تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأنفاق.. أسلوب المقاومة العصي على الاستئصال



مقاوم
02-29-2008, 03:42 PM
الأنفاق.. أسلوب المقاومة العصي على الاستئصال
كتب أ.عدنان أبو عامر

http://qawim.net/exq.gif تعتبر حرب الأنفاق أحد أهم وأخطر الأساليب العسكرية التي استخدمتها المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فعلاوة على كونها أسلوباً جديداً شق طريقه إلى قلب المعادلة الكفاحية، وحفر لنفسه موقعاً متميزاً في سلك العمل العسكري المقاوم، فإن البعد النوعي والاستراتيجي الذي يمثله، وما يحققه من آثار بشرية ومعنوية، يشكل تهديداً بالغاً وتحدياً منقطع النظير للآلة العسكرية الإسرائيلية المدججة بكافة آليات الحرب الفتاكة، والنظريات الأمنية التي يضرب بها المثل في اختزان كافة وسائل وإجراءات الحماية والوقاية واستباق ضربات الخصم، مما يدلل على حجم المأزق الذي عاشته المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على وقع هذا التطور الفلسطيني المقاوم.

وتكمن خطورة أسلوب الأنفاق في ابتعاده عن ظروف وإجراءات المواجهة التقليدية، واعتماده على مفاجأة العدو بضربة عنيفة قاتلة، لا تدع له فرصة للنجاة والإفلات، أو تتيح له إمكانية المواجهة والتصدي والرد بالمثل، فهو أسلوب يعتمد على العمل الهادئ الذي يتم بموجبه حفر نفق أو أنفاق تحت الأرض، بوسائل ومعدات بسيطة، والمثابرة على العمل دون ضجيج، وفق إحداثيات جغرافية معدة سلفاً، دون أي ظهور مباشر على سطح الأرض، مما يحرم الاحتلال إمكانية التعامل مع هذا الموضوع، وإحباط المخطط الفلسطيني، أو التصدي له حال التنفيذ، كونه يعتمد على عامل المفاجأة الذي يربك العدو من خلال تفجير أو تفجيرات فورية متتابعة تحقق مبتغاها، وتنشر الموت والدمار في الموقع أو المكان المستهدف، وتوقع فيه أفدح الخسائر والعواقب.

أبرز عمليات حرب الأنفاق:

وحسب المعلومات المتراكمة لدى أجهزة المخابرات الإسرائيلية فإن "الحفارين" المتخصصين بحفر الأنفاق يعتادون النزول إلى باطن الأرض بعد فترة طويلة من عدم شربهم للماء حتى لا يعرقوا، لأن العرق قد يتسبب بانهيار النفق أثناء العمل، ويتم الحفر بشكل عام بواسطة جهاز ميكانيكي وليس كهربائي حتى لا يصدر الضجيج، ويرتكز جهاز الحفر على سلسلة تشبه تلك الموجودة في الدراجات الهوائية حيث تقوم بتحريك قطع حديدية تحفر الرمل، وأثناء تشغيل الماكينة ينام الرجل على ظهره، ويقوم بتحريك الدعاسات، وحقيقة أن الحفر يتم بعضلات الأرجل وهي الأقوى في عضلات الجسم، وتمكن من الصمود طويلا حتى يحتاج الشخص للقيام، ولضمان عدم حدوث انهيارات داخل النفق خلال وبعد حفره، غالبا ما يتم استخدام شكل مستطيل من الخشب المقوى لمنع حدوث أي انزلاقات رملية متوقعة.

ويلاحظ المراقبون أن قوى المقاومة كثفت في الآونة الأخيرة من انتفاضة الأقصى عملياتها من خلال أنفاق حفرتها، في ظل صعوبة الوصول إلى المواقع العسكرية الإسرائيلية، بسبب التحصينات الكبيرة، واستخدام التكنولوجيا المتطورة في حمايتها، وقد اكتشفت قوات الاحتلال خلال أشهر ثلاثة فقط اثني عشر نفقاً، وعلى ضوء ذلك هدمت عشرات المنازل القريبة من الشريط الحدودي، وسبقتها السلطة الفلسطينية باكتشاف وتدمير ما يزيد على 25 نفقاً، مما جعل القيادات العسكرية لجيش الاحتلال تصف ظاهرة الأنفاق بأنها "أنبوب الأكسجين للنشاطات المعادية"، ومن أهم العمليات التي نفذتها قوى المقاومة ضمن ما أسمته دولة الكيان حرب الأنفاق:

1- أول استخدام للأنفاق خلال انتفاضة الأقصى كان في 26 أيلول2001، حينما فجرت كتائب القسام عبوة كبيرة أسفل موقع "ترميت" العسكري قرب بوابة صلاح الدين في رفح على الحدود المصرية،
2- تلاها عملية في 13 كانون أول 2003 أسفل موقع "حردون" العسكري في حي يبنا برفح، على الحدود المصرية الفلسطينية بكمية كبيرة من المتفجرات،
3- في 28 يونيو 2004 نفذت المقاومة عملية موقع محفوظة "أورحان"، باستخدام 2000 كغم من المتفجرات، بعد أن قامت بحفر نفق يبلغ طوله 495 متراً من منطقة آمنة، إلى أن تم الوصول إلى نقطة تقع أسفل الموقع العسكري تماماً، وقد بدأ الحفر في الخندق على عمق سبعة أمتار تحت الأرض وانتهى بعمق 80 سم تحت مستوى الموقع العسكري".
وأوضحت كتائب القسّام "أن الوحدة قامت بتفريع النفق إلى ثلاثة أفرع (شرق-وسط-غرب) وتوزيع العبوات الناسفة عليها، حيث تم وضع عبوة شديدة الانفجار، تزن 650 كجم شرقاً، وعبوة أخرى تزن 700 كجم غرباً، وعبوة ثالثة في الوسط تزن 650 كجم، ليصل مجموع المادة المتفجرة في هذه العملية إلى 2000 كجم"، مشيرة إلى أنه تم تفجير العبوات على مرحلتين، حيث انفجرت العبوتان الشرقية والغربية معاً، ومن ثم انفجرت العبوة الثالثة بفارق 15 ثانية بين المرحلتين.
4- تلا ذلك عملية النفق التي نفذت مساء الأحد 12 ديسمبر 2004 قرب معبر رفح والتي تبنتها كتائب القسام وصقور فتح.

ردود الفعل على حرب الأنفاق:

اعتبرت المصادر العسكرية والإعلامية الإسرائيلية أن حرب الأنفاق التي خاضتها قوى المقاومة، جعلت الجيش الإسرائيلي في حيرة من أمره، لدرجة دعت صحيفة "هآرتس" إلى أن تعنون خبرها الرئيس بعبارة "الجيش الإسرائيلي يتحسس طريقه في الظلام"!

- فمن جهة، تبدو ظاهرة الأنفاق في تلك اللحظة المشكلة الأولى للجيش الصهيوني في القطاع، حتى بعد الانسحاب منه قبل عامين، فهي تحفر في الجانب الفلسطيني من الحدود ولا حاجة إلى فتحة من الجانب المصري، وهي بالتالي تشكل مشكلة إسرائيلية محضة، علما بأن الجيش يعرف في كل لحظة معينة عن عدد من الأنفاق يجري حفرها، ولكن يتمكنون من العثور على بعضها فقط، وبينما المواقع المحصنة نسبيا في وجه قذائف الراجمات ونار القناصة، لم تعثر بعد على حل يوفر حماية للجنود في وجه طن ونصف الطن من المواد المتفجرة تنفجر على مقربة منهم.

- ومن جهة أخرى، أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أن نجاح حماس في تنفيذ عمليات الأنفاق لم يكن صدفة، فهذا النوع من العمليات تعتبر نتيجة لإعداد دقيق وطويل: هجوم متعدد المراحل، بالتأكيد عمل عليه عشرات النشطاء، ومن المعقول الافتراض أن خلف هذه العمليات تتخفى يد موجهة من خارج القطاع: حزب الله ينقل في السنوات الماضية، بواسطة الإنترنت أيضا، معلومات كثيرة للنشطاء في المناطق حول تخطيط عمليات معقدة".

- ومن جهة ثالثة، تعكس العملية مشكلة الاستخبارات الإسرائيلية، ذلك أن مشكلة الأنفاق وضعت على نحو متأخر في مكان عال في سلم أولويات المخابرات، بحيث تجد الأجهزة الأمنية صعوبة في أن توفر للجيش معلومات نوعية، ولعمليات مركبة مثل تلك التي وقعت داخل الأنفاق يوجد شركاء سر كثيرون، وحقيقة أن الدائرة لم تحطم، والانفجار فاجأ الجيش الإسرائيلي".

وهذا ما عبرت عنه شكاوى بعض الجنود الذين يخدمون في مواقع الجيش على حدود غزة، منذ بدء ظاهرة حرب الأنفاق، حيث نقلت شكاواهم إلى مستويات القيادة العليا في الجيش ووصلت من عدة مواقع عسكرية، ادعى فيها الجنود أنهم سمعوا أصوات حفر تحت الأرض، وأبلغوا ضابطهم المسئول الذي سمع شخصيا هذه الأصوات، ونقل بدوره التقارير إلى اللواء، الذي بعث إلى ضابط الهندسة، الذي جلب جرافة بدأت تعمل حول الموقع، ولكن بعد عدة أيام علقت الحفريات وتوقفت عن العمل، وقد أخذ ضابط القاطع الجنوبي إنذارات الجنود على محمل كبير من الجد وقال: واضح أن لدينا مشكلة استخبارية ومحظور المخاطرة، من ناحيتي فإن إبقاء الجنود في المواقع التي خرجت منها الشكاوى هو خطوة غير مسئولة، يجب تقليص عدد الجنود قدر الإمكان في أقرب وقت ممكن، فلم يعد الحديث يدور عن جندي خائف يحرس في موقع الحراسة، بل عن عدد من الجنود والضباط!

وقد دفعت أعمال التطوير المفاجئة في تقنيات المقاومة التي تجلت في حرب الأنفاق، المراسل العسكري "روني دانيئيل" في التلفزيون الإسرائيلي للقول: "يبدو أننا خسرنا في صراع الأدمغة في مواجهة حماس، ونقل على لسان قائد كبير في المخابرات العامة قوله: إن أخطر ما في عمليات التفجير تحت الأرض أنها تتم دون أن تكون هناك حاجة إلى "انتحاريين"، واتهم محللون عسكريون الجيش بالبطء والتأخر في البحث عن الحلول التكنولوجية والميدانية الملائمة للمشكلة وتطبيقها، رغم أن قادته أخذوا يتحدثون عن الأنفاق منذ مدة من الزمن، باعتبارها سلاحا "يخرق التوازن"، وقد يخرج الجيش في غزة عن أطواره واتزانه، ولكن هذا الأمر لم يقد، لسبب غير معروف، إلى خياطة البدلة الملائمة لمواجهة تهديد الأنفاق".

وكان التعقيب الإسرائيلي بعد كل عملية من عمليات الأنفاق سيلا من التحليلات العسكرية والأمنية، أشارت في مجملها إلى أن هذه العمليات شكلت حوادث مربكة ومحرجة في هذه الجولة من الحرب الدائرة مع الفلسطينيين، ورغم أن مثل هذه الأمور تحدث في المعركة، إلا أن الإحراج والإرباك صعبان بدرجة لا تحتمل، كلما خرج الجيش الإسرائيلي مرة تلو الأخرى، محمولا فوق أكتاف الشعارات الطنانة الرنانة لقطع دابر "الإرهاب".

وعلق المراسل العسكري "عاموس هريئيل" في تعقيبه على حرب الأنفاق قائلا: إذا كان ثمة شيء بات واضحا تماما في الحرب الطويلة التي تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين، فهو ضرورة إبداء الحذر وضبط النفس عند الحديث عن نجاحات عسكرية تنفيذية، لأنه ما من انتصارات كبرى في هذا الصراع ولا حتى حاسمة.. ففي أفضل الأحوال، يمكن لكل طرف في هذه المعركة أن يأمل فقط بتحقيق تفوق مؤقت بالنقاط، إلى أن يكتشف الخصم نقاط ضعف لدى خصمه ليستغلها لصالحه.

وأضاف: لقد سجلت المقاومة في قطاع غزة لصالحها نجاحا باهرا، ذلك لأن الموقع الذي تم تفجيره عبر النفق المفخخ، مثله مثل الدبابات والحواجز التي استطاع الفلسطينيون في السابق ضربها، والطائرات المروحية التي ما انفكوا يحاولون إسقاطها، يشكل رمزا من رموز الجيش، صحيح أن عدد المصابين في صفوف الجيش قليل، ولكن حجم الدمار الذي لحق بالموقع يشير إلى دقة التخطيط وشراسة المقاومين.

كما وجه المعلق العسكري "إليكس فيشمان" نقده الشديد للجيش الإسرائيلي: عندما يتم الجمع بين استخبارات ضعيفة، ودفاع ثابت، فإن النتيجة تكون كارثية، ويشكل وصفة أكيدة لاندحار الجيش الإسرائيلي من غزة بهزيمة مجلجلة، وعلى ذات طريقة استعراضها للعمليات الاستشهادية، فقد عنونت الصحف صفحاتها الرئيسة بعبارات تشخص إخفاق إسرائيل في حرب الأنفاق:

- الجيش الإسرائيلي يتحسس طريقه في الظلام!
- حماس تسجل نجاحا عسكريا ميدانيا فاق كل التوقعات!
- دمار هائل يسود الموقع العسكري في غزة!
- إرهاب الأنفاق: ضربات من تحت الأرض!
- حرب الأنفاق: إنجاز معنوي لحماس يوازي تفجير المجنزرتين في مرحلة سابقة!

الحلول العسكرية لحرب الأنفاق:

قيادة الجيش الإسرائيلي استنفرت جميع وحداتها للبحث عن حل أمني عسكري أو تكنولوجي لمشكلة الأنفاق، مما دفع بالعقيد احتياط "تسفيكا فوكس" من سلاح المشاة لأن يؤكد أن الحل الحقيقي بالفعل لمشكلة الأنفاق هو حل تكنولوجي، فمن الواضح أن الحل الخيالي بأن تقوم طائرة بدون طيار بالتصوير عن طريق الأشعة السينية لسطح الأرض، ويكشف الأنفاق لن يكون موجودا في الفترة القريبة، ويقترح "فوكس" الذي يعمل اليوم مسئولا عن التخطيط الاستراتيجي في الصناعات العسكرية الارتكاز على المجسات من أنواع مختلفة يتم إدخالها في الأرض، وبدأت الصناعات العسكرية بالعمل على عدة أفكار واقتراحات قد تنجح.

إلا أن محللين متابعين شككوا بهذه الاقتراحات، وأشاروا إلى أنه وفي ظل "عدم وجود حل تكنولوجي متوفر لاكتشاف الأنفاق، والاستخبارات ليست شيئا حاسما، كان من المفترض التصرف وكأن هناك نفقا تحت الأرض بجانب كل موقع عسكري كبير في غزة، وكان على الجنود أن يتصرفوا وفقا لذلك، ولكن كل هذه الأمور نفذت لسبب ما بصورة أكثر جزئية"، وقد أسدى الكثير من الخبراء العسكريين النصائح لقيادة الجيش ومنها:

- بذل الكثير من المال وحماية المواقع العسكرية في القطاع، وإلا فإننا سندفع ثمن ذلك بالأرواح،
- صياغة التحركات الميدانية حول المواقع بصورة مغايرة، إلى أن يتم التوصل إلى الحل التكنولوجي أو إلى أن نخرج من هناك،
- إرسال خبراء عسكريين إسرائيليين إلى فيتنام للتدرب على مكافحة إحباط عمليات الأنفاق بعد تكرارها، حيث يمتلك الفيتناميون خبرات كبيرة في حفر الأنفاق خلال حربهم ضد الولايات المتحدة.

ولا ريب أن مستوى التطور النوعي الذي بلغه أسلوب حفر الأنفاق أذهل الإسرائيليين، وأعجزهم عن القيام بأي عمل فاعل أو مثمر أو حقيقي في مواجهته، حتى أنهم أطلقوا عليه اسم "حرب الأنفاق"، كدلالة أساسية على قوة وثقل هذا الأسلوب في الميزان العسكري، وما يشكله من رافعة مهمة، بالغة الأثر والجدوى، للمقاومة والشعب الفلسطيني، وقد دفعت حرب الأنفاق العقيد "داني غولد" مسئول الأبحاث والتطوير في الجيش الإسرائيلي للقيام بجولة في المصانع الأمنية، وتحدث عن الاحتياجات، وبحث عن الإجابات، وتوجه نحو الجامعات للحديث مع مختصين في مجالات مختلفة، والجملة الوحيدة التي كانت في فمه: إيجاد حل لمشكلة الأنفاق وبسرعة، المال ليس مشكلة، وسيكون الجيش مستعدا لدفع أي مبلغ من أجل التغلب على "العدو" الموجود تحت الأرض! وبعد كل هذا البحث، وبعد إعمال مئات المختصين فكرهم في محاولات للتوصل إلى بارقة أمل تكنولوجية تمكن من تحديد الأنفاق وتدميرها، جاءت الإجابة: نحن مضطرون للاعتراف بأنه لا توجد لدى الجيش حل سحري لمشكلة الأنفاق!

كما عمل الجيش على استخدام أسلوب آخر تمثل بإضافة خراطيم المياه لتدمير الأنفاق، ففي اعتقاد الجيش أن هذه الخراطيم ستحدد مكان النفق، وستتغلغل المياه إلى داخله ومن ثم تؤدي إلى انهياره، علما بأن حدة مشكلة الأنفاق للجيش تفاقمت بعد الانسحاب من غزة، بحيث وصلت إنذارات ساخنة جدا لدى الأجهزة الأمنية مفادها أن قوى المقاومة تخطط لنوع جديد من العمليات، وأهمها محاولة بناء أنفاق لاستخدامها في عمليات تفجير وأنفاق أخرى لتهريب استشهاديين من تحت الجدار الفاصل الذي تم بناؤه على حدود قطاع غزة بعد الانسحاب، ولمواجهة ذلك نقلت أجهزة الأمن موارد خاصة شملت إضافة وسائل استخبارية تكنولوجية جديدة، وجرافات ضخمة ذات قدرة عالية على تحديد الأنفاق، وآليات حفر تحت الأرض.

استنساخ الأنفاق في الضفة الغربية:

ربما تجتهد إسرائيل بصورة حثيثة لوقف ظاهرة الأنفاق، انطلاقا من قناعتها بخطورة هذا الأسلوب في مميزاته الإبداعية التي تجعل منه فعالاً في مواجهة كافة الإجراءات الإسرائيلية، ومن بينها بناء جدار الفصل العنصري، إذ من الممكن أن تتكرر ذات التجربة في الضفة الغربية، وتمكن بالتالي من استهداف المواقع العسكرية والاستيطانية دون كثير عناء، في ذات الوقت الذي تمكن فيه من الالتفاف على الجدار، وتسهيل الانتقال إلى ما وراءه، حيث فلسطين المحتلة عام 48، بغية تنفيذ عمليات عسكرية موجعة هناك.

ولا شك فإن هذا التطور كفيل بإشعال جبهة المواجهة في الضفة الغربية، وإضافة أوراق قوة جديدة إلى سجل المقاومة، وتعميق الأزمة الأمنية الإسرائيلية، وخلق مشكلات أمنية لا حصر لها أمامها، مما يفرض تعديلاً في أسس وقواعد المعادلة التي بنيت عليها المواجهة مع الاحتلال، لصالح المقاومة وجمهورها العريض.

ومن هنا فإن حرب الأنفاق ستكون عنوان المرحلة المقبلة وسط رهان واسع على إمكانية تفعيل جبهة العمل المقاوم في الضفة الغربية في ظل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وما يحمله من تحييد دور المقاومة فيه، وهو ما يرى فيه المراقبون تقدماً ملموساً في إنجازات ومكاسب المقاومة، ومحاولة جادة لتعديل موازين القوى المختلة لصالح الاحتلال وآلته العسكرية التدميرية.

وقد أكد هذه الحقيقة العسكرية "شاؤول شاي" رئيس قسم التاريخ في الجيش الإسرائيلي الذي أخرج كتيبا قبل عامين بعنوان: "الحرب تحت الأرضية والتحديات الهامة لقواتنا" جاء فيه: إن آجلا أو عاجلا ستتحول الأنفاق إلى المشكلة المركزية أمام الجيش بالاعتماد على التجربة التاريخية، مستشهدا بالفشل الذي منيت به القوات الأمريكية في فيتنام لمواجهة تحدي الأنفاق الذي استخدمه محاربو "الفايتكونغ" جنوب فيتنام.

ومع ذلك، يبقى هذا الأسلوب أحد أهم وأخطر الأسلحة التي يمتلكها الشعب الفلسطيني في سياق مقاومته للاحتلال، ولن يقوى أحد على التقليل من حجم الأثر الكبير والجدوى العالية التي يحققها هذا الأسلوب في ساحة الصراع مع الاحتلال، وهو أسلوب سيكون له ما بعده، آثار وتداعيات ونتائج، على مستقبل المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.


http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=2125&Itemid=1