تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ماهية الدعوة واهميتها



عزام
02-25-2008, 08:14 AM
السلام عليكم اخوتي

اريد ان ابدا معكم مشروعا جديدا لكتابة كتيب عن الدعوة واصولها ان شاء الله
اذ لطالما سؤلت هنا: وكيف يكون اسلوبك في الدعوة؟ بين لنا نظريتك بدل ان تظر علينا.
ارجو من الاخ مقاوم ان يثبت الموضوع لاهميته
وارجو من الاخوة ان يمدوننا بالتعليقات والمداخلات والتصحيحات.
عزام




ماهية الدعوة واهميتها
1- الدعوة وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم
لازلت اذكر هذا الشيخ الذي دأب على تذكيرنا على الدعوة الى الله كلما دخلنا الى المسجد قائلا: الا تحبون ان تعملوا في اشرف المهن؟؟ مهنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كذلك اذكر من ضمن ما اذكر صديقنا الشيخ مازن الذي سألنا ونحن مجتمعين سؤالا مهما: ما الذي ميز الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل البشر؟؟ ما الذي تتذكره اول ما يطرح عليك اسم الرسول؟؟ ما هي السمة التي لن تستطيع ان تجدها في احد غيره بهذا الوضوح؟؟ اذكر يومها ان قسما منا اجاب "العبادة".. فرفض مازن هذ الجواب قائلا لا شك وان عبادته افضل العبادات من حيث النوعية والاخلاص ولكن وجد ممن سبقه من الانبياء والصالحين وممن لحقه من امته من سخر من وقته للعبادة اكثر منه.. طبعا دون ان يصل الى فضله.. وهكذا رفض مازن تباعا كل الاجوبة من الجهاد الى الصبر الى المحبة.. فكلها وجد من تحلى فيها قبلا من الانبياء.. لكن لا احد من الانبياء احب امته مثل حب الرسول صلى الله عليه وسلم لنا.. دائما كان ما يردد "امتي.. امتي.." وفي كل مناسبة تسنح له الفرصة ان يدعو الله فكان يدعو لنا و ليس لنفسه.. والاحاديث في هذا كثيرة .. لا بل انه كان يفكر بنا نحن في هذا العصر و ينصحنا وهو ليس بيننا.. فيقول سيأتي زمن فيه كذا وكذا فافعلوا كذا وكذا.. لا يوجد قائد او مصلح او نبي سخر من اهتمامه ومحبته لامته مثل نبينا صلى الله عليه وسلم .. لذا فأنا اقتنعت برأي مازن ووجدت ان افضل الاعمال بعد الايمان بالله تعالى واداء ما اوجب هو الدعوة الى الله ومحبة الامة الاسلامية.
2- الدعوة عبادة
يقول احد العلماء المعاصرين "جوهر الدعوة إلى الله لون من أجل ألوان العبادة التي يتقرب بها الإنسان المؤمن إلى الله عز وجل، بل هو ممارسة لأسمى معاني العبودية الضارعة له. الداعي إلى الله بحق، يجيش وقود الدعوة بين جوانحه، في ضرام الحقيقة الربانية القائله "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت" فهو يتجه بأمل الهداية الى الأفئدة والعقول، ويتعلق منه الطمع بعد ذلك برضا علام الغيوب، وينتظر من حصاد دعوته تربية قويمة تشيع بين الأفراد واستقامة على الخلق السليم والسلوك الرشيد في علاقة مابينهم على كل المستويات". ولا ينبغي للداعية أن يَبْتَئِس إن لم يجد فَضْلَ وقت لقيام الليل يوميا ، والإكثار من ختْمات القرآن ، فإن ما هو فيه من الدعوة وتعليم الناس وتربية الشباب خيرٌ وأجْزَلُ أجـرا ، وقدوته في ذلك ورائده أئمة الدعاة من السلف الصالح الذين كانوا يسيحون لنشر الدعوة وتبليغها ، ويبادئون الناس بالكلام ، ويحتكون بهم احتكاكا هادفا.
3- الدعوة تشمل جميع القربات
ليست الدعوة منصبا تشريفيا نخيّر بين القبول به أو الإعراض عنه ، وليست تبرعا ولا فرض كفاية ولا مجرد أداء واجب ، وإنما خدمة الدين ركن من أركانه وضروريٌّ من ضرورياته وأساس من أسسه . ولقد كان هذا المعنى مستقرا عند السلف الصالح استقرارَ المعتقَد في القلوب ، ولم يحتاجوا أن يستدلوا له أو أن يقرِّروه لأنفسهم بشتى وجوه الاستدلال ، بل كان يكفي أن يُسْلِمَ الواحد منهم أو يستقرَّ الإسلام في قلبه ليعتبرَ نفسه بعد ذلك مَنْذورَةً لهذا الدين ، ويجنِّدَها في خدمته والذود عن حياضه. والدعوة تشمل العبادات .. فالداعي الى الله لا يدعو بكلامه بل بنفسه.. والدعوة تشمل علم الدين.. اذ كيف يدعو المسلم الكافر الى الاسلام وهو لا يعرف ان يجيبه على اسئلته.. والدعوة تشمل الجهاد بل ما شرع الجهاد الا لحمايتها.
4- الدعوة صدقة جارية
غذاء العقول بالعلم وقوت القلوب بالدعوة أولى وأجدى وأحرى من غذاء الأبدان بالطعام والشراب . فالنَّاس في حاجة ماسَّة إلى دينهم أعظم من حاجتهم إلى دنياهم . والموفق من أخذ من ميراث الأنبياء حظًا وافرًا وقسطًا كبيرًا، فنزل ميدان الدعوة إلى الله تعالى بعلمٍ وحلم ، وحكمة وفهم يدعو النَّاس إلى ربِّ النَّاس . فيا له من عملٍ ما أشرفه ! ودورٍ ما أعظمه !
قال تعالى : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين }
عن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتَّى النملة في جُحرها ، وحتَّى الحوت ليُصلُّونَ على مُعلِّم الناس الخير "
* تأمل لو أنَّك علَّمت رجلاً فاتحة الكتاب ، فقرأ بها في صلاته ، وتلاها في سائر حياته ، ثمَّ علمها غيره ، فتتابعت سلسلة التعلم أجيالاً من بعد أجيال ، ودائرة التعلم تكبر ، وحلقات العمل تعظم مع تتابع الأيام وتعاقب الأزمان ، لكان ذلك في ميزان أعمالك ، وأنت قد وسِّدت التراب ، وفارقت الأهل والأصحاب ، وعلى هذا فقس ، وبهذا فأغنم !
فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" أربعةٌ تجري عليهم أجورُهم بعد الموت ؛ مَن مات مرابطًا في سبيل الله ، ومن علَّم علمًا ، أُجري له عمله ما عُمل به ، ومن تصدَّق بصدقة ، فأجرها يجري له ما وُجدت ، ورجل ترك ولدًا صالحًا فهو يدعو له " . وعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " من علَّم علمًا فله أجرُ مَن عمِلَ به ، لا ينقُصُ من أجرِ العاملِ شيءٌ "

من هناك
02-25-2008, 02:59 PM
نعود لاحقاً

أبو مُحمد
02-25-2008, 07:11 PM
بارك الله فيك ووفقك لما فيه خيري الدنيا والاخرة.
نتابع باذن الله

عزام
02-25-2008, 08:16 PM
يعرض المباركفوري في كتابه عن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الرحيق المختوم لتفسير الآيات الاولى من سورة المدثر حيث بين ان هذه الكلمات القليلة صورة مصغرة بسيطة من هذا الجهاد الطويل الشاق الذي تطلب ان يقوم به رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال حياته‏.‏ نسوق التفسير هنا مع بعض التبسيط والاختصار ترسيخا للافكار في للذهن:
1- النهوض من السلبية الى الايجابية.
2- الدعوة والتبليغ.
3- تعظيم الله وتوحيده.
4- طهارة الجسد والروح.
5- الاخلاص لله وحده وابتغاء وجهه.
6- الصبر على الاذى في سبيل الله.

يا أيها المدثر(1) قم فأنذر (2) وربك فكبر (3) وثيابك فطهر (4) والرجز فاهجر (5) ولا تمنن تستكثر (6) ولربك فاصبر (7)
وهذه الآيات هي مبدأ رسالته صلى الله عليه وسلم وتشتمل على معان كثيرة:
قم فأنذر: تكليفه صلى الله عليه وسلم بالبلاغ والتحذير، حذر الناس من عذاب الله إن لم يرجعوا عما هم فيه من الغى والضلال وعبادة غير الله والإشراك به ‏.‏
‏ وربك فكبر ‏ معناه‏:‏ خصه بالتعظيم، ولا تشرك به في ذلك أحدًا‏.‏
وثيابك فطهر تطهير الثياب والجسد، إذ ليس لمن يكبر الله ويقف بين يديه أن يكون نجسًا مستقذرًا‏.‏
والرجز فاهجر: وإذا كان هذا التطهر الخارجي مطلوبًا فإن التطهر من أدران الشرك وأرجاس الأعمال والأخـلاق أولـى بالطـلب.
‏ ولا تمنن تستكثر:‏ لا تحسن إحسانًا تريد أجره من الناس أو تريد له جزاء أفضل في هذه الدنيا‏.‏
ولربك فاصبر: تنبيه على ما يلحقه من أذى قومه حين يفارقهم في الدين ويقوم بدعوتهم إلى الله وحده وبتحذيرهم من عذابه وبطشه،
نظرة عامة عن هذه الآيات
إن مطلع الآيات تضمنت النداء العلوى بانتداب النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر الجلل، وانتزاعه من النوم والتدثر والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة‏:‏ "‏يا أيها المدثر(1) قم فأنذر"‏، كأنه قيل‏:‏ إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، أما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم‏؟‏ وما لك والراحة‏؟‏ وما لك والفراش الدافئ‏؟‏ والعيش الهادئ‏؟‏ والمتاع المريح‏!‏ قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك، قم للجهد والنصب، والكد والتعب، قم فقد مضى وقت النوم والراحة، وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل، والجهاد الطويل الشاق، قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد‏.‏ وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظل قائمًا بعدها أكثر من عشرين عامًا؛ لم يسترح ولم يسكن، ولم يعـش لنفسه ولا لأهله‏.‏ قام وظل قائمًا على دعوة الله، يحمل على عاتقه العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض، عبء البشرية كلها، عبء العقيدة كلها، وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى، عاش في المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عامًا؛ لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد منذ أن سمع النداء العلوى الجليل، وتلقى منه التكليف الرهيب‏.‏‏.‏‏.‏ جزاه الله عنا وعن البشرية كلها خير الجزاء‏.‏

من هناك
02-25-2008, 11:04 PM
السلام عليكم،
الآن وقد عدنا والعود احمد كي لا يقول الأخ عزام انني لم اف بالوعد الذي قطعته له في الصباح :)

إن فكرة الكتاب رائعة جداً ولكن انصحك قبل ان تبدأ اخي عزام ان تحدد بعض العناصر:
* لمن يتوجه الكتاب اصلاً؟
* هل هناك كتاب شبيه لكتابك في المكتبة الإسلامية وكيف سيكون كتابك مختلفاً عن تلك الكتب؟
* ما الجديد الذي سأقرأه في الكتاب وهو غير موجود في مكان آخر؟

بعد ان تحدد هذه العناصر الثلاثة وتتوكل على الله سبحانه وتعالى وتبدأ في الإعداد للكتاب، هناك عناصر اخرى لا بد من وضعها ايضاً:
* ما هو الأسلوب الذي يرغب فيه من اتوجه لهم؟
* كيف يمكنني ان اشد انتباههم لقراءة الكتاب (بغض النظر عن فكرة الشراء) وكيف يمكنني ان احافظ على إنتباههم طيلة فترة القراءة).
* ما هي المعلومة الضرورية جداً كي تغير نظرتهم إلى العمل الدعوي
* هل الكتاب بحاجة لحبكة تربط الأفكار ببعضها او يمكن العمل على مواضيع متفرقة.

هناك الكثير من النقاط التي يجب على الإنسان ان يضعها امامه ولكني لن اعرضها كلها كي لا اتفلسف اكثر :) ولكن في النهاية، ضع في الكتاب امراً ما يجعلني انهي قراءته واقول، لعل هذا الكتاب سيكون طباً آخر للقلوب او رحيقاً مختوماً او فيض خاطر لا يتوقف على مر الأزمان

عزام
02-26-2008, 07:10 AM
اخي الحبيب بلال
انا لا افكر بنشره الآن حتى افكر بكل هذه الامور..
انه كتاب علينا ان نعمل عليه سويا حتى نستفيد في حياتنا العملية
فإن لم يكن هناك اهتمام هنا بهذا الموضوع فلن اكمل به.
عزام

من هناك
02-26-2008, 02:30 PM
بالنسبة لي انا مهتم بالبحث في اساليب الدعوة ولكن هذان الشهران هما الأصعب في حياتي

عزام
02-26-2008, 02:47 PM
لا باس اخي الحبيب بلال
لست على عجلة من امري
وهناك امور كثيرة ممكن انشغل بها حتى حين تفرغك لنا.
عزام

عزام
02-27-2008, 07:24 PM
اخطاء في نظرتنا نحو الدعوة
1- الدعوة ليست كلمة عابرة
كثيرا ما افاجىء برؤية احدهم يلعن شخصا عاصيا.. فاستغرب واسأله لم لا تدعو له بالهداية؟؟ لم لا تحاول ان تدعوه الى اسلام.. فيجيبني بغضب ونزق.. هذا العاصي.. انه لن يهتدي في حياته.. فهل يا ترى قضى هذا الشخص مثل سيدنا نوحا 950 عاما يدعو في قومه حتى يخرج بهذه النتيجة؟؟ لا الاغلب انه لم يحاول معه البتة.. بل زجره وانتهره واتهمه بالفسوق.. فكيف سيتقبل منه.
يقول احد العلماء المعاصرين" "الناس تحجبهم عن الحق ظلمات شتى، قد يعيشون ويموتون فيها، ونحن المسلمين مكلفون برفع المصباح حتى يهتدي الحيارى، وأخشى من مساءلة ألله لنا : لماذا عاشت أمم دون أن تعرفني وتعرف كتابي ؟ ودون أن تبصر سبيلي ، وتتبع رسولي ؟ وقد اخترتكم لتقوموا بهذه الوظيفة، وتنهضوا بأعبائها؟ !ن الدعوة تسبق القتال، والدعوة ليست كلمة عابرة، أو خدعة ظاهرة، ثم تنشب الحروب، كلا، إنها بيان، وا نتظار، ومعاناة ، وأخذ ورد، ونقاش شبه، وبحث قضايا، وتقديم عون، وقطع الأعذار أمام الله والناس. قلت لنفسي: أين كانت أجهزة الدعوة لتعرض على المنبوذين في الهند - وهم عشرات الملايين - حقوق الإنسان في أطواء كلمة التوحيد؟ إن أولئك المنبوذين كانوا يعدون دنسا، وقد آثرت نبيلة هندوكية أن يموت ابنها غرقا، ولا ينقذه أحد المنبوذين، لأن جسد ابنها إذا مسه هذا المنبوذ تلوث أو تنجس، والموت خير من حياته بعد هذا المس . . ! أين كان الدعاة ليقولوا للهنادك كلمة عمر : "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا . . "؟ وليقولوا للمنبوذين : إن المؤمن لا ينجس، وإن البشركلهم إخوة ، كما قال محمد رسول العالمين صلى الله عليه وسلم ؟؟ إن تجمد الإسلام في الهند - وإن أرشد ثلث السكان - أمر عجب ، وليس أعجب منه إلا توقفه في الصين! وإذا كانت الاشتراكية الماركسية أو الماوية قد وحدت ألف مليون من البشر، لأنها داوت تفاوت الطبقات، وأزمات الجوع هناك، فمن كان يعرف هؤلاء أن عمر بن عبد العزيز بحث في أرض الإسلام الواسعة عن فقير يأخذ الزكاة فلم يجد ، فاضطر إلى أن يشتري بها عبيدا، ويحررهم، وهذا من مصارف الزكاة ! ! إن الدعاة في هذه البيئات يعالجون أدواءها بما يحسم الآلام، ويرفع قدر الإنسان، ويربط الناس بربهم! وليست الدعوة وعظا فارغا ، وبلاغا غامضا. .. ثم يكون القتال كما يتصور الجهلة من علماء الدين.
2- الدعوة ليست الحل الاسهل
وقد يقول قائل ان عصرنا عصر جهاد وغلظة مع الكفار وليس عصر دعوة.. ويتهم ضمنا من يصنف خياره بالدعوي بأنه جبان اختاري الطريقة السلمية لمجابهة الكفر. ذلك انه فهم ان الدعوة لا تكون الا بالسلم.. وفهم ان الدعاة دائما اناس مسالمون يخافون على حياتهم.. وهذا تصور خاطىء.. فالجهاد لا ينفصل عن الدعوة بل هو شرع لحمايتها كما سيمر معنا فمن الممكن جدا ان تكون الدعوة بالسيف ضرورية في بعض الاحيان. والداعي الى الله يخاطر بحياته ايضا ويقول كلمة الحق ولو كلفته حياته "اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"..
3- الدعوة ليست الحركية الاسلامية
كذلك تقع بعض الحركات الاسلامية في فخ مزج العمل الاسلامي الفكري او السياسي مع الدعوة.. وهذا مناف للصواب فالدعوة ليست وظيفة حركية من جنس الوظائف الحركية التي يمارسهما أصحاب المذاهب أو رجال الأحزاب الأخرى، إذ يتنافسون في سباق لاهث إلى فرض أنظمتهم ثم سلطانهم على المجتمع الذي يعيشون فيه بقطع النظر عن حال الأخلاق الشخصية وواقع التربية الفردية وخط السلوك.
4- الدعوة ليست بين الملتزمين فقط
بعضنا يفهم الدعوة على نحو خاطىء فهو ينعزل عن المجتمع الموبوء ويبحث عن شلة ملتزمة مثله يتناصح معها بالخير والامر بالمعروف وتقوية الايمان وهذا شيء حسن ولا بد وهو اول طريق فيسلم الدعوة ولكن مع ذلك فليست هذه هي الدعوة..قال لي احد الاخوة اذلي يعمل في مجال الدعوة.. انه ذهب مرة في رحلة الى منطقة نائية في باكستان ليس فيها كهرباء ولا تلفونات.. بحيث لا يتصور احد من الناس ان هذه المنطقة ممكن يعيش فيها بشر.. وفوجىء لدى وصوله الى هناك بوجود لائحة عملاقة عليها اعلان للبيبسي كولا.. فقال "سبحان الله البيبسي تصل الى هناك والاسلام لم يصل؟؟""
إن التحرك للدين وبذل المجهود في الدعوة إلى الله والتمكين لشرع الله وإعلاء كلمته في الأرض يجب أن يكون هاجسا لكل مسلم ، فلا يمل من ان يحاسب نفسه في كل زمان : ماذا قدم لدين الله ؟ ترتاده أخبار المسلمين فيَهْتَمُّ ويَغْتَمُّ ، يفكّر في سبل إيصال الحق إلى الخلق فيخافُ أن يقصّر ، يقلق من تنامي الكفر والفسق ، يَجْزَعُ من قلة الناصرين لدين الله ، إنه لا يفكر في جاره فقط أو صديقه كيف يدعـوه ، إنه يفكر في سكّان الكرة الأرضية كيف يُدخلهم في دين الله أفواجا .
الانتظار حتى يكتمل الايمان
بعض الناس إذا سمع الحديث حول الدعوة إلى الله.. ظن أن الدعوة مقصورة على علماء الدين والملتزمين وجعل هذه الأمور حائلاً بينه وبين الدعوة إلى الله تعالى ونصح المقصرين.. وهذا خطأ من وساوس الشيطان.. نعم نحن لا ننكر أن الأصل في الداعية أن يكون مستقيماً مطبقاً لما يدعو إليه.. ولكن لا يعني هذا أن يترك الرجل الطاعات بسبب وقوعه في بعض المعاصي... بل قد يستطيع المقصر أن يصل إلى أشخاص لا يستطيع أن يصلهم الداعية المستقيم.. فأنت وإن كنت مقصراً إلا أنك تستطيع أن تدعو تارك الصلاة إلى أن يصلي.. أنت تستطيع أن تنصح من يقع في الفواحش أن يتوب منها.. تنصح من يتعرض لأعراض المسلمين بأن يكف عن ذلك..بل قد يجالس الداعية المستقيم بعض الناس ولا يعلم أنهم يأكلون الربا.. أو يقعون في الفواحش.. أو يتركون الصلاة.. لأنهم يتظاهرون بالخير أمام الصالحين.. أما من رأوه مثلهم فلا يتصنعون أمامه بشيء.. بل يكشفون أمامه أوراقهم.. ويظهرون كل شيء.. أفلا تقل أنا غير ملتزم فكيف أدعو وأنصح ؟!.. فإن وظيفة الدعوة إلى الله وظيفة ربانية واسعة.. كثيرة الأساليب لا تزال تحتاج إلى عاملين.. وكلنا ذوو خطأ.. وكل بني آدم خطاء..
ولو لم يعظ في الناس من هو مذنبفمن يعظ العاصين بعد محمد ؟!

مقاوم
02-28-2008, 10:32 AM
يرجى النطر هنا كذلك لأنه متعلق ومكمل.
http://www.saowt.com/forum/showthread.php?t=21996

عزام
02-28-2008, 03:03 PM
بارك الله فيك اخي مقاوم
ساقراها بتمعن ان شاء الله ثم نكمل
عزام

مقاوم
02-28-2008, 05:36 PM
حياك الله وبياك

طرابلسي
02-28-2008, 06:29 PM
بارك الله فيك
بداية طيبة فجزاك الله عنا وعن الاسلام بكل خير
إن تفضلت أن تستريح من الكتابة قليلا فتسمح لي بإرفاق ما تم تداوله فيما بيننا وكان الأخ كاتب المقال حصة الأسد بصياغته وقد أثنى عليه كل من الشيخ نور الدين عمار ومن قرأه من مشايخ السلفية عندنا بالاضافة لبعض قيادات حزب التحرير ولم أعلم أن أحدا منهم اعترض أو استدرك سلبا عليه وبما اني لا أعتقد بكمال ذاك الموضوع الذي اتكلم حوله إلا أن فيه ما قد يستوقفنا قليلا فننظر إلى حالنا وأحوال مجتمعاتنا ومن ثم نقيس سيرة نبينا والأنبياء من قبله كيف دعا كل واحد منهم قومه
فإن أذنت أرفقه هنا وإن وجدت أنه قد يحدث خللا بين منهجين في الدعوة فأرفقه لاحقا تحت رابط جديد مع العلم كان هنا في بداية الموقع أي سنة 2002 لكنه ذهب مع الذين ذهبوا بعد حدوث خلل بالموقع والله المستعان

عزام
02-28-2008, 07:53 PM
بارك الله فيك
بداية طيبة فجزاك الله عنا وعن الاسلام بكل خير
إن تفضلت أن تستريح من الكتابة قليلا فتسمح لي بإرفاق ما تم تداوله فيما بيننا وكان الأخ كاتب المقال حصة الأسد بصياغته وقد أثنى عليه كل من الشيخ نور الدين عمار ومن قرأه من مشايخ السلفية عندنا بالاضافة لبعض قيادات حزب التحرير ولم أعلم أن أحدا منهم اعترض أو استدرك سلبا عليه وبما اني لا أعتقد بكمال ذاك الموضوع الذي اتكلم حوله إلا أن فيه ما قد يستوقفنا قليلا فننظر إلى حالنا وأحوال مجتمعاتنا ومن ثم نقيس سيرة نبينا والأنبياء من قبله كيف دعا كل واحد منهم قومه
فإن أذنت أرفقه هنا وإن وجدت أنه قد يحدث خللا بين منهجين في الدعوة فأرفقه لاحقا تحت رابط جديد مع العلم كان هنا في بداية الموقع أي سنة 2002 لكنه ذهب مع الذين ذهبوا بعد حدوث خلل بالموقع والله المستعان
لا شيخي ارفقه هنا من فضلك
نحن نتعلم منكم ان شاء الله
والشيخ نور الدين عمار بارك الله في علمه له اسلوب رائع في تفسير القرآن.
عزام

عزام
03-03-2008, 08:01 AM
شو شيخي طرابلسي؟؟
"نحنا نوطرينكن" على قولة العمودي
كل الحق على فخر...
عزام

صفات الداعية الذاتية
1- الدعوة ليست بالكلام بل بالنفس
إن من أهم ما يتأثر به من يريد الدخول في الإسلام أن يرى من يحدثه عن الإسلام مطبقًا للدين، فكلما كنتِ قدوة لها ونموذجًا طيبًا للإسلام بأخلاقكِ ولباسكِ ومعاملاتكِ، كلما كان ذلك حافزًا ومسرعًا في دخولها للإسلام. علينا ان نتفق أنَّ الدعوة ليست الحديث الجذَّاب والكلام المنمَّق، إنَّما الدعوة هي أفعال، والإسلام ليس بحاجةٍ إلى متكلِّمين بقدر حاجته إلى ممارسين. وعلى هذا فعلى الداعي ممارسة الدعوة بالفعل والالتزام بتعاليم الإسلام، فصلاته وصيامه وأخلاقه … كلُّ هذا دعوةٌ إلى الإسلام، فكما يُقال: الأفعال أعلى صوتاً من الكلمات. وعليه ان يمارس الإسلام ممارسةً صحيحة، ويكون قدوةً لغيره، ثم يدعو غيره إلى الإسلام بعد ذلك، مع الحرص ألا يخالف فعلنا كلامنا.
2- الرفق واللين
إن الداعية إلى الله عز وجل ينبغي أن يكون ذا قلبٍ كبيرٍ يسع الناس جميعًا بمختلف أوضاعهم ونفسياتهم وجنسياتهم، ويتعامل معهم برفق، ويقدّم لهم أفضل ما عنده من فنون التعامل، ويتخيّر لهم أفضل القول وأجمل المنطق، مع بذل الندى وكف الأذى؛ ولقد كسب النبي صلى الله عليه وسلم قلوب من حوله مع تجنب تقليدهم في انحرافاتهم؛ فكانوا يسمونه: "الصادق الأمين" قبل أن يبعث؛ فقد ملك قلوب الناس بحسن خلقه وسماحته.. قال تعالى: (وإنك لعلى خلقٍ عظيم)، وقال سبحانه: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيم). إن مما يشد همّة الداعية إلى الله لينطلق بقوّةٍ إلى الدعوة والإصلاح نظره في واقع الذين من حوله وبعدهم عن الله تعالى، وعمق الهوّة السحيقة التي وقعوا فيها أو أوشكوا؛ فعند ذلك يتدفق من قلبه شعورٌ برحمة هؤلاء، ثم يثمر الرغبة في تغيير واقعهم كيلا يوافوا الله تعالى وهم على هذا الحال. فالناس في احتياجٍ إلى من يأخذ بأيديهم بلينٍ ورفقٍ إلى مرضاة الله تعالى، لأن النفوس جبلت على العناد، فلا تستطيع أن تجبر إنسانًا على قبول أمرٍ ما، بل يدفعه عناده إلى الرفض التام، حتى وإن علم أنّ في قبول هذا الأمر صلاحه، معنى هذا أنّ الرفق من قِبل الداعية تجاه من يدعوهم واجبٌ ولازمٌ عليه، بل وشرطٌ لنجاح دعوته، وقد نبّه الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم لهذه الفضيلة فقال: (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر)، كما وردت الأحاديث الشريفة والآثار بمدح الرفق، ونبذ العنف والفظاظة، فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ الله رفيقٌ يحب الرفق، ويعطي عليه مالا يعطي على العنف)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه).. فعلى الداعية ان يحاولي الترفق ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ فلا يبدأ بالنار قبل الجنة، ولا بالعقاب قبل الرحمة والغفران، حيث نصحنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا)، فهذه هي الحوافز التي تفتح للناس باب الدخول إلى الإسلام.
3- التوكل على الله والاستعانة به:
إن أهم زاد للداعية في طريقه لتبليغ دعوة الله إلى الناس هو اتصاله بالله تعالى واعتماده عليه وتفويض جميع أموره إليه؛ فقلوب الناس بين أصابعه سبحانه كقلبٍ واحدٍ يقلبها كيف يشاء، ولو شاء لهدى الناس كلهم أجمعين؛ فبالاعتماد عليه وتفويض الأمور إليه تنفتح الأبواب، ويسهل الصعب، ويقرب البعيد. ولقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أروع الأمثلة في قوة الاتصال بالله تعالى وخاصة عند الأزمات، وعندما يُعرض الناس عن دعوة الحق؛ فها هو الطفيل بن عمرو الدوسي يأتي شاكيًا قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه يستعديه عليهم ليدعو عليهم لمّا أعرضوا عن دعوته؛ فما كان من نبي الرحمة إلا أن رفع يديه إلى ربّه وسأله أن يهدي دوسًا ويأتي بهم؛ فما إن رجع الطفيل رضي الله عنه إلى قومه حتى استجابوا جميعًا.
3- العطاء والبذل المستمران:
إن من السمات المميزة للدعاة إلى الله تعالى كرمهم وبذلهم كل خيرٍ للناس؛ فيبذلون للناس الخلق الحسن والشفاعة الحسنة والجاه إن احتيج إليه، ويبذلون ما يستطيعون للناس من مرتفقات هذه الدنيا؛ ليبينوا لهم أنهم ليسوا طلاب دنيا وأن الدنيا آخر اهتماماتهم، فيبذلوا الدنيا للناس ليستجلبوا قلوبهم إلى الدين؛ فمنهج رسولنا صلى الله عليه وسلم هو منهج العطاء والبذل؛ فقد كان الأعرابي يرجع إلى قومه ويقول: يا قوم أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
4– عدم الانجرار وراء كماليات الدنيا:
من أهم ما يزين الداعية ويلبسه ثوب الوقار، ويجعله أقرب إلى الاحترام ومن ثم القبول أن يكون مترفعًا عن ملاحقة كماليات هذه الدنيا؛ فإن أهل العلم دائمًا يحتقرون هذه الدنيا وإن عظمت صورتها وحقيقتها عند العامة والدهماء. اقرأ إن شئت قصة قارون: (فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظٍ عظيم وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلا الصابرون).
5- الصبر

فالتأثير في الآخر واقتناعه بما يقال ليس طفرة يحدث فجأة كأنما يمتلك الداعية عصا سحرية، كلا.. بل هو أمر تراكمي؛ فما تقولينه اليوم يتخمر في ذهن من تحاورين لينضج غدا أو بعد غد؛ فنحتاج الصبر، وعدم استعجال قطف الثمرة.. فقط لنجعل ما نقول ينضج على نار هادئة وليس بقدر ضغط!.

طالبة العلم الشرعي
03-03-2008, 08:56 AM
بارك الله فيك على موضوع القيم

جزاك الله خيرا

جعلها الله في ميزان الحسنات

وفقكم الله

عزام
03-03-2008, 09:40 AM
اهلا بك اختي طالبة العلم الشرعي صوتا جديدا
واهلا بكل الاخوة من الجزائر
ننتظر مشاركاتك
عزام

عابر سبيل
03-03-2008, 06:06 PM
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه . ونستغفره ,, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ,, وسيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد , ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ,,
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ,, وأشهد أن محمدا عبد ورسوله ,, وصفيه من خلقه وخليله , بلغ الرسالة , وأدى الأمانة ,ونصح الأمة , وكشف الغمة , وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلوات ربي وسلامه على نبي الهدى ,الذي علمنا لا إله إلا الله قولا ,, وترجمها عملا , فكان قدوة حسنة ومعلما حريصا على أمته بدء بالتوحيد وانتهاء بالخراء ,مما اخرج جيلا من الصحابة كل واحد منهم قرءانا متحركا على الأرض أما بعد :
إن الدعوة إلى الله يجب أن تمر بالمراحل التي مرّ بها رسولنا صلى الله عليه وسلم لاشتراك العلة والجهل المتفشي في مجتمعاتنا مما يوجب على الداع أن يبدأ بما بدأ الله به وأمر به رسوله
اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ,,
وإن مما يحدث في مجتمعاتنا هو عبادة غير الله وإن اختلفت المسميات بين اللات والعزى في العصر الجاهلي وبين السادات والكبراء في عصرنا هذا فكلاهما يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف
إن الدعوة إلى توحيد الله عز وجل هي دعوة الرسل جميعا وختمها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بحرصه على التوحيد الخالص لله ( قولوا لا إله إلا الله تفلحوا )
لذا مكث ثلاثة عشرة سنة يعلم صحابته التوحيد الخالص لله قبل نزول الأحكام ولما ترسخت في قلوب المؤمنين فما نفع إنكار منكر ما إلى لم يكن في قلبه توحيد الله جل في علاه
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
لذا لا يصح إنكار منكر على أحد قبل أن يُنظر إلى توحيده فإن كان منتفيا عنه ,, لاتباعه أولياء الشيطان من الطواغيت والسادات والكبراء فيما ينافي طاعة الله ورسوله
وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا
حينئذ ُيدعى إلى التوحيد مع ربط معصيته بلا إله إلى الله وأن فعله هذا يخالف مضمون لا إله إلا الله عمليا بحجج رسل الله كما بيّنها لنا ربنا في كتابه وترجمها رسوله وتبعه عليها صحابته رضوان الله عليهم
وللحديث بقية إن شاء الله
كتفي لا يسعفني اليوم لذا أكمل لاحقا تحت هذا التعقيب
اما الان أترككم مع بداية المقال بعنوان أحكام الدعوة
-----------------------------------------------------
أحكــــــام الـــــــــدعوة

إن الحمـد للـه نحمـده وستعينه ونستغفـره، ونعـوذ باللـه مـن شـرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون)
(ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا).
(ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
أ مــا بعــــد .

فإن الصراع بين الحق والباطل قديم قِدَم وجود الإنسان على هذه الأرض ، يعنف هذا الصراع ويخبو بين الحين والآخر ، وكان هذا الصراع في أكثر أحيانه تتفجر معاركه في بقاع محددة من الأرض وفي أقوام معينين حتى بُعث محمد صلى الله عليه وسلم فأعلن الحرب على الباطل في العالم كله – كما أمره الله عز وجل – ومنذ ذلك الحين اتخذ هذا الصراع صفة عامة ، صراعا بين الحق والباطل في العالم كله ، لا يرضى أحدهما بوجود الآخر أبدا .

ونحن اليوم في أوج هذا الصراع واتخاذه أشكالا عديدة وعلى جميع الجبهات وقد حشرت قوى الباطل في الأرض كلها بغية اقتلاع الحق بشتى الوسائل وكافة الحيل ، هذا بالإضافة إلى ضعف المسلمين وفرقتهم واختلافهم ، وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم : يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : من قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت . الصحيحة 958 .
إننا نعيش اليوم أسوأ جولة للباطل مرت في تاريخ أمتنا على الإطلاق ، فإنه لم يحصل في تاريخنا أن سيطر أعداء هذه الأمة عليها كما يسيطرون اليوم ، فلم تشمل سيطرتهم من قبل كافة بلاد المسلمين ومدنهم أما اليوم فإن سيطرتهم قد شملت كافة بلاد المسلمين دون استثناء ، ولم تتعد سيطرتهم في التاريخ الصفة العسكرية , أما اليوم فإنهم يسيطرون علينا عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا .. الخ مما مكنهم من بث أخطر الفتن وخاصة من خلال الإعلام والتعليم .

ومن خطورة هذه الفتن أن أكثرنا لا يرها فتنا ، وقد ألفناها وأحببنا العيش فيها ، حتى صار أبناء هذه الأمة هم الذين يدافعون عن هذه الفتن ويقاتلون من يحمل إليهم الهدى والشفاء .

ولا يحاول التفلت من هذه الفتن إلا القليل النادر ممن تتحرك لديهم مشاعر التدين ، وحتى أن هؤلاء القليل الذين يحاولون التفلت من هذه الفتن ويميلون إلى الرجوع إلى الدين والالتزام بالإسلام فإنهم يجدون في طريقهم فتنا أعظم خطورة وأمتن حبكا قد نسجتها شياطين الإنس والجن بواسطة بعض الحركات التي تلبس ثوب الإسلام , أو بعض المشايخ والمدارس والمعاهد والجامعات التي توحي كذبا وخداعا أنها تعلم الإسلام وتهدي إلى الصراط المستقيم ، وما هي إلا فتنة تعلّم النفاق وتبث الجهل والضلال باسم الله افتراء عليه سبحانه .

لقد قامت في الأمة حركات كثيرة في القرن الأخير ، وبغض النظر عن دوافع هذه الحركات وغاياتها وصدق القيمين عليها أو كذبهم فإن هذه الحركات قد أثبتت أمر مهما جدا وهو سخاء هذه الأمة بالدم والمال واستعداد الكثير من أبنائها للتضحية بما يملكون بشكل عام . ولكن أكثر هذه الدماء والتضحيات قد أهدرت في غير الطريق الصحيح وفي غير المحل الذي يوجع الكفر والكفار .
ومن أهم أسباب ذلك ضياع أحكام الدعوة وعدم ضبط قواعدها لكي تصير سهلة التناول وعدم جمع أدلتها وتصنيفها وعدم معاملتها حسب أصول الفقه والاجتهاد كما فُعل بأحكام الصلاة والصوم والحج ..الخ وعدم تركيزها وتكرارها على مسمع الناس ، مما سهل التلاعب بهذا الموضوع باسم الدين وجعل أكثر هذه التحركات الإسلامية تقودها المشاعر بدل الأحكام وردات الفعل بدل نصوص القرآن والسنة . لذلك كان من المستغرب من أكثر العلماء عدم إعطاء هذا الأمر حقه من الدرس والتدريس والكتابة والتأليف .

إن الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر تعبدي لله عز وجل ، وعلى الداعي أن يجعل قصده وجه الله تعالى وحده ، وهذا يقتضي أن يعي الأحكام التفصيلية للدعوة وأنواع أحكامها من فرض عين وفرض كفاية وسنة وشرط ورخصة وعزيمة والظروف والأوضاع والشروط التي تعلق بعض الأحكام بالذمة والتي تسقط بعض الأحكام من الذمة .. الخ تماما كما يجب عليه أن بعلم أحكام الصلاة والصوم والحج … الخ

موضع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرعا
ونبدأ من الحديث الذي رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه واحمد :
قال أبو سعيد رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .
إذا فلتغيير المنكر ثلاث طرق تغيير باليد وتغيير باللسان وتغيير بالقلب . ولكل واحد ة من هذه الطرق أحكام شرعية توجبها أو تسقطها من الذمة وليس الأمر اعتباطا وليس للمسلم أن ينتقي بمزاجه أيها يقوم به .
ونبدأ بالأمر بالتغيير بشكل عام . يدل هذا الحديث على أن تغيير المنكر واجب شرعا ، وحسب علم الأصول فإن الأمر أو النهي إذا اقترن بتهديد بالعذاب أو وصف مناقض للإيمان أو لعن .. ، يدل على أن مخالفته من الكبائر ، وترك النهي عن المنكر بغير عذر شرعي من الكبائر ، وحسب هذه القاعدة فإن تارك تغيير المنكر قد نالته النصوص بالتهديد واللعن مما جعله أكبر من السرقة والزنا وكثير من الأعمال الكبيرة شرعا والتي يتحرج منها كثير من عامة المسلمين ، ثم يقعون في هذه الكبيرة متهاونين بها ، وعلى ذلك أدلة كثيرة نورد منها :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وذلك أضعف الإيمان ) أي أن ترك تغيير المنكر أمر يمس الإيمان فالتارك لتغيير المنكر ناقص الإيمان عن الحد المقبول عند الله تعالى . وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم : ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهد هم بيده فهو مؤمن ومن جاهد هم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهد هم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .
قوله تعالى : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون .
وهذه الآية تدل على أن ترك النهي عن المنكر أمر من موجبات اللعن وهذا يضعه في درجة من موبقات الكبائر والعياذ بالله .
وقال تعالى : فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين كانوا ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون .
وقال تعالى : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .
وقال تعالى : فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين .
وعن حديفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم . رواه الترمذي
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الناس إذا رأوا ظالما فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب منه . رواه الترمذي .
وعن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها فكان الذين في اسفلها يصعدون فيستقون الماء فيصبون على الذين في أعلاها فقال الذين في أعلاها لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا فقال الذين في اسفلها فإن ننقبها من أسفلها فنستقي فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا وإن تركوهم غرقوا جميعا . الترمذي
فهذه الآيات الثلاث والأحاديث الثلاث تدل على أن ترك النهي عن المنكر من موجبات عموم الهلاك في الدنيا وأن الله تعالى لا ينجي من عموم العذاب إذا أراده بقوم إلا الذين ينهون عن السوء ، وفي هذا تهديد مباشر قوي لمن ترك النهي عن المنكر .
وقال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله .
وقال : ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون .
وفي هاتين الآيتين رفعة وتكريم ودرجة خاصة عند الله تعالى لعمل الأنبياء ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهو الوصف الفاصل بين المؤمنين والمنافقين . فإن المنافقين قد يقلدون المؤمنين بكل أشكال العبادات إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال تعالى : المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر …
والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف …. الآية
هذه بعض الأدلة التي تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبين أهميتهما وما يترتب على تركهما في الدنيا والآخرة . من العذاب واللعن والفساد مما يبين أن ترك تغيير المنكر أمر أكبر من كثير من المحرمات التي لم ينل فاعلها من التهديد والذم كما نال تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


يـــــتــــــــــبع

أبو مُحمد
03-03-2008, 06:52 PM
أخي عابر سبيل...
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ..

أرى والله أعلم أن تُفرد مشاركة مستقله لما أضف ولما ستضيف.
ولاثراء هذه الصفحة بامكانك الاستمارا بها مع الاخ عزام بارك الله فيكم جميعا.

وان أردتني أن أخصص مشاركة مستقلة لما تنقله أنت هنا بهذا الخصوص فلا مانع عندي .

عابر سبيل
03-03-2008, 07:25 PM
إفعل ما تراه صوابا اخي
اما هنا فانا عابر سبيل ولست طرابلسي :)

أبو مُحمد
03-03-2008, 07:41 PM
أعتذر فقد كان الاخ طرابلسي في ذهني وأنا أكتب فالتبس الامر عندي.
وكلنا أخوة باذن الله.

عزام
03-03-2008, 07:50 PM
أخي عابر سبيل...
السلام عليك ورحمة الله وبركاته ..
أرى والله أعلم أن تُفرد مشاركة مستقله لما أضف ولما ستضيف.
ولاثراء هذه الصفحة بامكانك الاستمارا بها مع الاخ عزام بارك الله فيكم جميعا.
وان أردتني أن أخصص مشاركة مستقلة لما تنقله أنت هنا بهذا الخصوص فلا مانع عندي .
انا اوافق الاخ ابا محمد
نحن نتكلم في هذا الملف عن الدعوة الفردية اي كيف ندعو انسانا واحدا للاسلام.. ولا نتكلم عن دعاة الفضائيات.. للاسف لقد اصبحت كلمة دعوة اليوم كلمة ملتبسة لكثرة من يستغلها لتحوير الدين او لتثبيط الناس عن الجهاد.. اكرر هذا ملف للدعوة الفردية.. فنرجوكم ان تضعوا فيه ما يختص بهذا المضمون.
عزام

عابر سبيل
03-04-2008, 03:48 AM
انا اوافق الاخ ابا محمد
نحن نتكلم في هذا الملف عن الدعوة الفردية اي كيف ندعو انسانا واحدا للاسلام.. ولا نتكلم عن دعاة الفضائيات.. للاسف لقد اصبحت كلمة دعوة اليوم كلمة ملتبسة لكثرة من يستغلها لتحوير الدين او لتثبيط الناس عن الجهاد.. اكرر هذا ملف للدعوة الفردية.. فنرجوكم ان تضعوا فيه ما يختص بهذا المضمون.
عزام


لا يمكن أن تصبح الدعوة ناجعة وثمارها كثيرة ويانعة إلا بمعرفة ماهية المجتمع الذي سيدعى إليه كأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ولا يمكن أن تكون الدعوة خالصة لله إلا بمعرفة حكم الله في المنكر الذي ينه عنه حتى لا يصبح الأمر بالمعروف منكرا ولا المنكر معروفا وليس هذا مختصا بجماعات فالمقال يتحدث عن الأفراد والجماعات على حد سواء وما يجب البدء بدعوته به وربط كل صغرة وكبيرة بلا إله إلا الله
وما تكلمنا عن دعاة الفضائيات في مقالنا هذا فقد غسلنا اأيدينا منهم فلا أدري ما سبب ورودهم هنا ..
وللحديث بقية بالتعقيب الأول وسيتم إفراد رابط خاص لبقية المقال
بارك الله فيكم وأرضاكم وجعل الجنة متقلبكم ومثواكم

عزام
03-04-2008, 07:11 AM
لا يمكن أن تصبح الدعوة ناجعة وثمارها كثيرة ويانعة إلا بمعرفة ماهية المجتمع الذي سيدعى إليه كأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ولا يمكن أن تكون الدعوة خالصة لله إلا بمعرفة حكم الله في المنكر الذي ينه عنه حتى لا يصبح الأمر بالمعروف منكرا ولا المنكر معروفا وليس هذا مختصا بجماعات فالمقال يتحدث عن الأفراد والجماعات على حد سواء وما يجب البدء بدعوته به وربط كل صغرة وكبيرة بلا إله إلا الله
وما تكلمنا عن دعاة الفضائيات في مقالنا هذا فقد غسلنا اأيدينا منهم فلا أدري ما سبب ورودهم هنا .. وللحديث بقية بالتعقيب الأول وسيتم إفراد رابط خاص لبقية المقال
بارك الله فيكم وأرضاكم وجعل الجنة متقلبكم ومثواكم

بارك الله فيك اخي عابر سبيل
تابع هنا ان احببت.. اهلا وسهلا بك
عزام

عابر سبيل
03-04-2008, 06:10 PM
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه . ونستغفره ,, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ,, وسيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد , ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ,,
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ,, وأشهد أن محمدا عبد ورسوله ,, وصفيه من خلقه وخليله , بلغ الرسالة , وأدى الأمانة ,ونصح الأمة , وكشف الغمة , وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلوات ربي وسلامه على نبي الهدى ,الذي علمنا لا إله إلا الله قولا ,, وترجمها عملا , فكان قدوة حسنة ومعلما حريصا على أمته بدء بالتوحيد وانتهاء بالخراء ,مما اخرج جيلا من الصحابة كل واحد منهم قرءانا متحركا على الأرض أما بعد :
إن الدعوة إلى الله يجب أن تمر بالمراحل التي مرّ بها رسولنا صلى الله عليه وسلم لاشتراك العلة والجهل المتفشي في مجتمعاتنا مما يوجب على الداع أن يبدأ بما بدأ الله به وأمر به رسوله
اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ,,
وإن مما يحدث في مجتمعاتنا هو عبادة غير الله وإن اختلفت المسميات بين اللات والعزى في العصر الجاهلي وبين السادات والكبراء في عصرنا هذا فكلاهما يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف
إن الدعوة إلى توحيد الله عز وجل هي دعوة الرسل جميعا وختمها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بحرصه على التوحيد الخالص لله ( قولوا لا إله إلا الله تفلحوا )
لذا مكث ثلاثة عشرة سنة يعلم صحابته التوحيد الخالص لله قبل نزول الأحكام ولما ترسخت في قلوب المؤمنين فما نفع إنكار منكر ما إلى لم يكن في قلبه توحيد الله جل في علاه
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
لذا لا يصح إنكار منكر على أحد قبل أن يُنظر إلى توحيده فإن كان منتفيا عنه ,, لاتباعه أولياء الشيطان من الطواغيت والسادات والكبراء فيما ينافي طاعة الله ورسوله
وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا
حينئذ ُيدعى إلى التوحيد مع ربط معصيته بلا إله إلى الله وأن فعله هذا يخالف مضمون لا إله إلا الله عمليا بحجج رسل الله كما بيّنها لنا ربنا في كتابه وترجمها رسوله وتبعه عليها صحابته رضوان الله عليهم
وللحديث بقية إن شاء الله



الدعوة إلى العامة تحتاج إلى تفصيل حسب موقع الداع وحسب معرفته بالذي يدعوه


يجب على الداعي ان يكون كيسا فطن في مخاطبة الناس كل على حسبه


فما كان يصلح مع زيد قد لا يصلح مع عمرو


وما كان يصلح في هذا الموطن قد لا يصلح بموطن آخر


ومن أراد أن يدعو يجب عليه معرفة الذي يدعو به بحكمة ولين حسب نوع الشخص الذي أمامه كما في الأثر عن ابن عمر رضي الله عنهما


( وأنا أصلي على النبي ولكن ما هكذا علمنا رسول الله )


فإن كان جاهلا وأميا علمه فنزل إلى مستواه العلمي ليفهم عليه المدعو لا أن يبقى في قصر العاجي وعلمه الراقي فيخاطب به من لا يحسن فك رموز المصطلحات الشرعية فيصبح كالأطرش بالزفة


كما روي عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما ــ ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان على بعضهم فتنة . ‌


وكما روي بالحديث الضعيف أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم





أما من كان متعلما مثقفا ولديه بعض الخلل في منهجه فيبين إليه بالدليل الملزم شرعا أو بنصيحة مشفق لقوله عليه الصلاة والسلام الدين النصيحة والمسلم مرآت لأخيه ولقوله إنما تأكل الذئب من الغنم القاصية





أما من كان متنطعا وليس وراءه إلا السخرية بالدعاة


فلا يترك مجلسا إلا ويشهر بالدعاة بنعتهم بالجهل والتخلف وما هنالك من ألفاظ تفيد السخرية والاستعلاء فمثله ينتقى بحقه أجمل أنواع النكد مع إلزامه بحجة المنطق أولا والدين ثانيا >>لماذا الدين ثانيا وليس أولا !!


فلأن أمثالهم لا يهمهم كلام الله بقدر ما تلزمهم الحجة التي تجعلهم أغبياء أمام العامة فبمثل هذه المواضع يحق للمسلم الخيلاء

لاشتراكهم بعلة الكفار



( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون )




وأما من كان متعلما عالما بالكتاب والسنة فاهما لمناط الآيات والأحاديث فيتم نصحه سرا بما يعلم أمثال دعاة اليوم فإن أبا الاستماع فيقال فيه كما قال أحد الصحابة لتابعي قبح الله هاتين اليدين القصيرتين وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما تكاد السماء تمطرا علينا حجارة أقول قال رسول الله وتقولون قال أبا بكر وقال عمر




أما من أراد دعوة غير المسلمين


فليكن بنفسه قرءانا متحركا على الأرض بما يحمله من علم وخلق وحب الآخرين بحدود ما سمح به الشرع الحنيف إلا الذين ظلموا منهم فلهم حكمهم الخاص


هذا والله اعلم


وللحديث بقية إن شاء الله


تعليقا !

عزام
03-04-2008, 06:26 PM
بارك الله فيك اخي عابر سبيل على هذه الاضافة القيمة
عزام

عزام
03-05-2008, 06:38 PM
صفات الداعية مع الناس
1- الصبر على اسئلتهم
للاسف بعض العلماء ممن يواجهون باسئلة التشكيك بالدين من قبل ضعاف الايمان يكفرون الشخص ويحقرونه.. يا كافر يا مرتد.. وربما يستدلون بفعل الصحابة رضي الله عنهم حينما كانوا يواجهون بشبهات في الدين.. ولكنهم يهملون ان السائل حينها كان صاحب بدعة يريد نشرها بين الناس وليس فتاة تنفتح على الدنيا او شابا لم يجد من يربيه على التنشئة الاسلامية الصحيحة التي توفر عليه عناء كل هذه الاسئلة.. ثم ان ديننا الاسلامي.. هو دين التفكير.. والعلم.. وهو الدين الذي ينبذ أي محاولة لتقليد الآباء عن جهل.. " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون"... فلتقارن هذا بالنصرانية التي تقول "آمن ثم اسأل" يعني "نفذ ثم اعترض..".. بل ان ديننا يعطينا امثلة عن اكمل البشر وهم الانبياء خلال طرحهم لاسئلة عميقة حول صفات الله سبحانه وتعالى " ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين" – " وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم".. فلم ينتهرهم رب العالمين كما نفعل اليوم مع اجيالنا الطالعة بل بين لهم الاجوبة على اسئلتهم بأبلغ طريقة ممكن تستوعبها العقول..
2- التدرج
عليك أن تتحلَّى بالصبر، وتعتمد التدرُّج مع المدعو، والرفق به، واحرص على أن تعطيه تصوُّرًا واضحًا عن الإسلام من حيث الأولويَّات فيه، وما هو مهمٌّ وما هو أهمّ، فمثلاً تلاوة القرآن والتعبُّد لله بهذه التلاوة مهم، ولكنَّ الفهم والتطبيق أهمُّ وأولى، وموافقة مظهر المسلم لما أمر به الله تعالى مهمٌّ جدًّا، ولكنّ صفاء الباطن ونظافته أهمّ، وأنا أذكر هذا الأمر بسبب ما رأيته من نماذجٍ مشوَّهةٍ من المسلمين تحرص على أمورٍ بل وتنافح عنها باستماتة، وكأنَّها الدين كلُّه، وتجد أنَّ أمورًا أخرى –رغم أنّها هي الجوهر والأساس - مهملة أو غائبة تمامًا عن وعيهم، وربّما بعبارةٍ فقهيَّةٍ توضّح لهما الفرق بين الواجب والمستحبّ والمكروه والمحرَّم، وأنّ هناك من المحرَّمات ما يسمَّى بالكبائر، وهناك من المكروهات ما قد اختلف على كراهته.
3- عدم التسفيه ولا التحقير من قضايا الناس:
فإن النفوس تميل إلى من يحترمها ويرفع من قدرها، خاصةً إذا كان أولئك أصحاب مكانةٍ في قومهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يُنَزل الناسُ منازلهم. وإن من أهم أسباب إسلام كثيرٍ من الصناديد هو رفع منزلتهم في الإسلام: كالأقرع بن حابس، وأبي سفيان، وعيينة بن حصن، وثمامة بن أثال. ولقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الاهتمام بقضايا المسلمين، حتى لقد كان يهتم بأمور العبيد والموالي؛ فها هو يشفع لمغيث عند زوجته بريرة لكي ترجع إليه بعدما عُتِقَت وهو عبد، وغير ذلك الكثير من أمثلة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بقضايا أصحابه.
4- كلنا دعاة
قد مر معنا أن الدعوة معنى شامل لكل فعل يرغب الناس في دين الله تبارك وتعالى مما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، وهي بهذا المعنى تأبى أن تنحصر في هيئة الموعظة سواء تشكلت في صورة الخطبة أو الدرس أو نحو ذلك .
والعجب الذي لا ينقضي من أناس أرادوا أن يحصروا مفهوم الدعوة في خطبة الجمعة ودرس العلم في المسجد ، ناسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظ على القبر وفي سوح القتال ، بل وعظ الناس بفعله قبل قوله ، وخصص للنساء يوما يعظهن فيه ، وكان يخص عائشة بمزيد علم لكونها المطلعة على خفي أمره فتكون بذلك المبلغ للناس ما خفي من سنــة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل فداء أسرى بدر أن يعلموا صبية المسلمين الكتابة ، فكل ذلك أَوَلا ينبئ أن الدعوة وخدمة الدين يمكن أن تكون خارج حدود المسجد ؟ ! ولنا أن نسأل : كيف للدعوة أن تقتحم أسوار الطلبة الشيوعيين في الجامعات إذا لم نخرّج من طلائعنا أوتادا في العقيدة الإسلامية ومتخصصين في الأفكار الهدامة يكونون جحافل حق تهدم عروش الكفر بالحجة الواضحة والبرهان الناصع .
إن الدعوة كما تحتاج خطيبا مصقعا فلا غنى لها أيضا عن صحفي نابه وكاتب ذي قلم سيال ومؤلف حسن الجمع والعرض ومناظر يقطع خصوم الإسلام بحججه القوية وأساليب إقناعه المبهرة ، بل إن الدعوة لا بد أن تطمح أن يكون لديها إعلاميون ذوي دراية بتقنية الإعلام حتى إذا ما تمكنت من إطلاق إذاعة أو قناة تليفزيونية كان ثمة كوادر تحمل هم الدين معها إلى تلك المواقع .
وحصر الدين في حلة الوعظ والخطبة كيد علماني عتيق ، أرادوا من ورائه أن يتسربل الإسلام ثوب الكنيسة ، فيظهر الواعظ في لباسه الرسمي المعهود ويلوك كلماته بترنيمة تشبه ترنيمة المنشدين في الكنائس ، لكأن الشيخ يريدونه صنو القسيس الذي يعظ فتتلاشى شمولية الدين في هذا الديكور المصطنع ، وإذا ما هب طبيب أو مهندس أو تاجر يريد تطبيق شرع الله وتعظيم حرماته استعظموا فريته وحسبوه كلابس ثوبي زور ، وهكذا تفر معالم الحقيقة من فحيح الكائدين .من الذي رسم القانون الذي به أُلزم الناس ألا يروا أهل العلم إلا في مقام الوعظ ، وألا يسمعوا آيات الله تتلى إلا عن طريق الدرس أو المحاضرة ، بل من الذي يلزم الدعاة أن ينصهروا في هذه البوتقة فلا يخرجون منها ولا يحيدون عنها .

منال
03-13-2008, 07:43 PM
السلام عليكم

موضوع أكثر من رائع أنهيت الصفحة الاولى ولى عودة للاكمال باذن الله

بارك الله فيكم وجزاكم كل خير

عزام
03-13-2008, 07:50 PM
ويبارك فيك اختي الكريمة

عزام
03-14-2008, 04:46 PM
السلام عليكم
من اجمل ما قرأت في هذا المضمار
اعطونا رايكم
عزام

الفتور الدعوي عند الشباب الأسباب والحلول


د. عبد الله بن علي الجعيثن
الدعوة إلى الله اليوم واجب الأمة الإسلامية جمعاء لا يشذ عن ذلك إلا عاجز، كل على حسب قدرته وما وهبه الله من استعدادات وإمكانات.
والناظر في حال شباب الأمة يجد تقهقراً عن القيام بهذا الواجب وتراجعاً عن الاشتغال بهذه الوظيفة وعزوفاً عن التصدي لتلك المهمة من قِبَل كثير من الشباب!
وحين نتلمس الأسباب التي أدت إلى ذلك، والصوارف التي صرفت أولئك عن الاشتغال بتلك الأعباء فإننا نجد أنها ترجع إلى أمور كثيرة يمكن الإشارة إلى شيء منها في هذا المقام:
1 - ضعف استشعار المسؤولية والغفلة عن استحضار ذلك الواجب، فلا يشعر المرء بأنه مطالب بعينه بالنهوض بالأمة ومداواة عللها وتضميد جراحها.
2 - اعتقاد بعضهم أن في الساحة من يكفي، إذن فلا حاجة إليه.
3 - الاشتغال بالدنيا وملذاتها من الأموال والبنين والمراكب والمساكن والمناصب.
4 - الانهزامية والشعور بالضعف أمام تيارات الفساد، وتطرُّق الإحباط إلى النفوس من جراء كثرة الشر والباطل وتفنن أهله في عرضه وترويجه، فوقع في بعض النفوس أن الأمر أكبر مما يمكن أن يقدمه، وأنه يتطلب جهوداً ليس هو من أهلها ولا من القادرين عليها. ووصل الحال بآخرين بعد بذل شيء من الأسباب إلى أن يقول بلسان الحال: إما أن تصلح الأوضاع ويستقيم أمر الناس أو ننسحب من الميدان ونخلي المكان.
5 - تصور بعضهم ضيق ميدان الدعوة وأنه محصور في خطبة على منبر أو محاضرة مرتجلة أو كلمة أمام الجماهير، وهو غير قادر على شيء من ذلك، فينصرف عن الدعوة بالكلية.
6 - الصدمات التي قد يتعرض لها بعض العاملين في حقل الدعوة والمضايقات التي قد تحصل لبعض الدعاة، فربما كان ذلك سبباً في تطلب بعضهم للسلامة بزعمه، وقد وقع في العطب!!
7 - تقصير المنظِّرين والدعاة في تحفيز الشباب نحو العمل الدعوي وفتح الآفاق أمامهم للولوج إلى ميدان الدعوة الفسيح كل على حسب ما آتاه الله من علم ومقدرة وموهبة.
8 - دعوى بعضهم أن المشكلة ليس من أسبابها جهل الناس وحاجتهم إلى التعليم والدعوة والبيان، بل إن الناس بزعمهم عاصون على بصيرة ومعاندون للحق؛ فما ثمرة السعي في تعليمهم ما يعلمون وتبصيرهم فيما لا يجهلون؟!
9 - ميل الكثيرين إلى الكسل والبطالة أو كثرة الرحلات والمخالطات، وبعدهم عن الجدية في عموم أحوالهم وأمورهم؛ ومن ذلك أمر الدعوة إلى الله؛ فليس عند الواحد منهم استعداد لأن يناط به عمل أو يتحمل مسؤولية؛ لا عجزاً، ولكن تهاوناً وكسلاً.
10 - اشتغال بعضهم بالجدل والمراء في بعض القضايا الفكرية، وبعض الأطروحات المعاصرة مما شغله عن الاهتمام بالنهوض بالأمة في أعمالها وسلوكها وأخلاقها.
11 - اشتغال بعضهم بالتنقيب عن عيوب الناس وخصوصاً العاملين في حقل الدعوة، وإظهار تلك العيوب ونشرها وتضخيمها، وربما لبَّس عليه الشيطان بأن هذا في سبيل الإصلاح وأنه محسن في ذلك قائم بأمر الدعوة.
12 - اشتغال بعضهم بالنظر في الواقع وتتبع ما يجري في الساحة والمبالغة في ذلك إلى حد الانهماك فيه، ثم يظن أنه بذلك قدم شيئاً للأمة بمجرد هذه المتابعة وحصوله على هذا الفقه. وهو بهذا قد لا يعدو أن يكون نسخة مما تحتفظ به أجهزة الإعلام من أخبار وتقريرات وتحليلات!!
13 - عدم التوازن والاعتدال لدى بعض الشباب في توزيع الحقوق والواجبات؛ فربما انهمك في جانب على حساب الجوانب الأخرى؛ كمن ينهمك في طلب العلم أو في تربية النفس وتهذيبها أو في جانب من جوانب الخير على حساب أبواب أخرى من الخير كالدعوة إلى الله سبحانه؛ حتى ربما اعتقد أنه إذا خرج عن هذا الأمر الذي رسمه لنفسه قد ضيع زمانه وأهدر جهده فيما لا ينفع.
14 - تثبيط القاعدين وتحبيط المتقاعسين عن القيام بأمر الدعوة؛ فلا يكتفي أولئك بقعودهم وتقاعسهم، بل ربما سعوا إلى تثبيط غيرهم والحط من قدر أعمالهم، وأنه لا فائدة من جهودهم؛ فربما قاد ذلك بعض الضعفاء إلى التأثر بذلك الهذيان ومن ثم إخلاء الميدان.
15 - اشتراط بعض الشباب أن يكون في موقع معين في المشروع الدعوي، فإن لم يتحقق له ذلك المكان، ولم يحصل له المركز الذي يريده أنف أن يكون في موضع أقل مما يطمح له، فيكون البديل أن يولي الأدبار، وينأى بجانبه، ويترك المجال برمته، وهو الخاسر بكل حال.

عبد الله بوراي
03-14-2008, 04:59 PM
إفعل ما تراه صوابا اخي
اما هنا فانا عابر سبيل ولست طرابلسي :)

إذن أنت هو ................!!

عرفتك والله هنا وهناك

بارك الله فيك

أخوكم

عبد الله

عبد الله بوراي
03-14-2008, 05:06 PM
السلام عليكم





من اجمل ما قرأت في هذا المضمار
اعطونا رايكم
عزام


الفتور الدعوي عند الشباب الأسباب والحلول


د. عبد الله بن علي الجعيثن
الدعوة إلى الله اليوم واجب الأمة الإسلامية جمعاء لا يشذ عن ذلك إلا عاجز، كل على حسب قدرته وما وهبه الله من استعدادات وإمكانات.
والناظر في حال شباب الأمة يجد تقهقراً عن القيام بهذا الواجب وتراجعاً عن الاشتغال بهذه الوظيفة وعزوفاً عن التصدي لتلك المهمة من قِبَل كثير من الشباب!
وحين نتلمس الأسباب التي أدت إلى ذلك، والصوارف التي صرفت أولئك عن الاشتغال بتلك الأعباء فإننا نجد أنها ترجع إلى أمور كثيرة يمكن الإشارة إلى شيء منها في هذا المقام:
1 - ضعف استشعار المسؤولية والغفلة عن استحضار ذلك الواجب، فلا يشعر المرء بأنه مطالب بعينه بالنهوض بالأمة ومداواة عللها وتضميد جراحها.
2 - اعتقاد بعضهم أن في الساحة من يكفي، إذن فلا حاجة إليه.
3 - الاشتغال بالدنيا وملذاتها من الأموال والبنين والمراكب والمساكن والمناصب.
4 - الانهزامية والشعور بالضعف أمام تيارات الفساد، وتطرُّق الإحباط إلى النفوس من جراء كثرة الشر والباطل وتفنن أهله في عرضه وترويجه، فوقع في بعض النفوس أن الأمر أكبر مما يمكن أن يقدمه، وأنه يتطلب جهوداً ليس هو من أهلها ولا من القادرين عليها. ووصل الحال بآخرين بعد بذل شيء من الأسباب إلى أن يقول بلسان الحال: إما أن تصلح الأوضاع ويستقيم أمر الناس أو ننسحب من الميدان ونخلي المكان.
5 - تصور بعضهم ضيق ميدان الدعوة وأنه محصور في خطبة على منبر أو محاضرة مرتجلة أو كلمة أمام الجماهير، وهو غير قادر على شيء من ذلك، فينصرف عن الدعوة بالكلية.
6 - الصدمات التي قد يتعرض لها بعض العاملين في حقل الدعوة والمضايقات التي قد تحصل لبعض الدعاة، فربما كان ذلك سبباً في تطلب بعضهم للسلامة بزعمه، وقد وقع في العطب!!
7 - تقصير المنظِّرين والدعاة في تحفيز الشباب نحو العمل الدعوي وفتح الآفاق أمامهم للولوج إلى ميدان الدعوة الفسيح كل على حسب ما آتاه الله من علم ومقدرة وموهبة.
8 - دعوى بعضهم أن المشكلة ليس من أسبابها جهل الناس وحاجتهم إلى التعليم والدعوة والبيان، بل إن الناس بزعمهم عاصون على بصيرة ومعاندون للحق؛ فما ثمرة السعي في تعليمهم ما يعلمون وتبصيرهم فيما لا يجهلون؟!
9 - ميل الكثيرين إلى الكسل والبطالة أو كثرة الرحلات والمخالطات، وبعدهم عن الجدية في عموم أحوالهم وأمورهم؛ ومن ذلك أمر الدعوة إلى الله؛ فليس عند الواحد منهم استعداد لأن يناط به عمل أو يتحمل مسؤولية؛ لا عجزاً، ولكن تهاوناً وكسلاً.
10 - اشتغال بعضهم بالجدل والمراء في بعض القضايا الفكرية، وبعض الأطروحات المعاصرة مما شغله عن الاهتمام بالنهوض بالأمة في أعمالها وسلوكها وأخلاقها.
11 - اشتغال بعضهم بالتنقيب عن عيوب الناس وخصوصاً العاملين في حقل الدعوة، وإظهار تلك العيوب ونشرها وتضخيمها، وربما لبَّس عليه الشيطان بأن هذا في سبيل الإصلاح وأنه محسن في ذلك قائم بأمر الدعوة.
12 - اشتغال بعضهم بالنظر في الواقع وتتبع ما يجري في الساحة والمبالغة في ذلك إلى حد الانهماك فيه، ثم يظن أنه بذلك قدم شيئاً للأمة بمجرد هذه المتابعة وحصوله على هذا الفقه. وهو بهذا قد لا يعدو أن يكون نسخة مما تحتفظ به أجهزة الإعلام من أخبار وتقريرات وتحليلات!!
13 - عدم التوازن والاعتدال لدى بعض الشباب في توزيع الحقوق والواجبات؛ فربما انهمك في جانب على حساب الجوانب الأخرى؛ كمن ينهمك في طلب العلم أو في تربية النفس وتهذيبها أو في جانب من جوانب الخير على حساب أبواب أخرى من الخير كالدعوة إلى الله سبحانه؛ حتى ربما اعتقد أنه إذا خرج عن هذا الأمر الذي رسمه لنفسه قد ضيع زمانه وأهدر جهده فيما لا ينفع.
14 - تثبيط القاعدين وتحبيط المتقاعسين عن القيام بأمر الدعوة؛ فلا يكتفي أولئك بقعودهم وتقاعسهم، بل ربما سعوا إلى تثبيط غيرهم والحط من قدر أعمالهم، وأنه لا فائدة من جهودهم؛ فربما قاد ذلك بعض الضعفاء إلى التأثر بذلك الهذيان ومن ثم إخلاء الميدان.
15 - اشتراط بعض الشباب أن يكون في موقع معين في المشروع الدعوي، فإن لم يتحقق له ذلك المكان، ولم يحصل له المركز الذي يريده أنف أن يكون في موضع أقل مما يطمح له، فيكون البديل أن يولي الأدبار، وينأى بجانبه، ويترك المجال برمته، وهو الخاسر بكل حال.


بارك الله فيك شيخى وألحقنى بك مع الصالحيقسن فى جنة قطوفها دانية
أنى أحبك فى الله ...
أهنيئك على هذه الماده الطيبه
ربنا يجزيك كل خير
ربنا ينور طريقك

أخوكم

عبد الله

عزام
03-14-2008, 05:39 PM
بارك الله فيك شيخى وألحقنى بك مع الصالحيقسن فى جنة قطوفها دانية
أنى أحبك فى الله ...
أهنيئك على هذه الماده الطيبه
ربنا يجزيك كل خير
ربنا ينور طريقك
أخوكم
عبد الله
احبك الله الذي احببتني فيه اخي عبدالله
وكي لا يقول الاخ بلال اني اضع المشاكل بدون ان اشير الى علاج
ها اني اضع تتمة المقال
عزام

علاج الفتور الدعوي عند الشباب
بمعرفة الأسباب يتضح العلاج. وهناك بعض الأدوية التي تداوى بها تلك العلة منها:
1 - استشعار المسؤولية العظمى المناطة بكل مسلم تجاه دينه وأمته، وخصوصاً الشباب الصالح الذي تربى على الخير واغترف من معين الحق؛ فهو أجدر من يتصدى للنهوض بأمته ورفع الجهل عنها ورأب صدعها ومعالجة عللها وأدوائها. ويزيد من عظم الأمر أن واقع الأمة الإسلامية اليوم بحاجة ملحة إلى دعاة كثيرين بل إلى استنفار عامٍّ من قِبَل كل طالب علم وصاحب غيرة ليؤدي دوره، وبخاصة أن الدعاة الموجودين اليوم لو اجتمعوا في بلد واحد لما سدوا الحاجة القائمة؛ فكيف مع قلتهم وتوزعهم؟ ثم على فرض وجود من يكفي ألا يسر المرء أن يكون من جملة قافلة الدعاة وركاب سفينة النجاة؟
2 - معرفة حقارة الدنيا وأنها لا تستحق انصراف القلب إليها وانهماك البدن في الاشتغال بها، وأن قيمتها الحقيقية تكمن في كونها ميداناً للأعمال الصالحة والجهود المباركة التي تنفع المرء في آخرته. ومن ذلك العمل الدعوي ونفع الخلق بجميع صور النفع.
3 - الثقة بنصر الله واليقين بوعده، وأنه تعالى يؤيد حَمَلَة هذا الدين، وأنه مهما تآمر العدو وتفنن في عرض باطله فإنه مهزوم أمام قدرة الله وقهره، ولكن لا بد من الابتلاء والامتحان. قال تعالى : ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض {محمد: 4}.
4 - إدراك اتساع ميادين الدعوة والعمل لهذا الدين يتيح للجميع فرصة المشاركة، كل فيما يخصه وما أعطاه الله من مواهب وقدرات. ومن ذلك:
- النصيحة الفردية ملفوظة ومكتوبة.
- الكلمة القصيرة. - المراسلة لهواة المراسلة.
- كتابة المقالات في الصحف والمجلات.
- التعقبات والردود على بعض الكتابات المغرضة في الصحف والمجلات وأجهزة الإعلام الأخرى.
- المشاركة في الكلمات والندوات في الإذاعة والتلفاز.
- كتابة القصص الهادفة.
- تأسيس قناة تلفازية أو مجلة إسلامية أسبوعية أو شهرية في شبكة "الإنترنت" وعرض البرامج التربوية والعلمية والمقالات الهادفة من خلال ذلك.
- توزيع الشريط النافع والكتاب الهادف والمطويات والنشرات الجيدة.
- نظم الشعر في مناصرة الدعوة الإسلامية وقضايا المسلمين.
- الأعمال الإغاثية داخل البلاد وخارجها.
- معالجة قضايا الشباب ومشكلاتهم.
- تربية الشباب من خلال الحلقات القرآنية ومكتبات المساجد ومجموعات الأحياء.
- الدراسة والتخطيط للبرامج الدعوية، ووضع الخطط للمشروعات الخيرية، واقتراح الأمور النافعة في حقل الدعوة التي يقوم بها غيره من القادرين الأكفاء. وهذا الإدراك لاتساع ميادين الدعوة يقطع الطريق على كل معتذر ويسد الباب أمام أي متنصل.
7 - فهم أن ابتلاء أصحاب الدعوات سنة ماضية، ولا بد من توطين النفس على التعرض لشيء من الابتلاء القولي وربما الفعلي. يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور {لقمان: 17} . وإن كان الملحوظ في عصرنا أن ممارسة الكثير من ميادين الدعوة ومجالات العمل الإسلامي الأصل فيه السلامة وعدم التعرض للفتنة.
8 - التفاؤل في الأعمال الدعوية مطلب، وهو حافز للعمل ودافع إليه؛ ومع ذلك فلا تفترِضْ سلفاً عدم جدوى شيء من هذه الأعمال، ولا تُصَبْ بالإحباط حينما لا ترى الثمرة ماثلة للعيان؛ لأنك مطالب ببذل الأسباب، والنتيجة أمرها إلى رب الأرباب، وليس بالضرورة أن يرى المرء ثمرة دعوته وقد يراها غيره، وربما كان الغرس على يده وجني الثمار على يد غيره.
9 - واجب على من ولاَّهم الله أمر تعليم الأمة وتوجيهها من العلماء والدعاة أن يوجهوا الشباب إلى الانخراط في مجال العمل الإسلامي وأن يحفزوهم إلى ذلك، ويفتحوا لهم الآفاق الدعوية التي يمكنهم العمل من خلالها.
10 - لا بد من معرفة أن الناس وإن كان الغالب عليهم أنهم متعلمون إلا أنهم يجهلون الكثير الكثير من أمور دينهم ولا سيما في المناطق والهجر النائية؛ فواجب على كل من يحمل علماً ولو قليلاً أن يقوم بوظيفة البلاغ؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "بلغوا عني ولو آية" رواه البخاري(1). ثم إنه ليس المقصود بالدعوة التعليم فحسب، بل الناس بحاجة إلى تذكيرهم بما يعلمون وهم عنه غافلون، والله تعالى يقول: وذكر فإن الذكرى" تنفع المؤمنين {الذاريات: 55} وما أكثر ما يقع فيه الناس من المخالفات والأخطاء؛ فإذا ذكّروا بالله تذكروا فإذا هم مبصرون.
11 - الجدية وعلو الهمة مطلب في حياة الشاب الملتزم؛ فلا بد من البعد عن مظاهر الكسل والبطالة والإخلاد إلى الراحة، بل المبادرة بملء الوقت بمعالي الأمور من علم وعمل ودعوة، مع إجمام النفس الفينة بعد الأخرى . على أن الأمر كما قال الشاعر: وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام
12 - إدراك أن الاشتغال بالجدل والمراء مما يورث قسوة القلب والضغائن بين الناس، ويصد القلب عن الاشتغال بما ينفع العبد وينفع أمته، فليبتعد المرء عن المراء والجدال، وليشتغل بنشر الخير وتأليف القلوب على الحق.
13 - التنقيب عن عيوب الأنام سمة اللئام، وليست من خصال أهل الإسلام؛ وتزداد قبحاً وسوءاً حينما يصورها الشيطان بأنها من مناصرة الحق وتقويم الخلق، فيصد العبد بذلك عن نشر الخير وإيصاله إلى الناس بتتبع عثراتهم وإبراز عيوبهم، خصوصاً القائمين بالحق منهم؛ فعلى من كانت هذه سمته أن يتقي الله ويشتغل بعيبه عن عيوب الناس، ويمحض الناس النصح والتوجيه، ويجتهد في إيصال الخير إليهم بكل طريق.
14 - معرفة الواقع والاطلاع عليه وسيلة وليس غاية في نفسه؛ فإن لم يكن اطلاعك عليه طريقاً إلى القيام بالمسؤولية تجاهه وبذل الأسباب في معالجته فلا تعدو أن تكون أقمت الحجة على نفسك، وأعلنت أمام الله والملأ بقلة مبالاتك!! فاتقِ الله ولا تجعل الاشتغال بتتبع الأخبار ورصد الواقع غاية في نفسه فتظن أنك بذلك قدمت شيئاً للإسلام؛ بل استثمر ذلك في القيام بما يجب عليك نحوه حسب استطاعتك.
15 - التوازن في الأمور مطلب شرعي، فلا يكن اشتغالك بجانب من جوانب الخير سبباً في اشتغالك عن جوانب أخرى ربما كانت واجبة كالدعوة إلى الله تعالى. وليست العبرة في ذلك بالميول القلبية والرغبات النفسية، فالشرع هو الميزان في ترتيب الأولويات وتوزيع الواجبات.
16 - مجانبة المتقاعسين والبعد عن مخالطة القاعدين؛ فالمرء على دين خليله؛ فإذا بُليت بمثل أولئك فكن معهم ببدنك لا بقلبك، ولا تكترث بتثبيطهم، واحمد الله الذي عافاك مما ابتلاهم به، من غير أن يصيبك الإعجاب بالنفس؛ فالله هو المانُّ عليك بذلك.
17 - الإخلاص أعظم الحوافز نحو العمل الدعوي ونفع الخلق، لما يرجوه العبد من الثواب ويؤمله من الأجر. كما أنه سبب من أسباب الثبات على الطريق مهما حصل من إخفاقات كالارتباك والعي أثناء إلقاء الكلمات، أو كان ذلك في حصول أخطاء غير متعمدة في المشروع الدعوي؛ لأن العامل حينئذ يشعر أنه بذل ما يستطيع وصدق في ذلك وأراد الخير فلا يقلق حينما يقع أمر بغير اختياره أو لم يتمكن من إنجاز ما يريد إنجازه، وهو لا يرجو من الناس ثناء ولا شكوراً؛ فلا يضيره إن لم يحصل على شيء من ذلك.
كما أن الإخلاص من عوامل الاستمرار في دعوة الناس مهما أعرضوا؛ لأن المخلص لا يزال يؤمل صلاحهم، كما أنه يرجو الثواب في استمراره في دعوتهم، فلا يضيره إعراضهم.
وكذلك فإن الإخلاص يجعل المرء يرضى بما يناط به من عمل في أي مشروع خيري أو دعوي؛ فهو لا يشترط منصباً أو مكاناً معيناً إن حصل له وإلا فإنه لا يعمل؛ لأن همَّ المخلص أن يقدم خيراً لأمته في أي موقع كان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "طوبى لعبد آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة"(2) فهمُّه الجهاد ونصرة هذا الدين، فلا يبالي في أي موقع وُضِعَ، وحيثما وضع نفع؛ وهذا لا يعني أن لا يسعى المرء إلى أن يقدم لهذا الدين وينفع الأمة من خلال القدرات والمواهب التي يحسنها؛ لكن الكلام هنا في أن المخلص لا يسعى للصدارة والظهور والرئاسة، بل هو مجتهد مستجيب لكل ما يناط به مما له قدرة عليه.
18 - علم المرء بفضائل وثمرات الدعوة إلى الله من أعظم ما يدفعه نحو الاشتغال بذلك. ومن ذلك قوله تعالى : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين {فصلت: 33} ، وقال عليه الصلاة والسلام : "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" متفق عليه(3). وقال أيضاً: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (4). فكم يكون لك من الأجر إذا كانت الأعداد الكبيرة من الناس تعمل على ضوء ما أرشدتهم إليه! وكم من الأجر يلحقك من آثار ذلك حتى وأنت مفارق للدنيا في قبرك!

Abuhanifah
03-14-2008, 05:56 PM
السلام عليكم
بارك الله بك أخي عزام موضوع مهم ولا يحتاج الى تثبيت فقط بل الى جمع وتحقيق وطباعة كما اقترحت من قبل ليتحول الموضوع الى تطبيق عملي.... لا ان يغرق الموضوع في الأرشيف
أقرأ الموضوع بتمعن ثم أعود باذن الله...

عزام
03-14-2008, 06:06 PM
السلام عليكم
بارك الله بك أخي عزام موضوع مهم ولا يحتاج الى تثبيت فقط بل الى جمع وتحقيق وطباعة كما اقترحت من قبل ليتحول الموضوع الى تطبيق عملي.... لا ان يغرق الموضوع في الأرشيف
أقرأ الموضوع بتمعن ثم أعود باذن الله...
آمين وفيك
صدقت والله خاصة الموضوع الاخير ففيه خطوات عملية لا يجب ان نقصر فيها البتة.
عزام

عزام
03-15-2008, 07:39 PM
تنويع الأساليب في الدعوة
صبر سيدنا نوح عليه السلام على قومه وتنويعه الاساليب
وراثة عمل النبوَّة تعني الوعي بحركتهم عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، وجعلهم محلَّ إقتداء، وهذا مثالٌ من القرآن الكريم المعجز: (قال ربِّ إنِّي دعوت قومي ليلا ونهارًا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا * وإنِّي كلَّما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرُّوا واستكبروا استكبارًا * ثمَّ إنِّي دعوتهم جهارًا * ثمَّ إنِّي أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارًا * فقلت استغفروا ربَّكم إنَّه كان غفَّارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارًا).
ولك أن تتخيَّل حركة سيّدنا نوح في الليل والنهار وهم ينفرون منه، بل وتتخيَّل أنَّهم يضعون أصابعهم في آذانهم، ويغطُّون وجوههم بثيابهم إمعانًا في عدم السماع، ومع إصرارهم وتكبُّرهم، فهو يدعوهم جهرةً وسرًّا وعلنًا.. يدعوهم لمغفرة الله وحده.
قال الأستاذ سيد قطب رحمه الله : وهي صورة لإصرار الداعية على الدعوة وتحين كل فرصة ليبلغهم إياها .. ومع الدأب على الدعوة وتحين كل فرصة والإصرار على المواجهة اتبع نوح عليه السلام كل الأساليب ، فجهر بالدعوة تارة ثم زاوج بين الإعلان والإسرار تارة ..وفي أثناء ذلك كله أطمعهم في خير الدنيا والآخرة ، أطمعهم في الغفران إذا استغفروا ربهم ، فهو سبحانه غفار للذنوب .. وأطمعهم في الرزق الوفير الميسور من أسبابه التي يعرفونها ويرجونها وهي المطر الغزير .. كما وعدهم برزقهم الآخر من الذرية التي يحبونها – وهي البنين – والأموال التي يطلبونها . أهـ
ولعلنا إذا نظرنا في تراثنا سنجد أن علماءنا قد فقهوا ذلك تمام الفقه فما طالبوا كلاً بما هو أهله، ففي القرن الأول ومع ظهور الجدل ودخول شعوب في الإسلام ممن يشتغل أهلها بالجدل ظهر من أهل السنة من يحسن هذا الفن ويتقنه، وبعد أن ماج العالم الإسلامي بالمذاهب والأفكار والفلسفات لم يقف علماؤنا عاجزين وإنما قابلوا هذه الفلسفات بما يدحضها كما أخذوا منها فلا تعارض وثواب العقيدة الإسلامية، بل إن الإمام أبا حامد الغزالي كتب كتابه الشهير تهافت الفلاسفة داحضًا فيه مذاهب الفلاسفة اليونانيين.
وفي الأندلس ومع الاحتكاك مع المسيحيين ظهرت كتابات رائعة لعلماء المسلمين في مجادلة اليهود والنصارى ودحض عقائدهم وبيان عوار ما بأيديهم من كتب وقد بلغ الإمام ابن حزم في ذلك مبلغًا عظيمًا.

عزام
03-23-2008, 07:52 AM
الحرص على هداية المدعوين أولا:
الداعية له هدف عظيم وهو هداية الناس إلى دين الله وهذا هو ما يحرص عليه ويسعى في سبيل تحقيقه ويلتمس له الوسائل والطرق المناسبة رغبة في إخراج الناس من الظلمات إلى النور للفوز برضا خالقهم، وليس هم الداعية محصورا في إقامة الحجة على الناس وإن كان ذلك من مقتضيات دعوته، فعندما يكون هم الداعية إقامة الحجة وكفى فإنه لن يجتهد اجتهاد الحريص على هداية الناس وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته حريصا جدا على هداية الناس وكان يبذل لهم كل ما يدعوهم إلى الاهتداء وكان يحزن حزنا شديدا على عدم استجابة الناس للدعوة حتى خاطبه ربه في ذلك وقال له : ( لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ) وقال: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) وقال : (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) باخع نفسك : أي مهلكها، فلم يكن هم الرسول صلى الله عليه وسلم محصورا في مجرد إقامة الحجة عليهم بل كان همه الأكبر هو في قيادهم إلى الإيمان وقد كان صلى الله عليه وسلم يسلك في ذلك كل طريق من شأنه أن يحقق مراده وهذه عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تخبرنا أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ( هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد قال لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) وعلى ذلك فإن من السياسة الشرعية في الدعوة إلى الله تعالى أن تظهر من الداعية الرغبة الحقيقية والحرص على هداية الناس والتحسر على ما هم فيه من الضلال والبعد عن دين الله تعالى ولا موقفه منهم موقف المتشفي فيهم الذي وقف جهده وهمه في الإغلاظ عليهم ، وهذه السياسة الشرعية في الحرص على هداية الناس ليست قاصرة على شريعتنا بل هذا ما أوصى الله به موسى وأخاه هارون عندما أرسلهما لدعوة فرعون قال الله لهما : ( فقولا له قولا لينا لعله يذكر أو يخشى ) فالموقف موقف دعوة وترغيب في الهداية فكان المناسب لذلك هو القول اللين الذي من شأنه يقود إلى الاستجابة ، وأما الإغلاظ في القول والشدة في التصرف في هذه الحالة يكون مدعاة للنفور والاستكبار، وهذا نوح عليه السلام قال لقومه : ( اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ...) إلى أن يقول: ( ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا..) كل ذلك حرصاً منه ورغبة في هدايتهم، فالتماس الوسائل واتخاذ الطرق والأساليب المؤدية لذلك هو هم الدعاة الحقيقي وبعد هذا الجهد الكبير فهناك من يشرح الله صدره ويهديه، ولكن مع ذلك تبقى بقية ظالمة فاجرة متكبرة لم يرد الله هدايتها، فإذا وصلت فئة إلى هذا الحد وانقطع أمل الداعية في رجوعهم للحق فإن على الداعية أن يواجه الظالم الكفور بما يناسبه مع مراعاة ما تقدم ذكره من المصالح والمفاسد ، وليس من السياسة الشرعية تركه والحالة هذه يتمادي في غيه ويزيد من شططه إذا لم تكن هناك مصلحة ترتجى من وراء ذلك، وقد قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام مع فرعون لعنه الله : ( ولقد ءاتينا موسى تسع آيات بينات فسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا ) فرد عليه موسى عليه السلام وقال له :( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ) فبعد كل هذه الآيات البينات يلج فرعون في غيه ويرفض الإيمان ويتهم موسى بالسحر فما كان من موسى عليه السلام إلا أن واجهه بأنك تعلم يا فرعون علما يقينا أن هذا ليس بسحر وأن هذه آيات أنزلها رب السموات، ثم يتهدده بقوله : وإنك يا فرعون مثبورا أي هالكا ممقوتا ناقص العقل،فليس من السياسة الشرعية في الدعوة أن نقف أبد الدهر عند قوله تعالى:( فقولا له قولا لينا ) وليس من السياسة أيضا أن نبدأ الدعوة بـ( وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ) وإنما السياسة الحقة هي مقابلة كل موقف بما يناسبه ففي موقف الدعوة وقبل استحكام العناد يأتي قوله تعالى : (فقولا له قولا لينا ) وفي موقف الجهاد والجلاد يأتي قوله تعالى: ( وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ) وقوله تعالى: ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) وقوله : ( قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة ) ومن ذلك هذا الذي نزل فيه قوله تعالى : ( أولم يرى الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ) قال قتادة: (ذكر لنا أن أبي بن خلف أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته ثم ذراه في الريح ثم قال يا محمد من يحيي هذا وهو رميم قال الله يحييه ثم يميته ثم يدخلك النار قال فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد) فقابله الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الشدة في الجواب فهذا الذي يناسب موقف المعاندين المتجبرين (يتبع)

عزام
03-28-2008, 09:07 PM
الترغيب والترهيب في الدعوة

نقصد بالترغيب كل ما يشوق المدعو الى الاستجابة وقبول الحق والثبات عليه. ونقصد بالترهيب كل ما يخيف ويحذر المدعو من عدم الاستجابة أو رفض الحق أو عدم الثبات عليه بعد قبوله. والملاحظ أن القرآن الكريم مملوء بما يرغب الناس في قبول دعوة الإسلام والتحذير من رفضها، مما يدل دلالة قاطعة على أهمية هذا الاسلوب: أسلوب الترغيب والترهيب في الدعوة الى الله تعالى، وعدم اهماله من قبل الداعي المسلم.
بم يكون الترغيب والترهيب؟
والأصل في الترغيب أن يكون في نيل رضى الله ورحمته وجزيل ثوابه في الآخرة، وان يكون الترهيب بالتخويف من غضب الله وعذابه في الآخرة وهذا هو نهج رسل الله الكرام كما بينه القرآن الكريم وجاءت به السنة النبوية المطهرة.
فمن الآيات القرآنية قوله تعالى:
{إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار. والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم} سورة محمد الآية: 12.
وفي السنة النبوية كان صلى الله عليه وسلم يعد المبايعين له بالجنة من ذلك ما قاله عليه الصلاة والسلام لأصحاب بيعة العقبة الأولى "فان وفيتم فلكم الجنة"[1].
ومع أن الأصل في الترغيب والترهيب يكون بالجزاء في الآخرة، فانه يجوز أن يكون بما يصيب المدعوين في الدنيا من خير في حالة استجابتهم وما يصيبهم من شر في حالة رفضهم، على أن لا يغفل الداعي أبداً عن الترغيب والترهيب بالجزاء في الآخرة. ومن أدلة هذا الجواز ما يأتي:
1- قال تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً...} سورة النور الآية: 55.
2- وقال تعالى حكاية عن قوم نوح عليه السلام لقومه: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً} سورة نوح الآية: 10-11.
3- ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاء أشراف قريش عمه أبا طالب ليحدثوه بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يكلمه ليكف عنهم ويكفوا عنه، فبعث إليه أبو طالب فجاءه، فقال: يا ابن أخي هؤلاء اشراف قومك قد اجتمعوا لك ليعطوك وليأخذوا منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا عم، كلمة واحدة تعطونيها، تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم" فقال أبو جهل: نعم وأبيك وعشر كلمات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه"[2].
من أساليب الترغيب والترهيب
ومن أساليب الترغيب والترهيب تذكير القوم بما هم عليه من نعم، وان من شأن ذلك أن يدعوهم الى طاعة الله الذي أنعم عليهم بهذه النعم، والتحذير من فقدهم لها إذا امتنعوا من الاستجابة وكفروا بالله، ومع زوال النعم نزول العذاب. ومن الآيات الكريمة المبيّنة لهذا النوع من الاسلوب، قوله تعالى:
1- عن هود عليه السلام: {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون} سورة الاعراف الآية: 69.

2- وقال تعالى عن صالح عليه السلام: {واذكروا إذ جعلكم خلفاء بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} سورة الاعراف الآية: 73.
3- وقال تعالى عن قريش: {لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.
من لوازم الترغيب والترهيب
ولما كان الانسان يعيش في الدنيا ويشاهدها ويحس بها ويتعرض لإغراءاتها مما قد يجره إلى الركون إليها والتعلق بها ونسيان الآخرة، فلا بد إذن من تنفير المدعوين من إيثارها على الآخرة لا من الفرار منها جملة واحدة، مع بيان حقيقتها وقيمتها وقدرها بالنسبة الى الآخرة ونعيمها. وقد بين ذلك كله القرآن الكريم خير بيان مما يجعل أيّ مسلم عاقل يؤثر الآخرة على الدنيا، بل ويجعل المدعو غير المسلم منجذب إلى هذه الحقائق في موازنة الدنيا مع الآخرة وقد يجره ذلك إلى الايمان لما يحسه من صدق هذا البيان والتصوير لقيمة الدنيا.
ومن الآيات القرآنية في هذا الباب قوله تعالى: {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون} وقال تعالى: {اعملوا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}.
وفي السنة النبوية المطهرة تحذير من الدنيا وإيثارها على الآخرة وقيمتها بالنسبة للآخرة، من ذلك الحديث الشريف "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء". وكان صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة" وقال صلى الله عليه وسلم في بيان قدر الدنيا بالنسبة للآخرة "ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم اصبعه في اليم فلينظر بم يرجع".

عزام
03-29-2008, 11:00 AM
هل يمكن اكتساب الأخلاق وتقويمها؟

هل يمكن تقويم الأخلاق واكتساب الجيد منها والتخلي عن قبيحها؟ أم أن الأخلاق صفات لازمة تخلق في الإنسان وينطبع عليها فلا يمكنه تغييرها ولا تبديلها ولا تعديلها كما لا يمكنه تغيير صفاته الجسمية من طول وقصر ولون؟
الجواب على هذا السؤال، كما يظهر لنا، يتلخص بما يأتي:
1- إن الأخلاق من حيث الجملة يمكن تقويمها وتعديلها، كما يمكن اكتساب الجيد منها والتخلي عن قبيحها وبالعكس. ودليلنا على ذلك أن الشرع أمر بالتخلق بالاخلاق الحسنة ونهى عن التخلق بالاخلاق الرديئة، فلو لم يكن ذلك ممكناً مقدوراً للانسان لما ورد به الشرع، الاسلام لا يأمر بالمستحيل، ومن القواعد الاصولية في الفقه الإسلامي: لا تكليف إلا بمقدور أو لا تكليف بمستحيل. وعلى هذا فكل إنسان عنده أهلية وقدرة للتحلي بالاخلاق الجيدة والتخلي عن اضدادها كما أن عنده أهلية وقدرة على عكس ذلك. وقد يستأنس لهذا بقول الله تعالى: "ونفس وما سواه فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها". ولكن مع هذا فإن الناس يتفاوتون في مقدار أهليتهم وقدرتهم واستعدادهم لاكتساب الأخلاق أو تعديلها، كما يختلفون في مدى أهليتهم وقدرتهم واستعدادهم لتلقي العلوم المختلفة أو ادراك الحقائق الدقيقة نظراً لاختلاف عقولهم ومدى ذكائهم.
2- ان بعض الناس قد يجبل على بعض الأخلاق بحيث تكون هذه الأخلاق بارزة فيهم وظاهرة في سلوكهم، ودليلنا على هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو داود، وقد جاء فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: "ان فيك خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله، الحلم والاناة". قال يا رسول الله، انا اتخلق بهما أم الله تعالى جبلني عليهما؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل الله جبلك عليهما". فقال: الحمد لله الذي جبلني على خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله(تيسير الوصول).
ولا شك ان الناس يتفاوتون فيما يجبلون عليه من الأخلاق كما يتفاوتون في ما يجبلون عليه من قوة الإدراك والذكاء، ويترتب على ذلك أن من جبل على نوع معين من الأخلاق يسهل عليه ترسيخ هذا النوع في نفسه والبقاء عليه لأنه يجد عوناً في ذلك بما جبل عليه.
كيف يتحقق تقويم الأخلاق أو اكتسابها
ان تقويم الأخلاق أو اكتسابها يمكن ان يتم بشكل من الأشكال التالية:
1- بتقليل آثارها وعدم المضي في تنفيذ مقتضاها وما تدعو إليه، وهذا بالنسبة للاخلاق التي تعتبر من الغرائز في كل إنسان، ومنها الغضب، يدل على ذلك ما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني: فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب" فردد الرجل سؤاله مراراً، فكان النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم يقول له: "لا تغضب". وقد قال العلماء في شرح الحديث: أن النهي عن الغضب ينصرف الى النهي عن العمل بمقتضى الغضب أي بلزوم دفع آثار الغضب، وليس النهي راجعاً الى نفس الغضب لأنه من طباع البشر فلا يمكن دفعه ولا استئصاله[21].. فالمطلوب في تقويم خلق الغضب ليس استئصاله بالكلية فهذا غير ممكن وانما الممكن السيطرة عليه وكظمه وعدم تنفيذ مقتضاه، يؤيد ذلك ما جاء في القرآن الكريم "والكاظمين الغيظ" فمدحهم الله على ضبط غضبهم والسيطرة عليه لا على استئصاله وفي القرآن أيضاً "وإذا ما غضبوا هم يغفرون" فمدحهم على عدم تنفيذ مقتضى غضبهم. وفي الحديث الشريف: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب".
2- بالشتذيب والتهذيب وإزالة الكدورات عن أصل الخلق، وتوجيهه الوجهة المرضية في الشرع الإسلامي، مثل خلق الشجاعة، يستعمله صاحبه في الاعتداء وقتل الأبرياء، أو لطلب السمعة والجاه، وكالسخاء يستعمله صاحبه للمباهاة وللرياء، فهذه الأخلاق هي في أصلها محمودة وإنما ذمت لانحرافها عن الغرض الصحيح والوجهة المرضية في الشرع، فتقويمها يكون بإزالة هذه الأغراض الخسيسة عنها وبتوجيهها الوجهة الصحيحة بأن تكون الشجاعة لنجدة الضعيف وإغاثة المظلوم وقهر الظالم واعلاء كلمة الله ومحق الكفر والباطل ابتغاء مرضاة الله وحده لا لطلب سمعة ولا رياء ولا جاه ولا ثناء. وكذلك السخاء يوجه الى الوجهة المرضية عند الله بأن يكون في سبيله ولطلب مرضاته، بان ينفق المسلم ماله في أوجه البر مثل اكرام الضيف والجار وكفالة اليتيم وإعانة المحتاج أو اقراضه والقيام على الأرملة والمسكين ونحو ذلك. يدل على ما نقول الأحاديث الشريفة الكثيرة منها: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله (تيسير الوصول) وفي القرآن الكريم "يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس". وفي الحديث الشريف: "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" لأنهم بهذا الفقه يستعملون صفاتهم وأخلاقهم الجيدة في أصلها استعمالا صحيحا، ويوجهونها الوجهة الصحيحة، فيكونون خيار الناس.
3- استبدال الخلق الذميم بالخلق الجيد، كاستبدال الكذب بالصدق والغدر بالوفاء، والظلم والعدوان بالعدل والإنصاف. وهذا الإستبدال ممكن في كثير من الأخلاق، حيث يزول الخلق الذميم ويحل محله خلق جميل، كما نشاهد ذلك في الشخص الذي يتوب توبة صادقة.

عزام
04-19-2008, 09:12 AM
مقال قد يفسر لبعض الاخوة لم اقسو احيانا معهم ولم اترفق مع المخالف؟

عزام
الانصاف والعدل

الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

أيها الإخوة موضوعنا اليوم الآية الثامنة من سورة المائدة ، وهي قوله تعالى :.............

القيام لله

الإنسان أيها الإخوة قد يجري اتصالاً هاتفياً ، وهو مضطجعٌ على سريره ، أما لو أنه تلقى نبأً مؤلماً لقعد ، فانتقاله من الاضطجاع إلى القعود دليل أن الأمر مهمٌ ، فإذا كان الأمر أكثر أهميةً وقف ، والإنسان يعبر عن اهتمامه بالأمر إلى أقصى درجة حينما يقف .

الله سبحانه وتعالى يقول : "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين" .

قوَّام على وزن فعَّال ، صيغة مبالغة اسم الفاعل ، قائمٌ قوَّامٌ ، القوَّام أشد اتصافًا بالقيام من القائم ، قائم لكنه متهاون ، قائم لكنه متململ ، قائم لكنه متراخٍ ، أما قّوام فهو في أعلى درجات النشاط ، وفي أعلى درجات اليقظة ، وفي أعلى درجات الجاهزية ، قوَّام. يقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله .يعني طاقتكم ، نشاطكم ، عضلاتكم ، علمكم ، طلاقة لسانكم ، ذكاؤكم ، مكانتكم ، جاهكم ، هذا كله ينبغي أن يوظف لله عز وجل ، وأن تستنفر ، وأن تفرَّ إلى الله عز وجل ."يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله" . يعني أعلى درجات الاهتمام أن تقف ، وأن تكون مستعداً لبذل الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، أن تقف وأن تكون في أعلى درجات الجاهزية ، أن تقف وأنت في أعلى درجات النشاط .

هذا معنى ، "ولكن كونوا ربانيين" . ( سورة آل عمران : 79 )

يعني يجب أن تَهَبَ كلَّ ما تملك لله عز وجل .

الشهادة بالعدل
"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط " .

أحد أصحاب رسول الله ، وكان حِبَّ رسول الله ، أراد أن يشفع عند النبي في امرأةٍ سرقت ، فغضب النبي أشد الغضب ، وكما ورد في الأثر : إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ، هذا هو الإسلام .

يروى أن سيدنا عمر جاءه ملِك من ملوك الغساسنة مسلماً ، رحب به أشد الترحيب.

كان الموسم موسمَ حج ، وفي أثناء طواف الملك حول الكعبة ، بدوي من فزارة داس طرف ردائه ، فالمِلك لم يحتمل هذا ، فالتفت نحوه وضربه ضربة هشمتْ أنفه . هذا البدوي ليس له إلا عمر ، ذهب إليه ليشكو هذا الملك الغساني جبلةَ ابن الأيهم ، فاستدعى عمر جبله ، وقال : أصحيحٌ ما ادَّعى هذا الفزاري الجريح ، قال : لست ممن ينكر شيئاً ، أنا أدبت الفتى ، أدركت حقي بيدي ، قال عمر أَرضِ الفتى ، لا بد من إرضائه ، فمازال ظفرك عالقاً بدمائه ، قال له : وإن لم أفعل ؟ قال له يُهشمن الآن أنفك، وتنال ما فعلت كفك .

قال له كيف ذاك يا أمير المؤمنين ـ ما هذا الكلام ـ هو سوقة ، وأنا عرش وتاج ، كيف ترضى أن يخرَّ النجم أرضاً ؟ قال له : نزوات الجاهلية ، ورياح العنجهية قد دفناها ، وأقمنا فوقها صرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيدا ، فقال جبله : كان وهماً ما جرى في خلدي أنني عندك أقوى وأعز ، أنا مرتد إذا أكرهتني ، فقال عمر : عنق المرتد بالسيف تحز ، عالَمٌ نبنيه ، كلُّ صدع فيه بشبا السيف يداوى ، وأعز الناس بالعبد بالصعلوك تساوى .

"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ".

لذلك ورد أنَّ عدْلَ ساعة أفضل عند الله من أن تعبد الله ثمانين عاماً ، ورد أن حجراً ضج بالشكوى إلى الله ، قال : يا رب ، قصة رمزية ، عبدتك خمسين عاماً وتضعني في كنيف ـ المرحاض ـ قال تأدب يا حجر ، إذْ لم أجعلك في مجلس قاض ظالم ، يعني مكانك في الكنيف أشرف لك من أن تكون في مجلس قاض ظالم .

إذاً : "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ".

الخطأ مع المخالف اخطر من الخطا مع المسلم
أما الشيء الدقيق في الآية ، قوله تعالى : "ولا يجرمنكم" ، معنى لا يجرمنَّكم أي لا يحملنَّكم ، شنآن قوم ، الشنآن البغض ، على ألا تعدلوا . الله يخاطب من ؟ يخاطب المؤمنين ، من هم أعداء المؤمنين التقليدين الكفارُ ، الفجارُ ، الملاحدةُ ، المنافقون. كأن الله عز وجل يقول : يا عبادي ، إذا توهمتم أنني أرضى عنكم ، إذا لم تعدلوا مع خصومكم الكفار فأنتم واهمون ، لا يرضيني إلا أن تعدلوا معهم ، ولا يقربكم إليَ إلا أن تنصفوهم ، ولا تقرِّبوهم إليَّ إلا إذا أنصفتموهم ، إن لم تنصفوهم فأنتم متوهمون أني أرضى عنكم ، إذا أكلتم أموالهم واعتديتم على أعراضهم بدعوى أنهم كفار ، فهذا هو عين الخطأ " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا "، لا يحملنكم بغض قومٍ على أن تظلموهم ، "اعدلوا هو أقرب للتقوى ".

أنتم إذا عدلتم مع هؤلاء الأعداء أنتم أقرب إليّ ، وإن عدلتم مع هؤلاء الأعداء قرّبتموهم إليّ ، فقد عرفوا عظمة الدين ، لذلك الإنسان المتوهم إذا رأى شخصًا غير مسلم يقول في نفسه : الطُشْهُ بالسعر ولا حرج ، خذ ماله ولا تهتم ، فهذا غير مسلم ، هذا هو عين الخطأ ، وأعود وأكرِّر الآية : "ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ".

يعني إذا عدلتم مع أعدائكم قربتموهم من الله ، قال : يا أمير المؤمنين أتحبني ، يبدو أنّ شخصًا فاجرًا قالها لسيدنا عمر ، قال له : والله لا أحبك ، قال : وهل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي ، قال له : لا والله ، حقك واصلٌ إليك ، أحببتك أم كرهتك ، هذا هو الإسلام .

"ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".

يعني إذا عدلتم معهم قرَّبتموهم إليّ ، وعرفوا أحقِّيّة هذا الدين ، و إن عدلتم معهم تقرَّبتم أنتم إليّ ، فأنا لا أرضى عنكم إذا ظلمتم هؤلاء ، لأنكم إذا ظلمتموهم ، فإنكم إذاً مثلهم ، وأين الإسلام عندئذٍ ؟ وأين عظمة هذا الدين ؟ وأين أحقّيّة هذا الشرع ؟

لذلك يبدو أن الذي يخطئ مع مسلم ، فالخطأ صغير حجمه ، أما الذي يخطئ مع غير المسلم فالخطأ كبير حجمه ، لأنك إذا أخطأت مع مسلم يقول : فلان آذاني ، أما إذا أخطأت مع غير مسلم يقول : المسلمون فعلوا معي كذا ، وكذا ، ينتقل من ذمك إلى ذمِّ دينك. ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام : أنت على ثغرةٍ من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك. كل مسلم يمثل هذا الدين ، فعليه أن يكون في أعلى درجات الكمال ، أعلى درجات الإنصاف ، أعلى درجات القسط .

" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله " .

استنفِرْ، فِرَّ إلى الله ، شمروا فإن الأمر جِد ، " شهداء بالقسط " ، في آية أخرى قال : " ولو على أنفسكم ".

( سورة النساء : 135 ) " ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا "، لا يحملنكم بغض قومٍ على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى. يعني أنتم أقرب إليّ ، وأعداؤكم الذين عدلتم معهم ، يصبحون أقرب إليَّ ، "واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " ، سبحانه وتعالى خبير بعملك ، يعرف حجم عملك ، ويعرف الأهداف البعيدة من عملك ، ويعرف البواعث الحقيقية من عملك ، ويعرف المضايقات التي تعترض عملك ، ويعرف كل ما بذلتَ من أجل هذا العمل من غال ورخيص ، ونفس ونفيس ، "والله يقدر الليل والنهار والله خبير بما تعملون".

أيها الإخوة ؛ هذه الآية لو طبقت فلن تجدوا عداوات ساحقة بين المسلمين وغير المسلمين ، يعني إذا ظلَمَ المسلم ، فقد سمعت مرة كلمة ، أن الأجانب ينظرون إلى الإسلام نظرة سيئة ، لأنهم شاهدوا إساءات مِن قِبَل مَن فَتَحَ بلادهم ، بعد ما استقر الفتوح في أوربا مسافات طويلة ، ظهر أناس أساءوا إساءات بالغة ، فالأجانب حملوا هذه الصور القاتلة ونظروا إلى الإسلام نظرة قاسية ، فلذلك المسلم أحيانًا يسيء إلى دينه كله.

طالب ذهب إلى أوربا ودرس ، واقترن بفتاة ألمانية ، أحبها وأحبته ، درسا الطب طبعاً ، بعد سبع سنوات ، بعد أن نال الشهادة ، اختفى !! . عاشت معه وأعانته ، وقدمت له كل ما تستطيع ، وأخلصت له ، فلما نال الشهادة في الطب اختفى !! تبعته إلى بلده ، فإذا هو في بلد آخر ، أجرى عقداً مع دولة من دول الخليج ، إحدى دول النفط ، فوصلت إلى وزير الداخلية هناك ، والوزير رفع الأمر إلى الملك ، والملك أصدر أمراً بطرد هذا الطبيب ، لأنه أساء إلى ألف مليون مسلم. تقول هذه الفتاة : ماذا فعلت له حتى تركني ؟ لقد أحسنتْ إليه ، واللهِ. أحيانًا إنسان واحد قد يسيء لأمة ، لمَ لمْ تخبرها بأنك ستطلقها إذا انتهت دراستك ، وليعلم كل واحد أنّ الزواج على التأبيد ، أخلصت لك كل الإخلاص ، وأنا ما أردت من هذه القصة أن نناقشها ، لكن أردت من هذه القصة أن الإنسان أحياناً يسيء لأمته كلها إذا أساء التصرف .

" ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ".

فالمسلم ليدقق بمعاملته المسلَم مرة ، وليدقق مليون مرة في معاملته غير المسلم ، لأنه لو عامله معاملة طيبة ربما جلبه إلى الدين ، رجل معروف يمثل الحزب اليساري في فرنسا ، أسلم ، فكان يروي منذ أيام سبب إسلامه ، قال : قبل ثلاثين سنة ، كنتُ جنديًا ورفض مسلم أنْ يقتلني ، في الحرب العالمية الثانية ، لقد رفض أنْ يقتله لأسباب دينيه ، فبقيت هذه الفكرة في ذهنه ثلاثين عاماً ، وحملته بعدها على أن يسلم .

فالعمل الطيب ربما جرَّ أمة ، والعمل السيِّئ ربما نفَّر أمة .

لذلك : "ولا يجرمنكم شنأن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى".

والحمد لله رب العالمين

Abuhanifah
04-19-2008, 01:42 PM
بارك الله بك أخي عزام وبجميع الأخوة على هذه المعلومات القيمة ... سبحان الله معلومات كثيرة ووفيرة قرأت قسما منها على أن أكمل الباقي في المستقبل ان شاء الله ...
لدي عدة استفسارات:
1-
الدعوة ليست بين الملتزمين فقطلا أدري لماذا لا أرتاح لكلمة "ملتزمين" وكأنها تقسم القراء الى ملتزم و غير ملتزم. الأفضل ان يكون الكتاب موجها لعامة المسلمين كأن يكون العنوان مثلا "الدعوة ليست بين العلماء فقط"...
(لا أدري ان كنت توافقني فربما لديك من الأمور ما لم تخطر لي..)

2-
نعم نحن لا ننكر أن الأصل في الداعية أن يكون مستقيماً مطبقاً لما يدعو إليه.. ولكن لا يعني هذا أن يترك الرجل الطاعات بسبب وقوعه في بعض المعاصي... بل قد يستطيع المقصر أن يصل إلى أشخاص لا يستطيع أن يصلهم الداعية المستقيم.. فأنت وإن كنت مقصراً إلا أنك تستطيع أن تدعو تارك الصلاة إلى أن يصلي.. أنت تستطيع أن تنصح من يقع في الفواحش أن يتوب منها.. تنصح من يتعرض لأعراض المسلمين بأن يكف عن ذلك..بل قد يجالس الداعية المستقيم بعض الناس ولا يعلم أنهم يأكلون الربا.. أو يقعون في الفواحش.. أو يتركون الصلاة.. لأنهم يتظاهرون بالخير أمام الصالحين.. أما من رأوه مثلهم فلا يتصنعون أمامه بشيء.. بل يكشفون أمامه أوراقهم.. ويظهرون كل شيء.. أفلا تقل أنا غير ملتزم فكيف أدعو وأنصح ؟!.. فإن وظيفة الدعوة إلى الله وظيفة ربانية واسعة.. كثيرة الأساليب لا تزال تحتاج إلى عاملين.. وكلنا ذوو خطأ.. وكل بني آدم خطاء..صدقت وأذكر أني كتبت موضوعا في المنتدى عنوانه "الدعوة الى الله بغير لحية" ولكن هل هناك حد أدنى من العلم يجب ان يتوفر لدى الداعي أم ان الأمر مقتصر على الدعوة بما يعلمه الداعي؟
3- كثير من المسلمين -مثلا اذا كان لك أحد الأقارب من العاصين- عندما تدعوهم يقولون لك اذهب الى قريبك فلان وادعوه ثم تعال الي!!!
فهل تطرقت الى انه على المسلم الدعوة فقط وهو لا يملك الهداية، فهي من الله.... فها هو نبي الله نوح عليه السلام لم يملك شيئا من هداية ابنه... ولوط عليه السلام لم يملك شيء من هداية امرأته ... وابراهيم عليه السلام لم يملك شيء من هداية أبيه....وهكذا
وفقك الله وفتح لك

من هناك
04-19-2008, 03:07 PM
بارك الله بك اخي عزام على نقل المقالة وعلى توضيح موقفك المتقلب بين الموافق والمخالف ولكن المشكلة في عرض الأمور بهذه الطريقة ان سوء الظن قد يقلب الطاولة عليك.

بالنسبة لما قاله اخي ابو حنيفة، فأظن ان الأمر الواقع المر هو الذي يدفع الناس للكلام عن فرق بين ملتزم وغير ملتزم لأن هناك عدد من الملتزمين ممن يظنون انهم طبقة مميزة من البشر والباقون تحت الغربال

عزام
04-19-2008, 06:18 PM
بارك الله بك اخي عزام على نقل المقالة وعلى توضيح موقفك المتقلب بين الموافق والمخالف ولكن المشكلة في عرض الأمور بهذه الطريقة ان سوء الظن قد يقلب الطاولة عليك.

لا اخي الكريم
هذا اسلوب معروف بالبديهة ولم اكن انتظر النابلسي حتى يقوله
الانسان يمون على من يحب ويعرف قدر المعرفة
انا لا امزح الا مع من احب مثلا وحضرتك اولهم.
والرجل منا اذا راى ابنه يختلف مع ابناء الجيران يقسو عليه لا على ابن الجيران. لانه يحبه اكثر ولأنه يهتم به اكثر.

عزام
04-19-2008, 10:43 PM
ولكن هل هناك حد أدنى من العلم يجب ان يتوفر لدى الداعي أم ان الأمر مقتصر على الدعوة بما يعلمه الداعي؟

السلام عليكم
ترى ما مقدار العلم الشرعي الذي تلقاه ابو ذر الغفاري رضي الله عنه قبل ان يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدعو قومه؟

من هناك
04-20-2008, 03:01 AM
السلام عليكم
ترى ما مقدار العلم الشرعي الذي تلقاه ابو ذر الغفاري رضي الله عنه قبل ان يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدعو قومه؟
هناك نص شرعي صريح بالتبليغ ولو بآية واحدة
اليوم كان الدكتور ايمن سويد يقول لإحدى المتصلات التي سألته عما إذا كانت قادرة على تعليم الصغار القرآن في بلدها وهي لا تحفظ إلى 3 اجزاء، فقال لها ولو آية واحدة وذكر الحديث.

عزام
04-20-2008, 05:29 AM
هناك نص شرعي صريح بالتبليغ ولو بآية واحدة
اليوم كان الدكتور ايمن سويد يقول لإحدى المتصلات التي سألته عما إذا كانت قادرة على تعليم الصغار القرآن في بلدها وهي لا تحفظ إلى 3 اجزاء، فقال لها ولو آية واحدة وذكر الحديث.
بارك الله فيك اخي بلال
اذن اعتقد اننا اجبنا على تساؤل الاخ ابي حنيفة.
عزام

Abuhanifah
04-20-2008, 03:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي عزام أنا اعلم انه على المسلم أن يدعو بما يعلم ولكني أردت من كتابك أن يتناول المفاهيم الموجودة حاليا في مجتمعاتنا الاسلامية..
كمن يقول مثلا "أذهب وادع ابن عمك الذي يفعل كذا وكذا ثم تعال الي"
وغيره مثلا " اين لحيتك قبل ان تدعوني؟" أو مثلا اذا كنت منتميا الى أحد الجمعيات يقول "اذهب وانظر الى هذا القرار الذي تبنته جمعيتك" وهكذا يبدأ بالنقد ولا يتقبل الدعوة ويعلق حججا للتبرير...
الخلاصة ان مفاهيم معظم المسلمين ترفض الدعوة وتطعن بالداعي بغض النظر عن فحوى هذه الدعوة وأحقيتها... لذا يجب التطرق لهذه المفاهيم لتصحيحها

عزام
04-20-2008, 06:00 PM
جزاك الله خيرا اخي ابا حنيفة

وصلت الفكرة.. انت تعرض للتشوهات الفكرية عند الناس وهذا موضوع منفصل عن الدعوة وقد قمت ببحوث عنه من خلال القرآن الكريم والسنة.. ان شئت نفتح موضوعا منفصلا به شرط ان تتابعني كي لا تضعف الهمة. حتى ذلك الحين اتركك مع فائدة اخرى في اساليب الدعوة.

عزام



تعامل الداعية مع مرتكب المنكر

اللين مع مرتكب المنكر
وإذا نظرنا في واقع المجال الدعوي؛ سنرى أنّ الناس وإن وقعوا في مآثم ومنكرات، بل حتى في الموبقات، فإنهم لا يزالون يحملون في قلوبهم خيرًا كثيرًا ما داموا موحدين.. ومن هنا ينبغي لنا ألاَّ نترفع عليهم ونكشِّر أنيابنا في وجوههم، بل ينبغي أن ندلّهم على أبواب التوبة المفتوحة، ونرغّبهم في رحمة الله ولا نقنطهم منها، وأن نحاول تنمية جوانب الخير عندهم. وهنا تحضرني قصة بعض الدعاة الذين يسافرون إلى بلاد الغرب، وكانوا في فرنسا، فذهبوا إلى حديقةٍ مليئةٍ بالناس والمنكرات، فوجدوا شابًا عربيًا معه آلات موسيقية ويغني، فما كان منهم إلا أن ذهبوا إليه ودار الحوار الآتي:
الداعية: مَن الأخ.. أعني ما اسمك؟
الرجل: محمد.
الداعية: ما شاء الله ما شاء الله! هذا اسم الرسول صلى الله عليه وسلم.
الرجل: ولكني لا أصلي.
الداعية: ما شاء الله.. الله أكبر، دائمًا المؤمن لا يكذب ومنهجه الصراحة، وأنت كذلك.
فما كان من ذلك الرجل -بعد هذا المدخل الطيب من الداعية- إلا أن ذهب معه إلى سكنه، ثم هداه الله تعالى على يديه.
لا تكن عونا للشيطان على اخيك
فإن بُعْدنا عن صاحب المعصية والنظر إليه شزرًا على أنه عاصٍ يُعتبر من أهمّ أسباب عون الشيطان عليه ونفرته من أهل الصلاح؛ ولكن عندما نفتح له قلوبنا ونتعامل مع أخطائه برفق وحنان فسينتج ما لم نره من قبل.
* كوني على يقينٍ بأنَّ الداعية إلى الله تعالى ما لم يكن محبًّا مشفقًا على مدعوِّيه فلن يحصل على تأثيرٍ يُذكر، إليك هذه القصَّة التي يرويها أحد أصحاب معروف الكرخي -أحد أعلام ومربِّي بغداد فكَّ الله أسرها-، يقول: "كان معروف قاعدًا يومًا على دجلة ببغداد، فمرَّ بنا صبيانٌ في زورقٍ يضربون بالملاهي ويشربون، فقال له أصحابه: أما ترى هؤلاء يعصون الله تعالى على هذا الماء؟ فادع الله عليهم، فرفع يديه إلى السماء وقال: إلهي وسيدي.. كما فرَّحتهم في الدنيا أسألك أن تُفرِّحهم في الآخرة، فقال له أصحابه: إنَّما سألناك أن تدعو عليهم، ولم نقل لك ادع لهم! فقال: إذا فرَّحهم في الآخرة تاب عليهم في الدنيا". فأصل أمرنا الدعوي وشعورنا قائمٌ على محبَّة الناس، والعطف على العصاة والفسَّاق، ومحاولة انتشالهم ممَّا هم فيه، لا الشماتة بهم، ولا تركهم لشيطانهم.
نموذج من السيرة
و في السيرة النبوية نماذج مختلفة للاسلوب الاخاذ النافذ الذي كان يبلغ به الرسول صلى الله عليه و سلم غايته بلباقة و حكمة فقد روى ابو أمامة أن فتى شابا أتى النبي صلى اللهم عليه وسلم فقال يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل القوم عليه فزجروه قالوا مه مه فقال ادنه فدنا منه قريبا قال فجلس قال أتحبه لأمك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم قال أفتحبه لابنتك قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لبناتهم قال أفتحبه لأختك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال أفتحبه لعمتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لعماتهم قال أفتحبه لخالتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال فوضع يده عليه وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء (اي الزنا). فالنفوس جبلت على حب من احسن اليها.. و قد تدفعها القسوة و الشدة الى المكابرة و الاصرار و النفور فتأخذها العزة بالاثم. و ليس معنى اللين المداهنة و الرياء و النفاق، و انما بذل النصح و اسداء المعروف باسلوب دمث مؤثر، يفتح القلوب و يشرح الصدور و بخاصة اذا كانت الدعوة لجماعة المسلمين فأنه لا ينبغي بحال مخاطبتهم بالتوبيخ و التقريع و العنف.

Abuhanifah
04-25-2008, 08:59 PM
السلام عليك أخي عزام

جزاك الله خيرا اخي ابا حنيفة

وصلت الفكرة.. انت تعرض للتشوهات الفكرية عند الناس وهذا موضوع منفصل عن الدعوة وقد قمت ببحوث عنه من خلال القرآن الكريم والسنة.. ان شئت نفتح موضوعا منفصلا به شرط ان تتابعني كي لا تضعف الهمة. حتى ذلك الحين اتركك مع فائدة اخرى في اساليب الدعوة.
الحمد لله الهمة لا تضعف ولكن نظرا لقة دخولي الى المنتدى (مرتين أو ثلاث أسبوعيا) ونظرا لكثرة المواضيع المميزة اليك الحل:
أنشر الموضوع مباشرة بعد الانتهاء من هذا الموضوع على أن تضيف ثلاث مقالات أو مقالين أسبوعيا وانا أتابعك سطرا سطرا وكلمة كلمة وحرفا حرفا....
الحمد لله أتممت القراءة وأنتظر الباقي ولدي هذه المداخلات البسيطة:

*- هل المقال الأخير تابع للكتاب أم أنه مقال منفرد أضفته ؟؟؟؟ ألا يجب أن يكون ضمن صفات الداعية مع الناس؟؟
والمقال الأخير من أهم صفات الداعية مع الناس (وهي تقع ضمن الرفق واللين) فكما أنه هنالك مرض طبي هناك مرض روحي ويجب على الداعي أن يشخص هذا المرض وأن يدل على العلاج لا أن يهاجم المريض (أي العاصي)....
*- بالنسبة الى الترغيب والترهيب يقال أن بعض الناس ينفع معهم الترغيب أكثر من الترهيب وكذلك العكس (مثلا الجاهل للحق ينفع معه الترغيب أكثر ومن يعرف الحق ولكن يعاند ويتمسك بالباطل ينفع معه الترهيب أكثر) فهل هذا صحيح؟
بارك الله بك ... سبحان الله دائما أتساءل لماذا مات بلال رضي الله عنه في دمشق وأبو الدرداء في السودان (حسب ما أذكر) وغيرهم من الصحابة الكرام في تركيا وأسبانيا وكان بامكانهم البقاء في مكة أو المدينة والصلاة بمئة ألف أو خمسمئة. أنها فعلا الدعوة في سبيل الله

منال
11-27-2008, 07:15 PM
هل انتهى الكتاب؟