تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أَحْكَام الدَّعْوَةِ ..



أبو مُحمد
03-03-2008, 08:24 PM
أحكــــــام الـــــــــدَّعوة


إن الحمـد للـه نحمـده وستعينه ونستغفـره، ونعـوذ باللـه مـن شـرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)

أ مــا بعــــد :

فإن الصراع بين الحق والباطل قديم قِدَم وجود الإنسان على هذه الأرض ، يعنف هذا الصراع ويخبو بين الحين والآخر ، وكان هذا الصراع في أكثر أحيانه تتفجر معاركه في بقاع محددة من الأرض وفي أقوام معينين حتى بُعث محمد صلى الله عليه وسلم فأعلن الحرب على الباطل في العالم كله – كما أمره الله عز وجل – ومنذ ذلك الحين اتخذ هذا الصراع صفة عامة ، صراعا بين الحق والباطل في العالم كله ، لا يرضى أحدهما بوجود الآخر أبدا .

ونحن اليوم في أوج هذا الصراع واتخاذه أشكالا عديدة وعلى جميع الجبهات وقد حشرت قوى الباطل في الأرض كلها بغية اقتلاع الحق بشتى الوسائل وكافة الحيل ، هذا بالإضافة إلى ضعف المسلمين وفرقتهم واختلافهم ، وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم : يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : من قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت . الصحيحة 958 .

إننا نعيش اليوم أسوأ جولة للباطل مرت في تاريخ أمتنا على الإطلاق ، فإنه لم يحصل في تاريخنا أن سيطر أعداء هذه الأمة عليها كما يسيطرون اليوم ، فلم تشمل سيطرتهم من قبل كافة بلاد المسلمين ومدنهم أما اليوم فإن سيطرتهم قد شملت كافة بلاد المسلمين دون استثناء ، ولم تتعد سيطرتهم في التاريخ الصفة العسكرية , أما اليوم فإنهم يسيطرون علينا عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا .. الخ مما مكنهم من بث أخطر الفتن وخاصة من خلال الإعلام والتعليم .

ومن خطورة هذه الفتن أن أكثرنا لا يرها فتنا ، وقد ألفناها وأحببنا العيش فيها ، حتى صار أبناء هذه الأمة هم الذين يدافعون عن هذه الفتن ويقاتلون من يحمل إليهم الهدى والشفاء .

ولا يحاول التفلت من هذه الفتن إلا القليل النادر ممن تتحرك لديهم مشاعر التدين ، وحتى أن هؤلاء القليل الذين يحاولون التفلت من هذه الفتن ويميلون إلى الرجوع إلى الدين والالتزام بالإسلام فإنهم يجدون في طريقهم فتنا أعظم خطورة وأمتن حبكا قد نسجتها شياطين الإنس والجن بواسطة بعض الحركات التي تلبس ثوب الإسلام , أو بعض المشايخ والمدارس والمعاهد والجامعات التي توحي كذبا وخداعا أنها تعلم الإسلام وتهدي إلى الصراط المستقيم ، وما هي إلا فتنة تعلّم النفاق وتبث الجهل والضلال باسم الله افتراء عليه سبحانه .

لقد قامت في الأمة حركات كثيرة في القرن الأخير ، وبغض النظر عن دوافع هذه الحركات وغاياتها وصدق القيمين عليها أو كذبهم فإن هذه الحركات قد أثبتت أمر مهما جدا وهو سخاء هذه الأمة بالدم والمال واستعداد الكثير من أبنائها للتضحية بما يملكون بشكل عام . ولكن أكثر هذه الدماء والتضحيات قد أهدرت في غير الطريق الصحيح وفي غير المحل الذي يوجع الكفر والكفار .

ومن أهم أسباب ذلك ضياع أحكام الدعوة وعدم ضبط قواعدها لكي تصير سهلة التناول وعدم جمع أدلتها وتصنيفها وعدم معاملتها حسب أصول الفقه والاجتهاد كما فُعل بأحكام الصلاة والصوم والحج ..الخ وعدم تركيزها وتكرارها على مسمع الناس ، مما سهل التلاعب بهذا الموضوع باسم الدين وجعل أكثر هذه التحركات الإسلامية تقودها المشاعر بدل الأحكام وردات الفعل بدل نصوص القرآن والسنة . لذلك كان من المستغرب من أكثر العلماء عدم إعطاء هذا الأمر حقه من الدرس والتدريس والكتابة والتأليف .

إن الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر تعبدي لله عز وجل ، وعلى الداعي أن يجعل قصده وجه الله تعالى وحده ، وهذا يقتضي أن يعي الأحكام التفصيلية للدعوة وأنواع أحكامها من فرض عين وفرض كفاية وسنة وشرط ورخصة وعزيمة والظروف والأوضاع والشروط التي تعلق بعض الأحكام بالذمة والتي تسقط بعض الأحكام من الذمة .. الخ تماما كما يجب عليه أن بعلم أحكام الصلاة والصوم والحج … الخ

موضع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرعا:

ونبدأ من الحديث الذي رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه واحمد :
قال أبو سعيد رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .

إذا فلتغيير المنكر ثلاث طرق تغيير باليد وتغيير باللسان وتغيير بالقلب . ولكل واحدة من هذه الطرق أحكام شرعية توجبها أو تسقطها من الذمة وليس الأمر اعتباطا وليس للمسلم أن ينتقي بمزاجه أيها يقوم به .

ونبدأ بالأمر بالتغيير بشكل عام . يدل هذا الحديث على أن تغيير المنكر واجب شرعا ، وحسب علم الأصول فإن الأمر أو النهي إذا اقترن بتهديد بالعذاب أو وصف مناقض للإيمان أو لعن .. ، يدل على أن مخالفته من الكبائر ، وترك النهي عن المنكر بغير عذر شرعي من الكبائر ، وحسب هذه القاعدة فإن تارك تغيير المنكر قد نالته النصوص بالتهديد واللعن مما جعله أكبر من السرقة والزنا وكثير من الأعمال الكبيرة شرعا والتي يتحرج منها كثير من عامة المسلمين ، ثم يقعون في هذه الكبيرة متهاونين بها ، وعلى ذلك أدلة كثيرة نورد منها :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وذلك أضعف الإيمان ) أي أن ترك تغيير المنكر أمر يمس الإيمان فالتارك لتغيير المنكر ناقص الإيمان عن الحد المقبول عند الله تعالى . وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم : ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهد هم بيده فهو مؤمن ومن جاهد هم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهد هم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .

قوله تعالى : "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ".

وهذه الآية تدل على أن ترك النهي عن المنكر أمر من موجبات اللعن وهذا يضعه في درجة من موبقات الكبائر والعياذ بالله .

وقال تعالى : "فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ".

وقال تعالى : "وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ."

وقال تعالى :" َلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ".

وعن حديفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم . رواه الترمذي

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الناس إذا رأوا ظالما فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب منه . رواه الترمذي .

وعن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها فكان الذين في اسفلها يصعدون فيستقون الماء فيصبون على الذين في أعلاها فقال الذين في أعلاها لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا فقال الذين في اسفلها فإن ننقبها من أسفلها فنستقي فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا وإن تركوهم غرقوا جميعا . الترمذي

فهذه الآيات الثلاث والأحاديث الثلاث تدل على أن ترك النهي عن المنكر من موجبات عموم الهلاك في الدنيا وأن الله تعالى لا ينجي من عموم العذاب إذا أراده بقوم إلا الذين ينهون عن السوء ، وفي هذا تهديد مباشر قوي لمن ترك النهي عن المنكر .

وقال تعالى : "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ".

وقال : "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ."

وفي هاتين الآيتين رفعة وتكريم ودرجة خاصة عند الله تعالى لعمل الأنبياء ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهو الوصف الفاصل بين المؤمنين والمنافقين . فإن المنافقين قد يقلدون المؤمنين بكل أشكال العبادات إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال تعالى : "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ".

وقال : "الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".

هذه بعض الأدلة التي تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبين أهميتهما وما يترتب على تركهما في الدنيا والآخرة . من العذاب واللعن والفساد مما يبين أن ترك تغيير المنكر أمر أكبر من كثير من المحرمات التي لم ينل فاعلها من التهديد والذم كما نال تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


منقول !



ويتبــع باذن الله ...

عابر سبيل
03-04-2008, 08:49 AM
شروط تعلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالذمة


إذا فالنهي عن المنكر فرض من آكد الفروض , يتعلق بالذمة حال رؤية المنكر , فرؤية المنكر هي التي تعلق وجوب تغييره بالذمة كما أن دخول الوقت هو الذي يعلق وجوب الصلاة بالذمة وكما أن اكتمال النصاب وحولان الحول عليه هو الذي يعلق فرض الزكاة بالذمة . لقوله صلى الله عليه وسلم : (من رأى منكم منكرا...) ولقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول : ما منعـك إذ رأيت المنكر أن تـنكره فإذا لقن الله عبدا حجته قال : يا رب رجوتك وفرقت من الناس . رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي وصححه ابن حبان عن أبي سعيد رضي الله عنه . الصحيحة 929 .
ففي الحديث الأول ( من رأى منكم منكرا..) وفي الحديث الثاني (.. إذ رأيت المنكر ..)
إذا فتغيير المنكر فرض تعلقه الرؤية بالذمة . هذا بالنسبة للتغيير بشكل عام .
وللتغيير حالات ثلاث , لكل منها أحكام شرعية متعلقة بها .
فالتغيير باليد واللسان لا تكفي رؤية المنكر وحدها لتعليقه بالذمة بل هناك شرط ثان وهو الاستطاعة لقوله
صلى الله عليه وسلم : ( فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقـلبه ) ولم يقل على التغيير بالقلب ( فمن لم يستطع. )
ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المار آنفا ... فإذا لـقن الله عبدا حجته قال: يا رب رجوتك وفرقت من الناس ) وقد سمى الرسولُ صلى الله عليه وسلم قولَ الرجل هذا (حجة) . وقوله ( رجوتك وفرقت من الناس ) يدل على أنه لم يستطع التغيير بيده أو لسانه خوفا من بطش الناس مع رجائه رحمة الله تعالى . و قال الله تعالى : ( ولولا رجال مؤمنون و نساء مؤمنات لم تعلموهم ان تطؤوهم ان تصيبكم منهم معرّة بغير علم ….الأية ) يدل على أنه كان في مكّة أناس مؤمنون لم يعلمهم الرسول و لا أصحابه كتموا إيمانهم خوفا من بطش الناس و لم يرد بحقهم ذم من الله تعالى .
فالاستطاعة أيضا شرط لتعليق تغيير المنكر باليد واللسان بالذمة . فمن رأى منكرا وله من العزة والمنعة ما يمكّنه من تغييره بيده أو لسانه ثم لا يغير فهو مذموم مهدد بالأخذ بعذاب الله تعالى لما مر من نصوص في
ذلك ولقوله صلى الله عليه وسلم : ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إلا عمهم الله تعالى منه بعـقاب . رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وابن حبان . المشكاة 5142
وهناك نصوص قد يُظن في الظاهر أنها تتعارض مع هذه الأدلة وهي
1- عن أَبِي سَعِيد رضي الله عنه قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ قَالَ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ خَشْيَةُ النَّاسِ فَيَقُولُ فَإِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى رواه ابن ماجه
2 ـ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ إِذَا رَأَى أَمْرًا لِلَّهِ فِيهِ مَقَالٌ أَنْ يَقُولَ فِيهِ فَيُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِيهِ فَيَقُولُ رَبِّ خَشِيتُ النَّاسَ قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ تَخْشَى وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ وَإِنِّي كُنْتُ أَحَقُّ أَنْ تَخَافَنِي * رواه احمد
3_وأخرج الترمذي وابن ماجه والحاكم وأحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :لا يمنعن رجلا هيبةُ الناس أن يقول بحق إذا علمه . الصحيحة 168
إن هذه الأحاديث وأمثالها لا تتعارض مع النصوص قبلها و إنما ترسم حدا دقيقا لمدى الخشية التي تُقبل عند الله تعالى عذرا عن السكوت عن تغيير المنكر باليد أو اللسان وفهمُ سفيان وابن شبرمة في الحديث التالي يؤيد ذلك ويبينه:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا نَزَلَتْ ( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ) فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ لَا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِائَتَيْنِ ثُمَّ نَزَلَتْ ( ا لْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ) ا لْآيَةَ فَكَتَبَ أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ وَزَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً نَزَلَتْ ( حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُن ْمِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ ) قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَأُرَى الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا * رواه البخاري
والخشية المعتبرة هنا عذرا عن السكوت عن تغيير المنكر باليد أو اللسان فقط هي الخشية من الضرب أو القتل
فحسب وما دون ذلك من الأعذار فلا اعتبار له شرعا والله أعلم . ومما يؤيد ذلك أن كثيرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مكة كانوا يخفون إيمانهم خشية من المشركين ولم يذم النبي صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك .
أما التغيير بالقلب فيتعلق بالذمة حال الرؤية فقط .
وتغيير المنكر باليد أو اللسان فرض على الكفاية إذا حصل التغيير من البعض سقط تغيير هذا المنكر عن ذمة الآخَرين أما إذا لم يحصل التغيير أثم الذين لم يشاركوا في التغيير لأنه لم تحصل الكفاية الكافية لتغيير المنكر.
وأما تغيير المنكر بالقلب فهو فرض عين لا يسقط عن ذمة من يرى المنكر أبدا .
معنى تغيير المنكر بالقلب .
إن تغيير المنكر بالقلب قد أُسيء فهمه عند الكثير من الناس , و ا تُخذ ذريعة لترك التغيير الذي هو من كبائر المعاصي ومن موجبات الهلاك في الدنيا والآخرة
إن تغيير المنكر بالقلب هو موقف يتخذه المسلم الذي لا يستطيع أن ينهي بلسانه عن ذلك المنكر صراحة , يتمثل هذا الموقف بالكره والمقاطعة واعتزال ذلك المنكر وأهله , حتى لا يظهر بمظهر الراضي عن ذلك المنكر .
وهذا الموقف له في الواقع تأثير وفاعلية وخاصة إذا كثر فاعلوه ولذلك فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الموقف (فبقلبه) أي فليغير المنكر بقـلـبه . فهو فعلا تغيير .
ويؤيد هذا قولُه عليه الصلاة والسلام سيكون أمراء تعرفون وتنكرون فمن نابذهم نجا ومن اعتزلهم سلم ومن خالطهم هلك) صحيح الجامع الصغير
ويفسر هذا الحديث إنكار المنكر بالقلب تفسيرا بينا واضحا بأنه اعتزال المنكر وأصحابه وأن مخالطتهم هلاك لأنها عكس التغيير بالقلب .
وقوله عليه الصلاة والسلام ستكون أمراء فتعرفون وتـنكرون فمن كره برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع ) . رواه مسلم وأبو داود عن أم سلمة . صحيح الجامع الصغير .
فالكره هنا هو التغيير بالقلب .
و الرضى بالإثم مشاركةٌ فيه .
وقوله عليه الصلاة والسلام عن الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون (...و مَنْ جاهد هم بـِقـَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ و لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ).
وقد قال الله تعالى : (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )
ولم يقل ( وأهلها صالحون) فالناجون من عذاب الله تعالى هم المصلحون المغيرون للمنكر ولو بقلوبهم وذلك بكرههم للمنكر وابتعادهم عن أهله واعتزالهم له وعدم الظهور بأي مظهر يوحي بالرضى عن المعاصي والموافقة على الظلم وأهله . ويؤيد هذا ما روي عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلـَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيـْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مِثـْلُ هَذِهِ وَحَلـَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ و الَّـتِي تَلِيهَا قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ *رواه البخاري ومسلم الترمذي وابن ماجه وأحمد
وقال تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ... الآيات).
روى البخاري حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الْأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عـِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فـَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتي السَّهْمُ فَيُرْمَى بِهِ فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْـتُـلُهُ أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْـتَلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الْآيَةَ
وهذا دليل واضح جدا على أن التغيير بالقلب موقف اعتزال وابتعاد عن المنكر وأن مخالطة المنكرات وأهلها والظهور بمظهر الرضى والموافقة هو عكس التغيير بالقلب . والله أعلم .
كما يؤيد هذا ما رواه مسلم وابن ماجه و الترمذي والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ).
ولا معنى للغربة في هذا الحديث إلا أن يقاطع المسلم المعاصي والمنكرات حتى إذا كثرت وتفـشت وارتكبها أكثرُ الناس أصبح المسلم غريبا لعدم مخالطته أصحاب المنكرات فطوبى للغرباء الذين يغيرون المنكر بقلوبهم بغربتهم هذه .
وروى أبو داود عَنِ الْعُرْسِ ابْنِ عَمِيـرَةَ الْكِنْدِيِّ عَنِ ا لنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلـَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الْأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا وَقَالَ مَرَّةً أَنْكَرَهَا كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا .
ففي هذه النصوص دلالة لا يمكن ردها من مسلم على أن تغيير المنكر بالقلب موقف يجب على المسلم أن يتخذه تجاه كل منكر يراه , موقف كره أو مقاطعة أو اعتـزال ولا يجوز له أبدا أن يظهر بمظهر الراضي عن ذلك المنكر أو أن يشارك فيه ولا ينفعه في ذلك أن يتمتم في نفسه ( اللهم إن هذا منكر لا أرضاه)
ثم يستمر بالابتسام له والرضى عنه .




ويتبــع بإذن الله ...

عابر سبيل
03-04-2008, 06:23 PM
تقسيم المنكر إلى قسمين



هذا بيان لأحكام تغيير المنكر بشكل عام . والمنكر ينقسم إلى قسمين منكر فردي ومنكر مجتمعي, لكل واحد منهما سمات و أحكام خاصة متعلـقة به .
إن المنكرات والمعاصي الفردية أمر لا يخلو منه مجتمع أبدا حتى مجتمع الصحابة وزمن الخلافة الراشدة .
أما سمات المنكر الفردي فهو المنكر الذي يرتكبه أفراد بغير رضى المجتمع وبغير إعلان به وهو في عرف المجتمع منكر ُيعاب فاعله أو يعاقب .
وهذه المنكرات التي يقوم بها أفراد من المجتمع ينحصر وجوب تغييرها ـ كما بـينا ـ فيمن يراها أو يعلم بها , كما ينحصر وقوع النهي على فاعل المنكر تحديدا .
أما المنكر المجتمعي فهو المنكر الذي يستحله المجتمع فلا يُعاب فاعلُه ولا يُعاقب مع ثبوت نكارته شرعا , فيرتكبه أفراد برضى المجتمع معلـنين به, فهذا منكر مجتمعي يقـتضي أن يُخاطب المجتمعُ كله به , لذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إزاء بعض المنكرات كان يصعد المنبر ويخاطب الناس عامة مع أن الفعل قد حصل من فرد أو أفراد قليلين إلا أنهم قد أعلنوه فهذا المنكر من المنكرات المجتمعية فكان ينهي المجتمعَ كلَه عنها
وإذا تفشى منكر في مجتمع ما وظهر حتى يُعلن به . فإن هذا يعني أن الناس في هذا المجتمع بين فاعل لذلك المنكر وساكت عنه وأن المنكرين لهذا المنكر معدومون أو قليلون جدا كما يعني أنهم مستضعفون وإلا لغيروا المنكر, كما يعني أيضا أن سلطة ذلك المجتمع راضية عن ذلك المنكر بدليل علانيته . وهذا يدل على خلـل في ذلك المجتمع عميـقٍ وجذريٍ حتى يصل إلى العقيدة . لأن استحلال أي حرام أو تحريم أي حلال - من ِقـبَـل فرد أو مجتمع - يعني أن عندهم مشرع غير الله تعالى, وهذا شرك بالله سبحانه . لذلك فإنه ما من مجتمع تظهر فـيه المعاصي حتى يُعلن بها إلا استحق الناس فيه عموم عذاب الله تعالى حتى الصالحون منهم ولا ينجو من عذاب الله تعالى إلا المصلحون الذين كانوا ينهون عن السوء .
قال الله تعالى : (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .)


وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ *ابن ماجه الصحيحة106
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّه بِعـِقَابٍ * (د - حم - حب) المشكاة 5142
وقوله إِذَا ظَهَرَتِ الْمَعَاصِي فِي أُمَّتِي عَمَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ أُنَاسٌ صَالِحُونَ قَالَ بَلَى قَالَتْ فَكَيْفَ يَصْنَعُ أُولَئِكَ قَالَ يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ *رواه أحمد
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما دَخَلَ عَلَي زينب فَزِعًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مِثـْلُ هَذِهِ وَحَلـَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ و الَّـتِي تَلِيهَا قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ ا لْخَبَثُ *رواه البخاري ومسلم الترمذي وابن ماجه وأحمد
إلى آخر ما هنالك من نصوص في هذا الموضوع .



إذا فالمنكر ينقسم إلى قسمين منكر فردي ومنكر مجتمعي وهذا التقسيم مهم جدا لمن يتصدى لتغيير المنكر وعلى المسلم أن يعي المنكر الذي هو بصدد تغييره لأن لكل واحد منهما أحكام خاصة به تختـلـف عن الآخر .
وقبل أن نخوض في أحكام تغيير المنكر المجتمعي وأحكام دعوة المجتمع إلى الله تعالى لا بد أن نلقي نظرة على حقيقة المجتمع وماهـيـتِه .
يتبع

أبو مُحمد
03-04-2008, 06:28 PM
جزاك الله عنا خيرا .
نتابع باذن الله.

عابر سبيل
03-05-2008, 05:09 PM
نبذة عن المجتمع

إن المجتمعات البشرية , المسماة في الـقرآن ( قرى) في كل العصور والأزمان لها طبيعة واحدة لا تتغير أبدا
وهي أن كل مجتمع فـيه أتباع ومتبوعون . وهؤلاء المتبوعون هم سلطة المجتمع وهم أهل الحل والعقد فيه وهم الذين يملكون القوة العسكرية والمادية والفكرية . وهم الذين سماهم الـقرآن (الملأ) .
والملأ _ كما في المصباح المنير _ أشراف القوم .
إن أي دين أو فكر أو شرع يطبق على المجتمع وأي آلهة تُعبد فيه علـنا فلا بد أن يكون ذلك برضى هؤلاء الملأ, ولا يظهر منكر ولا يحكم كفر إلا برضى هؤلاء الملأ . لذلك فإنهم هم المسؤولون مسؤولية كاملة عن كل ما يكون معلـنا في ذلك المجتمع . وهم المسؤولون عن تغيير المنكر العلني باليد أي بالـقوة دون سواهم من الناس وبذمتهم وحدهم يتعلق حكمُ تغيير المنكر المجتمعي باليد أي بالقوة وحكمُ المجتمع بما أنزل الله تعالى .
لأن هؤلاء الملأ هم ممثلو السلطة في المجتمع , لأن السلطة تكمن حقيقة في هؤلاء الملأ وأتباعهم من الناس الذين يشكلون الأكثرية الغالبة ( الأعز الأكثر) وهؤلاء الملأ ما كانوا أصحاب السلطة إلا لأن الناس يطيعونهم ويدافعون عنهم وينتصرون لهم .


فالملأ أقوياء بما لهم من أتباع وجنود وبما لهم من طاعة واحترام لذلك فهم وأتباعهم مشتركون في العذاب يوم الـقيامة .
قال تعالى : وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (27) قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين (28) قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (29) وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين (30) فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون (31) فأغويناكم إنا كنا غاوين (32) فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون (33) إنا كذلك نفعل بالمجرمين . الصافات
وقال تعالى : إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين .
وقال تعالى عن فرعون: فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين .
وقال تعالى عن فرعون : يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود (98) هود
وقال تعالى :(... الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ...)

فقال تعالى الظالم أهلها ولم يقل الظالم حكامها فقط .
وقال تعالى : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165) إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167)
وقال تعالى : وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص (21)
إلى آخر ما هنالك من آيات في هذا الموضوع .
فإذا وضح هذا ووضح أين تكمن السلطة فإن إرسال الرسل وميادين الصراع كانت دائما مع هؤلاء الملأ . لأن الغاية من الصراع هي إخراج الناس من الضلال إلى الهدى ومن الظلمات إلى النور ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , والملأ المترفون كانوا دائما هم الذين يقـفون في وجه الدعوة وهم الذين يمنعون الناس من اختيار الدين الحق , وهم الذين يحاولون إسكات الرسل والدعاة والبطش والكيد بهم , لذلك كان الصراع دائما مع هؤلاء الملأ أصحاب السلطة . وبما أن هؤلاء الملأ كانوا دائما يعتبرون أنفسهم أربابا للناس وأصحاب الحق في التشريع والتحليل والتحريم , فقد كانوا يعتبرون أنفسهم هم المقصودون مباشرة في كل خطاب أو دعوة تتوجه للمجتمع ويظهر هذا جلياً في دعوة الرسل أقوامهم من خلال آيات القرآن .
قال تعالى: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا .
فقوله تعالى ( أمرنا مترفيها) يدل على أنهم هم المقصودون في الخطاب أكثر من غيرهم . والمترفون هنا هم الملأ أصحاب السلطة لأن الترف لا ينفك عن أصحاب السلطة أبدا إلا في مجتمع مؤمن كمجتمع الصحابة .
وقال تعالى: لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (59) قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين 60
فالملأ المترفون هم الذين كانوا يتولون الرد على الأنبياء والرسل وهم الذين يجادلونهم ويصدون عن سبيل الله لأنهم هم المعنيون بتغيير المنكر المجتمعي .
قال تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون

قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين (66)
وقال تعالى ذاكرا رد الملأ من قوم صالح وصدهم عن سبيل الله :
قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون (75) قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون (76)
وقال تعالى ذاكرا رد الملأ من قوم شعيب :
قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين (88)
وفي ردهم هذا دليل على أنهم يتكلمون بلسان أصحاب السلطة وأهل الحكم .
وقال تعالى : وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون .. الآية .
وقال تعالى : وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون .
وقال تعالى: فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تـتـقون (32)
وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون (33)
لذلك فقد كان العذابُ أول ما ينال هـؤلاء الملأ المترفين .
قال تعالى :
فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون (12) لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون
وقال تعالى : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون (64)
لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون
وقوله صلى الله عليه وسلم لهرقل ملك الروم في رسالته : ( أسلم تسلم ... فإن توليت فإن عليك إثم
الأريسيين ...) رواه البخاري .






يتبع .........

حكم تغيير المنكر المجتمعي باليد

عابر سبيل
03-05-2008, 05:11 PM
جزاك الله عنا خيرا .
نتابع باذن الله.

وإياكم جزاكم الله خيرا أخي
أبو محمد

المهاجر7
03-05-2008, 07:47 PM
أخي عابر سبيل دع الأخ أبو محمد يتبع المقال الذي بدأه , وحبذا لو شاركت بما تفضلت به في موضوع مستقل خاص بك , وجزاكم الله كل خير.
أخي أبو محمد بارك الله فيك ’ فما أحوجنا لأحكام الدعوة إلى الله فهي ضرورية (الأحكام) كضرورة الدعوة بذاتها.

أبو مُحمد
03-05-2008, 08:01 PM
أخي المهاجر 7 ...
السلام عليك ...

بارك الله فيك أخي للمتابعة ولو أكملت القراءة لوجدت أن ما يضيفه الاخ عابر السبيل مكمل لما وضعته في البداية فهو لديه المادة كلها فوضعت ما عندي وتكفل هو بالتكملة.

بارك الله فيكم جميعا.

عابر سبيل
03-06-2008, 06:32 PM
حكم تغيير المنكر المجتمعي باليد



وخلاصة هذا كله أن كل مجتمع فيه طبقة حاكمة بيدهم الأمر والسلطة, وهذه السلطة هي بمثابة النصاب الذي يعلق الحكم بالذمة فهذه السلطة هي التي تعلق بأصحابها حكم تغيير المنكر المجتمعي باليد أي بالقوة (وحكم المجتمع بما أنزل الله تعالى) وهي التي تجعلهم مسؤولين مسؤولية كاملة عن كل منكر مجتمعي يبدو لهم ويظهر وليس على غيرهم تغيير المنكر المجتمعي باليد أي بالقوة بل لا يجوز على غيرهم من أفراد ذلك المجتمع أن يغير المنكر المجتمعي بالـقوة كما لا يجوز العمل على اغتصاب السلطة من أهلها من قبل أفراد في ذلك المجتمع من غير أهل الـسلطة وفيما يلي الأدلة على ذلك :
حكم اغتصاب السلطة
قال عليه الصلاة والسلام : ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله ثم لم يغـيّـروه إلا عمهم الله تعالى منه بعقاب . صحيح الجامع الصغير وزيادته
فمسئوليتهم تكمن في أنهم ( أعز وأكثر) أي الذين بيدهم السلطة فحسب
وقال تعالى : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين .
فالعفو في هذه الآية معناه كما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتلوا في حال أنهم مستضعفون .
فعَنِ ا بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فـَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً فَقَالَ إِنِّي أُ مِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا فَلَمَّا حَوَّلَنَا اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَنَا بِالْقِتَالِ فَكَفُّوا فـَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) * صحيح سنن النسائي 2891



وقال تعالى :
وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون (88) فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون (89)الزخرف
فمقابل أنهم لا يؤمنون ليس على الدعاة إلا الصفح والإعراض وإعلان السلام من جهتهم ( فسوف يعلمون ) تهديد لهم من الله تعالى وليس من الدعاة .
وقال تعالى في سورة السجدة : فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون (30)
وقال تعالى في سورة الأنعام:
قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ()ولقد كُذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كُذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين (35)
تدل هذه الآيات أنه ليس على الدعاة والأنبياء مقابل الإعراض والتكذيب إلا الصبر بل ليس لهم إلا ذلك.
روى الترمذى عَنْ أَبِي سَعِـيدٍ ا لْخُدْرِيِّ أَنَّ الـنـَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ
روى النسائي عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ *
إذاً أفضل الجهاد (كلمة حق) أي دعوة إلى الله أو نهي عن منكر ولو كان القتال أو اغتصاب السلطة أفضل لما كانت الكلمة أفضل الجهاد وأعظمه.
عَنْ خَبَّابِ بْنِ ا لْأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ *
الآيات المكية التي تأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر .



وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين





واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين




وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون





فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (60)




فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون





فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون




لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون (35)





فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم (48)




وقال تعالى : وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .




وقال تعالى : وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين .




وصاحب الحوت هو يونس عليه الصلاة والسلام وقد نهى الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم ومن على صراطه عن أن يكون كصاحب الحوت أي أن لا يكون مثله في تصرف معين وهو تركه دعوة قومه واستعجال العذاب عليهم دون إذن من الله تعالى , وعدم الصبر عليهم فقوله تعالى فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت أي اصبر لحين حكم الله تعالى بينك وبين قومك ولا تستعجل عذابهم ولا تترك دعوتهم كما فعل يونس عليه السلام. حتى يحكم الله بينك وبينهم . نهي جازم وصريح من الله تعالى لرسوله والدعاة المقتدين به صلى الله عليه وسلم .




وقوله تعالى : لست عليهم بمسيطر





قوله تعالى: نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد





وقوله تعالى : قل تربصوا إني معكم من المتربصين .




وقوله تعالى: فتول عنهم وقل سلام فسوف يعلمون .




يأمر الله تعالى النبي أن يقول لهم سلام . أي سلام والله تعالى يهددهم بالهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة ؟؟
إنه سلام من جهة النبي والدعاة فليس على الرسول إلا البلاغ المبين وشأنكم مع الله تعالى (.. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )





وقال تعالى : واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا (10)





قوله تعالى: فتول عنهم فما أنت بملوم .




وقوله تعالى: وكذّب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل .




وقوله تعالى: ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عيهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل .
وقوله تعالى : فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون




وقوله تعالى : قل انتظروا إنا منتظرون .




وقوله تعالى : قل انتظروا إني معكم من المنتظرين .




وقوله تعالى : فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين .




إلى آخر ما هنالك من آيات مكية تأمر الرسول صلى الله عليه وسلم (بصفته رسولا وداعيا) بالكف عنهم والإعراض عنهم والتولي عنهم والصبر على كيدهم وإيذائهم له وللمؤمنين بنصوص كثيرة صريحة .
هذا بالإضافة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم بأي عمل في مكة يهدف إلى اغتصاب السلطة أبدا وإنما كان يدعو أصحاب السلطة إلى الإيمان بالله تعالى وينذرهم إن لم يستجيبوا له عذابا من عند الله تعالى .
وأما طلب النصرة, فقد كان صلى الله عليه وسلم يطلب النصرة فقط ليتمكن من الكلام والدعوة وليس لاغتصاب الحكم
روى أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ هـَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ مِنْ هَمْدَانَ قَالَ فَهَلْ عِنْدَ قَوْمِكَ مِنْ مَنَعَةٍ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَشِيَ أَنْ يَحْقِرَهُ قَوْمُهُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ آتِيهِمْ فَأُخْبِرُهُمْ ثُمَّ آتِيكَ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ قَالَ نَعَمْ فَانْطَلَقَ وَجَاءَ وَفْدُ الْأَنْصَارِ فِي رَجَبٍ *
روى الدارمي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ فِي الْمَوْسِمِ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ فَيَقـُولُ هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي *
فهذان دليلان بغاية الصراحة والوضوح على أن الغاية من طلب النصرة هي التمكين من الكلام والتبليغ وليس اغتصاب الحكم أو السلطة من يد أصحابها . ويدعم هذا القول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلب النصرة إلا بعد وفاة عمه أبي طالب لأنه بوفاة عمه فَـقَـدَ صلى الله عليه وسلم الحماية اللازمة لقيامه بتبليغ الرسالة .
ويؤيد هذا أيضا أن النصوص تَعِدُ الرسل والدعاة بالـتمكين والإستخلاف والنصر ولا تكلفهم بذلك تكليفا وفرق كبير بين الوعد والتكليف كما تشير النصوص إشارات قوية على أن ذلك - أي التمكين والاستخلاف - أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالى وهو فوق طاقة البشر فهو تعالى وحده الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء والرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لم يقم بأي عمل يهدف مباشرة إلى اغتصاب السلطة والحكم بالمدينة . بل إن أصحاب السلطة بالمدينة هم الذين استـقدموا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهم الذين سلموه الحكم. فقد روى أحمد والبيهقي عن جابر قال :
مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عـَلـَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بعُكَاظٍ وَمَجَنَّةَ وَفِي الْمَوَاسِمِ بِمِنًى يَقُولُ مَنْ يُؤْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لـَيَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مُضَرَ كَذَا قَالَ فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ فـَيَقُولُونَ أحذر غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفـْتِنُكَ وَيَمْشِي بَيْنَ رِجَالِهِمْ وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ حَتَّى بَعـَثـَنَا اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ يَثْرِبَ فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقـْنَاهُ فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا فـَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى لَمْ يـَبـْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ ثُمَّ ائْتَمَرُوا جَمِيعًا فَقـُلْنَا حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ فَوَاعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعُكَ قَالَ تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لَا تَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ وَلَكُمُ الْجَنَّةُ قَالَ فَـقـُمـْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعـْنَاهُ وَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَهُوَ مِنْ أَصْغَرِهِمْ فـَقَالَ رُوَيْدًا يَا أَهـْلَ يَثْرِبَ فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الْإِبـِلِ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً وَقـَتـْلُ خِيَارِكُمْ وَأَنَّ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَبِينَةً فَبَيِّنُوا ذَلِكَ فَهُوَ عُذْرٌ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ قَالُوا أَمِطْ عَنَّا يَا أَسْعَدُ فَوَاللَّهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا وَلَا نَسْلُبُهَا أَبَدًا قَالَ فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ فَأَخَذَ عَلَيْـنَا وَشَرَطَ وَيُعْطِـيـنَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ*. الصحيحة 63




إذا نستطيع أن نقول أن أهل السلطة في المدينة آمنوا ودخلوا في الإسلام ولم يكن في الأمر اغتصاب للسلطة بالـقوة . بل إن العمل على اغتصاب السلطة بالـقوة يصرف الدعوة عن غايتها ويحّول موضوع الصراع من إيمان وكفر إلى صراع على السلطة وهذا الأمر يوجد للكفار مبررا قويا على تـناول المسلمين بالأذى والقتل وغير ذلك . وبالتالي فإن الصراع المادي يطغى على الحوار بالحجج والبراهين التي تضع كل إنسان أمام مسئوليته كاملة يوم القيامة . والحوار بالحجج والبراهين ميداننا الذي هم فيه مفـلسون وأما الصراع المادي فإنه - في حال أنهم أصحاب السلطة - ميدانهم الذي يحاولون دائما أن يجرونا إليه , فإنهم لا يزالون في كل بلد من بلاد المسلمين يدفعون الخونة منا ويغرون السفهاء من بيننا لأن يقوموا بعمل عسكري من قتل أو تفجير أو ما شاكل ذلك ليتخذوه ذريعة لحملات الاعتقال والتعذيب ضد المسلمين .
ولا يعني هذا القول بمنع استخدام السلاح أو حيازته مطلقا بل هناك حالات يجوز للمسلم أن يقاتل - كفرد أو جماعة - وإنما نعني هنا باستخدام السلاح أو القوة في تغيير المنكر فحسب .




ولا يعني الـقولُ بتحريم اغتصاب السلطة ترك مجاهدة الكفر والكفار, وإنما علينا مجاهدتهم كما أمر الله وبما أمر الله تعالى كما سنبين إن شاء الله



( وجاهدهم به جهادا كبيرا ) . كما أنه لا يعني مداهنتهم ومسايرتهم بل إنما علينا تخويفهم وإنذارهم بالوحي فحسب قال تعالى : ( قل إنما أنذركم بالوحي )
وإن كل ذي عقل حصيف ونظر بعيد ليرى طريق الدعوة الذي رسمه لنا القرآن والسنة لهو أقرب طريق وأنجح طريق للوصول إلى الغاية الشرعية المبتغاة
ثم إن اغتصاب السلطة في المجتمع و حكمه بالإسلام - على افتراض أنه نجح - وأهله لا يريدون ذلك , أمر مناف للسنن الشرعية ومتـناقض مع دلالات آيات القرآن . وذلك أن حكم المجتمع بالإسلام رحمة خاصة ونعمة كبرى لا ينالها إلا من آمن بالله تعالى ولا يمكن شرعا ولم يحصل في تاريخ البشرية أن مكّـن الله تعالى نبيا من حكم قومه بالإسلام دون أن يؤمنوا به .
قال الله تعالى : لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3)


إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعـْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)
وقال تعالى : ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين (35)
فالله سبحانه وتعالى إنما يولي على الظالمين ظالمين قال تعالى: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(129)
وهنا قد يقول قائل : إن آيات القتال ناسخة لآيات الصبر على الأذى وكف الأيدي . فنقول : ليس الموضوع موضوع نسخ لأنه:


1ـ لا دليل على النسخ

2ـ إن كل نص شرعي , قولا كان أم فعلا أم تـقريرا , إنما نتأسى بتنفيذه برسول الله صل الله عليه وسلم ولا يكون التأسي صحيحا ومقبولا شرعا إلا إذا فهمنا الحالة والصفة التي ورد بحسبها الخطاب أو النص .





3ـ إ ن بعض الأدلة قد جاءت بصيغة الخبر وليس بصيغة الإنشاء ويستحيل شرعا أن يُنسخ نص أو أي معنى يأتي بصيغة خبرية لأنه يستحيل على الله تعالى الخطأ .




فمن كان أبا فإن عليه أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم كأب . وتتعلق بذمته النصوص التي تخاطب الآباء
ومن كان زوجا فإن عليه أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم كزوج . وتتعلق بذمته النصوص التي تخاطب الأزواج
ومن كان قاضيا فإن عليه أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم كقاض . وتتعلق بذمته النصوص التي تخاطب القضاة
ومن كان قائد جيش فإن عليه أن يتأسى برسول الله صل الله عليه وسلم كقائد جيش . وتتعلق بذمته النصوص التي تخاطب القادة ....الخ
وهكذا فإن كل من تلبس بحالة أو صفة معـينة تعلـقت بذمته النصوص الخاصة بها .
وعلى ذلك فإن نصوص الـقرآن التي تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم كداع إلى الإسلام تبقى دائما تخاطب وتوجه كل داع إلى الإسلام . والنصوص التي تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم كرئيس دولة
تبقى هذه النصوص تخاطب وتوجه كل رئيس دولة من المؤمنين . وعلى ذلك فلا تعارض ولا نسخ بين هذه النصوص والأدلة .





وهنا قد يُحتج بهذا الحديث :
عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ . رواه البخاري
قد يُحتج به على أنه إذا ظهر كفر بواح فيه من الله برهان فإنه يجوز لنا أن ننازع الأمر أهله وإن نقاتل الحاكم. فنقول :
إن هذا الحديث يجيز منازعة الأمر أهله في حال معينة وهي كون الأعز الأكثر في المجتمع يريدون الإسلام إلا أن الخليفة أو الحاكم كان فاسقا أو كافرا . فيكون الحاكم بشخصه هو المشكلة فيجب هنا على أهل المجتمع أهل الحل والعقد إزاحة هذا الحاكم فتنتهي المشكلة بذلك ويعود المجتمع إلى الإسلام . ولكن في حال كون (الأعز الأكثر) وأهل الحل والعقد في المجتمع لا يريدون الحكم بالإسلام _ كمجتمعنا اليوم _ فإن المشكلة لا تكمن في شخص الحاكم بل تكمن في غالبية المجتمع وأهل الحل والعـقـد فيه فإنه في هذه الحال لا ينفع قتال الحاكم أو قتله ولا يجوز ذلك لأنه
أ - لا يغير هذا من وضع المجتمع شيئا بل يوجد ذلك لهم مبررا قويا على تحويل الصراع من صراع بين كفر وإيمان إلى صراع على السلطة . وقد رأينا في عصرنا على ذلك أمثلة كثيرة على قتل الحكام أو موتهم ثم ينصّب أهل السلطة حاكما مثله أو أسوأ منه . لأن المشكلة لا تكمن في شخصه
ب - إن الخليفة إنما يبايع للحكم بما أنزل الله تعالى فإذا فسق عن ذلك وجب خلعه أو قتاله . ولكن الأمر هنا يختلف اختلافا شاسعا . فالحاكم اليوم إنما يوضع من قبل أهل السلطة لينفذ القانون وليحكم بغير ما أنزل الله تعالى . فشخصه ليس ذا أهمية بل الأهمية لرجالات المجتمع وأهل الحل والعقد وأتباعهم الذين يشكلون ( الأعز الأكثر) . وليس علينا إزاء هؤلاء إلا دعوتهم إلى الله تعالى وتبليغهم بلاغا مبينا فإن تابوا وآمنوا حكموا هم بما أنزل الله تعالى أو نصبوا من يحكم بما أنزل الله تعالى وإن كفروا وكذبوا فأمرهم إلى الله تعالى أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون .
4 - إن وجوب القتال يكون بعد التمكين في الأرض وبعد أن يؤتي الله تعالى المؤمنين الملك وبعد أن يكون لهم دولة . فيجب على هذه الدولة أن تحمل الإسلام إلى من يليها من المدن والقرى بالسلم والحجج والبراهين فمن حاول منع ذلك و حاول الوقوف بوجه دعوة الإسلام ومنع الناس من أن تصلهم دعوة


الإسلام ليتسنى لهم اختيار الدين الحق بملء إرادتهم فيحنئذ وجب قتال هذا المعتدي المجرم الصاد عن سبيل الله تعالى .













والله من وراء القصد

أبو مُحمد
03-06-2008, 06:41 PM
بارك الله فيك أخي عابر السبيل وجزاك عنا خيرا.

أبو مُحمد
03-14-2008, 12:20 PM
ربما نحتاج لاعادة قراءة .

طرابلسي
05-30-2008, 06:18 PM
يتبع لاحقا إن شاء الله

أبو شمس
05-30-2008, 11:11 PM
بارك الله فيكم جميعاً وجعلكم منابر هدى ومنارات علم . وزادكم الله من فضله وجعل أعمالكم هذه في ميزان حسناتكم .

عابر سبيل
05-31-2008, 07:19 PM
بارك الله فيكم جميعاً وجعلكم منابر هدى ومنارات علم . وزادكم الله من فضله وجعل أعمالكم هذه في ميزان حسناتكم .

اللهم آمين

عابر سبيل
05-31-2008, 07:24 PM
إن أهم شرط في موضوع حمل الدعوة إلى المجتمع و تبيلغ أهله البلاغ المبين من قِبَل جماعة الدعوة هو وجوب أن يكون رأسَ الأمر كلمةُ ( لا إله إلا الله ) فقيمة العمل كله بهذه الكلمة ووجودُها وجودُه وَضَعفُها ضَعفُه وعدمُها عدمُه ..

إن نزع ( لا إله إلا الله ) من رأس الحربة في الصراع وتضييع معناها وتمييعه عند أكثر الدعاة والحركات الإسلامية لهو السبب الرئيسي في فشل هذه الحركات في كافة جبهات الصراع مع الكفر ، ومهما ضخُـم العمل في الدعوة ومهما كثر أتباعه ومهما علت ضجته واستفحل نشاطه فإنه ما لم تكن ( لا إله إلا الله ) هي لولب الصراع و رأس الحربة فلا فائدة ولا رجعة ولا نصر ولا صحوة .


والسؤال الذي يرد هنا هو : كيف أن ( لا إله إلا الله ) التي يُنادى بها ليلَ نهارَ ليست هي اليوم لولب الصراع ؟؟وكيف تكون هي لولب الصراع ورأس الحربة ؟؟




الجواب يتبع قريبا باذن الله ...

عابر سبيل
06-01-2008, 10:49 PM
الجواب : إن ( لا إله إلا الله ) كلمة ذات حساسية عند المسلمين ولا يمكن مواجهتها عندهم ، وقد وعى أعداؤنا هذه الناحية فعمدوا إلى طرح تفسير للشرك والشركاء يحوّل وجهة الهجوم عنهم ويمتص وقع الآيات والأحاديث التي تهاجم الشرك والشركاء بواسطة أبواقهم وبواسطة مدارسهم وجامعاتهم وبرامجهم التعليمية . وهذا سرُّ عدمِ فعالية الآيات كما كانت تفعل على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وربما يكون في هذا الحديث إشارة إلى ذلك ، فعَنْ زِيَاد بْنِ لَبِيد : قَالَ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَالَ ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا .

إن إعادة تفعيل ( لا إله إلا اله ) بالعودة إلى منبعها الصافي وإزالة العوالق والشوائب التي علقت بها خلال هذه الفترة ، لهي أول خطوة على الطريق الصحيح .

والمعنى الصحيح المباشر لـ ( لا إله إلا الله ) الذي يجب أن نعود إليه هو المعنى الذي فهمه أول ما سمعه أبو بكر وعمر وبلال وياسر وعمار وسمية ، وأبو جهل وعتبة وشيبة والوليد على حد سواء .

وهؤلاء بالطبع لم يكونوا يعرفون حينما سمعوا ( لا إله إلا الله ) لأول مرة أسماء الله تعالى وصفاته جميعها ، ومن البديهي أنهم لم يكونوا يعلمون شيئا عن بحوث علم الكلام وما تفرع عن ذلك من مباحث . فما الذي فهمه هؤلاء مباشرة وبوضوح من هذه الكلمة فمنهم من حارب إيمانا بها ومنهم من حارب كفرا بها . . وعلام كان هذا الصراع ؟؟؟


يتبع باذن الله ...

عابر سبيل
06-03-2008, 11:52 AM
إنه إذا كانت ( لا إله إلا الله ) رأس هذا الأمر وأهم كلمة في الدين كله فإنه من المستحيل أن تكون هذه الكلمة أو هذه الجملة من المتشابه وإلا لضاع أساس الدين ، كما أنه لا يمكن أن يكون فيها اجتهاد ولا تأويل فكل شك مهما كان ضئيلا بمعناها هو شك في الدين نفسه لذلك لا يمكن أن يكون معناها - كما يطرح البعض - ذلك المعنى الذي خاض به بعض المسلمين منذ القديم واختلفوا وانقسموا إلى مشبه ومعطل وووو الخ

إذا فما هو المعنى المباشر القطعي لهذه الكلمة ؟

يتبع باذن الله ...

مقاوم
06-03-2008, 12:03 PM
أخي عابر سبيل
جزاك الله خيرا ... لكن كيف نجعلك من المقيمين؟
:)

عابر سبيل
06-05-2008, 06:57 PM
إذا فما هو المعنى المباشر القطعي لهذه الكلمة ؟

إن ( لا ) ( في ( لا إله إلا الله ) هي ( لا ) النافية للجنس التي تدخل على المبتدأ والخبر، فاسمها هنا ( إله ) وخبرها محذوف و يقدر خبرها المحذوف بكلمة ( حق ) وليس بكلمة ( موجود ) فإن تقدير الخبر بكلمة ( موجود ) هو من التزوير الذي أدخل على ( لا إله إلا الله ) لصرفها عن معناها الحقيقي , و تقديرها الصحيح هو : ( لا إله حق إلا الله ) لأن الصراع على أحقية الآلهة . يعني أن الله هو الإله الحق ، وأن ما سواه باطل . فالصراع بين الأنبياء وأقوامهم هو صراع على أحقية الألوهية وليس على وجود الله تعالى فمسألة وجود الله مما كان المشركون وما زالوا يعترفون به ويقرونه ، فاعتراف المرء وإقراره بوجود الله تعالى لا يُدخله في الإسلام حتى يقر بإفراده وحده سبحانه بالألوهية دون سواه . كما أن الصراع بين الأنبياء وأقوامهم لم يكن على التشبيه ولا على التعطيل ولا التجسيم بل كان الصراع على إفراد الله تعالى وحده بالعبودية والطاعة والتشريع (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)

لذلك فالاعتقاد بأحقية كل حكم يحكم الله به والاعتقاد ببطلان كل حكم يحكم به سواه وأن العبودية والطاعة حق له وحده دون سواه هو ركن أساسي لحصول الإيمان عند العبد .


يتبع باذن الله ...

al_muslim
06-08-2008, 04:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على نشر هذا الموضوع وإن شاء الله تعالى ندرسه ونتابعه

عابر سبيل
06-08-2008, 04:52 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاكم خيرا على المتابعة

al_muslim
06-08-2008, 04:59 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله تعالى خيرا على نشر هذا الموضوع

عابر سبيل
06-08-2008, 05:06 PM
معنى الإيمان بالله تعالى








لقد طُرح في معنى الإيمان بالله كثير من التفاسير والتعريفات ، فمنهم من قال أن الإيمان بالله تعالى هو التصديق . ومنهم من قال أنه : التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل . ومنهم من قال إنه الإقرار … الخ








والإيمان بالله تعالى : له أركان ثلاثة لا بد من اجتماعها لحصول الإيمان . وهي : العلم والإقرار والعزم على الإتباع .



فمن لا يعرف الحق فهو ضال .



ومن عرف الحق ولم يقر به فهو كافر .








قال تعالى : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }البقرة146.



ومن عرف الحق وأقر به ولم يعزم النية على اتباعه فهو كافر أيضا .



ومن عرف الحق وأقر به وعزم النية على اتباعه فهو مؤمن .








عندما دُعي أبو بكر رضي الله عنه إلى الإسلام آمن بمجرد سماع الدعوة . نحن نقول ( آمن ) تأمل : عندما سمع .. آمن . فما معنى آمن مع أنه ما زال يقف في مكانه لم يقم بأي عمل لا صلاة ولا صوم ولا جهاد ولا شيء نقول آمن ، وآمن ( فعل ) أي حصل شيء فما الذي حصل ؟؟



إن الذي حصل أنه سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأقر به وعزم على اتباعه ،








وتأمل في حادثة أمية بن أبى الصلت الثقفي حين اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرج ابن عساكر عن الزهري قال : قال أمية ألا رسول لنا منا يخبرنا ما بعد غايتنا من رأس مجرانا ثم خرج إلى البحرين فأقام مدة ثم قدم الطائف فقال ما محمد قالوا يزعم أنه نبي فقدم عليه فقال يا ابن عبد المطلب أريد أن أكلمك فموعدك غدا فأتاه في نفر من أصحابه وأمية في جماعة من قريش فجلسوا في ظل البيت فبدأ أمية فخطب ثم سجع ثم أنشد الشعر ثم قال أجبني فقال بسم الله الرحمن الرحيم يس والقرآن الحكيم حتى إذا فرغ منها وثب أمية فتبعته قريش تقول ما تقول يا أمية قال أشهد أنه على الحق قالوا فهل تتبعه قال حتى أنظر .. . ج1 ص58 فيض القدير



إذا فأمية عرف الحق وأقر به ولكنه لم يعزم على اتباعه . فلم يؤمن



وكذلك أبو طالب عرف الحق وأقر به ولكنه لم يعزم على اتباعه فلم يؤمن .



لذلك فليس معنى الإيمانِ بالله الإيمان بوجوده فحسب . والوقوف في الإيمان بالله عند حد الإيمان بوجود الله لا يُدخل المرء في الإسلام وإلا لكان اليهود والنصارى ومشركو العرب مؤمنين . لأنهم لا ينكرون وجود الله تعالى .








وليس معنى الكفر بالطاغوت هو إنكار وجوده لأنه موجود فعلا ولكن الكفر بالطاغوت هو الاعتقاد ببطلان حكمه والإقرار بذلك . وأنه ليس له من الطاعة شيء من حق , والعزمُ على اجتنابه .








والإيمان بـ ( محمد رسول الله ) لا يعني الإيمان بوجود محمد صلى الله عليه وسلم وإنما يعني الإيمان به مصدرا متـفردا لتلقي الوحي والتشريع عن الله تعالى . والإقرارَ بذلك والعزم على اتباعه صلى الله عليه وسلم .








والإيمان بالقرآن لا يعني الإيمان بوجوده فحسب بل يعني الإيمان بأنه مصدر الهدى والتشريع الوحيد عن الله تعالى والإقرار بذلك والعزم على اتباعه . وهكذا.....











يتبع باذن الله

al_muslim
06-08-2008, 05:07 PM
السلام عليكم

إن تنـزيل الموضوع أجزاء جعله بالمقلوب فأوله بآخر صفحة وآخره بأول صفحة فأرجو تنبيه القراء على ذلك .

عابر سبيل
06-08-2008, 05:10 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
جزاك الله خيرا لحرصك أخي المسلم.

أظن ان اعدادات عرض المواضيع لديك هي التي تحتاج الى تعديل من لوحة التحكم من (الاحدث الى الاقدم) او العكس وعندها سيستقيم العرض عندك باذن الله.

طرابلسي
06-08-2008, 05:57 PM
منك وإليك أبا عمر :)
أخي عابر سبيل
الأخ المسلم هو صاحب الموضوع الأصلي وهو أعلم بأوله من آخره ويا حبذا
أن يعيد إلينا النسخة الكاملة فقد حصل تلخبط حين تمت الإضافة وهو السبب لم يحسن ضبطه على الورد
أظن سأضطر إلى إعادة تأهيله حتى لا يعود لمثل هكذا أخطاء :)

طرابلسي
06-08-2008, 06:16 PM
أبا عمر السياق صحيح مئة بالمئة ربما اختلط عليك الامر
على كل حال أرنا عملك بنقله إلى الملتقى تحت اسم صاحبه الأصلي بنفس الطريقة التي بدأها عابر سبيل
وبالمناسبة هذا المعرف ( عابر سبيل يشترك فيه أكثر من كاتب ( يعني جوكر ) :)

al_muslim
06-09-2008, 05:27 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
لقد استقام الموضوع جزاكم الله خيرا ربما كان السبب من عندي .

al_muslim
06-09-2008, 05:29 PM
أخي الكريم طرابلسي
ألم ينشر الوضوع سابقا في الملتقى ؟؟

طرابلسي
06-09-2008, 08:05 PM
نعم نشر سابقا إلا ان خلالا حدث بالموقع فأذهب بعض المشاركات وهذا منهم
أما بالملتقى فكان برابط إحالة قد أصيب بعطب من الشركة المزودة

عابر سبيل
06-10-2008, 09:22 PM
اختلاس أهم معاني ( لا إله إلا الله )







إن كلمة ( لا إله إلا الله ) كلمة فاعلة أتت لتغير واقعا ، وتحوّل بشرا وتقلب مجتمعات أتت لتخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .






والكل يقول ببساطة أن معنى لا إله إلا الله هو ( لا معبود بحق إلا الله ) ثم يأتي بعضهم بحجة الاجتهاد وبستار العلم لينسف هذا المعنى ويبطل تلك الفاعلية .






وبما أن الله تعالى هو المعبود . فهل تكون عبادة دون تشريع وأحكام ؟؟






وهل تكون طاعة من قِبل العبد دون أوامر من السيد ؟؟






والكل يقول : ( توحيد الله . أو إفراد الله ) . بماذا نوحده وبماذا نفرده ؟؟ هل بغير العبودية وهل بغير الطاعة ؟؟ فكيف يريدون من الناس أن يكونوا مسلمين وعبادا لله وهم يفتون لهم بطاعة غير الله من حكام وطواغيت وقوانين وضعية بحجة أن هذا كفر دون كفر .





ماذا بقي لنا من (لا إله إلا الله ) إذا جاز لنا أن نطيع ونعبد ونخضع لأوامر غير الله ؟؟ بحجة أنهم ( أولياء أمور ) ألم يكن أبو طالب من أولياء الأمور ؟؟ ألم يكن أبو جهل وعتبة وشيبة من أولياء الأمور ؟؟ ألم يكن كسرى وقيصر من أولياء الأمور ؟؟







إن طاعة أولياء الأمور التي أمر بها الشرع ليس فيها طاعة في معصية الله ، ثم إن الطاعة لأولياء الأمور والآباء و أرباب العمل وغير ذلك من الطاعات المباحة لها حد فاصل يفصلها عن أن تكون عبادة ، وهو أن هذا المأمور إذا تلقى الأمر على عماها وليس عليه إلا أن ينفذ الأمر كما هو دون أن يكون له حق الاعتراض كما هو حاصل اليوم في وظائف الدولة وأوامر الطواغيت فهذه عبودية محضة ، وإذا كان له أن يسأل عن سبب الأمر ويتحرى شرعيته قبل أن ينفذه فهذه طاعة مباحة أو مندوبة أو واجبة .







فعن ضمام ابن إسماعيل المعافري عن أبي قبيل قال خطبنا معاوية في يوم جمعة فقال : « . . . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيأتي قوم يتكلمون فلا يُرد عليهم يتقاحمون في النار تقاحم .. القردة.) .أبو يعلى







وعن معاوية ابن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:« يكون أمراء فلا يُرد عليهم يتهافتون في النار يتبع بعضهم بعضا». أبو يعلى







هذا إذا كان أولياء الأمور ليسوا طواغيت وليسوا أعداء لله تعالى . وأما إذا كانوا أعداء لله وطواغيت فيجب تجنبهم والتبرؤ منهم في الأمر كله .







فمعنى العبودية و الحاكمية لا يمكن فصلهما عن بعض في ( لا إله إلا الله ) لأن العلاقة بين العبد وسيده هي أوامر وأحكام من قبل السيد وطاعة وانقياد وخضوع من قبل العبد ولا معنى للعبودية غير ذلك . وهذا ما فهمه أبو جهل وعتبة وشيبة وأمثالهم فوقـفوا منها هذا الموقف العدائي لأنهم اعتبروا أنها كلمة تُنهي ألوهيتهم الباطلة وتدمر طغيانهم الكبير . وتنحّي ما كانوا يشرعون للناس وما كانوا يقـنّـنون .






وسورة الأنعام التي هي رئيسة السور المكية توضح هذا في تقريع الله تعالى لهم بأنهم قد وضعوا أحكاما وتشريعات لم يأذن بها الله تعالى فمن ذلك مثلا أكل لحم الميتة في قوله تعالى: ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) ،






نعم إن أطعتموهم إنكم لمشركون . أي إذا أطعتموهم في تحليل أكل الميتة إنكم لمشركون.



وكذلك : إن أطعتموهم في تحليل شرب الخمر إنكم لمشركون



وإن أطعتموهم في تحليل تقسيم بلاد المسلمين إلى دويلات مستقلة إنكم لمشركون .



وإن أطعتموهم في تحليل فرض المكس على المسلمين إنكم لمشركون



وإن أطعتموهم في تحليل التعامل بالربا إنكم لمشركون



وإن أطعتموهم في تحليل تدريس أبناء المسلمين ما حرم الله تعالى من التزوير والكذب وعقائد الكفر إنكم لمشركون



وإن أطعتموهم في تحليل تعطيل الجهاد وفي وتحليل كافة الأحكام والشرائع التي وضعوها بأهوائهم من غير هدى من الله تعالى في قوانين السياسة والاقتصاد والقضاء والتعليم وووالخ إنكم لمشركون .






قال تعالى : وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ136وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ137وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ138وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ 139 قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ .







والمدقق في هذه الآيات يرى بوضوح كيف تربط هذه الآيات موضوع التشريع بالشرك ربطا مباشرا وتبين العلاقة الحتمية بينهما ، ثم لاحظ كيف سمى الله تعالى (فعلا) وهو قتل الأولاد انظر كيف سماه الله تعالى تلبيسا للدين .






وقال تعالى : لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ








يتبع باذن الله ...

عابر سبيل
06-12-2008, 11:53 AM
........ومما هو مُجمع عليه بين العلماء والمفسِّرين على أنه لا يمكن الإيمان بالله إلا بعد الكفر بالطاغوت . وهو الاعتقاد بعدم أحقية ما يحكم به وما يشرِّع سواء في العقائد أو الأحكام . . وأكثر الدعاة اليوم غارقون في جدالات التشبيه والتعطيل وأشعري وصوفي وقدري وحقيقة ومجاز . . . الخ والأمة غارقة في قبول التشريع الباطل والحكم والتحاكم إليه والرضى عنه .



و الحديث الصحيح المشهور عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر لحاتم قوله تعالى :( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ) بأنها الطاعة في تحليل الحرام وتحريم الحلال بما يجزم بالموضوع .



وقال تعالى :

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ



إذاً (مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ) . فالتحريم والتحليل الباطل جزء لا يتجزأ من الشرك الأكبر بل الجزء الأكبر والأخطر في الشرك.



وقال تعالى : مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ103وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ .



وهذه الآيات أيضا تدل على أن التشريع والتحليل والتحريم من غير الله تعالى أيضا هو الشرك الأكبر .


هذا الذي يجب التركيز عليه في دعوة المجتمع وهذا الذي يجب على العلماء أن يبينوه وهذا الذي له التأثير والفاعلية في التخلص من سلطة الكفر والكفار ، فكم وكم من الناس مشركون بهذا وهم لا يعلمون ‍‍؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ولا يسمعون عن الشرك إلا سجودا لأصنام أوشموعا لقبور أو دعاء لأولياء .

وقد عمد الطواغيت إلى تكثير الطروح والتفاسير المختلفة حول ( لا إله إلا الله ) حتى يبدو للناس أن الطرح الصحيح لـ ( لا إله إلا الله ) إنما هو معنى إجتهادي من المعاني المطروحة ويمكن أن يختار المسلم { رأيا} من هذه الآراء ويتبناه . وليس الأمر كذلك إن المختلفين في ( لا إله إلا الله ) منهم من آمن ومنهم من ضل ومنهم من كفر . فهي ليست كالاختلاف في فرعيات الفقه حتى يكون اجتهاد وترجيح آراء إنها ( لا إله إلا الله ) أيكون فيها اختلاف ؟؟

عابر سبيل
06-14-2008, 11:56 AM
إنه لا يمكن أن يقبل مسلم من المسلمين على وجه الأرض نزع أحكام الصلاة أو الصوم أو الحج من الدين . واستبدالها بأحكام يختارها شخص ما مهما كان هذا الشخص ومهما كان منصبه ومهما علت مرتبته , فمثلا :


لو أصدر الرئيس أو الملك مرسوما يقتضي باختزال عدد الصلوات من خمسة إلى ثلاثة مثلا ، لأن تطور الحياة يقتضي ذلك فالأشغال والوظائف لا تتناسب مع الصلوات الخمس وهي مما يضعّف الإنتاج ، لذلك ولمصلحة البلد يجب أن تكون الصلوات ثلاثة بدل خمسة إلى آخر ما هنالك من تشدق وسفسطة ثم أصدر تعميما بذلك إلى المساجد .. أقول لو فعل الرئيس ذلك لأقام المسلمون والمشايخ الدنيا وأقعدوها على رأسه .


لماذا ؟؟؟ لماذا قبلتم بتنحية أحكام الحدود واستبدالها بالقوانين والمراسيم ؟؟

لماذا إذا قبلتم باستبدال مناهج التعليم الإسلامية بمناهج الكفر ؟؟؟

لماذا قبلتم بتنحية التشريع الإسلامي في الاقتصاد ؟؟

لماذا فرقتم بين أمر الله تعالى في الحدود وأمره تعالى في الصلاة ؟؟؟ لماذا فرّقتم بين أمره بالصوم وأمره بالجهاد ؟؟؟ لماذا فرقتم بين أمره بالحج وأمره بتحريم المكس ؟؟؟ .. لماذا ؟؟؟!!! وفوق ذلك تدعون الناس لطاعتهم في ذلك . وقبول تلك الأحكام لماذا ؟؟؟ آ لله إلهُكم في الصلاة والصوم دون الحكم والتشريع والتجارة والخصومات ؟؟؟

أإله مع الله ؟؟ بل هم قوم يعدلون .


أما والله لو استبدل الحاكم حكما واحدا من شرع الله تعالى بحكم طاغوت لكفر بالله وخرج من ملة الإسلام هو ومن وافقه على ذلك ، قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ 25 ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ .



يتبع باذن الله ...

طرابلسي
06-14-2008, 04:39 PM
بارك الله فيك وأحسن إليك

عابر سبيل
06-16-2008, 08:07 PM
التركيز في الدعوة على ضرب الآلهة الباطلة الفاعلة



إنه لا يمكن أن تكون ( لا إله إلا الله ) هي محور الصراع ورأس الحربة إلا بعد تحديد الآلهة الباطلة الفاعلة الموجودة في المجتمع المُراد دعوته .



ونعني بـ ( الفاعلة ) أي الآلهة المجتمعية المتبناة من قبل أهل السلطة ، وليست أي آلهة عُبدت من قِـبل أفراد في ذلك المجتمع ( نذكّر أننا نتكلم عن دعوة المجتمع وليس الأفراد ) لأنه طالما أن المجتمع لا يُحكم بالإسلام فهذا يعني وجود الشرك قطعا في الحكم . فمن هو هذا الشريك ؟؟




إن ( لا إله إلا الله ) تتحقق بنفي الشركاء والآلهـةِ الباطلة ( حتى يكون الدين كله لله ) وإذا لم تُـنـفَ الآلهة الباطلة من المجتمع لم تتحقق كلمة ( لا إله إلا الله ) فيه ومن غير المجدي في دعوة المجتمع قصرُ الهجوم على الآلهة التي تعبد من قبل بعض الأفراد أو الآلهة التي كانت تعبد في الزمن الغابر ، بل لا بد حتى يكون البلاغ بلاغا مبينا من أن يكون الهجوم في الدعوة على الآلهة الكبرى الفاعلة في المجتمع . التي يُحال بها بين الناس وبين الحكم والتحاكم إلى شريعة الله تعالى .



وتحديد الآلهة الكبرى ورأس الشرك ، يُستدل عليه بالعلامات التالية :



يتبع باذن الله ...

عابر سبيل
06-17-2008, 11:23 AM
وتحديد الآلهة الكبرى ورأس الشرك ، يُستدل عليه بالعلامات التالية :



1 - القوانين والتشريعات الوضعية وتحليل الحرام وتحريم الحلال المفروضة على الناس بحياتهم العامة في المجتمع ، باسم من تصدر ؟ فإن كانت تصدر باسم رئيس أو ملك . فيكون هو الآلهة الباطلة في ذلك المجتمع . وإن كانت تصدر باسم أرض أو وطن , فيكون الوطن هو الآلهة الباطلة في ذلك المجتمع . وإن كانت تصدر باسم مبدأ أو شعار أو أي شيء سوى الله فيكون هذا المبدأ أو الشعار هو الآلهة الباطلة . . الخ ، وقس على ذلك . . . وحتى لو كان ذلك في بعض الأحكام ، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُم ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ . . . الآية



وقال تعالى : وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ

وهذا يعني إنما تُتخذ الأنداد وسيلة لإضلال الناس عن سبيل الله . وسبيل الله تعالى هو دينه وأحكامه وشريعته ، وهذا يدل على أن الغاية من إيجاد الأنداد هو صرف الناس عن دين الله تعالى وعن شريعته بواسطة إيجاد تشريعات وأحكام بديلة عن تشريع وحكم الله تعالى.



2 - تكون هذه الآلهة مُتبناة من قِبَل الملأ أهل السلطة ويكون التقرب إلى الملإ أصحاب السلطة بالتقرب إلى هذه الآلهة . وذلك كمن يعلق صورة الملك أو الرئيس أو علم الوطن أو ما شاكل ذلك ليتخذه وسيلة إلى دفع ضرر جنوده وزبانيته أو لجلب منفعة فيما يظن من جهتهم.



3 - الأعياد : يكون لهذه الآلهة عادة أعياد يحتفل بها أهل السلطة وأتباعهم لتجديد القدسية والولاء لها في النفوس . قال تعالى ذاكرا قول إبراهيم عليه السلام لقومه : ( . . . وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )






يتبع باذن الله ..

عابر سبيل
06-18-2008, 03:22 PM
الصدعُ هو ذكر آلهة المجتمع بالاسم .


لذلك فإن الدعوة يجب أن تكون إلى نبذ هذه الآلهة بالاسم ، وإفرادِ الله وحده بالطاعة والعبودية والحكم والتشريع أول شيء . وإذا لم تُـذكر هذه الآلهة بالاسم فلا يكون البلاغ مبينا وإذا لم يكن البلاغ مبينا فلا تكتمل شروط النصر أو لم يحق القول على الكافرين . وبالتالي لم يتحقق فرض الكفاية في الدعوة إلى الله تعالى.



إن ذكر الآلهة الباطلة بالاسم وبيان بطلانها وبطلان تشريعها ، هو أمر مهم و قد قام به جميع الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين فقد كان كل نبي يذكر لقومه آلهتهم الباطلة بالاسم : فقد سمى نوح عليه السلام لقومه آلهتهم الباطلة ، قال تعالى : (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)



وقال تعالى : ( قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ )



وسمى إلياسُ عليه السلام آلهة قومه قال تعالى :( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ *إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ *اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)



وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ).

وقال تعالى : ( وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ )



لذلك فإنه دون بيان واقع الشرك وتسمية أفراده لا يمكن أن يُعتبر بلاغُ الملإ بلاغا مبينا . لأنهم في الواقع يميّعونه ويصرفونه عنهم إلى جهات أخرى كما هو حاصل اليوم . حيث يتجند المسلم في خدمة الكفر ، وهو يظن أنه مطيع لله ما لم يسجد لصنم أو يسرق أو يزني أو أو . . . . . الخ



ثم إن بيان واقع الشرك وتسمية أفراده هو واجب جماعة الدعوة الذين تصدوا لتغيير المنكر المجتمعي ، وإهمالهم لهذا الواجب أو تقصيرهم فيه ( في حال قدرتهم عليه) معصية كبيرة ومهلكة عظيمة للتهديد الرهيب الذي هددهم به الله تعالى بقوله :(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)



ففي هذه الآية بيانان : بيان من الله تعالى في الكتاب ، ( مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ) وبيان واجب على العلماء بما استحفظوا من كتاب الله (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ) . فالله تعالى يبين الأحكام في الكتاب بيانا عاما بعلامات الأشياء وصفاتها وماهياتها حتى لا تتقيد النصوص بزمن وحال معينة وحتى تكون صالحة لكل زمان ومكان ، وعلى العلماء في كل زمان أن يبينوا أفراد هذه الأشياء بأسمائها للناس ولهذا فلا يجوز أن يخلو زمن من مجتهد أو عالم يبين للناس آيات الله تعالى وينزل الآيات على وقائعها ومفرداتها . فالشرك يتلون على مر العصور والأيام وتتغير أشكال ومسميات الشركاء وعلى العلماء بيان حقيقة هؤلاء الشركاء بيانا شافيا وافيا وملاحقة أفراد الشرك في الواقع وفضحها وكشفها للناس باستمرار وفي كل مكان وإلا كانوا كاتمين آثمين .



قال تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )



هذا إذا سكتوا عن ذلك فكيف إذا حملوا دعوة مزوّرة لإلهاء الناس عن هذا وصرفهم عنه كما نرى اليوم !؟



يتبع باذن الله ..

عابر سبيل
06-19-2008, 11:58 AM
........ ورغم صعوبة الأمر وتوقع الأذى الذي لا بد أن يلحق بصاحب هذه الدعوة من قِبل الملأ. إلا أنها هي الدعوة الإسلامية وهذا هو البلاغ المبين ، فمن كان مستطيعا كان عليه أن يدعو هذه الدعوة ومن لم يكن مستطيعا فهو معذور شرعا شرط أن لا يدّعي أنه يحمل دعوة الإسلام كما يفعل الكثير من العلماء والمشايخ ، حيث أنهم يُقصرون دعوتهم على بعض المعاريف وينهون عن بعض المنكرات ويهاجمون أنواع الشرك التي لا تمس أصحاب السلطة ثم يدّعون أنهم الفرقة الناجية التي تحمل الحق المبين ، فـيُـضلون الناس وَيـضلون



لأنه في الحقيقة إنما يحكم الكفر بلادنا بأبنائنا من شرطة وأعوان للحكام وقضاة يحكمون بغير ما أنزل الله تعالى . والعاملين في الأمور الإدارية الأخرى كالإعلام والتعليم المناقض لشرع الله تعالى ، كل هذه الأجهزة وما يتبعها وما يتفرع عنها من فتن هي في خدمة الكفر ضد الإسلام وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى. وأكثر هؤلاء في الدول العربية غافلون عن حقيقة أمرهم لأن الدعوة المعلنة وما يسمعون عن الإسلام لا تـبـيّن واقعهم ولا تصدع لهم بالحق . فيجب التركيز على هذه النقطة التي هي أصعب وأخطر ما يُطرح بالنسبة للحكام والطواغيت . ولكنها هي القول الفصل الذي يجب أن تُقرع به أسماع الناس حتى يشعر هؤلاء بأنهم في شقاق مع الإسلام ويحملون معاول الهدم ضده سواء كان ذلك عن علم وإصرار أم غفلة وجهل . . ويجب على الدعاة أن يَـبنوا مواقفهم من الناس حسب هذه النقطة . ولكن أكثر الدعاة اليوم أو الحركات الإسلامية ، تبني مواقفها من الناس على مواضيع جانبية كالبحوث الكلامية أو التصوف أو البحوث التي تتعلق بالأسماء والصفات ، أو الحلف بغير الله مثلا . . . الــخ ، وتُغفل هذا الأمر المهم .

ومن ذلك مثلا أنني قرأت كتابا بعنوان :
( تطهير الجنان من درن الشرك والكفران ) يقول صاحب هذا الكتاب في مقدمته بعد أن يهاجم نوعا من الشرك عند الصوفيين ويبين بطلانه - وهو في هذا محق بلا ريب - ، يقول بما معناه : ( ولولا حكام الجزيرة المهتدون لدخل الشرك إلى جزيرة العرب ) . وفي مثل هذا الكلام تضليل وصرف عن الشرك الأكبر الذي يُمارس من قبل حكام الجزيرة بوضع التشريع والقوانين التي لم يأذن بها الله سبحانه وتعالى وبالاعتراف بشرعية الباطل عند غيرهم من الدول . . . الخ

وهذا َمـثـلٌ من الكثيرين ممن يطرحون مثل هذا الطرح في الكتب وعلى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية .


إن المنكرات الفردية سواء كانت في الأحكام أو في العقائد يجب أن تُحصر معالجتها عند الفرد الذي يكون عنده فيها ضلال أو خطأ ، ولكن من الخطأ والغلط أن نخاطب بها المجتمع وأن نجعلها محور الصراع ورأس الحربة ونترك الآلهة الكبرى التي بها يُضل الناس عن دينهم الحق وبها يُشرَّع للناس ما لم يأذن به الله تعالى . وهذا الأمر - أي الهجوم على بعض أفراد الشرك وترك الشرك الأكبر يضلّل الناس و يصرفهم عن الشرك الأكبر ، وبذلك يثبت الكفر ويتخذ صفة الحق ويلبّس على الناس .



يتبع باذن الله ...

طرابلسي
06-19-2008, 08:05 PM
بانتظار التتمة بارك الله فيك

عابر سبيل
06-20-2008, 07:05 AM
..... وبما أن الدعوة الإسلامية هي دعوة لإزالة كل مشرع غير الله وإبطال كل شرع وحكم سوى شرعه وحكمه لذلك فقد كان الملأ ( أصحاب السلطة ) دائما في رأس من يعتبر أن هذه الدعوة موجهة ضده وضد مصالحه ولذلك فإن الرسل كانت تُـبعث في أمهات القرى لأنها سكن أهل السلطة ومقرهم .



قال تعالى : وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ.



وأمهات القرى هي كبارها وعظامها . وهي المدن الكبرى المتبوعة ممن حولها وذلك لأنها سكن السلطة العليا من الناس ومقر الملأ . فكانت الرسل تُبعث فيها . لتكون الحجة الكاملة عليهم ولأنهم - كما أسلفنا - هم المعنيون بتغيير المنكر المجتمعي باليد أي بالقوة . وهم هدف الخطاب

قال تعالى : وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ .



وقال تعالى : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ



تدل هذه الآيات على أن مكان الدعوة ( أم القرى ) أمرٌ له في الشرع اعتبار كبير لمن كان في دعوته هادفا للتغيير المجتمعي الصحيح الجذري



ثم إن الهدف الرئيسي من إنزال الكتب وبعث الرسل هو الحكم بما أنزل الله تعالى

قال تعالى : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ .



و قال تعالى : إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا



و قال تعالى : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا



و قال تعالى : وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ . .



و قال تعالى : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ



فالغاية من إنزال الكتب وبعث الرسل هو الحكم بما أنزل الله تعالى . والغاية من دعوة المجتمع والعمل على تغييره هو الوصول إلى الحكم بما أنزل الله تعالى . وإهمال موضوع الحكم بما أنزل الله تعالى والاشتغال بغير ذلك في الدعوة هو تفريغ لـ ( لا إله إلا الله ) من مضمونها وتعمية عن الهدف المراد منها .



فالإسلام يتحقق في الواقع بأن يكون هو الدين الظاهر في المجتمع وهو الحاكم الوحيد بين الناس . ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ)



يتبع باذن الله ...

عابر سبيل
06-21-2008, 11:46 AM
وجوب وضرورة بيان كفر الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى




إن نقاش هذا الموضوع وبيان كفر حكامنا اليوم ليس من قبيل السب والشتم وليس بدافع الكره والبغض الشخصي أو المصلحي , بل هو ضرورة وواجب شرعي لا يمكن أن تكون الدعوة إلى ( لا إله إلا الله ) كاملة ومنتجة إلا به . ولا يمكن أن يحصل تغيير حقيقي وجذري في مجتمعاتنا إلا به .





إن صرف الأمر (مثلا ) في تفسير ( لا إله إلا الله ) إلى موضوع أن الله هو( الخالق) أو (موجود) أو غيره مما يطرحه البعض اليوم هو تضليل أيما تضليل وتعمية أيما تعمية وذلك أن الناس حينما يسمعون أن معنى ( لا إله إلا الله ) أي لا خالق إلا الله فإنهم ينظرون فلا يجدون في الواقع من حولهم من يدّعي أن مع الله خالقا فيركنون إلى الشرك والمشركين بل ويقعون فيه من حيث لا يدرون بل ويستغربون ا لكلام في وصف المحللين للحرام و المشرعين بما لم يأذن به الله أنهم مشركون . وعندما يسمعون أن معنى (لا إله إلا الله ) هو أن لا تدعو مع الله أحدا فحسب فينظرون إلى الحكام والطواغيت وأتباعهم فلا يرونهم يرفعون أيديهم ويدعون غير الله فيرضون عنهم ويركنون إليهم وهذه من أكبر الفتن التي نجحت في تثبيتها بين المسلمين شياطينُ الأنس والجن وصعبت مقاومتها وبيان حقيقتها لدرجة بالغة حتى أنه ضُلل وضَـلل بها بعضُ كبار العلماء المشهورين والدعاة العاملين .










يتبع باذن الله : الرد على شبهات القائلين بعدم كفر حكام العرب هذا الزمان .

عابر سبيل
06-23-2008, 02:06 PM
1 – الشبهة الأولى : قول ابن عباس رضي الله عنه ( كفر دون كفر ) في جوابه عن الآية الكريمة :

(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)



أ – إن لتفسير القرآن قواعد وأصولا وهي اولا أن نفسر القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم بإجماع الصحابة واللغة العربية . وليس من قواعد التفسير أن رأي الصحابي واجتهاده دليل وحجة لأن لا عصمة لأحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم . فرأي الصحابي واجتهاده مقدَّم على كل رأي واجتهاد ممن بعدهم ولكن لا نقدم رأي الصحابي على الأدلة الشرعية والنصوص إذا خالفت رأيه بصراحة ووضوح . . وليس في هذا استهانة بقدر الصحابي ولا مس بمنزلته ولكن إعلاء لكلمة الله تعالى فوق كلمته وتطبيقا لما نخالف به الرافضة من إنزال أقوال أئمتنا منزلة المعصومين فلا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم



ب- إن تفسير ابن عباس_-إن صح عنه- فهو ينطبق على وقائع زمانه ومن الخطأ أن نقيس حكمه على حكام زمانه بحكم الله تعالى على حكام زماننا فإن السؤال الذي وُجه لابن عباس رضي الله عنه ليس عن معنى الآية مطلقا . بل سئل عن انطباقها على واقع معين يعيشه هو يومئذ . وفي هذا احتمالان:

أ - فإما أن يكون القصد بالسؤال عن انطباق الآية على الخوارج

ب - وإما أن يكون عن انطباقها على الحاكم أو السلطان يومئذ . وفي كلا الحالتين يكون جوابه رضي الله عنه صحيحا وفي غاية الدقة . لأن الحاكم إذا كانت بيعته أصلا على العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ثم زاغ بعض الشيء عن هذه الأحكام لجهل أو بتأويل فإن هذا ليس مبررا لتكفيره أو للخروج عليه .ولكن قياس حكامنا اليوم ودولنا على حكام المسلمين أيام ابن عباس رضي الله عنه قياس خاطئ خطأ فادحا إذ أن الأصل المعتمد يومئذ هو الشرع . لكن حالنا اليوم يختلف تماما فإن أصل تنصيب الحكام اليوم هو للحكم بغير ما أنزل الله تعالى وتتم بيعته والعقد معه على الحكم بالقانون والدستور . وهذا هو الطاغوت الذي أُمرنا بالكفر به .



الدليل الأول من القرآن على أن من لم يحكم بما أنزل الله تعالى كافر ولو لم يصرح ياستحلال ذلك :

قال تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ.

إن عذر هؤلاء ( . . لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ. . ) يعني أنهم يقولون جوابا على عدم حكمهم بما أنزل الله أننا لا نخلد في النار لأننا مسلمون وأنَّ حُكْمَنا بغير ما أنزل الله معصية يدخل فاعلها النار أياما معدوات ثم يكون مصيره الجنة لأنه مسلم . هذا معنى قولهم ومقتضاه ، وهو نفس العذر الذي يعتذر به بعض العلماء هذه الأيام دفاعا عن حكامهم ، وقد أبطله الله تعالى بصراحة وسماه افتراء (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ) فينتبه لذلك هؤلاء حيث يجعلون من شرك الصوفيين أو الروافض أو القبوريين أو . . . الخ ، شركا كبيرا وجرما عظيما ثم يخففون شرك الحكم بغير ما أنزل الله تعالى إلى معصية تمس صاحبها النار أياما معدودات إن لم يُغفر له والله تعالى يسمى هذا العذر افتراء في الدين .



الدليل الثاني من القرآن : قال تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ، هذه الآية أيضا تبين أن الذي يعرض عن الحكم والتحاكم إلى غير ما أنزل الله ليس كافرا بالطاغوت ولو زعم أنه مؤمن بلسانه . وهذا دليل على كفره بالله ولو لم يصرح باستحلال ذلك .



الدليل الثالث من القرآن : قال تعالى : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .إن القسم من أهم أدوات التأكيد وعلام يؤكد الله تعالى بقسمه بنفسه ؟؟!! إنما على عدم إيمانهم فهل بعد هذا من كلام وجدال أم نقفز إلى أقوال الرجال وندع كلام الله تعالى ؟؟



الدليل الرابع من القرآن : قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) تبين هذه الآية أن قولهم للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر هو ارتداد عن الدين ، وهؤلاء لم يصلوا إلى درجة كفر حكامنا لأنهم احتفظوا بطاعة الله ( إلا في بعض الأمر) والله تعالى لا يقبل له شريكا في الأمر ولو بجزء يسير لأن الأمر لله جميعا .



الدليل الخامس : الأدلة اللغوية على أن معنى الكفر في الآية (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) هو الكفر الأكبر .

فقوله تعالى (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)

إن ضمير الفصل حينما يقع بين المبتدأ والخبر فإنه يفيد اختصاص فائدة الخبر بالمبتدأ حصرا . فإذا قلنا مثلا : فلان طبيب فهذا يعني أنه يتصف بالطب ولا تنفي هذه الصيغة أن يكون غيره طبيبا مثله أو أكثر منه أو أقل . ولكن لو قلنا فلان هو الطبيب فإن هذه الصيغة تفيد بأنه وحده هو الطبيب أو أنه أكثرهم مهارة به . وهذه الصيغة ( صيغة المبتدأ والخبر الذَين يُفصل بينهما بضمير الفصل ) تفيد أن المبتدأ وحده دون غيره يتصف بهذا الخبر أو أن المبتدأ أكثر أمثاله اتصافا بالخبر . فإذا قلنا فلان هو الرجل فإن هذا يفيد أحد معنيين لا ثالث لهما . إما أنه هو وحده الرجل أو أنه أكثرهم رجولة . وعلى ذلك فإن معنى الآية الكريمة (فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) أن هؤلاء هم الكافرون من دون الناس أو أنهم أكثر الناس كفرا . وقد ذكر هذا صاحب تفسير الكشاف في معرض كلامه عن قوله تعالى (وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فيقول اختصهم وحدهم بالفلاح من دون الناس . وذُكر هذا في كتاب ( النحو الوافي ) بأن ضمير الفصل بين المبتدأ والخبر يدل على اختصاص فائدة الخبر بالمبتدأ . وهذا كثير في آيات القرآن كقوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا. . . وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى. . . )الآيات . . وكقوله تعالى :( فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ) . أي الوحيد . وكقوله تعالى : (وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا) أي أنه لا كلمة أعلى منها .. وقس على ذلك.


يتبع باذن الله : الرد على شبهة أن كلمة (الْكَافِرُونَ) في الآية هي ككلمة (كُفر ) في الحديث الشريف ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )

عابر سبيل
06-25-2008, 10:25 AM
الرد على شبهة أن كلمة (الْكَافِرُونَ) في الآية هي ككلمة (كُفر ) في الحديث الشريف ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )



أن كلمة (الْكَافِرُونَ ) في الآية محلاة بـ ( أل ) العهد وكلمة كفر الواردة في الحديث نكرة . والفرق بينهما كبير إذ أن (أل) تفيد هنا (الْكَافِرُونَ ) الكفر المعهود الذي هو ضد الإيمان وأما كلمة (كفر) في الحديث فهي نكرة أي أن قتاله كفر أيّ كفر ؟ الكفر الذي يرشدك إليه السياق والمقام والقرائن .





فلو قلنا مثلا : ذهبت لزيارة فلان فلم أجده فانتظرت قليلا فجاء ( رجل)


ولو قلنا : ذهبت لزيارة فلان فلم أجده فانتظرت قليلا فجاء ( الرجل)


ففي الجملة الأولى (رجل ) نكرة فهي تعني رجلا ما غير معروف


وفي الجملة الثانية ( الرجل) معرفة فهي تعني الرجل الذي قصدته بالزيارة قطعا ولا معنى آخر لها .





وهذا أيضا كقول النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه عن أن أكثر أهل النار النساء ( بكفرهن ) فسئل عليه الصلاة والسلام ( يكفرن بالله ؟ ) قال يكفرن العشير ... الحديث .


ولو كان لكل أحد أن يفسر كلمة (كفر) بما شاء دون ضوابط لكان لأي أحد أن يقول : إن كلمة (كفر) في قوله تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ..) هي كفر دون كفر .. وقس على ذلك ولصار الكفر ملعبة لكل مؤول ...!!







هذا بالإضافة إلى أن الآية نزلت في أهل الكتاب وأن القصد منها ابتداءً فيهم هو الكفر الذي عندهم والكفر الذي عندهم لا يختلف مسلمان على أنهم خارجون من الملة فالمعنى الأساس لها هو الكفر الأكبر باتفاق المسلمين .


ومما يُستأنس به أيضا في ذلك أن ابن تيمية رحمه الله تعالى حكم بكفر التتار الذين حكّموا ( الياسق ) – وهو كتاب لهم – فيما بينهم إلى جانب تحكيمهم القرآن ..وهو أعلم بقول ان عباس رضي الله عنه .








وكذلك ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) يقول : ( ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به الشارع من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى : من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكّم سواه في قليل ولا كثير قال تعالى أفحكم الجاهلية يبغون . أي يبتغون ويريدون وعن حكم الله يعدلون (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) أي ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به .. وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها . . الخ وهو رحمه الله أعلم منهم بقول ابن عباس رضي الله عنه ولكنه لم ينزله على هؤلاء لعلمه أنه لا ينطبق عليهم ..






يتبع باذن الله

al_muslim
06-26-2008, 06:15 PM
الأخ عابرسبيل السلام عليكم ورحمة الله

أرجو تصحيح الآية : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب... ألاية
بحذف الألف المقصورة بكلمة ( ترى)

عابر سبيل
06-26-2008, 07:04 PM
تم التعديل وجزاك الله خيرا .

عابر سبيل
06-26-2008, 09:51 PM
الرد على شبهة قولهم في المثال التالي :



قاض يحكم بالشرع هذا عادته ونظامه، لكنه في حكومة واحدة زلت به القدم فحكم بخلاف الشرع ، أي أعطى الحق للظالم و حرمه المظلوم ، هل هذا حكم بغير ما أنزل الله أو لا ؟ حكم بغير ما أنزل الله ، هل تقولون بأنه كُفر و ردة ؟ قالوا : لا ، قلنا : لم ؟ قالوا : لأن هذا صدر منه مرة واحدة ، قلنا : حسن ، صدر نفس الحكم مرة ثانية أو حكم آخر لكنه خالف الشرع أيضا ً ، فهل يكفر؟ أخذت أكرر عليهم ثلاث مرات ، أربع مرات متى تقول : أنه كفر ؟ لا تستطيع أن تضع حداً بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع.. الخ



أو مثل آخر: رجل عنده امرأتان فاختلفتا فحكم للتي يحبها على الأخرى مائلا لهواه وفي غير ذلك يحكم بما أنزل الله ، فهل تقولون أنه كفر وردة ؟؟



الجواب : إن الله تعالى لم يقل : ومن حكم بغير ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .

لأن الفعل الماضي ينطبق على المرة الواحدة , ولو كانت الآية هكذا : ومن حكم .. لما بقي مسلم داخل دائرة الإيمان لأنه ما من مسلم إلا وقد يحكم بغير ما أنزل الله خطأ أو غضبا أو ينجرف أحيانا مع هواه ، ولكن الآية (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) أتت بالفعل المضارع لأنه يفيد الحال والاستمرار . فالآية تعني أن الذي يكون دأبه وعادته ونظامه وديدنه دائما أنه لا يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .



ونضرب على ذلك مثلا : لو أن رجلا لا يعمل بالميكانيك وليس خبيرا به وتعطلت سيارته مرة فأصلحها بيده . فيصح أن نقول : فلان أصلح سيارة .. ولا يصح أن نقول فلان يصلح السيارات .. وهكذا الفرق بين الفعل الماضي والمضارع .



والحديث : . . وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ . رواه البخاري ...إن لفظة ( تروا ) الواردة في الحديث تفيد بأن الكفر الذي قد يصدر من الحكام هو أفعال وليس أقوال لأن الرؤية إنما تقع على الأفعال وليس على الأقوال . ولو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : إلا أن تسمعوا كفرا بواحا ..لكان عذرهم صحيحا ولكن بما أنه قال إلا أن تروا فهذا يعني إنما نرى منهم أفعالا كفرا ولو لم يصرحوا بألسنتهم .



يتبع باذن الله

عابر سبيل
06-27-2008, 05:25 PM
ثم إن تصوير مشكلة حكامنا اليوم أنهم أصحاب معاصي فحسب هو تصوير خاطئ بعيد جدا عن الحقيقة والواقع . وذلك أن حال الأمة اليوم بعد أن هُزمت في الحرب العالمية الأولى ودخل الصليبيون بلادنا أوائل القرن الماضي ولبثوا فترة ثم خرجت جنودهم ولكن هم لم يخرجوا بعد حتى الآن وطبعا هذا الموضوع معلوم من قبل الذين نقصدهم في بحثنا هذا لكن نريد أن نلفت النظر إلى أن أعداء هذه الأمة من يهود ونصارى ما يزالون هم الحكام الحقيقيون لبلادنا وهم كما أخبر الله تعالى لا يألون جهدا في محاربتنا وفي قتالنا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، همهم وهدفهم وغايتهم مباشرة هو إبعادنا عن ديننا وهم مستعدون لأن ينفقوا أموالهم ليصدونا عن سبيل الله ، فكيف وقد تمكنوا - بواسطة حكامنا - من أن يصدونا عن ديننا بأموالنا نحن ؟ هدفهم الأول هو فـتـنـتـنا عن ديننا ودفع شبابنا إلى الضلال والضياع والميوعة ثم إلى جهنم لإبعاد أمتنا عن المهمة التي كلفها الله تعالى بها ، وهم لا ينفذون ذلك مباشرة لامتصاص الحساسية الموجودة عند المسلمين ضدهم ولكنهم ينفذون ذلك . بواسطة أشخاص تم انتقاؤهم بعناية فائقة ليكونوا ممثليهم في ذلك علينا ، فحكامنا ولو كانت أسماؤهم محمد واحمد وعلي ولكنهم في الحقيقة هم أصابع الأحبار والرهبان من زعماء الصليبيين و اليهود .


إن غير هذه النظرة لحكامنا اليوم هو غباء وعمى وضلال في أحسن الأحوال لذلك . . فإننا لا يمكن أن ننتصر على اليهود ولا النصارى ، بل لا يمكن أن نرفع أذيتهم وفتنتهم عنا وعن أبنائنا وبناتنا { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} إلا بعد أن ننتصر على حكامنا نحن وإن أي عمل جهادي مادي أو معنوي يوجه ضد اليهود والنصارى بوجود حكامنا علينا لا ثمرة له – على صعيد الأمة – ولا يمكن أن ينتج أو يحسن من حال الأمة بل ولا يوقف انحدارها إلى الحضيض . إلا بعد إزاحة حكامنا والانتصار عليهم .




وجوب جعل ( لا إله إلا الله ) بمعناها الحقيقي وبهذا الوضوح قاعدةً فكرية في المجتمع قبل القيام بأي عمل مادي أو عسكري .

إنه بالإضافة إلى ما مر معنا في هذا الموضوع "في موقع آخر" تحت عنوان (حكم اغتصاب السلطة) نطرح الموضوع من زاوية توضيح ( لا إله إلا الله ) فنقول :




كي لا يُفهم أننا نعطل الجهاد أو يفهم طرحُنا فهما سيئا ، فإننا نذكّر أننا نرى أن الجهاد المسلح في سبيل الله واجب لا شك في وجوبه ولكن له شروط تعلقه بالذمة ويجب أن تسبقه مراحل لا يجوز القيام به قبل إيجادها ، فنطرح الموضوع بالصيغة التالية :



يتبع باذن الله ..

طرابلسي
06-27-2008, 05:45 PM
ثم إن تصوير مشكلة حكامنا اليوم أنهم أصحاب معاصي فحسب هو تصوير خاطئ بعيد جدا عن الحقيقة والواقع . وذلك أن حال الأمة اليوم بعد أن هُزمت في الحرب العالمية الأولى ودخل الصليبيون بلادنا أوائل القرن الماضي ولبثوا فترة ثم خرجت جنودهم ولكن هم لم يخرجوا بعد حتى الآن وطبعا هذا الموضوع معلوم من قبل الذين نقصدهم في بحثنا هذا لكن نريد أن نلفت النظر إلى أن أعداء هذه الأمة من يهود ونصارى ما يزالون هم الحكام الحقيقيون لبلادنا وهم كما أخبر الله تعالى لا يألون جهدا في محاربتنا وفي قتالنا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، همهم وهدفهم وغايتهم مباشرة هو إبعادنا عن ديننا وهم مستعدون لأن ينفقوا أموالهم ليصدونا عن سبيل الله ، فكيف وقد تمكنوا - بواسطة حكامنا - من أن يصدونا عن ديننا بأموالنا نحن ؟ هدفهم الأول هو فـتـنـتـنا عن ديننا ودفع شبابنا إلى الضلال والضياع والميوعة ثم إلى جهنم لإبعاد أمتنا عن المهمة التي كلفها الله تعالى بها ، وهم لا ينفذون ذلك مباشرة لامتصاص الحساسية الموجودة عند المسلمين ضدهم ولكنهم ينفذون ذلك . بواسطة أشخاص تم انتقاؤهم بعناية فائقة ليكونوا ممثليهم في ذلك علينا ، فحكامنا ولو كانت أسماؤهم محمد واحمد وعلي ولكنهم في الحقيقة هم أصابع الأحبار والرهبان من زعماء الصليبيين و اليهود .


إن غير هذه النظرة لحكامنا اليوم هو غباء وعمى وضلال في أحسن الأحوال لذلك . . فإننا لا يمكن أن ننتصر على اليهود ولا النصارى ، بل لا يمكن أن نرفع أذيتهم وفتنتهم عنا وعن أبنائنا وبناتنا { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} إلا بعد أن ننتصر على حكامنا نحن وإن أي عمل جهادي مادي أو معنوي يوجه ضد اليهود والنصارى بوجود حكامنا علينا لا ثمرة له – على صعيد الأمة – ولا يمكن أن ينتج أو يحسن من حال الأمة بل ولا يوقف انحدارها إلى الحضيض . إلا بعد إزاحة حكامنا والانتصار عليهم .




وجوب جعل ( لا إله إلا الله ) بمعناها الحقيقي وبهذا الوضوح قاعدةً فكرية في المجتمع قبل القيام بأي عمل مادي أو عسكري .

إنه بالإضافة إلى ما مر معنا في هذا الموضوع "في موقع آخر" تحت عنوان (حكم اغتصاب السلطة) نطرح الموضوع من زاوية توضيح ( لا إله إلا الله ) فنقول :




كي لا يُفهم أننا نعطل الجهاد أو يفهم طرحُنا فهما سيئا ، فإننا نذكّر أننا نرى أن الجهاد المسلح في سبيل الله واجب لا شك في وجوبه ولكن له شروط تعلقه بالذمة ويجب أن تسبقه مراحل لا يجوز القيام به قبل إيجادها ، فنطرح الموضوع بالصيغة التالية :



يتبع باذن الله ..



بارك الله فيك أبا عمر وبارك الله بالاخ عابر سبيل
وهو كما تفضلت : إن الجهاد في سبيل الله له شروطه وأركانه ولا يصح القول بالجهاد إن لم تسبقه تلك الشروط وأولها جهاد النفس عن المحرمات والامتثال لأوامر الشرع بالإعداد الإيماني ليلحقه تباعا الإعدادي المادي وتمكين العصبة ذات القوة القادرة على تغيير هذا المنكر دون أن يترتب عليه ما هو أشد منه نكارة من سفك دماء في غير محلها
كما أنه لا يمكن قتال يهود الخارج بداية قبل البدء بيهود الداخل ليأمن المؤمن مكرهم ويحمي ظهره من غدرهم فإن لم نقم بذلك فسيصبح أي انتصار لهذه العصابة المؤمنة يصب في مصلحة الطاغوت الذي يرفع راية الكفر عاليا ولا يهمه دين الإسلام بشيء ما عدا شعاراته الرنانة وهو بالأصل يتحاكم لدساتير الغرب الكافر هذا إن كانت ديدنه أصلا شعار الإسلام

عابر سبيل
06-28-2008, 09:29 PM
وفيك بارك الله أخي طرابلسي.
*********************************** ***********





كي لا يُفهم أننا نعطل الجهاد أو يفهم طرحُنا فهما سيئا ، فإننا نذكّر أننا نرى أن الجهاد المسلح في سبيل الله واجب لا شك في وجوبه ولكن له شروط تعلقه بالذمة ويجب أن تسبقه مراحل لا يجوز القيام به قبل إيجادها ، فنطرح الموضوع بالصيغة التالية :



( متى ننتقل من الدعوة إلى الجهاد المسلح ؟ )

أو ( متى يتعلق الجهاد المسلح بالذمة ؟ ) .



(. . . لَمْ يـَبـْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلامَ . . . ) إن هذه الجملة من الحديث الذي بعثه مصعب ين عمير إلى النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون قاعدة نقيس عليها مستوى المجتمعات وبحسبها نحكم على المجتمع ما إذا كان صالحا لأن يقبل حكم الإسلام أم لا .


وإذا كنا نعني ما نقول عن ( لا إله إلا الله ) وعن إفراد الله تعالى وحده بالعبودية ونعني ما نقول بالنسبة للطواغيت والكفر بها وتجنبها وإظهار العداء لها ونعني ما نقول عن الولاء والبراء وو . . . وعيا وعلما وعملا .

فهل نستطيع أن نقول في مجتمع من المجتمعات الإسلامية اليوم أنه لم يبق دار أو بيت في ذلك المجتمع إلا وفيه رهط يعون على ( لا إله إلا الله ) بهذا المدلول ويعون على الطواغيت الموجودة اليوم ويتخذون منها الموقف الشرعي ويظهرون ذلك . . . إلى آخر ما تعنيه وما تقتضيه ( لا إله إلا الله ) ؟؟ الجواب بالطبع لا . ولأن الجواب (لا) سقطت الخلافة ولأن الجواب (لا) فشلت الحركات الإسلامية وطالما أن الجواب هو (لا) فلن تقوم خلافة راشدة .



إن التقصير أو الغفلة عن هذا الأمر قد جعل الأمة تستنزف الكثير من الطاقات والدماء في غير محلها ، بل وأدت إلى إيجاد سلبيات كثيرة في الأمة على مدى القرن الأخير بسبب استعجال أصحاب الحركات الإسلامية والدعاة بالقفز إلى العمل المسلح قبل خوض المعركة فكريا وقبل إيجاد قاعدة وأرضية صالحة لحمل هذه الدعوة . أو قبل معالجة الخلل الذي كان سببا لهبوط الأمة وسقوط الخلافة ، فكانت النتيجة دائما سلبية فإما أن ثمرة هذا العمل ( العمل المسلح ) كانت تُقطف من قِبل الكفار وإما أن هذا العمل كان يفضي إلى الفشل الذريع ويترك وراءه سلبيات عديدة في نفوس الناس والمسلمين و واقعهم .

ومعذرة إلى القارئ الكريم من التفصيل والتطويل في هذا الموضوع لأنه من أهم ما تعانيه الأمة اليوم في عملها للقيام من كبوتها . إن الذي يظن أن الدولة الإسلامية أو الخلافة هي مجرد استيلاء بعض المسلمين على السلطة والحكم هو مخطئ خطأ فادحا .


إن الخلافة ليست مجرد تنصيب خليفة وليست مجرد تغيير عَلَم الدولة أو اسمها أو أو . . . إن الخلافة الإسلامية هي وجود الإسلام واقعا متجسدا في المجتمع .


إن الخلافة هي كونُ الإسلام الحاكمَ الوحيد الظاهر في المجتمع ، واسمعوا أيها الدعاة ((( إن هذا لا يمكن أن يوجد ابتداء قسرا بقوة السلاح بين الناس ))) ولم يبتدىء في تاريخ البشرية قسرا في أي مجتمع .

إن هذا أمر لا يمكن أن يوجد في المجتمع إلا برضى الناس أو برضى ( الأعز أو الأكثر منهم ), فإن عجزنا عن إقناعهم بعد قيامنا بواجب ( البلاغ المبين ) فـ (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) و (وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) إنا لا نملك تجاه هذا الأمر من الله تعالى شيئا سوى الدعوة والصدع وبيان الحق ، وهذا – أي الصدع بالحق – ما لم يحصل بعد في مجتمع من المجتمعات الإسلامية كما يجب وعلى مستوى المجتمع , وكما أسلفنا فإنه لم تقم بعد دعوة إسلامية متركزة على العقيدة بوضوح وبساطة مبلّغة للمجتمع البلاغ المبين قارعة سمعه وبصره ومشبعة دعواها بالحجج والبراهين الصحيحة في كافة ما تقتضيه الدعوة .

ونحن لا نقصد بأنه لا يوجد من يعي على العقيدة والدعوة .. بل يوجد ولكنهم أفراد قليلون جدا ولضعفهم وقلتهم فإن صوتهم وتبليغهم لم يكن على مستوى المجتمع لأن الطواغيت سرعان ما تكتم هذه الأصوات مستعينة بـ (علمائها) الذين هم أعتى عقبة في وجه الدعوة الإسلامية الصحيحة الكاملة . ومما يزيد الطين بلة والأمر سوءا هو قيام المتحمسين والمستعجلين بالعمل المادي الأجوف الذي لا يرتكز على وضوح العقيدة . فيوجد للطاغوت ما يشتهي من الأعذار لقمع الدعاة المخطئين وغير المخطئين ، ويصرف الأمر بهذا العمل عن فتح العيون والآذان والأفئدة تجاه هذه الدعوة وما تحويه من خطاب .

وباستعراضنا لبعض أبرز الحركات الإسلامية وأشهرها التي قامت في القرن الأخير فإننا نجد أن السبب الرئيسي والوحيد لإخفاق هذه الحركات هو الفقر الإيماني والخواء الفكري والضلال عن حقيقة ( لا إله إلا الله ) .


فمثلا حركة الإخوان المسلمين في مصر لم تكن تفتقد لا للعدد ولا للقوة . وإنما لم يكن رجالها على المستوى العقيدي والفكري المطلوب ويتبين ذلك من دراسة سيرتهم وكتبهم فمطالبهم لم تكن تختلف كثيرا عن مطالب أي معارضة لأي دولة فهي تتكلم عن البطالة ، فرص عمل ، بناء مدارس ومساجد ، . . . الخ ، فليس فيها كفر بالملك والملكية وليس فيها مطالبة قوية وجدية بإفراد الله تعالى وحده بالحكم وإعلان خلافة وتحرير باقي البلاد العربية من حكم الطواغيت .. والحركة ككل لم تكن تعني بالفكر على المستوى المطلوب فكثير من رجالها صوفيون وليس فيهم من الإسلام إلا ما يفرز المجتمع المصري قبل قيام الحركة.. فهم متأثرون بالإسلام الموجود في المجتمع أكثر مما أثروا هم في اسلام المجتمع .



قد يتبع ..باذن الله

مقاوم
06-29-2008, 07:42 AM
قد يتبع ..باذن الله

أسأل الله أن تكون "قد" التحقيقية لا التعليقية!!

al_muslim
07-04-2008, 07:57 PM
إن شاء الله سوف يتبع بإضافة أخر الكتاب .

ويبقى بعد ذلك التنفيذ

طرابلسي
07-05-2008, 06:41 PM
أكمل أنت أبا عمر
فالأخ عابر سبيل غير متواجد هذه الأيام
نسأل الله لنا وله الثبات حتى الممات على الحق الذي لا تشوبه شائبة

al_muslim
11-13-2011, 06:21 PM
وكذلك حركة الإخوان أو الثورة التي قامت في سوريا نفس المرض أبان حكم حافظ الأسد , وكذلك حركة التوحيد في لبنان لم تغير من حال رجالها إلا اللحى واللباس وإثارة مشاعر فقط ومع أنهم كان لديهم فرصة كبيرة إذ أنهم حكموا حوالي سنتين ومع ذلك فإنهم لم يتعرضوا خلال هذه المدة لا لبرامج التعليم المقررة من قبل وزارة التربية ولا للإعلام ولم يناقشوا الحكم والقضاء ولا لأي منكر أساسي في تصنيع الفكر وإيجاد العقيدة والإيمان الصحيح . بل تعرضوا لبعض القشور والمظاهر .. وفاقد الشيء لا يعطيه . وكذلك حركة جهيمان في السعودية لم تعمل لإيجاد أساس وقاعدة عند الناس لعملها ولم تعرّف المجتمع على نفسها وعلى فكرها كما أنها لم تخض مع المجتمع السعودي صراعا فكريا ولم تفتعل ثورة نقاشات وأسئلة مع الملإ على مستوى المجتمع .. وهذا من أخطائهم أنهم لم يبدؤوا بصراع فكري علني مع المجتمع السعودي كما فعل الأنبياء جميعا عليهم صلوات الله تعالى . وهذه أفغانستان قد أضاعت كل هذه الدماء والجهود ولم تؤت الثمرة لأنها أهملت تثبيت معاني العقيدة , وهي مليئة بالصوفيين . وقد قرأت موضوعا من كتاب ( شهر بين العمالقة ) للدكتور عبد الله عزام رحمه الله تعالى يبين هذا الموضوع بذرة الخطأ في مثل هذه الحركات العسكرية دون إيجاد ( لا إله إلا الله ) قاعدة فكرية عند الناس أو على الأقل عند قسم كبير من الناس يقول الدكتور عبد الله عزام أنه كان ينصح الأخوة العرب القادمين للجهاد في أفغانستان بأن لا يصلّوا أمام الناس صلاة تخالف مذهب أبي حنيفة لأن هذا يجعل الأفغان يتخذون موقفا سلبيا منهم ولا يقبلون منهم بعدها كلاما ولا نصيحة ولا ثقة .. تأمل أخي كيف أنهم يهيمون في جهل لا يمكن معه أن تقول لهم قال الله وقال رسوله ولا يقبلون إلا ما وجدوا عليه آباءهم من الدين . وهذا يدل على أن الإيمان والعقيدة عندهم في حال مزرية هذا عند المقاتلين منهم فكيف عند بقية الناس ؟؟ أين حزب المهاجرين أين حملة الدين وحماته ؟ أين الذين سيحكمون بما أنزل الله تعالى وهم لا يقبلون ما أنزل الله تعالى إذا خالف ما ألفوه عن آبائهم ؟؟؟ لذلك فإنه لا يمكن أن نفعل ضد حكامنا اليوم شيئا بالقوة إلا بعد زعزعة الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي عملوا منذ عشرات السنين على زرعها فينا والتي أدت إلى تزوير حقائق ومفاهيم يقودوننا بها إلى تدمير أنفسنا وأسرنا وأمتنا باسم الوطن والإصلاح و التقدم والحرية والمساواة وما شاكل ذلك من شعارات مستحدثة جوفاء ويجعلون بواسطتها أبناء هذه الأمة جنودا عندهم وخدما بخبث يشبه السحر ،

طرابلسي
11-15-2011, 03:07 AM
أحسنت أبا عمر بارك الله فيك

مقاوم
11-15-2011, 05:23 AM
لا والله لم يحسن أبو عمر يا ابا عمر ... الكلام فيه تنظير ومثالية بعيدة عن فقه الدعوة المستقى من منهج نبينا صلى الله عليه وسلم وفهم سلفنا الصالح.

بعدين وين هالغيبة يا حلو؟

طرابلسي
11-15-2011, 05:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي مقاوم عساك بخير وعافية فقد اشتقنا إليكم بجد وخصوصا بلال زمان ما شاهدته ...
وبعد : أم أنه جانب الصواب فأخالفك بهذه
لأن الأصل هو الاتباع والاتبعا لا يكون إلا بسيرة المصطفى وسيرة المصطفى أخبرتنا أن الطرق الملتوية لا تؤدي إلى إصلاح
فالاصلاح يبدأ بالتوحيد كما جاء به نبينا محمد وكماترجمه الصحابة بعدم موالات من حاد الله ورسوله وبعدم المداهنة على حساب التوحيد الخالص لله تعالى ومن قرأ سنن الله في خلقه لعلم أن النصر لا يأتي إلا بعد تحقيق التوحيد في نفوس العباد ليصبح هذا المكون الموحد لبنة صالحة لبناء صرح الاسلام وفق ما جاء به نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام ..
واما حركة التوحيد فنحن أهل مكة ونحن ادرى بشعابها
وأما الاخوان المسلمون فطاماتهم ما زالت مسطورة في كتيباتهم وأفعالهم على مر الزمان
أما الجهيمان فلا أدري عنه شيئا وليس هو أو غيره نقطة البحث بل المنهج الذي يجب أن يكون عليه الداعي إلى الله ...
هذا والله أعلم

مقاوم
11-17-2011, 03:36 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
والله اشتقنا يا بو عمر ...
أخي الحبيب
لا خلاف بيننا على أن التوحيد هو رأس الأمر وأساسه والأرضية الصلبة والأصل الثابت التي يبنى عليه كل شيء، وهو يجب أن يكون عقيدة راسخة فيمن يدعيه وهو أصل صلاح العمل وقبوله إن كان خالصا وصوابا. كما لا اختلاف على تقييم حركة التوحيد ومنهجها وتخييبها لآمال العديد منا أو تخبيصات الإخوان العقائدية والسياسية. مشكلتي مع ما أورده أخونا تكمن في هذا النص :
"وهذه أفغانستان قد أضاعت كل هذه الدماء والجهود ولم تؤت الثمرة لأنها أهملت تثبيت معاني العقيدة , وهي مليئة بالصوفيين . وقد قرأت موضوعا من كتاب ( شهر بين العمالقة ) للدكتور عبد الله عزام رحمه الله تعالى يبين هذا الموضوع بذرة الخطأ في مثل هذه الحركات العسكرية دون إيجاد ( لا إله إلا الله ) قاعدة فكرية عند الناس أو على الأقل عند قسم كبير من الناس يقول الدكتور عبد الله عزام أنه كان ينصح الأخوة العرب القادمين للجهاد في أفغانستان بأن لا يصلّوا أمام الناس صلاة تخالف مذهب أبي حنيفة لأن هذا يجعل الأفغان يتخذون موقفا سلبيا منهم ولا يقبلون منهم بعدها كلاما ولا نصيحة ولا ثقة .. تأمل أخي كيف أنهم يهيمون في جهل لا يمكن معه أن تقول لهم قال الله وقال رسوله ولا يقبلون إلا ما وجدوا عليه آباءهم من الدين . وهذا يدل على أن الإيمان والعقيدة عندهم في حال مزرية هذا عند المقاتلين منهم فكيف عند بقية الناس ؟؟ أين حزب المهاجرين أين حملة الدين وحماته ؟ أين الذين سيحكمون بما أنزل الله تعالى وهم لا يقبلون ما أنزل الله تعالى إذا خالف ما ألفوه عن آبائهم ؟؟؟ لذلك فإنه لا يمكن أن نفعل ضد حكامنا اليوم شيئا بالقوة إلا بعد زعزعة الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي عملوا منذ عشرات السنين على زرعها فينا والتي أدت إلى تزوير حقائق ومفاهيم يقودوننا بها إلى تدمير أنفسنا وأسرنا وأمتنا باسم الوطن والإصلاح و التقدم والحرية والمساواة وما شاكل ذلك من شعارات مستحدثة جوفاء ويجعلون بواسطتها أبناء هذه الأمة جنودا عندهم وخدما بخبث يشبه السحر "
وهي متشعبة إلى ثلاث شعب:
1- لا شك أن قضية الجهاد في أفغانستان شابها الكثير من الأخطاء وهذا أمر حتمي لا بد منه في أي عمل بشري لكن العبرة بالخواتيم وقضية أفغانستان لم تنتهي بعد ومن المبكر بل والإجحاف بحقها أن نحكم عليها الآن فجهود المخلصين ودماء الشهداء لن يضيعها الله أبدا و"تثبيت معاني العقيدة" لم يهمل كما أشار أخونا بل تم قطع أشواط واسعة في هذا المجال لا يعرفها إلا من عاشها وعمل فيها وخَبِر أمورها عن كثب لكن يجب علينا أن ندرك أن ثمرتها لم تينع تماما بعد.

2- يجنح العديد من دعاتنا السلفيين إلى التستر "بالتوحيد" واستخدام ذلك كرأس حربة للطعن في عقائد العامة وكأن ذلك يعطيهم توقيعا على بياض في تسفيه أحلام الآخرين والاستخفاف بعقولهم وعدم محاولة فهم منطلقاتهم وحقيقة معتقدهم في مخالفة واضحة وصريحة للسنة النبوية والهدي النبوي في الدعوة إلى الله سيما وأننا نعيش جاهلية جديدة تحت نير تغييب شرع الله عن الحكم لا يصلح معه إلا ما صلح في صدر الإسلام وهو العمل بمقتضى ومدلول قول الله عز وجل: "وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " ويندرج تحت هذا مفاهيم وأعمال كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر: الإحاطة بأكبر قدر ممكن من المعلومات عن المدعو وذلك لاستبيان أفضل وأنجع الطرق في دعوته ومخاطبته بما يعقل. التدرج في الدعوة عملا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عندما أرسله إلى اليمن. فإن صح تشبيه الأخ للأفغان بالكفار من حيث تمسكهم بما وجدوا عليه أباءهم من جهل فمن باب أولى أن يصح اتباعنا لمنهج الدعوة إلى الله في فجر الإسلام. والأفغانيون شعب بسيط كريم شهم ثار في وجه أعتى قوى الأرض العسكرية دفاعا عن دينه فيستحقون منا عناية خاصة في تعليمهم أمور دينهم بشكل صحيح وأن نبذل في سبيل ذلك الجهود والأموال والأوقات لمن بذلوا أرواحهم على مدى 32 عاما متواصلة. وقد استعجل بعض طلبة العلم الثمرة هناك فأفسدوا من حيث أرادوا أن يصلحوا ولم يعتنوا بدراسة الشعب الأفغاني وعاداته ومفاهيمه كي يتمكنوا من تغييرها بشكل حكيم وسليم.

3- أما الشعبة الثالثة فموضوع انتقاد الثورات التي تعصف بالأنظمة الطاغوتية في شرق الأمة وغربها من باب أنه " لا يمكن أن نفعل ضد حكامنا اليوم شيئا بالقوة إلا بعد زعزعة الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي عملوا منذ عشرات السنين على زرعها فينا" فهذا كذلك لا يستقيم نقلا ولا عقلا، لأننا نجد في السيرة النبوية الشريفة أن النبي صلى الله عليه وسلم سيّر أقواما حديثي عهد بالإسلام لقتال المشركين واستشهد بعضهم ولم يركع لله ركعة ولم يأمرهم بالقعود لاستكمال أمور دينهم وعقيدتهم كما يفهم من كلام الأخ أبو عمر أعلاه والمنطق والعقل يمليان علينا في مثل هذه الظروف بدفع المفسدة المحققة والضرر اليقيني وأعني هنا إزالة النظام الطاغوتي وجلب مصلحة وإن كانت ظنية مثل تحكيم شرع الله أما إن أخذنا بقولك على أنه استبدال نظام فاسد بآخر فاسد كذلك (ديمقراطي مثلا) فنعمل بقاعدة دفع أكبر المفسدتين وهي هنا يقينا النظام الطاغوتي الحالي.

al_muslim
11-19-2011, 01:25 AM
الأخ مقاوم السلام عليكم ورحمة الله
أخي مقاوم كل الأخطاء بشرية وهل هناك أخطاء بشرية وأخطاء ملائكية ؟؟
بسبب هذه الأخطاء البشرية تأخر النصر ونحن نتناصح مع إخواننا لنرتقي إلى حالة نستأهل فيها نصر الله تعالى
أم أنك تظن أنهم يستأهلون نصر الله والله تعالى ( حاشاه) مخلف معهم وعده ؟؟
أم أن الله تعالى سلبهم الملك في أفغانستان أو غيرها ظلما بغير سبب
وهل نحسن الظن بالمجاهدين ونسيء الظن بالله تعالى
إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حينما عوقبوا في أحد قالوا ( أنى هذا ) ولم يقولوا ( فلننتظر عشر سنين أو مائة سنة لنرى هل ننتصر أم لا )
وقد أجابهم الله تعالى أنه بسبب معصيتهم ,
أنظر قول سيد قطب رحمه الله تعالى : ..... فلن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً .
وهذه حقيقة لا يحفظ التاريخ الإسلامي كله واقعة واحدة تخالفها وأنا أقرر في ثقة بوعد الله لا يخالجها شك ، أن الهزيمة لا تلحق بالمؤمنين ، ولم تلحق بهم في تاريخهم كله ، إلا وهناك ثغرة في حقيقة الإيمان . إما في الشعور وإما في العمل - ومن الإيمان أخذ العدة وإعداد القوة في كل حين بنية الجهاد في سبيل الله وتحت هذه الراية وحدها مجردة من كل إضافة ومن كل شائبة - وبقدر هذه الثغرة تكون الهزيمة الوقتية؛ ثم يعود النصر للمؤمنين - حين يوجدون
وليس بيننا وبين النصر في أي زمان وفي أي مكان ، إلا أن نستكمل حقيقة الإيمان . ونستكمل مقتضيات هذه الحقيقة في حياتنا وواقعنا كذلك . . ومن حقيقة الإيمان أن نأخذ العدة ونستكمل القوة . ومن حقيقة الإيمان ألا نركن إلى الأعداء؛ وألا نطلب العزة إلا من الله

مقاوم
11-19-2011, 06:31 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبا بالأخ "المسلم" ... لو علمت أن الاستفزاز سيعيدكم إلى المنتدى لفعلتها منذ زمن :)

أخي الكريم
ردك أعلاه يكتب بماء الذهب .... لولا بعض الدخن الذي شابه.

ابتداءا، لو أعدت قراءة البند الأول في ردي لأدركت أنك كررت ما كتبته أنا حيث أكدت على حسن ظننا بالله تعالى ويقيننا بتحقيق وعده لكن المسألة بحاجة إلى صبر وعدم استعجال الثمرة مع استكمال جهود تحقيق التوحيد.

ثانيا، قولك "إلا أن نستكمل حقيقة الإيمان . ونستكمل مقتضيات هذه الحقيقة في حياتنا وواقعنا كذلك . . ومن حقيقة الإيمان أن نأخذ العدة ونستكمل القوة" بحاجة إلى توضيح أو تصحيح. وهو بالضبط ما أشرت إليه في البند الثالث. فالله عز وجل أمرنا بالإعداد قدر المستطاع ولم يأمرنا "باستكمال" القوة. وتتجلى هذه الحكمة الربانية من خلال دراستنا لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه. فالمسلمون لم يستووا مع أعدائهم في عدد ولا عدة في أي من معارك الإسلام الفاصلة ولو صحت مقولة "استكمال القوة" لما خاضوا معركة واحدة ولا قاتلوا عدوا قط!!

أما استكمال حقيقة الإيمان فهي مسألة قلبية لا يعلمها إلا الله ولا سبيل إلى قياسها. وقد شهد النبي صلى الله عليه للجارية بالإيمان بمجرد قولها "في السماء" فلا داعي أن نعقّد الأمور كثيرا سيما وأن الأحداث لا تمهل والأيام حبلى و"لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا "

مقاوم
11-19-2011, 01:49 PM
كتب مصطفى الكومي

قمت بتنزيل مشاركة فيديو للشيخ علي بلحاج على أحد المواقع , تؤيد ما قام به ثوار العرب ضد جلاديهم , ويرد فيها بالكتاب والسنة على محرمي المظاهرات , فقام أحد المؤيدين للقعود عن جهاد الظالمين وكتب هذا التعليق " قبل أن نقوم بمظاهرات فلنتعلّــم التوحيد أوّلا و لنبدأ بإصلاح أنفسنا… إخوتي لو أقمنا دولة الاسلام في أنفسنا لقامت على الأرض.. ولا تنسوا " كما تكونوا يولى عليكم" إخوتي لنرسّخ التوحيد في قلوبنا و نجاهد أنفسنا و نطلب العلم بجدّ و نصلح من حال أنفسنا " استفزني هذا الرد بعد أن تردد على مسامعي رد آخر مثله يقول " كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة " ردا على مقالة لي تدعو إلى توحيد صفوف الحركات الإسلامية ضد أعدائهم , فكتبت وقلت "وكأنه لا يوجد صالحين في هذه الدنيا , وكأن مليار وخمسمائة مليون مسلم لا يوجد فيهم مليون موحد , وكأننا كفار يدعوننا إلى التوحيد , إن الذين يؤجلون الإصلاح بعد كمال الإيمان يفترضون أننا كفار ويمنحون الفرصة للظالمين لكي يزدادوا ظلما , ويمدون في عمر شجرة الظلم لتظلل بلهيبها أكبر عدد ممكن من الناس خدمة لكل ظالم , يقدمون كلام الشيوخ على كلام الرسول , الذي قال بلغوا عني ولو آية والذي قال من رأى منكم منكرا فليغيره وكأنهم يستدركون على كلام الرسول ويغيرون الكلم عن مواضعه ويضيفون إليه ما يخرجه من معناه , وكأنهم يقولون أن الرسول يقول: بلغوا عني ولو آية بعد ترسيخ التوحيد في قلوبكم وكأنهم يقولون أن الرسول يقول :من رأى منكم منكرا فليغيره بعد أن يطلب العلم بجد ويصلح أولا من حال نفسه , يا خادم الظالمين "تذكر قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) الحجرات

لقد أمرنا الله تعالى جميعا بالجهاد وقال " انفروا خفافا وثقالا " وقال "قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " ولكن في طلب العلم قال " فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)التوبة.. الله أمر (كل الناس) بالجهاد وأمر (بعض الناس) بطلب العلم ـ طائفة من كل فرقة ـ … لا أظن أن الذين يريدون كل الناس أن يقعدوا أمامهم للتعلم هم يعدونهم لمعركة الحق والباطل .. أبدا بل يعدونهم لمعركة فكرية تفريقية للمسلمين هم يعدونهم للمعارك الداخلية ليتم للظالمين سياستهم في " فرق تسد" .

الم تروا صور الثوار وهم راكعين وساجدين في ميدان التحرير هل هؤلاء فاقدي العبودية؟ هل الذي رأى ظلما مستشريا فقام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه هل هذا ناقص إيمان ؟ أم الذي رأى المنكر فقعد متعللا بنقص الإيمان والعلم هل يتساوى إيمان الاثنين ؟؟؟؟؟؟ لا أظن أن يستوي القاعدون غير أولي الضرر والمجاهدون !!

هذه كلمة حق أريد بها باطل , أؤمن أن العقيدة مقدمة على العمل , ولكن العقيدة لا تحتاج إلى أكثر من ساعة تفكر وتدبر ولتعلن بعدها إيمانك , قد تحتاج من بعض الناس إلى سنين,ولكن الإعلان عنها لا يحتاج إلا إلى ثوانا معدودات , ألم يرد أن عمرو بن ثابت بن وقش الأنصاري _رضي لله عنه_ قد آمن في غزة أحد ودخل المعركة وجرح ثم استشهد ولم يركع لله ركعة واحدة ـ هكذا وصفه في كتب الحديث ـ إن كان فهم السلف مقدم على قال الله وقال الرسول فهل تقبلون جهاد خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة في فتح مكة بعد سنة واحدة فقط من إسلامهم وإعلان توحيدهم .


أعتقد أن الجبناء وفاقدي الشعور بألم المستضعفين ضحايا الظلم يجدون الدعوة للقعود مريحة لأنفسهم المستكينة إلى الراحة والراغبة في سلامة البدن ووجاهة المعيشة , غير أنهم يحتاجون التبرير الشرعي ليظنوا أنهم مرتاحي الضمير , إن اتهام المسلمين بفقدان التوحيد أو الجهل لهو نوع من النرجسية والإعجاب الزائد بالنفس والتعالي على الآخرين والإحساس بتضخم الذات وعليهم أن يتبينوا ماذا يقولون"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا "(النساء94)
هل كان المطلوب من الثوار أن يلبسوا الجلباب القصير واللحية المتوفرة أولا ثم يستأذنوا شيوخهم فإن أذنوا لهم وأحلوا لهم الثورة فليذهبوا و إلا فلا هل هذا ما تريدون .

يجب أن نراجع أفكارنا ونردها إلى الكتاب والسنة ونعرضها على ممارسات كل الصحابة خير السلف فما اتفق منه مع كتاب الله ورسوله قبلناه وما تعارض فكلام الله ورسوله أولى بالإتباع , وألا نقتطع النصوص ونفككها من بعضها ونأخذ هذا ونترك هذا أو نصحح الضعيف ونضعف الصحيح ليميل مع أهوائنا فذلك مسلك اليهود الذي حذرنا الله منه " يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا"

صرخة حق
11-19-2011, 06:11 PM
فقام أحد المؤيدين للقعود عن جهاد الظالمين وكتب هذا التعليق " قبل أن نقوم بمظاهرات فلنتعلّــم التوحيد أوّلا و لنبدأ بإصلاح أنفسنا…



هذه كلمة حق أريد بها باطل

تعبنا من كثرة الأبالسة التي تحاول تلبيسنا بما تشاء