا من يأكل مالا حراما دون ان يعرف اثم ما يفعله، سيلاحظ ان هذا المال لا يحوي بركة بمعنى انه سيلاحظ بانه ينفقه على كثرته في مصائب تقع في مقتنياته او صحته. وسيلاحظ بأنه كلما ربح مالا من هذا النوع ذهب بنفس الطريقة. فييكون اشعارا من الله تعالى له بوجوب محاسبة نفسه.
2- امر لم نتب منه توبة كاملة نصوحا.
وقد يخطأ المرء في شبابه خطيئة عظيمة ثم يتركها ولكن دون توبة كاملة منه، مثل خطيئة اخوة يوسف الذين رموه في البئر وظنوا بأنهم يستطيعون ان يتوبوا بعد ذلك دون ان يحاولوا البحث عنه واعادته. فعاقبهم الله ورفض توبتهم لأنها لم تكن كاملة. وكانت عقوبتهم من جنس ذنبهم فضاع منهم اخوهم بنيامين واتهموا به مع انهم كانوا ابرياء لأنهم اضاعوا يوسف من قبل وهم مذنبين. ويروى ان احدهم ضرب اباه في الشارع فاجتمع الناس حوله كي يعاتبوه فقال لهم ابوه "دعوه فإني قد فعلت هذا بأبي في نفس المكان منذ عشرين عاما". وهذا يظهر لنا بأن هذا الشيخ مع انه صلح حاله وربى اولاده تربية طيبة لم يترك بدون عقوبة على ما فعله في صغره لأنه لم يتب منه توبة كاملة وكانت عقوبته من جنس ذنبه. قال ابن سيرين عيرت رجلا بالإفلاس فافلست؛ وقال آخر عبت شخصا قد ذهبت بعض أسنانه ففقدت أسناني ونظرت إلي امرأة لاتحل لي فنظر إلي زوجتي من لا أريد ؛وغضب الخليفة المقتفي علي وزيره وأمر بان يؤخذ منه عشرة آلاف دينار فدخل عليه أهله محزونين وقالوا له: من أين لك عشرة الاف دينار فقال: ما يؤخذ مني عشرة ولا خمسة ولا أربعة قالوا من أين لك؟ قال : إني ظلمت رجلا في ولايتي فالزمته ثلاثة آلاف فما يؤخذ مني غيرها.

أبو مُحمد
03-07-2008, 07:35 PM
جزاك الله عنا خيرا أخي عزام .