تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الكافر إذا أسلم نفعه عمله الصالح في الجاهلية



أبو مُحمد
03-04-2008, 10:55 PM
السلام عليكم ...
أخوتي مشرفي قسم الحوار مع أهل الكتاب ...رأيت أن أضيف هذه المادة هنا وليس في غيره من المواضع لظني بانها قد تكون فائدتها أكثر باذن الله فان رأيتم بهذا فكان بها والا فلكم الخيار في نقلها حيث شئتم وبارك الله فكيم.
.
.
.
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة - الأحاديث رقم (247 - 249):

247 – (إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا).

قال الحافظ في الفتح:

(وقد ثبت في جميع الروايات ما سقط من رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام ، وقوله " كتب الله " أي أمر أن بكتب ، وللدارقطني من طريق زيد بن شعيب عن مالك بلفظ " يقول الله لملائكته اكتبوا " فقيل إن المصنف أسقط ما رواه غيره عمدا لأنه مشكل على القواعد وقال المازري : الكافر ليس كذلك ، فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شركه ، لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفا لمن يتقرب إليه والكافر ليس كذلك . وتابعه القاضي عياض على تقرير هذا الإشكال ، واستضعف ذلك النووي فقال : الصواب الذي عليه المحققون - بل نقل بعضهم فيه الإجماع - أن الكافر إذا فعل أفعالا جميلة كالصدقة وصلة الرحم ثم أسلم ثم مات على الإسلام أن ثواب ذلك يكتب له ، وأما دعوى أنه مخالف للقواعد فغير مسلم لأنه قد يعتد ببعض أفعال الكافر في الدنيا ككفارة الظهار فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم وتجزئه انتهى).

ثم قال الحافظ : (والحق أنه لا يلزم من كتابة الثواب للمسلم في حال إسلامه تفضلا من الله وإحسانا أن يكون ذلك لكون عمله الصادر منه في الكفر مقبولا ، والحديث إنما تضمن كتابة الثواب ولم يتعرض للقبول ، ويحتمل أن يكون القبول يصير معلقا على إسلامه فيقبل ويثاب إن أسلم وإلا فلا ، وهذا قوي ، وقد جزم بما جزم به النووي إبراهيم الحربي وابن بطال وغيرهما من القدماء والقرطبي وابن المنير من المتأخرين ، قال ابن المنير : المخالف للقواعد دعوى أن يكتب له ذلك في حال كفره ، وأما أن الله يضيف إلى حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه مما كان يظنه خيرا فلا مانع منه كما لو تفضل عليه ابتداء من غير عمل ، وكما يتفضل على العاجز بثواب ما كان يعمل وهو قادر ، فإذا جاز أن يكتب له ثواب ما لم يعمل البتة جاز أن يكتب له ثواب ما عمله غير موفي الشروط واستدل غيره بأن من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين كما دل عليه القرآن والحديث الصحيح ، وهو لو مات على إيمانه الأول لم ينفعه شيء من عمله الصالح ، بل يكون هباء منثورا . فدل على أن ثواب عمله الأول يكتب له مضافا إلى عمله الثاني ، وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سألته عائشة عن ابن جدعان : وما كان يصنعه من الخير هل ينفعه ؟ فقال " إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " فدل على أنه لو قالها بعد أن أسلم نفعه ما عمله في الكفر).

قلت : وهذا هو الصواب الذي لا يجوز القول بخلافه ، لتضافر الأحاديث على ذلك ولهذا قال السندي رحمه الله في حاشيته على النسائي : (وهذا الحديث يدل على أن حسنات الكافر موقوفة إن أسلم تقبل وإلا ترد وعلى هذا فنحو قوله تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب) النور 29 ، محمول على من مات على الكفر والظاهر أنه لا دليل على خلافه وفضل الله أوسع من هذا وأكثر فلا استبعاد فيه وحديث الإيمان يجب ما قبله من الخطايا في السيئات لا في الحسنات).

قلت : ومثل الآية التي ذكرها السندي رحمه الله سائر الآيات الواردة في إحباط العمل بالشرك ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر 65 ، فإنها كلها محمولة على من مات مشركاً ، ومن الدليل على ذلك قوله عز وجل : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقرة217.

ويترتب على ذلك مسألة فقهية ، وهي أن المسلم إذا حج ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام ، لم يحبط حجه ، ولم يجب عليه إعادته ، وهو مذهب الإمام الشافعي ، وأحد قولي الليث بن سعد ، واختاره ابن حزم وانتصر له بكلام جيد متين ، أرى أنه لا بد من ذكره ، قال رحمه الله تعالى: (مَسْأَلَةٌ : مَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ ، ثُمَّ ارْتَدَّ ، ثُمَّ هَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ فَأَسْلَمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْحَجَّ ، وَلاَ الْعُمْرَةَ ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ اللَّيْثِ.

وقال أبو حنيفة ، وَمَالِكٌ ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ : يُعِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ)الزمر65 ، مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَهَا ، وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا ; لإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ فِيهَا : لَئِنْ أَشْرَكَتْ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك الَّذِي عَمِلْت قَبْلَ أَنْ تُشْرِكَ ، وَهَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لاَ تَجُوزُ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يَحْبَطُ عَمَلُهُ بَعْدَ الشِّرْكِ إذَا مَاتَ أَيْضًا عَلَى شِرْكِهِ لاَ إذَا أَسْلَمَ وَهَذَا حَقٌّ بِلاَ شَكٍّ. وَلَوْ حَجَّ مُشْرِكٌ أَوْ اعْتَمَرَ ، أَوْ صَلَّى ، أَوْ صَامَ ، أَوْ زَكَّى ، لَمْ يُجْزِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، عَنِ الْوَاجِبِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ قوله تعالى فِيهَا : (وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ)الزمر65 ، بَيَانُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا رَجَعَ إلَى الإِسْلاَمِ لَمْ يَحْبَطْ مَا عَمِلَ قَبْلُ إسْلاَمِهِ أَصْلاً بَلْ هُوَ مَكْتُوبٌ لَهُ وَمُجَازًى عَلَيْهِ بِالْجَنَّةِ ; لاَِنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ فِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا رَجَعَ إلى الإِسْلاَمَ لَيْسَ مِنْ الْخَاسِرِينَ ، بَلْ مِنْ الْمُرْبِحِينَ الْمُفْلِحِينَ الْفَائِزِينَ ، فَصَحَّ أَنَّ الَّذِي يَحْبَطُ عَمَلُهُ هُوَ الْمَيِّتُ عَلَى كُفْرِهِ مُرْتَدًّا أَوْ غَيْرَ مُرْتَدٍّ ، وَهَذَا هُوَ مِنْ الْخَاسِرِينَ بِلاَ شَكٍّ ، لاَ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ كُفْرِهِ أَوْ رَاجَعَ الإِسْلاَمَ بَعْدَ رِدَّتِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ ، عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ)البقرة217 ، فَصَحَّ نَصُّ قَوْلِنَا : مِنْ أَنَّهُ لاَ يَحْبَطُ عَمَلُهُ إنْ ارْتَدَّ إلاَّ بِأَنْ يَمُوتَ وَهُوَ كَافِر.

وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى)ال عمران195 ، وَقَالَ تَعَالَى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه)الزلزلة7 ، ُوَهَذَا عُمُومٌ لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ ، فَصَحَّ أَنَّ حَجَّهُ وَعُمْرَتَهُ إذَا رَاجَعَ الإِسْلاَمَ سَيَرَاهُمَا ، وَلاَ يَضِيعَانِ لَهُ.

وروينا من طرق كالشمس عن الزهري وعن هشام بن عروة المعنى كلاهما عن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله عليه السلام : أي رسول الله ، أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم ، أفيها أجر ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
248- (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أسَلَفتَ مِنْ خَيْرٍ).
أخرجه الشيخان وغيرهما.

قال ابن حزم : (فَصَحَّ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ ، وَالْكَافِرُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ قَطُّ ، إذَا أَسْلَمَا فَقَدْ أَسْلَمَا عَلَى مَا أَسَلَفَا مِنْ الْخَيْرِ ، وَقَدْ كَانَ الْمُرْتَدُّ إذَا حَجَّ وَهُوَ مُسْلِمٌ قَدْ أَدَّى مَا أُمِرَ بِهِ ، وَمَا كُلِّفَ كَمَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ أَسْلَمَ الآنَ عَلَيْهِ ، فَهُوَ لَهُ كَمَا كَانَ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ يَحُجُّ كَالصَّابِئِينَ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْحَجَّ إلَى مَكَّةَ دِينِهِمْ ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ ; لاَِنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ; لإِنَّ مِنْ فَرْضِ الْحَجِّ وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا أَنْ لاَ تُؤَدَّى إلاَّ كَمَا أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ، الَّذِي لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى دِينًا غَيْرَهُ ، وَقَالَ عليه السلام : (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمَرْنَا فَهُوَ رَد) ٌّ، وَالصَّابِئُ إنَّمَا حَجَّ كَمَا أَمَرَهُ يوراسف ، أَوْ هُرْمُسُ فَلاَ يُجْزِئُهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَيَلْزَمُ مَنْ أَسْقَطَ حَجَّهُ بِرِدَّتِهِ أَنْ يُسْقِطَ إحْصَانَهُ ، وَطَلاَقَهُ الثَّلاَثَ ، وَبَيْعَهُ ، وَابْتِيَاعَهُ ، وَعَطَايَاهُ الَّتِي كَانَتْ فِي الإِسْلاَمِ ، وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا ; فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ).

وإذا تبين هذا ، فلا منافاة بينه وبين حديث : (أن الكافر يثاب على حسناته ما عمل بها لله في الدنيا) ، لأن المراد به الكافر الذي سبق في علم الله أنه يموت كافراً ، بدليل قوله في آخره : (حتى إذا أفضى إلى الآخرة ، لم يكن له حسنة يجزى بها) ، وأما الكافر الذي سبق في علم الله أنه يسلم ويموت مؤمناً ، فهو يجازى على حسناته التي عملها حالة كفره في الآخرة ، كما أفادته الأحاديث المتقدمة ، ومنها حديث حكيم بن حزام الذي أورده ابن حزم في كلامه المتقدم وصححه ولم يعزه لأحد من المؤلفين ، وقد أخرجه البخاري ، ومسلم ، وأبوعوانة ، وأحمد .

ومنها حديث عائشة في ابن جدعان الذي ذكره الحافظ غير معزو لأحد ، فأنا أسوقه الآن وهو:
249- (لَا يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ).
أخرجه مسلم ، وأبو عوانة ، وأحمد ، وابنه عبدالله ، وأبوبكر العدل ، والواحدي ، من طرق عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوق – ولم يذكر الأخيران مسروقاً - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ قَالَ (فذكر).

وفي هذا الحديث دلالة ظاهرة على أن الكافر إذا أسلم نفعه عمله الصالح في الجاهلية ، بخلاف ما إذا مات على كفره ، فإنه لا ينفعه ، بل يحبط بكفره ، وقد سبق بسط الكلام في هذا في الحديث الذي قبله.
وفيه دليل أيضاً على أن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل البعثة المحمدية ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة الرسل ، إذ لو كانوا كذلك ، لم يستحق ابن جدعان العذاب ، ولما حبط عمله الصالح ، وفي هذا أحاديث أخرى كثيرة سبق أن ذكرنا بعضها.


عن موقع الشيخ الالباني رحمه الله

من هناك
03-05-2008, 02:54 AM
بارك الله بك
نحن نعتمد هذه الروايات لتبشير المسلمين الجدد بأن اعمالهم الجيدة الماضية ستحسب لهم بإذن الله

أبو مُحمد
03-05-2008, 12:10 PM
وفقكم الله .

عزام
03-05-2008, 12:27 PM
الخلاف في المسألة عائد للخلاف حول القاعدة الاصولية: هل يحمل المطلق على المقيد ام لا.
5.1.7 المطلق والمقيد

القاعدة



مذهب الجمهور هو عدم حمل المطلق على المقيد في حال اختلاف الحكم، والحمل في حال اتحاده

تعريف المطلق وَالمقيّد


المطلق: هو ما دل على الحقيقة بلا قيد، وأكثر مواضعه النكرة في الإثبات كلفظ (رقبة) في مثل (فتحرير رقبة) فإنه يتناول عتق إنسان مملوك- وهو شائع في جنس العبيد مؤمنهم وكافرهم على السواء- وهو نكرة في الإثبات، لأن المعنى: فعليه تحرير رقبة، وكقوله عليه الصلاة والسلام " لا نكاح إلا بولي " رواه أحمد، والأربعة. وهو مطلق في جنس الأولياء سواء كان رشيداً أو غير رشيد.
والمقيد: هو ما دل على الحقيقة بقيد، كالرقبة المقيدة بالإيمان في قوله: "فتحرير رقبة مؤمنة".
أقسام المطلق والمقيد وحكم كل منها
هل يحمل المطلق على المقيد؟


للمطلق والمقيد صور عقلية نذكر منها الأقسام الواقعية فيما يلي:
1- أن يتحد السبب والحكم:
أن يتحد المطلق والمقيد في الحكم والسبب، فهذا يجب فيه حمل المطلق على المقيد، ومثال ذلك قوله تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه (النساء 43) وقال تعالى في سورة المائدة: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم (المائدة 6)، فيجب هنا حمل المطلق على المقيد، وبمسح الوجه واليدين بالصعيد الطيب.
2- أن يتحد السبب ويختلف الحكم:
كالأيدي في الوضوء والتيمم. قيد غسل الأيدي في الوضوء بأنه إلى المرافق، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} (6- المائدة) وأطلق المسح في التيمم قال تعالى {فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} (6- المائدة) الحكم مختلف، فهو غسل في الوضوء ومسح في التيمم، والسبب متحد، وهو الحدث وإرادة الصلاة، فالجمهور على أن المطلق في هذه الحالة لا يحمل على المقيد.
3- أن يختلف السبب ويتحد الحكم: وفي هذا صورتان:
أ- الأولى: أن يكون التقييد واحداً. كعتق الرقبة في الكفارة، ورد اشتراط الإيمان في الرقبة بتقييدها بالرقبة المؤمنة في كفارة القتل الخطأ، قال تعالى {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة} (92- النساء) وأطلقت في كفارة الظهار، قال تعالى {الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} (3- المجادلة) وفي كفارة اليمين، قال تعالى {لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة} (89- المائدة) فقال جماعة منهم المالكية وكثير من الشافعية يحمل المطلق على المقيد من غير دليل، فلا تجزئ الرقبة الكافرة في كفارة الظهار واليمين، وقال آخرون -وهو مذهب الأحناف- لا يحمل المطلق على المقيد إلا بدليل، فيجوز إعتاق الكافرة في كفارة الظهار واليمين.
ب- الثانية: أن يكون التقييد مختلفاً، كالكفارة بالصوم.
- قيد الصوم بالتتابع في كفارة القتل، قال تعالى {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله} (92- النساء)
- وفي كفارة الظهار، قال تعالى {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا} (3- المجادلة)
- وجاء تقييده بالتفريق في صوم المتمتع بالحج. قال تعالى {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا جعتم} (196- البقرة)
- وجاء الصوم مطلقاً دون تقييد بالتتابع أو التفريق في كفارة اليمين قال تعالى {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} (89- المائدة) وفي قضاء رمضان قال تعالى {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} (184- البقرة)
فالمطلق في هذا لا يحمل على المقيد. لأن القيد مختلف. فحمل المطلق على أحدهما ترجيح بلا مرجح.
4- أن يختلف السبب ويختلف الحكم:
كاليد في الوضوء. والسرقة. قيدت في الوضوء إلى المرافق، وأطلقت في السرقة. قال تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (38- المائدة) فلا يحمل المطلق على المقيد للاختلاف سبباً وحكماً، وليس في هذا شيء من التعارض. فالحكم مختلف، فهو قطع وغسل، والسبب مختلف فهو سرقة، وحصول حدث مع إرادة الصلاة، فلا يحمل المطلق على المقيد هنا.
الادلة


حجة الجمهور في حمل المطلق على المقيد في الحالة 3
أن كلام الله تعالى متحد في ذاته، لا تعدد فيه، فإذا نص على اشتراط الإيمان في كفارة القتل، كان ذلك تنصيصا على اشتراطه في كفارة الظهار، ولهذا حمل قوله تعالى: {والذاكرات} على قوله في أول الآية {والذاكرين الله كثيراً} (35- الأحزاب) من غير دليل خارج، أي والذاكرات الله كثيرا، والعرب من مذهبها استحباب الإطلاق اكتفاء بالقيد وطلبا للإيجاز والاختصار. وقد قال تعالى: {عن اليمين وعن الشمال قعيد} (17- ق) والمراد: " عن اليمين قعيد"، ولكن حذف لدلالة الثاني عليه [2].
حجة أصحاب أبي حنيفة في رفضهم هذا الحمل.
قالوا: إن حمل {والذاكرات} على {والذاكرين الله كثيرا} جاء بدليل. ودليله أن قوله: {والذاكرات} معطوف على قوله {والذاكرين الله كثيرا} ولا استقلال له بنفسه، فوجب رده إلى ما هو معطوف عليه ومشارك له في حكمه، ومثله العطف في قوله تعالى {عن اليمين وعن الشمال قعيد} وإذا امتنع التقيد من غير دليل، كان ذلك زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ، والنسخ هنا لا يجوزباتفاق، فأبقوا العام على عمومه في كفارة اليمين والظهار بجواز أي رقبة: مؤمنة كانتأم كافرة، وأبقوا الخاص على خصوصه في كفارة القتل الخطأ، بينما يرى الآخرون أن ذلكتخصيص وليس بنسخ

مقاوم
03-05-2008, 12:49 PM
طيب أنا أسأل سؤال:
من كان يذبح على النصب ويقول "أعل هبل" ويوزع اللحم على الفقراء والمساكين، هل يجد ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة إذا مات على الإسلام؟

أبو مُحمد
03-05-2008, 12:53 PM
أظن يا أخي عزام وأخي مقاوم أن الحوار حول هذه الامور سيذهب فائدة النص الاصلي .
وما اضافه الاخ عزام وما سيترتب عليه من الافضل أن يخصص له مشاركة مستقله والله أعلم.

وبارك الله في الجميع

من هناك
03-05-2008, 01:06 PM
اخي مقاوم،
نحن نتكلم عن الأعمال الصالحة

مقاوم
03-05-2008, 02:27 PM
اخي مقاوم،
نحن نتكلم عن الأعمال الصالحة
أليس توزيع اللحم مجانا على الفقراء والمساكين من الأعمال الصالحة؟؟؟ :eek:

عزام
03-05-2008, 02:45 PM
أظن يا أخي عزام وأخي مقاوم أن الحوار حول هذه الامور سيذهب فائدة النص الاصلي .
وما اضافه الاخ عزام وما سيترتب عليه من الافضل أن يخصص له مشاركة مستقله والله أعلم.
وبارك الله في الجميع
انا فكرت بذلك فعلا لكن قلت
1- ليس هناك نصارى يدخلون هنا.. بل مسلمين فقط فلا مانع ما دمت قد وضعت القضية باطار فقهي ان نبين سبب الخلاف في المسالة.
2- لم اخصص لها مشاركة منفصلة لأن لا احد سيشارك في الحوار حول الاصول. فلم افتح موضوعا لا احد سيعلق عليه؟
عزام

عزام
03-05-2008, 03:12 PM
السلام عليكم
الخلاف بين العلماء هو حول حبوط العمل عند الردة اما قضية حبوط عمل الكافر الاصلي فلم تمر معي.
عزام


1- حج شخص قبل مدة ثم ارتد عن الإسلام وبقي مرتداً مدة من الزمن ثم هداه الله وعاد الآن إلى الإسلام وندم على ما حصل منه ويسأل عن حجته التي حجها هل تعد مسقطة لحجة الإسلام أم يلزمه أن يحج مرة أخرى ؟
الشافعية قالوا إن الردة التي تحبط الأعمال وتبطلها هي الردة المستمرة حتى الوفاة بأن يموت الشخص على الكفر لما في الآية الكريمة "فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ" فإذا لم يمت على الكفر بأن عاد إلى الإسلام فإن ثواب عمله يحبط ولا يطالب بإعادة العمل، والاحناف يرون أن الأعمال تبطل بمجرد الارتداد لقول الله تعالى: "وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ"، والمراد بحبوط الأعمال: أي صارت أعمالهم الحسنة التي عملوها في حالة الإسلام فاسدة بمنزلة ما لم تكن. ومحل الاختلاف بينهما هو هل يحمل المطلق على المقيد.
ولكن هنا يطرح سؤال.. لم وافق المالكية الاحناف في هذه المسالة مع انهم يحملون المطلق على المقيد؟ ذلك انهم لم يروا ان القاعدة تطبق ها هنا..
قال مالك (http://www.islamweb.net/ver2/Library/showalam.php?ids=16867) من ارتد حبط عمله بمجرد ردته مبينا أن الآية الثانية ليست مقيدة للآية الأولى لأنها رتب فيها مشروطان وهما الحبوط والخلود على شرطين وهما الردة والوفاة على الكفر وإذا رتب مشروطان على شرطين أمكن التوزيع فيكون الحبوط المطلق الردة والخلود لأجل الوفاة على الكفر فيبقى المطلق على إطلاقه ولميتعين أن كل واحد من الشرطين شرط في الإحباط فليست هاتان الآيتان من باب حمل المطلق على المقيد.

أبو مُحمد
03-05-2008, 10:55 PM
انا فكرت بذلك فعلا لكن قلت
1- ليس هناك نصارى يدخلون هنا.. بل مسلمين فقط فلا مانع ما دمت قد وضعت القضية باطار فقهي ان نبين سبب الخلاف في المسالة.
2- لم اخصص لها مشاركة منفصلة لأن لا احد سيشارك في الحوار حول الاصول. فلم افتح موضوعا لا احد سيعلق عليه؟
عزام

أخي عزام : كيف عرفت أنه لا يدخل نصارى الى هنا!؟
مثل هذه المشاركات يا أخي من باب "اعمل الخير وانساه" ... فلا نعلم قد يدخل أحدهم ويقرأ وتكون هدايته بكلمة لم نلق لها بالا.

ولكن ان دخل ووجد حوار مسلمين في قسم حوار أهل كتاب فلن يستفيد بل سيضيع ويترك الامر كله على الغالب.
طبعا ستقول لي ان القسم "حوار" ..فأقول لك اسمه حوار ولكن لا يهمني الاسم كثيرا فحتى الحوار يراد منه دعوة وهي الاصل.

وجزاكم الله خيرا

عزام
03-06-2008, 09:28 AM
أخي عزام : كيف عرفت أنه لا يدخل نصارى الى هنا!؟
مثل هذه المشاركات يا أخي من باب "اعمل الخير وانساه" ... فلا نعلم قد يدخل أحدهم ويقرأ وتكون هدايته بكلمة لم نلق لها بالا.

ولكن ان دخل ووجد حوار مسلمين في قسم حوار أهل كتاب فلن يستفيد بل سيضيع ويترك الامر كله على الغالب.
طبعا ستقول لي ان القسم "حوار" ..فأقول لك اسمه حوار ولكن لا يهمني الاسم كثيرا فحتى الحوار يراد منه دعوة وهي الاصل.

وجزاكم الله خيرا

السلام عليكم اخي الكريم
لكنك تتناسى ان موضوعك الاصلي معقد في الاصل على الفهم للنصارى فم تكن مشاركاتي هي التي عقدت الموضوع
اما ان كنت تقصد باني بينت ان المسالة فيها خلاف وهو ما قد يحير النصراني فاقول اني لم اتدخل بقضية حبوط عمل الكافر الاصلي بل المرتد
حيث بينت ان المسألة خلافية ولكل ادلته
وذلك لأن مقالك الاصلي اورد قضية اعادة الحج للمرتد فوجب التبيين ان المسألة خلافية.
على كل حال نترك الموضوع لقوات حفظ السلام كي تحسمه. :)
انا لا مشكلة لدي في ان تحذف مشاركاتي ان كانت غير مهمة.
عزام

مقاوم
03-06-2008, 09:34 AM
أعتقد أن الصوت الإسلامي قد يكون أنسب للموضوع فسوف أقوم بنقله بعد إذنكم.

عزام
03-06-2008, 11:08 AM
أعتقد أن الصوت الإسلامي قد يكون أنسب للموضوع فسوف أقوم بنقله بعد إذنكم.
وانا من هذا الرأي
عزام

أبو مُحمد
03-06-2008, 11:12 AM
بارك الله فيكم جميعا.
والامر يا أخي عزام ليس له علاقة باهمية مشاركتك أم لا بقدر ما هو وضع الموضوع المناسب في المكان المناسب.
وليس دفاعا طبعا عن مشاركتي فهي ليست لي كما تعلم بل نقلتها لعله يستفيد منها أحدهم وثانيا لنترحم على شيخنا الالباني رحمه الله رحمة واسعة.