تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشعور بالجنة



عزام
02-28-2008, 04:54 PM
الشعور بالجنة




1ـ الشعور بمتع وملذات الجنة
4ـ الشعور بأن الجنة هي المستقبل القريب والطموح والأمل
2ـ الشعور بمعني الخلود في الجنة
5ـ المشاعر الناشئة عن الشعور بالجنة
3ـ الشعور بضآلة متع الدنيا وأنها لا تصلح لتحقيق السعادة، وأنها دار تعب وشقاء
6ـ أثر الشعور بالجنة


1ـ الشعور بمتع وملذات الجنة:
ـ تخيل لو أن رجل أخبرك بأنه على موعد مع فتاة جميلة ولكنها تسكن في مكان ما فوق السحاب، وأنه لن يصعد إليها بطائرة، ولكنه سوف يصعد إليها بعد أن يموت!، لأنه سوف تحل الروح في حثته ثم يطير فوق السحاب ليلقاها!، إنك سوف تقول أن هذا هراء وأساطير وخرافات، فما بالك أن وجود الحور العين أمر أعجب من ذلك، فأنت فعلا علي موعد مع فتيات حسناوات جميلات في مكان آخر غير العالم الذي نعيش فيه، وسوف تلقاهن بعد أن تموت ويتحلل جسدك في التراب، ثم تحل فيك الروح وتذهب للقائهن.
ـ تخيل رجل يحب إمرأة جميلة، ويشتاق إلى لقاءها بماذا يشعر ؟ فإن الحور العين أجمل من ذلك بكثير واللقاء بهن حق، فلماذا لا تشعر بالحب للحور العين ؟ ولماذا لا تشتاق وتحلم بلقائهن ؟ ولماذا لا تسبح بخيالك مع فتاة أحلامك من الحور العين فإن كل محبوب يفكر في محبوبه ؟ أليست الحور العين حقيقة أم أنها مصنوعة من البلاستيك ؟، وأليس الوصول إليهن قريبا جدا ؟ ففي الحديث: « الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ »([1])، وإذا كان حور الطين يلهث وراءها الكثيرون ويعيشون من أجلها فما بالك بحور العين، إن لكل إنسان مقعده من الجنة ومقعده من النار، فهل تشعر أن الحور العين الآن تشتاق إليك وتنتظرك إلى أن تلقاها ففي الحديث: ((لاَ تُؤْذِى امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِى الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لاَ تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا))([2])، إن كلمة (الحور العين) هي كلمة موجودة وراسخة في الإقتناع لكن في المشاعر لا يوجد شئ إسمه الحور العين.
ـ تخيل مكانا ما به كل ألوان المتع والملذات من نساء وخمور ورقص وطعام وشراب، فإن الجنة بها أعجب من كل ذلك، فلماذا لا تشعر بجب الجنة وتشتاق للوصول إلى متعها ؟، أين الرغبة الحقيقية والشوق إلى الجنة ؟
ـ تخيل إنسان يعود من الشيخوخة إلى الشباب ولا يمرض ولا يموت ولا يوجد ما يعكر مزاجه أو يشغل باله في جنات النعيم، لماذا لا تشعر بالحب لأن تكون كذلك، إن الإنسان الذي يعيش للدنيا هدفه أن يأكل ويشرب ويتمتع بكل ألوان الراحة، وكذلك الإنسان الذي يعيش للآخرة يريد أن يأكل ويشرب ويتمتع بكل ألوان الراحة ولكن أي طعام وأي متعة، إنه يريد المتع الحقيقية التي لا تفني والتي لا يحيطها مخاوف بالمرض أو الشيخوخة أو الموت أو سلب النعمة، إنه يريد المتع الدائمة والشباب الدائم وحياة لا يموت فيها ولا يمرض وحياة بها الفاتنات الحسناوات من الحور العين، إذن فأي عاقل مَنْ يعيش لذة المتع الضئيلة الفانية في الدنيا، فالذي يؤثر الدنيا هو إنسان غبي لا يشعر بالآخرة: ((فَأَمَّا مَنْ طَغَى، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، فإن الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فإن الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))([3])، فالذي يشعر بنعيم الجنة وألوان المتع فيها لا يمكن بحال من الأحوال أن يؤثر متع الدنيا الفانية، وفي الحديث: ((مَنْ أحب دنياه أضر بآخرته ومَنْ أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى))([4]).
ـ أنظر إلى مدي أن الله جميل بحيث يكون النظر إلى الله تعالى لذة أعظم من كل لذات الجنة، فهل من مشتاق إلى الجنة من أجل أن يستمتع بلذة النظر إلى وجه الله تعالى.
ـ إن الجنة هي المتع والشهوات لمَنْ لا يفهمون إلا لغة المتع والشهوات، وإن الجنة هي التجارة الرابحة لمَنْ لا يفهمون إلا لغة التجارة والمكسب والخسارة، وهناك فرق بين مَنْ يقتنعون بأنها المتع وبأنها تجارة، وبين مَنْ يشعرون بأنها فعلا شهوات مثل شهوات الدنيا ولكنها الشهوات الحقيقية وبلا حدود وتجارة مثل تجارة الدنيا ولكنها التجارة الرابحة وبلا حدود: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ))([5])، إن متع الدنيا تجد المشتاقون إليها فأين المشتاقون إلى الجنة ؟ ذلك لأن الجنة غير موجودة في المشاعر، ومَنْ يدعي أنه يشتاق إلى الجنة وليس عنده نفس الحالة النفسية لشخص يشتاق إلى محبوبه فهو كذاب.
2ـ الشعور بمعني الخلود في الجنة: انها السعادة الابدية في متعة ولذة بلا حدود وإلى الأبد ومع الجميلات الفاتنات الساحرات من الحور العين ليس مائة سنة ولا ألف ولا مليون ولا مليار سنة إنها حياة بلا نهأية، قارن هذا أمام السنوات الحقيرة المعدودة في الدنيا، فلا وجه للمقارنة أصلا، إذن فعندما يصف الله سبحانه الكافرين بأنهم أغبياء تعلم أنهم فعلا كذلك: ((إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ))([6])، إنك سوف تبقي شباب للأبد بلا مرض ولا ضعف ولا موت مع كل ألوان المتع.
3ـ الشعور بضآلة متع الدنيا وأنها لا تصلح لتحقيق السعادة، وأنها دار تعب وشقاء: إن شهوات الدنيا ضئيلة، فالانسان له قدرة محدودة علي الطعام والشراب والجماع، بل إنه كلما زاد كلما قلت متعته وربما تعب، أنظر إلى هذه الآية التي تقارن بين إخراج آدم من الجنة وبين فتن النساء ((يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا))([7]): فإن أشجار التفاح كلها واحدة متشابهة في طعمها ولكن الشيطان زين لآدم أن هذه الشجرة أفضل، وكذلك فإن متعة النساء كلها متشابهة ولكن الشيطان يظهر عورات النساء لكي يظن الإنسان أن غير زوجته أكثر متاعا فإن أي إمرأة اذا أظهرت مفاتنها وعوراتها فيبدو كأن فيها متعة أكثر، فحجم الإغراء كبير لكن حقيقة المتع ضئيلة، وهذه نفس حيلة الشيطان لإخراج آدم من الجنة حيث يجعل الإنسان يتجه بمشاعره إلى الشهوات فيهلك، إن شهوات الدنيا ضئيلة حتى ولو حاول الإنسان أن يكثر منها فإن اللذة منها تقل عندئذ حتى تنتفي كأن يكثر من الطعام أو الشراب أو الجماع أو ينظر إلى عورات النساء ، أما في الجنة فلا يحدث أن تقل اللذة مهما أكثر الإنسان من ألوان المتع: ((لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ))([8])، إن شهوات الدنيا كما أنها ضئيلة فليست سهلة المنال أيضا ولابد من السعى والتعب، فالحصول على الدنيا ليس أمرا سهلا، فإن المتنافسين على الدنيا كثير وطلاب الدنيا كثير، وهم يتقاتلون ويتشاحنون عليها، ويتشبثون بها بأيديهم وأسنانهم، ومن يأتي بينهم ليتنافس على الدنيا لا يرقبون فيه إلا ولا ذمة فيأكلوه، ورغم أن متاع الدنيا قليل لكن الشيطان يزين للإنسان كل ما هو حرام لكي يجره إلى أن يقع فيه فيصور له أن في ذلك نفع عظيم له أو متعة عظيمة له كما فعل مع آدم عليه السلام: ((فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى))([9])، ومهما فعل الإنسان فالدنيا دار شقاء: ((لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي كَبَدٍ))([10])، أما شهوات وطعام وفواكه الجنة ((لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ))([11]).
4ـ الشعور بأن الجنة هي المستقبل القريب والطموح والأمل: لماذا تؤمل في متع من الدنيا ضئيلة وتنتظرها وتفكر فيها في حين أنك قريبا جدا تصل إلى متع بلا نهاية بلا حدود، فالجنة بعد لحظات ولكنك لا تدري فما سنوات العمر إلا لحظات ففي الحديث: ((الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ))([12])، فابقي كما أنت تؤمل في متع وملذات ولكن في متع وملذات الجنة، وفي الحديث: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا فَقَالَ ((مَا هَذَا ؟))، فَقُلْتُ خُصٌّ لَنَا وَهَى نَحْنُ نُصْلِحُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ((مَا أُرَى الأمر إِلاَّ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ))([13]).
5ـ المشاعر الناشئة عن الشعور بالجنة:

الشعور بالشوق والحب للجنة
الشعور بالخوف من فواتها
الشعور بالأمل والرجاء فيها
الشعور بالصبر والترقب والإنتظار للوصول إليها


6ـ من أثر الشعور بالجنة:
ـ مَنْ كان عنده فعلا شعور بالجنة فلا يستعجل بالحصول علي متع الدنيا الضئيلة ويصبر لأنه قريبا جدا يصل إلى متع بلا حدود في جنات النعيم، فإن كل من يريد المتع والشهوات ما عليه إلا أن يصبر ساعة، فالدنيا صبر ساعة وبعدها يجد أعظم المتع والشهوات في جنات النعيم: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))([14]).
ـ إن الذي ينظر إلى النساء لو كان يشعر فعلا بوجود جنس آخر من النساء هن أجمل وأقرب لما نظر.
ـ إن الإنسان يعمل من أجل مصلحته، فإذا كان يشعر فعلا بنعيم الجنة، فإنه سوف يعمل من أجل ما فيه مصلحته والنفع العظيم له، ولكنه لا يشعر بنعيم الجنة ولذلك فإنه يري أن مصلحته في الدنيا فلن يعمل للآخرة ولن يكون حاله حال مَنْ يعيشون للآخرة، ولذلك فالرسول (ص) ينصحك بالحرص على ما فيه مصلحتك ففي الحديث: ((إحرص على ما ينفعك))([15]) ولكننا نظن أن ما ينفعنا إنما هو في الدنيا!.

([1]) رواه البخاري ( 6567)

([2]) رواه الترمذي (1207)

([3]) النازعـات : 37 ـ 40

([4]) صحيح الترغيب والترهيب (3247 )

([5]) الصف : 10،11

([6]) الأنفال :22

([7]) الأعراف : من الآية 27

([8]) الواقعة :19

([9]) طـه :120

([10]) البلد :4

([11]) الواقعة :33

([12]) رواه البخاري ( 6567 )

([13]) رواه ابن ماجه (4299) وفي صحيح الترغيب والترهيب (3)

([14]) الزمر : من الآية 10

([15]) رواه ابن ماجه ( 4168 )